رواية ذلك المجهول كاملة بقلم زهراء محمد السراي
اما نشوف مع إني مستغربة وضعه الغريب ده وانا ملاحظة ده من زمان بس ساكتة ومش عايزة مشاكل من أول يوم جه تقدملها كل ما نقوله تعالى اقعد معاها تكلمو شوي وتعرفو على بعض يتحجج بألف حجة ويتهرب مش عارفة ليه بس
انا قلبي مش مطمن لا يكون الواد مغصوب على الجوازة دي
احتقن وجه الأب غضبا وصاح
_مجبور !! ايه الكلام الفارغ ده لا طبعا مش مجبور
لاحظ شرود ابنته وحزنها فهدأ وحاول تهدئة الوضع قائلا
_ هو في حد ينجبر على الجواز من قمر زي بنتنا دي جمال و أناقة وثقافة وفين ومنين حيلاقي وحدة زيها
مسك ذقنها وقال بعطف مادحا اياهاا
_دي فرح بنتي يابخته فيها بس
تنهد في محاولةٍ منه لتهدئة زوجته
_ده لو لف الدنيا كلها مش حيلاقي زي بنتي فرح ده اكيد فرحان ومش مصدق نفسه
رن هاتفه بإتصال مهم يخص العمل قاطعا حديثهم
شعرت بانزعاج وحزن شديدين وتبددت نظراتها على حفلة الخطبة هذه وكأنها مكانا للعمل وليست حفلة خطبتها
قلبها خاوٍ خالي من كل المشاعر
تنظر لهذا وذاك كلا منهم يمسك بهاتفه وواضح عليهم الانشغال والتوتر بأمور العمل التي لا تنتهي
ايعقل ان جميعهم مهووسوون بالعمل !
ذهبت والدتها تستقبل المعازيم
جلست وحيدة وتراقب ذلك المجهول خفية عنه
كان من المفروض أن يجلس الآن بجوارها يتكلم معها ويتناقشا بأمور زواجهما لم تتوقع حدوث هذا على الإطلاق
كانت مراقبتها له هو الشي الوحيد الذي يقتل الملل والوحدة التي تشعر بها حاليا في حفلة خطبتها ..
تدور في عقلها أسئلة متكررة لماذا هو مهووس هكذا بعمله
ايعقل ؟
يعقوب هذا الشاب الذي لا تعرف عنه سوى إسمه وبعض المعلومات بالنسبة لها غير مهمة
او ربما مهمة له ولأبي
هذه المعلومات تقتصر على إنه
رجل أعمال اكبر منها بسنوات طوال مدة الحفلة لم يبتسم اي ابتسامة تنم عن فرحه بهذا الارتباط
لم يبدى اي ردة فعل
عنده شهادات كثيرة وكانت في نظرها مبالغة منه للحصول عليها
تزاحمت أفكارها وهي تراه قادم نحوها يخطو خطواته ببطىء وعلى وجهه يرتسم الهدوء والجدية
وقف أمامها نظراته غير مبالية
حاولت المبادرة بالكلام ولكن قطع حبل أفكارها وشتتها صوت رنين هاتفه المزعج الذي لا يكف عن التوقف !
بدأت عيناه تتجول بالنظر إليها
شعرت بالضيق من طريقة تجاهله لها وهو يجري المكالمة امامها ويتحدث بأمور تخص العمل
زفرت بضيق وانفعال تركت له المكان وذهبت بعد ان طفح كيلها
صادفتها أختها الكبرى سوسن قالت وهي تلهث واضعة يدها خلف أسفل ظهرها ويدها الأخرى تمسك يد ابنها المشاغب الشقي وتبحث بعينيها عن ابنتها
_الف مبروك ياعروسة
_ربنا يبارك فيكي
فر ابن سوسن هاربا وهو يضحك ويسخر من امه
جلست سوسن على أحد الكراسي تحاول ضبط عملية الشهيق والزفير بعمق حتى تسترجع نشاطها وتلتقط انفاسها بسبب الركض خلف ابنها
وفرح بجانبها
_ ياااه على تعب العيال انا كان مالي ومال الجواز كان يوم أسود يوم ماتجوزت وخلفت
وضعت يدها على بطنها تتأوه
قلقت فرح وأرادت الذهاب لتخبر والدتها ، ولكن سوسن منعتها لم ترغب بتعكير مزاج والدتها بهذا اليوم يكفي مافعله ابنها وبنتها وكم اتعبو جدتهم وجدهم .
_طب خليني على الاقل اجيبلك او اطلبلك كوباية مي
_ماشي
بعد أن شربت سوسن الماء دفعة واحدة اغمضت عينيها بتعب وفجأة قالت مستغربة وتنظر لفرح بدهشة
_هو انتي مش العروسة يبنتي اومال واقفة عندي بتعملي ايه وفينه عريسك
كلمات سوسن بسيطة وسؤالها عادي لكن شعرت فرح بالضيق كثيرا لأنها لا تعرف كيف تفسر تصرفات يعقوب لنفسها فكيف ستشرحه للناس
قالت فرح دون النظر لاختها ..
_بيتكلم بالتليفون عنده شغل مهم
عقدت سوسن حاحبيها
_شغل !؟
حاولت تصحيح ما تقوله حتى لا تجرح مشاعر أختها وتعكر مزاجها ..
_ولا يهمك يعسل أكيد اول مايخلص ا
مكالمته حيجي على طول يقعد معاكي تلاقيه متشوق يتعرف عليكي بس يابخته فيكي والله
ابتسمت مجاملة ولاذت بالصمت
بعد دقائق أشار لسوسن من بعيد زوجها
_ يلا انا حروح جوزي بيناديني
قبلتها وباركت لها من جديد ..
ومرة أخرى بقيت فرح لوحدها في حفلة خطبتها
بعد مرور ساعة ..
وقف أمامها ونظر لها نظرة استكشافية من راسها إلى اخمص قدميها
رفع إحدى حاجبيه وكأنها لم تعجبه وتنال رضاه
لم ينطق أي كلمة ، وقف بجانبها ولم يعرها إهتمام
نظرت له وازدادت حنقا من تصرفاته
لم تكن تملك الشجاعة والجرأة لفتح اي موضوع معه
السكوت والصمت الرهيب كان سيد الموقف
شعر بالملل والضجر من ضوضاء الموسيقى العالية
نفخ في الهواء بضيق واراد الذهاب إلا ان استوقفه موقف غريب صدمه ..
نظر لهؤلاء الشباب الأربعة الذين تقدمو نحو فرح يباركون لها ويصافحوها
الا إن واحد منهم تعدى حدود المصافحة واحتضنها حضن حار وقوي
وفي أثناء احتضانها لأبن خالتها الذي يصغرها بثلاثة أعوام ..التقت عيناها المنحرجة بعينيه الغاضبة
_يعقوب دول ولاد خالتي وهم فرقة موسيقية وعزفهم يجنن واغانيهم حلوة برضو
هز رأسه وقام بمصافحتهم واحد تلو الآخر ونظراته حولهم نظرات استصغار واضح
لم يرحل الشبان الأربعة بل بقو بجانب ابنة خالتهم الحبيبة يمزحون وكانت فرح قد اشرقت عليها الضحكات وبقي يعقوب حاد الملامح لا يتكلم ولا يبادلهم النكات الممتعة . .
بعد أن رحلو تقرب يعقوب منها هامسا بغضب
_ايه الفستان الزفت الي انت لابساه ده دي حفلة خطوبتك بس مش معناه تلبسي اللبس العرياني
غضبت وكلامه جرحها لكن حاولت الثبات والتكلم بثقة
_ايه قصد كلامه ده دي حرية شخصية ومش من حقك تتدخل !؟
_مش معقول يعني إنك مش ملاحظة فستانك قد ايه اوفر زيادة عن اللزوم ايه الابتذال ده ولا إنتي عايزة تثيري الشباب بجسمك ومفاتنك الي طالعة لبرا
وأشار لرقبتها وتجولت نظراته لاسفلها بنظرة احتقار
ارتبكت واشتعل وجهها غضبا وصدمة من وقاحته وجرأته في الكلام
_ابوية قعد طول الوقت يمدح فيك ويقول ده يعقوب شاب دارس ومتعلم ومثقف معرفش قدر إزاي ينخدع فيك
وبعدين انت إزاي تتكلم معايا بالطريقة المقرفة دي
_ما انتي من حقك تغضبي بالشكل ده لأني واجهتك بحقيقتك وعيوبك
اتسعت عينيها بصدمة
_عيوب ايه الي انت واجهتني فيها هو انت لحقت تعرفني وتعرف عيوبي بالسرعة دي ازاي تحكم علية مين اداك الحق !؟ وبعدين عن اي شباب انت بتتكلم دول زي اخواتي بالضبط والشبان الأربعة دول ولاد خالتي كل المعازيم قرايبي واعتقد انا مش محتاجة البس لبس مبتذل زي مبتقول عشان الفت الإنتباه
ومرة ثانية حاول تنتقي الكلمات الي بتقوله معايا
مسكت اطراف فستانها وأرادت الذهاب الا أن يداً قوية انقبضت على ذراعها
اتسعت عينيها وغضبت
_ايه في ايه !؟ ابعد ايدك عني
قال ببرود ..
_رايحة على فين !؟ اقعدي شوي لحد ما تخلص الليلة دي ويروحو المعازيم
_سيب ايدي بالأول
ترك يدها وقال ساخرا ..
_مع اني حموت وامسك ايدك الي زي العصاية
فغرت فاهها ..
_عيد كدة قولت ايه
_ايدك زي العصاية .. ايه قولت حاجة غلط
قالت بنفاذ صبر
_معرفش ازاي اتدبست بعلاقة زفت بدون ماعرفش عنك حاجة
حاول ان يتكلم معها بهدوء لأنه لمح امه جاءت باتجاههما فقال ..
_انا آسف حقك علية ممكن تقعدي بس ..
جلست على مضض وملامحها تكشف بوضوح ماتشعر به من ضيق ..
بعد انتهاء الحفلة... مرت هذه الليلة المتعبة على الجميع
وبقيت فرح طوال الليل منزعجة تفكر بهذا المتعجرف وكلامه الغريب وتصرفاته الأغرب جعلتها تثور من الغضب ولم تعرف للراحة والنوم من سبيل
حتى اشراق شمس يوم جديد نهضت فرح بعد ان اغمضت عينيها في آخر ساعات الليل على صوت دقات الباب ..
الثاني من هنا