رواية وصية والد الفصل السابع 7 بقلم علي اليوسفي
( الفصل السابع ))
...................
كانت مع إحدى مريضاتها وهي تسحب من ذراعها عينةً من الدّم ،و تحادثها بابتسامة باهتة: والآن خديجة، فور صدور نتائج التحاليل الطبية لعيّنة الدم أستطيع أن أُحدّد لك موعد عملية التلقيح الاصطناعي.
طوت خديجة ذراعها ثم احتضنتها وهي تحادث أماليا بنبرةٍ ملؤها الرجاء: دكتورة، هل هناك أملٌ في أن أحمل وأصير أماً؟؟
تنهدت أماليا وهي تنظر إلى تلك السيدة التي تعدّت الخامسة وثلاثين من عمرها، تزوجت متأخرةً فحدثت معها مشاكلٌ صحية منعتها من الحمل بطريقةٍ طبيعية ، رغم أن الله منحها وزوجها الحب والتفاهم والثراء، ولم يُعكر صفو عيشهما الرغيد سوى حرمانهما من الأطفال بسبب مشاكل خديجة الصحية.
ناولت عينة الدم لإحدى الممرضات اللواتي كنّ برفقتها، أخبرتها بأن تأخذها إلى المختبر، ثم التفتت إلى خديجة و ابتسمت لها باطمئنان وهي تومئ برأسها: بإذن الله خديجة، فرحمك نظيف ولم تقومي بأي عملية قبلاً، وبأذن الله ستصبحين أجمل والدة.
بادلتها خديجة ابتسامتها وهي تتمتم خلفها بسعادة: بإذن الله.
خرجت من غرفة الفحص لتصادف شقيقة خديجة التي كانت بانتظارها، إنها إيمان أمٌّ لثلاثة أطفال ، كادحةٌ تعمل لتعيل زوجها، فحالتها المعيشية بسيطة ليست كشقيقتها خديجة.
ابتسمت بخفة وهي تقف لتقابل أماليا هاتفةً: كيف حالك حضرة الطبيبة؟؟
قابلتها أماليا لتجيبها: انا بخير ايمان، أخبريني، هل تأخذين الحبوب التي وصفتها لكِ بانتظام؟؟
تنهدت إيمان بتعب وهي تشير برأسها إيجابا: نعم ، لكن زوجي يرفضها دائماً ولا أعرف مالحل؟؟
ربتت على كتفها بخفة وهي تردد: لا بأس إيمان، فهيثم لم يكتفِ بعد ويريد المزيد من الأطفال منكِ.
هزّت الأخرى رأسها بيأس وهي تتمتم: ليس ونحن في هذه الظروف حضرة الطبيبة، ليس ونحن في هذه الحال الضيقة.
.............................................................
عادت إلى مكتبها بعد عدة أحاديث بسيطة مع إيمان وخديجة، كم تشعر أنها ترى نفسها كحال خديجة بعد خمس او ست سنوات، تستجدي طفلاً يؤنس وحدتها، لكن كيف لها أن تتمنى الطفل وهي حتى لا تتقبل أن تقابل الرجل الذي سيكون أباه؟؟؟
وصلت مكتبها هي تدلك جبينها بتعب ،وقبل أن تدلف إليه أتاها صوت هدى صديقتها فتجمدت مكانها ، حاولت تمالك أعصابها أمامها فهي لم ترها منذ الأمس بعد أن انفجرت فيها.
قابلتها بابتسامة فاترة لتقول وهي تفتح الباب لتدخل : هدى، كيف حالك؟؟
ابتسمت الأخرى هاتفةً : أنا بخير عزيزتي، هل انتهيتي؟؟
أشارت لها وهي تخلع عنها مئزرها الطبي متحدثةً بتعب واضح في نبرتها: نعم لقد انتهيت هنا، سأغادر إلى العيادة.
وقفت هدى تراقبها وهي ترتدي سترتها الجلدية فأخبرتها وهي تتفرس بها: هل علمتِ أنّ الطبيب ضياء قد قدّم استقالته؟؟
توقفت عن ارتداء السترة لثانية ، عادت من شرودها السريع فأردفت بضعف : لا لم أعرف، وعلى كلٍّ وفقه الله .
بدأت تلملم أغراضها الخاصة لتسمع سؤال هدى التالي: ألن تخبريني بما جرى بينكما أمس؟؟
توقفت عمّا كانت تفعل فأضافت هدى: لقد عرجتُ عليك البارحة بعد انتهاء عملي لكني لم أجدك.
تحول صوتها إلى الهمس مضيفةً: أخبريني أماليا، مالذي حصل ليصل به الحال الدخول في نوبة ربو؟؟
فهمت أماليا بأنها تدعي الغباء، كيف لا وكلّ من في المستشفى قد علم بما جرى له بعد أن تقدّم ليطلبها للزواج ورفضت؟؟
طرحت نفساً متعباً من أنفها وهي تستدير نحوها لتتمتم بضعف: هل نستطيع تأجيل هذا الحديث هدى؟؟ لأنني فعلاً متعبة ولديّ مواعيد كثيرة في العيادة.
شعرت هدى بتعبها فأرادت إلزامها بوعد: إذاً عديني بأنك ستحكين لي عن كل شيء، حتى عن ذلك الاحمق الذي عاد ليظهر في حياتك.
رفرفت بأهدابها باستغراب، هل حقاً قالت هذا؟؟ ربما فهي لم تكن بوعيها، حاولت التملص من الوعد لكن الأخرى لم تترك لها فرصة وهي ترفع يدها أمامها لتهتف: لن أقبل بأية أعذار أماليا، يكفي أنني سأحررك الآن وانا فعلا لا أستوعب شيئا مما حدث أمس.
ضغطت على شفتيها بقوة وهي تتمتم بخفوت: حسنا ،أعدك.
ثم رفعت سبابتها مضيفةً بتحذير : لكن لا تضغطي عليّ ،فهمتي؟؟
أشارت لها هدى بالإيجاب وهي ترفع يدها أمامها كعلامه موافقة، ابتسمت أماليا بخفة فهدى أكثر من يستطيع إخراجها من حال الكآبة.
..........................................................................
دلف أيمن مساءً إلى منزله، ليجد شقيقته الوحيدة ترتب أطباق الطعام على الطاولة، رفعت رأسها حالما شعرت به فهتفت بابتسامة: مساء الخير أيمن.
رمى سترته القماشية على كرسي قريب وهو يبادلها ابتسامة مُتعبة: مساء الخير إيناس.
سحب نفساً عميقاً ليقول بتلذذ: الله، ماهذه الروائح الطيبة!!؟
ابتسمت وهي تضع صحناً نظيفاً أمام كرسيه الفارغ: هيا ايمن ادخل لتغسل يديك ثم تعال لتتناول عشاءك.
مشى ناحية الحمام الملحق وهو يحرر أزرار كمّ قميصه الأبيض الرسمي، فتح صنبور المياه ليسمع سؤال شقيقته: إذاً، كيف يسير العمل في المكتب؟؟
حمل المنشفة القطنية ليجفف كفيه ووجهه وهو يجيبها بعد تنهيدةٍ مطولة: الحمد لله أختي، لقد تعاهدت مع مكتب ديكور وأظنهم سيسلمونني إياه قريباً.
سحب كرسيه ليجلس إلى المائدة، تناول الرغيف من شقيقته التي تبسمت: إن شاء الله.
ران الصمت بينهما للحظات، كان قد بدأ أيمن بتناول طعامه بشراهة لشدة جوعه ،بدت إيناس كمن يخفي شيئاً، لاحظ أنها لم تلمس طعامها فعقد حاجبيه بريبة، تطلع إليها ليجدها شاردةً ،فسألها باستغراب: مابكِ إيناس،؟؟ هل هناك مايشغلك؟؟
رفعت رأسها إليه لتنفي بابتسامة مقتضبة: أبدا عزيزي، لا شيء ولكن...
تنحنحت بحرج لتقول: اسمع أيمن لقد أرسلت المدرسة إشعاراً مع الاولاد بضرورة حضور أحد أولياء الأمور لحضور اجتماعٍ هام مع الإدارة.
قطب جبينه بجدية ليسالها: ألا تستطيعين الذهاب مع ريما؟؟
حركت رأسها للجانبين بإنكار : لا ، فأنا عليّ الحضور مع ابني أكرم.
فأضاف: لامشكلة، سأحاول أن أفرغ نفسي غدا.
عاد ليتناول طعامه وهو متأكد بأنها لم تفرغ بعد وفي
جعبتها الكثير من الأسئلة، وقد صدق ظنه عندما صدح صوت إيناس القائل بحذر: يجب أن تجد حلّاً دائماً لريما أخي.
حاول التملص من حديثها ومغزاه دون أن يشفي غليلها ،فتحدث وهو منكبّ على طعامه: لا تقلقي إيناس، سأبحث لها عن مربية ترعاها أثناء ساعات عملي.
ضغطت على شفتيها وهي تكرر حديثها بصيغة حذرة : هذا ليس حلاً ، ريما تحتاج إلى والدة تبقى بجانبها دائماً.
تصنع عدم الفهم مع أنه يعلم إلام ترمي، أضافت إيناس بحذرٍ اكبر وتمهل: كما أنك ايضاً تحتاج إلى زوجة ترعاك.
زفر من أنفه بحدة وهو يرمي ملعقته بقوة، تطلع إليها بغيظٍ مدفون فأربكها، لكنها تمالكت نفسها وهي تصيح به بتوتر طفيف : نعم أيمن لا تنظر إليّ هكذا، انت بحاجة إلى زوجة، إنسانة تؤنس وحدتك، انا لا أستطيع القدوم إلى هنا يومياً ،ألم تفكر في مصير ابنتك عندما تبقى لوحدها في المنزل وأنت في عملك؟؟؟
ضيق عينيه وهو يردد بهدوء مخيف من بين أسنانه المتلاحمة : إيناس اغلقي هذا الموضوع أرجوكِ.
لم تفهم إيناس أن شقيقها بات يغلي من الداخل ،فتابعت مُصرّةً أن تضغط على جرحه بقوة: أيمن لا تتهرب كالعادة، انت بحاجة من يقف معك ويدعمك ،هل بإمكانك إخباري من سيتولى رعاية ريما عندما تبدأ عملك بشكل جاد أو عندما تسافر مثلاً؟؟
صاح من جديد بغضبٍ متعاظم: أخبرتكِ أن تغلقي الموضوع.
..............................
ارتجف جسدها وهي تطالع وجهه الغاضب، ساد الصمت بينهما لا يقطعه سوى صوت أنفاسه الثائرة، أشاح بوجهه عنها ليتمالك غضبه، يبدو أنّ جلسات الدعم النفسي التي خاضها في أمريكا لم تنفعه أمام إلحاحات شقيقته، أغمض عينيه بقوة وهو يتمتم: أنا آسف حقا إيناس ، لم أقصد أن ارفع صوتي عليكِ!!
ازدردت ريقها بوجل ،ثم تابعت بما يشبه اللوم: أيمن أنت شقيقي الوحيد و انا أريد مصلحتك، يصعب عليّ أن أراك هكذا.
دفن وجهه بين يديه ينفخ بسأم ،ثم سمع حديث إيناس التالي بهدوء وتعقل: أنا أريد أن اطمئنّ عليك لا أكثر، أخبرني انت لاترغب بإنجاب شقيقٍ لريما؟؟ أم تراك تريدها أن تبقى وحيدة؟؟
رفع رأسه ليقاطعها بنبرة هادئة: افهميني إيناس أرجوك، انا لا أريد أن أظلم أحداً معي.
ارتسم الأسى على مُحياه وهو يضيف بألم: لا أريد أن أؤذي أحداً آخر ، لا أريد أن أتزوج لتأتي سيدة أخرى وتتعذب معي، وفي الآخر تموت كنتالي، انا لاأستطيع تحمل وزر إنسانةٍ أخرى....
التمعت عيناه بالدموع وقد قطع حديثه ،أشاح بوجهه إلى الجانب الآخر ليخفيه عن نظرات شقيقته المتفحصة، فلم تفهم مغزى حديثه عن ذنب سيدة أخرى لكنها شعرت بأنه يخفي عليها أمرا ما، ضيّقت عينيها وهي تسأله بجدية: ماذا تقصد بأنك لن تتحمل ذنب امرأة أخرى أيمن؟؟
لم يجبها فقط اكتفى بالتهرب من عيناها المتفرسة، فيما أضافت هي : على حسب علمي فإن نتالي قد تمّ قتلها على أيدي اللصوص عندما دخلوا إلى منزلك في غيابك، صحيح؟؟
مسح وجهه بيديه وهو يقول بضعف: ارحميني إيناس أرجوك، فلديّ من الضغوط مايكفي ويزيد.
رغب بالهرب قبل أن تكتشف شقيقته سرّه الذي جاهد لأن يخفيه ويكتمه ،لكنه أضاف بجمود كجملة أخيرة لينهي هذا الجدال : أنا لستُ مُستعدّاً في الوقت الحاضر، عندما أكون جاهزاً سأخبرك، وبالنسبة إلى ريما فسأجلب لها جليسة أطفال لترعاها، تصبحي على خير.
تحرك من فوره هارباً من عينيّ إيناس التي لاحقته حتى اختفى داخل الرواق المؤدي إلى غرف النوم، ثنت حاحبيها بشكّ وهي تشعر بأن شقيقها يخفي عنها أمراً بالغ الأهمية، كتفت يديها على الطاولة أمامها وهي تطرقها بإصبعها السبابة، مازال شقيقها غامضاً ،لم يتغير كثيراً رغم أنه تغرّب لمدّة تسع سنوات في أمريكا بنى من خلالها ثروة صغيرة ، فضلاً عن إرث ريما ابنته من والدتها، فقد قام أيمن ببيع ممتلكات زوجته الراحلة كلها بعد وفاتها وسجل المال العائد منها كوديعة باسم صغيرته.
شعرت بأنه يتخفى خلف أسوارٍ كثيرة من الأسرار، ماتزال تذكر كيف تغير شقيقها فجأة قبل اثني عشر عاماً ، وكيف تحوّل من الشاب الطامح النابض بالحياة إلى شاب مزاجي لا يعجبه العجب ولم يعرف أحدهم السبب، لكنها تجزم بأنها ستعرف سرّه قريباً.
أيمن شقيق إيناس الوحيد يصغرها بثلاثة أعوام، كان متزوجاً من عارضة أزياء أمريكية توفيت قبل عامين، حسب ما أخبرها فقد دخلت عصابة سرقة إلى منزله أثناء غيابه ليلاً،كان المنزل هادئا عندما استفاقت نتالي صدفةً لتشرب الماء، خرجت من الغرفة لتصطدم بأحد السارقين في الرواق حيث قام بخنقها قبل أن تصرخ وتفسد مهمتهم.
زفرت بضيق عندما انتبهت لتأخر الوقت، فقامت مسرعة لتلملم باقي الطعام ثم خرجت إلى منزلها الخاص، فهي متأكدة أن زوجها سيقلق عليها.
.............................................
استلقى أيمن على سريره يحاول أن يهدّأ نفسه بعد تلك المشادة بينه و بين شقيقته، كما تعلم من الطبيب النفسي الذي كان يدير حلقات ضبط النفس وقد شارك أيمن فيها.
فتح عيناه مجددا وهو يستذكر آخر مشادة كلامية بينه وبين نتالي.
Flash Back.
هتفت نتالي بحنق من بين دموعها متحدثة باللغة الإنكليزية: أنا أحبك ايمن ،لكنك لا تفعل أخبرني لماذا؟؟
لم يجبها بل اكتفى بالنظر إليها كأنه لم يتأثر بدموعها، بينما أضافت الأخرى بنحيب حارق: لماذا؟؟ أخبرني أرجوك، ألستُ جميلة مثلها؟؟ ألم أعشقك بقدرها وربما أكثر منها؟؟؟
زاد غيظها وغضبها من بروده معها فصاحت به مجدداً وهي تقترب منه حتى أضحت تقف أمامه : أجبني ايمن لا تبقى صامتاً أرجوك.
تنهد بملل ثم أجابها وهو يحمل سترته الجلدية ليرتديها: ليس هناك سؤالٌ أساسا لأجيبك عليه نتالي.
لم ينتبه هو إلى تلك الصورة الفوتوغرافية التي سقطت من جيب سترته ، تجاوز زوجته بعدة خطوات ثم توقف ليستدير متحدثاً: أنا خارجٌ لأسهر مع أصدقائي، اعتنِ بريما ولا تفكري بهذه الأشياء.
لاحظ أنها انحنت لتتناول شيئاً ما على الأرض لم يتبينه، عقد حاجبيه بريبة ثم انفرجتا بدهشة عندما استدارت لتقابله حاملةً في يدها تلك الصورة، ازدرد ريقه بارتباك وهو يحاول الحديث لكنها لم تسمح له، رفعت الصورة أمامه ليظهر مجموعة مراهقين لم تتجاوز أعمارهم الستة عشر عاماً بدوا في نزهةٍ ما ، عرفت من بينهم أيمن يقف بجانب فتاة جميلة وهو يتطلع لها بحبٍ واضح.
ذرفت دمعة حزن من عينها وهي تردد بلكنتها الإنكليزية: ألهذا تزوجتني أيمن؟؟ ألأنني أشبهها؟؟
حرك شفتيه يريد التحدث لكن صوته كان قد اختفى من هول المفاجأة ، تبسمت بسخرية وهي تردف بمرار: لقد سألتك إن كانت لديك صورة لها لكنك كذبت أيمن، والآن علمتُ لماذا، لأنك لم ترغب بأن أرى الشبه الكبير بيني وبينها صحيح؟؟
طالعها بإشفاقٍ ولم يستطع نطق حرف يواسيها به أو يكذب اكتشافها، ربما لأنه الحقيقة.
تبدلت ملامحها الباكية في لحظة إلى الدهشة وهي تقول كمن تذكر شيئاً: مااسمها أيمن؟؟؟
لم يجبها فصرخت بقهر: اسميتَ ابنتي باسمها، صحيح؟؟
تمالك نفسه ليقترب منها هاتفاً بجمود: هذه خيالات في عقلك نتالي فقط.
حاول أن يضمها إليه لكنها نهرته وهي ترميه بالصورة لتضيف بصراخ: ابتعد عني أيمن ، أذهب من هنا.
ضغط على شفتيه غيظاً من صراخها فزجرها بغلظة: نتالي انت تعلمين بأنني أكره الصوت العالي.
لم تهتم نتالي بأمارات الغضب التي ارتسمت على وجهه فهتفت بغيظ: أذهب أيمن، أخرج من هنا هيا....
تمالك أيمن نفسه لئلا ينفجر بها ،فهي لها كل الحق في الغضب منه لأنه كذب عليها، قرّر أن يخرج من المنزل على أن يعود عندما تهدأ، انحنى أيمن ليأخذ الصورة التي لاتفارقه ثم استدار ليخرج، لكنه سمع صوت نتالي خلفه تصرخ بقهر وغصة المخدوع: اذهب إلى الجحيم أيمن.
لم يهتم بكلماتها كثيراً، خرج كعادته كل ليلة إلى الملهى الليلي ،شرب الخمر حتى الثمالة وعاد إلى منزله مترنحاً كالمعتاد، كان الظلام يسود المنزل باستثناء ضوء خافت مصدره التلفاز في غرفة الجلوس، ظنّ أنها نتالي فذهب ناحيتها ليكتشف الطامّة الكبرى، كانت نتالي قد شنقت نفسها.
...........................................................
عاد أيمن من مذكراته وهو يزفر بضيق علّ هذا الهواء الخانق يخرج من صدره، تطلع إلى صورة زوجته المسنودة على طاولة صغيرة بجانب سريره ليهمس لها بندم: وليتكِ تعلمين بأنني، أعيش في الجحيم من يومها.
...........................................................................