اخر الروايات

رواية قتلتني نظرتك كامله بقلم ايه عبدالرحمن

رواية قتلتني نظرتك كامله بقلم ايه عبدالرحمن 



المقدمة:
لا أعرف ماذا أكتب ، فتلك اللحظه صعبة عليّ كثيراً يا مهجة قلبي ، يا رفيقة روحي .ياليتني أستطيع أن أبوح لكي بما في قلبي ، فهناك جرح عميق يتخللني ،أشعر وكأني طفلاً صغيراً تائهاً عن أمه ما أصعب أن نفترق ، ما أصعب أن أجد نفسي غريبا ، فأنا لا أستطيع أن أجد نفسي فلقد جرحتك جرحاً عميقاً وأبكيتك ، لقد نكثت عهدي معك فالتغفري لي ، أرجوكي . لا تبكي ؛ فرؤيتكِ تبكين تخنقني وكأن هناك الف حبلا يلتف حول عنقي ، فياليتني كل مرة أذرف دمعا بدلا منك ، لقد خذلتك ، ولكن فالتعلمي أني لم أحب أحدا سواك ولن أحب أحدا غيرك مهما طال الزمان فأنتي الأولي والاخيرة .. فأنتِ روحي التي غادرتني ، لقد انتصرتي عليّ .. فلقد قلتيها لي سابقا ستندم علي فراقي وها أنا ذا يقتلني الندم ، فالتشاهدي أنكساري ، ما هزمني سواكي .. أنا أحبك و أعشقك بجنون ، ارجوكي لاتذهبي فالتعودي لي.. قلبي يؤلمني ، أشعر وكأنه مقسمٌ نصفين
أنا أتألم .....
لا تحرميني من نظرة عينك ....فالنرعي ثمرة حبنا معا في دفئ وأمان بدون آلم أو عذاب ، لا تكرهيني فالتكفي عن تعذيبي...................... كفي وعودي ....
(الفصل الأول )
حديث غامض
محمد ☆
تلك العيون المشاكسة لم أتخيل يوماً أن تشغلني ؛ أنا الذي ذابت قلوب الفتيات في عشقه ، جاء اليوم الذي ذاب فيه قلبي في عشقها.
هي لم تعلم ذلك في البداية لقد ظللت أراقبها من بعيد لكي لاتخاف مني ، كنت أراقبها كل يوم منذ دخولها للمدرسة حتي موعد انصرافها . لقد كنت ضابط في إحدي المدارس الثانوية العسكرية برتبة ملازم أول حيث كنت متولي تدريب الطلاب حيث الخدمة العسكرية .
أما هي فكانت لازالت في بدايتها كمعلمة.لا أعرف كيف تقوم بذلك ؟!! أراها طفلة بريئة مشاكسة كل من يراها يظنها هادئة ولكنه لايعلم إنها أكثر طفلة مشاكسة في العالم كله . لقد قرأت ذلك في عينيها ذات مرة حينما إلتقت أعيننا عرفتها حتي بدون أن أتحدث معها .لقد دار بين عيني وعينها حينها أعظم حوار ، حتي إني تعجبت من نفسي كيف خلال ثواني معدودة بصدفة لم أتوقعها . أشعر وكأني أعرفها ، أبحث عنها وتبحث عني ، تلك العيون كانت ورغم عنفوانها بريئة وخائفة من شئ ما لا تشعر بأمان ولكنها رغم ذلك تقاوم وتسير في صمت ، لا أستطيع وصف هذا الأمر
و لكني سأضعه تحت مسمي قتلتني نظرتك أيتها المشاكسة .
فات أسبوعين بعد تلك الصدفة الغريبة . وبعدها التقيت بها مرة أخري ولكن تلك المرة كانت تقف خلف سيارتي وتتحدث بهاتفها ويظهر عليها التوتر ربما او الانزعاج الشديد ، لم أستطيع أن أقرأ ملامحها حينها ؛ لأنها كانت ترتدي كمامه تخفي نصف وجها ، لا أري منها سوي عينين بنيتين صغيرين جميلتين، حينها تملكني الفضول وقولت في نفسي لأذهب وأتلصص عليها . وأستمع إلي من تتحدث ؟! وإذا لاحظت ذلك أخبرها أنها تقف خلف سيارتي وأريد أن أحركها .
وأخذت بالاقتراب منها وكلما أقتربت أسمع نبضات قلبي ، يكاد فؤادي يخرج من بين أضلعي لقد كانت علي بعد خطوتين فقط مني ولكني شعرت كأني أسير سنين لا تعد ولا تحصى ، وحينما أقتربت منها وجدتها تتحدث مع والدتها عن أمر ربما حدث معها أثناء يومها الدراسي وتأخذ رأيها فيهِ وفجأه وعلي حين غفلة التفتت إليّ . والتقت أعيننا للمرة الثانية ، أكاد أجزم أن قلبي توقف حينها وتلعثمت الكلمات
في فمي وبصعوبة نطقت : إذ.... إذا س...محتي أريد تحريك سيارتي .لا أعلم ولكني شعرت بخجلها ولم تطيل النظر ، فلقد رمتني بنظرة خاطفة سريعة ثم نظرت إلي الأرض ،وقالت بصوت رقيق :أسفة أتفضل حضرتك ثم أعطتني ظهرها وذهبت.
ركبت سيارتي وأنا أشعر بخسارة فادحة فيالها من فرصة ياليتني أنتهزتها وتحدثت معاها ، لا أعرف لماذا يحدث لي هكذا فمن قبل كنت ألاعب الفتيات وأمرح مع هذه وتلك
ولكن تلك الفتاة لا أستطيع أن أتحدث إليها حتي ! لماذا ؟؟!
مر اليوم بما فيه وذهبت إلي بيتي وهناك وجدت والدتي
تنتظرني وتخبرني أن عمي مريض ويجب علينا أن نذهب لزيارته فيجب أن أكون بجانبهم.
فأنا مكان أبي رحمة الله عليه وهذا واجبي . فتأففت قليلا في سري وتنهدت ثم قلت أعطيني فرصة أتحدث إلي أحد زملائي يا أمي ليتولي الأمر بدلا مني .
ثم دخلت إلي غرفتي وأنا مرهقا للغاية ،فتناولت هاتفي للاتصال بأحد أصدقائي ........
- (علي باشا إزيك ) :وحشتني يا باشا مصر عامل إيه ؟!
- محمد خطاب !!
-ايوه انا
- حبيبي واحشني والله ، إيه ياعم أنت زروني كل سنة مرة
ولا إيه هههههه.
- باشا ، حبيبي والله
أنت عارف يا علي معزتك عندي بس صاحبك ، بقي متولي مدرسة عسكرية ووش ووجع دماغ فغصب عني والله لكن إزاي !! دا انت أخويا اللي في ضهري.
- حبيبي طبعا اخوك ،أمُرني يا حمادة.
- حبيبي فوق رأسي،كنت طالب منك خدمة صغيرة تحاول تشوف حد من الحبايب يشيل المدرسة عني يومين بس...
- عمي تعبان ولازم أبقي موجود أنت عارف ماعندوش ولاد رجالة فلازم أكون موجود معاهم .
- قولت إيه ؟!!
- حبيبي يا محمد وهو أنا أقدر أرفضلك طلب ، بس أديني ساعة كده أشوف الدنيا إيه وأكلمك .
- حبيبي مستني تليفونك .
أغلقت الهاتف ثم قمت بتغير ملابسي وذهبت لاستحم ، ولكني خرجت مسرعا ً ملتفاً بفوطة الحمام حول خصري علي صوت التليفون ،فتناولته مسرعا حتي أرد .....
- ألو، باشاه
- خلاص يا محمد ظبطلك كل حاجة بس هما يومين بالعدد يامحمد علشان ماحدش يعملنا مشاكل
- حبيبي يا علي، والله ماعارف أقولك إيه؟
- أخويا ، والف الف سلامة علي عمك وتبقي طمني عليه.
- حبيبي يا باشا تسلم .
وما أن أنهيت مكالمتي حتي طرقت أمي باب غرفتي قائلة:محمد حبيبي عملت إيه يابني؟
- خلاص يا ماما كله تمام بكره الساعة سبعة نسافر ، بس هما يومين يا ماما أحسن يحصلي مشاكل في شغلي.
-طيب يا حبيبي ربنا يرضي عنك يا حبيبي ويرزقك ببنت الحلال اللي تفرح قلبك.
فلقد وقعت تلك الكلمات موقعا حسنا علي اذني ولا أعرف لماذا ؟! رد قلبي حينها وقال في صمت لا تقلقي يا أمي فلقد وجدتها
فجأه لاحت علي وجهي ابتسامه من وقع ما سمعته ثم قبلت
يد والدتي وقولت لها : ربنا يحفظك ليا يا ماما وربنا مايحرمنيش منك أبداُ
ثم أستأذنتها حتي أذهب للنوم و أستريح قليلا ،فلقد مررت بيوم مجهد ومتعب للغاية.
ولكنها لم تقبل ذلك و أصرت علي أن أتناول العشاء وألا أنام هكذا ، وبالفعل ذهبت وتناولت العشاء ولكني كنت متعب كثيرا ومرهق للغاية فستأذنتها حتي أذهب للنوم.
وما أن دلفت إلي غرفتي حتي لاحت نظرتها أمام عيني وكأنها أصبحت طيف يلازمني ، ذهبت إلي سريري وتمددت عليه وقلت لنفسي أصبري ستكون لي لا تقلقي..
وفي صباح اليوم التالي أيقظت أمي وسافرنا معاً لبيت عمي الذي يقع بمحافظه طنطا . وصلنا هناك حوالي الساعة العاشرة صباحا ، لقد قابلتنا زوجة عمي بالترحاب الشديد حتي أنها أعدت لنا غرفتين للمبيت بهما (فبيت عمي يتكون من طابقين الاول وبه أربعة غرف تم تعديل اثنتين منهما ليكونا غرفة مكتب يتابع فيها عمي اعماله من المنزل، والاخرتين فلقد أعدتهما زوجة عمي لنا ، فلقد كانتا غرفٍ للضيوف والدور الثاني به عرفتين أحداهما لعمي والآخري لابنته الصغري ) فقالت: عاش من شافك يا محمد ، إيه يابني كل دي غيبه حتي مرافعتش سماعة التليفون تسأل علينا !
- والله يا مرات عمي غصب عني الشغل واخد كل وقتي وما بصدق اخد يوم اجازة ولا حاجه معلش اعذريني
-لا يابني انا بهزر معاك وعارفه اد ايه انت مشغول ولكن!! ..........
قاطع كلامها دخول أبنة عمي سيرين وهي تقول بلهجة تنم علي السخرية ربما :ربنا معاك ياحضرت الظابط بس اعتقد تليفون مش هيقصر في شغلك حاجه ، علي الاقل تطمن علي عمك .ولا ايه ؟!!!!!!
نظرت لها بإنتباه وهممت علي التحدث ولكن تدخلت أمي في اللحظه الأخيرة قائلة :سيرين حبيبتي ماشاء الله كبرنا أهو وأحلوينا وبقينا عرايس هاتي حضن يابت ولا بتتكسفي من مرات عمك ...
فضحكت عاليا ًومدت يدها لاحتضان أمي قائله:وأنا أقدر برضه يا مرات عمي وحشتيني اوي والله.
فإحتضنتها أمي بدفئ وقالت : بقيتي في سنة كام دلوقتي .
-سيرين :أنا خلاص في أخر سنة في الكلية والسنة دي إن شاء الله هتخرج.
- أمي :بإذن الله يا حبيبتي ونفرح بيكي بقي قريب
وفجأه وجهت سيرين نظره سريعة إليّ ،فتوترت ملامحي ..
وقالت :بإذن الله يا مرات عمي
ولكن قاطع هذا الحديث الدافئ بينهما ، زوجة عمي وهي تقول: - أتفضلوا أتفضلوا دا البيت نور والله والبلد نورت ولولا تعب عمك يا حبيبي لكنت استقبلتكم بطريقة أحسن من دي ..
وهممت علي الكلام ولكن أمي سبقتني ويعلوا علي وجهها ابتسامه قائلة : أنتي بتقولي إيه يا سهير، الكلام دا للأغراب لكن إحنا أهل يا حبيبتي ، مافيش بينا كده ، وربنا يقوم عاصم بالسلامه يارب ويخليهولكم.
سهير :يارب يا نادية، لأحسن أنتي ماتعرفيش الازمة الاخيره دي لولا لطف ربنا بينا ، كان راح فيها .
(سهير هي زوجة عمي تزوجها عمي بعد قصة حب كبيرة أيام الجامعة فلقد كانا زملاء خلالها ، أما نادية فهي أمي ورفيقة أبي رحمة الله عليه )
فقولت بسري حينها الحمد لله الذي عفاك ، وشفاك يا عمي
سيرين ☆
فحينما علمت من أمي ،أن زوجة عمي ومحمد قادمين فرحت كثيراً ، وتوليت ترتيب وتنظيف غرفتين لهما، ليمكثا فيهما ، وأخذت أحضر نفسي حتي أكون جميلة أمامه ، فهو رفيق الطفولة وفارس أحلامي الذي أتمناه كل ليلة ، وأتحدث عنه دائما مع صديقاتي ،فيعجبن ويغرن مني ، ولكن أخ ..يا محمد
فمنذ انتقال عمي المفاجئ وزوجتة ومحمد للقاهرة ، كان محمد يزورنا من فترة لأخري ،وكنت حينها أتبعه في كل مكان ولكن فجأه اصابة تغيرا من ناحيتي فأصبح يبتعد عني وأصبح يتجاهلني دائما ، حتي لا يرد علي رسائلي إلا برد رسمي مبالغ فيه وكأنه لا يتحملني ، أيعقل أن يكون نسي طفولتنا ،وذكرياتنا معا وحديثه الدائم لي" أنتي طفلتي ومدللتي وسنظل معا للأبد "
أنسيت يا محمد ؟!! أنسيت.!! .
محمد ☆
صعدنا للدور الثاني وكانت أمي وزوجة عمي يتحدثان عن مرض عمي فلقد كان عمي مريضاً بالسكر وكان في أحيانا كثيره يتعرض لأغماءات ولكن علي ما أعتقد أن تلك المرة كان أصعب مما قبل ، هذا ما أستطعت أن أستشفه من كلام زوجة عمي ، وكان بين ذلك هناك نظرات سيرين التي تتابعني وهي تسير من خلفي في صمت أشعر بها تراقبني..
فالحقيقه سيرين تصغرني بسبع سنوات فأنا في الثامنة والعشرون من عمري الآن ، فلقد كنت قريبا كثيرا من سيرين في الماضي حتي إنني كنت مسؤول عنها في كثير من الأحيان وفي دراستها ولكن هذا منذ زمن بعيد قبل أن يقرر والدي رحمة الله عليه فجأه أن ننتقل إلي القاهرة ، فأنا لم يكن لي أخوات ولهذا كنت وبحكم تربيتنا معا أعتبرها أختي الصغيرة والمدللة فهي أصغر فتاة من بين أبناء عمي الخمس، فلقد أنجبت زوجة عمي خمسة فتيات ، أربعة منهمن متزوجات ماعدا سيرين فهي الصغيرة المدللة و المغرورة
و العنيده . ولكن لا أعرف ماذا حدث لاختي الصغيرة تلك أصبحت مشاعرها متغيرة من ناحيتي ، لم تعد تلك أختي التي كنت أحملها علي كتفي واركض بها ونمرح معا بدون شروط
ولهذا قررت أن أبتعد وأن أجعل تعاملي معها محدود لاني أدرك أنها تحمل مشاعراً لا أستطيع أن أبادلها إياها.....
------------‐--◇------------------◇-------------◇-----------
دخلنا إلي غرفة عمي وما أن شاهدني حتي عدّل من جلسته ورفع أحد حاجبيه وتكلم ممازحا أيي.
- هو يعني يابن حسن لازم أعيا علشان أشوفك
فإبتسمت له برفق وذهبت عليه وأحتضنته وقبلت رأسه وقلت :إزاي بقي يا عمي دا انت أبويا بس انت عارف أبنك مشغول الفترة دي ..حقك عليا.
- فمد عمي يديه وهو يحتضني قائلا بصوت متحشرج : أنت اللي باقي لي من ريحة أخويا ! ماتقطعش بيا كده يا محمد.
فأمسكت يده وشددت عليها وابتسمت وقلت له ، من هنا ورايح مش هنشغل عنكم أبدا تاني ، انت بس قوم بالسلامه وطمني عليك يا عمي وبلاش الرقده دي .
فقال وكانت تعلوا وجهه ابتسامه استسلام :إيييييييه يا محمد شكلة بقي هيبقي حسن الختام يابني ههههه.
كدت اتكلم ولكن سبقتني سيرين قائلة : الف بعد الشر عنك
يا بابا ، إحنا من غيرك ولا حاجه اوعي تقول كده ربنا يطول بعمرك وتفرح بينا ، وكانت تلك الكلمة الاخيره يصاحبها النظره الثانيه منها إلي ّ ولكنها كانت بدون خجل تلك المره
و أمام الجميع .
ارتبكت كثيرا حينها ولكي أخفي هذا رددت سريعاً : أهم حاجه دلوقتي يا عمي ترتاح حبة وكفاية شقاوة بقي يا عم عاصم أحسن انا عارفك .
فضحك حينها عمي ضحكةٌ عاليه قائلاً : أنت شكلك عاوز مرات عمك تنيمني علي الرصيف وانا كده هههههههه
وقد صاحب هذا دخول زوجة عمي قائلة وهي تمازحنا : اهاااااا لقيت كل اللي عارف اسرارك أتاري طول الوقت
فين محمد؟! فين محمد؟!! خلاص والله ما انا سايباه ...
فضحكنا نحن الثلاثة انا وعمي وسيرين ثم قالت : كفاية بقي كلام ياعاصم علشان ماتتعبش و سيب الولد يرتاح شوية
دا جاي من سفر ، يالا يالا يامحمد تعالي ارتاح شوية يابني .
وما أن هممت علي القيام قال عمي :أومال فين امك يعني ماجتش تسلم عليا ؟
وإذا بأمي تدخل ويسبقها صوتها قائلة :وهو انا برضه اقدر ياعاصم....إزيك وأزي أحوالك دلوقتي ؟
فإبتسم لها عمي ابتسامه غامضه لها مغذي وقال بصوت رزين يكاد يكون محذرا : بخير يا نادية ، أنا قولت إنك زعلانه من أخر مرة وعلشان كده مارضتيش تيجي .
فوجدت أمي تضحك ضحكة ساخرة تحمل بين خباياها الكثير !!!!! قائله :يااااااه ياعاصم إنت لسه فاكر ، ماخلاص اللي فات مات ..
كان هذا الحديث القصير يشوبه الغموض بالنسبة لي ، ولكن مالاحظتة هو نظرات عمي الغامضه وكلام أمي الغير مفهوم وزوجة عمي والتي تدخلت سريعاً بشكل ملحوظ لتنهي هذا الحوار ..
ثم ذهب كلا منا إلي غرفتة ليستريح قليلا ، ولكن لماذا تتحدث أمي مع عمي هكذا ، هناك شئ لا أعلمه هذا الموقف ضايقني كثيرا وأخذت أتسأل هل أسألها الأن ، أم الأفضل في القاهرة ولهذا رأيت أن الأفضل أن أسألها حينما نعود عن سبب حديثها الغامض هذا ، وما الذي لا أعرفه..
------------◇-----------◇-------------◇-----------◇-------
لقد قضينا هذين اليومين بجانب عمي ، حيث حرصت علي عدم تركه فلقد كنت أمزح معه وأجلس أغلب الوقت معه ، حتي إنه تشجع ونهض من سريرة وتحسنت حالتة بشكل كبير. فذهبنا لنتمشي معا ً وبالطبع كانت سيرين تتبعني في كل خطوه ، إلي أن فجأه توقف عمي والتفت لها وقال :أرجعي إلي البيت ياسيرين أريد أن أتحدث مع محمد علي إنفراد.
فتوجم وجه الفتاة وعلته الدهشة ولكنها قالت علي مضض :حاضر يا بابا وأنصرفت مرغمه وهي تقذفني بنظرتها مرة أخري ، تنفست الصعداء حينها، لقد أصبحت أشعر أنها حملاً ثقيلاً علي قلبي .
وضع عمي يده علي كتفي وربت عليه قائلا ً : خدني للترب
يا محمد عاوز أزور جدك وستك
فقولت له :ولكن يعمي أنت تعبان خليها مره تانيه لما تبقي كويس.
هز رأسه رافضا وقال بتصميم : ماحدش ضامن عمره يا بني ، يمكن مايكونش في مرة تانيه.. اسمع الكلام ونفذ اللي بقولك عليه لو بتعتبرني فعلا زي أبوك ...
فوجدت نفسي راضخا أمام أصراره المستميت للذهاب هناك في تلك اللحظه .
فجعلته يتكئ علي كتفي ومشينا معا بخطوات بطيئه صغيره حفاظا علي ألا أسبب له أي جهد يرهقه .وما أن وصلنا حتي ألقينا التحيه علي من سبقنا من المتوفين قائلين :{السلام عليكم دار حق مؤمنين، أنتم السابقون ونحن بكم إن شاء الله لاحقون }...
أنزل عمي يده من علي كتفي وتقدمني بخطوات بسيطه وأخذ يتحدث وكأنه يتحدث مع نفسه بصوت يكاد أن يكون مسموع لم استمع منه سوي (آآآآآآه يا حسن ،آآآآآآه يا أخويا لو بس الزمن يرجع ونرجع عيال من تاني ، أنا أذ......)
ثم...!! سكت فجأه!! وكأنه تنبه أني أسير خلفه فاستدار ونظر إلي ّ نظره يشوبها الغموض وقال بصوت مخنوق :تعرف إنك شبه أبوك، في الشكل والطبع .
فدهشت لقوله وأبتسمت له قائلا : ما دا حاجه طبيعيه يا عمي
الولد بيبقي شبه أبوه ، فأبتسم أبتسامه خفيفه وهز رأسه في استسلام .
وقال :أنا برضه كنت فاكر كده بس أنا طلعت شبه أمي ... ولكن أبوك طلع شبه أبويا يمكن علشان كده ..... ثم سكت مرة أخري ولكن تلك المره كانت تعلو ملامح وجهه علامات الحزن .
أردت أن أسأله ولكن تراجعت وأثرت الصمت ثم حاولت التخفيف عنه قائلا :والله يا عمي سواء كنت شبه أمي ولا شبه أبويا فالام والاب هما الاتنين واحد والاب عمره
ما يحب ابن علي التاني الاتنين واحد .....وما أن أنهيت تلك الكلمات والتي ربما لمست شيئاً في صميم عمي نظر لي نظره يملؤها الدموع والحسرة ، نظره تخفي الكثير والكثير
وقال: ولكنك شبه أبوك...!!
ثم أستدار واكمل طريقه إلي مقبرة جدي وجدتي وانا أتبعه في هدوء واستغراب ، ماذا حل به لا أعلم !!!...
وما أن وصلنا لمقابر أدهم الخاطب وقف قليلا أمامها ثم ذهب وجلس أمام مقبرة جدتي اولا .. ووضع يده علي بابها الاخضر وهمس بعض الكلمات بصوت خافت لم أتبين منها سوي كلمتين فقط هما (سامحيني ياما ) لاني كنت أقف خلفة اما أنا فكنت أقرأ الفاتحة للاثنين فلم أزور مقبرتهما سوي مرتين فقط . مرة حينما كان عمري أحدي عشر عاما مع والدي حينما مات أبن عمي الصغير الذي توفي وهو في المهد حيث لحق بجدتي بعام بعد وفاتها ، والثانيه حينما كان عمري أربعة عشر عاما حينما توفي جدي ، أذكر حينها أنه كان هناك خلاف كبير بين جدي وعمي وعلي أثره سقط جدي بنوبه قلبيه بعد هذا الخلاف بنحو أسبوعين .
فبعد دفنه أنصرف الجميع ماعدا عمي وأبي ، نظر عمي حينها لأبي وقال : ماسيحدث لاحقا نتيجة لفعل أباك
فلا تلومني في شئ ، فرد عليه أبي قائلاً : لن ألومك يا أخي مايرده الله سيكون ، ثم نظر لقبر جدي
وقال له :رحمك الله وغفر لك يا أبي منذ هذه اللحظه لقد قطعت حبل الوصال بيننا سامحك الله يا أبي ...
ثم بعدها هجر أبي طنطا وأستقررنا في القاهرة ولا اذكر أننا زورنا تلك المقابر مرة أخري فتلك المرة الثالثة منذ وفاة جدي
فلم يدفن أبي هنا بناءً علي وصيتة لقد أشتري مقابر خاصة بأسرتنا في مايو ..
-------------◇-------------◇------------◇-----------◇-------
قام عمي من مجلسه وذهب إلي قبر جدي ونظر له نظرة مطوله وتنهد تنهيده عميقة شقت حشاياه ، ثم قال له : جبتلك ابن اخويا حسن علشان تشوفه ، بقي ظابط قد الدنيا ، ثم نظر لي والدموع تملأ عينه وتخنقه قائلا : جدك لو كان عايش و شافك وأنت ظابط دلوقتي كان هيفرح بيك أوي يا بني ، بس إييييييييه هي دنيا ...
ثم هوي علي ركبتيه وأخذ يبكي في نشيج مسموع ، فركعت بجانبه علي ركبتيّ ووضعت يدي علي يديه وقولت له : علشان خاطري يا عمي كفاية كده أنا غلطت إني جبتك هنا وأنت تعبان يلا بينا نمشي ، فسحب يده رافضا ووضعها علي خديّ ونظر في عيني نظرة مطولة يشوبها الحسرة والألم والحزن الشديد وقال : أنا عمري ماحبيت حد قد ما حبيت أبوك ، كان نفسي يكون هنا جنبي .
نصيحة مني ليك يا أبني متخليش حد يخش بينك وبين علاقتك باللي بتحبهم حاجي علي عشك ، وأوعي تنسي عمك ولا ولاد عمك خلي بالك منهم وخصوصا سيرين هي لسه صغيرة ، ومتسرعه ، بس طيبه وتقدر تكيفها بطبعك ، كان نفسي أفرح بيها ، واخذ يتنهد بسرعة كبيرة وتصاعد صدره وهبط بشكل مريع ، فشددت علي يده وقولت : يا عمي أرجوك أهدي وبعيدين ربنا يخليك لينا وإن شاء الله تفرح بسيرين وتوصلها لبيت عريسها بإيدك ، وأبويا بيحبك يمكن اكتر ما أنت بتحبة ، تعرف طول عمره ماكنتش تفوت دقيقه
إلا وبيتكلم عنك .. صدقني يا عمي
فشد علي يدي وهو يبكي كطفل صغير وقال : أومال مجاش يزورني ليه يا محمد ، مجاااش ليه .
عاوزك تعرف إني ....إني ....... ظلم....ته
وفجأه انحسرت دمعه في عينه ، واختنقت ملامحه وقال : بصوت يكاد يكون مسموع وهو يهوي بين يدي : لم الش...مل
يا محمد..... لم ...الشمل ...يا بني........ ثم ولم يكن هناك بعد ذلك ثم .... سقط ... ودموعه تسبقه في السقوط بين يدي وأسلم الروح لخالقها......... آآآآآآه ٍياعماه


الثاني من هنا
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close