رواية جريمة انتحار كاملة بقلم هدي مرسي
جريمة انتحار
فوق البرج يقف شبان احدهم يبدو عليه الاكتإب والحزن، والاخر متوتر بشكل غريب، رن هاتف احدهم فاجاب قائلا وقد زاد توتره : ايوه يا عصام عايز ايه ؟
فاشار لصديقه انه سيتحدث بعيدا وابتعد قليلا قال له عصام متفاخرا : ها صاحبك انتحر ولا لسه ؟
ماهر مستنكرا : مش هينتحر وتجربتك هتفشل ماتحلمش .
واذا بصوت صراخ من خلفه فنظر اذا بصديقه يلقى بنفسه من فوق البرج اسرع اليه محاولا الامساك به، لكن دون فائده سقط امام عينه صرخ بهستريا : فارس ... فارس ارجع يا فارس فارس ارجع يا فارس .
ونزل مسرعا وهو فى حاله من الهياج الشديد يمسك به وهو يصرخ قائلا : لاء ماتمتش يا فارس لاء لاء فارس فارس .
حاول كل من حوله تهدأته لكن دون فائده، تركهم واسرع وهو يلهث ذهب الى منزل عصام، كان يدق على الباب بعصبيه وتوتر ويرن الجرس قائلا : افتح يا عصام افتح يا مجرم انا مش هرحمك افتح .
اتى عصام بكل يرود وفتح له الباب قائلا : ايه الدوشه اللى انت عامله ديه فى ايه ؟
دخل ماهر وامسك بملابسه وارجعه الى الخلف حتى الصقه بالحائط قائلا : مش هسيبك هقتلك زى ما قتلت صاحبى انا هروح البوليس واقول لهم انك انت اللى قتلته .
عصام لا مباليا : روح بس اوعى تنسى تقول انك انت اللى رشيت عليه الماده .
فتركه ماهر ونظر الى الاسفل حجلا من نفسه، فعدل عصام ملابسه واكمل متحديا : اه وقولهم كمان ان ده كان تحدى بينى وبينك وانك كنت تعارف انه هينتحر وروحت معاه البرج .
ماهر رافضا لكلامه : لاء انا مكنتش اعرف متخيلتش ان الاختراع بتاعك حقيقي فكرت كلامه لحظى وهيروح انت اللى قتلته مش انا .
ضحك عصام قائلا: اضحك على نفسك زى ما انت عايز لكن الحقيقه انك انت اللى اخترته عشان تجرب عليه الماده .
وضع ماهر يده على راسه وجلس على الارض وبدأ يقول ببكاء : انا قاتل انا مجرم قتلت صاحبى ابشع قتله زمان امه هتموت عليه دى معندهاش غيره،ومش بس مات لاء مات عاصى لله اه اه اروح اقولها الحقيقه يمكن ده يبرد قلبها بس هقول لها ايه اه اه اه اه يارب مش عارف اعمل ايه اه اه
اخرج عصام زجاجه من جيبه ورش بها على وجه ماهر عدة رشات قائلا : روح انتحر زيه اهو اقله ترتاح من عذاب الضمير .
نظر اليه ماهر قائلا : ايوه صح انا استحق الموت ولازم اموت موته ابشع منه .
عصام : ارمى نفسك تحت القطار .
ماهر وكانه وجد شيئ ضاع منه: ايوه صح هرمى نفسى تحت القطار انا استحق كده .
وخرج من عنده واتجه الى اقرب محطة قطار والقى نفسه تحت عجلاته وتقطع، اما عصام التقت صور له واخذ صور عن طريق النت لفارس، وكتب تقرير عن اختراعه وارسله الى احدى المنظمات العالميه، وبعد عدة ايام اتى مندوب من هذه المنظمه اليه وجلس يتحدث اليه
عصام: اهلا بك .
المندوب بلغه عربيه فصحه مكسره : اهلا بك سيد عصام معك فينوس .
عصام : بتعرف عربى كويس .
فينوس : اكيد ماذا تريد من المنظمه ؟
عصام ماكر : بتهيالى التقرير كان واضح لو الماده تلزمكم نتفاهم .
فينوس : لقد قرانا التقرير وسالنا عن الشاب الذى انتحر وتاكدنا من كلامك،نريد سر هذه التركيبه .
ابتسم عصام قائلا : سر الماده لاء لكن الماده ماشى .
فينوس : اذن اريد الماده ؟
عصام : وماله ادفع تاخد .
نظر اليه فينوس ببعض التفكير قائلا: كم المبلغ المطلوب .
عصام : عندى عشر ازايز وعايز فيهم عشر مليون دولار .
فينوس : ساتحدث الى المنظمه واتيك بالرد لكن هل لنا من عينه لنجربها .
اخرج عصام من جيبه بخاخه صغيره وقدمها له قائلا : تفضل جربها كما تشاء .
اخذ فينوس الزجاجه وخرج،وبدأ يكلم احد قائلا : لما لم تتركنى اقتله بمادته
اجابه الهاتف: كيف نقتله قبل ان نتاكد من تركيبة الماده .
فينوس : معى زجاجه ويمكننا تحليلها ومعرفة التركيبه .
الهاتف: جيد نعرف التركيبه اولا ثم نقتله .
وبعد عدة ايام اتى فينوس مره اخرى وكان يحمل حقيبه كبيره
عصام مبتسما: اهلا .
فينوس : اهلا بك اين الزجاجات ؟
عصام : موجوده الفلوس الاول .
قدم فينوس الحقيبه له قائلا : ها هى النقود .
اخذ عصام الحقيبه فتحها وقلب النقود بها واخذ حزمه من النقود وقلبها جيدا ونظر له قائلا : تمام لحظه هجبلك الازايز .
ودخل وضع النقود واحضر له حقيبه بها احدى عشر زجاجه قدمهم له قائلا : وادى الازايز ومعهم ازازه من الترياق كمان ومش هطلب فيها كتير نص مليون كفايا .
اخذهم فينوس قائلا : جيد هل لديك اختراعت اخرى ؟
حسام : ايوه ماده تانيه ترشها على الشخص تخليه ينفذ اللى تقوله عليه بدون تفكير .
فينوس : ساكلم المنظمه عنها واسرسل لك ثمن الترياق غدا .
اخذ فينوس الزجاجات وذهب، وارسل اليه فى اليوم التالى المبلغ الباقى، اخذ عصام النقود اشترى مصنع للادويه وبدأ يشغله وخصص جزء منه له، يقوم فيه ببعض التجارب لبعض الادويه، وفى احد الايام وهو يعمل على بعض التجارب فى معمله دق الباب دخلت فتاه جميله ممشوقة القوام واقتربت منه قائله : انا اسمى ريان بشتغل هنا فى المصنع بس عندى فكره لتركيبة دوى وكنت عايزه اعرضها على سيدتك .
عصام : فكرة ايه ؟
ريان : دوى لعلاج بعض الامراض ممكن اشرحو لحضرتك .
احضر لها ورقه وقلم قائلا : اكتبى هنا كل اللى عايزه تقوليه .
ريان : بس انا افضل انى اعمل التجربه قدامك .
نظر اليها باعجاب قائلا: تمام اتفضلى (مشيرا الى جزء من المعمل ) اعملى التجربه هنا .
ابتسمت ريان وبدات فى التجربه وبعد انتهت نظرت اليه قائله : اتفضل شوف الماده بنفسك .
فحص عصام الماده جيدا وتاكد من كلامه قائلا : واضح انك شاطره قوى وغاويه تجارب .
ريان : فعلا انا مجنونة تجارب وعمله معمل صغير عندى فى شقتى لو ممكن تشرفنى فى شقتى وتشوفه .
عصام : ومحدش من اهلك اتضايق من الموضوع ده ؟
ريان : انا عايشه لوحدى مليش حد اهلى متوفين من زمان .
ابتسم عصام وهو ينظر لها بنظرات شهوه قائلا : ومش هتاخفى انى اجى عندك فى شقتك لوحدك ؟
ريان مبتسمه : لاء طبعا حضرتك شخص محترم ولا يمكن تعمل شئ يقلل من شأنك .
ابتسم لها قائلا : تمام بعد الشغل اجى معاكى اشوف معملك .
وبعد انتهاء العمل ذهب معها الى شقتها، وجد بالفعل لديها معمل صغير اشبه بمعمله ولكن بشكل مصغر، فنظر اليها معجبا به قائلا : رائع ده معمل صغير بس جميل وعندك بقى اختراعت .
ريان : يعنى اخترعت بعص الادويه البسيطه لعلاج بعص الحالات .
عصام : طب ليه مسمعتش عنها فى سوق الادويه ؟
ريان : لانى منشرتش اى منهم بخاف حد يسرقها .
فضحك قائلا : ومخفتيش انى اسرقها منك .
ريان : لاء انا حاسه حضرتك شخص محترم ومحل ثقه .
ابتسم عصام قائلا : ثقه جميله اتمنى اكون قدها ورينى بقا الادويه اللى اخترعتيها .
احضرت بعض القوارير واعطتها له قائله : اه شوفها بنفسك .
امسك القوارير وبدأ يفحصها ويبدو عليه الاعجاب ونظر لها قائلا : رائع بجد انت مخترعه بس كل دى حجات عاديه طلما غاويه سبيلى نفسك وانا هعلمك حجات تفوق خيالك .
نظرت اليه مبتسمه : اسبلك نفسى لاء لكن اتعلم اه .
ضحك : اتفقنا تعالى معايا بقا اوريكى معملى .
اخذها وذهبا الى شقته والتى حولها الى معمل كبير،كانت تنظر للمكان بانبهار شديد قائله : واو ده معمل متكامل كانه مختبر علمى .
عصام متفاخرا: هو بالنسبالى كده كل يوم بعد الشغل تعالى معايا، وهعلمك شوية اسرار محدش غيرى هيعلمهملك .
ابتسمت : اما اشوف ايه الاسرار دى .
وعلى مدار ثلاثة اشهر كانت تاتى معه ويعلمها بعض الاشياء،حتى انه اعتاد على وجودها فنظرلها قائلا: متخليكى معايا على طول ؟
ريان : ازى يعنى مينفعش طبعا .
عصام : انا واحد عملى مليش فى الكلام المزوق،لكن انا مرتاح لوجودك معايا قولتى ايه ؟
ريان : نتجوز يعنى ؟
عصام : مش مؤمن بالجواز بس حابب وجدك معايا .
ريان : افكر وارد عليك، بس ايه اللى يخلينى اقبل .
عصام : محدش غيرك دخل هنا ومحدش غيرك يعرف التركيبات اللى قولتلك عليها .
ريان : دى ثقه غاليه بس بردو يعنى .
عصام مبتسما : براحتك وقت ما تحسي انك مطمنه ليا انا موجود .
ريان : اه نسيت اقولك فى رساله غريبه جتلك على الكمبيوتر من شويه .
عصام : متهتميش دول ناس عايزين منى شغل وانا مش عايز .
ريان : ليه مش عايز مش بيدفعو .
عصام : لاء ملوش لزوم الشغل معاهم تانى خلاص .
وبعد مرور اسبوع كانت معه فى المعمل وغضبت جدا واردت الذهاب فلحق بها قائلا : انا مش فاهم ايه اللى زعلك دلوقتى .
ريان وهى غاضبه: يعنى بتقول انى ليا مكانه عندك ومعرفتنيش على التركيبات اللى مخبيها جوى دى .
عصام : دى تركيبات قديمه وانا مش عايز افتكرها تانى هى ادت الغرض منها وخلاص نبقاش لها لازمه عندى .
ريان : وامال محتفظ بيها ليه وليه مقولتهاش ليا ؟
عصام محذرا : ريان انا مبحش كلام الستات الخايب ده انا لو مش عايز اعرفهملك مكنتش دخلتك هنا اصلا وبلاش كده .
تضايقت ريان من اسلوبه لكنها تعرف ان هذه هى طريقته فتهدت قائله : انا اسفه مقصدتش بس يعنى لما القيك مخبى عنى حاجه ازى يعنى مزعلش .
اخذ عصام نفس وزفره قائلا : انا فاهم قصدك بس انا مقولتكيش لانهم مش مهمين دول ماضى وانتهى .
ريان متعجبه: ماضى وانتها يعنى ايه؟
عصام : اول ما بدأت كنت محتاج فلوس فاستخدمت عبقريتى واخترعت ماده كسبت منها فلوس .
انتاب ريان الفضول فقالت : ايه الماده دى اللى تجيب فلوس ؟
عصام : اخترعت ماده لما ارشها على اى حد ينتحر خلال اربعه وعشرين ساعه .
ريان متعجبه : ده ممكن انت جربتها ؟
عصام : ايوه كان ليا واحد صاحبى حكتلو عن الاختراع بس هو مصدقنيش فاتحديته واختار واحد من اصحابه متفائل جدا ولا يمكن ينتحر ابدا ورشه بالماده وتانى يوم انتحر .
ريان : وصاحبك ده عمل ايه ؟
عصام : رشيت عليه الماده خليته ينتحر هو كمان لانه مينفعش يفضل كان عايز يقول وانا مكنتش عايز حد يعرف .
ريان مصدومه: قتلت صاحبك .
عصام : انا مقتلتوش هو انتحر وعموما خلاص بقا ده مات فى سبيل العلم .
ريان : ممكن بردو انما انت اكيد نسيت الاخترعات دى وطرق تركيبها .
عصام : لاء طبعا فاكره وبكل تفاصيلها .
اخرجت ريان بخاخ من جيبها ورشته به قائله: ودلوقتى هتقولى كل تفاصيل اختراعك اه ماهى دى الماده اللى اخترعتها تخلى الشخص ينفذ اللى عايزه منغير تفكير .
بدأ يعلمها كل شئ عن اختراعاته دون رفض لاى شئ وبعد انتهى نظرت اليه قائله : دلوقتى بقى دورك خلص روم احدف نفسك من البلكونه .
فنظر لها وضحك قائلا : انت فاكرنى اهبل وهصدقك بسهوله كده انا اللى حطيت الصندوق فى الاوضه عشان زهقت منك وقررت اخلص منك .
صدمت ريان قائله: ايه انت مش تحت تاثير الماده ؟
عصام : لاء طبعا انا كنت متوقع الغدر منك وعارف لعبتك من ساعت مابعتو طلبو الماده التانيه،وعملت حسابى واخدت الترياق .
ريان متعجبه: وليه نفذت كل طلباتى وعلمتنى تركيب المواد .
عصام مبتسما: كنت بتسلى وعموما خلاص دورك خلص .
اخرج زجاجه من جيبه ورشها عليها قائلا : دى بقا ماده مركزه هتنتحرى خلال ساعه واحده يعنى المنظمه بتاعتك مش هتعرف تعملك حاجه .
فضحكت ريان قائله : وانت كمان هتموت اصل نسيت اقولك انى عملت تعديل للماده خليتها تموت الشخص بعد ما ينفذ كل المطلوب منه موت بطئ .
وعادت للضحك فامسكها وهزها بقوه قائلا : لاء مش هموت باختراعى لاء مش ممكن العلم ده ليا بتاعى .
ريان ببرود : مش هتموت ببلاش هتموت فى سبيل العلم .
عصام هائجا: لاء لازم يكون فى ترياق لاء مش هموت .
ريان متوتره: الماده دى من اخترعى ومعتقدش عندك الوقت الكافى انك تخترع مضاد لان مش باقى قدامك غير نص ساعه .
بدا يشعر بهبوط وتشوش فى الرايا وشعر ان قدمه لم تعد تتحمله فوقع فى الارض وهو يضع يده على راسها ويقول بصوت ضعيف : ده ذنبك يا ماهر انت وصاحبك اه اه اه كنت ديما تقولى المال الحرام مابنفعش ولازم يكون حلال والا ملوش لزمه عندك حق فى كل كلمه بس فهمت متاخر.
ولفظ انفاسه الاخيره ومات كانت ريان تتحرك كالمجنونه فى المكان وهى تقول : انا لازم اموت انا لازم اموت انتحر بس ازى اه ارمى نفسى من البلكونه لاء اقطع شريان ايدى لاء اشنق نفسى لازم اموت لازم اموت .
وفى خلال ساعه اتى احد رجال المنظمه لكن كان الامر قد انتهى وشنقت ريان نفسها ومات عصام من اثر السم،حاول رجال المنظمه معرفة اى شئ عن تركيب الماده، لكن لم يستطيعوا فكان عصام يحفظ كل شئ فى عقله، احرقو المعمل ليختفى سر الماده تماما .
تحياتى / هدى مرسى
الثاني من هنا