رواية معشوقة رحيم الفصل الثالث 3 بقلم سامية صابر
الفصل الثالث _ معشوقة رحيم.
____
ركضت بسرعة من الغرفة الى الخارج، لا تعلم كيف تخطت كل هذا لتبقي في الشارع الخلفي ولكن خوفها وتوترها فعل بها اكثر من ذالك ،استندت على جذع الشجرة وهي تبكي وترتجف بقوة كبيرة وصدرها يعلو ويهبط قالت بخوف وهي تفرك يديها معا
=انا بقيت قتاله.. بقيت قتالته قُتله ... انا قتلته .. مكونتيش اقصد والله يارب مكونتيش اقصد.. من عصبيتي وزعلي واللى حصلي كله عملت كداا ااااه يارب سامحنى ...
ظلت هكذا ما يقرب الربع ساعة حتي لمحت اصوات ضوضاء عجيبة وخروج الحاج محمد وزوجته وبعض الحرس من الفيلا يحملون هيثم ويضعوه في السيارة وهو عارق في دمائه، استخبت خلف الشجرة وهي تراقبهم حتي انطلقت السيارة وضعت يديها على قلبها بهدوء وهي تتأكد انه لم يموت بل هو حي يُرزق ولكن خوفها مازال قائمًا .. ان تُسجنْ.
بعد قليل، مرت من امامها شاحنة بيضاء كبيرة يتوقف السائق بها على الطريق ثم هبط وذهب بعيدا ليملأ مياه لنفسه في حين عطش في الطريق، نظرت للسيارة اكثر من مرة حتي اتخذت قرارها بالرحيل وترك كل شيء خلفها هنا بالماضي وقرفه .. حتى ترى الي ماذا سيؤولها مصيرها .. ف لا يوجد شيء تخسره الان ولكنها ستجازف للمرة الاخيرة فقط...
دلفت الى الشاحنة من الخلف حيث بضاعة كبيرة بها كافة انواع الخضروات، اندست في وسطهم حتى قليلا وشعرت بالسيارة تتحرك وتحرك بها السائق تركت امرها لله يأخذها للطريق الذي يوده والى مصيرها...
غطت في النوم بأرق وبين الفنية والآخرى تفتح عينيها تبكي بقهر ثم تعود لتنام ،طفلة صغيرة ضعيفة ووحيدة.. اجتمع كل شيء مؤلم وغريب في تلك الطفلة .. !!
____
انتهى رحيم من اداء جميع اعماله ثم اغلق اللاب الموجود امامه ولف بالكرسي عدة مرات ينظر للفراغ امامه يعود بذاكرته للماضي الذي يحاول نسيانه بشتى الطرق...
لن ينسي ذالك اليوم المشؤوم، الذي ضرب ابيه فيه امه ضرباً مُباحاً، وضرب شقيقاته البنات في منتصف الليل احدي ليالي الشتاء، واخواته صغيرات ووالدته مريضة ضعيفة مهزومة وهو مجرد طفل صغير .. غضب بشدة وكره ابيه وقرر ان يتصدي له ويُدافع عن نسائه، ف ركض الى المطبخ واخذ بالسكين وضربه بقسوة شديدة...
فتح عينيه بسرعة وتجمدت ملامح وجهها حينما تذكر هذا المشهد حاول ان يبدو صلب قوي وان لا يفكر في شيء اطلاقا ،مسح حبات العرق المُتصببة على جبينه قائلا بألم
=انتهي الماضي كله انتهي..
التفت مرة اخري على صوت يونس الذي قال بهدوء
=ممكن ادخل يا رحيم ؟
=تعالي يا يونس.
دلف يونس ثم جلس بهدوء وبعد كلام كثير عن العمل نطق يونس بإرتباك
=فيه موضوع عايز اتكلم فيه معاك.. بس بصراحة انا مش عارف ابدأ منين ولا ازاي
=موضوع ايه .. تعالي دوغري..
=بص انت اخويا وصاحبي وربنا يعلم ،وعمرى مهفكر ابص لمالك ابدا شغلنا مع بعض يكفيني ... ف علشان متفكرش اني طمعان فيك او ببص لفوق..
=ايه الكلام دا عمري ما افكر فيك كدا طبعا مالى هو مالك.. انت عارف انك الوحيد اللى بثق وبعتمد عليه.. دا حتى بأمنك على اخواتى البنات وامي...
=دا العشم برضوا وانا مخونتيش الامانه انا بس.. عايز اتقدم لاختك ريم لو معندكش مانع!
=ريم !!
=ايوا فيه عندك اعتراض ؟
=لاء بالعكس دا انا موافق ومبسوط .. بس ريم مش شبهك دي اختي وانا عارفها ،على طول مناخيرها في السماء ومطلباتها غريبة.
=انا هحاول اكفي طلبها عارف مش نفس المستوي بس...
=لاء مش على المستوى ابدا .. بس اسلوبها غير لكن ما دمت انت عايز ف خلاص.. انا موافق واكيد امى موافقة دي بتحبك اوي فاضل رأي ريم هشوف واقولك.
=ربنا يخليك ليا يا ابو نسب... دا العشم يا صاحبي واوعدك هشيلها فى عيوني
ابتسم رحيم ثم نهض برفق قائلا
=ماشي يا عم يونس .. انا همشي انا سلام.
خرج من الغرفة ليتقابل مع ريناس التي كانت آتية من غرفتها قالت له بلهفة
=حبيبي.
=ريناااس!
=مهو مفيش حد في الشركة ..
=يونس لسه جوا إتأدبي شوية.
=يووه طيب مش هتيجي؟
=بكرا ان شاء الله مش فايق انا دلوقتي لحاجة.
=بكرا عندنا اجتماع مهم في مطعم ايطالى، علشان الصفقة الجديدة.
=عارف ،جهزي كل حاجة مش عايز حاجة تنقص.
=حاضر بس ايه افكارك عن العمل الجديد..
=مش هقولك دلوقتي.. هتعرفي بكرا معاهم !
غادر رحيم بمنتهى البرود بينما ضربت هي قدمها بالأرض قائلة بضيق
=كل يوم يبعد أكثر من اليوم اللى قبله اوف حاجة خنقة ، انا لازم أتصرف واربطه بطفل علشان يعلن جوازنا ويهتم بيا بقا !!
_____
_ فى صباح اليوم التالي _
فتحت روتيلا عينيها بارق لتري السيارة توقفت واخيراً، تمطعت قليلا لتفرك ظهرها الذي آلمها من تلك الجلسة ثم نهضت برفق نظرت حولها جيدا ثم ترجلت من السيارة خفية وخطت للأمام تنظر حولها فهي في سوق كبير مليء بالناس والهرج والمرج، من خلال اصوات الناس عرفت انها في إحدي اسواق القاهرة...
تنهدت بهدوء قليلا ثم ظلت تتمشي تلك المرة الاولي التى تأتي بها الى القاهرة وتبعد عن الفيوم... لا تعرف شيء ولا احد وسوف تتركها الى الله يدبرها من عنده حيثما شاء...
شعرت بالجوع الشديد يعتريها والعطش أكثر، ولكنها لم تاخذ اي مال معها او اي شيء فقد نست كل شيء هناك للاسف ...
ظلت تمشي وتمشي الى ان ظهرت على الطريق العام قرأت مع ب حولها فهي كانت قد تعلمت الى مرحلة الثانوي ولم تدخل الجامعه بعد ساعدها هذا على معرفة بعض الاشياء، وهي تتلفت حولها فجأةً خبطتها سيارة سوداء قوية لتطيح بها ارضا صرخت متألمة وهي تمسك قدمها بألم هبط السائق وخلفه هبط " أمجد" بسرعة نطق بقلق وهو يقترب من روتيلا
=إنتِ كويسة يا آنسة ؟
=خبطتني بالعربية وكنت هتموتني وبتسأل كويسة ولا لاء يا شيخ حسبي الله فيكم.
=طيب.. طيب اهدي قومي معايا..
امسك يديها وهي تنهض بألم ف لا تسطيع ان تمشي ابدا اخذها الى السيارة ثم دلف هو الاخر وانطلقت السيارة.. كانت تشعر بالالم الشديد في قدمها ، ف لم تستطيع ان تركز سوي عليها...
بعد قليل في احدى المطاعم الرقيقة ، وضع النادل امامها العصير والماء وبعض الأطعمة نطق امجد بهدوء
=اتفضلي كلي..
=مش عايزة.. عايزة امشي لو سمحت سيبني امشي.
=لاء مش هسيبك ابدا.. انا إللى خبطتك وهحاول اساعدك.. انتِ مين واسمك ايه شكلك مش من القاهرة.
=حضرتك انا مش عايزة حاجة لو حابب تساعدني.. ياريت تجبلي شغل !
=شغل؟ عايزة الشغل فى ايه...
=يعني محتجاه وبكدا تبقي عوضت اللى عملته فيا..
نظر لها بهدوء تركيز ثم ابتسم بهدوء قائلا
=ماشي شغلك عندي ...
______
بعد قليل.. دلفت الى الداخل مع مُسعد وسيطها من أمجد نطق مُسعد بهدوء
=يُعتبر اتعيني عندنا في المطعم، طلعي بطاقتك ..
ضغطت على شفتيها بضيق قائلة
=للاسف مش معايا اي حاجة.. جيت من البلد على هنا من غير ما أجيب حاجة.
=لازم البطاقة علشان تقدري تشتغلي.. خلاص بصي هنطلع واحدة جديدة بدال اللى راحت.. غيرى الاول وانا مستنيكي.
هزت رأسها وأخذت الملابس وذهبت الى المرحاض، قالت وردة موظفة الاستقبال وهي تضحك
=شكلها عجبتك يا مُسعد، أخيراً واحدة عجبتك يا تقيل!
=شكلها غريب ،وفيها حاجة أغرب، صراحة جذباني، من اول ما أمجد بيه عرفني بيها وانا معجب بيها.
=يا واد يا مُعجب بس خلى بالك دي معرفة أمجد بيه يمكن تكون تخصه ولا حاجة....
=ما اعتقدش تلاقيها بنت غلبانه حب يساعدها وخلاص.
خرجت روتيلا في تلك اللحظة، بعدما أبدلت ملابسها بشيء اكثر نظافة ورُقي، قالت بإمتنان
=شكرا يا وردة ليكي ،اول ما هاخد مرتبي هشتريلك غيرهم..
=عيب عليكي دا احنا هنبقى اخوات ونورتي المكان يا حبيبتي.. بس متتاخروش يا مسعد انت عارف فيه عزومة رحيم الهواري النهاردة ودا رخم اوي لو لاقي حاجة مش مظبوطة في المكان هيقلب الترابيزة علينا كلنا... خلى ربنا يسترها.
=يا ستير هو جاي النهاردة، ناقصة غتاتة امه ...
نطقت روتيلا بفضول
=مين دا.
=رجل اعمال غني أوي بييجي علي طول هنا مع رجال أعمال وكدا بس صارم لو لاقي حاجة مش مظبوطة مش بيسكت وعدو أمجد بيه الاول .. بس وبيني وبينك كلنا بناخد مرتباتنا منه والله.
=آه.. يالا ربنا يكفينا شره مالناش دعوة بيه هنشتغل في حالنا خالص..
نطقت وردة بفضول
=صحيح تخيلي لحد دلوقتي منعرفش إسمك؟
=روتيلا.
=ايه ؟ ايه الاسم دا؟
ابتسمت قائلة
=الحاجة الوحيدة اللى فاضلة ليا من اهلي ،غالبا ابويا كان بيحب الفراشات، ف سماني روتيلا اللى هما صغيرات الفراشات.
=ماشاء الله دي الاسامي اللى تشرح القلب، مش وردة ومسعد.
نطق مسعد بغيظ
=اتلمى يابت.
ضحكت عليهم روتيلا بخفة ثم اخذها مسعد وخرجوا الى السجل المدني، بعد يوم طويل عريض في الأوراق واشياء كبيرة استطاع ان يأتي لها ببطاقة جديدة وهذا بعد معارفه ودفع بعض الأموال، وقفوا معاً يحتسوا عصير القصب بخفة ،فقالت روتيلا بإمتنان
=شكرا اوي يا مُسعد على كل حاجة، انا لو كان ليا أخ مكانش هيعمل اللى انت عملته دا كله... وشكرا لأمجد بيه برضوا بلغه شكري.
=أخ!.. ماشي يا ستي ،بس لازم تحكيلي كل حاجة ،شكل حكايتك غامضة... بس لسه رجلك وجعاكي.
=يعني حبه ربنا يسترها.
تابعت قائلة
= يلا نمشي علشان منتأخرش على الشغل اكثر من كدا..
=يلا.
بالفعل رحلوا الى المطعم مرة أخرى، بينما فى المساء فى منزل رحيم، دلفت شادية الى غرفة ابنتيها ريم ورهف ،لتتحدث معهم قالت بحب وهي تجلس
=تعالوا يا حبايبي عايزة أتكلم معاكم شوية.
قالت رهف بهدوء
=خير يا حبيبتي فيه إيه؟
بينما قالت ريم بملل
=عايزة ايه يا ماما مش فاضية بكلم صحابي واتس.
=تعالى يا بنتي هقولكم حاجة مهمة.....
تابعت وهي تبتسم.
=لو واحدة فيكم اتقدم ليها عريس كويس محترم وابن ناس تتجوزه؟
قالت رهف بخجل
=لو انتوا موافقين ،وهي بتحبه يبقي توافق
بينما قالت ريم ببرود
=مش مهم دا كله لو غني وهيخرجني،، وميبقاش قفل زي رحيم يبقي موافقة !
قالت شادية بتنهيدة
=ااه يا ام لسانين ؛ والله خسارة فيكي .. بس يلا.. المهم يونس صاحب اخوكم.. متقدم ليكي يا ريم هاه موافقة ؟
=ايه !!
قالتها ريم في نفس الوقت مع رهف التي أصيبت بالصدمة والقهر من سماع هذا الشيء !!