رواية جميلتي الفصل العاشر 10 والاخير بقلم ديانا ماريا
البارت العاشر والأخير
ظلت عيونها مثبتة عليه غافلة عن كل شئ حولها، لن تستطيع التصديق في البداية حتى ظنت أنها تحلم، آخر مرة رأت بها قاسم كان متألم للغاية ولا يريد رؤيتها مجددا إذا من هذا الذي يبتسم لها والفخر يلمع بعيونه؟
أدارت عيونها في أرجاء الغرفة مجددا لعل أحد يستطيع أن يؤكد لها حقيقة ما تراه عينيها من عدمه، وجدت ياسمينا تنظر ورائها بصدمة ثم تعود بنظراتها لها وهى تغمزها وتبتسم وتشير لها بيدها بفرحة.
أخذت نفسا عميقا قبل أن تقول بإرتباك: أنت هنا بجد؟
أبتسم لها: اه بجد، إيه مش شايفاني حقيقة قدامك؟
تجمعت الدموع في عينيها وقالت بغصة: بس أنت قولت أنه أنت مش عايز تشوف....
قاطعها بجدية ونظرات ثاقبة: تتجوزيني؟
شهق الجميع الذي أسرع ورائها بصدمة أما هى حدقت به بعدم تصديق.
هتفت به: إزاي؟ أنا مش مصدقة اللي بسمعه!
أبتسم وهو يتذكر ما حدث قبل ساعة.
أستيقظ من نومه وهو يتقلب حين أدار وجهه ناحية باقة الورود ورآها، رفع رأسه من على وسادته بدهشة ثم اعتدل وهو يحدق بها.
مد يده يلتقطه ببطء ثم وضعه في حضنه، حدق به لفترة من الوقت بعدم استيعاب وهو يتلمسه قبل أن يبتسم وتتسع ابتسامته بقوة، لقد كان هذه باقة الورود التي ألقى بها في القمامة حين رفضته جميلة!
أحس بمشاعر كثير متداخلة ولكن فكرة واحدة مسيطرة عليه هو أنها احتفظت بباقة الورود التي سبق ورفضت صاحبها!
أسئلة كثيرة عصفت برأسه، لماذا احتفظت بها؟ هل كانت معها قبل أن يتقدم لها وسيم؟ هل كانت معاها كل هذه المدة؟ ولكن إجابة واحدة برزت في ذهنه ردا على كل تلك الحيرة
أتخذ قراره، وضع الباقة مجددا في مكانها السابق ثم تحامل على نفسه وحاول النهوض، كان الأمر صعبا عليه بسبب ألم قدمه وثُقل الجبيرة.
استند بيديه على حاجز السرير حتى تمكن من النهوض بصعوبة والوقوف شبه مائل على قدم واحدة ووجه أحمر من شدة المجهود الذي بذله، ترنح بتعب ولكن بقى ممسكا بحاجز السرير حتى لا يقع، حين حاول إفلات يديه والوقوف وحده كان على وشك الانزلاق بسبب عدم التوازن ولكنه عاد فأمسك بالحاجز مجددا وهو شبه منحني، زفر بصوت عالي من التعب.
حينها دلفت عليه والدته التي حدقت له بذعر ثم ركضت له بسرعة: قاسم! قومت ليه يابني من السرير؟
قال بصوت مُجهد: ماما ساعديني فيه مكان لازم نروح له دلوقتي بسرعة.
حدقت به والدته بعدم فهم وكأنه يتحدث بلغة لا تعرفها: أنت بتقول إيه يا بني؟ أنا هروح أجيب لك الدكتور يتفاهم معاك!
دخين استدارت لتذهب أمسك قاسم بذراعها وقال بضيق: يا ماما ساعديني أنتِ شايفاني عامل إزاي؟
وضعت والدته يدها على رأسها وقالت بيأس: عوض عليا عوض الصابرين يارب، أنت عايز تجنني يابني، مش قادر تقف على رجلك وعايز تروح مشوار!
أمسك بيدها وقال بجدية: يا ماما ده مشوار مهم جدا في حياتي أنتِ ليه مش مستوعبة كلامي؟
كانت على وشك الحديث حين دلف الطبيب الذي نظر بدهشة لمريضه الذي يقف بصعوبة على قدم واحد ويستند بيد على حاجز السرير واليد الأخرى على والدته.
قال بدهشة: إيه اللي بيحصل هنا ده؟ ليه قايم من سريرك ده ممنوع.
قالت والدته بحنق: قوله يا دكتور، ده شكله اتجنن عايز يخرج من المستشفى.
زفر قاسم بنفاذ صبر: يا ماما دي حاجة تفرحك ولا أنتِ مش عايزاني أتجوز!
حدقت به بإستنكار: جواز إيه ياخويا بالجبس بتاعك ده؟ ولا هتروح تتقدم وأنت بتعرج على رجل واحدة.
حدق بها بملل ثم نظر للطبيب الذي فهم وابتسم: لو سمحت اديني أي مسكن أنا لازم أروح المشوار ده وبعدها هرجع هنا علطول.
أومأ الطبيب برأسه: هديك مسكن وكمان عكاز تمشي بيه بس لازم ترجع بسرعة، خروجك بدري كدة خطر أساسا بس شكلك مش هتسمع من حد ف المناهدة ملهاش لازمة.
قالت والدته بصدمة: أنت عايز تتجوز بجد؟ ده أنا افتكرتك بتهزر علشان تخرج.
أبتسم لها واعتدل ليستند عليها وهو يضع يده حول كتفها: من أمتى بهزر في الحاجات دي يا أم قاسم؟
عقدت حاجبيها بتساؤل وفضول: ومين دي بقى اللي هتخرج علشانها من المستشفى ومقولتليش عليها قبل كدة؟
أبتسم لها ثم قبل خدها: هتعرفيها أهو متستعجليش.
عودة للحاضر وهو يقف أمام جميلة ثم يمد يده لها بباقة الورود التي أخذتها منه بسرعة وهو مازالت تحدق له بعدم استيعاب.
حدق لوالدها بجدية: هى مش أحسن ظروف يعني يا عمى بس أنا طالب أيد جميلة وبدل ما تبقى مناسبة واحدة سعيدة خليها اتنين.
تقدم والدها ووقف بجانبها وقال بجدية: إيه رأيك يا جميلة في الكلام ده؟
احمر وجهها من الخجل وحدقت للأرض بحياء ولم ترد قبل أن يقول قاسم من بين أسنانه: معلش مش وقت كسوف يا جميلة أنا مش قادر أقف.
حدقت له بتأنيب قبل أن ننتبه للألم الذي على وجهه والذي أنباها بمدى صدق حديث وأنه بالفعل يقف بصعوبة.
قالت والدته بإبتسامة سعيدة: أنا مش هلاقي أحسن منك يا جميلة تبقى زوجة لابني أنتِ ست البنات غير أدبك وأخلاقك وذكائك كمان.
أبتسمت لها جميلة بسعادة ثم أومأت برأسها موافقة ثم عادت عيونها لقاسم الذي ينظر لها بإبتسامة بلهاء سعيدة على وجهه.
خجلت منه ثم انهالت المباركات عليهم من كل صوب حين تذمر قاسم مجددا من ألم قدمه فساعدوه بسرعة على الجلوس على أحد المقاعد.
صاح فجأة بصوت عالي: إيه رأيك يا عمي نكتب الكتاب بكرة؟
صاح الجميع بدهشة وهم ينظرون له فقال بعفوية: هو أنا قولت حاجة غلط؟
ضحك والد جميلة بشدة: لا يابني بس حتى أدينا فرصة نفكر، نعمل الإجراءات أي حاجة كدة.
رد قاسم: يا عمى دي كلها شكليات صدقني، طالما جميلة وافقت ف نكتب الكتاب ليه نستنى يعني؟
ضحكت ياسمينا بخفوت التي كانت تقف بجانب جميلة وهى تنغزها في كتفها وهمست لها: الله ده مش قادر يصبر خالص.
حدقت لها جميلة بتحذير رغم الخجل الذي يغزوها بأكملها، بعد مناقشة سريعة اتفقوا على أن يحددوا ميعاد كتب الكتاب بعد خروج قاسم من المستشفى وهو الأمر الذي قبله رغما عنه.
عاد للمستشفى مجددا ثم تخرج بعد أسبوع لتحسن حالته وبدأ يصر على والد جميلة لإستعجةل إجراءات كتب الكتاب وحين حاول والدها إقناعه بالانتظار طلب منه معرفة رأي جميلة وإذا كانت ترغب بالانتظار فسوف ينتظر بناءا على رغبتها، حين لم تبدي جميلة أي اعتراض وافق والدها على تحديد ميعاده بعد أسبوع.
حين أتى ذلك اليوم أخيرا كانت حينلة تستعد بتوتر كبير بمساعدة ياسمينا التى كانت تراقبها بسعادة وفرح.
كانت تقف أمام المرآة تتأكد من أنها جاهزة حين قالت لياسمينا: شكلي حلو؟
أبتسمت ياسمينا وقالت بتأثر: أحلى من القمر نفسه.
أبتسمت لها جميلة والتفتت ثم عانقوا بعضهم بمحبة كبيرة
،حضر قاسم الذي كان وسيما وأنيقا رغم قدمه التي مازالت في الجبيرة، تم كتب الكتاب على خير وتركوهم لوحدهم.
كانت جميلة تقف بخجل حين تقدم قاسم منها يقول بحب: أنا مش مصدق أنه أحنا اتجوزنا، أنا مكنتش مصدق أساسا أننا اتخطبنا!
رفعت جميلة بصرها له ورغم خجلها قالت بعتاب ولوم: بس كنت قادر تقولي كلام يجرح زي اللي قولته في المستشفى؟
تقدم منها أكثر مما زاد من توترها وسرعة نبضات قلبها، مال برأسه وقبل جبينها بعمق ثم أبتعد وهو يقول بصوت عميق: أنا آسفة يا جميلتي على كل حاجة قولتها ممكن تكون جرحتك.
ثم تابع بإنزعاج ونظرة انتقاد: بس مكنتيش متوقعة أني أقوم أرقص وأنا سامعك بتقولي اللي بتقوليه يعني!
تنهدت وقالت بندم: أنا كنت فاكرة أني كدة بكون صريحة معاك، وأنه في الآخر عرفت إيه الصح يمكن كان تهور وإندفاع مني بس أنا فكرته صح ساعتها.
تنهد ثم قال بصدق ورقة: يمكن إحنا الاتنين عملنا أخطاء بس من اللحظة دي يا جميلة مفيش حد غيرنا في علاقتنا لا شخص ولا حتى سوء ظن، أنا بحبك يا جميلة ولما شوفت بوكيه الورد جنبي لما صحيت ده أداني أمل أنه أنتِ فعلا حبتيني لنفسي.
رفعت عيونها له وابتسمت فتابع بحب: مقدرش استنى وجيت لك لأنه أنا قلبي ضعيف قدامك يا جميلة ومفيش فرحة أكبر ليا من أني أقدم لك قلبي وأنتِ تقبليه.
أدمعت عيناها تأثرا فأكمل: صورتك كانت في قلبي وعقلي السنين اللي فاتت دي كلها ودلوقتي مبقتيش مجرد حلم ولا خيال بقيتِ حقيقة قدامي وبقى من حقي اصارحك بمشاعري كلها وأتغزل بجمالك براحتي.
ضحكت بسعادة والدموع تنهمر على وجهها: وأنا كمان بحبك والظاهر أني كنت بحبك من زمان أوي بس مكنتش عارفة.
غمرت المشاعر عينيه فتقدمت منه تحيط عنقه بذراعيها وهى تعانقه، أفلت العكازين من يديه ليقعوا على الأرض بينما يحتضنها بشدة بذراعيه وهو يشدد عليها بقوة.
كانت مغمورين بشدة بتلك اللحظات السعيدة والمشاعر المؤثرة حين همس قاسم فجأة: على فكرة أنا كنت قاصد أخبطك بالكورة في دماغك يومها.
طارت عيون جميلة مفتوحة بشدة من فورها ثم عادت برأسها للوراء تحدق به بصدمة: إيه!
تابعت بغيظ وهو تحدق به بعيون نارية وإبتسامة شريرة: أنت شكل وحشتك المستشفى يا روحي وأنا مش هخلي في نفسك حاجة وأرجعلك ليها النهاردة!