اخر الروايات

رواية ابنتي اختارت لي زوجا الفصل الرابع 4 بقلم سلمي سمير

رواية ابنتي اختارت لي زوجا الفصل الرابع 4 بقلم سلمي سمير


دلفت المربية الي غرفة رودينا توقظها لكن الطفله لم تستجيب لها وحين ملست بيدها عليها، اصابها الهلع وخرجت تجري من غرفته تصرخ بلوعه واتصلت بوالدتها،
التي وصلت للتو الي البنك، فرددت عليها بقلق:
في ايه يا سعاد انا لسه سيباكي، طمنيني رودينا صحيت و لاء فطرت كويس ولا لسه
ردت عليها المربية بذعر وهلع:
لاء ياهانم بنتك مصحيتش ولما دخلت عليها أصحيها لقيتها مغمي عليها وجسمها مولع نار، قوليلي اعمل ايه يا هانم
صرخت سوزان بهلع جعلت كل من بالبنك ينظرون إليها بصدمه وردت عليها بتوتر:
بتقولي ايه بنتي سخنه ازاي، اتصلي بالدكتور بتاعها بسرعه وانا جاية في السكه سلام
أغلقت سوزان الاتصال مع المربية وخرجت تجري من البنك امسك يدها أحد زملاءها وقال بهدوء:
استاذة سوزان اهدى، مينفعش تسوقي وانت في الحالة دي، ممكن تسمحيلي اوصلك
رفضت بشدها فهي لا تقبل أن أي مساعدة من أحد من يوم وفاة زوجها وبعدها ابيها، لكن تدخلت صديقتها مريهان في الحديث وقالت لها بحزم:
خلي فهمي يوصلك يا سوزان، دا كان صديق لجوزك
وكلنا هنا أسرة واحدة، بصي لنفسك جسمك كله بينتفض ، هتجيبي منين اعصاب تسوقي بيها،
نظرت الي يدها المرتجفه من الخوف والقلق علي طفلتها وقالت بقلة حيلة:
ماشي يافهمي اتفضل، هتوصلني وبس اتفقنا،
اؤما لها بالموافقة واخذها في سيارته، الي ان اوصلها بيتها وكان الطبيب قد وصل قبلها
ترجلت من السيارة وشكرته وطلبت منه الانصراف، فلم يستطيع أن يفرض عليها نفسه بتقديم خدماته أو الوقوف بجوارها في محنتها، فغادر اسفًا من رفضها الدائم مساعدة اصدقاءها لها،
دخلت سوزان مسرعا الي غرفة ابنتها وكان الطبيب يقوم بفحصها الذي كاد ينتهي منه وقال لها بقلق:
حرارة البنت عالية جدا كأنها بنتنصهر ٣٩ وشرطتين
ضمت سوزان جسد طفلتها المحموم وقالت بوجل:
طيب الاحسن نروح بيها المستشفي، انا مستعده لاي تكاليف
بس بنتي تقوم ليا بالسلامه
ربت الطبيب علي يدها مواسيا، مقدرًا خوفها وهلعها علي ابنتها الوحيدة التي تحيا من أجلها وقال:
اهدى يا مدام سوزان البنت فعلا حالتها صعبه ومش مفهومه وكده كده لزم تروح المستشفي،
بس انت لازم تهدى علشان منخسركيش انت كمان، رودينا محتاجلك قوية زي ما عودتيها،
تملك الخوف من قلب سوزان من حديث الطبيب فانفجرت في نوبة بكاء هستيري ورددت بالم:
ارجوك يا دكتور انقذ بنتي، دا انا مليش غيرها، لو طلبت روحي هفديها بيها بس تعيش وتقوم ليا بالسلامه
هز الطبيب راسها بنفاذ صبر، فالأم في حالة صعبه من عدم الثبات، والطفله غارقه في نوم عميق وحرارة تلهب جسدها الصغير، فيما كان منه إلا أن حملها وخرج من الغرفة وقال:
انا هاخدها بنفسي المستشفي اعملها التحاليل اللازمه لمعرفة سبب الحرارة العالية دي
لان من الفحص مظهرش اي نوع من الالتهاب لا في الحلق أو الصدر يسبب السخونه
نفضت سوزان عن نفسها لحظات الانهيار ولحقت الطبيب الذي حمل ابنته وسبقها الي سيارته، جلست سوزان في المقعد الخلفي للسيارة وأخذت ابنتها علي صدرها، ثم ركب الطبيب في الامام وانطلق مسرعا الي اقرب مستشفي،
***********
بعد عمل كافة الفحوصات اللازمه، رفض الطبيب مغادرتها المستشفي رغم افاقتها لكن حرارتها ظلت علي وضعها لا تنخفض هذا ما جعله يشعر بالقلق من أن تأثر الحمي علي عقلها وجميع أجهزتها الحيوية؛
ظلت رودينا في المستشفي ثلاثة أيام وقد احتار الأطباء في علاج حالتها لعدم وجود تفسير أو سبب للحرارته العالية
الي أن أجزم طبيبها المعالج بأن السبب نفسي بحت
لم تتاخر سوزان في عرضها علي طبيب نفسي الذي احتار معها هو الاخر وقال لها:
للاسف بنتك منغلقه علي نفسها، وبطريقتها دي بتقتل نفسها بالبطئ، لازم تعرفي السبب اللي وصلها لكده
بنتك مش هتخف الا بزوال العرض وهو الحل لمشكلتها النفسية اللي رافضا تبوح بيها، حتي لنفسها
ياست سوزان مع ابنتها من أن تشفي من الحمي التي سيطرت عليها ، لهذا قدمت علي اجازة من عملها
وظلت بجوارها ترعاها وتحافظ علي حرارتها التي حذرها الطبيب من أن عدم انخفاضها ستتسبب بفقد جسدها سوائلها وتعرضها للجفاف او الاسواء هبوط حاد في الدورة الدموية،
أما رودينا فاستسلمت الي مرضها الذي قد ينقلها من الحياة الي العالم الاخر الذي ستجد فيها ابيها وتنعم معه بالحنان والامان، كم يتخيل عقلها الصغير،
غير عابئه علي حزن والدتها عليها التي افنت شبابها وعشت من اجلها، لكن حنان مدرسها واحتياجها اليه جعلها تتناسي انها هي السبب المباشر في تقبل امها حياتها بدون رفيق دربها وحبيبها زوجها الراحل
**********
بعد مرور اسبوع علي مرض رودينا وغيابها المتواصل عن المدرسة دون معرفة أحد سبب انقطاعها،
في منزل الاستاذ حسام
كان يجلس في شرفة منزله صامت شارد ينظر الي أبناءه بعدم تركيز، اقتربت منه زوجته ليلي وسألته بحيرة:
مالك يا حسام بقالك كام يوم متغير، لا بتقعد مع الاولاد وقت مذاكرتهم ولا حتي بتاخدهم وتنزل تتمشي معهم زي عادتك، ولا بتشاركهم هوايتهم،
ابتسم علي مضض ونظر الي أبناءه وهما يذاكرون واجبهم المدرسي وقال بضيق:
مش عارف حاسس بخنقه بقالي كام يوم ونفسي مسدودة عن كل حاجه معرفش ليه،
ابتسمت زوجته بتململ وردت عليه:
لا الحكاية مش خنقه ولا سدة نفس شكلك زعلان من الأولاد بسبب اللي عملوه مع البنت اللي كانت عايزاك تتجوز ممامتها، بس هما ليهم حق حرام تعاقبهم على حبهم ليك ،
اخذ حسام نفس عميق ورد عليها بسخرية من الموقف، بانه غاضب من أولاده لدفاع عن حقها فيه:
انت مجنونه ياليلي، انا ازعل من ولادى علشان بنت غريبة
بالعكس ولادي كان رد فعلهم طبيعي ومقبول، رغم أنهم قسو عليها
لكن انا اللي الذنب بياكلني وحاسس ان السبب في كل ده، ومش قادر اسامح نفسي
حدقت به ليلي بقوة غير مستوعبه حديثه عن شعوره بالذنب نحوها وسألته:
مش فاهمه ازاي انت السبب، البنت جريئة ومجنونه ومندفعه، انا شكيت ان والدتها صلتتها عليك
ضحك حسام بصخب ورد عليها مفندًا ظنها السئ:
لاء انت فهمتي الموضوع غلط خالص، انا عايز اقولك اني والدتها عمرها ما جت المدرسة ولا حتي البنت قالت ليها علي اللي طلبته مني
والحساسية بالذنب نابع من اني واجبي مربي فاضل احس بمعاناتهم، علاقتي لأنباء تكون في بيتي وبس
واراعي أن في ايتام محرومين من الحنان والابوة
كان غباء مني غير محسوب، والبنت بمشاعر الطفولة البريئة شافت فيا اللي ناقصها
انا السبب مش هي يا ليلي، لو كنت احترمت كونها يتيمه ومحرمه من الحنان الأبوة والاهتمام مكنتش فكرت فيا كاب ليها
انا باهتمام الزاىد بالاولاد وأظهر حبي وخوفي عليها باستمرار خلاها تتمناني اكون ابوها فهمتي
تفهمت زوجته وجهة نظرة وبدأت تتلمس معاناة الطفله وما تعيشه من حرمان فقد عاشت هي اليتم، لكن استطاع عمها تعويضها فقدها لأبيها في سن صغير، فربتت علي كتفه وقالت تواسيه:
فهمتك ياحسام، وفعل دي مشكلة كبيرة، بس حاول تتكلم مع البنت وتفهمها وتخليها تتكلم مع والدتها بانها تسد احتياجاتها بزوج ليها يكون اب للبنت هيكون احسن للجميع
ضرب بيده الحائط بقوة وقال بغضب:
المشكلة ان البنت من يوم كلامها مع الاولاد مجتش المدرسة رغم انها متفوقه جدا، وذكية، اكيد فيها حاجه حصلت ليها، وخايف اكون ان السبب
ضاقت حدقتاها بضيق هي الاخري بعدما استوعبت ما يحمله قلب زوجها الحنون من مشاعر بريئة وابوية نحو الطفله واضعا نفسه مكان أولاده إذا فقدوه فقالت بحماس :
خلاص انا عندى الحل، بكرة هات لينا عنوان البنت وانا هاخد سما وعلا ونروح نزورها علي أنهم أصحابها في المدرسة وجايين يطمنو عليها، ايه رايك
تهللت اسارير حسام بسعادة لمشاركة زوجته قلقه علي الطفله اليتيمه وقال بامتنان وترحاب:
تمام بكرة بعد ما ارجع من المدرسة اخدك اوصلك انت والبنات واستناكم لحد ما تخلصي الزيارة موافقة
اؤمات لها بالموافقة وانشرحت اساريره وجلس وسط أبناءه يكمل معهم دروسهم،بروح مرحه وارتياح
*******
في اليوم التالي
وصل حسام مع زوجته وأبناءه أمام البناية التي تسكنها رودينا مع والدتها،
صعدت ليلي مع بناتها الي شقتها وتركت زوجها مع الولدين بالسيارة في انتظارها، طرقت الباب علي استحياء وانتظرت الرد فتحت المربية الباب وسألتها بريبة:
مين حضرتك وعايزة مين
ابتسمت ليلي في وجه المربية ببشاشة وقالت:
انا والدة اصدقاء لرودينا من المدرسة، لما طال غيابها قلقنا عليها وجم يطمنو عليها،
افسحت لها المربية المجال كي تدخل وقالت لها:
طيب اتفضلي ارتاحي هنا هبلغ الهانم بحضورك عن اذنك
دلفت ليلي مع بناتها وجلست في انتظار والدة رودينا التي صدمت من رؤياها, فقدت كانت فتاة جميله رشيقة وانيقه حتي في ثوبها البيتي لا تبلغ من العمر ال٢٨ عام
شعرها كستنائي يصل الي نصف ظهرها، وعيونها عسلي بيضاء البشرة ذو غمازة تزين خدودها، فزادت من جمالها البرئ الهادى، لكن عيونها كان يملاؤها حزن عميق أربكها وجعلها تتعاطفت معها دون أن تعرف سبب هذا الحزن،
رحبت بها سوزان بتعجب وقالت:
اهلا وسهلا سعاد قالت انك والدة اصدقاء بنتي في المدرسة وجاية تطمني عليها، بس بناتك اكبر من بنتي بكتير ممكن اعرف حضرتك مين، وعايزه ايه
ابتسمت ليلي لها بود من سرعة البديهة لدية وحسن بيانها وردها الدبلوماسي دون احراج لها وقالت:
بس فعلا اولادى اصدقاء لبنتك ويعرفوها كويس، وكمان انا زوجة مدرسها بالفصل وهو قلقان عليها جدا
ابتسمت لها سوزان بحزن:
اه كده فهمت فعلا رودينا بقالها اسبوع مريضه ومحدش عارف سبب مرضها، اتفضلي زورها يمكن ولادك يقدرو يخرجوها من عزلتها
دلفت ليلي الي زيارتها واشفقت علي الطفلة التي كانت شاحبة وعيونها باكية بحزن عميق، جلست امامها وامسكت يدها بمودة وربتت عليها فلاحظت حرارة جسدها العالية فسألتها :
عارف انا مين يا رودينا
اؤمات برأسه أماءه بسيطة واشاحت بنظرة بعيدا عن بناتها وقالت بحزن:
ايوه حضرتك مرات مستر حسام، لان دول اولاده صح
هزت راسها تاكيدًا علي صدق حدسها، وتاكدت من فطنة الطفله وذكاءها، تقدمت منها سما وقالت لها بندم
حقك علينا يا رودينا اسفين لو كنا زعلناكي، بس انت طلبك كان غريب اووي، واحنا بنحب بابا وملناش غيره
ردت رودينا بصوت متعب حزين ومتالم:
ولا يهمكم واجب عليكم تدافعو عن حقكم في باباكم، يابختكم بيه ربنا يخليه ليكم وما تتحرمو منه ابدا
مسدت ليلي يدها وقالت بعقلانية:
اسمعي يارودينا، انا عارفه ان حنان جوزي علي أولاده كان سبب في انك تتمنيه اب ليكي
بس ده حق ماما وحدها هي بس اللي ليها تختار زوجها، وكمان هي اللي قادرة تشوف مين يستاهل يكون اب ليكي، انت اختيارك عاطفي بناء علي قد احتياجاتك، من غير ما تفهمي عواقب اختيارك، وده مش سليم
وكمان سؤال انت تقبلي حد يجي يقولك انا عايز مامتك تبقي مامتي هتقبلي تستغني عنها لغيرك مهما حصل،
هزت راسها برفض تام وردت عليها بياس:
خلاص يا طنط انا عرفت غلطي اسف لحضرتك، ولأولادك وبلغي المستر اني اسفه ليه وليكم كلكم،
نهضت ليلي وقبلت راسها وقالت:
لا ياحبيبتي متتاسفيش علي حاجه انت مفصدتيش بيها الذي حد، انت بتدوري علي الحنان اللي افتقدته بموت ابوكي ولما لقتيه طلبتيه من غير ما تفهمي أنه مش من حقك،
عمتنا لو فعلا عايز مستر يحبك ويسامحك لازم تخفي بسرعه وترجعي لمدرستك وتفوقك من تاني اتفقنا،
وافقت الطفله مرغما وقالت لها بقلة حيلة:
حاضر يا طنط هرجع المدرسة وهريحكم كلكم، شكرا ليكي علي زيارتك واشكر لي مستر حسام وخليه يسامحني
ابتسمت لها ليلي براحه فقد ظنت انها أنجزت مهمتها وابعدت الطفله من التفكير في اختيار زوجها كاب لها وزوج لامها،
واثناء مغادرتها حدثت والدتها عن مشكلة ابنتها واخبرتها سبب ما تعاني منه من وحده واحتياجها الي اب يرعاها ويحرص علي الاهتمام بها
فكانت صدمت سوزان لا تقلق عن صدمة أبناءها حين سمعو طلبها واكدت لزوجته انها لا تفكر بالزواج مطلقًا، وأنها تعيش لطفلتها فقط ولن تقبل أن يحل أحد مكان زوجها الراحل،
غادرت ليلي شقة الطفلة ونزلت الي زوجها وأخبرته بما كان ، لم يستطيع حسام الاعتراض علي ما قامت به زوجته فهي من حقها أن تحافظ علي بيتها من الخراب
أما سوزان فقد تفهمت مشكلة ابنتها لهذا ذهبت الي مدرستها في اليوم التالي وطلبت نقلها الي فصل اخر
وقد تم لها ما أردت حتي تعود ابنتها الي دراستها دون الوقوع في مشاكل نفسيها تعوق تفوقها،
بعد مرور اسبوع اخر عادت رودينا الي مدرستها وهي لاتزال تعاني من آثار الحمي،
والغريب كان عزوفها عن اللقاء باستاذها، الي انها ذات يوم لاحظ حسام بان احد يراقبه من خارج الفصل،
خرج مسرعا ليري من يراقبه فراي رودينا ابتسم لها ودنا منها وهاله شحوب وجها البرئ وجسدها الذي فقد وزنها وسألها:
رودينا حمدالله بالسلامه عاملة ايه دلوقتي ورجعتي امتي وليه مدخلتيش الفصل تحضري دروسك
ملست رودينا علي خده بعيون باكية حزينه وقالت:
مينفعش ادخل الفصل، ماما نقلتني لفصل تاني، ورجعت من يومين ، بس انا جيت ليك حبيت اودعك قبل ما امشي واسيبكم واريحكم كلكم
لم يشعر حسام بنفسه الا وهو يضمها لصدره شاعرًا بحنان جارف نحوها يجذبه اليه وخوف لا يعرف سببه وسألها بقلق وارتباك:
تودعينا ليه هو انت هتسيبي المدرسة كلها يا رودي
رفعت راسها عن صدره وبكت بحرقه واردت قائلة:
لاء مش هسيب المدرسة، لكن هروح لبابا علشان يكون ليا بابا بتاعي لوحدى اللي محدش يقدر يحرمني منه تاتي
وتركت حضنه وجرحت مسرعا بعيدًا عنه، ولم تكمل عدت أمتار وافترشت الأرض بجسدها؟!....
********
يتبع....

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close