رواية نوح والامانة الفصل الثاني 2 بقلم ميمي عوالي
2
نوح والأمانةالفصل الثانى
عندما تفتح أمانة الباب تجد أمامها فتاة ترتدى بنطالا يكاد يكون طبقة جلد ملونة فوق جلدها وبالأعلى سترة قصيرة وتضع وشاحا صغيرا يكاد يخفى نصف شعرها وتضع الكثير من مستحضرات التجميل والتى لا تتناسب ابدا مع الصيام والعبادة لتشهق أمانة فى تعجب وهى تقول : سهر !!!
ليدخل نوح وهو يدفع سهر أمامه برفق قائلا بتعجب : ايه ده ! انتو تعرفوا بعض
سهر : انتى مين
أمانة : انا المهندسة أمانة من شركة عبد الراضى
لتتجاهلها سهر وهى توضح لنوح بسرعة : أيوة ، قابلتها فى الشركة اللى بتشتغل فيها ..لما نزلت مصر السنة اللى فاتت عشان المشروع بتاعنا
ليزوى نوح مابين حاجبيه قائلا : هو انتى بتشتغلى مع حاتم عبد الراضى
أمانة : أيوة
نوح باستهجان : ووصلتيله ازاى ده
أمانة بهدوء : شركته اخدوا أوائل دفعتنا كلها ، وكمان نيرة أخته تبقى صاحبتى
نوح بسخرية : امممم ..قلتيلى ..صاحبتك
لياتيهم صوت نعمة من الداخل : انتو عندكم كل ده ليه ، ماتدخلوا
ليدخل نوح إلى أمه وهو ممسك بيد سهر التى ما أن رأت نعمة مظهرها الا و حل عليها حالة من الصدمة الشديدة ، ولكن نوح يذهب إليها ويحتضنها مقبلا رأسها ، ثم يجذب سهر لتقف أمامها وهو يقول : دى سهر مراتى يا ماما ،ثم يوجه حديثه الى سهر قائلا : ودى بقى أعظم ام فى الدنيا دى كلها يا سهر ، عاوزك تعتبريها مامتك من هنا ورايح
لتقع جملته على قلب أمانة كخنجر مغموس بالسم ، فكم نهرها وهى لا زالت طفلة عندما كانت تنادى نعمة بأمى ، فكان يصرخ بها ناهيا إياها عن تكرارها ويذكرها بأن امها قد فرطت فيها وتركتها لهم دون أن تتذكرها يوما واحدا لسنوات طوال ، لتفيق أمانة على صوت سهر وهى تقول بود مصطنع : طبعا يا نوح ..مامتك زى مامتى بالظبط
لتقول نعمة بهدوء : اهلا يابنتى اتفضلى
ليجلس نوح مع سهر وأمه بينما تذهب أمانة إلى المطبخ وتبدأ فى وضع الطعام على مائدة الطعام لتلتفت سهر إليها وهى تضع قدما على الأخرى وتقول باستعلاء : بس هو انتى برة وجوة كده على طول يا أمانة
أمانة : كده اللى هو ازاى يعنى
سهر باستعلاء : يعنى ….بخيمتك دى
لتعتدل أمانة بوقفتها وهى تقول بهدوء شديد وكأنها تنتقى كلماتها حتى لا يخونها غضبها الداخلى : طالما انى موجودة مع حد مش محرم ليا ببقى كده يا مدام سهر
نوح بامتعاض : ايه مدام دى ، ماتتكلمى عدل
أمانة : كده احسن يا ابن عمى ، عشان مانشيلش الألقاب واتعود على كده واغلط وانا بتعامل معاها فى الشغل
نوح : مش فاهم
أمانة: مدام سهر من يوم ما اشتغلنا سوى وهى بتحب تتعامل برسمية ،فلسانى اتعود اقولها يا مدام ،مش هينفع دلوقتى أشيل الألقاب
نوح ببعض الغضب : ياللا ياماما ، المغرب خلاص هيأذن
لتنهض نعمة وهى تراقب أمانة بحنو شديد حتى وصلت إلى جوارها لتقبلها على وجنتيها من فوق نقابها قائلة : تسلم ايديكى يا أمانة … ربنا مايحرمنيش منك ابدا يابنتى
أمانة بامتنان : ولا منك يارب يا مراة عمى
ليتحلقوا حول مائدة الطعام بانتظار آذان المغرب ليبدأوا افطارهم
وبعد أن فرغوا من طعامهم واحتساء المشروبات ، قامت أمانة بترتيب المكان وتنظيفه وجلى الصحون ثم تركتهم للاتجاة للمسجد لصلاة العشاء والتراويح ، وبعد ذهابها
نوح : والأستاذة بتتأخر فى شغلها ولا بترجع فى معادها
نعمة ببعض الغضب : الاستاذة طول عمرها عارفة حدودها والأصول كويس اوى ، الدور والباقى عليك انت
نوح بدهشة : انا ..وانا عملت ايه
نعمة : حاططها فى دماغك ليه ، ليه دايما سامم بدنها فى الرايحة والجاية ، ليه دايما محسسها أنها قليلة وماتسواش ، ليه مرخصها وهى غالية ..وغالية اوى كمان يانوح
نوح باستهجان : وهو انا عملتلها ايه يخليكى زعلانة منى اوى كده عشانها
نعمة : انت مش شايف نفسك بتتكلم معاها ازاى ، طب يا اخى حتى لو هى وحشة ، افتكرلها أن هى اللى شايلانى السنين اللى فاتت دى كلها ، كفاية أنها كانت بترفض كل عريس يتقدم لها لما تلاقى أنها هتبعد عنى
نوح بدهشة : عريس ! لأمانة
نعمة بسخط : ااه لأمانة ، ومش عريس واحد ، دول عرسان ، وآخرهم حاتم عبد الراضى ذات نفسه اللي بيتمنى لها الرضا .. بس هى ترضى ..بس هى اللى ماوافقتش بحجة أنها ماتسبنيش لوحدى ، لدرجة أنه اتحايل عليها تاخدنى معاها وهى اللى مارضيتش
نوح ببعض الغضب : على ايه ده كله وليه يعنى ،دى مش باين منها حاجة حتى عينيها ، اللى عاوز يتجوزها بقى هيتجوزها على أساس ايه
نعمة بفخر: منهم من جيرانا اللى فاكرين حلاوتها وجمالها من قبل النقاب ، ومنهم من زمايلها اللى حبوها على ادبها وأخلاقها وتدينها ، اومال انت فاكر ايه الراجل يوم ما يحب يتجوز ويفتح بيت بيدور على البنت المحترمة المتدينة اللى تراعى ربنا وتصونه فى غيابه زى وجوده
لتنهض سهر فجأة بعد متابعتها بصمت لحوار نوح مع أمه لتقول : مش ياللا بينا يا نوح واللا ايه
نوح وهو مازال ينظر لامه بتمعن شديد : خلينا نستنى شوية يا سهر على ما أمانة ترجع ، عشان مانسيبش ماما لوحدها
لتعود سهر للجلوس بامتعاض وهى تنظر بسخرية لكل منهما بينما قال نوح لتغيير دفة الحديث : انا عاوز ازور بابا الله يرحمه
نعمة : وماله ، روح زوره واقرى له الفاتحة ، وقوله انك اتجوزت ، يمكن يتطمن عليك
نوح : هاتيجى معايا ؟!
نعمة : لو عاوزنى اجى معاك هاجى ، انا عموما بروح أزوره هو وعمك كل اول شهر عربى
نوح : مابتتعبيش من المواصلات
نعمة : لأ ، مواصلات ايه ، أمانة بتودينى بعربيتها
نوح بانبهار: هى جابت عربية
نعمة : يوووه من زمان ، بقالها بتاع تلت سنين اهوه
نوح : وعلى كده بتسوق كويس ، والا سواقة حريمى
نعمة ضاحكة بفخر : لااااا ، حريمى مين ، دى سواقة بريمو ماشاءالله عليها
ثم تنظر نعمة إلى سهر وتقول : وانتى ياسهر ، كنتى عايشة فى دبى مع باباكى ومامتك واللا مين
سهر بفخر : لا ، لوحدى
نعمة بدهشة : طب وليه يابنتى كده
سهر بعنجهية : انا مسئولة عن التعاقدات الجديدة فى الشركة وعشان كده تلاقينا فى كل بلد شوية ، وعشان شاطرة فى شغلى وبقدر على اللى مافيش غيرى يقدر عليه ...ماقدروش يخلوا حد يمسك نفس منصبى
لتومئ نعمة برأسها وتقول : وفين باباكى ومامتك
سهر : بأبى عايش من سنين هو ومراته فى اليونان مابيخرجش منها لكن مامى متجوزة وعايشة فى فرنسا
نعمة وهى تحاول فهم خلفية زواج ابنها : وعملتوا الفرح فين اومال ، روحتوا اليونان لباباكى واللا فرنسا لمامتك ، واللا هم اللى جولكم دبى
سهر بسخرية : احنا ماعندناش التعاقيد دى : انا كلمتهم وبلغتهم انى هتجوز وباركولي وخلاص ، ولما خدنا إجازة الهنى موون سافرنا لبابى اسبوع ولمامى اسبوع
نعمة وهى تومئ رأسها بحسرة وتنظر لابنها بعتاب : ربنا يهنيكم يابنتى
ثم سألت نوح قائلة : وانتو هتفضلوا قاعدين فى الاوتيل كده لحد امتى
نوح : ماهو مش هينفع اجى اقعد هنا وأمانة موجودة ياماما
نعمة : وليه يابنى ، الشقة كبيرة وتساعنا كلنا
لياتيهم صوت أمانة التى عادت من صلاتها وهى تقول : نوح عنده حق يامراة عمى ، السلام عليكم الاول
لتلتفت نعمة قائلة : وعليكم السلام ، ايه بقى اللى انتى كمان بتقوليه ده
أمانة بهدوء وهى تضع بعض المشتروات من يدها : انا مابقيتش صغيرة يامراة عمى ، وان الاوان انى اروح شقتى
نوح ببعض الغضب : وانتى بقالك شقة من امتى
أمانة بهدوء : من سنتين
نوح : وهو ينفع أن بنت محترمة تقعد لوحدها
أمانة : مانا مش هبقى لوحدى
ليهب نوح غاضبا ويقول بصوت عالى : اومال مين اللى هيبقى معاكى بقى أن شاء الله يا هانم يامحترمة ، انطقى
لتحاول نعمة التحدث ولكن أمانة تشير إليها بالسكوت لتتكلم هى قائلة بصوت يشوبه الارتعاش من شدة انفعالها المكبوت: انتو اللى هتبقوا معايا يانوح
لينظر إليها نوح بعدم فهم ويقول بامتعاض غاضب : انتى هتجنينينى
أمانة وهى تتنهد بشدة وهى تحاول السيطرة على اعصابها : ماهو اللى انت ماتعرفوش أن شقتى تبقى الشقة اللى قصادنا على طول ، عم إبراهيم لما طلع معاش قرر أنه يسافر بلدهم ويبيع الشقة ، فأنا اشترتها عشان ابقى جنب مراة عمى
فدلوقتى ممكن ترجع بيت ابوك من الصبح وانا هروح شقتى ولو مراة عمى حبت تبقى معايا تنورنى ، حبت تفضل فى شقتها ..برضة نفسها معايا ومتونسة بيها
سهر وكأنها قد ربحت اليانصيب : ااه طبعا تبقى معاكى ، اكيد مش هتسيبك لوحدك
ليحتقن وجه نوح بشدة وينظر إلى أمه ثم إلى أمانة قائلا : الكلام ده ما اتقاليش ليه من زمان
أمانة وهى تحاول الذهاب من امامه: احتمال مراة عمى نسيت أو ماحبتش تشغلك بامورى وهى عارفة انك …….
لتصمت دون أن تكمل حديثها ، ولكن سهر قالت : ماتفرقش كتير ياحبيبى ، دى حياتها الخاصة واعتقد انها مش هتفرق معاك كتير
ليتجه نوح إلى الباب ممسكا سهر بيده وهو يقول : احنا هنمشى دلوقتى ، وعلى ما نجيلكم بكرة أن شاء الله تكونوا اتفقتوا على اللى هتعملوه
ثم عاد مرة أخرى إلى أمه وهمس لها بشئ ما بأذنها جعلها تبتسم ثم ذهب وتركهم
ما أن أغلق الباب ورائهم حتى خلعت أمانة نقابها وهى ترفرف بيديها أمام وجهها لتجلب بعض الهواء من شدة حرارة الجو ثم أطلقت الشهادتين بخفوت وهى تجلس بجوار نعمة ثم قالت وهى تحاول الخروج من حالة الغضب التى تحوم حولهم : أدى اليوم اللى وعدتينى تعمليلى فيه الكحك طار ، عاجبك كده
لتضحك نعمة بشدة حتى دمعت عيناها ثم ضمت إليها أمانة وقبلت وجنتيها وقالت : ليكى عليا بكرة أن شاء الله اعملهولك
أمانة باعتراض : لا ياستى ، بكرة ليلة وترية ومش هينفع
نعمة : هعملهولك بالنهار
أمانة باعتراض : يا سلااام ، والحق انا العب امتى
نعمة بضحك : تلعبى… يابت اكبرى بقى
أمانة وهى تحتضن ذراع نعمة : دى الفرحة كلها فى اللعب ده يانعمة
ثم تشرد أمانة وهى تقول : فاكرة عمى الله يرحمه ، لما كان يقعد معاكى وانتى بتعملى البسكوت ويدورلك الماكنة، وكان يقعد يرصصلك الصاجات ويبصلك على الفرن كل شوية ، كانت احلى ايام عمرى اللى لا يمكن انساها ابدا ، وعشان كده بستنى افتكرها من السنة للسنة عشان احس بريحته معانا
لتدمع عينا نعمة وهى تتذكر شريك عمرها ، وعندما تلاحظ أمانة دموعها تنهض وهى تقول قومى صلى العشاء ياللا عشان اسحرك قبل ما انام ، وفكرى هتباتى فين بكرة ..معايا واللا مع الناس التانيين
لتقول نعمة باسمة : أقرر ايه بقى ، مانوح قرر وإدانى الأوامر قبل مايمشى
لتلتفت لها أمانة قائلة : ااه صحيح ...هو كان بيوشوشك بيقوللك ايه وانتى ابتسمتى بعدها
نعمة : قاللى ماتسيبيش أمانة عمى لوحدها