رواية كأس من الالم الفصل الثالث 3 بقلم وتين القطامين
لفصل الثالث من الجزء الاول
جاد بعد ان لحق بنارة التي كانت تهم بالصعود الى سيارتها : ناارة
التفتت اليه ورفعت حاجبها : نارة ؟
جاد -بضحكة- : انتهى العمل سيدتي و خلعتِ يد الرجل ايضا أيمكنني التحدث الي صديقتي ؟
ابتسمت نارة : اووه اجل انتهى العمل
جاد : لم تستطيعي مقاومة عادتك ، كل وفدٍ يجب ان يخرج بأصابة
نارة : يستحقون ذلك ، ما بكم يا معشر ادم -وغيرت صوتها بسخرية- اووه اغنيتي المفضلة اترقصين معي ؟
ضحك جااد حتى ادمعت عينيه فهو يعلم كم تستفزها مثل هذه الجمل و تابع بسخرية : لا استطيع ان اصدق ان السيدات العربيات جميلات و ناجحات
نارة ضحكت بعد ان استفزتها هذه الجملة : ولا انا اصدق اساساً
جاد : حسنا دعينا نتمشى قليلا
نارة تريد الاعترا..
جاد مقاطعاً إياها : هيا بنا
سارا نحوا الشاطىء و بدا يتمشيان
جاد: نارة
- نعم
- أريد ان اسافر معك غداً
- لا
- نارة ارجوك
- كلا يا جاد
- لماذا ؟
- لا اريد ان ادخل احد بهذا الامر
- ولكن ..
-ارجوك يا جاد احترم رغبتي انت فعلت الكثير لي بالفعل كما انني سأسافر لفترة ولا استطيع الوثوق باحد غيرك ليهتم بالشركة و المنزل بغيابي
- نارة انت انقذتي حياتي و حياة عائلتي و ساعدتني كثيرا ارجوك اسمحي لي بمساعدتك
-جاد قلت لك ان تنسى ذلك الامر و لا تبقى مصراً على ان ذلك ديناً يجب سداده لي وايضا انت تساعدني بالفعل بتولّي امور الشركة بغيابي و اهتمامك بأخَواي و هذا يكفيني و زيادة
انني استسلم لا اصدق لما انت عنيدة إلى كل هذا الحد ؟ فزتي يا نارة لن ارافقك ولكن لا تحلمي حتى بأن ابقى خارجاً و انتِ تصارعين كل هذا فهمتي سأساعدك شئتي ام ابيتي .
-جاااد كلااا انت لن تتدخل
- بلا
- قلت كلا
- تصبحين على خير
- جااد لا تغضب ارجوك
- كيف لا اغضب و انتِ على وشك قتل نفسك لماذا تفعلين ذلك لماذا دعيني اساعدك دعينا ننجز هذا الامر معا كما نفعل دائما ، لما لا تفهمين ؟ هناك امور بالحياة لا نستطيع مجابهتا وحدنا استوعبي ذلك
- وهنا فقدت نارة اعصابها وقالت بغضب : لن استوعب لن استوعب شي لا اريد رأيك والداي يُقتلان امام عيناي رأيت اخواي يتيمان امامي رأيت اموال ابي و عمله و تعب سنينه يُسلب رأيت امي وهي تتحسر على اخواي و تبكي و توصيني بهما -وبدأت دموعها تنزل و تستمر بصراخ- وهي تقول :
وذلك كي يحمياني ضحا بنفسيهما و انقذاني اناا لا اريد ان يموت احد اخر بسببي لاا اريد الا تفهم انت ؟ كل ليلة كل ليلة اسمع صراخ امي ارى ابي مُلقى على الارض يسبح بدمه كل ليلة عشر سنوات....عشر سنوات من العذاب لم اشتكي لاحد درست و عملت و اصبحت أُمّاً و أبّاً لطفلين وانا بالكاد قد بلغت السادسة عشر من عمري انت افهم يا جاد لن اسمح لاحد بالتدخل ابدا و سأسترجع حق والداي اقسم بذلك لن يموت احدا بسببي مجددا سأحاسبهم جميعا على ما فعلوه سلبوني كل شيء سعادتي.. واماني.. واحلامي.. و كل شيء دمروا حياتي وعائلتي و انت تريد مني التراجع تريد ان تتدخل كي تقتل وانجو انا واعود لذات العذاب ؟
مجددا كلا لن يحصل -وصرخت بصوت اعلى- لن يحصل ابدااا ياا جاد
- جاد -وقد شعر بندمٍ شديد على فتح جرحهها بهذا الشكل وكان هذا الجرح قد التأم يوماً- : نارة انا اعتذر لم اقصد ان اجرحك ولكنني خائف ايضاً من خسارتك كخوفك انت ايضا من موت احد من الذين حولك
اقترب منها جاد ووضع يديه فوق كتفيها و تابع بنبرة حنونه
سامحي نفسك يا نارة انت لم تذنبي هما والدان وكان من المستحيل ان يفضلا حياتهما على حياتك و حياة اخوتك
- نارة -وقد مسحت دموعها بسرعة فهذه اول مرة منذ وفاة والديها تبكي امام احد و قالت بصوت مبحوح من الصراخ و البكاء- : جاد يكفي ارجوك لا تفتح هذا الموضوع مجددا و ابعدت يداه عنها ورحلت بسرعة الى سيارتها وقادتها بجنون وسرعة كبيره ويمكنك سماع صوت صرير العجلات على الشارع وكأنها تصرخ من الالم ، والسرعة رغم ارتفاعها لم تخفي صوتها..صوت الالم الذي يخترق قلبها في كل يوم و كل ثانية الالم الذي لم تشارك به احد يوما او بصورة ادق الالم الذي لم تسمح لاحد برؤيته ، لطالما ظهرت للجميع بمظهر القوة و الجبروت ، كبريائها الذي لم تجرحه يوما لم تشكوه لأحد حتى جاد لم تخبره بما حصل لأهلها ولكنه اكتشف الامر صدفة وأراد مساعدتها ليرد لها دين مساعدتها له فهي في يومٍ انقذت عائلته ، فعائلة جاد كانت فقيرة جدا ومرضت امه وكانا زميلان بالجامعة واضطر لترك الدراسة من اجل العمل كي يساعد بتكاليف علاج امه وعندما علمت نارة بالامر ساعدته
وعالجت والدته بأفضل المستشفيات ولكي لا تجرحه وتساعده حقا قدمت له عملاً بشركتها ومنذ ذلك الوقت وهو صديقها المقرب او الوحيد ولكن ذلك لا يعني رؤيته للألم الذي بداخلها ، فهي دائما تشارك الجميع الآمهم وافراحهم و تشاركهم فرحها و ان كان الامر يتعلق بحزنها فهي تستأثر به لنفسها
وبعد وقتٍ من القيادة الجنونية وصلت على مكان لم تدخله منذ سنين وصلت الى المقبرة حيث شاهدت قبر والديها ميرال التاجي و يوسف اليوسفي جلست بجانب القبرين رغم عدم زيارتها للقبرين من قبل الا انها لم تهملهما وتوصي دائما العامل عليهما ولكنها لم تمتلك القوة يوما للمجيء .
-نارة -بنبرة الالم والغصة- : طلبت مني مسامحتك على كل ما تركته لي من مسؤولية و فوضى و انك لم تكن بجانبي لتعلمني كيف اجابه هذا كله وانا سامحتك على ذلك منذ زمن ولكن ماذا عن كل هذا الالم الذي في قلبي آاااااااه قلبي يحترق كل يوم كل ثانية انظر فيها على يوسف و ميرال وارى ملامحك بوجهيهما عيناك الجميلتان وشعرك الذهبي مازلت انتظر الساعة السادسة حتى تعود من العمل و تحضر لي معك الحلوى على الرغم من ان عمري اصبح ستة عشر عاما الا انك حافظت على هذا العادة وكأنك تقول لي دائما انت ابنتي الصغيرة التي لا اريدها ان تكبر ابدا ولكن انظر ابنتك كبرت كثيرا يا ابي
حققت كل ما حلمت به يوما لطالما كنت الاولى بدراستي كما اردت و اصبحت سيدة اعمال ناجحة مثلك ولكنك لست موجود لترى ذلك-واجهشت ببكاء مرير بكاء اخرج كل ما حمله الماضي من الالم- وسمعت صوته في رأسها وهو يردد كلماته الاخيرة و هو يقول لها احبكِ بشدة يا ابنتي وبقيت تردد وانا احبك
وانا احبك ايضا .
رفعت رأسها بعد وقت من البكاء المرير وقالت امي أتعلمين لما لا اقص شعري ابدا على الرغم من حبي للشعر القصير (سابقا) لأن شعركِ كان طويلاً جداً و جميلاً انظري لقد اصبح شعري مثل شعرك واصبحت اعتمد على نفسي في تسريحه هيا لن اتعبك مجددا بذلك كنت اعرف كيف افعل ذلك منذ زمن ولكن كنت احب لمساتك على شعري بحنان عودي سأسرحه بمفردي اعدك ولكن عودي عودي وادعي لي كما كان طبعك دائما منذ ان توقفتي عن الدعاء لي اضعت سعادتي بهذا العالم اقسم اني اديت امانتك بأخَواي ، انا اعاملها كما كنتما تعاملاني تماما واغني لهما اغنيتكما قبل النوم
تعالي و انظري ميرال تريد ان تكبر لتصبح طبيبة مثلك ويوسف كما اردتِ رجلا رغم صغر سنه يريد ان يساعدني و يخفف عني عبأ العمل ولكن ليته يعلم ان العمل لا يرهقني انما اهلكني غيابكما لم ادعهما ينساكما فقد ملأت غرفتهما بصوركما و ارجاء المنزل ايضا كل ليلة احدثهما عنكما رغم ما يسببه هذا لي من الألم فتلك الذكريات تحرق قلبي قبل ان ابوح بها احبكما كثير لماذا تركتماني وحدي ما تركه في نفسي غيابكما من الالم قد اتعبني عودا ارجوكما يااا اااالله ارحمني ارحمني من هذا العذاب اقسم بأنني ارى الموت الف مرة باليوم واخشى تمنيه لكي لا اصنع في يوسف و ميرال ناراً اخرى اااااااه انني اموت يا امي ارجوك عودي و احضنيني ارجوك .
وبقيت على هذا الحال و بكاءها يزداد وهي محتضنة القبرين وكأنها تحتضنهما وتتمتم بذكرياتها السعيدة معهما حتى غلبها التعب و نامت وهي على هذا الحال ........
بدأت الشمس تداعب عيناها المتورمة بشقاوة حتى ايقضتها ، استيقظت نارة بتعب و صداع شديدان وضعت يديها بين خصلاتها تمسك راسها لعل ألمها يهدأ ولكن دون جدوى ، اخذت حقيبتها تخرج دواء يهدأ الجحيم الذي في رأسها حتى اخرجت علبة مهدء قوية و اخذت منها قرصان دون ماء
ونظرت للقبر لا تقلقي امي لا أُكثر من هذه الادوية غالبا ولكنني اعتدت اخذها هكذا دون ماء اعتذر لرؤيتك هنا
وجلست بجوار القبرين تراقب شروق الشمس و بدات تردد: لطالما اخبرتيني ان كل يوم تشرق به الشمس و نراقب شروقها ذلك كفيلٌ بإعادة الامل لقلوبنا العليلة و لكن شمس قلبي لا تشرق يا امي ما بها أهي تعاقبني لانني لم انقذكما ؟ او لأنني لم آخذ حقكما الى الآن؟ ولكن لا تقلقا سوف افعلها قريبا جدا اقسم لكما ذلك الشيطان الذي حرمني منكما اعدكما بأنني سأجعله يتمنى الموت ولكن لن يجده اعدكما بأنني سأجعله يدفع الثمن ، دمائه القذرة لن تكون ثمن لدمائكما لذلك لن يموت لا تقلقا ابنتكما ليست بقاتله وكما انه من المهين ان تكون دماء ذلك القذر بدلا عن دمائكما
وذرفت دمعتها الاخيرة التي مسحتها بعنف عن وجهها الذي شحب من كثرة البكاء
اقتربت من القبران وودعتهما بعبارة واحدة وانا احبكما بشدة واقسمت داخلها انها لن تسمح لدمائهما أن تذهب هدراً
- اقسم بأن الذي كان السبب سيدفع الثمن غاليا
اقسمت بأنها لن تبكي مجددا امام احد او حتى بينها و بين نفسها لانه حان الوقت لكي يبكي فيه من تسبب بكل تلك الآلام لقلبها وعائلتها
هي الان عبارة عن اسم على مسمى فهي كالنار المتأججة ستحرق كل من يقربها ولكن حتى النار تحرق نفسها بالبداية قبل ان تحرق احد ولكنها لا تبالي بذلك فهي لا ترى سوا هدفها امامها ركبت سيارتها
(في مكانٍ خر )
-ماذا تعني بأنه باع كل الاسهم
-هذا ما حصل يا سيدي ارجوك اهدأ
-كلا كلا لن يحصل انت لا تعلم ماذا فعلت من اجل هذه الشركة والاسهم ، قبل ذلك دمرتهم جميعاً وسأدمر كل من يحاول اخذها مني .