رواية جذريا الفصل الثاني 2 بقلم مريم محمد
اتجه بسرعة صوب صوت الصرخات وهو يحاول تقليص المسافة عن طريق الركض و خلفه صديقه "عبدالله " فوجد أحد الشباب يُمسك بيد فتاة زفر و استغفر ربه و اتجه صوب ذلك الشاب و قال بصوت طبيعى جاهد حتى لا يعلو : هو أنتَ كل يوم نفس الموضوع فيه ايه يا منصور ما تستهدى بالله
نظر له منصور و قال بغضب : ملكش دعوة أنتَ يا شيخ أسامة خليك فى حالك
بينما الفتاة تذرف الدموع التى لا تتوقف و هى تقول بتقطع : والله معملتش حاجة خليه يسيبني
جذبه أسامة من يده و عبدالله من اليد الأخرى التى يُمسك بها الفتاة و أخذه بعيدًا عنها وهو يقول : ياخى اتقِ الله يعنى أنتَ الأول كنت بتسمع الشارع كله صوتك من شقتكم دلوقتى نازل تضربها فى الشارع هو دى مش أختك بتعمل معاها كده ليه ؟
ده بدل ما تحميها و تشيلها فى عينك
نظر له منصور بملل وهو يزفر حانقًا : بقولك ايه شيخ أسامة شغل المواعظ و الحكم ده مش عليا
حاول عبدالله أن يشرح له فقال : ده الرسول صلى الله عليه و سلم قال " اتقوا الله فى الضعيفين المرأة و اليتيم "
و أنتَ أختك الاتنين مع بعض طب ليه ؟
حاول تقرب منها بدل الضرب و الاسلوب الهمجي ده
علشان حتى منظرك و منظرها قدام الناس
يرضيك لما تتجوز جوزها يعايرها بيك و بضربك ليها فى الشوارع ؟
نظر له منصور و قال بشراسة : ده أنا ادعكه هو فى الشوارع
استغفر أسامة بصوتٍ عالٍ و قال : طب و ليه العنف ما أنتَ تتق الله فى أختك و تعيشها معززة مكرمة و جوزها لما يشوفك بتعاملها كده هيخليها ملكة المهم أنتَ تبطل عنف مع اللى رايح و اللى جاى
مسح منصور على وجهه و قال بهدوء غريب عليه : أنا لما بتعصب مش بشوف قدامى مش ببقى واعى بحس أنى اتبدلت
ربت أسامة على كتفه و قال : كل ده من الشيطان طبيعى الإنسان يشعر بالغضب بس الشاطر اللى يعرف يتغلب على شيطانه و يكظم غيظه انتَ اول ما تلاقى نفسك هتتعصب استعيذ بالله على طول و أقرأ قرآن أو صلى ركعتين
و عزز أختك الله يرضى عليكِ
و أفتكر أن آخر وصايا الرسول وصى فيها على النساء
____________________________
أنهت جويرية درسها مع الأطفال و انتظرتهم حتى رحلوا جميعًا و أطمأنت عليهم و لكنّ " أُبى " لم يذهب بعد فقد اعتادت عمته أن تصطحبه معها بينما اليوم تأخرت نظرت صوبه فوجدته يقف وهو منكس رأسه أقتربت منه وهى تقول ببسمة : مالك يا أُبى زعلان ليه ؟
نظر لها أُبى و دموعه تهدد بالسقوط قائلاً : هما نسيونى علشان كده محدش جه ياخدني
نفت جويرية برأسها سريعًا و قالت : ايه اللى بتقوله ده بس يا حبيبى ينسوك ازاى فيه حد بينسى ابنه و بعدين تلاقى الطريق زحمة و هما جايين دلوقتى عمتو كلمتنى و قالتلى إنها هتيجى تاخدك هى و تيتا أنتَ أصبر و أدعى ربنا يكونوا بخير
أبتسم أُبى لها بحب و بادلته جويرية الابتسامة ثم تابعت محاولة إلهائه : مقولتليش بقى بابا الهدية عجبته؟
هز أُبى رأسه سريعًا و قال ببسمة : عجبته أوى و فرح بيها عارفة انا حسيت ان بابا أول مرة يحس انى بحبه كده بس هو انا بحبه بس مش بعرف اقول
مسدت جويرية على رأسه بحب و قالت بإبتسامة : أنتَ حاول تقول لبابا أنك بتحبه و مش بابا بس لعمتو و لتيتا و اصحابك حاول تبين مشاعرك للناس
توقفت عن الحديث عندما وجدت سيارة تقف أمامهم نظرت لها بإستغراب و سرعان ما ترجل منها رجل فأخفضت بصرها و تمتمت بالاستغفار بينما هرول أُبى نحو ذاك الرجل وهو يحتضنه قائلاً بفرحة : اخيرًا حد جه ياخدني أنا كنت خايف تنسونى بس جويرية قالتلى انكم هتيجوا تعالى يا بابا سلم على جويرية
نظر الرجل صوب جويرية فوجدها ترتدى لباس فضفاض فوقه خمار و تخفض بصرها و على وشك الذهاب من أمامهم اقترب منها وهو يُمسك بيد أُبى فقال أبى لها : جويرية ده بابا و بابا دى جويرية
هز الرجل رأسه و أبتسم وهو يمد يده لمصافحتها قائلاً : صباح الخير
أنا عمار المصرى والد أُبى
شكرًا على اللى بتعمليه مع أُبى و مع الولاد عمومًا
قالت جويرية بخفوت : آسفة مش بسلم
و العفو
بعد أذنكم
و ذهبت من أمامهم بخطوات سريعة نظر عمار فى أثرها بغرابة بينما أفاق من شروده على يد أُبى وهى تجذبه نحو السيارة وهو يقول : يلا يا بابا علشان نروح لتيتا و عمتو
استقل عمار السيارة بجانب أبنه وهو يتجه إلى منزل والديه
( قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم و يحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون )
كما يعلم الجميع أن الله _ عز _ وجل منع إطلاق البصر
فإن فى إطلاق البصر توليد لشهوات ابن آدم غنى عنها فكل شئ يبدأ من تلك الوهلة التى يطلق المرء فيها بصره فمثلاً شاب لا يغض البصر رأى فتاة أعجبته و أحبها اتجه ليخطبها فعلم أنها مخطوبة و ما أورث ذلك فى نفسه الا حسرة
و آخر لا يغض البصر ينظر لتلك التى تأتى من هناك و التى تأتى من الجهة الأخرى و يُتبع إطلاق بصره بعبارات سخيفة كى يوقع الفتيات و ما أرتكب فى حق نفسه إلا سيئات هو غنى عنها
إذا رضى هو عن ما يفعله فهل يرضى الله
و حقيقة لا أجد فى نفسى إلا الاحتقار من تلك المواقف و من ذلك الذى يفعلها و يظن بأنه شاب يُعجب أصدقائه و الفتيات من حوله
و مادام أنزل عز وجل آيات بتحريم إطلاق البصر فعلى المؤمن و المؤمنة غض البصر قد يبدو الأمر صعبًا فى البداية و لكن مع ذكر الله كله يمر و بالتعود كذلك
وصل عمار نحو منزل والديه و فتحت له شقيقته الصغرى آسيا المنزل وهى تقول بمرح : يوه كل يوم عندنا كدا مش معقول
نظر لها أُبى بحزن وهو يقول : يعنى أنتِ مش عايزانا نيجى يا آسيا
لكزتها والدتها فى ذراعها وهى تقترب من أُبى و تقبله بحب قائلة : طب ده أنتَ اللى تيجى تقعد هنا و نمشيها هى ده أنتَ حبيبى أسألني كده مين اكتر واحد بتحبيه
تحمس أُبى و قال ببسمة : مين اكتر واحد بتحبيه ؟
أمسكت جدته و التى تدعى ناهد بوجنتيه وهى تقول بمشاكسة لطيفة : أُبى طبعًأ
صاح أُبى وهو يحتضنها قائلاً : تيتا بتحبنى أكتر واحد و أنا كمان بحب تيتا اكتر واحدة
أقتربت منها آسيا وهى تقول بغيظ : طب و مين بعد أُبى
قالت ناهد ببسمة : عمار طبعًأ
ضحك عمار على تلك المشاكسات وهو يقترب من والدته و يقبل يدها نظرت ناهد لآسيا و قالت : خدى أُبى و العبى معاه يا آسيا علشان عايزة عمار
جلس عمار بجانب والدته فقالت له بقلق : أُبى مفيش تحسن فى حالته ؟
هز عمار رأسه بنفى و قال : ملاحظ أنه بقى حساس أكتر من اللازم ده غير الانطوائية اللى بقى فيها أنا وديته يتعلم قرآن و أحاديث بس برضو آسيا بتقول انه بيبقى قاعد لوحده أو مع المعلمة
هزت ناهد رأسها وهى تربت على قدمه قائلة : متنساش المواقف اللى بيتعرضلها أكيد أثرت فى نفسيته تحديدًأ فى موضوع الام انه حاسس ان فيه حاجة ناقصاه و أنه مش زى زمايله
هز عمار رأسه وهو يتنهد بتعب بينما قالت والدته بعد مدة وجيزة : أتجوز يا عمار
____________________________
= يابنتى بقى متبقيش قفل هنروح ساعة نغير جو و نرجع
هتفت بها هايدى صديقة إيلاف فى محاولة مستميتة منها لجعلها تذهب معها لأحد أماكن السهر المعروفة
زفرت إيلاف بملل و قالت : هايدى ياريت متوجعيش دماغى قولت مش رايحة يعنى مش رايحة و أنتِ عارفة إنى مبحبش الأماكن دى فالموضوع منتهى
نظرت لها هايدى برجاء بينما نظرت لها إيلاف بتحذير وهى تقول : مش هروح يعنى مش هروح
أقترب منهم أحد الشباب الذى قال بتساؤل : ايه يا جماعة محدش جهز لغاية دلوقتى ليه
هتفت هايدى بحنق وهى تقول : إيلاف هانم مش راضية تروح
نظر لها الشاب و الذى يسمى طارق قائلاً بذهول : ليه كدا يا إيلاف ؟
قالت إيلاف بضجر : يوه ما قولت مش رايحة اغنيها ولا ايه ده ايه القرف ده بعد اذنكم
نظرت هايدى فى أثرها بغضب وهى تقول لطارق : شايف شايفة نفسها علينا ازاى بنت السكرى
أبتسم طارق بخبث و قال : سيبى الموضوع ده عليا و يا أنا يا هى
نظرت له هايدى بشك و قالت : هتعمل ايه ؟
= كل خير
بينما إيلاف كانت تمشى نحو سيارتها فشعرت بمن يكمم فمها و يسحبها نحو أحد السيارات و فجأة خبى النور و حل محله ظلمة حالكة
الثالث من هنا