رواية مش اختي الفصل الثاني 2 بقلم مني الفولي
شاكر: حتى لو كنت عايز أقولك أني أقدر أعرف إذا كانت جنى أختك ولا لا.
اتنفض يزن من على الكرسي، ومسك شاكر من هدومه: شاكر الموضوع دي مفهوش هزار.
شاكر: مبهزرش، بس مش هاتكلم قبل ما تحلق وتاخد شاور وتفوقلي كده، عشان تفهم اللي هاقوله.
***********
رحب شامل بيزن وضيفه وهو عنده فضول عن سبب الزيارة دي، بس طبعا مسألش، واستنى هما يتكلموا، وفعلا يزن اتكلم بمجرد ما قعد، لأنه كان ملهوف ومتحمس جدا: أهلا ياعمي، أعرف حضرتك بدكتور شاكر، ابن خالتي وصديق عمري.
شامل: أهلا يا دكتور نورتنا.
شاكر: شاكر كان بيقول أننا نقدر بالعلم نحسم موضوع جوازي بجنى.
شامل: أزاي يعني يا بني.
شاكر: أستاذ شامل، أنا عرفت أن يزن أخ لواحدة من البنات بالرضاعة، وحضرتك وقتها كنت بالجيش، ومحدش يعرف من هي من التوأم، وفي الحالة دي ممكن بتحليل دي أن أيه بسيط، نعرف إذا كان جنى تجوز ليزن ولا لا.
انتفض شامل ومسك برقبة شاكر وهو بيصرخ بغضب: يا سافل يا حيوان، ده أنا هاموتك.
البنات جم جري على زعيق شامل، واتخضوا وهما شايفين عصبية أبوهم، ومحاولات يزن وشاكر لتخليص شاكر من إيديه، وسألوا بفزع: في أيه يا بابا.
ـ أنتوا قولتله أيه عصبوا كده.
شامل: البيه جايب دكتور واطي يقولي لما مراتك كانت حامل كنت أنت بالجيش، ويمكن ينفع جنى تتجوز يزن، لو عملنا تحليل دي أن أيه، الحيوان بيطعن في شرف أمكم عشان خاطر قريبه.
شاكر اتجنن هو أزاي فهم الكلام بالشكل ده، ويزن هيطق عشان كل شوية موضوعه بيتعقد ويتلخبط كده، وجنى شهقت بصدمة وحطت ايدها على بوقها المفتوح، الوحيدة اللي اتخطت صدمتها بسرعة كانت رنا، اللي اتحركت بسرعة تمسك أيد أبوها وهي بتقول بعقل: يا بابا أكيد الدكتور ما يقصدش، أصلا تشكيكه في نسبنا لحضرتك مش هيفرق في حاجة، لأن اللي مانع الجواز رضاعة واحدة منا من والدته.
أكد شاكر على كلامها اللي عجبه جدا وبين قد أيه هي عاقلة وتفكيرها منطقي: أيوه والله حضرتك فهمت غلط، ومدتنيش فرصة أكمل كلامي.
شامل سابه وهو بيستغفر ربنا، وزقه يقعد وهو بيقوله بضيقة: اتفضل اتكلم ، بس حافظ على كلامك أحسنلك.
شاكر: أنا كل اللي قصدته، أننا ممكن عن طريقة الدي أن أيه، نعرف مين من البنتين اللي رضعت من خالتي، ولو مطلعتش جنى يبقى جوازهم عادي.
شامل سأله بحدة من خوفه أنهم بيحاولوا يتموا الجوازة وخلاص، لأنه شاف المرة اللي فاتت قد أيه يزن كان متأثر وحزين: أزي بقى يا دكتور، دول مش أخوات وتايهين من بعض، عشان نعمل تحليل دي أن أيه، دول راضعين على بعض، ودي مفيش حاجة تثبتها.
شاكر: ده كان زمان، قريب ظهرت أبحاث طبية بتأكد أن حليب الأم بيأِّثر على الجهاز المناعي للطفل؛ لأن حليب الأم فيه خلايا جذعية جنينية، بتوصل للرضيع من اللبن وتأثر في تكوينه، وإن الخلايا الجذعية الموجودة في حليب الأم هي نفسها خلايا الجنين اللي بتولده.
شامل: وده ماله ومال الجوازة.
شاكر: أن الرضاعة بتغير في الدي أن أيه للمولود وبتديله صفات وراثية خاصة بالست اللي رضعته.
جنى: يعني أيه.
المرة دي رنا هي اللي جاوبت وهي بتحاول تبسط المعلومة: يعني الطفل اللي بيرضع من أي ست غير أمه بيكتسب خصايص تشبه خصايص إخوته.
شاكر: والخصايص دي بتظهر في الدي أن أيه.
رنا: وبالشكل ده، في واحدة مننا متفقة مع يزن في الدي أن أيه لأنها رضعت من والدته.
شاكرة: ولو عملنالكم تحليل دي أن أيه، هنقدر نعرف مين فيكم أخته بالرضاعة.
رنا: وياتطلعي أخته وفعلا جوازكم يبقى حرام.
يزن: أو تطلع رنا هي اللي أختي وجوازنا يبقى حلال.
شامل قلق من نظرة السعادة بعيون جنى وخاف أنها تتعلق بأمل كداب وترجع تحزن، خصوصا وهي تعبانة ومنطفية من يوم اللي حصل: ادخلي يا جنى حضري حاجة نشربها، و أنت يا يزن أنا يا بني يشرفني أنك تكون جوز بنتي أو أخوها، أيا كان اللي ربنا رايده، بس ياريت ما تبنيش أمل على حاجة في علم الغيب، لحد ما نعرف الحقيقة.
شاكر عجبه كلام شامل اللي بيدل على أن راجل عاقل ومتفهم رغم عصبيته معه، وزاد إعجابه به لما التفتله واعتذرله بذوق: متأخذنيش يا دكتور، معلش دماغي راحت بعيد.
شاكر: ولا يهمك يا عمي، المهم ربنا يوفقنا ونوصل للحقيقة.
رنا: دكتور من فضلك، هو البحث اللي حضرتك اتكلمت عنه موجود في أي موقع بالظبط، عشان مهتمة اطلع عليه.
شاكر: هو حضرتك طب أو علوم.
رنا: لا الحقيقة انا في هندسة، بس عندي شغف بالأمور العلمية، ده غير أن البحث ده بيجاوب على مسألة يهمني أعرفها.
شاكر: جميل جدا أننا نهتم بتثقيف نفسنا بعيد عن مجال الدراسة، بس ممكن أعرف أيه المسألة اللي عايزة تعرفي اجابتها من البحث يمكن أقدر أساعدك.
رنا: كان في ناس كتير أثاروا شبهة أن الرضاعة مش سبب لمنع الجواز، وأنه أكل زي أي أكل، وأننا بطريقة دي مينفعش أهل كل منطقة يتجوزوا من بعض لأنهم بيشتروا اللبن من نفس اللبان، وحاسة أن بحث زي ده بيفند كلامهم ويثبت أن الرضاعة وضع مختلف.
شاكر: أيوه سبق وقاريت الشبهة دي، وده فعلا خلا طالبة بقسم التحاليل الطبية بكلية العلوم بالجامعة الإسلامية، وأسمها "سلوان نهاد جودة"، تبحث لمعرفة السبب العلمي لحرمة زواج الإخوة من خلال الرضاعة، واكتشفت إن رضاعة الطفل من أي ست غير اللي ولدته بتكسبه أخوَّة من خلال الرضاعة، والأُخوة دي مش بالمعنى السطحي للكلمة والشكل الاجتماعي، وإنما بالمعنى العلمي لها، وأن الخلايا الجذعية بلبن الأم، هي المسئولة عن إكسابهم صفة الأُخوة من خلال الرضاعة، ووضحت إن الخلايا الجذعية الموجودة في حليب الرضاعة بتوجد صفات مشتركة بين الإخوة بالرضاعة؛ لأنها بتساعد في انتقال العوامل الوراثية والمناعية من حليب الأم أو المرضعة للطفل الرضيع من خلال اختراقها لخلاياه واندماجها مع جيناته.
رنا: طيب مش غريبة أن الجهاز المناعي للطفل، بيسمح بالإندماج ده وبيهاجمش الخلايا الجزعية.
شاكر: الجهاز المناعي للمولود مش بيكون مكتمل، وده بيساعد أنه ميتعرفش على حليب الأم بوصفه جسم غريب، ده غير إن الجهاز الهضمي عنده بيساعد على اختراق الخلايا الجذعية، لأنه زيه زي كل الأجهزة في الجسم اللي ما بيكتملش تكوينها إلا بعد شهور وسنين من الولادة.
شامل: سبحان الله، يبقى عشان كده اللي بيرضع بعد بلوغ السنتين مبيعتبرش أخوة رضاعة.
شاكر: فعلا يا عمي العلم الحديث متطابق تماما مع الحكم الشرعي؛ وثبت أن لبن المرضعة به أجسام مناعية، بيكون أجسام مناعية في جسم الرضيع بعد جرعات تتراوح من تلاتة لخمسة، زي الشرع ما بيثبت الأخوة بخمس رضاعات مشبعات، وكمان حرم جواز أخوة الرضاعة لأن الصفات الوراثية اللي اتنقلت بالرضاعة، بتسبب أمراض وراثية في حالة جواز الأخوات بالرضاعة زي الأمراض اللي كانت ممكن تحصل لو كان في جواز بين أخوات النسب بالظبط.
شامل: (( تبارك الله أحسن الخالقين))
**********
بعد كام يوم في معمل تحاليل كبير، يزن كان قاعد مش على بعضه، عينه على جنى اللي قاعدة متوترة جنب باباها، وجنبه شاكر اللي عينه على رنا اللي مش عارف امتى وأزاي شغلت تفكيره بالشكل ده، ساعات يقول لنفسه أنه يمكن مبهور بشخصيتها وثقافتها، وساعات يتخيل أن عقله مال لها لأن عمليتها وطريقتها الجد مناسبين لحياته العملية وانشغاله بالشغل والدراسة، بس مقدرش يحدد بالظبط أيه اللي شده ليها كل اللي عارفه أنه دلوقتي بس فهم وحس أيه اللي كان يزن يقصده لما قاله، أنه قابل بنت يحس أنها تخصه وكأنها خارجة من ضلعه هو، ومشاعره ناحيتها تفرق عن أي بنت تانية حتى لوكانت نسخة منها.
قاموا كلهم بتوتر أول ما الدكتور خارج وهو ماسك ورق التحليل، وكان أكتر حد متوتر هو يزن اللي تقريبا منمش من يومين من ساعات ما خدوا منه العينة، شوية يمن وشوية يبقى خايف وأخيرا جات اللحظة الحاسمة، وعينيه اتعلقت بالدكتور اللي رفع الورق وقال بهدوء: الأستاذ يبقى أخو آنسة رنا.
صرخ يزن بسعادة وهو بيجري ناحيتهم وهو بيصرخ: مش أختي، مش أختي، أنا أخو رنا، أنا أخو رنا.
ومن غير مايفكر كان هياخد جنى في حضنه لكن بسرعة شامل سحبها وراه وهو بيزق رنا لحضن يزن: اتفضل أهي رنا أختك.
ضحكوا كلهم عليه، وهو انتبه للي كان بيعمله واتحرج جدا، كمان رنا اتحرجت، لأن الأخوة عمرها ما كانت كلمة لكن هي مشاركة واحساس وحياة كاملة.
والمهم أن محدش منهم لاحظ النار اللي كانت بتطق من عنين شاكر، اللي أتأكد أنه مش مهم يعرف سبب اللي بيحسه ناحية رنا، الأهم أنه يعيش أحساسه بيها كل لحظة.
**********
في قاعة أفراح فخمة جدا، كان في فرح جماعي للتوأمتين، ورغم الشبه ما بينهم لكن كل واحدة فيهم روحها طاغية عل ملامحها ومميزاها.
رنا كانت جنب شاكر عينيها بتلمع بسعادة وعلى شفايفها ابتسامة هادية.
وعلى بعد خطوات كانت جنى جنب يزن فرحتها باينة عليها بشكل أكبر وأكتر وهي بتضحك بفرحة وبتتكلم بطريقتها الطفولية: أنا مبسوطة قوي، طول عمري باحلم أني أنا ورنا نتجوز في يوم واحد ونخلف فينفس الوقت أولاد كتير منبقاش عارفنهم من بعض.
يزن: لا أبوس أيدك، نتجوز سوا أه، بس بلاش حكاية لغبطة العيال دي.
مع تحياتي
منى الفولي
الثالث من هنا