اخر الروايات

رواية المتحول الوسيم الفصل التاسع 9 بقلم سارة منصور

رواية المتحول الوسيم الفصل التاسع 9 بقلم سارة منصور


 الفصل التاسع

قام من الارض والدهشة تتوج عيناه الرمادية ، اقترب منها بخطوات متثاقلة ينظر اليها متفحصا ، فكيف له أن يصدق ماتراه عيناه الان ، فالشخص الذي كان يغار منه طوال عمره ، ويتمنى ان يذقه من العذاب ، كان خنثي !!
أحاطت يدها على صدها ، وعيناها جاحظة برعب أثار قلبها بجعله يخفق بجنون ، لم تستطع أن تكتم دموعها ، وهى تراه ينظر اليها بتلك الطريقه .
الطريقه التى كانت تخشاها من الجميع ، لم تعرف أنها مؤلمة الى هذا الحد ، حتى تشعر بالانكسار أمامه .
_ كنت خنثي ...
قالها أدم وهو يطلق ضحكة ساخرة ، قتلت قلبها بعدة طعنات،حتى تلاشت ثقتها التى كانت تبني فيها شهرا ، وتعززها .
خرجت شهقه من ثغرها ، تظهر كافة آلامها ، وهو يدور حولها ينظر اليها متفحصا بسخرية .
فاسرعت تأخذ القميص الذي بجانبها ترتدية
_
...إسلام أكرم ،هاهاهاها ...، خنثي .
أول مرة أشوف حد بالحالة دى ، حاجه عجيبة ،
الله !!! بتعيط ليه بس يااسلام ...أوبس .. أقصد يا ياسمين ..
قال أسمها هامسا فى أذناها ، لتبتعد وجسدها لايتوقف عن الارتعاش ، فكل كلمه ينطقها ، ترى أنعاكسها داخل عيناه ينبأ بالشر الماكر .
عندما راها تبتعد عنه ، حتى لايضع يده عليها ، أقترب منها وأمسكها من زراعيها ساحبا اياها ، عند مكتب والده .
لم تشفع دموعها ولا شهقاتها له ، فقد كان الغل داخل عيناه ، يذكره أنه ظل يعانى بسببها ، حتى ذهب الى طبيب .
فكيف له أن ينظر اليه ام اليها ، أم لتلك الخنثى .
دخل على والده فى غرفة المكتب بدون أن يطرق الباب ، ليجد أنه جالسا على المكتب ينظر الى بعض الصور ويبكي !!!
_ أنت أزاى تدخل عليا كدا ، أسلام ، أنت أزاى ماسكه كدا ، نزل ايدك ..
ضحك أدم بسخرية على والده بصوت يدوى فى ارجاء المنزل وقال وهو يلقي اليه الورقة طبية ..
_ إسلام هااه ، تقصد ياسمين .
أنتبه العم ناجى الى هذا الرباط الذي كانت تحيطه ياسمين على صدرها من القميص الذي لم تغلقه جيدا ..
فتح الورقة بغرابة يقرأ مابداخلها .
أرتعشت يداه وهو يقرا كل كلمه بعناية عدة مرات .
_ شوفت اللى كنت بتحاربني عشان كان خنثي .
قالها أدم بسخرية ليعم الصمت دقائق ، حتى ظهر صوت اباه يئن من الألم ، وهو يرفع بصره الى ياسمين ، التى كانت تبلل وجنتيها الحمراء بالدموعها الحارقة .
لم يستطع أن يقف على قدميه ، فسقط على كرسيه وهو مايزال ينظر اليها ، لتسقط الدموع من عيناه الاخر، وهو يقرأ لغه عيناها البائسة ..
فقال بصوت باكى منكسر
_ مقولتليش ليه ، محدش عرفنى فيكم ،
..عشان كدا أخويا مات لما خسر الفلوس ، كان عاوز يعملك العملية .
طب ليه ، ليه معرفنيش دا أنا أخوه ، كنت بشوف وشه يوميا .. ليه عذبك وعذب نفسه ...
...وأنت ، ليه مقولتيش ليه ...
... ليييه
قام العم ناجى من جلوسه وخطى اليها بتعب وأمسكها من كتفيها وهو ينهرها..
_ ليه ليه ، ليه روحتى لوحدك ، مكنتيش خايفه ، لو كان حصلك حاجه ، مفكرتيش فيا .
أنت قلبك قاسي زي أبوك .
_ كفايا ...حرام عليك ..كفايا .. ارحمونى .
قالتها ياسمين وهى تصيح ، لتقع على الارض بحسرة وعمها يمسك يدها.فنزل على الارض مقابلا لها ..ينصت اليها بألم .
_ كلكم شبه بعض ، أيوة أنا بعترف أنى خنثى ، فيه ايه يعني ، حرام؟ . هدخل النار؟ . بتعملونى كدا ليه .. كنت عيزنى أجى أقولك عشان تخليني راجل ، عشان مفضحكوش .. أنا معملتش حاجه غلط . أنا بس كنت عاوزة أمى ترتاح .
محدش فيكم له حق عليا ، أنا هعمل اللى عوزاه .
فى تلك اللحظة شعر أدم بوخز داخل قلبه ، أعتقد أن تصرف معها بعنف سيرتاح من هذا الشعور الذي يقتله ، لكن لما الان يشعر أن كل كلمه تخرج منها كالصفعه على وجهه .
قامت ياسمين من الارض وسحبت يدها من عمها الذي كان يبكي عليها وعلى كل مامرت به ، فعندما مرت تلك الكلمه على مسمعه ، أنه سيجعلها رجل ،علم مأساتها والسبب فى اخفاء تشخيصها ، أن أخاه كان يريد جعلها ولد . برغم أنها فتاة .
هرولت ياسمين الى غرفتها ، وأغلقت الباب على نفسها ، تصرخ بأقصي قوتها حتى سمعها كل من فى الحى .
لم تتوقف حتى وهى تسمع صوت عمها ، يطرق الباب ويتوسل لها أن تفتح .
ظلت فى غرفتها اسبوعا كاملا ، لايراها أحد .
لاتفتح باب غرفتها الا لدخول طعام ، فقد عقد معها عمها إن لم تريد أن يأتى اليها ويتحدث معها عليها أن تتناول الطعام ، والا لن يتوقف عن المجئ وطرق الباب .
***
لم يتوقف أدم عن المرور امام غرفتها ، ووضع أذناه على غرفتها حتى يسمع أن كانت تبكي أم لا ، فشعور الندم قد سيطر عليه ، وهو يراها بتلك الحالة .
ولم يتوقف عن العبور من الشرفة فى الظلام ، حتى يراها وهى نائمه ويظل يراقبها ، وهو يسمع شهقاتها وهى نائمة كطفل الصغير .
تذكر عندما كان فى المتوسط ، وتبكي بعد أن تعرضت لضرب من سيف ، كم كان سعيدا ذلك اليوم ، وهو يراها بتلك الطريقة .
جاء بخاطره
أن كان يعلم بحالها ، هل كان سيساعدها أم يتركها .
كلما يراها نائمه تبدو كالطفل الصغير الذي تركته أمه يبكي بمفرده ، فيشعر بالشفقة عليها أكثر ، فكم كان أنانيا معها ، لما أراد فى تلك اللحظة الذي علم ضعفها ، أن يكسرها أكثر .
الم يفكر فى مرضه الذي جاءه بسببها ، ويظل يذهب الى الطبيب معتقدا أن به علة ، ألا يجب عليه أن يسعد الان لأنه كان طبيعيا منذ البداية ، وأن قلبه السقيم كان يرى حقيقتها بدون أن ترها عيناه .
مرر يده على خصلات شعرها ، فلامست وجنتياها الدافئة ، فتسلل اليه هذا الشعور مرة أخرى . بجعل قلبه يخفق كقرع الطبول الثائر ..
يصب داخل عروقه بنقاء نسيمها عبر انفه ، فاستسلم لوجهها الذي أخذ يديه وسادة.
أحس بأنها على وشك الاستيقاظ ، عندما تقلبت بجسدها الى الجهه الاخرى ، فخرج مسرعا يعود الى شقته فى الدور العلوي .
****
جاء الصباح مصاحبا لأصوات العصافير ، تزقزق داخل شرفتها ، لتستيقظ وهى تتنهد على صوت طرق الباب .
_ ياسمين ، أفتحى ، أنا عمك ... هقولك بس حاجه وامشي على طول .
قلبها ينذف وجعا ، لكن يعترف لها أنه سامحه ، فيكفي أنه أعترف بأنوثتها .
فاقتربت من باب غرفتها بتوتر ، وفتحت الباب بيد مرتعشه .
عندما رأها عمها أحطها بين زراعيه ، يربت على ظهرها ، ويعتذر كثيرا .
_ أنا يابنتي ، أسف ، أنت برضه لازم تحسي بيا ، أنا لما روحت لدكتور قالى حاجات كتير أووى لحد دلوقتى مش قادر أستوعب ، بس قلبي شايف أنك ياسمين .
سامحيني يابنتي ، أنا مش هاين عليا أسامح اخويا ، لما الدكتور قالى حالتك كانت ممكن أتعالجت من زمان زعلت ، وقلت أزاى أنت اسحملتى كل دا .
.. أنا عاوزة أقولك حاجه ...
أنت بطلة ياياسمين ، بطلة ,انا والله ليا الشرف انك تكون بنت أخويا ، بدون أى حاجه ، عارفه ليه ..
لأنك كنت عارفه اللى فيك ، وكنت عايشة وبتنجحي ، شاطرة فى كرة القدم ، والدراسة ، وجايبه مجموع كبير مش اى حد يجيبه .
قالها العم ناجى وهو يربت على كتفيها ويحاول كتم الدموع .. فهو يريد أن يكون قويا لكى يكون داعما لها ، فلم يكن لها ذنبا فى أى شئ .
فعض على شفتيه وهو يراها تبكي بدون توقف .
فأردف ..
_ أنا معاك فاللى تختاريه ، بس بشرط ..
رفعت ياسمين رأسها اليه وعيناها تسبح فى غيوم ضبابية ...
فابتسم .. وهو يقول
_ تعرفي امبارح عملت ايه ..
روحت قدمت ليك فى كلية الهندسة،
بدون ليه ولا لا ، أنت هتكملى تعليمك ..و هعوضك عن كل حاجه شوفتيها ..
_ بس ياعمي ،
_ بدون بس .
_ طب سبني وقت أفكر ..
ربت العم على كتفيها وهو يبتسم ويميل رأسه بايجاب ، وخرج من الغرفه ويرمقها بنظرات تؤلمه أكثر .
فحينما عرف بهذا الامر ، شعر أن صخور الدنيا حطمت جسده ، وهلكته .. فما يخشاه تقبل المجتمع لها ، ومستقبلها المجهول .
****
أرتفع القمر يضئ خلايا وجنتيها الحمراء ، ويرطب عيناها الزرقاء ، وهى تمشي على الطريق بمفردها ، ذاهبه الى بيت رامي بعد تسللت من وراء عمها .
تفكر دائما
ماذا ستكون رده فعله ، هل سيبتعد عنها ، أم يشفق عليها ، أن تخيرت بين هذين الامرين لاختارت الشفقة .
وبعد أن وجدت رامي فى المنزل ، وقد باد عليه الحزن هو الاخر ..
_ انا جتلك البيت كتير ، كل لما اروح يقولولى انك مش موجود ، بجد زهقت منك ، انت ضاع من اول ماتش ..
_ معليش يارامي كنت تعبان والله ..
_انت مش عجبني اليومين دوول ..
تنهدت ياسمين وهى تميل رأسها بايجاب ..
و طلبت منه الخروج فى نزهه ، فوافق فورا ، لكنه ذهب واخذها معه الى جده بسيارته ...
مرت ساعه كامله فى الطريق ... فدهشت وهى تنظر الى خريطه السيارة
_ انت رايح فين ... بقالنا كتير ، وبعدين الخريطه دي جايبه على ساحل البحر ليه
_انت رغاي اووى النهاردة ليه ، وبعدين لسه قدامنا ست ساعات ...
_نعم ..... وقف العربيه ... وقف اصل انط منها ...
قام رامي بزيادة سرعه السيارة بجنون ،وقال
_لو مسكتش هزود .. انا بقولك اهو ..
_ خلاص يخربيتك هتموتنا ...
عضت ياسمين على شفتياها بضيق ، تفكر بعمها ،فقد تأخر الوقت كثيرا .
مرت سبع ساعات حتى اشرقت الشمس ، فلم تستطيع ان تطرد النوم من عيناها فاستسلمت له ..
طوال الطريق ورامي يقوم بمراقبتها ... ويتصفح وجهها بغرابة ،حتى جاءت سيارة كانت ستطيح بهم لولا انتباه رامي فى اخر دقيقة .
فاستيقظت ياسمين تتأوه ، اثر اصطدام رأسها بالباب ، ولكنها اكملت نومها مرة اخرى ، بسبب الارهاق الشديد.
وعند الوصول الى منزل الجد
كانت الشمس وصلت لمنتصف السماء تخفيها السحب تارة ،وتظهر اشعتها تارة اخرى .. وصل صوت الشاطئ الى اذناها لتستيقظ داهشة انها نامت كل ذلك الوقت .
كان المنزل صغيرا بلون اللبني ،يوجد على ساحل البحر ، يملك فناء واسعا وارضيته بالعشب الاخضر ، وشجرتان أحدهما موز ، والاخرى تفاح .
وشرفه كبيرة فى المدخل .
كانت ياسمين تنظر الي البيت بعجب ، فالشمس بقرصها الكبير تنعكس داخل عيناها ونسمات البحر تأتى اليها مسرعه بنعومة على كافة جسدها أمام المنزل،مما يمرر داخلها بالهدوء والراحة ، فالنسمات تحتضن جفونها التى انتفخت من كثرة البكاء ، تشعرها بالاسترخاء .
_ ازيك ياكبير ، ايه الاخبار .
هتف بها رامي وهو يحتضن جده بعناق اشتياق فرد علي الجد
_ ياوحش ياواد ياوحش ، لسه فاكر جدك .
_ ماانت عارف بقي اللى فيها يا كوكو،
دا اسلام صحبي .
_ اهلا وسهلا بيك ياحبيبي أنيست وشرفت .قالها الجد لياسمين وهو يقوم بمصافحتها ، وينظر اليها بغرابة .
وبعد أن جلست ياسمين فى حديقه المنزل تتصفح الزهور والاشجار وتنصت الى صوت البحر ، سحب الجد رامي الى الداخل ، وقال له
_ جايب ياخويا الولد الحلو دا منين ، مش عارف تجيبه لتوفى أختك .
_توفى ايه ياجدي دلوقتى .....أأأأأه صحيح توفى ، الواد اسلام دا مفيش زيه، أزاى أنا مفكرتش فى حاجه زي دى.
_ عيل أهبل..، زي ابوك . المهم ... شكلك مش عجبني ، انت مبتجيش ليا غير فى المصايب .
ايه المصيبه اللى عملتها ...
_ ليه ياجدو تقول كدا ، أنا جايا اطمن عليك
_ اهى نبرتك دى بتقلقنى .. أصلك ندل .. متعرفش حد غير فى المصلحة .
تنهد رامي وهو ينظر الى جده ، فجده قادر على قراءة مابداخله بنظر واحده .. لكن هل يخبره بما لا يستطيع أن ينطق به .
تنهد رامي وقال ، بعدين خلينا دلوقتى نهوى نفسنا .
_ ماشي ياخويا ، أنا طالع أنادى توفى .
ابتسم رامي وهو يتابع جده ، وفكر فى توفى فى أخته الصغيرة التى أنجبها والده من زوجة اخرى ، ومن ثم تخلت عنها والدتها ، لتقتن معهم ، لم تحب توفى والدة رامي والحياة معهم ، وبقت مع جدها .. ولأنها كانت تكره المدرسه فتوقفت فى المحله المتوسطه .
رجع رامي الى اسلام وهو ينظر اليه بخباثة ، ويرقص حاجبيه ذهابا وايابا .
فابتسمت ياسمين واطلقت ضحكة وهى تراه بهذه الطريقة ، ومن ثم جلس مقابلا لها .
_ ها ايه رايك .
_ المكان هنا جنة ، أنا لو مكانك أجى هنا على طول .
تنهد رامى وهو ينظر اليه طويلا ، وقال
_ شكلك مكتئب زيى ، يترى ايه اللى عامل فيك كدا .
انفتح ثغرها تريد أن تخبره بما يحدث معها ، لكن الخوف من رده فعله ، وخاصة بعد ردة فعل أدم جعلتها تخشاه أكثر ، فان نفر منها أيضا ، الى اين ستذهب . فلا يوجد لديها أى أصدقاء .
فأردف رامي وهو يتابع صمته ، ونظرات عيناه المريبة .
_ قولى يااسلام ، لو مثلا أنت اتجوزت ومراتك مش بتخلف ، هتعمل ايه ..
هتعيش معاها ، ولاتسيبها ، ولا تتجوز عليها .
أطلقت ياسمين تنهيدة طويلة ومن ثم قالت
_ لو انت مثلا اللى مبتخلفش هتحب انها تختار ايه ؟؟
شعر رامي بالتوتر ولم يستطع أن يجيب ، فأردفت ياسمين .
_ هاه ، سبحان الله مافيش حاجه كامله ..فعلا كل واحد عنده حاجة بتخليه يحس بالنقص .
وكأن ماقاله رامي وما أجابت عليه ياسمين كان ردا لها ، على حزنها . بأن الجميع لديه حفرة . يخشي أن يسقط فيها ، وينفر منه الجميع .
فى تلك اللحظة دخلت فتاة ترتدي فستانا بينك ولديها شعر طويل وعيون واسعه تنبض بالعشب الاخضر .
دهشت ياسمين وهى تنظر الى تلك الفتاة الجميلة الرقيقه ، وخاصة بعد أن وقف رامي بجانبها ويضع يده على كتفيها ...
_ دى بقي توفى أختى الصغيرة .
أبتسمت ياسمين وقامت مرحبه بها ، ونست تماما ، أنها أمامهم شابا ، يريدون أصطياده لتلك الفتاة .
جلس الجميع أمام بعضهما وقدمت لهم العصائر الملونه ، والفاكهه وخاصة الموز بكمية كثيرة .
_ توفى معتيش تاكلى موز ، هتبقي قردة ..
قالها رامي وهو يغمز لها ، وينظر الى اسلام ، بنظرات لم يفهما هو ..
كانت أصواتهم تعلو بالضحك تمتزج مع صوت البحر والطيور .. التى تذهب الى عشها مودعة النهار .
ومع دخول الليل ، اخذ رامى اسلام الى البيت المجاور لبيت جده .
_ البيت دا كنت بعد ألعب فيه مع البنات . منساش ابدا ،بنت اسمها تونة ، كانت بتحبني أووى وكل شوية تمسك فى ايدي والعيال يعدو يذفونا زى العرسان .. أأأه كانت ايام .. الواحد مكنش بيشيل هم اى حاجه .
مطت ياسمين شفتيها بضيق وتنظر اليه باستحقار وتمتمت
_ تيييييت همه البنات .
لم ينتبه رامي الى تمتمت ياسمين فقد لمح أكثر شئ يستمتع به ، فانتفض مسرعا الى تلك الارجوحة القديمة ..
وهتف الى ياسمين
_ تعالا زوقنى .. بسرعه ..
_ يعني بتاع بنات وتافه كمان .
قالتها ياسمين وهى تسرع اليه ، وتقوم بدفع الارجوحة .
_ زوق حلو .. يابني عملى فيها راجل ، وعضلات صدر .. وأنت ..
فى تلك اللحظة قامت ياسمين بدفعه بقوة ، فأردف
_ ايوة كدا ..
أأأه ... تعرف يااسلام أنا أول ماشوفتك واحنا صغيرين ،،قولت فى نفسي الولد دا نايتي ، وكنت بتستفزنى أوى وانت بتتكلم . كنت شبه ...
يلا بلاش ...عشان متزعلش .
شردت ياسمين الى الوراء ، فتذكرت الماضي كله .. فارتسمت ابتسامه على وجهها بألم ، وقالت
_ ودلوقتى لسه شبهم ...
_ مممم شوية .. انا بحب اقولك الصراحة دايما
تنهد رامي وقد باد عليه الحزن وقال ..
_ تعرف يااسلام أبويا ، حرمني من الورث ، وبيقولى هيعطي كل حاجه لسيف .
_ أكيد زعلته ، هتلاقيه لحظة نرفزة .
_ تعرف اللى وجعنى أووى ، ..
.. حياتي كلها بقت صعبه ، ومراتى شيلانى أووى ..
.. تعرف يااسلام لما عرفت ،أنى أنا ...
.... أنا ..
أنتبهت ياسمين الى تغير نبرة رامي الى الحزن ، فكانت تعتقد أن رامي حياته كلها سعادة ولايوجد به أى شئ يجعله يحزن ، أنتظرت كلمته الاخيرة ، بأذن صاغية .. وهى ماتزال تدفع الارجوحه ..
فأردف رامي
_ أنى مبخلفش ...
علمت أن الدموع تسقط من عيناه وان كان يدير ظهره ، فنبرته تكشف مكنونها .
فتساقطت الدموع من عيناها اثر صدمتها ، فأشفقت عليه .. حاولت أن تقول بعض الكلمات لتجعله يهدأ ، لكن شعرت أنها هى من تحتاج ..
فارتعشت شفتاها ، ولم تستطع ان تتحدث .
_ تعرف مراتي قالتلى ايه لما عرفت ،..
هتستغرب اووى ...
... أنها مش بتحب الولاد ، وانى أنا عندها أحسن من اى طفل ..، صعبت عليا ،أووى أن أنا حكمت عليه بحاجه زي دى ، بس بجد غصب عنى .
أنا مكسور أوووى يااسلام ، ومش عارف أعمل ايه .
_الطب اتقدم دلوقتى وبقي فيه علاج ، متعلمش بكرة هيبقي فيه ايه ...
تنهد رامي تنهيدة طويلة .... ومن ثم قال .
_ ماتزق كويس يابني ، دا لو جبت فرخه هتزقنى حلو .
_ لو سمحت تعرفوا ألاقي أى سوبر مركت قريب من هنا .
هتفت بها فتاة من أمام المنزل المجاور ، لينظر رامي واسلام اليها ليروا أنهم فتاتان يتمشان على البحر .
فتوقفت ياسمين عن دفع الارجوحه ليصل اليها همس رامي .. وهو يقول .
_ أنا البنت الشقرا وأنت التانية ... ولا أقولك سبهوملى ، عشان أنا حجزك لاختى ..
وقفت ياسمين كالرمح الصادم ،تنظر اليه بدهشه ، فكزت على أسنانها ، مما زاد دفعها للأرجوحة بقوة حتى سقط على الارض مباغتةً ،ويئن من الالم .
***
_ بابا أنا فكرت فى الموضوع دا كتير قبل ماأجى. ياريت تتفهمه .
_ خير ياادم ، اتمنى ميكونش خاص بياسيمن ، عشان مش هسمحلك تأذي البنت ..كفاية
فقال مقاطعا
_ متقلقش ، دا فى صالحها ، هى بنت عمى برضه .
..أنا شايف الاصلح ليها أنها تسافر بره ..
_ أزاى يابني ... ونسبها لوحدها ، هى محتاجة فترة نقاهة وأننا نكون جنبها .
_ مش هتكون لوحدها ، هنشوفلها حد تتجوزه .
_ مالك كدا بتتكلم بثقه ، طريقتك دي مش عجبانى ، كمان صعب جدا ان حد يوافق بحالتها ، متوجعش قلبي أكتر .
_ ماهو عشان كدا أنا فكرت كويس أووى فى النقطه دى ،
...أنا هتجوزها ..
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close