اخر الروايات

رواية فريسة في ارض الشهوات كاملة

رواية فريسة في ارض الشهوات كاملة 



 كانت تجلس فى شرفة منزلها وترتشف فنجان قهوتها بإستمتاع شديد ، وهى تدندن مع نغمات أغنية لفيروز وتنظر لآشعة الشمس الذهبية التى غمرت الأرض بدفئها و نورها ، وصوت زقزقة العصافير الذي يصل لإذُنيها ، بالإضافة إلى السكون الذى أضاف لقلبها الراحة والطمأنينة ، رفعت يديها ونظرت لساعة يدها لتجدها تعدت العاشرة والنصف صباحاً ، نهضت من مكانها فزعه ، والتقطت سلسلة مفاتيحها وهاتفها وانطلقت بسيارتها مسرعه إلى عملها ..

***
بينما فى مكان آخر ...
يجلس ذلك الشاب الوسيم على الفراش ، عارى الصدر ، ويغطى نصفه الآخر بملاءه بيضاء ، وينفث دخان سيجارته وهو ينظر لتلك العارية أمامه فى سخرية واشمئزاز و....
الفتاه بغنج وهى تتحسس عضلات صدره البارزة والصلبة ..
- قولى يا سولى ، عجبتك ..!
نظر لها فى تهكم وقال بلامبالاه ..
- عادى ، وأكمل فى برود قاسى قائلا :
- ويلا بقي يا حلوة من هنا ، ورينى جمال خطوتك ..!
رفعت عينيها إليه ، وقالت بحزن مصطنع وهى تقف امامه عاريه محاولة ً منها فى إثارته ..
- انت ليه بتعاملنى كده ؟ ده انا حتى بحبك ، هو علشان أخدت اللى انت عايزه .. تسيبنى !
أطلق قهقه عالية اثر جملتها ، واجه نحو خزانته ، وشرع فى ارتداء ملابسه قائلاً فى جدية تحمل نبرة متهكمة
- بتحبينى ! حب ايه ده ، ده انتِ بالدور .. وبعدين اللى خدته ده غيرى خدوه كتييير ، وده بقى دوركوا فى حياتى .. مزاجى وبس ..
واكمل ارتداء ملابسه ، واتجه نحو الباب ، وهمّ بفتحه قائلاً :
- انا ماشى ، ارجع ملاقيكيش
ثم أردف بسخرية مكملا
- وابقي خدى الفلوس من الدرج ، اصله من عرق جبينك ، يا عينى أصلك بتتعبى !
" سليم الحديدى ، شاب فى الثانية والثلاثين من عمره ، فاره الطول ، اسمر البشرة ، ذو عضلات متينة وقبضة فولاذية ، لديه شعر اسود كثيف وناعم وعينين سوداوتين حادتين كالصقر ، فمه شهوانى ذو بسمة قاسية .. متعجرفة ، ساخرة فى بعض الأحيان "
***
داخل جريدة ما ...
كانت تمشى بخطوات سريعة ، وصلت إلى مكتبها ، القت السلام على الجميع ، ومن ثم واصلت عملها و...
كانت تدون مقالها ، منهيه اياه وهى تضع عليه لمساتها الأخيرة ، اخرجها من سرحانها صوت زميلها يوسف الذى بات يرمقها بنظرات هائمة .. سارحة فى جمالها قائلا :
- الجميل بيكتب ايه ؟ اكيد مقال بتهاجمى فيه الرجالة ..
اتسعت شفتيها فى بسمة واثقة ، وادرفت فى تحدٍ
- هو انا ورايا غيركم ، متقلقش هتفضل دايماً " نور عزام " لقمة فى زور كل الرجالة ..!
ثم نهضت من مكانها ، ومرت من أمامه دون أن تعطيه أدنى اهتمام ، متجهة إلى مكتب " رئيس التحرير " ، بينما اعتلى وجهه الإصرار للحصول على تلك الغزالة الحسناء ..
***
بعد أن انهت عملها ، ذهبت متجهة إلى بيتها ، وصلت ، وأبدلت ملابسها .. وجلست على سريرها عاقدة ذراعيها اسفل رأسها تفكر .. وهى تسترجع بذاكرتها عن سبب كرهها الشديد للجنس الآخر ، بالرغم من وفاة والديها وهى لا تتعدى الشهرين ، وتكفلت الدادة " خديجة " بتربيتها ..
FLASH BACK ...
كانت الدموع تنهمر من عينيها كالسيل وهى تقص لها عن ما بدر من زوجها بنبرة منكسرة .. متحشرجة قائلة فى أسى وهى تضع كفيها على وجهها دلالة على حزنها الدفين
- انا مش مصدقة يا نور ان سراج يعمل فيا كده ، ده كان بيتمنى نظرة منى .. لدرجة انه استغل نفوذه ف انه يتجوزنى غصب عنى ..
واكملت وهى تنحب فى مرارة :
- اخدنى من حبيبى زمان وفرق بينا ، واتجوزته .. وبعد كل ده يتجوز عليا ويقولى بكل قسوة ان دى ست البيت وانتِ خدامتها !
ربتت على كتفيها فى حنو ، قائلة فى غضب شديد وهي تصر على اسنانها فى حنق من تصرفات ذلك المعتوه ، فصديقتها هشة للغاية ، تبكى من أقل كلمة ، فما بالكم بخيانة زوجها لها وقسوته عليها ..
- طب وانتِ مطلبتيش الطلاق ليه ؟ فين شخصيتك !؟
اردفت " مايا " باكية ، وهى تحاول كبح شهقاتها المتتالية ، قائلة فى تهكم ، ونبرة متحشرجة يتلوها أنين خفيض
- مقدرش .. مقدرش اقول حاجة .. انتِ عارفة هو يقدر يعمل ايه ، نفوذه وصلته ليا وخلت ابويا يوافق على جوازنا ، ومات بحسرته عليا .. نفوذه دى تقدر تعمل أى حاجة ..
نظرت لها فى حيرة شديدة ، تضاربت الأفكار فى رأسها كهبوط المياه من مرتفعات عاليه لتصُب فى نهر عظيم مُحدثة ضجيج ، وثوران ، إرتسمت ملامح الغضب متخذه مجراها على وجهها الجميل معلنة عن خيبة الأمل لإيجاد حلول لصديقتها المقربة ولكن لا يوجد ، فأردفت فى حنق وعصبية قائلة :
- أظن من بعد اللى بسمعة والمشاكل اللى بتجيلى وبسمعها ، مطلعتش غير بنتيجه واحدة ، وهى ان الرجالة ماتوا فى الحرب !
***
استفاقت نور من ذكرياتها ، وتنهدت .. كانت على وشك أن تغط فى النوم ولكن استوقفها عن فعل ذلك صوت طرقات على باب غرفتها ، أذنت للطارق بالدخول .. ليأتيها صوت حنون و ..
الدادة خديجة بحنو وهى تحمل فى يدها كوباً من عصير الليمون البارد ، خطت بقدميها حتى وصلت اليها قائلة بصوت دافئ ، جعل ابتسامة نور تشق طريقها إلى وجهها :
- خدى يا حبيبتى الليمون ده ، من ساعة ما جيتى وانتِ مش مظبوطة ..
قبلت نور كلتا يديها قائلة فى امتنان لتلك السيدة التى لم تتخلى عنها ، وربتها مثل لو كانت ابنتها وأكثر :
- تسلم إيدك يا ماما خديجة ، العصير جه فى وقته والله ..
ربتت خديجة على كتفيها فى حنان أمومى ، وقالت مبتسمة :
- ربنا يخليكى يا بنتى ، يلا بقي اشربى ونامى .. تصبحي علي خير
نور بإبتسامة عذبة ، قائلة :
- وانتِ من أهل الجنة ..
ثم خرجت الدادة ، واغلقت الباب خلفها .. تاركه نور غارقة فى بحور ذكرياتها ....
على الطرف الآخر ..
فى شقة تمتاز بالطراز الكلاسيكى ، الذي ينم عن ذوق صاحبها ، تجلس فتاه تمتاز بجمال هادئ ، حيث البشرة الخمرية ، والعيون السوداء الواسعة ذات الأهداب الكثيفة والتى تشبه تماماً أعيُن الحوريات ، وقوام رفيع فرنسى ، تحدثت تلك الفتاة بنبرة متوترة موجهه نظرها إلى صديقتها الجالسة أمامها و... سارة بنبرة متوترة :
- انا خايفة جداً يا ريم ، الظابط ده مش راضى يسيبنى ، وبيقولى كلام ابيح جداً !!
وأردفت بقلة حيلة ، وتوجس من القادم قائلة :
- انا مش عارفة اعمل ايه !
حاولت ريم بث الطمأنينة فى روح صديقتها ، برغم من توجسها من ردة فعل ذلك الرجل المتعجرف قائلة :
- متقلقيش يا حبيبتى ، مش هيقدر يعملك حاجة ، وأكملت مداعبة اياها قائلة بلهجة مرحة :
- وبعدين سيبك من ده كله ، ايه ابيح دى ! جيبتيها منين ..
لوت سارة شفتيها فى سخرية مصطنعة قائلة محاولة منها فى نسيان ما يجول ببالها :
- يا جاهلة ، هو انتِ متعرفيش ؟
اطلقت ريم ضحكة خفيفة قائلة :
- لا معرفش ..
- من السوق يا هبلة ..
هتفت سارة بذلك متصنعه الجدية ، فاتطلعت ريم اليها قائلة ، وهى ترفع احد حاجبيها :
- لحد كده وعلاقتنا انتهت !
فقهقهت سارة بمرح ، تلتها ريم وانفجرا بالضحك ، غير متذكرين لمشاكلهم .. فالحياة فرصة ، إن لم تستغلها .. ضاعت ، ومهما فعلت لن تعود لك ..!
***
بيننما توجه سليم إلى مبنى إدارة " أمن الدولة " ...
ذلك المبنى ذو الوجهات الزجاجية اللامعة ، والتصميم الفخم الجاذب للإنتباه ، كان كل من يراه يقف له بإعتدال مؤدياً التحية العسكرية إحتراما ً له ولمركزة المرموق ..
" العقيد سليم الحديدى " ذو مقامٍ رفيع ، يمتلك شخصية فولاذية ، يهابها الجميع ، لا يتردد ولو للحظة فى الإعتراض إبداء رأيه مهما كانت النتائج ، ولا يهاب الموت ، يتميز بذكاء خارق بالإضافة إلى الشجاعة ، والإقدام وشراسته وقسوته بالطبع .. انطلق داخل مكتبه .. جلس على الكرسى الخاص به ، حل وثاق رابطة عنقه وبدأ فى مراجعة أوراقه .. التى تتواجد على مكتبه بطريقه غير مرتبه دخل صديقه آسر دون أن يطرق الباب كعادته ، ثم قال بلهجة مرحة :
- سليم باشا ، بقى يا واطى تستفرد بالمزة امبارح من غيرى !؟
لوى سليم فمه فى تهكم ، وأردف بنبرة ساخرة :
- وتيجى ليه ؟ هتكون الحكم مثلاً ! ، وكل ما أخطى Levell " " هتسقفلى ، وتقولى فى انتظار الهجمة المرتدة ..!
عدل آسر من ياقه قميصه فى ثقة ، وقال وهو يغمز له فى مرح :
- لأ .. عيب عليك .. ههجم انا طبعاً ، اصلى بموت فى الهجمات ..!
- واحيات امك ...!
هتف سليم بتلك الجملة ، وقد اعتلى وجهه الرجولى الغضب المصطنع ..
آسر بتساؤل :
- وانت مالك بأمى ! ، هى مضايقاك فى حاجة ولا مؤاخذة ..
سليم بنفاذ صبر ، وبصوت أجش :
- آسر ، انا مش فايقلك ..
اعتدل آسر فى جدية قائلاً :
- ليه .. ايه الجديد يعنى ، الأوضاع ماشية تمام ، وكله آلسطه ..
سليم بنبرة أكثر جدية ، وهو يضع كلتا يديه خلف رأسه هاتفاً :
- لا مش تمام ، القضية دى عايزة تكتيك اكتر .. دى حاجة مش سهلة .. ده تهريب سلاح ، ومش سليم الحديدى اللى بيخسر ..!
آسر بترقب :
- والمطلوب ..
سليم وهو يصوب نظرة عند نقطة ما قائلاً بنبرة خبيثه :
- انا لقيت الخيط اللى هيوصلنى لعادل المنشاوى ..!

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close