رواية صدمة فرح الفصل الخامس 5 بقلم سيد المطعني
دخلت العناية المركزة وقضيت أصعب ليلة في حياتي، سهر الليل كله، وتفكير، وخوف من اللي جاية، دي غير اللخبطة اللي مش فاهمة منها حاجة دي.
بابا أكيد مستني يسألني جبت الفلوس دي منين وازاي، وليه خبيت عليه..
ثم ان مراته الألمانية ماتت امتى، وأخته الحيزبون دي تقول لي انها في غرفة الإنعاش، هو ايه الفيلم الهندي ده..
الممرضة دخلت العناية تعلق لي محلول ملح، اهو أي حاجة بديل عن الأكل وخلاص..
أنا خفت بصراحة من وخزة الإبرة، فتحت عيني وكأن الوعي رجع لي وقلت لها:
_ أنا ممنوعة من أي محاليل يا حبيبتي، لو أكل المستشفى نضيف هاتيلي وجبة العشا، أو كلمي ماما تشتري لي أكل من برة
_ بس الدكتور قال المحلول مش هيضرك
_ هيضرني، الدكتور مش متابع حالتي من زمان، وميعرفش ايه الحاجات اللي أنا ممنوعة منها
_ طيب بالنسبة للأكل، ممنوعة م البيض والجبنة النستو والمربى؟
_ كل أصناف الأكل مباحة، ابعتي أي حاجة عادي، بس لو الوجبة صغيرة كلمي لي ماما تجيب لي ديليڤري أحسن
الممرضة مستغربة، ومشيت من جنبي، وجابت لي وجبة المستشفى، أكلتها، وبصراحة لا طعم ولو غذاء، ولا حتى شبعتني، لكن معلش الصبر لحد النهار ما يطلع..
وفي النهار ماما وبابا طلبوا من الدكتور نوبتجي النهار يزوروني، والراجل مش عارف حالتي ايه، والتقارير قدامه بتقول اني كويسة، ومع ذلك رفض يدخل بابا، وسمح لماما بس تدخل لي، بشرط إنها متتكلمش كتير معايا..
أول جملة ماما قالتها هي إن عادل وصل من ألمانيا، وسأل عني، وأهله قالوله إني سافرت عند خالتي في دمنهور، ومامت عادل طلبت من ماما تقول له نفس الكلام، علشان ميقلقش عليا وهو لسة راجع من السفر.
قلت لها:
_ لا يا ماما، دول مش خايفين أنه يقلق عليا، دول عايزين يبعدوه عني بأي شكل، لازم يا ماما عادل يعرف ان انا هنا في المستشفى لازم..
ماما وعدتني تكلمه، وفي وسط الكلام سألتني عن ال خمس آلاف جنية اللي جبتهم لبابا منين، لما هو عادل قاطع الإتصال..
في اللحظة دي، عملت نفسي بدأت أتعب، وصوتي بدأ يروح مني، وأتقنت الدور لحد ما ماما قالت لي بلاش تتعبي نفسك، وقامت خرجت..
وعلشان ماما دي ست عظيمة زي كل أم في الدنيا، راحت بنفسها لعادل البيت وقالت له قدام أهله إني محجوزة في العناية المركزة ونفسي اشوفه، وأنه لازم يزورني..
وفي العصر دخلت ممرضة تبتسم لي، وكان في إيدها خمسين جنيه متكرمشة، بتحطها في جيبها وهي بتفتح الباب، وبتشاور عليا..
وفجأة دخل عادل يبص مكان إشارتها عليا..
مشى عادل ناحيتي، وفهمت أنه هو اللي ادالها ال 50 جنيه، وقالت له لحد الساعة خمسة مفيش دكاترة هتمر..
قعد عادل وبدأ يشرح لي الألغاز اللي حصلت في الفترة الأخيرة..
وعرفت منه إنه مش عايز أبوه وباقي أسرته يعرفه حاجة عن الشقة اللي كتبها باسم فرح والفلوس اللي فيها، لأن باباه للأسف استولى على حقه في الأبراج اللي شيدتهم مراته الألمانية، نسبة ال 25٪ مع أن عادل موقع شيكات على قيمة النسبة دي مع مراته، ولو بابا عادل عرف حاجة عن شقة فرح، مش هيبطل زن عليه إنه يغير عقد الملكية بأي طريقة ويكتبه باسم الأب نفسه..
عادل قال لي كمان إن مراته الألمانية عندها انفصام في الشخصية، وبتتحول في أي لحظة..
يعني لما تكون مريضة، بتحس إن الموت قرب منها، وبتكون عاطفية جدا، وبتتعامل معايا بمنتهى اللطف، وبتصرف لي فلوس كتير..
ولما أبقى لطيف معاها وأدعمها لحد ما تخف، وصحتها تتحسن، نفسيتها بتبقى أفضل، لكن بتحس بقيمة الحياة، وبتخافني أسيبها، وأهلها بيحرضوها تخليني أوقع لها على كل يورو أخدتها منها..
دي حتى فلوس الشقة والفلوس اللي في الخزنة أخدتهم منها في ساعة كانت فيها عاطفية جدا وكان المرض شديد عليها، وأهلها ميعرفوش عنها حاجة، علشان كده مفيش ورق وقعت عليه..
ولما مراته تعبت الفترة الأخيرة دي حررت له شيك بمليون يورو، راح جري ع البنك صرف، وفتح حساب بإسمه، ورجع فسح مراته في برلين وميونيخ، وعمل بيها جولة برية في أوروبا استمرت عشرة أيام، ومفيش حد خد باله من أسرتها من حوار الشيك ده..
ولما سألته ليه أهله عايزين يخبوا عني أن مراته ماتت، قال لي وبكل صراحة، أن أهله مش عايزين فرح تكمل معاه لسببين:
الاول هو أنهم عارفين عادل بيحب فرح أد ايه، وممكن يعمل عشانها ايه
والسبب التاني هو إن فرح عارفة كل حاجة عن الفلوس اللي عملها عادل من الست الألمانية، ومن الطبيعي أنها تنتظر تعيش في مستوى أعلى م اللي هي فيه..
وفي الحالة دي أهل عادل مش هيلحقوا غير دعم منه، ومهما كان قيمته مش هيشبعهم..
عادل بكى هو وبيقول لي:
_ للأسف يا فرح، بابا وماما وأختي مستكترين عليا أعيش سعيد مع البنت اللي بحبها، علشان متشاركهمش في الفلوس اللي عندي.
أنا بسرعة رديت عليها أوقفه، وقلت له وانا مقتنعة:
_ خليهم يا عادل ياخدوا اللي عايزين، مش مهم الفلوس، المهم نكون لبعض وبس
_ بس انا مضيعتش سنتين من عمري عايش في قرف وفي الاخر أعيش حياة صعبة
_ ما انت معاك فلوس غير الأبراج اللي استولى باباك على نصيبك فيها
_ يا فرح انتي مش فاهمة .. بابا مش طمعان في الابراج، لأن النسبة بتاعتي خلاص بقت ملكه، بابا طمعان في الفلوس اللي معايا نفسها
بصراحة أنا كنت مصدومة، ومش قادرة اقول له ليه باباك بيعمل كده، لأني أنا كمان شفت بابا طمعان في خطيبي، وكان عايز يرفع عليه قضية علشان يطلع بأي تعويض..
الناس بقت وحشة أوي، كله باصص للي في ايد غيره، وفي ستين داهية راحة أو سعادة غيره..
بابا عادل مش طمعان في ابنه، هو مستكتر على فرح المسكينة إنها تعيش في عز.
وبابايا انا مش طمعان فيا، هو بس عايز ياخد حتة من العز اللي عايش فيه عادل..
لكن الطمع ده أي الخراب كله، وحصلت كارثة أكبر مما كنا نتخيل كلنا..
أنا خرجت من المستشفى، وكان بابا وعادل اتفقوا على مواعيد الفرح، وأهله كانوا موافقين غصب عنهم، بالرغم أن عادل كان قال لباباه أنه مسامح في نسبة ال ٢٥٪ بتاعته اللي في أبراج الست الألمانية، والاب بغير رضا قال له يعني انت فكرك أنهم بيعملوا كام في الشهر، ومع إنهم ميعرفوش حاجة عن المليون يورو، إلا إن باباه مفكرش يصرف له مبلغ للفرح والشقة والجواز، وكل ده علشان العروسة هي فرح..
لكن كل ده اتطربق فوق دماغنا...
أهل الست الألمانية بعتوا خطاب للسفارة الألمانية في القاهرة، يبلغوهم إن شاب مصري كان متجوز بنتهم، وهي ماتت بالسرطان، وأنها ليها خمس أبراج منفصلين والأرض باسم حد في أسرته، وأنه موقع على شيكات بقيمتها، والأسرة بتطالب السفارة انها ترجع كل ده من الشاب عادل..
السفارة الألمانية طبعا رشحت محامي مصري عنها يروح يتفاوض مع عادل وأهله، وهنا كانت صدمة كبيرة جدا..
المحامي راح البيت عند عادل، وقابله وكان معاه باباه، والمحامي قال له:
_ السفارة بتطالبك بتسليم الابراج بأوراق ملكية الأرض، بأوراق نسبة ال ٢٥٪ للأسرة الألمانية، لأنك موقع على أوراق تثبت إن مراتك هي اللي دفعت فلوس كل ده
عادل سألهم إن ما سلمتهم هيحصل ايه؟
المحامي قال له هنرفع قضية قدام المحاكم المصرية بالاوراق اللي وقعتهم، وممكن تتحبس، وبردو هتتسحب منك كل الحاجات دي..
عادل طلب من أبوه يسلمهم الأوراق، ويرجعوا يبدأوا حياتهم من الأول..
وقام بابا عادل يصرخ ويزعق ويقول:
_ الأرض دي أرضي أنا، وباسمي أنا، والمباني حق الأسرة الألمانية بنسبة شراكة ٢٥٪ ليا، والأوراق بتاعتي مش هسلمها لحد..
المحامي قال له:
_ بس الست حصلت على توقيع ابنك على أوراق تثبت أنها مالكة كل شيء وأنه واخد منها فلوس للغرض ده
بابا عادل قال:
_ انا مليش علاقة بابني، أنا المالك..
ومشى المحامي، رجع السفارة ناوية على ايه، وكانت صدمته في باباه كبيرة ...
عادل كان منهار جدا، وجالي البيت وكان بيبكي، واعتذر لي عن تأجيل الفرح، وإنه مضطر ياخد الورق من أهل مراته مقابل المليون يورو اللي خدها منها، علشان يجنب نفسه القضايا والحبس..
وانا قلت له بيع الشقة وخد أي فلوس، والفرح يتأجل مليون سنة، المهم سلامتك..
عادل حس نفسه قوي بكلامي وأخد الثقة، وراح يتواصل معاهم يقول لهم أنه مستعد يدفع لهم مليون يورو مقابل الاوراق..
وكانت المفاجأة أنهم رفعوا قضية عليها في المانيا والمحكمة جمدت رصيده في البنك، بدعوى إنه خدع بنتهم في مرضها الاخير وخلاها توقع له على شيك بمليون يورو، والمحكمة الألمانية جمدت رصيده لحين مثوله أمامها..
صدمة هزت عادل، وهزتني، وكان يا عيني منها، وقلت ياريته ما حدد ميعاد تاني للفرح النحس اللي كل ما نحدده تحصل مصيبة..
وللأسف الحل الوحيد دلوقتي في ايد بابا عادل، لو سلم أوراقه للسفارة كل شيء هيخلص، لكن الطمع خلاه متمسك، وفي ستين داهية سلامة ابنه وحريته