رواية الضرائر الثلاثه الفصل الرابع 4 بقلم سالي
اغلق الطاغي الباب من ورائه بالمفتاح. حتى لايقوم احد بلحاقه وإزعاجه. ثم اختلى بالقابلة مثاني في مكتبه عندها اخرج صرة بها نقودا ذهبية من الدرج وطلب منها ان تأخذ الطفلة وترحل بها بعيدا عن القرية التي يقيم بها...
صعقت مثاني من طلب الطاغي لها. وعندما إحتجت محاولة رفض طلبه. حينها امسك الطاغي بقبضة من يده عنقها لتعود ادراجها للخلف ولولا الحائط لما زلت قدمها وسقطت هي والطفلة الرضيعة معها أثناءها اصبح يضغط عليها بقوة ويهددها ان تسمع كلامه. وان لم تنفذ طلبه واشتم رائحة وجودها بالقرية. سيتخلص منها ويخرج روحها دون رحمة منه او شفقة... كما حذرها ان يكون هذا سرا بينه وبينها. ولا احد يعلم ان هذه الفتاة تكون ابنته مهما كان.
كادت القابلة مثاني تنقطع انفاسها لولا انسحاب الطاغي قبضته من عنقها في الوقت المناسب.. فانتابتها كحة قوية بالكاد عادت انفاسها لطبيعتها.. ومن شدة خوفها أصبحت تومىء للطاغي برأسها تؤكد انها ستنفذ كل طلباته بجميع حذافيرها. .ثم خرجت من منزله مهرولة تحمل مابين ذراعيها تلك الطفلة المسكينة التي لم يكن لها حظ ان تحضنها والدتها او والدها بحنية.. وترضع من صدر امها كبقية الرضع امثالها.
فاصبح من تلك اللحظة امرها مجهولا .ولا احد إستطاع ان يصل إليها ويتمكن من رؤيتها مجددا.
عشش في قلب افنان حزن لا احد يستطيع تحمله. فكلما تطبق انفاسها ويضغط على صدرها من شدة وجعها تمسك ثدييها الممتلأة بالحليب وتتخيل إبنتها التي وصفتها لها البيداء انها ترضعها منه... كادت على إثر صدمة فقدان ابنتها تفقد عقلها. لولا ضرتها كانت معها. تطعمها وتواسيها حتى اصبحت تقف على قدميها وتتقبل فكرة ان إبنتها توفيت . وهذا ما اخبرها به الطاغي بعد محاولات كثيرة من قبل افنان. ان يعيد لها إبنتها إلى حضنها. او يعرفها عن مكانها المتواجدة به وتأخذها بعيدا وترحل عن منزله نهائيا. لكن كل محاولاتها باءت بالفشل.
لم تمر ايام قليلة من الحادثة حتى في احد الايام سمعت افنان والبيداء من داخل منزلهما صوت العويل والبكاء لإمراة ما تقرع الباب بقوة وتنادي على الطاغي ان يخرج إليها. وتصفه بأقبح الصفات .حينها إنتفض قلب افنان وامسكت بيد البيداء وهي تقول لها .ان صوت المرأة هي امها. .فركضتا سويا ليفتحا لها الباب. فوجداها هي بالفعل والدة افنان . التي تطلب من إبنتها ان تأتيها بزوجها من الداخل كي تشرب من دمه... حاولت افنان والبيداء ان يهدئن من روع وهول الإمرأة. فأخذت ابنتها افنان القلة تسقي امها قليلا من الماء ربما تسترخي قليلا وتروي لهما مايحدث معها. .ولم تهدأ ام افنان حتى تأكدت ان الطاغي ليس بالمنزل.
بعدها بدأت تروي لهما الكارثة التي ألمت بها وقبل ذلك كانت تطلب السماح من إبنتها الوحيدة لانها زوجتها من ذاك الوحش الذي ليس بقلبه رأفة او رحمة .معترفة بذنبها انها ضحت بإبنتها الصغيرة من اجل ان تنقذ ولديها و يعودا إلى حضنها وذاك هو عذرها دون ان تعلم ان الخسيس في اي وقت يحلوا له ينكث بوعده بعد الإتفاق الذي دار ما بينهما. الذي كان عن ولديها اللذان أستؤجرا منذ سنتين واكثر عند الطاغي ليقوما بمهام الفلاحة وغيرها حتى يسددا اجر البيت الذي يقيمون فيه حاليا .
فقاطعتها إبنتها تسأل مالجديد في ذلك.؟! فأخويها لم يبقى الكثير حتى يسددا الباقي من اجر المنزل فلما حزنها!
اثناءها عادت والدة افنان إلى البكاء المرير ثانية لتصدم ابنتها بالخبر .ان الطاغي امر بترحيل ولديها خارج القرية حتى يقوما بحراسة العدو وخوفها ان لايعودا نهائيا ولا تراهما مجددا بعد ذلك. لان الشائعات تقول ان الحرب ستقوم ضواحي قريتهم عما قريب. وقد تخسرهما للأبد.
ضربت افنان رأسها بكفيها من شدة هول ماذكرت والدتها امامها. فاخويها المسكينين ماذنبهما فهما لايزالان في ريعان شبابهما حتى يحرمهما الطاغي من حريتهما ويعيشا حياتهما العادية بعد تعبهما الطويل وهما يقومان بخدمته.
هنا تدخلت البيداء وطلبت ان تعود والدة افنان إلى منزلها حتى لايراها الطاغي وتكون ردته وخيمة على الجميع... كما طلبت منها ان تصبر على بلائها وتدعوا لهما بسلامتهما ونجاتهما من كل سوء.. وحدثتها ان مواجهتها للطاغي لن تنال مايرضيها ولن يشفي غليلها اي كلام توجهه له. بل بالعكس سيعاند اكثر وحينها سيطردها نهائيا من منزلها الذي بالاصل كان ملكه وباعه لهما بالتقسيط . فيذهب سدا كل مافعلاه ولديها سابقا من اجلها حتى تحتفظ بالمنزل وتستر نفسها وولدها الباقي معها .
وافقتها افنان على كلام البيداء فهي نبهتهما لأمر هام لم يكن في حسبانهما.. فالان اصبح الجميع يعلم ان الطاغي ظلمه ليس له حدود. وعليهم ان يتجنبوا شره اكثر مما إستطاعوا.
وما إن إقتنعت ام افنان وعادت إلى منزلها مكسورة الجناح بعد ان عانقت بشدة إبنتها وودعتها تطلب منها ومن ضرتها ان ينتبها على بعضهما جيدا.. .حتى دخل الطاغي من هنا يحمل عروسه الجديدة وهو يخطوا عتبة باب منزله بيمينه وهو في كامل سعادته وأناقته.