رواية جحيم الفارس كاملة بقلم الاء محمد
صباحية مباركة يا عروسة
اخترقت أذناها تلك الجملة التي كرّرتها والدة "فارس" بحبور لتلوي زينة شفتيها بغيظ وهي تستعيد ذكريات ليلتها الماضية والتي قضتها متكوّرة بجانب الشرفة وعقلها يستعيد سخريته واهاناته المريرة ، أفاقت علي جذب "بسمة" ابنة عمّها لها لتتلقّفها داخل أحضانها بلهفة أتقنت رسمها علي وجهها لتهتف بحب اصطنعته بمهارة:
-وحشتيني اوي يا بت عمي ، البيت من غيرك ميسواش
اكتفت "زينة" بالامائة برأسها وكأنها توافقها علي أياً ما تقوله ، أدراتها "دريّة" والدة "فارس" لتهتف وهي تمرر أنظارها فوق ملامحها الهادئة:
-فطرتي يا زينة ولا تيجي تفطري معايا؟
تحمحمت "زينة" قبل أن تفتح فمها ليخرج صوتها مبحوحاً بعض الشئ:
-فطرت يا خالة
-تمام يا حبيبتي احنا هنسيبوكي ترتاحي شوية
هتفت "دريّة" وهي تجذب "بسمة" والسيّدتان المرافقتان لها واللتان لم تكونا سوي عمّة فارس وخالته لتتوّجه بهم الي الأسفل تاركين "زينة" تنعم ببعض الراحة قبل عودة زوجها من صلاة الجمعة التي أصرّ علي التوجه للمسجد لقضائها رغم الحاح والدته عليه للبقاء مع زوجته في مثل هذا اليوم!.
بدّلت "زينة" سريعاً تلك المنامة التي ارتدها خصّيصاً لمقابلة عائلتها وعائلة زوجها الي عبائة منزلية لتستلقي من بعدها علي السرير لتنال قسطاً من الراحة علّه يُريح جسدها المرهق وروحها المتعبة
~_~ ~_~ ~_~ ~_~
زفرت "انتصار" بحنق وهي تراقب خروج "بسمة" من المنزل بعدما ودّعتها "دريّة" كما يليق لتهتف بحنق حالما التفتت لها أختها:
-بقي دي يا دريّة ست الحسن والجمال اللي اختارتيهاله؟ بقي ابنك يسيب نرمين بتي لاجل الكرتة دي!!؟
-في ايه يا انتصار ما تهدي عليها شوية
هتفت "دريّة" بحذر وهي توّجه أنظارها للأعلي مخافة ان تصل أصواتهم الي زوجة ابنها فتنزعج مما تتفوه ب أختها من خرافات ، لكن لم تكد تتنهد براحة حتي ارتفع تلك المرة صوت عمته "بثينة" الحانق:
-يا شيخة علي الأقل لو كنتي عايزة تناسبيهم أوي كدا وحابّة النسب دا كنتي خدي بسمة.. أهي بيضة وحلوة أحسن من السودا الكرتة اللي متلقحة فوق وعاملة زي كوز الدُرة دي
لم تكلّف "دريّة" نفسها عناء الرد واكتفت بالجلوس بصمت وهي تستمع لتذمرهما بشأن اختيارها ل"زينة" تحديداً من بين جميع فتيات القرية!.
~_~ ~_~ ~_~ ~_~
-ازيك يا خالتي!
أردف "فارس" بابتسامة زيّنت ثغره لترد "انتصار" سريعاً وهي تصافح يده الممدودة لها بود:
-الحمد لله يا قلب خالتك.. ألف مبروك
ألقت آخر كلماتها بشئ من السخرية التي لم يُعرها "فارس" اهتماماً وهو يتوجه لوالدته بسؤاله:
-أومال زينة فين!؟
وللمرة الثانية تجاهل عن عمد تلك الشهقة المستنكرة التي صدرت عن خالته موليًّا جام اهتمامه لوالدته والتي أشارت الي الأعلي أثناء ردّها:
-فوق في أوضتها باين عليها نايمة يا حبيبي
-المحروسة بتتدلع علينا من أوّلها
هتفت "انتصار" وهي تقلب عينيها بحنق في حين أشار "فارس" لوالدته بأنه سيصعد لزوجته ملقيا عليهم السلام تاركاً خالته تكاد تنفجر غيظاً بسبب تلك الزيجة التي لم تأت كما تهوي
~_~ ~_~ ~_~ ~_~
في منزل عائلة "زينة"
جلست "بسمة" بجانب أخيها وهي تُلقي علي مسامعه ما حدث أثناء زيارتها ل"زينة"
-بس مقولكش بقي علي العز اللي هي فيه ، اوضة آخر حلاوة ولا هدومها يا واد يا سعيد حاجة كدا آخر أوبهه
-أومال لو مكنش حياله دكتور النجع كان عيّشها فين؟
هتف "سعيد" بغيظ وهو يستمع لوصف أخته المبالغ به قليلا عن ذلك "الترف" الذي تعيش به ابنة عمّهما الآن في كنف زوجها ، صمتت "بسمة" لثواني وكأنها تستجمع كلماتها قبل أن ترمي بهم في وجهه قائلة:
-ناوي علي ايه يا سعيد؟
ابتسم بشر قبل أن بهتف بنبرة مظلمة خرجت من أعماق جوفه:
-علي كل خير طبعاً!
~_~ ~_~ ~_~ ~_~
في المساء وتحديدا في منزل "فارس"
تنهد "فارس" بتعب وهو يختلس بعض النظرات تجاه "زينة" والتي انشغلت بترتيب ملابسها كما تريد هي مخفيةً جميع الملابس القصيرة والعارية والتي تعلم انها لن ترتديها مكتفية بوضع العبائات المنزلية في الخزانة التي شاركت زوجها بها..
مرر أنظاره عليها بهدوء ولسان عقله يحدّثه بأن عليه التخلص من تلك الدخيلة التي أقحمتها والدته في حياتها فجأة..
لم تكن زينة علي قدر كبير من الجمال اللافت للأنظار فكانت ذات بشرة سمراء زيّن وجهها أنفها الدقيق وشفتاها الرفيعتان ، أعطتها عيناها السوداوتان مظهرا لطيفاً من نوع خاص لتكتمل اللوحة بشعر ثائر معظم الوقت يعطيها مظهر المتمردة كما كان يقول والدها دائما ، فكانت جميلة بشكل مميز!.
انتبه "فارس" لها تقف أمامه وقد بدا أنها تتحدث اليه منذ مدة ليهتف بحرج طفيف:
-كنتي بتقولي ايه؟
تحمحمت قبل أن تعاود القاء كلماتها علي مسامعه هاتفة بخفوت:
-كنت بقولك عايزني اعملك حاجة قبل ما أنام!؟
ناظرها فارس لثواني قبل أن يهتف بنبرة حازمة:
-متناميش.. انا عايزك