رواية ابنتي اختارت لي زوجا الفصل السادس 6 بقلم سلمي سمير
من داخل غرفة الانعاش
كان حسام يحدث رودينا الغارقه في غيبوبة منذ ايام ولا يوجد تحسن علي حالتها، يعطي الامل بعودتها
شعر حسام بمسؤوليته نحوها، لهذا قدم لها الشئ الوحيد الذي يملكه ويعيدها الي الحياة
هو بأن يكون اب لها، فهو مربي فاضل واب حنون لماذا يحرمها من شئ في استطاعته قد يساعد علي إنقاذها بعدما اشفقت عليها زوجته وقبلت بذلك
اثناء حديثه معها عارضً عليها أن تعود اليهم حتي يكون لها الاب الذي تتمناه
دلفت والدتها سوزان عليهم، تلك المرأة المستقله بذاتها الوفية وفاء نادر لزوجها الراحل
وسألته بريبة:
انت هنا ليه يا حضرت، ومين سمح ليك تكلم بنتي في شئ يخصني انا قبلها
ترك حسام يد الفتاة والتفت اليها ووقف يتفحصها لبرهه انها نفس المرأة التي خطفت لبه بحضورها، وأناقتها المفلته للنظر يوم اتي برودينا الي المستشفي،
وتسأل هل من المعقول أن تكون هذه والدتها؟!
كيف لا وعيونها تلمع بنفس البريق الأخاذ الذي يدل علي الذكاء الفطري بعيون رودينا
تقدم منها وهو مبهور بها ومنجذب اليها كالمسحور ومد يدها يعرفها علي نفسه بغرور. صلف:
اسف ليكي يا مدام بس انا اللي هيبقي جوزك
تعاظمت ملامح الدهشة والصدمة علي محيا سوزان وتبدلت ملامحها من الذهول الي الغضب وهتفت:
انت بتقول ايه يا حضرت، هو في قسم هنا للأمراض العقلية وحضرتك جيت غلط ولا حاجه
ابتسم حسام من هدوءها واعتدال حديثها دون عصبيه أو غضب قال ورد عليها بتروى:
اسف يا مدام مقصدتش والله، انا قدمت نفسي غلط
قصدى انا المدرس اللي بنتك اختارتني زوج ليكي واب ليها، ورفضك كان سبب تعبها الفترة اللي فاتت
زفرة سوزان بقوة وسألته بضيق؛
افهم من كلامك انك مستر حسام زوج مدام ليلي،
اؤما له بالايجاب فمنحته ابتسامه مقتضبة وقالت:
اتشرفت بحضرتك، بس مكنش لازم تقول للبنت اللي قولته، لانه مش هيحصل واظن انا وضحت لمدام ليلي أن فكرة الزواج مرفوضة تمامًا،
وتأني حاجه شكرا جدا علي زيارتك وياريت تتفضل علشان ده وقتي معاها،
رمقها حسام بنظرة شمولية مريبة وابتسم بود قائلًا:
اوك يا مدام، مفيش مشكلة انا اصلا كنت ماشي، وياريت تقبلي اسفي تاني، ولو في اي مساعدة اقدر اقدمها لرودينا علشان تقوم بالسلامه، اطلبيها مني وانا بأذن الله مش هتاخر عنها
عن اذنك والف سلامه علي بنتك ربنا يشفيها،
لم يزيد كلمه اخري وخرج من غرفة الانعاش.متمنيا ان تطلب منه المساعدة حتي يتم شفاء الطفله،
جلست سوزان مكانه وامسكت يد طفلتها وقبل أن تقبلها وتحكي لها مثل كل يوم
دوي جهاز الانذار ينتبا بان قلبها توقف عن التبض، وبسرعه راتهم يلتفون حول سرير طفلتها ويدفعوها للخروج وبسرعه يبدؤون في عمل صدمات للقلب
رأت جسد طفلتها يرتفع بقوة مع كل صدمه، اخذت تصرخ من قلبها بلوعه غيرمصدقه انها ستخسرها،
لم يهداء صراخها الا مع عودة النبض علي الشاشة،
اخذت نفس عميق واخذت تحمد ربها للعودة طفلتها الي الحياة، من جديد
لكن الي متي ستعاني طفلتها الي أن يحين الوداع فقد كان هذا انذار للقرب الفراق، فجأة اجهشت بالبكاء بحرقة
خرج الطبيب من غرفة الانعاش وربت علي كتفها مواسيا:
أهدى يا مدام سوزان ارجوك البنت بخير، ممكن افهم حصل ايه، البيت من شويا كانت مؤشرتها ممتازة
فجأة كده حصل الانهيار اكيد قولتي ليها حاجة
هزت راسها بالنفي وقالت:
والله ابدا انا ملحقتش اكلمها كلمه زي ما حضرتك طلبت مني اني احفزها للرجوع ليا
اكيد المدرس اللي كان هنا هو السبب، لانه بعد ما مشي حصل اللي حصل انتو ازاي تسمحو ليه بالزيارة
غمغم الطبيب بحيرة وقال:
كده فهمت المدرس هو السر، ممكن افهم ايه حصل بينكم قدام البنت،
قصت عليه سوزان ما حدث بينهم ، ابتسم الطبيب وتوصل اخيرا الي سر معاناة طفلتها وقال:
الواضح أن بنتك مرتبطه باستاذها عاطفيا، ووجودها منحها السعادة لكن كلامك معاه سرق فرحتها، مدام سوزان مرض بنتك نفسي لو عايزاها تخف
لازم استاذ حسام يكون عنصر أساسي في حياتي بنتك، خلي بالك الازمه دي عدت علي خير مره تانية يا عالم قلبها هيتحملها ولا لاء
ألقت نظرها نحو ابنتها المسجاه علي فراش المرض
بوجه شاحب يحاكي الموت وجسد مستسلم الي الموت، ونهضت فجأة وجرت الي خارج المستشفي كي تلحق حسام حين لمحته ونادت عليه
مستر حسام مستر حسام لو سمحت
وصل الي سمعه صوتها الرقيق العذب التي رغم رقتة نبراتها الا انها مست قلبها وشعر بها، كانها كان ينتظر أن تناديه، استدار ونظر إليها بتساءول:
تحت امرك يا مدام، خير، ايه عندك حاجه جديدة غير اللي قولتلها جوه وحابة تضفيها،
هزت راسها بتأكيد وقالت برجاء:
ايوه رودينا محتجالك، بنتي عايزاك انت ارجوك خليك جنبها ومتتخلاش عنها
يمكن مش عايزاني ولا عندها استعداد ترجع علشاني انا مقدرش اتحمل حياتي من غيرها، دي كل دنيتي
ارجوك تعالي كلمها خليها ترجعلي، ارجوك
كادت تتوسل اليه بخنوع مذل، فهي ام قلبها ملتاع علي وحيدتها التي فضلت الرحيل، علي أن تحرم من استاذها ذلك الرجل الهادي الطباع بملامحها الوسيمه
وحنانه المتجسد في نظرات عيناه الوديعه والتي سرقت ابنتها منها دون إنذار
صدم من خنوعها هذا وتأكد بأن ابنتها هي فعلا مصدر سعادتها وحياتها ككل، اشفق عليها من تعلق ابنتها به علي حساب حبها لامها،ابتسم لها بحنانه المعهود وقال:
انا قولتلك يا مدام انا تحت امرك في اي حاجه تخص رودينا، حتي لو وصلت لزواج
نظرت إليه بغموض وشموخ غريب وقالت:
اتفضل معايا يا مستر حسام وبعد ما اطمن علي بنتي هنتكلم كتير وفي كل حاجه
عاد معها حسام الي غرفة الانعاش وسمح له الطبيب أن يدخل هو فقط دلف حسام اليها وجلس بجوارها وامسك يدها الصغيرة وراح يطمئنها بحديث ابوي لم تكن تتخيلي سوزان امتلاكه لكل مشاعر الأبوة تلك:
رودي قلب بابا، ايوه قلب بابا وبسمتي الحلوة، عارفه يا رودي مشتاق اسمعها منك وانا بضمك لحضني
علي فكرة كل اسبوع هاخدك ونخرج نتفسح، مش هخلي نفسك في حاجه، يلا يا بطلتي الجميلة ارجعي علشان نعيش سوا زي ما أتمنيتي
ظل يحدثها بهدوء وحنان الغريب أن المؤشرتها الحيوية كانت تعطي إشارة جيدة مع كل كلمه كانها تحيا بكلماته الحنونه لها
نهض فجاة من جوارها وقبل يدها الصغيرة ومال علي راسها وقبلها وقال بعض كلمات لها وابتسم ؛
لا تعلم سوزان أن كان دعاء أو تشجيع لكن لاحظت ولم تكذب عيناها بأصابع ابنتها تتحرك
حتي كادت تهرع الي الداخل ومنعها الطبيب وقال:
ده مؤشر جيد بنتك بتقاوم الغيبوبة، الظاهر الاستاذ هو الحافز لرجوعها منها، وده خير انها واعية للكلام
حاولي تقنعيها يواظب علي زيارتها علشان بنتك تفوق دي نصيحتي ليكي يا مدام سوزان
تنهدت بحيرة من أمر ابنتها، ومدي تعلقها به، وتساءلت من هذا الشخص الذي استطاع أن يملك
قلب طفلتها ويزعزع امان حياتها معها، ويزرع حبه في قلبها علي حساب حبها الطبيعي لها بحق الولادة،
نظرت إليه وهو يقف أمامها بعدما خرج من عندها واخذت تتامله بخوف من مستقبل قد يربط بينهم
من اجل ابنتها التي فضلت الموت عن البعد عنها
ابتسم حسام ومد يده مصافحًا بثق:
اظن الواجب نتعرف علي بعض، مستر حسام مدرس
ردت عليها بابتسامة باردة وقالت بامتعاض:
مدام سوزان موظفه ببنك
حامت عيناه علي بطريقة توحي باعجابه، فنسي نفسه وضغط علي يدها مما جعلها جفلت من تملكه
وتعالت نظرات الاستهجان وقالت بحدة:
ايدي يا حضرت التربوي المحترم، اظن ده مش اسلوب تتعامل بيه معايا من اول لقاء
ومتوقع اني اامنك علي بنتي، الواضح اني غلطت بطلب خدمه منك
اتفضل مع السلامة متنازله عن خدماتك
ابتسم بغرور لم يعاهده في نفسه ومال عليها:
الواضح أن سوء الفهم ملازم علاقتي بيك، بس انا مش هتنازل عن إنقاذ بنتي حتي لو رفضتي يا مدام سوزان، اتقبلي اني بقيت واقع في حياتك ملكيش منه هروب
اشار بيدها الي خارج المستشفي وقال بثقه:
اتفضلي معايا محتاج نقعد مع بعض ونتكلم، وصدقيني مش هتندمي
رفعت أحد حاجباها وقعدت ساعديها بكبرياء :
اسفه هو ردي علي كلامك وأسلوبك، مفيش بينا الا نتكلم فيه رودينا بنتي انا وبس فاهم
ضحك بصخب وبطريقه استفزتها وقال:
رودينا هتبقي بنتي ورهان يا مدام سوزان
تعالت نظرت الغضب من سوزان نحو حسام وقالت بحدة:
احب اقولك انت بتحلم، استاذ حسام اط.....؟!
************
يتبع......