رواية انذار بالقتل الفصل السادس 6 بقلم نسمة مالك
الفصل السادس..
إنذار بالقتل..
نسمة مالك..
بالمستشفى..
الجميع يعمل على قدم وساق لإنقاذ "عبد الحميد" و زوجته، يبذلون قصاري جهدهم خاصةً أن حالتهما شديدة الخطورة..
"محتاجين ناس تتبرع بالدم حالاً يا مدام"..
أردفت بها إحدي الممرضات التي خرجت من العمليات و تحدثت ل "رقية" الجالسة على مقعد حاملة صغيرها النائم، تدعوا من صميم قلبها بلا توقف..
"خدي مني الدم اللي أنتي عايزاه"..
نطقت بها "رقية" ببكاء، و هبت واقفة و اقتربت منها و تابعت بلهفة..
" طمنيني عليهم ربنا ميوجعش قلبك على غالي"..
إزداردت لعابها بصعوبة مكملة..
"هيعيشوا؟؟"..
"إحنا هنعمل اللي علينا، و الباقي على ربنا.. ادعيلهم و خصوصًا باباكي لأن حالته صعبة أوي "..
قالتها الممرضة و هي تسير برفقتها نحو غرفة مخصصة للتبرع بالدماء و بدأت تجهزها بنفسها مغمغمة..
" عايزين ناس تانية تتبرع معاكي.. مش هتقدري تتبرعي لوحدك للاتنين"..
تنهدت" رقية" بتعب، و همست بصوت مرتجف..
" هكلم جوزي يجي دلوقتي"..
الممرضة بعملية.. " أيوه كلميه.. علشان المستشفى هتبلغ البوليس و هيبقي في تحقيق معاكم في اللي حصل"..
جملتها هذه جعلت قلب "رقية" ينتفض أنتفاضة مرتعدة من شدة خوفها على زوجها..
.................................لا حول ولا قوة الا بالله .....
"إسلام"..
جن جنونه عندما رأي شقيقته تستنجد بالغريب منه، قفز من سيارته و سار بخطي واسعة نحوها حتي توقف أمام" نوح" مباشرةً، و دون سابق إنظار كان دفعه بكلتا يديه بصدره و هو يقول بغضب عارم..
"أبعد يا جدع أنت عن أختي ، و اتكل على الله من هنا يله"..
عقد "نوح" حاجبيه، و رمقه بنظرة نارية حين شعر بكف "آية" الواقفه خلفه يقبض على ثيابه، و اعتلي نشيجها أكثر..
"أختك!! اممم.. ولما هي أختك بتتحامي فيا منك ليه يا شبح؟ !".. دمدم بها "نوح" بابتسامة مصطنعة و هو يربت على كتفه بعنف..
" أوعى إيدك دي يا عم انت، و وسع من قدامي احسنلك".. قالها "إسلام" بنفاذ صبر و هو يدفع يده بعيدًا عنه بلكمة غاضبه، و تابع بلهفة موجهه حديثه لشقيقته ..
" تعالى يا آية متخفيش يا حبيبتي"..
صرخت" آية" بخوف حين مد" إسلام" يده نحوها، و هم بجذبها إليه من رسغها لكنها تمسكت ب" نوح" بكل قوتها حتي أنها دفنت وجهها بظهره وتحدثت بصعوبة بالغة من بين شهقاتها الحادة..
"أبعده عني ونبي ..متخلهوش ياخدني.. هيموتني أنا كمان زيهم"..
همساتها المتوسلة جعلت هدوء " نوح" اختفي تمامًا، و تحول لشخص أخر عدواني لأقصي حد، و هجم على "إسلام" وبدأ يلكمه بكل قوته لكمات متتالية..
بادله "إسلام" لكماته بأخري دامية و قد شعر بالخطر على شقيقته ،ليهرول "نور" نحو شقيقه، و بدأ يلكم" إسلام " هو الأخر بقوة مردداً..
"أنت هتموت انهارده يا ابن ال***"..
كانت معركة حقيقية تدور أمام أعين "آية" المنذهلة، عقلها غير قادر على استيعاب ما يحدث لها،رأت شقيقها الوحيد يقتل والديها أمام عينيها، و الآن تراه هو على وشك القتل أيضًا أمامها، تلك المشاهد لن تنمحي من ذكراها أبدًا..
"غور ياض من هنا احسنلك بدل ما نخلص عليك"..
تفوه بها "نور" و هو يضربه بقدمه ضربه قويه فقدته توازنه فسقط على ركبتيه..
لكمه "نوح" لكمة أطاحت به أرضًا مرتطم بوجهه بالأرض كاد أن يفقد الوعي على أثارها بعدما كان
يتعارك معهما بكل طاقته و قوته ظناً منه أنهما يريدان خطف شقيقته..
التفت" نوح" و سار نحو "آية " التي تتابع شقيقها بملامح مذعورة حين وجدته يزحف خلف "نوح" حتي وصل لقدمه وتمسك به بكلتا يديه، وصرخ مردداً..
"على جثتي اسبلكم أختي يا ولاد ال**** "..
أطبق "نوح" جفنيه بقوة، وقد وصل غضبه لزروته، بلحظة كان ألتفت ل "إسلام" و مال عليه قبض على زراعه و بحركة خبيرة كان خلع كتفه من مكانه جعله يصرخ بألم مبرح..
وصل صوت كسر عظامه لشقيقته فصرخت بنهيار حين رأت "نوح" يمسك ذراعه الأخر و هم بخلع كتفه الثاني إلا أنه توقف عندما استمع لصرخاتها المتوسلة تردد بلهفة..
"أخويا.. سيبه لاااا لا سيبه كفاية دا أخويا"..
نطقت بها قبل أن تستسلم لتهاوي جسدها الذي أجبرها على السقوط أرضًا،بكي "إسلام" بنحيب بسبب جملتها التي شقت قلبه و زادت جرحه أضعاف مضاعفة، شقيقته التي طعنها بالسكين تدافع عنه بعد كل ما فعله معاها..
"سبوني الحقها و أوديها المستشفى أبوس رجليكم.. أنا ضاربها بسكينة"..
نطق بها "إسلام" بندم شديد، بينما "نوح" اعتلت ملامحه الصدمة، و نظر بلهفة تجاه" آية" التي تجاهد حتي لا تفقد وعيها، وجد عينيها معلقة به، اقترب منها بخطوات مسرعة، و حملها بين يديه بمنتهي الخفة، و الحذر..
"متسبنيش"..
همست بها" آية " بين الوعي واللاوعي..
"مش هسيبك.. متخفيش".. غمغم بها "نوح" وهو يصعد بها على ظهر دراجته البخارية، تكورت "آية " على نفسها داخل حضنه وقد إزداد ارتجاف جسدها يهدد ببوادر تشنجات..
"نور اتصل على دكتورة تهاني خليها تفتح العيادة و تستناني"..
قالها "نوح" و هو يدير محرك الدراجة و انفجر صوت هدير محركها عاكسًا غضبه عليها..
" استني هنا رايح بأختي فين"..
قالها "إسلام" و هو يحاول النهوض إلا أنه لم يتمكن من شدة ألمه..
"أهدي يا عم ما انت سامعه بيقول هيوديها لدكتورة هنا قريبة أنا عارف طريقها هاخدك و نحصلهم، و بعدين متخفش أختك في ايد أمينة عليها أكتر منك"..
قالها "إسلام" وهو يمد يده له و ساعده على النهوض..
خفض "إسلام" وجهه بخزي من نفسه، و تحدث بنبرة راجية..
"خلينا نحصلهم لو سمحت"..
....................................... لا إله إلا الله ..
بمنزل شرف..
يدوي صوت صهيل الخيل يشق سكون الليل، و يجعل قلب "تهاني" تتسارع نبضاته من شدة خوفه و قلقه على أبنائها..
"يارب سلم.. يارب استرها عليكم ومعاكم يا ولادي"..
تهمس بها بسرها و هي تسير ذهاباً واياباً بين النافذة و الشرفة..
هبطت دمعة حارقة من عينيها مسحتها سريعًا و نظرت لزوجها الجالس بملامح شاحبة وقد تمكن الخوف من قلبه هو الأخر و تحدثت بأسف..
"ابنك نوح في حاجة حصلتله يا شرف.. الخيل بتاعه هيتجنن عليه و مبيعملش كده إلا لما يكون في حاجة؟!"..
قطعت حديثها فجأة حين صدع صوت رنين هاتفها فضغطت زر الفتح و قالت ببكاء..
"نور.. أخوك ماله.. قولي الحقيقة يا ابني"..
"أهدي يا ست الكل نوح هتلاقيه طالع على السلم عندك قابليه يا أمي معاه حالة محتاجة كشف دلوقتي حالاً ضروري"..
" طيب و أنت فين يا حبيبي؟ ".. غمغمت بها "تهاني" وهي تهرول لخارج شقتها خلفها ابنتيها..
"نور".. "أنا داخل على البيت أهو اطمني و روحي شوفي نوح.. يله سلام"..
فتحت" تهانى "باب الشقة و نظرت من أعلى لتشهق بقوة حين وقعت عينيها على ابنها يصعد الدرج حامل على يده فتاة بحالة يرثي لها..