رواية في سبيل الحب كاملة بقلم هاجر نور الدين
_يارا!
بصيت ناحية الصوت اللي بينده وإتحولت ضحكتي اللي كنت بضحكها مع صحابي لـِ ملامح حزينة وباهتة، روحت عندهُ وجاوبت بهدوء:
إتكلم بعصبية وقال:
_واقفة بتعملي إي هناك، أنا مش قولتلك متخرجيش مع العيال دي لإني مش بحبها؟
إتنهدت بـِ نفاذ صبر وخنقة وقولت:
=أيوا قولت، بس دول صحابي.
رفع حاجبهُ وقال بإستنكار:
_وأنا قولتلك متخرجيش معاهم تاني، هتكسري كلامي ولا إي!
كنت جبت أخري بجد وقولت بإنفعال مكتوم:
=ودا مش مجرد كلام، إنت عايزني أبعد عن كل الناس اللي بحبهم ومروحش في آي مكان عشان إنت يادوب بس خطيبي!
حط إيديه في جنابهُ وقال بإبتسامة خُبث عارفاها كويس:
_لأ عايزك تبعدي عنهم عشان أنا عارف مصلحتك، دا غير إن الموضوع محتوم ومحدش هيقبل يتجوزك غيري يا بنت عمي بعد ما بقيتي معيوبة، والخطوبة دي مجرد شكل قدام الناس، ودلوقتي مقدامكيش غير إنك تسمعي كلامي وبس بدل ما أتصل بأبوكي في البلد وأقولك إنك فوق ما إنتِ معيوبة كمان بتكسري الكلام.
الدموع إتجمعت في عيني وحاولت بكل جهدي إنها متنزلش وخدتهُ من إيدهُ شديتهُ بعيد عن صحابي والناس وقولت بإنفعال:
=بطل تقولي كدا وبطل كل مرة تضغط عليا بكلامك، أنا مش معيوبة ومكانش ليا ذنب في كل اللي حصل، وإنت عارف ومتأكد إن لولا الحادثة اللي حصلتلي مكنتش بصيت في وشك حتى يا.. يا إبن عمي.
سيبتهُ بعد ما خلصت كلاكي وروحت ركبت العربية بتاعتهُ مستنياه ييجي عشان نمشي، لإني عارفة إنهُ لو إتتصل بـ بابا هيصدقهُ ودا لإنهُ هيرو بالنسبالهم طبعًا واللي هينقذ سُمعة العيلة اللي مش فاهمة أنا لوثتها بـ إي وأنا المجني عليه مش الجاني!
جِه بعدها فعلًا ركب العربية بعصبية وساقها ووصلنا بعدها للعمارة اللي ساكنين فيها، كانت شقتي الإيجار في الدور التاني واللي خدتها عشان دراستي وجامعتي، وبعد اللي حصل من سنة، جِه معايا هو وخدّ الشقة اللي في وش شقتي، سيبتهُ ودخلت الشقة بتاعتي وقفلتها من غير كلام، قعدت على الكنبة بعد ما رميت شنطتي وحطيت وشي بين إيديا وفضلت أعيط، بعيط وأنا مش عارفة أذنبت فـ إي ولا عملت إي يدمر حياتي بالشكل دا ويحتم عليا إني أتجوز شخص مش بحبهُ لمجرد إنهُ عارف اللي حصل لي وراضي بيه، طب هو مش اللي حصل لي دا كان غصب عني والمفروض كاهم يدعموني ويقفوا جنبي ويجيبولي حقي، مش يزودوا الموضوع عليا ويدمروا حياتي اللي جاية بجد!
بعد ساعات من البُكا وبعد ما حسيت بالتعب الشديد دخلت خدت حمام دافي سريع ونمت، في الأول النوم كان بالنسبالي هروب من كل ما هو سيء في الحياة، بس دلوقتي النوم دا أكبر وحش وكابوس ممكن يقابلني في حياتي، بمجرد ما بنام بشوف أسوء وقت مرّ عليا، بشوف أسوء كوابيسي الواقعية.
الكابوس بيبدأ بالهيئة بتاعت الوحش النتن وهو بيقرب مِني من بعيد ووراه الضوء مخلي ملامحهُ مش باينة، برجع بضهري لـِ ورا وأنا مرمية في الأرض وأنا ببكي وبصرخ بأعلى صوت ولكن مفيش آي شخص سامعني، بينتهي الكابوس أول ما بيقرب مِني وأشوف إبتسامتهُ المُقرفة.
فتحت عيني وأنا باخد نفسي بصعوبة كالعادة و حبات العرق مالية وشي وجبيني وكإن الدنيا أمطرت عليا، قعدت ضامة رجلي ليا وأنا بعيط وباصة للأوضة برعب عقبال ما أستوعب إني في أوضتي ومقفولة عليا ومفيش حد تاني معايا، فضلت على وضعي فيما يُقارب نُص ساعة لحد ما نفسي بدأ يبقى مُنتظم وقومت من مكاني إتوضيت وصليت الفجر اللي كان أذن من حوالي ساعة، عملتلي بعدها قهوة عشان أقدر أكمل اليوم بدون إحساس النوم اللي مُفتقداه ومفتقدة جدًا إني أنام بأمان، يادوب بنام ساعتين تلاتة وأصحى من نفس الكابوس ومش بيبقى عندي الجرأة إني أنام من تاني عشان مشوفش أكبر مخاوفي اللي بيطاردني.
فضلت بذاكر لحد الساعة 8 وبعدين قومت جهزت عشان أنزل للجامعة واللي بدرس فيها حقوق وحاليًا أنا في سنة تالتة بعد ما كان المفروض أبقى في رابعة، ولكن بعد الحادثة اللي حصلتلي قعدت سنة بحاول أفوق منها وأرجع من تاني لحياتي وأديني بحاول، بعد ما خرجت كالعادة لقيتهُ واقف مستنيني عشان واخد أمر من بابا إني متحركش من غيرهُ، إتنهدت بيأس ونزلت معاه للعربية، طول الطريق كان بيتكلم ولكن مش فاكرة بصراحة كان بيتكلم في إي لإني كنت ساندة على إزاز الشباك وبتفرج على الناس اللي ماشية بهدوء وسرحان، لحد ما وصلت الجامعة ونزلت برضوا من غير كلام، إتكلم قبل ما أمشي وقال:
_الساعة 4 هتخلص محاضراتك النهاردا وهاجي أخدك.
مردتش عليه لإن مفيش فرصة للإعتراض ودا زي حُكم بالإعدام إتحكم عليا، تخيل تبقى لسة في صدمة من كابوس حصلك وأهلك يحكموا عليك الحكم دا إن يبقى معاك واحد مش بيطيقهُ وولا هو بيعرف يحب وكمان هيبقى زوجك ومفيش فرصة للرفض، إتنهدت ودخلت المحاضرة الأولى وكالعادة كنت مع الدكتور بنصف تركيز والنصف التاني رافض للحياة بشكل عام، خلصت المحاضرة وكان فاضل نص ساعة لسة للمحاضرة اللي بعدها، خرجت قعدت في حتة هادية في الجامعة محدش من الطلاب بيروحها كتير عشان أفضي دماغي وعشان برضوا مبقتش بحب أختلط بالناس بعد الحادثة اللي حصلتلي، سندت على شجرة وغمضت عيني بهدوء ولكن ممرش ثواني وفتحتهم تاني بخضة لما صورة الوحش بدأت تطاردني من تاني، خدت نفسي كذا مرة ورا بعض وقومت من مكاني أتمشى يمكن المشيّ يديني طاقة إيجابية زي ما كنت باخدها منهُ الأول، سمعت صوت رانيا صاحبتي واللي كانت من ضمن صحابي اللي واقفين معايا إمبارح بتندهلي، إبتسمت لإني فكرت إني لوحدي اللي جيت النهاردا ولفيت عشان أشوفها بس الوقت وقف لما لقيت جنبها حسام، سيف الشخص الوحيد اللي حبيتهُ حتى لو مقولتهاش وحتى لو هو مقالهاش، اللي متأكدة منهُ إن قلبي مدقش غير ليه هو وبس، هديت وحاولت أركز ومبينش حاجة، إتكلم حسام بإبتسامة وقال بعيون مليانة شوق:
_إزيك يا يارا، أخبارك؟
إتكلمت بإختصار وأنا بحالو مبينش حاجة وقولت:
=الحمدلله بخير، إنت إي أخبارك؟
جاوبني وهو باصصلي بنظرات إتحولت لِـ حُزن:
_بخير.
إتكلمت رانيا بإبتسامة عشان تغير الجو اللي بقى مشحون:
=المهم يا يارا، النهاردا بعد الجامعة عايزين نخرج وكلنا إتتفقنا ومورناش حاجة، وإنتِ كمان مش وراكِ حاجة، وافقي بقى وخلينا نغير جوّ، لإن حتى بعد ما رجعتي من 3 أسابيع للكلية مش بنشوفك ولا بتخرجي معانا.
كنت من جوايا نفسي جدًا أروح معاهم ونفسي جدًا أرجع أخرج وأعيش حياتي من جديد، بس الأكيد إن السجن اللي أنا عايشة فيه والسجان مش هيوافق، إتنهدت بحزن وقولت بإعتذار:
_أنا أسفة يا جماعة بس مش هقدر إنتِ عارفة إني مش مسئولة عن آي حاجة في حياتي وحسن مش هيوافق.
بمجرد ما جبت إسم حسن إتكلم حسام بسرعة وكإنهُ إستغل الفرصة وقال بتساؤل ونظراتهُ بتحسني إني أرفض كلامهُ:
=إنتِ فعلًا إتخطبتي ليه يا يارا؟
سكتت وبصيت في الأرض بحاول أجمع كلامي وبحاول مبانش متأثرة بوجود حسام قدامي ولا بأني مجبورة على حسن وقبل ما أرد لقيت حسن جاي بعصبية وكان هيضرب حسام لولا إني وقفت قدامهُ بسرعة وقولت بإنفعال:
_في إي إنت رايح تعمل إي، وإي اللي حابك دلوقتي لسة الساعة 12!
بصلي بعصبية وقال:
=واقفة بتعملي إي مع الواد دا، وبعدين الحمدلله إني جيت تاني عشان أشوف الهانم اللي بتستغفلنا وواقفة مع واحد!