اخر الروايات

رواية ملك عمري الفصل الرابع 4 بقلم سارة علي

رواية ملك عمري الفصل الرابع 4 بقلم سارة علي


 المشهد الرابع

اوقف جاسر سيارته امام فيلا حامد الاسيوطي ..
هبطت ملك مسرعة يتبعها هو بهدوء شديد .. وقف خلفها وهي ترن جرس الباب عدة مرات كطفلة صغيرة حتى فتحت الخادمة لها الباب بعد قليل فإندفعت الى الداخل وهي تسأل بلهفة :
" الولاد فين ..؟!"
تفاجئ جاسر بالطفلين يهبطان درجات السلم بسرعة قياسية ويقفزان نحوها بشكل جعل الثلاثة يقعون ارضا بينما ملك تحتضنهما بقوة والطفلين يشددان من ضمها ويبادلانها قبلاتها المتفرقة ..
كان جاسر في اوج دهشته من المنظر الذي يراه فأخر ما تصوره ان تكون علاقة ملك بأخوانها هكذا ..
فملك لم تتجاوز سن التاسعة عشر كي ترتبط بطفلين صغيرين بهذا الشكل ..
ظل الثلاثة على هذا الحال حتى نهضت اخيرا والطفلين ما زالا متشبثين بها ..
تقدمت من الخادمتين وضمتهما وحيتهما وكأنهما صديقتين لها وليستا خادمتين ..
حسنا هذا شيء اخر لم يتوقعه ففي قصره يتعامل الجميع مع الخدم بحدود لا يتجاوزها أيًا كان ..
لكن ملك تتحدث وتمزح مع الخدم وكأنهم رفاقها ..
ذهبت الخادمتان عائدتان الى المطبخ بعدما انتهت وصلة الترحيب بينما ملك ما زالت ممسكة بالطفلين حيث همس علي اخيرا بصوت سمعه جاسر :
" هو ده جوزك يا ماما ..؟؟"
ماما ..! حسنا هذا يكفي .. قالها جاسر لنفسه مندهشا فالطفلين ينادونها ماما ويتعاملان معها على هذا الاساس .. شعر انه اذا بقي لحظة واحدة هنا سوف يجن ..
لقد زار الفيلا هنا مرات قليلة وكانت لقائاته تقتصر على ريم وحامد .. اما ملك فرأها يوم خطبته فقط والطفلين لم يرهما ابدا ..
وجد ملك تجيب علي بخفوت :
" ايوه هو ده .."
قالت منى بصوت مسموع :
" بس ده وسيم اوي .."
نظرت اليه ملك بضيق من خلف نظاراتها بينما تجاهل جاسر كلمات الطفلة وهو يقول :
" مش هنقعد بقى .."
قالت ملك بسرعة :
" اه طبعا اتفضل .."
قالتها وهي تشير الى صالة الجلوس حيث جلس جاسر على احد الكراسي وجلست ملك على الكنبة المقابلة له والطفلين بجوارها ..
تقدمت احدى الخادمات منهما وقالت :
" تحبوا تشربوا ايه ..؟!"
نظرت ملك الى جاسر وسألته :
" تحب تشرب ايه ..؟!"
اجابها بهدوء :
" قهوة سادة .."
قالت ملك للخادمة :
" اعملي قهوة سادة ليه .. واعمليلي هوت توشكلت انا وموني وطبعا عصير التفاح لعلي .."
ابتسمت الخادمة وهي تتجه الى المطبخ لتعد ما قالته ملك بينما قال علي :
" خلاص مش هتروحي تاني يا ماما ..؟!"
اجابته ملك بجدية :
" لا هروح طبعا .. بس كلها فترة صغيرة وارجع .."
قالت منى بضيق :
" كل ده بسبب ريم .. انتِب بعدتي عننا بسببها .. انا بكرهها .."
نظرت ملك الى جاسر الواجم ثم عادت وأشارت الى منى قائلة :
" عيب يا موني .. مينفعش نتكلم على ابلة ريم كده .. دي اختك الكبيرة .."
رد علي بضيق :
" انا بردوا مش بحبها .. دي عصبية اوي ومش بتحبنا .. وانتِ بعدتي اننا بسببها .."
نهرتهما ملك بحدة :
" كفاية .. عيب نتكلم على حد اكبر مننا بالشكل ده .. لازم نحترم الكبار ونتكلم عنهم بشكل كويس .. ولا ايه ..؟!"
اخفض الطفلان وجهيهما بخجل وقال بصوت واحد :
" سوري ماما .."
تحدثت منى قائلة :
" علي مش بيخلص اكله يا ماما .. "
عارضها علي :
" دي بتكدب يا ماما .. انا بخلص اكلي كله .."
ردت منى :
" لا انا مش بكدب .. انت مخلصتش نص الطبق حتى .."
هم علي بالرد الا ان ملك سبقته وهي تقول بقوة :
" كفاية انتوا الاتنين .. وانت يا علي مش اتفقنا انك تخلص الاكل كله عشان تكبر بسرعة .. ولا انت مش عايز تكبر ..؟!"
قال علي بجدية :
" لا عايز اكبر اكيد .."
ابتسمت ملك وقالت :
" يبقى تخلص اكلك .."
اومأ علي رأسه بإذعان بينما جاسر يتابع الحديث الدائر بينهما بملامح صامتة حينما تقدمت الخادمة وقدمت لهم المشروبات التي طلبوها ..
بدأ الاربعة في تناول مشروباتهم حينما دلف حامد بعد قليل وهي يتجه نحو ملك بلهفة فنهضت ملك من مكانها واحتضنته بقوة وقد ترقرقت الدموع داخل عينيها ..
ابتعد حامد عنها قليلا وهو يتأملها قائلا :
" انتِ كويسة مش كدة ..؟! طمنيني عنك ..؟!"
اجابته ملك بصوت مبحوح :
" انا بخير يا بابا .. اطمن .."
اتجه حامد ببصره نحو جاسر الذي نهض من مكانه وحياه ببرود قبل ان يجلس حامد معهم وينظر الى ملك وصغاره بحنو ..
أشار حامد الى جاسر قائلا :
" جاسر بيه ممكن نتكلم ..؟!"
اومأ جاسر برأسه وهو ينهض من مكانه ويسير خلفه الى الحديقة الخارجية للفيلا ليجد حامد يقول :
" ارجوك يا جاسر بيه .. رجاء شخصي مني .. تاخذ بالك من ملك وتعاملها كويس .. هي ملهاش ذنب بعمايل اختها .."
نظر اليه جاسر بطرف عينيه وقال :
" حد قالك اني هاكلها .."
رد حامد بهدوء :
" مش قصدي .. بس ملك طيبة وبسيطة .. ومش شبهك ابدا .. هي مختلفة عنك فكل حاجة .. هي فترة صغيرة وكل واحد هيروح لحاله .. اتمنى انوا الفترة دي تعدي على خير وتتقبل وجودها معاك وتعاملها بشكل كويس .. وانا بكرر تاني ده رجاء شخصي مني ليك .."
نظر اليه جاسر للحظات قبل ان يرد بهدوء :
" ان شاءالله .."
.......................................................................
" هي سيلين مطولة هنا ..؟!"
قالتها رزان لاختها زينة التي ردت بقرف :
" تقريبا اه .."
قالت رزان بملل :
" البت دي معندهاش كرامة .. لسه عندها امل فجاسر حتى بعد ما اتجوز .."
ردت زينة :
" عشان عارفة انوا جاسر هيطلق ملك بعد فترة .. تعرفي ملك دي شكلها طيبة وبنت ناس .."
قالت رزان بضيق :
" بس مش حلوة ومش ستايل خالص .."
قالت زينة وهي تعتدل في جلستها :
" عشان مش مهتمة بنفسها .. تعرفي لو اهتمت بنفسها هتبقى جميلة .. "
ثم اكملت بتفكير :
" متجي نساعدها تتغير وتبقى جميلة .."
قالت رزان بإعتراض :
" واحنا مالنا ..؟! هنساعدها ليه ..؟!"
ردت زينة بجدية :
" عشان هي مرات اخونا .."
صححت لها رزان :
" مؤقتا .."
ردت زينة :
" يا بنتي وفيها ايه ..؟! مش يمكن لما تتغير جاسر يحبها ويفضل معاها ..؟!"
سألتها رزان بعدم فهم :
" ولو ده حصل ..؟! احنا هنكسب ايه ..؟!"
قالت زينة بهدوء :
" هنكسب انوا مرات اخونا هتكون بنت طيبة ولطيفة .. احسن ما يتجوز سيلين الخبيثة او ريم المسمومة .."
قالت رزان بسخرية :
" وانتِ عرفتي منين انها طيبة .. مش يمكن تطلع شبه اختها .. ويمكن انيل كمان .. ميغركيش هدوئها .. فيه ناس كتير كده يبانوا لطاف وهما بيشتغلوا من تحت لتحت .."
قاطعتها زينة :
" يا بنتي .. انا ليا نظرتي فالناس بردوا .."
زفرت رزان انفاسها بضيق وقالت :
" يعني عايزة ايه دلوقتي ..؟!"
ردت زينة :
" نقرب منها ونخليها تهتم بنفسها وتبقى جميلة .."
" ولو طلعت وحشة فكل الحالات ..؟!"
قالتها رزان بتهكم لترد زينة :
" مفيش بنت وحشة فكل الحالات .. اي بنت لما تهتم بنفسها وشكلها بتبقى جميلة .."
قاطع حديثهما دخول جاسر خلفه ملك الحزينة فأشارت زينة لرزان بعينيها قبل ان تقول :
" انتوا رجعتوا يا ابيه ..؟!"
اومأ جاسر برأسه وهو يقول لملك :
" انا هروح المكتب اكمل شغلي .. وانت اصعدي فوق .."
قاطعته زينة وهي تجذب ملك من ذراعها نحوها :
" لا سيبها معانا شوية يا ابيه .. "
نظر اليها جاسر بتعجب فإبتسمت له زينة ببراءة ليقول :
" لو عاوزة تفضل معاكم.. عادي براحتها .."
ثم تركهم متجها نحو المكتب لتجلس ملك على الكنبة ورزان تجاورها من جهة وزينة من الجهة الاخرى ..
توترت ملك من وضعيتها تلك بينما جذبت زينة النظارة بعيدا عن عينيها لتتطلع ملك اليها بدهشة فتقول زينة :
" عينيكِ جميلة .. مخبياهم بالنظارة ليه ..؟!"
اجابتها ملك بهدوء وهي تسحب النظارة وترتديها :
" عشان مش بقدر اشوف من غيرها .."
فوجئت ملك برزان تفك شعرها الناعم الطويل لينسدل على ظهرها ويصل الى نهايته فشهقت رزان وهي تقول :
" شعرك يجنن يا بنت الايه .."
سحبت ملك شعرها وجمعته بسرعة على شكل كعكة لتجد زينة تقول بتذمر :
" بتجمعيه ليه ..؟! سيبيه مفرود احلى .."
ردت ملك بضيق :
" بحبه كده .."
قالت رزان :
" يا بنتي .. لازم تفردي شعرك دائما وتهتمي بيه .. وتقلعي النظارة دي اللي مخبيه ثلاث ارباع وشك .. بصي استعملي لينسز .. او اعملي عملية .."
قالت ملك بسرعة :
" لا لا مش هعمل عملية ولا هلبس لينسز .. انا مبسوطة كدة .."
ثم هبت مسرعة بعيدا عنهما متجهة نحو غرفتها ..
دلفت الى الحمام ووقفت امام المرأة تنظر الى ملامح وجهها البسيطة بعدما خلعت نظاراتها وحررت شعرها ..
كانت تبدو ناعمة ورقيقة حتى لو لم تكن ذات جمال خارق ..
مسحت وجهها بباطن كفها ثم خلعت ملابسها ووقفت اسفل الدوش تأخذ حماما سريعا ..
انتهت من حمامها واخذت المنشفة الكبيرة تلفها حول جسدها وهي تلعن نفسها لأنها نسيت ان تأخذ ملابس نظيفة معها ..
خرجت من الحمام الى الغرفة لتشهق بلا وعي وهي تجد جاسر امامها ينظر اليها مصدوما ..
اخر ما توقعه ان يرى ملك الصغيرة بجسدها النحيل هكذا لا ترتدي شيء سوى منشفة بيضاء ...
عيناها بدتا بنيتان واسعتان وشعرها الطويل .. طويل للغاية بشكل فاجئه .. ملامحها الطبيعية بدت بريئة وطفولية للغاية بشكل أثاره وجعل الدماء تغلي في عروقه وارتفع شعور الرغبة داخلها ..
كتم رغبته بقوة وهو يقول :
" مالك اتوتري كده ليه ..؟! انا مش شايفك اصلا .. اطمني .."
ردت عليه بجفاف :
" محسسني انوا انا اللي هموت عليك .."
" لمي لسانك ده بدل مقصهولك .. انتِ كلك على بعضك مفكيش حاجة تغريني .. ده انا لو شفتك عريانه قدامي مش هتأثر .. "
صرخت به بلا وعي وقد جرحتها كلماته بشدة :
" على فكرة بقى انا بردوا مش شايفاك وانت مش ستايلي اصلا .. مش عارفة امتى الكام شهر دول يخلصوا واطلق منك واتجوز خالد بقى .."
جذبها من ذراعها بقسوة وقال بصوت عالي أثار الذعر داخل نفسها :
" خالد مين يا روح امك ..؟! هي حصلت .."
صرخت بوجع :
" متجيبش سيرة امي على لسانك .."
صاح بها بحدة غير ابها بوجعها :
" قلت خالد مين ..؟!"
ردت بدموع لاذعة :
" ابن عمي ويعتبر خطيبي .."
" امال انا ايه ..؟!"
سألها بجنون لترد بصوت مبحوح :
" جوزي مؤقتا .."
قست قبضته عليها وهو يكمل :
" الهانم مستنية تطلق عشان تتجوز واحد تاني .. والله وعرفت تربي يا حامد .."
" متجيبش سيرة ابويا على لسانك .."
صاحت به بقهر ليرد بقوة :
" ده انا هجيب سيرة ابوك وعمك وابن عمك والعيلة كلها .."
" كفاية بقى .."
قالتها وهي تحرر ذراعها من قبضته ليكمل بكره :
" كان يوم اسود يوم ما تجوزت من العيلة دي .."
ثم اردف وهي يقبض على ذراعها مرة اخرى :
" لو جبتي سيرة اي راجل تاني على لسانك هديكي حتة علقة اخليكِ ترقدي فالسرير ثلاث اسابيع على الاقل .. انتِ فاهمة ..؟!"
أومأت برأسها والدموع تتساقط داخل عينيها فحرر ذراعها بالقوة لتسقط هي على ارضية الغرفة وتبكي بقوة ..
............................................................
مساءا على مائدة العشاء جلس الجميع على المائدة بإستثناء ملك ..
تقدمت الخادمة منهم وهي تقول بأدب :
" ملك هانم بتقول إنها مش جعانه يا بيه .."
نظرت جلنار الى جاسر وقالت :
" هي هتتدلع من اول يوم .. حضرتها مش عاجبها تنزل تاكل معانا ولا ايه .."
لم يجبها جاسر بل نهض من مكانه واتجه الى الطابق العلوي حيث جناحه ..
دلف الى الداخل ليجد ملك تجلس على الكنبة وتقرأ في احدى الروايات ..
اقترب منها وسألها :
" مش عايزة تتعشي ليه ..؟!"
ردت عليه بهدوء وهي ما زالت تنظر الى الكتاب امامها :
" مش جعانة .."
قال بضيق من عدم نظرها له :
" ياريت تبصيلي وانا بكلمك .."
وضعت الكتاب جانبا ووقفت امامه وقالت :
" بصيتلك اهم .."
" المفروض انك تنزلي تحت وتقعدي معانا على العشا .. حتى لو مش جعانه .. تقدري تجاملي وتاكلي اي حاجة .. "
ردت عليه بقوة :
" انا مش مجبرة اجامل حد .. خصوصا لما يكون الحد ده مش طايقني .."
زفر انفاسه وهو يقول :
" مفيش حد مش طايقك يا ملك .. انتِ بيتهيألك .."
تطلعت اليه بدهشة من اسلوبه الهادئ معها ونظراته العادية نحوها بينما أخذ هو يتأملها مليا بصمت قبل ان يجد نفسه يسحب النظارة من فوق عينيها فتظهر عينيها الواسعتين ..
رمشت ملك بعينيها عدة مرات تحاول استيعاب ما فعله قبل ان يزداد تعجبها وهو يفك شعرها بيده فينسدل على جانبي وجهها بنعومة ويصل الى اخر ظهرها ..
قال بهدوء لا يعكس تلك النيران المندلعة داخله :
" كده احلى على فكرة.."
جذبت النظارة منه وارتدتها وهي تشعر بالخجل الشديد وقد احمرت وجنتاها بشدة بينما قال جاسر بجدية :
" كمان يومين فيه حفلة مهمة بمناسبة احدى الصفقات اللي كسبناها مؤخرا .."
" وانا مالي ..؟! بتقولي الكلام ده ليه ..؟!"
قالتها بتوتر وهي تلملم شعرها ليرد بضيق :
" حضرتك مراتي وبقولك كده عشان تجهزي نفسك وتحضري الحفلة .."
قالت بسرعة :
" لا لا .. انا مليش فجو الحفلات ده .. انسى اني احضر .."
رد بقوة :
" مفيش حاجة اسمها مليش فجو الحفلات .. هتحضري غصبا عنك .. اقول للناس ايه .؟! مراتي اللي متجوزها من يومين رفضت تجي معايا الحفلة اللي انا عاملها .."
" بس .."
قاطعها بحسم :
" قلت هتجي يعني هتجي .."
ثم سحب شعرها مرة اخرى وقال :
" وشعرك ده سيبي على حريته كده .. بلاش تلميه ورا مرة تانيه .."
ثم رحل وتركها تتطالع اثره بإندهاش ..
يتبع

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close