رواية ذئب يوسف الفصل الرابع 4 بقلم زكية محمد
ذئب يوسف
الفصل الرابع
بقلم زكية محمد
شعرت بعاصفة هوجاء تضربها بقوة دون توقف عندما رأت الماثلين أمامهم و على وجوههم الصدمة و الذهول من تواجدها في هذا المكان ، بينما شعرت الأخرى بأن قدميها أصبحت كالهلام وهي تتصور العديد من السيناريوهات عندما يعلم والدها فالبتأكيد سيقوم بقتلها .
تقدم أيوب بخطى ثقيلة حتى وقف قبالتها بوجه مكفهر، و عندما كانت ستهم بالحديث لتبرر له ما رأى ، هوى كفه على وجنتها بقوة وقعت أرضاً على أثره ، ثم سحبها من حجابها بشدة لتقف بوجهه مجدداً و هتف بغضب ساحق :- بتستغفليني ! بتستغفليني يا بت ال***** ...
قال ذلك ثم هوى مجدداً بكم من الصفعات على وجهها الذي تحول إلى اللون القرمزي ، بينما أخذ ذلك الحقير ينظر لها بتشفي قائلاً بغل كي يثأر لنفسه :- شوف بنتك يا حج جيالي هنا وعاوزة استغفر الله العظيم أقولها لا تقولي ملكش دعوة بركة إنك جيت ..
كشر إسلام عن أنيابه ، و قام بلكمه بقوة أسقطته أرضاً ، بينما دفع الآخر أسماء ولاذ بالفرار التي تراجعت حتى إصتدمت بالجدار و دموعها تتساقط بخوف مما يحدث وهي عاجزة عن الحديث أو تقديم يد العون لها .
أخذ إسلام يكيل له اللكمات و يضربه ضرباً مبرحاً يفرغ شحنة غضبه فيه وهو يشعر بالحقد عليه وعلى تلك التي لطخت شرف أخيه الراحل في الوحل .
على الرغم من شعوره بالغضب الشديد من فعلتها إلا أنه تقدم ناحية أخيه ليخلصها من بطشه حتى نجح في ذلك قائلاً :- خلاص يا أيوب البت هتموت في إيدك .
أردف بانفعال :- خليها تموت و أرتاح من العار اللي لبستهولي .
أردف بروية :- أعقل يا أيوب المشاكل ما تتحلش كدة ، خلينا نمشي من هنا الأول و بعدين نتفاهم في البيت .
أردف بعنف :- بيت إيه اللي نروحه وأنا هعرف أرفع راسي في وسط الخلق بعد كدة أنا لازم اقتلها و أتاويها .
أردف بغضب :- ما قلنا خلاص يا أيوب ولا لازم أعلي صوتي أنا هتصرف ، و أنت يا إسلام سيب الزفت دة .
هتف بغضب هو الآخر :- اسيبه إزاي يا بابا دة أنا هتحبس فيه النهاردة .
أردف بحزم :- قولت خلاص يبقى خلاص .
نهض عنه بغضب بعد أن قام بتكسير عظامه ، بينما استرسل موسى حديثه قائلاً بتعجب وهو ينظر لأسماء :- وإنتي إيه اللي جايبك معاها هنا ؟!
زاغت عيناها بخوف ، لا تعرف ما عليها قوله ولا حتى فعله . أردف إسلام بسخرية :- تلاقيها جاية معاها الهانم..
هزت رأسها بنفي قائلة بتلعثم:- هي ....هي ...هي ..
تقدم منها أيوب صارخاً فيها بغضب :- هي إيه انطقي ، هي اللي جابتك هنا ؟
هزت رأسها برعب وهي لا تقصد أن تثبت عليها التهمة ، ولكن رعبها من الموقف ذاته جعلها تتصرف هكذا .
إلتف أيوب ليصل لها صائحاً بعنف :- بقى تحطي راسي في الطين يا بت ال**** دة أنا مش هخلي النهار يطلع عليكي .
وقف موسى بالمنتصف و أردف بغضب :- قولنا خلاص و خلينا نمشي كفاية فضايح لحد هنا .
و بالفعل جرها خلفه بقسوة وهو يشعر بالقهر مما فعلته بحقه ، فتح باب السيارة و قذفها فيه ثم ارتجل البقية و انطلقا نحو منزلهم .
طلب موسى من مريم أن تعدل من هيئتها حتى لا يشك بهم أحد عند نزولهم فرضخت لطلبه على الفور ، و ما هي إلا ثوان حتى وصلا المنزل و بالتحديد لشقة موسى ، فهو يعلم تهور أخيه جيداً .
ما إن دلفوا دفعها بحدة لتجد زوجة عمها التي احتضنتها بخوف تستمد منها بعض الأمان ، بينما هتفت عواطف بشهقة قائلة :- يا ساتر يا رب في إيه يا حج ؟
أردف أيوب بانفعال :- في إني هموت الفاجرة دي النهاردة و هغسل عاري بأيدي .
جحظت عيناها بصدمة مما تفوه به و تلقائياً حاوطتها بخوف شديد ، بينما قامت الأخرى بلف ذراعيها حولها ترتجف بخوف و كأنها تخبرها بأن تنقذها من الجحيم الذي زُجَّتْ فيه .
هتف أيوب بنفاذ صبر :- أعقل و تعال نتكلم ، و وطي صوتك و بلاش فضايح الناس هتسمعنا و إحنا مش عاوزين شوشرة أقعد .
إلتف لعواطف قائلاً بضيق :- خديها جوة على ما نتكلم .
أومأت بموافقة ولا تدري شيئاً ، لتوصلها و تأتي لمعرفة الأمر فيبدو أنها ارتكبت خطئاً فادحاً ، وما هي إلا دقائق حتى سمعوا طرقاً عالياً على الباب، تركتها بمفردها تحتضن نفسها بحماية ، بينما خرجت هي لترى من الطارق ، و ما إن فتحت الباب دلف شقيقها محمود الذي تمكن الغضب منه أضعاف و هو يهتف بصوت جهوري :- هي فين ؟
هتفت سامية التي أتت خلفه فهي تعلمه جيداً حينما يثور بركانه :- أهدى بس كدة يا محمود ، بالهداوة كل حاجة بالهداوة .
أزاحها بعنف من أمامه قائلاً :- ابعدي من وشي الساعة دي يا سامية مش عاوز أتغابى عليكي ، أوعي من سكتي .
هتف موسى بحدة :- محمود ! تعال هنا ..
توجه ناحية عمه و ألسنة اللهب تتصاعد من أذية قائلاً بغضب مكتوم :- نعم يا عمي ..
أردف بحزم :- تعال أقعد .
هدر بغضب :- أقعد ! و ماله يا عمي بس وأنا غاسل عاري .
خبر على أسنانه بعنف قائلاً :- متبقاش قفل أومال تعال أقعد .
قبض على يده بقوة ، و جلس بإهمال إلى جوار إسلام ، الذي لم تقل حالته شيئاً عن خاصته .
ولجت سامية وعلى وجهها إمارات الصدمة ما إن أتاهم الخبر ، بينما نهضت مريم ما إن أبصرتها و احتضنتها بقوة ، و انفجرت في موجة بكاء مرير قائلة بتلعثم :- أااا.... أنا.. أنا مظلومة والله يا سامية معملتش حاجة من اللي بيقولوا عليها دي ، إلحقيني أبويا و محمود هيقتلوني ، سيبوني لابني الله يخليكم .
ربتت على ظهرها بعطف ، و عبراتها تتساقط رغماً عنها، لا تعلم تمام العلم أنها يستحيل أن تفعل ذلك ، و كيف تقدم على ذلك الفعل وهي تخشى الله في كل شئ ! ، ولكن ماذا عما رأوه بأعينهم ، و كيف يكذبون ما رأوا ؟!
جلست برفقتها لتنتظر حكم تلك المسكينة .
بالخارج كانوا يغلون كالمرجل ، فصاح أيوب بغضب :- بقى أنا بنتي تستغفلني و تقولي رايحة للدكتور وهي رايحة تقابلي شباب ! البت كسرتني و قطمت ضهري و حطت راسي في الطين ، يا فضيحتك يا أيوب وسط الخلق .
صاح محمود بغضب :- ما عاش ولا كان اللي يكسر عينك يا أبا دة أنا أقتلها و أشرب من دمها .
قاطعه موسى قائلاً بغضب مكتوم :- ممكن تسكت بدل ما أنت عمال تجعر كدة ، هو الحل أنكم تقتلوها ! ببساطة كدة ! طب ما فكرتوش هتقولوا إيه للي يسأل عليها ! أعقل محمود أنت و أبوك .
أردف أيوب بعصبية شديدة :- أومال عاوزنا نعمل إيه يا موسى نروح ناخدها في حضننا ونقولها ولا يهمك دوري على حل شعرك زي ما انتى عاوزة !
مسح على وجهه بغيظ ، و بداخله يقول :- ليه بس يا بنتي تعملي فينا كدة ، دا انتى عرض ابني الله يرحمه ما يستحقش تعملي فيه كدة .
ثم أردف بصوت مسموع :- أنا هتصرف و هشوف حل متقلقش ، استغفر الله العظيم و اتوب إليه ، كان مستخبي لينا فين دة بس ؟!
أردف أيوب بغل :- اه يا ناري منها يا ترى عملت الموضوع دة كام مرة قبل كدة و استغفلتنا ؟
زفر موسى بحنق قائلاً :- سيبلي أنا الطلعة دي أنا اخوك الكبير بردو .
جز على أسنانه بعنف قائلاً :- ما هو أنا عامل احترام ليك غير كدة و اقسم بالله أدخل أجيبها من شعرها و أخلص عليها في قلب الشقة .
أغلق موسى عينيه بعنف ، يزفر بغيظ ، و يفكر بروية لحل تلك المعضلة ، و هذا لن يحدث إلا بالتحدث معها شخصياً لمعرفة دوافعها التي قادتها لتسلك ذلك الدرب الوعر .
___________بقلم / زكية محمد ______________
تقيم مع خالتها سميحة مؤقتاً لحين التصرف في سكن لها ، و كم هي ممتنة للظروف التي جعلت ابن سميحة مسافر للخارج حيث يعمل هناك ، فهي لن تقبل العيش مع حاتم في مكان واحد دون رابط يجمعهم ، فألسنة الناس ستمطر بوابل من الكلمات الموجعة لها و السيئة بحقها ، و هذا لن ترضى به .
نزلت للأسفل بخطى سريعة لتلحق بصديقتها آلاء التي عملت معها مؤخراً ، و على حين غرة تم سحبها عند مدخل السلم ، و لم يكن سوى حاتم ، الذي قام بتثبيتها جيداً قائلاً بخبث :- إزيك يا بنت خالتي ، ليكي وحشة كبيرة كدة متسأليش ؟!
أخذت تتحرك بعنف ، تحاول أن تفك أسرها فأردف هو بتحذير :- خليكي هادية كله دة لمصلحتك ، لو اتحركتي و حد خد باله هيبقى منظرك مش كويس .
قامت بعض يده ، و دفعته بقوة قائلة بحدة :- أنت قليل الأدب، و لو ما بعدتش من وشي دلوقتي هتشوف هعمل فيك ايه !
أنهت كلماتها و دفعته بسرعة وغادرت وهي تنفخ بضيق و غيظ منه ، ولم تكد تنهي سبابها حتى ظهر السمج الآخر في وجهها كالسد المنيع قائلاً بعبث :- صباح الفل و العسل على أحلى بنت في المنطقة .
نفخت بغيظ ، و بداخلها مرجل يغلي ، بينما تابع هو بعبث ماكر :- إمتى هنول الرضا يا قمر ؟
جَعَّدَتْ أنفها بسخرية قائلة :- لما تشوف حلمة ودنك إن شاء الله .
تخطته بسرعة قائلة بخفوت :- أوف إمتى ربنا يتوب عليا من الأشكال دي ، يا ساتر .
بعد أن وصلت لنهاية الشارع قابلت صديقتها ، التي ما إن رأتها هتفت بحذر :- صباحو يا صاحبي ، مالك قالبة وشك كدة على الصبح ؟
هتفت بغضب :- صباح استغفر الله العظيم الواحد مش عاوز يغلط و ياخد ذنوب على الصبح ، هو في غيرهم جوز التيران اللي بلاني بيهم ربنا .
ضحكت بخفوت قائلة :- حد يقول للمعجبين بتوعه كدة بردو !
أردفت بضيق :- آلاء اسكتي الله يخليكي أنا على آخري لأحسن أسحب دراعك و أفش غلي فيه .
وضعت يدها على ذراعها بحماية قائلة بخوف :- و على إيه أسكت أحسن أنا مش مستغنية عن دراعي حبيبي ، يلا بينا بدل ما مدام سندس تشلوحنا .
أخذ يمسد على صدره بحرارة و هو ينظر في أثرها قائلاً بشر :- لا أنا مش هقدر أستنى أكتر من كدة تاني ، أنا لازم أتصرف ، و عرفت هعمل إيه ؟
قال ذلك ثم توجه ناحية حاتم الذي كان يسير و الغضب حليفه ، و هتف قائلاً بود مصطنع:- إزيك يا حاتم ؟ كدة يا صاحبي تخلي الشيطان يدخل بينا و يفرقنا !
هتف بتعجب :- أهلاً يا مدحت .
توجها سوياً ليجلسا ، فأردف مدحت بندم ماكر :- متزعلش مني يا صاحبي على آخر خناقة بينا ، أنا مش عارف عملت كدة إزاي ، البقاء لله في الست الوالدة ، أنا عارف أنها جات متأخر بس يلا أهم حاجة النفوس تهدى .
هز رأسه بعدم اقتناع :- ولا يهمك يا مدحت إحنا صحاب بردو في الآخر زي ما قولت .
أردف بمكر :- تعيش يا صاحبي ، احم هي بنت خالتك دي هتقعد رايحة جاية في الشارع كدة كتير يا حاتم ، أنا مش قصدي حاجة بس عيال الحارة عمالين يلقحوا عليها بالكلام وأنا بوقفهم عند حدهم ، بس أنت لازم تشد عليها دي ملهاش حد دلوقتي و الشيطان شاطر بردو .
أردف بحدة :- قصدك إيه يا مدحت ؟
أردف بخبث :- ما أقصدش بس لأحسن حد يلعب في راس البت و يخليها تمشي في سكة اللي يروح ما بيرجعش ، أنا عاوز أتجوزها و هسكنها في أحسنها شقة و كله جديد في جديد ، و مش بس كدة أنا هقطع ورق الكمبيالات اللي عليك ها قولت إيه ؟ أنا عملت بأصلي و ما رضيتش أودي الكمبيالات للحكومة .
زفر بضجر قائلاً :- فيك الخير يا مدحت جميلك مش هنسهولك أبداً ، بس زي ما قولتلك أديني وقت وأنا هجمعهالك.
أردف بضيق :- كام مرة و بتقولي نفس البوقين .
أردف بهدوء مغاير :- لا المرة دي جد ، أنا جاتلي مصلحة فيها قرشين حلوين هخلصها و أديلك اللي فيه النصيب .
مط شفتيه بضيق قائلاً :- لما نشوف يا حاتم لما نشوف ....ثم تابع بداخله بوعيد :- و طالما أنتوا مش جايين بالذوق يبقى بالعافية .
وصلن لمقر العمل ، و توجها لمكانهم ، استدعت سندس رحيق فتوجهت لها على الفور ، جلست قبالتها وهي تزفر بضيق مما حدث للتو ، فهتفت الأخرى بمرح :- براحة عليا يا ست رحيق مش قد النار اللي بتطلع من ودانك دي .
ابتسمت بخفوت قائلة :- لا أبداً دة بس متهيألك .
سحبت نفساً عميقاً و زفرته بضيق قائلة بعتاب :- رحيق عاوزاكي تعرفي إنك بقيتي زي أختي بالظبط و الشركة دي كبرت بيكم وكلنا واحد ، أنا حساكي لحد دلوقتي بتتعاملي معايا بتحفظ و كأني هعمل فيكي حاجة وحشة لا سمح الله ، يا ريت يكون في ثقة متبادلة بينا ، أنا شايفاكي متضايقة و كنت حابة أعرف مالك علشان لو أقدر اساعدك .
ابتسمت لها بامتنان قائلة :- دة شئ يشرفني إنك تبقي أختي والله .
أردفت بحيرة :- أومال مالك ؟
ذمت شفتيها بضيق طفولي قائلة بتحذير :- و مش هتضحكي عليا ؟
هزت رأسها بنفي، فضيقت عينيها قائلة بخجل :- أصل .... أصل كنت فاكراكي هتستدرجينا و تخطفينا و تسرقي أعضائنا ولا تعملي فينا أي حاجة وحشة .
ما إن أنهت كلماتها الحمقاء ، دلفت الأخرى في موجة ضحك عنيفة ، و سرعان ما شاركتها الأخرى الضحك ، أردفت سندس بصعوبة :- بجد مش معقولة ، دماغك دي تحفة ..
هزت رأسها بموافقة قائلة بمرح :- معلش بقى خالتي الله يرحمها ملت وداني بالكلام دة ، كل ما أطلع " أوعي تكلمي حد غريب يا رحيق ، ولا تاخدي منه حاجة " ، لحد ما خلاص خلتني أشوف أي حد غريب شرير ، و بصراحة عندها حق مفيش أمان دلوقتي في الزمن دة .
أومأت بموافقة قائلة :- أيوة فعلاً دلوقتي الله أعلم بنوايا البشر ، ممكن يظهرولك طيبتهم و هما جواهم بلاوي ربنا يبعدهم عننا ، و دلوقتي يا ستي عندي ليكي خبر حلو حبيت أشاركك فرحتي .
نظرت لها بحماس فأردفت الأخرى بابتسامة عذبة :- شركة Master East اتعاقدت معانا ضمن حملتها اللي بتساعد الشركات الصغيرة تكبر .
قدمت لها التهاني الحارة ، فأردفت سندس بفرح :- يلا بقى علشان تجهزي لبكرة علشان هتروحي معايا هناك نوقع العقود .
أشارت لنفسها بعدم تصديق قائلة :- أنا ؟! أنا هروح معاكي !
ضحكت بخفة قائلة :- أيوة إنتي أومال مين ! يلا جهزي نفسك لبكرة .
نظرت لملابسها قائلة بخجل :- بس ...بس أصل مش هينفع ، هبوظلك منظرك قدام الكل هناك .
قطبت جبينها باستنكار قائلة :- نعم ! تبوظي إيه بس يا رحيق ! كدة هزعل منك ، و يا ستي لو على اللبس نطلع دلوقتي على أحسنها معرض فيكي يا مصر و نجيبلك هدوم ، و قبل ما تعترضي هخصم حقه من مرتبك .
هزت رأسها بموافقة قائلة :- إذا كان كدة ماشي أنا موافقة .
ضحكت بخفة قائلة :- أيوة كدة فكي يا ستي من قوقعتك دي .
أردفت بمرح :- كدة ! إنتي اللي جبتيه لنفسك .
طالعتها بخوف مصطنع قائلة :- لا كدة إنتي هتخوفيني منك ، هبقى أقول لآلاء و أفهم دماغك علشان أعرف أتعامل معاكي كويس .
أردفت بضحك :- متبقيش جبانة و واجهيني أنا وش لوش يا كبيرة .
ضحكت بصخب قائلة :- لا دة إنتي مصيبة ، بقولك إيه أرجعي أرجعي للبنت المتقوقعة على نفسها كدة أريحلي .
هزت رأسها بنفي قائلة :- لا مليش دعوة مش إنتي قولتي رحرحيها متجيش تشتكي بعدين .
قطبت جبينها بتعجب قائلة :- رح... إيه ؟! إنتي قولتي إيه من شوية ؟
ضحكت بخفوت قائلة :- واحدة واحدة و هتاخدي على كلامي أصلنا مش تربية جاردن سيتي ، يلا هسيبك بقى ، بس متقوليش لحد إني رايحة معاكي .
نظرت لها بتعجب لتكمل موضحة :- علشان محدش يرشقلي في المصلحة وأنا بصراحة نفسي أروح معاكي و أشوف الناس النضيفة .
ضربت يديها ببعضهما بقلة حيلة قائلة :- لا إنتي شكلك اتجننتي رسمي ، روحي شوفي شغلك وعلى معاد المرواح هاخدك نروح زي ما اتفقنا .
أردفت بحماس :- ماشي وأنا هروح أقول للبت آلاء مش خسارة فيها الخبر .
خرجت مسرعة ، وهزت الأخرى رأسها قائلة بضحك خافت :- والله مجنونة .
////////////////////بقلم - زكية محمد///////////////////////
ليلاً كانت حبيسة غرفتها مع طفلها ، الذي كان يجلس إلى جوارها يلعب بلعبه، فاستدار لوالدته حينما سمع منها شهقة فشلت في كتمها عنه ، فوضع يده الصغيرة على وجنتيها يمسح دموعها ببراءة قائلاً :- ماما ليه بتعيطي ؟ بطنك وجعاكي ؟
هزت رأسها بنعم قائلة :- أيوة يا حبيبي بطني وجعاني .
قبَّل الصغير موضع ألمها المزعوم قائلاً :- أنا بوثتها يا ماما علشان تخف بثرعة .
ضمته بحب قائلة :- حبيبي أنت يا ميدو ربنا يباركلي فيك يا روحي ، يلا تعال كمل الحروف بتاعتك علشان تبقى شطور و أجبلك لعبة جديدة حلوة .
صاح بحماس :- هااااي ماشي يا ماما هعمل الواجب كله .
بالخارج كانت تضع يدها على وجنتها و دموعها تتساقط بغزارة وإلى جوارها أيوب وابنه اللذان يغليان من شدة الغضب ، هتف أيوب بغضب مكتوم :- قومي شوفي بنتك و اعرفي منها اللي حصل هناك بدل ما أقوم أقتلها ، سبحان من صبرني و مقتلتهاش .
هتف محمود بغضب عارم :- أنا مش عارف يا بابا إزاي تدي كلمة لأخوك إنك متقربلهاش دة بدل ما نقوم نخلص عليها و نمنع الفضيحة.
غمغم بسخط :- محمود خلاص أنا هتصرف و هقوم أقررها بنفسي .
نهضت والدتها بذعر قائلة :- لا لا خليك أنا اللي هتكلم معاها بس هدي حالك الله يخليك.
نهضت بسرعة لترى ابنتها و تحميها من هذين اللذين كما لو تحولوا إلى ذئاب برية تريد الفتك بفريستها .
ولجت بهدوء ، و جلست قبالتها ، و تطلق سهاماً مليئة بالاتهام و العتاب ، نظرت للصغير قائلة بحنو :- أحمد يا حبيب تيتة روح برة عند خالك محمود و جدو أيوب .
هز رأسه برفض قائلاً :- لا لا جدو أيوب بيزعق و خالو كمان ، أنا هقعد هنا مع ماما .
أردفت بروية :- لا جدو أيوب معاه شيكولاتة كتير ..
لمعت عينا الصغير بحماس قائلاً :- و شيبثي ؟
أردفت بابتسامة باهتة :- و شيبسي يلا تعال هفتحلك الباب .
انزلق الصغير من على الفراش بسرعة ، ثم توجهت و فتحت له الباب وخرج فأغلقته و استدارت لتتوجه نحو تلك الغائبة ، التي يبدو أنها بعالم آخر صنعته خصيصاً لها لتهرب من كل ذلك الضجيج.
جذبتها من ذراعها بقسوة قائلة بغضب مكتوم :- عملتي كدة ليه يا بت بطني ، هي دي الرباية اللي فيها ، هي دي جزاتي ، ردي عليا ردي ، هان عليكي تحطي راسنا في الوحل كدة ، أبوكي ليه الحق أنه ما يطلعكيش ، يا خسارة يا مؤمنة طيب كنتي وافقتي على واحد من العرسان اللي اتقدمولك بدل ما أنتي كدة رايحة تعملي الوساخة دي في الحرام .
هتفت بدموع و وجع :- والله يا ماما مظلومة محصلش حاجة من دي أبداً ، حرام عليكم ، كلامكم زي السكين بيوجع و يقتل ، مش قادرة أتحمل كفاية .
هدرت بعنف :- طيب اتكلمي قولي إيه اللي وداكي هناك ؟
عضت على شفتيها بعنف ، فهي غير قادرة على الإفصاح عن السبب الحقيقي فلو تحدثت فسيحدث مالا يحمد عقباه ، فوالد أسماء لا يتفاهم البتة ، فوالدها يأتي صفر على الشمال بالنسبة له ، فلو علم بما فعلته ابنته سيقتلها فوراً ولن يتردد لحظة ، و علاوة على ذلك لا تريد الإفصاح بذلك السر الذي أئتمنتها عليه ، فهذه ليست أبداً من شيمها ، وها هي بين نارين وهي بالمنتصف تحترق ولا أحد يشعر بها .
فاقت من شرودها على هزة والدتها قائلة بحدة :- انطقي ما تفوريش دمي أكتر من كدة .
إلا أنها لم تتحدث و التزمت الصمت، فجن جنون الأخرى إذ نهضت قائلة بغضب :- خليكي ما تتكلميش بس أعرفي أنك لو ما تكلمتيش و اعترفتي بكل حاجة هتشوفي الويل من أبوكي ..
أنهت كلماتها، و غادرت الغرفة كالعاصفة ، بينما ألقت مريم بنفسها على الفراش ، و دفنت وجهها في الوسادة ، و أخذت تنتحب بمرار ، وكم ألمها عدم ثقتهم فيها .
خرجت تنكس رأسها للأسفل فأسرع أيوب قائلاً :- ها قالتلك حاجة ؟
هزت رأسها بنفي قائلة بأسف :- لا يا حج ما قلتش .
أردف بوعيد :- كدة يبقى جابته لنفسها ..
وما إن هم بالدلوف ، وقفت قبالته قائلة برجاء :- علشان خاطري يا حج أهدى ، اللي هتعمله مش هيجيب نتيجة ، لازم نتصرف بالعقل .
أردف باستنكار و غضب :- هي بنتك خلت فيها عقل ! سكات بنتك دة ملهوش غير حاجة واحدة بس إن فعلاً كلامنا صح ، دة أنا مش عارف أرفع عيني في أخويا و إبنه أقوله إيه مرات ابنك ما صنتش عرضك !
سقطت دموعها بحزن قائلة :- وحياة أغلى حاجة عندك بالهداوة يا أخويا ..
دفعها برفق قائلاً بحزم :- وسعي من وشي الساعة دي يا توحيدة أنا اللي فيا مكفيني ..
تخطاها و دلف لها ، بينما لطمت على فخذها بذعر قائلة :- يا لهوي يا لهوي البت هتموت في ايده .
هرولت للأسفل تستغيث بموسى ، و قد استغلت وجود محمود بالأعلى مع أحمد وابنه عندما طلب منه والده ذلك .
طرقت الباب بعنف ، ففتحته عواطف عواطف ، فتخطتها و ولجت للداخل تصيح باسم شقيق زوجها تحت ذهول الأخرى .
وجدته بالصالة مع ابنه إسلام فهتفت بخوف :- الحقي يا حج موسى أخوك هيموت البت فوق الله يخليك انجدها .
لم ينتظر أن تكمل حديثها إذ هرول للأعلى فوراً ، و لحق به إسلام ، بينما تقدمت عواطف منها و ربتت على ظهرها بشفقة ، ثم صعدتا للأعلى لينقذوا ما يمكن إنقاذه.
يصفعها بغل ، و يشدد على شعرها بقوة الذي يغطيه الحجاب قائلاً بحدة :- مين اللي كنتي معاه دة ؟ مين انطقي.
جف حلقها بخوف ، و شعرت بأن نهايتها قد اقتربت فأخذت تردد الشهادة بداخلها . دلف موسى بمفرده، و بقي إسلام بالخارج ، تقدم نحوه و جذبه عنوة قائلاً بغضب :- يا أخي بس كفاية ، بقى هو دة اللي وصيتك عليه بردو !
أردف بانفعال :- مش راضية تنطق ، شوفلك صرفة معاها ، أنا تعبت و هتجنن لا راضية تتكلم ولا نيلة ولا نافع معاها ضرب أقتلها أريحلي ؟!
زفر بغضب قائلاً :- ممكن تسيبنا دلوقتي يا أيوب؟
وما إن لمح الاعتراض بعينيه أردف بسرعة :- معلش أنت حاولت مرة سيبني أنا معاها المرة دي ممكن ؟
غمغم بغضب :- ماشي يا موسى لما نشوف هتعمل ايه معاها .
خرج صافعاً الباب خلفه بقوة أرتجف جسدها على إثرها ، تنهد موسى بتعب ، يطالعها بأسى و عتاب ، وهو يلاحظ ظهور الكدمات على وجهها بسبب عنف والدها تمتم بغيظ :- استغفر الله العظيم ، إيد دي ولا مرزبة يا أيوب !
جلس قبالتها ، فتراجعت للخلف ظناً منها أنه سيعنفها كوالدها فهتف بحنو :- أهدي يا مريم مش هعملك حاجة أنا هتكلم معاكي شوية .
نظرت له بحذر فأردف بهدوء :- ممكن تحكيلي سبب مرواحك شقة واحد غريب ، و قبل ما تتكلمي أنا مش بتهمك بحاجة أنا هسمعك الأول ، بصراحة أي حد في الموقف دة هيودي دماغه لحتة تانية ، مريم يا بنتي سكوتك دة هيفهمنا حجات مش عاوزين بس نفكر فيها مش نصدقها و تكون صح ، في إيدك كل حاجة .
هتفت بضعف :- ماينفعش يا عمي أتكلم لأن الموضوع ما يخصنيش ، صدقني أنا معملتش حاجة غلط أو أي حاجة تمس عرضكم .
أردف بروية :- الموضوع كان يخص اللي كنتي معاها صح ؟ و يقصد إيه الواد بكلامه اللي يفور الدم دة ؟
أردفت بدموع و صدق :- هو قال كدة علشان بابا يزود عقابه عليا بعد ما .....ما .....
ضيق عينيه قائلاً بقلق :- بعد ما إيه ؟ اتكلمي يا بنتي .
أردفت بتوضيح :- متقلقش يا عمي ما عملش حاجة ، تعرف على الرغم من بابا ضربني و اتهمني في شرفي إلا إني بشكره جداً ، بشكركم لأنكم جيتوا في الوقت المناسب.
قطب جبينه قائلاً بتعجب :- ليه هو كان هيعمل إيه ؟ يا بنتي فهميني الله يرضى عنك .
أردفت بإصرار:- صدقني يا عمي أنا ما اعرفهوش و مش هقدر أتكلم ، اللي ليكم عندي محفوظ مش دة كل اللي يهمكم ؟
تنهد بعمق قائلاً :- يبقى يخص البنت التانية ، و أنا هحترم سكوتك يا مريم بس صدقيني مش هتقدري تواجهيهم بكلامك دة لازم يكون في سبب مقنع و يدخل العقل ، بس ما تقلقيش أنا معاكي .
أردفت بنبرة ممتنة :- شكراً يا عمي ، أنت الوحيد اللي صدقتني في الوقت اللي كلهم وقفوا فيه ضدي .
ربت على رأسها بحنان قائلاً :- محدش ضدك يا مريم هما بس خايفين أعزريهم إنتي مبررتيش ليهم أي حاجة فدة رد فعل طبيعي ، و زي ما احترمت رأيك دلوقتي لازم تحترمي رأينا في الخطوة اللي جاية .
سألته بريبة :- خطوة إيه دي يا عمي ؟
نهض ممسكاً بيدها قائلاً :- الخطوة اللي لازم تتعمل علشان نغطي على الموضوع دة و ما يتفتحش تاني ، تعالي معايا .
خرج بها حيث تجمع الكل ، و جلسا على الأريكة وهي تنظر أرضاً تتحاشى نظرات الجميع ، بينما فجر موسى قنبلته في وجوههم قائلاً بثبات :- أنا بطلب إيد بنتك مريم لابني إسلام يا أيوب.........
_______________________يتبع