رواية جميلتي الفصل الرابع 4 بقلم ديانا ماريا
أسرعت إليها ياسمينا وركعت على الأرض بجانبها تقول بقلق: حصل إيه؟ مالك؟
أغمضت جميلة عيونها بقوة وقالت بألم: لما وقعت حسيت بحاجة دخلت في رجلي.
شهقت ياسمينا بقوة: يا نهار أبيض وايه اللي جاب الإزازة دي هنا!
حدقت لها جميلة بحنق: وأنا ايش عرفني يا ياسمينا! اتصرفي مش قادرة من الو.جع بالله عليكِ.
نظرت ياسمينا حولها فلم تجد أحدا تستنجد به ليساعدهم، ربتت على كتف جميلة: ثانية واحدة هروح أشوف حد يساعدنا واجي.
أمسكت جميلة بيدها بخوف وهى تبكي من الألم: متسبنيش لوحدي يا ياسمينا الوقت متأخر والمكان فاضي أنا خايفة.
نظرت لها ياسمينا بعطف: معلش يا حبيبتي علشان نلحق الجر.ح اللي في رجلك.
تركتها ياسمينا بسرعة وهى تركض حتى وصلت لأول الشارع وهى تنظر حولها بلهفة، رأت قاسم يأتي من بعيد.
نادته بصوت عالي مذعور: قاسم تعالى بسرعة ألحق جميلة!
حدق لها قاسم بذهول للحظة ثم ركض لها حتى وصل لها بسرعة.
قال بقلق: مالها جميلة؟
أشارت له لأخر الشارع حيث تقبع جميلة: هناك وقعت ورجلها اتعورت من حتة ازازة مكسو.رة وعمالة تنز.ف.
نظر قاسم للمكان الذي تشير إليه وركض لها وياسمينا ورائه، حين وصلوا كانت جميلة تستند برأسها على الجدار الذي بجانبها وهى تغمض عيونها.
جلست ياسمينا بسرعة بجانبها: جميلة!
لم ترد فهزتها ياسمينا بدون فائدة، نظر قاسم وياسمينا لبعضهما بقلق.
قالت ياسمينا بهلع: شكلها أغمى عليها هنعمل ايه؟
نهض قاسم بسرعة وعيناه لا تفارق وجه جميلة: أنا هروح أجيب تاكسي بسرعة علشان نوديها المستشفى نلحقها.
ركض من أمامها بسرعة بينما ياسمينا عادت تضرب وجه جميلة بخفة لعلها تستجيب دون رد فعل منها، ضمتها لها وقد بدأت الدموع تتجمع في عينيها.
عاد قاسم بسرعة وقد أوقف على باب الشارع سيارة الأجرة لأن الشارع لا يتسع لها.
وقف أمامهما يتنفس بسرعة: جيبت التاكسي يلا.
حدقت له ياسمينا بحيرة: طب جميلة مغمى عليها هنعمل ايه؟
نظر لجميلة وهو يقول بتردد: ماهو ....ماهو مينفعش...ااا
صمت وهو يقبض على يديه بشدة ثم فجأة انحنى ورفعها بين ذراعيه وهو يضمها بحذر خشية أن تقع ثم أسرع بها تجاه سيارة الأجرة المنتظرة وياسمينا اتي أفاقت من ذهولها سريعا تلحق به، وضعها في المقعد الخلفي بحذر وبرفق وياسمينا تسندها من الطرف الآخر ثم صعد بجانب السائق يأمرها بحدة أن يسرع للمستشفى.
في المستشفى أجروا لها كل اللازم وقاموا بتضميد الجر.ح الذي لحسن الحظ لم يحتج للخياطة ثم أخبروهم أنها ستفيق خلال ساعة لا أكثر، دلفت ياسمينا للغرفة التي بها بينما بقى قاسم بالخارج ينتظر.
أفاقت جميلة بعد قليل وهى تنظر حولها بتعب: أنا فين؟
نظرت لها ياسمينا بحزن: أنتِ في المستشفى يا حبيبتي، أغمى عليكِ وجيبناكِ هنا علشان يعالجوكِ.
عقدت حاجبيها بحيرة: أنتِ ومين؟
أبتسمت ياسمينا: وقاسم، لقيته في وشي ف ناديت عليه وهو اللي جري بينا على هنا.
زفرت جميلة بعصبية: قاسم! ملقتيش غير قاسم يا ياسمينا!
رفعت ياسمينا حاجبها بتعجب: اه ماله قاسم؟
كشرت جميلة: أنا مش هخلص من سخريته ورخامته عليا.
نظرت لها ياسمينا بجدية وقالت بعتاب: إيه اللي أنتِ بتقوليه ده يا جميلة؟ ده وقته الكلام ده؟ وبعدين رخامة إيه كتر خيره الرجل ساعدنا وجه معانا المستشفى وواقف مستني برة مع أنه الموضوع ميخصهوش أصلا كان ممكن يوقف لينا تاكسي ويمشي لكن كمل معانا ومسبناش لوحدنا ومش راضي يدخل علشان راحتك بس عايز يطمن عليكِ وتقولي كدة! ده الله أعلم لو مكنتش لقيته ماشي بالصدفة كنت لحقتك ازاي!
خجلت جميلة من نفسها واحمر وجهها ونظرت لياسمينا نظرات مليئة بالذنب: أنا آسفة يا ياسمينا أنا الظاهر أعصابي تعبانة بس فعلا معاكِ حق كتر خيره، ناديه أنا عايزة أشكره.
ربتت ياسمينا على يدها بصمت ثم نهضت لتنادي قاسم، دلف قاسم بتوتر ووقف بعيدا عند الباب يسألها بصوت هادئ: عاملة إيه دلوقتي؟
ردت جميلة بخفوت: الحمد لله بقيت أحسن بكتير، شكرا جدا يا قاسم على اللي عملته معايا كتر خيرك.
قال بصوت جدي لم تعتده منه: مفيش داعي للشكر يا جميلة، ده واجبي وواجب أي حد في نفس الموقف.
ثم تابع بشبه إبتسامة مرحة: علشان تاخدي بالك أنتِ بتمشي فين بعد كدة.
أبتسمت إبتسامة خفيفة ولم تغضب منه، بقيا يتبادلان النظر لثواني قبل أن يشيح قاسم بنظراته بعيدا وهو يحك رقبته بإحراج: أنا هستناكم برة لحد ما تخلصوا علشان نمشي.
ألتفتت جميلة بذعر لياسمينا: أكيد ماما وبابا زمانهم قلقانين عليا دلوقتي!
قال قاسم بهدوء: متخافيش أنا كلمت ماما تروح لمامتك وتقولها وكمان تقولها أنه خلاص خارجين مروحين في الطريق.
تنهدت جميلة براحة ثم خرج قاسم لتساعدها ياسمينا على النهوض والاستعداد للمغاردة، استقلوا سيارة الأجرة عائدين كان قاسم يجلس بهدوء بجانب السائق في الأمام يسند ذقنه على يده وهو ينظر للطريق بينما جميلة تميل على كتف ياسمينا برأسها وياسمينا تضمها لها حتى ترتاح قليلا.
استقبلهم والد جميلة الذي كان عائدا من عمله للتو، وشكر قاسم بشدة على صنيعه ولكن قاسم أعترض بأن ما فعله لا يستحق ذلك الشكر ولم يكن ذلك أكثر من تصرف طبيعي.
مرت الأيام وجميلة في بيتها لا تستطيع الخروج بسبب إصابة قدمها حتى لم يعد إلا ثلاثة أيام على العيد وفي تلك الأيام لم تنقطع ياسمينا عن زيارتها ولا لمرة واحدة.
جلست ياسمينا أمامها تسألها بعفوية: عاملة إيه النهاردة؟ قدرتي تمشي عليها؟
تنهدت جميلة بملل: أيوا بتمشى في الشقة عادي وبعدين بقعد قبل ما أتعب بس الموضوع ملل أوي.
أبتسمت لها ياسمينا بتعاطف: معلش يا حبيبتي هانت.
عبست جميلة بحزن: كام نفسي أصلي التهجد معاكم.
مسحت ياسمينا على ضهرها بحنان: ربنا مقدر كدة وأكيد هو عالم ومتقبل منك متزعليش نصيب.
نظرت لها ياسمينا فجأة وضربت على يدها بخفة: صحيح نسيت أقولك، قاسم سألني عليكِ؟
نظرت لها جميلة بدهشة: قاسم! ويسأل عليا بتاع إيه يعني؟
ضحكت ياسمينا: كان بيطمن بقيتي عاملة إيه دلوقتي ورجلك خفت ولا إيه!
هزت جميلة رأسها بلامبالاة ف تابعت ياسمينا: ومامة وسيم سألت عليكِ لم غيبتي عن الصلاة.
انتبهت لها جميلة بإهتمام: وأنتِ قولتي ليها إيه؟
ردت ياسمينا بهدوء: قولت لها على اللي حصلك فقالت أسلم عليكِ بالنيابة عنها وأنها هتيجي تزورك قريب.
أومأت جميلة برأسها بصمت، قالت ياسمينا: أنتِ لسة بتفكري في الموضوع إياه؟
نظرت لها جميلة بحزن: لا يا ياسمينا أنا بحاول دلوقتي أنسى بعد ما فوقت من الوهم اللي كنت فيه.
أمسكت ياسمينا يدها وقالت بندم: أنا مش ندمانة على الكلام اللي قولته لكن ندمانة لأني حاسة أنه اللي أنتِ فيه أنا سبب فيه.
حدقت لها جميلة بدهشة ثم هتفت بها بإستغراب: أنتِ عبيطة يا بت! أنا اللي مخدتش بالي وكنت هبلة ووقعت أنتِ ذنبك إيه! على رأي قاسم كان لازم أخد بالي أنا ماشية فين؟
رفعت ياسمينا حاجبها وقالت بإبتسامة ماكرة: دلوقتي بتاخدي برأي قاسم؟
نظرت لها جميلة بغيظ وضربتها على كتفها: ده وقته يعني!
ضحكت ياسمينا على مظهرها ثم جلست قليلا وبعدها غادرت لمنزلها، في ثاني يوم العيد استطاعت جميلة أخيرا الوقوف كفاية على قدمها للخروج.
حين خرجت للشارع ورأت المناظر المبهجة للعيد، استطاعت أخيرا أن ترسم إبتسامة حقيقية مبهجة على وجهها، كانت تتجول قليلا وتنظر حولها بفرح بإنتظار مجئ ياسمينا حتى يتنزهوا سويا.
كانت شاردة تتطلع أمامها ببهجة حين انتبهت فجأة لوقوف شخص أمامها، خرجت من تأملها لتجد أن الشخص ماهو إلا قاسم.
أبتسم لها أما هى نظرت له بتعجب.
قال لها بصوت هادئ: أزيك يا جميلة عاملة إيه؟
قالت بصوت متوتر لوجوده الذي فاجأها: الحمد لله بخير.
مد لها يديه فتطلعت لهما لتجد بوكيه من الورود الحمراء بينهما، نظرت له بدهشة: إيه ده؟
ازدادت إبتسامته اتساعا: بوكيه ورد علشان أبارك لك على مناقشة الماجستير بتاعك اللي بعد بكرة، مش أنتِ دايما كان نفسك حد يجيب لك واحد يومها؟
اتسعت عيونها بذهول وقالت بتعلثم: طب..طب انت عرفت منين أني عندي مناقشة؟ وعايزة ورد؟
حدق لها بتعبير شقي يظهر في عينيه: عرفت لأنه دايما كنت بخلي ماما تعرف أخبارك من مامتك أما عن الورد فأنا عارف ده من زمان من أيام ما كنتِ بتحلمي بيه وأحنا صغيرين.
ازدادت ضربات قلبها وتطلعت له بحيرة ممزوجة بإرتباك: طب أنت بتعمل كدة ليه ولا بتقولي الكلام ده ليه؟
تنهد ثم تطلع لها بتعبير لم يسبق أن رأته في عينيه وإبتسامة حنونة ترتسم على شفتيه: أنا عارف أنه ممكن اللي بعمله ده غلط بس أنا مبقتش قادر استنى أنا عارف أنه أنتِ كنتِ مستنية تاخدي الماجستير علشان تفتحي باب الخطوبة علشان كدة كنتِ مستنيكِ.
كأن الهواء حولها يزداد اختناقا؟
ردت عليه بصوت مخنوق: قصدك إيه؟
حدق إليها بنفاذ صبر ثم تنهد، قال بصراحة ممزوجة بالرقة وهو ينظر مباشرة لعينيها:
_أنا بحبك يا جميلة، تقبلي تتجوزيني؟