رواية طريق شائك كامله بقلم الكاتبة عائشه
عاش حمد طفولته يتيما في بيت صغير في قرية بعيدة ، كان يعيش مع أمه رقية و خالته، حقا هو لم يمض طفولته في راحة تامة فقد كان يدرس في الصباح و يعمل في المساء لمساعدة أمه التي تعاني مضض الفقر و الشقاء و لكنه كان سعيدا بأمه الحنون الذي تعطيه الدفئ و الحنان ، فرغم كل ما يعانيه حمد من متاعب إلا أنه كان طموحا و مجدا يأمل في التخرج و الحصول على عمل يجني فيه المال ليعيش الحياة التي كان يريدها و لينعم أمه حياة كريمة تعوضها عن كل ما عانته ، كان لحمد عما غنيا من أشهر رجال الأعمال في البلد و لكن لم يكن عمه يزوره و لا يتفقد حاله كان يكرهه بشدة و حتى لو صادفه أدار وجهه و كأنه لا يعرفه و لا ينتمي إلى عائلته ، الذنب ليس ذنب حمد فالسبب من كل هذه العداوة هو رفض والدته رقية الزواج من عمه المتكبر و اختارت الزواج من أخيه المتواضع التي يشتغل في مصنع بسيط في القرية ، كبر حمد و اشتغل موضفا في شركة كبيرة و اشترى شقة صغيرة لأمه و خالته ، فقرر زيارة عمه و التحذث معه لأول مرة في حياته ، فذهب إلى بيته و رن جرس منزله فأجابته الخادمة :"من أنت"
فأخبرها :"أنا حمد ، السيد سعيد هو عمي "
فتأخرت كثيرا و أجابته:
"السيد سعيد مسافر إلى مدينة بعيدة"
فقال:" ومتى سيعود؟"
فأجابت: " لا أعلم ، فنحن الخدم لا نعلم مثل هذه المعلومات " ثم أغلقت الباب في وجهه، كان حمد متأكدا أن عمه يحبه و سيقابله مرة أخرى . فكان حمد يزوره كل مرة في الأسبوع و كانت تجيبه بنفس الجواب الذي قالته في أول مرة جاء لزيارته ، فعلم حمد أن عمه لا يريد مقابلته و قرر ألا يزوره مجددا ، حتى ذلك اليوم الذي ستبدأ فيه المشاكل مع حمد فقد كان يومها مرهقا من العمل راكبا سيارته الخاصة دون أي انتباه للمارة فاصطدم بشاب كان يسير في طريقه ، ففزع حمد و خرج من سيارته ليتفقد حالة المصاب و لحسن حظه أن الشاب كان متفهما و أخبره بأنه سيذهب إلى المستشفى للتأكد من صحة ساقه التي ربما كسرت ، و لكن حمد أصر على مرافقته للمستشفى فحين ذهبا إلى المستشفى حضرت عائلة الشاب المصاب و هنا كانت الصدمة حين اكتشف أن والد الشاب هو عمه سعيد و أن ذلك الشاب هو ابن عمه الذي كان يجهله لأن عمه لم يكن يسمح له بمقابلته و لا بالتعرف على أفراد عائلته ، فحين علم عمه أن حمد هو المسؤول عن إصابة ابنه ضن أن حمد قام بذلك عن عمد كي ينتقم من عمه و ابنه فقال له حمد و الدموع تنزل من عينيه : " أنا آسف حقا لقد كنت غير منتبه و ...قاطعه عمه قائلا:"أنا أفهم جيدا و لن أقبل كذبك هذا فأنت تريد الإنتقام مني ".
قال حمد :" أنا لا أريد الإنتقام منك ، أنا أحبك رغم تجاهلك لي و كرهك لي لكني أحبك و أحب إبنك و لا يمكنني إصابة إبنك أنا أيضا كنت أتمنى أن أحضى بعم يحبني و يزورني و يتفقد حالي و نتبادل الأسرار و نسافر معا و نفعل العديد من الأمور مثل ما يفعل الولد مع عمه ، ما ذنبي أنا كي تكرهني و تتجاهلني و تضن بي السوء" و بعد برهة دخل الطبيب و أخبرهم بأن المصاب قد كسر في ساقه و سيجرون له عملية و لن يستطيع المشي إلا بعد مدة طويلة . فعزم عمه أن ينتقم من حمد أشد الإنتقام و أن ينهي حياته بيديه .
مرت الأيام و وجد حمد نفسه مطرودا من الوظيفة بلا أي سبب مقنع فاكتفت المديرة بإخباره أن عدد العمال كثير و أصبح الدخل قليل ما جعلهم مضطرين إلى نقص عدد العمال، فحاول حمد البحث عن وظيفة أخرى فدخل إلى شركة كبيرة و قال:
" مرحبا، لدي تجربة كبيرة في العمل، فلقد كنت موظفا في شركة أخرى و تم طردي لأسباب خاصة ، تفضلي هذه الورقة تشمل كل معلوماتي الخاصة "
فأجابت المديرة:
" ممم، لدينا عدة أشخاص للعمل ، نتأسف على هذا ، لكن يمكنك ترك الورقة هنا لربما نتصل لاحقا " فتوجه حمد للعديد من الشركات كما توجه إلى بعض المتاجر الكبرى و الوكالات و المقاطعات..فوجد أن كلها تجيب بنفس الجواب و لم تمنحه أي فرصة للعمل فوجد أن ذلك الأمر غريبا و غير منطقيا فلا يمكن أن كل هذه الأماكن لا تحتاج لشخص لديه تجربة للعمل ، فإتجه إلى منزله محبطا و هو يفكر في تكلفة عيشه و عيش أمه ...فانهار باكيا و فجأة رأى مديرته تركب سيارتها فتوسل إليها أن تخبره سبب طرده قائلا:
" لقد كنت من بين أكثر العمال إلتزاما في الشركة ، كنت أسهر الليل فقط كي أكمل جميع أعمالي ، لم أدخر جهدا فقط لإرضائك ، أ سهل أن تطرديني الآن ،ماذا فعلت أزعجك ، أرجوك أخبريني ما سبب طردي ، لدي أمي و علي إطعامها و خالتي العجوز التي تحتاج كل شهر الكثير من الدواء لأن لديها مرض مزمن و من أين سأدفع تكاليف سيارتي و تكاليف المنزل، لكنكي لم تفهميني و لن تفهميني أبدا ، أنت المديرة و أنا مجرد موظف بسيط عبد الأوامر ، تطردونني متى أردتم "
فقاطعته المديرة :" أنت محق لقد كنت مثالا للموظف المجد و الملتزم و لم تقصر في عملك أبدا ، لكن هذا لم يكن سبب طردي لك يا حمد"
" فما هو السبب إذا ؟؟"
" لم أكن أريد إخبارك الأمر لكني لا أريدك أن تحكم علي "
" بماذا ستخبرينني"
" لقد أتى السيد سعيد إلي و أمرني بطردك ، فكما تعلم أنا المديرة هنا لكن هناك من هو أعلى مني و أعلى سلطة مني فلا يمكن خرق قوانينه "
" من سعيد؟ عما تتحذثين"
" إنه سعيد الميلاني أشهر رجال أعمال المدينة ، أنتما تحملان نفس النسب و أنا لا أضن أن بينكما قرابة فهو المسؤول عن طردك و أمر جميع الشركات و الوكالات... بعدم قبولك للعمل ، لا أعلم ما السبب الذي جعله يفعل هاذا؟"
" مذا ؟ سعيد عمي هو الذي فعل بي كل هذا"
فاغتاظ حمد من عمه الشرير وحين عاد إلى المنزل وجد أن الرجل الذي أقرضهم المنزل قد أعاد لهم نقودهم كلها و طردهم من المنزل "
و استنتج حمد أن كل ذلك من خطط عمه فصار متشردا بلا عمل أو مأوى هو و عائلته فعزم أن يواجه عمه و ينتقم هذه المرة بالفعل "
فكيف سيكون هذا الإنتقام ؟
و ماذا سيحذث بحمد المسكين ؟
الثاني من هنا