رواية نسم بقلب عاشق الفصل الرابع 4 بقلم ولاء محمود
نسم بقلب عاشق
الفصل الرابع:
بعد أن قرر إلغاء سفره والبقاء بجانبها يعتني بها. او يرد لها ديناَ قديماَ غفلت عنه هي… ولكن ماعند الله باق…..
تعجبت "نبيلة" من ولدها كثيراَ فها هو أصبح شاباً وأصبحت تصرفاته تُربكها… لتردف له بممازحة:
مقولتليش يعنى لغيت سفرك ليه يا يامن؟
أبتسم لها تلك الابتسامة والتي تعلمها هي… ييتسمها فقط في المصائب او ان كان في نيته شئياَ لا يريد اخباره لأحد.. قائلاً:
أنا قولت مقدرش على بعد بلبلة حبيبتي وهو انا لحقت اشبع منك عشان اسافر…!!
لترمقه والدته بنظرة تعجب يشوبها الفضول قائلة :.
بقولك ايه انت هتضحك عليا يعني امبارح كنت تقدر على بعدي عادي؟ …
صامتاَ لا يستطيع الإفصاح عمّا يدور بذهنه امسك بيد والدته وقبلها بدفىً.
مسدت على رأسه بحنان فهي كوالدته دوماَ تُسميه ولدها الأكبر.. أيضاَ ربته صغيراَ كان بعمره الثامن.. قائلة له:
لا سيبك من الكلام ده..الموضوع فيه واحده…
ثم أشارت إلى موضع قلبه تستطرد عبارتها:
ومش اي واحدة دي ساكنة هنا ومن زمان وانا معرفش عنها حاجة..
ليقاطعهم والده حين سمع تلك العبارة:
طيب مش هناكل بقى نفطر بس وكملو رغي..
مكثوا جميعهم إلى مائدة الطعام يتناوبون الأحاديث المختلفة..
بينما مكث هو" احمد" والدهم ينظر إلى "يامن" بألم مقرراَ بنفسه الإفصاح عن كل شئ قريباَ له…
*********
انتهت مدة عطلتها المرضية لتقرر الذهاب إلى المشفى والعودة إلى عملها من جديد..
جلست إلى أقرب مقعد قابلها..، مازالت قدميها تؤلمها ولكنها في المجمل تحسنت تحسن ملحوظ…
لتهرول إليها صديقتها المُحببة.ً"نهي" قائلة بسعادة :
حبيبتي حمدالله ع السلامة ايه اللي نزلك دلوقتي مش كنتي ريحتي كام يوم تاني…
لتقاطعها نسم: لا انتي عارفة اصلاَ انا جو البيت ده بيخنقني ازاي..، بس قريب هقولها اننا نبيع الفيلا وكل واحد ياخد حقه في الميراث وخلاص.. واروح اسكن في مكان تاني…
لتُخبرها صديقتها بأريحية : تمام ده اللي المفروض كنتي عملتيه من اول ما انكل توفي الله يرحمه…
لتردف نسم بحزن :الله يرحمه كل حاجة بتيجي في وقتها…
بعد القليل من الوقت دلفت إليها صديقتها مُحمّلة إليها الباقات من الورد.. قائلة : خدي ياستي شوفي المرضى بتوعك جايبين لك ايه
بتلفت إليها نسم مردفة :وريني
لـ يأسرها روعة تلك الزهرات الخلاّبة وتلاحظ تلك القنينة من العصير الخاص المفضل لها "الشيكولا بالحليب"..
فـ تبتسم لا إرادياَ قائلة : اشوفه بس..، طيب هو عرف منين ان ده نوعي المفضل من المشروبات…، حتى حمدي ميعرفش.. يوم ماطلبته مرّة منه قالي هو انتي طفلة يابنتي ايه اللي بتشربيه ده!! … ومن ساعتها مبقتش بطلبه تاني..
لـ تأخذ ذلك الكارت الذي خُطَّت عليه تلك العبارات بأناقة:
حمداً لله على سلامتك رائعتي…
تتجه لصديقتها مُردفة بخجل حيث احمرت وجنتاها:
طيب يابنتي انا رائعة بالنسبة لحد؟..
لتردف صديقتها بممازحة : ابداَ مين قال كدة..
لتقوم نسم بـ لكزها بخفة برسغها قائلة :
بس انا بالنسباله هو رائعة…
*******
دلف يامن إلى منزله بعد عودته من المشفى ورؤيته بعينيه سعادتها بتلك الهدية الخاصة التي هاداها بها..
لـ يوقفه صوت والده قائلاَ له بحدّه:
كنت فين يايامن؟
ليتمتم الآخر بإرتباك ويكانه ارتكب جرماَ ما :
كنت برّه شوية…
فيستطرد والده قائلاَ:.
طيب تعالي معايا نروح الشركة سوا منها تدرب على الشغل فيها واتكلم معاك شوية…
أومأ الآخر بموافقة متجهاَ ليبدل ثيابه : حاضر اطلع اغيّر هدومي واجي وراك على طول…..
****.
أمّا نسم قررت شئ فعليها التخلّص فعلياََ من تلك العقربة بحياتها التي تُدعي ريهام.. والتي ابتليت بها بعد وفاة والدتها
لتتذكّر ذلك اليوم جيداََ حينما دلف إليها والدها قائلاَ :
نسم ايه رأيك اجبلك واحدة تعتني بيكي انتي واخوكِ وتفضل معانا على طول وتحبك وتهتم بكل متطلباتك…
لـ ترفض بشدة فيعيد طلبه عليها بصيغة آخري قائلاَ:
طيب عارفة طنط ريهام دي بتحبك جداَ وقالتلي انها نفسها يبقى عندها بنوتة زيك وهتبقى مبسوطة لو قضت عمرها معاكي…
لتنفرج أسارير تلك الطفلة ذو الثانية عشر عاماََ… تومئ بالموافقة..
وتشرد بذكرى آخري قبيل وفاة والدها العام الماضي…
وهو على فراش الموت قائلاً:
اوعي تفتكري اني نسيت امك انا حبيتها وهفضل احبها لغاية ما اقابل وجه رب كريم وربنا يجمعني بيها في آخرته
استطرد عباراته مُتنهداَ بوهن شديد قائلاَ: عارف انك طول الوقت زعلانة اني ازاي قدرت اعمل كدة واتجوز..، صدقيني انا عملت كدة لما لقيتها بتتعامل معاكي كويس وهي اللي قالتلي اني لازم اكون محتاج واحدة في حياتي تاخد بالها منكم وعشان كدة اتجوزها…، بس عمرها ماقدرت تاخد مكان في قلبي او حتى عمري ماقربت منها او حبيتها زي والدتك بس عمري ماعملتها وحش..، ربنا يسامحني لو كنت قصرت في حقكم..
لتردف له نسم وسط بكائها : حبيبي ربنا يخليك لينا انت كنت نعم الاب…
لتفيق من تلك الذكري.. علي مشاجرة ريهام مع إحدى الخادمات…
لتردف لها نسم: عاوزاكي شوية…
تقبع على المقعد وتقبع الأخري قبالتها…
لتردف نسم بتريث منتقية عبارتها : انا بقول كفاية بقى علينا كدة مش هنفضل طول الوقت عايشين سوا كل واحد لازم يشوف حاله…، احنا لازم نبيع الفيلا وكل واحد ياخد حقه ويتصرف فيه زي ماهو عاوز؟
اتسعت حدقتيها من تفاجئها بعبارات نسم ومن هول ماحل بها من صدمة لتردف قائلة : ومين قالك اني عاوزة امشي او ابيع الفيلا انا عاوزة افضل هنا…
لتردف نسم قائلة بإستغراب:
هنا ازاي ماالفلوس اللي هتاخديها تقدري تعملي بيها حاجة…
لتردف الآخري مفصحة عن نيتها آخيراَ :
ومين قالك اني عاوزة ابيعها انتي عارفة لو بعناها فلوسي اللي هتطلع منها مش هتجيب لي فيلا وانتي كمان مش هتقعدي في فيلا كدة وانا مش هنزل من مستوايا مش هسيب الهنا ده كله واسيب الفيلا واخد شقة…
لينفجر غيظ نسم قائلة : بقولك ايه انا كان ممكن اقولك ده حق ابويا واخويا وانتي ملكيش حاجة… وابيع برضو..
لتردف الآخري بثقة : لا يادكتورة متعصبيش نفسك كدة..
الكلام ده تقوليه لحد غيري انا كنت متجوزة مصطفى ابوكِ ومات وانا على زمته.. يعني اي حاجة بتاعته ليا
فيها زيي زيّك…
لتشتعل نسم بغضبها تصطبغ وجنتاها بإلاحمرار تشعر وكأنها تشتعل داخلياً فتتركها وترحل…
لـ تردف ريهام ببرود يشويه الانفعال الحارق قائلة : وقريب كله هيبقى ليا انا وبس…
**********
في شركة "احمد الدسوقي"...
_بص يايامن في حاجة لازم اقولك عليها…
هتف بها "الدسوقي" ناوياَ إخباره بكل مايعلم…
ليردف يامن بحيرة : اتفضل.. بس بخصوص ايه؟
ليرمقه احمد بثقة قائلاَ : نسم اللي انت لغيت سفرك عشانها..
ليبتلع ريقه وقد علم ان الموضوع بغاية الأهمية.. فأنصت جيداََ..
"لما روحنا الدار يومها ونبيلة قررت تتبناك انت من دون كل الأطفال اللي في الدار، ولما روحنا بعدها عشان نخلص الإجراءات، عرفنا كل حاجة عنّك، انك يتيم وجيت الدار من لما كان عندك ٧ سنين..ولما قررنا نتبناك كان بعد مانت قضيت سنة في الدار، المهم عرفنا ان في دكتور جه وسابك هنا وبيزورك من فترة للتانية هو وبنته..، بس قبل ماتمشي من الدار انت قررت تعرًف نسم واللي كنت مرتبط بيها اوي الفترة دي كصديقتك انك هتمشي وتروحلك المكان الجديد اللي هتتنقل ليه، مكنّاش نعرف تفاصيل عن الدكتور "مصطفى" الله يرحمه، وبعد إلحاح مني على مسؤول الدار عرفت مكان شغله وروحتله انا وانت لما طلبت مني كدة وديتك.، وبعدها قولتلك اخرج العب برّه حبه وانا هجيلك، دكتور مصطفى وقتها طلب مني طلب غريب وهو أن بنته في وقت دراسة ووقتها مضغوط بين نادي ومذاكرة وهو مش عاوز حاجة تعطلها عن مذاكرتها، وطلب مني ابطّل اجيبك المستشفى تاني وانت تشوف حالك وتسيبها تركّز في حالها ومتشغلهاش.، واحنا خارجين من المستشفى قولتلك احفظ اسم المستشفى كويس واعرف شكلها، والظاهر ان انت مقصرتش في طلبي، انا طلبت منك كدة عشان عملت حساب اللحظة دي الوقت اللي هتسال تاني عنهم. يبقى في خيط يعرف يوصّلك ليها…."
تجهّم وجهه هل لذلك السبب شعر دوماَ بالفراغ..، والانطواء
لم يستطع ان يُكوّن صداقات حتى مع الصبية مثله.. لم يستطع؛ افتقد دوماَ لتلك المهارات…، امّا هي فقط استطاعت بكل بساطة ان تجعله صديقاَ لها رفيقاَ هوّنت عليه الكثير من الصعاب حتى بات يتذكرها بأحلامه بعد أن فشل برؤيتها في واقعه..
********
_ بقولك ايه اتصرف انا تعبت، انا مش كل حاجة اتصرف فيها لوحدي قولتلك مشكلتنا كلها فيها هي..؟
هتفت بها ريهام بغضب وصوتٍ أشبه بصراخ..
ليردف لها حمدي:خلاص يبقى افاتحها في موضوع جوازنا ونخلص طالما معرفناش نخلص منها خلاص خليها..، بس تدينا كل حاجة بإرادتها…
تمتمت بابتسامة خبيثة قائلة: تمام وهو ده اللي انا عاوزاه..
أمّا "نسم" عزمت قرارها بأن تخطوا خطواتها القادمة إلى الصواب ليس عليها قبول كافة الأشياء. قد يكون لإحساسنا وقلوبنا رأيٌ آخر…
لم ترى من "حمدي" شيئاََ سيئاَ ، أيضاَ لم ترى منه الخير..
أما بعد الحادث شعرت ببرودة كلماته لم يطمئن عليها حتى عندما اعلمته بالحادث أخبرها أنه بعملٍ هام ولن يتفرغ ذلك الوقت…، حتى ان ذلك الغريب الذي لم تره مرّةً آخري
اهتم بشانها تألم لحالها كثيراً، ترى هل باتت تفتقده او تفتقد عباراته الباردة تلك ام مشاكستها له… للحظة ودّت لو تراه أمامها الآن..
ليقطع شرودها تلك الطرقات على باب الغرفة.. وتلتفت.. لتتفاجأ به أمامها هل هذا حلم ام واقع..؟ ، هل شعر بها وأتى حقاَ إليها.،هل هذا مايسمى بـ تخاطر الأرواح…
أمّا عنه بعد كل ماسمعه من والده علم أنها لم تُهمل تلك الصداقة بمقدورها..، وبعد سماعه تنطق بإسمه بالمشفى..، ربما تفتقده هي الآخري…، علم حينئذٍ ان عليه الذهاب إليها
كم تمنى لو كان بمقدوره معانقتها عند رؤيتها ولكن هيهات لما يتمنى…؟
أمّا نسم اسندت يديها على المكتب لتستقيم وتلقى عليه التحيّه فما زالت قدميها ليست على مايرام بعد…
لتردف ببهجة وترحيب: اهلاَ استاذ فاعل خير…
أبتسم لها ثم طأطأ راسه على مشاكستها تلك قائلاً:
ازيك يادكتورة نسم عاملة ايه دلوقتى
لتردف قائلة : انا بخير اتفضل اقعد…
تبادلا أطراف الحديث قليلاَ إلى أن استأذنته بوجود بضع الحالات التي تحتاج للفحص.. اذن لها ثم غادر…
انتهت تلك الفحوصات واعدّت أشيائها للمغادرة؛ لتنصدم بوجود "حمدي" يقف أمامها قائلاَ:
جيتلك اطمّن عليكي وبالمرة نتغدا سوا برّه عاوز اكلمك في موضوعنا…
لتردف له بحيرة وتساؤل: موضوعنا ايه…
ليجيبها بقلة صبر : خطوبتنا يعني وكدة..
فتسلل إليها الشعور بالارتياح قائلة : ياريت بجد انا اللي كنت عاوزة اكلمك بخصوص موضوعنا فعلاً…
جلسا سوياَ بمطعم..
ليردف لها : نسم احنا لحد امتى هنفضل مخطوبين كدة؟
مش لازم يجيلنا وقت ونتجوّز ولا ايه؟
اطرقت رأسها منه بحيرة فكيف ستخبره بما أرادت وهو يفاجئها بذلك الطلب…
وعندما طالت لحظات الصمت قطع هو الصمت السائد بينهم قائلا:
عايزين نحدد ميعاد كتب الكتاب والفرح.
مازالت مُطرقة رأسها وكأو العبارات التي أعدّتها سابقاَ قد تبخرت الآن…
قام بدق يده على المائدة بحدّة قليلاَ اخافتها وتفاجأت كذلك ليردف إليها بنبرة حادة قائلاَ :
يابنتي مش بكلّمك ماترفعي راسك وردي عليا في ايه؟
فرفعت رأسها ورمقته بنظرة هاربة مشتتة تتخللها الحيرة قائلة :
بص ياحمدي انا كنت جاية عشان اقولك حاجة تانية خالص..، انت شخص كويس ومحترم بس انا من وقت ماتخطبنا لغاية دلوقتي مش قادرة احبك او اتقبّلك، لما اتخطبنا كان بناءاَ على ترشيح بابا ليك قالي انك كويس ومع الوقت هناخد على بعض، بس للاسف داخلين اهو في سنتين وانا مخدتش عليك، فأنا اتمنى انك تكمل حياتك مع حد كويس واكيد مش هيكون انا، أسفة مش هقدر اكمّل معاك..
أنهت كلماتها وخلعت خاتمه الذي ترتديه واضعةً إياه أمامه على المائدة وهمّت ان تغادر المكان ولكن قبل ذلك هبّ هو منتفضاً بحدة قائلاَ بصوتٍ أجش : انتي متأكدة من اللي بتقوليه ده…
. أنهى عباراته حيث كانت عيناه متسعتان من شدة غضبه
شعرت كأن نيران غضبه ستندلع لـ تصيبها وتتركها رماداً..
لتردف له بريبة من ردة فعله: انت بتعمل كدة ليه..
أردف حمدي بغيظ قابضاَ على خاتمه الذي خلعته للتو من إصبعها قائلا :
"لأ انا لسة معملتش بس اتأكدي ان اللي جاي وهعمله مش هيعجبك"
يتبع
….
الخامس من هنا