رواية غرام الوتين (دمية في يد غجري 2 ) الفصل التاسع 9 بقلم سمسم
غرام الوتين
( دمية فى يد غجرى 2)
البارت التاسع
ينظر يحيى اليها بتشفى ولو قليلاً فهو سعيد ان رقية استطاعت ازعاج نانى حتى وان كان عن طريق الكلام فقط . اقتربت منه همست له
نانى:" مالك يا عريس ساكت ليه خايف دا حتى يبقى عيب فى حق يحيى زاهر صفوان هى اول مرة يعنى دا انت ضحياك كتير يا دنجوان عصرك وأوانك"
زم شفتيه ،كور قبضة يده كأنه على وشك ضربها لماذا لا تتوانى عن تذكيره بحياته الفاسدة؟ فهو خير من يعلمها فهى ايضا لم تكن سوى نقطة سوداء فى سجل حياته الحافل ولكنها ربما كانت اكثر ذكاء من غيرها اذ استطاعت ان تغوى ابيه وتتزوجه وتصبح زوجة والده تدخل الى منزلهم لتجعل حياته بائسة اكثر فأكثر .همس هو ايضا وهو يشدد على كل حرف ينطقه كأنه يريد ان يمزقها اشلاء بكلماته
يحيى بهمس:" انتى مفكرة انك ممكن تقدرى تضايقينى ولا انتى هتموتى من غيظك وقهرتك علشان كنتى بتحلمى تبقى مكانها وانك معرفتيش يبقالك مكان فى حياتى سوى انك مرات ابويا"
نانى بابتسامة خبيثة:" اه انا مرات ابوك وتلاقيك انت اللى هتموت علشان زمان مقدرتش تحطنى فى قايمة ضحياك"
يحيى:" اصلك متستاهليش احطك فى القايمة بتاعتى انتى كبيرك اوى خروجة فسحة بالعربية اكتر من كده لاء يا نانى اصلك مش النوع اللى بيعجبنى"
تغيرت ملامح وجهها كلياً اصبحت قسماتها مظلمة بشكل مخيف من حديثه معها ،ارتعشت شفتيها بغيظ ، لم ينقذ هذا الموقف سوى قدوم والده لتهنئتهم،فاقترب منهم بابتسامة ففى ذلك الوقت رقية كانت منشغلة بحوار مع صديقتها آية ولم تنتبه لما يحدث بين زوجها وزوجة ابيه
زاهر:" الف مبروك يا حبايبى ربنا يتمم بخير"
رقية بخجل:" الله يبارك فيك يا اونكل زاهر"
يحيى بجمود:" الله يبارك فيك"
زاهر:" عقبال كده ما افرح بذريتكم"
وجدت رقية نفسها تنظر اليه تلقائياً ، فالتقت العيون فى حوار صامت ، فامعن النظر الى تلك العينان التى تشبه جرة من العسل الصافى،تصنمت ملامحه على قسمات وجهها فكأن نظراتهم تشابكت ولا سبيل الى التحرر ولكن كلام من حولهم اعادهم الى واقعهم
زاهر:" يلا يا نانى فى ضيوف لازم نرحب بيهم"
سارت نانى بجواره ومن داخلها تريد ان تصبح تلك الليلة كارثية ، ابتسمت بتمهل تضع ذلك المخطط الخبيث برأسها.
اثناء ذهاب آية الى طاولة والديها وجدت ذلك الشاب يعترض طريقها كأنه غير متعمد
خالد:" انا اسف يا آنسة"
آية:" حصل خير"
خالد:" هو انتى قريبة العروسة"
آية بامتعاض:" وحضرتك بتسأل ليه عايز منى ايه"
ازداد كلامها حدة لانها تعلم ان هذا الشاب هو الصديق المقرب لزوج صديقتها فهم نفس الشاكلة فالطيور على اشكالها تقع
خالد:" اهدى مالك طلعتى فيا ليه كده انا بسأل عادى"
آية:" بص يا استاذ انت انا عارفة كل الحركات القرعة اللى بتعملها دى وشغل الافلام الهابطة بس احسنلك متخليش خيالك يسرح اكتر من كده ماشى انا أساساً لا طيقاك ولا طايقة عريس الغفلة ده انتوا الاتنين عينة واحدة"
بعد ان انهت كلامها ذهبت لتجلس على الطاولة بغضب شديد ، ومازال هو واقفا مكانه كأن أحد صفعه على وجهه ما هذه الفتاة فهى كأنه جلدته بكلماتها فكل هذا من اجل سؤال سألها اياه، فماذا تفعل اذا اخبرها باعجابه؟ فربما لن تتوانى عن تسليمه لأقرب قسم شرطة، وجد نفسه يبتسم على ذلك التخيل ولكنه ايضا لا يعلم سر السعادة التى غزت قلبه من طريقتها فى الحديث معه هل لانه اول مرة يجد فتاة تعامله هكذا فمعظم الفتيات كانوا يتعاملون معه بتودد نظرا لوسامته وثراءه فهو ايضا والده من اصحاب الطبقة المخملية ، عندما وجدت انه مازال ينظر اليها رفعت احدى شفتيها بشمئزاز فلم تزده فعلتها هذه سوى اتساع ابتسامته أكثر فحولت نظرها عنه
اصوات عالية صخب يملأ القاعة وجوه مبتسمة واخرى متجهمة عروسان كل منهم فى عالمه لايعرف يحيى كيف ستنقضى تلك الليلة يفكر ماذا سيفعل عندما يكونوا بمفردهم فعقله مازال رافضاً الاقتراب منها .اقترب منهم احد العاملين بالقاعة يحمل بيده كوب من العصير قد سبق يحيى وقام بطلبه فهو يشعر بظمأ شديد كأنه فى يوم شديد الحرارة يريد ان يروى ظمأه، اخذ منه الكوب ارتشف منه حتى انهاه ، كانت زوجة ابيه تتابعة بتلك الابتسامة الشامتة على ثغرها المطلى بذلك اللون الصارخ
فربما مخططها سيأتى بثماره الآن،اقترب منه صديقه
خالد:" مبروك يا يحيى"
يحيى:" الله يبارك فيك"
قام بسحب ربطة عنقه قليلا كأنه على وشك الاختناق لاحظ خالد ذلك فاقترب منه اكثر يسأله عما به
خالد:" مالك يا يحيى فى ايه"
يحيى:" مش عارف فى ايه حاسس ان الجو حر اوى ويخنق"
خالد:" حر ايه القاعة مكيفة والجو زى الفل"
يحيى:" مش عارف"
قام بمسح وجهه بيده كأنه يشعر كأن الجو اصبح شديد الحرارة ظل يبتلع ريقه مرات عدة لا يشعر بالارتياح فى جلسته فقام سريعا يذهب الى الحمام يتبعه خالد دلف الى الحمام ظل يغترف من الماء يرشقه على وجهه
خالد:" فيك ايه يا ابنى ايه اللى جرالك"
يحيى:" مش عارف يا خالد حاسس انى مش مظبوط خالص مش قادر"
خالد:" مش قادر ايه بالظبط"
يحيى:" اخرج خليهم يتموا الفرح مش هقدر اكمل الفرح وانا كده"
خالد:" انت اهبل يا ابنى اتم الفرح ازاى طب اخرج وننهى الفرح"
حاول ان يستعيد بعض من هدوئه عاد الى القاعة مرة اخرى وماهى الا دقائق واعلن انتهاء الزفاف صعد إلى الجناح المخصص لقضاء ليلتهم برفقة عروسته يرافقهم اهلهم
فردوس:" الف مبروك يا ريت تخلى بالك منها"
يحيى بنبرة مسرعة:" اه اه حاضر يا طنط متقلقيش"
ممدوح:" الف مبروك يا حبيبتى وربنا يسعدكم"
رقية:" يباركلى فيك يا بابا"
زاهر:" مش يلا بينا ونسيبهم براحتهم"
نانى بخبث :" اه يلا بينا مبروك يا عريس ليلة سعيدة ان شاء الله"
هو لا يسمع اى كلمة مما تقال فهو يحاول التماسك أمامهم فجبينه اصبح متعرقاً بشكل ظاهر ، خرجوا جميعاً وكأنه كان بانتظار ذلك فذهب مسرعاً إلى الحمام . اندهشت رقية من تصرفه ظلت جالسة بفستان زفافها على حافة الفراش فربما انقضت الآن ساعة كاملة وهو مازال بالحمام تسمع صوت الماء ، لم تجد مفر سوى أن تقوم لتبديل ملابسها وقفت أمام المرآة قامت بخلع حجابها قامت بفرد شعرها وعندما كانت على وشك خلع فستانها لمحت خروجه من الحمام يرتدى مئزر الحمام ارتبكت بشدة تعتلى وجهها نظرات رعب وخوف وذعر وهى تراه يخرج يتساقط الماء من رأسه يبلل جبهته
بقلم سماح نجيب سمسم
حاولت ان تمحو ذلك الوسواس الذى تملك من أفكارها فهى تعرف خير المعرفة عشق زوجها لها ومرات عدة اثبت لها كيف هو يعشقها ولا ينظر لأى امرأة اخرى لماذا الآن غير قادرة على الشعور بالراحة والطمأنينة كعادتها فأرادت معرفة من تكون تلك المرأة فثائر لم يخبرها عنها شئ سوى القليل الذى لم يشفى فضولها ففكرت ان ربما مريم تعلم أى شئ عن تلك المرأة المدعوة سلاف المنصورى
وتين:" مريم انتى تعرفى واحدة اسمها سلاف المنصورى"
مريم بتفكير:" سلاف المنصورى! لاء معرفش مين دى ليه بتسألى يا وتين"
وتين:" علشان كنت عند عمك مرة فى الشركة وشوفتها وقالتلى انها تعرف ثائر من ايام ما كانوا فى المدرسة"
مريم:" طب وايه الغريب فى كده"
وتين:" مش عارفة يا مريم مش مرتاحة شكلها وكلامها ولبسها كلها على بعضها كده مش مريحانى"
مريم:"ليه يعنى هى عملت ايه خلتك تقولى كده"
وتين:" لما كانت بتتكلم عن ذكرياتهم حسيت فى صوتها كده انها مشتاقة للايام دى او ان كان فى حاجة بينها وبين ثائر مش عارفة ولما سألت عمك مقليش حاجة "
مريم:" ما جايز فعلا مفيش حاجة وانتى اللى مكبرة الموضوع يا وتين"
وتين:" انا خايفة يا مريم انتى عارفة انا بحبك عمك قد ايه وبغير عليه"
مريم:" يعنى انتى مش عارفة عمو وانه ملوش فى السكة دى وان مفيش حد فى حياته غيرك انتى و حضرتك مش شايفة هو مغرم بيكى ازاى بطلى بطر بقى يا شيخة هههههه"
وتين بابتسامة:" اقول عليكى ايه بس و مين هيشهدله غيرك هو مش عمك"
مريم بحب:" دا احلى عم فى الدنيا دى كلها ربنا ما يحرمنا منه ابدا"
ثائر:" ولا يحرمنى منكم أبدا يا حبيبة عمو"
نظرت وتين ومريم خلفهم وجدوا ثائر ورمزى فهم كانوا يجلسون فى المكتب لانهاء بعض الاعمال بينما جلست مريم ووتين والاطفال فى حديقة المنزل ابتسمت وتين فهى لا تعرف متى يكون حاضرا عند ذكر اسمه
وتين:" ابن الحلال عند ذكره بيبان"
رمزى:" لاء وحياتك دا جوزك اللى عامل زى عفركوش بيظهر فى اى وقت وفى اى مكان"
ثائر:" بس ياض انت احترم نفسك"
مريم:" عفركوش ايه بس هو عفركوش كان حلو وقمور كده "
ثائر:" حبيبة قلب عمك انتى مش زى الحيوان جوزك"
رمزى:" ايوة يا اختى انفخيه علينا اكتر ما اهو منفوخ"
ثائر:" والله لو ما سكت لانفخك انا"
اراد ثائر اثارة اعصاب رمزى فارتسمت ابتسامة على جانبى ثغره ثم هتف قائلا
ثائر:" مريومة ما تجيبى حضن لعمو"
مريم بابتسامة:" بس كده"
قامت من مكانها ولكن قبل ان تصل اليه كان رمزى يسحبها هو لجواره
رمزى:" راحة فين انتى ها "
ثائر:" فى ايه ياض انت ما تسيبها"
رمزى:" لاء خلاص هى بقت بتاعتى انا لازم تاخد تصريح منى الاول وتستحايل عليا كمان"
ثائر:" نعم يا اخويا دا انا هجبلك تصريح دفن دلوقتى"
رآه رمزى يقترب منه ففر هاربا وثائر يركض خلفه جلست وتين ومريم يتابعون ما يفعلون بابتسامات وضحكات عالية
مريم:" مش هيبطلوا ابدا اللى بيعملوه ده"
وتين:" الصراحة مشفتش اتنين اصحاب كل ما يتقابلوا يجروا ورا بعض"
مريم:" بس بالرغم من كده هم الاتنين سند لبعضهم ومفيش واحد فيهم يقدر يعيش من غير التانى"
وتين:" ربنا يديم المحبة بينهم"
لاحظوا وصول رمزى اليهم وهو يلهث من كثرة الركض يلتقط انفاسه بصعوبة
رمزى:" الحمد لله هربت منه قطع نفسى الغجرى دى الله يسامحه ولا كأنى بجرى فى الماراثون بس الحمد لله توهته فى الجنينة"
نظروا وجدوا ثائر يقف خلف رمزى يضع يده بجيبه يبتسم على كلامه
وتين:" انت متأكد يا رمزى انك توهت ثائر فى الجنينة"
رمزى:" اه دا زمانه دلوقتى قالب عليا الدنيا ومش لقينى"
مريم:" اه قالب عليك الدنيا يا حرام كده يا رمزى"
رمزى بهيام:" دا حرام اللى انتى بتعمليه فيا دى يا بنت العمرى يا قشطة يا مربى يا حلو انت يا حلو"
ثائر:" مش شاطر الا فى طولة اللسان وقلة الادب"
نظر رمزى خلفه وجد ثائر ينظر اليه يضيق ما بين عينيه يجز على أسنانه
رمزى:" ليه ها ليه"
ثائر:" هو ايه اللى ليه انت اهبل يا ض انت ولا ايه"
رمزى:" انت بتطلع منين انت مخاوى يا ثائر مبتحيش الا وانا بشتم يا بعاكس مريم"
ثائر:" حظك الاسود بقى اعملك ايه"
رمزى:" يلا بينا يا مريم خلينا نروح اقول الكلمتين اللى محشروين فى زورى فى بيتنا براحتنا"
ثائر:" يلا تصبح على وجع بطنك "
رمزى بمزاح:" ان شاء الله انت يا وحش يا ثائر"
لم يتمالك ثائر نفسه تعالت صوته ضحكته على طريقة رمزى فى الكلام
رمزى:" كفاية ضحك هتوقع علينا البيت بصوتك ده"
ثائر:" يلا ياض غور من هنا"
اخذ رمزى مريم وأطفاله عائدين الى منزلهم بينما ذهبت وتين بأطفالها الى غرفتهم وذهب وثائر الى غرفته
*"*"*
اغمض عينيه يحاول ان يبث بداخله بعض الهدوء عوضاً عن ذلك الصخب الذى اصبح الآن يحدث ثورة عارمة من الشوق ، وجد نفسه يقترب منها بدون تفكير يقوم بفك سحاب فستانها فربما كان على وشك تمزيقه بين أصابعه المتلهفة، حاولت ابعاده عنها قليلا فابتلعت ريقها
رقية بخوف شديد:" اانت بتعمل ايه"
يحيى:" بساعدك بلاش يعنى"
رقية بخجل:" شكرا انا مش عايزة مساعدة"
حاولت ثنيه عما يفعل وان تبعده عنها فتصرفاته اصبحت تقلقها فربما هو الآن فى حالة غريبة اصابتها بالذعر
يحيى:" متتكسفيش انتى مراتى وانا جوزك والنهاردة فرحنا يلا بقى بلاش تضيع وقت"
فهو لم يكن فى وعيه فهو كل ما يعيه الآن انه يريدها وبشدة يشعر ببراكين حارقة بداخله تجعله غير متزنناً حتى هى لا يخفى عليها ما اعتراه فهو كأنه وقع تحت تأثير احد المخدرات التى غيبت عقله جعلته غير واعيا لما يفعل .
رقية:" مالك فى ايه انت شارب حاجة"
يحيى بلهفة:" شارب من شهد عينيكى انتى عينيكى حلوة اوى يا رقية انا مشفتش عينين بالجمال ده "
رقية بغضب:" يحيى انت شارب ايه بالظبط"
زفر بضيق فهو فى حالة لا تسمح له بأن تجادله فهى يجب ان تجاريه فهو بدأ الان يشعر بالسخط الشديد
يحيى:'' انتى هتفضلى طول الليل تقوليلى شارب ايه مشربتش حاجة فخلصى فى ليلتك دى انتى مش هتحققى معايا"
خافت اكثر من نبرة صوته الحادة فتراجعت الى الخلف حتى ارتطمت بكرسى خلفها فكانت على وشك السقوط الا انه امسكها من ذراعيها قبل ان يحدث لها شئ ، عاوده ذلك الإحساس بالشوق مرة اخرى عندما وجدها بين يديه قامت بدفعه عنها ولكنه كصخرة قوية لم تفلح فى ابعاده عنها ، امتلأت عينيها ذعرها وخوفاً فكانت على وشك البكاء أيضا فتسللت دموعها من عينيها وجد نفسه يقترب منها يقبل وجنتها التى تناثرت عليها الدموع كحبات اللؤلؤ
رقية برجاء:" ارجوك يا يحيى ابعد عنى"
يحيى:" مش قادر صدقينى مش قادر ومش عارف ابعد عنك يا رقية انا مش عارف ايه اللى بيحصلى"
غمغم بتلك الكلمات وهو مازال يمحو اثار دموعها بشفتيه وجدت فستانها يتساقط عند قدميها كبركة بيضاء تغوص بها قدميها بعدما قام بفتح سحاب الفستان او ربما قام بتمزيقه ، اتسعت عيناها ذهولا ولكن عندما حاول ان يحملها وجدها تفر منه كغزالة صغيرة تفر من صياد قاسى او وحش مفترس على وشك افتراسها ، فهى لم تكن تتخيل ان يحدث كل هذا ان يتصرف معها بتلك الهمجية فهى بالرغم مما تعرفه عنه الا انها كانت تأمل ان يتصرف معها بشئ من التهذيب وان يكون مراعياً لها فى تلك الليلة العصيبة،عندما فرت من بين يديه زاد جنونه أكثر فهو لم يعد يتحمل تهروبها منه
يحيى:" بقولك ايه انا مش هفضل طول الليل اتحايل عليكى انا صبرى ابتدا ينفذ او هو نفذ اساسا مبقاش عندى طاقة للصبر اكتر من كده''
رقية:" انت اكيد مش فى وعيك انت واخد نوع مخدر او منشط لان انت مش فى حالة طبيعية"
يحيى بحدة:" حتى لو واخد زفت انا مش جوزك والنهاردة فرحنا ولازم تسمعى كلامى"
رقية:" اسمع كلامك لما تبقى واعى للى بتعمله لكن انت ممكن تأذينى وانت مش حاسس"
يحيى:" انتى شكلك هتزهقينى بقى"
وصل الى نقطة اللاعودة فى نفاذ صبره قام بازاحة كل ما يعيق طريقه يقترب منها فهى كانت تقف فى احد اركان الغرفة ترتجف بقوة وهى ترتدى ملابس خفيفة كانت ترتديها اسفل فستان زفافها ، تنظر اليه كفرخ طير بلله المطر فى يوم ممطر وعاصف ، حتى بكاءها لم يعد يجدى نفعاً ،
رقية:" يحيى اعقل ارجوك بلاش كده"
يحيى بابتسامة:" انا عاقل يا عيون يحيى اعقلى انتى علشان الليلة تعدى على خير"
رقية:" انا هطلبك حاجة من الروم سيرفس علشان تشربها جايز تفوق من الحالة اللى انت فيها"
يحيى:" انا مش عايز اشرب حاجة انا مش عايز غيرك انتى وبس يا رقية "
وصل اليها حملها بين ذراعيه تلبط الهواء بقدميها تضربه بقبضة يدها على كتفه قامت بخدشه فى عنقه الا انه لم يتأثر بذلك وصل الى الفراش وضعها عليه يحاول كبت كل محاولاتها فى الفرار ، صرخات خرجت من جوفها حتى شعرت ان احبالها الصوتية قد انقطعت،
رقية بصراخ:" لااااااااء بس بقى سيبنى"
يحيى:" بس بقى صوتك زمانه كل اللى فى الفندق سمعوه هيقولوا علينا ايه بس اهدى يا رقية متخافيش منى"
رقية بذعر:" حرام عليك يا يحيى"
أصابه الصمم لايسمع صوت توسلاتها ولا صوت بكاءها الذى ربما لو سمعه حجراً ربما كان رحم ضعفها وخوفها
*"*"*
كان يقف بشرفة الغرفة عندما سمع صوت رنين هاتفه نظر الى الرقم الذى ينير شاشة الهاتف عدة ثوانى ثم أجاب بنبرة صوت عملية
ثائر:" الو"
سلاف:" اهلا ثائر كنت عايزة اكلمك فى موضوع بخصوص الاجهزة اللى اشترتها من عندك"
ثائر:'' ليه فى حاجة الاجهزة فيها مشكلة"
سلاف:" ايوة ومش جهاز ولا اتنين دا حوالي 10 اجهزة فيهم مشكلة"
ثائر بتفكير:" ازاى انا كل الاجهزة بتمر باختبارات تشغيل قبل ما نسلمها للعميل"
سلاف:" اللى حصل انت فاضى بكرة علشان اشوفك ونتكلم"
حاولت ان تضفى على صوتها نبرة متزنة ولهجة عملية حتى لا يشك بأمرها
ثائر:" اوك يا سلاف اشوف بكرة "
اخترقت تلك الجملة مسامع وتين التى قطبت حاجبيها بغيرة فلماذا يهاتفها الآن ؟ وماذا تريد منه ؟ ولماذا سيقابلها؟ اسئلة وافكار تزاحمت بداخل عقلها وغيرة طافت بقلبها، انهى مكالمته نظر خلفه وجدها تقف غير بعيد عنه تنظر اليه بعينان ربما تندلع منها نيران على وشك حرق ما حولها ، حل الصمت عليهم فهم يقفون فى مواجهة بعضهم البعض بدون ان يبادر احدهم بالكلام فنظرة عينيه متسائلة بينما نظرة عينيها معاتبة ولكنه بادر هو بالحديث قائلا
ثائر:" مالك يا وتين واقفة ليه كده"
وتين:" كنت بتكلم مين يا ثائر"
ثائر:" دى عميلة بتقول فى مشكلة فى الاجهزة اللى اشترتها من عندنا"
وتين:" اه والعميلة دى اسمها سلاف المنصورى مش كده"
علم انها ربما سمعت كلامه معها فهو كان لايريد اخبارها لانه يعلم مدى غيرتها فهو لايريد ان يضايقها ولكنه اردف بنبرة هادئة
ثائر:" ايوة هى سلاف المنصورى يا وتين فى مشكلة"
لم تتفوه بكلمة استدارت ذاهبة الى غرفة الملابس قامت بتغيير ملابسها وعادت الى الغرفة تذهب الى الفراش بدون ان توجه له كلمة واحدة ، نفخ بضيق فما تلك التصرفات التى تفعلها ولماذا تضع فى رأسها وساوس ليس لها أساس من الصحة، تمدد بجوارها كانت توليه ظهرها تغلق عينيها ولكنه علم من صوت انفاسها انها مازالت مستيقظة ولم تغفو بعد ، اقترب منها حتى اصبح ملاصق لها يحاوطها بحنان كعادته يهمس لها
ثائر:" مالك يا وتينى فى ايه"
وتين:" مفيش بس عايزة انام تصبح على خير"
ثائر:" وتين انا بكلمك"
وتين:" فى ايه يا ثائر بقولك عايزة انام هو حرام "
علا صوتها قليلا يحمل نبرة حادة اصابه الضيق من طريقتها في التحدث اليه حاول ان يهدأ من ثورة أعصابه التى ربما على وشك الاندلاع الآن
ثائر :" وتين احنا مش كل شوية تزعلى وافضل احايل فيكى انتى مكبرة الموضوع ليه نفسى اعرف انا قولتلك سلاف كنت اعرفها من زمان ومفيش حاجة بينا من اللى فى دماغك دى"
لكنها أيضاً لم تجيب على كلامه فالتزمت الصمت ولكنه قام بادارتها حتى تواجهه
ثائر:" انتى مبترديش عليا ليه انا مش بكلمك"
وتين:" انت عايز ايه يا ثائر هو انا كلمتك ولا قولتلك حاجة انا ساكتة اهو"
عندما حاول الاقتراب من وجهها اشاحت قليلا بوجهها عنه كأنها ترفض عناقه لها
ثائر:" انتى مش شايفة نفسك بقيتى اليومين دول بتتصرفى ازاى اى حاجة تحصل تزعلى واجى على نفسى واصالحك وانا فى الأساس معملتش حاجة بس بقول وماله مراتى وليها حق تدلع عليا بس الدلع لما بيزيد عن حده مبيبقاش حلو يا وتين ياريت تكونى فهمتى كلامى"
ترك الفراش بل ترك الغرفة بأكملها اعتدلت فى جلستها تضع رأسها بين يديها ظلت تفكر هل هى حقا تعطى الأمر أهمية اكثر من اللازم ؟ هل ما بين زوجها وتلك المرأة لم يكن سوى علاقة عمل فقط ؟ هل هى زادت فى تصرفاتها التى اغضبته ؟ فهو مازال مثلما كان يعاقبها بطريقته القاسية وهى حرمانها منه ومن قربه
*"*"*
فى الصباح... فتحت رقيةعينيها تنظر حولها وجدته نائم على وجهه يغوص بوجهه فى الوسادة ، نهضت من على الفراش نظرت الى نفسها فى المرآة نظرت الى ملابسها الممزقة الى شعرها المشعث الى ذلك اللون الاسود الذى لطخ عينيها نزولا الى وجهها بسبب كثرة بكاءها ، الى شفتيها التى عانت من همجيته، بكت على حالها وضعت يدها على فمها تكتم صوت شهقاتها فهو هدم كل أحلامها التى كانت ترسمها فى خيالها ان ربما ستكون ليلتهم بداية جديدة له فهى كانت فى نيتها ان تجعله يأمها فى الصلاة ان تبدأ اول خطوة معه وبعد ذلك سيتوالى ما كانت تخطط له ، ولكن كل شئ انهار وانهار عالمها الوردى أيضا فهى فى اسوء تخيلاتها لم تكن تتوقع ان يكون هكذا كذئب مفترس لايرحم ضحياه ، استفاق من نومه يشعر بصداع عنيف ، نظر بجواره ولكنه لم يجدها اعتدل فى جلسته وجدها تجلس امام المرآة كتمثال من رخام لا تأتى بأى حركة تأمل هيئتها التى كان هو السبب فى حدوث كل تلك الآثار بها وجدها تنظر امامها بجمود كأن عينيها قد تحجرت وتحجرت كل حواسها ، وجد نفسه يترك الفراش يجثو بجوارها، رفع عينيه اليها بندم فتلك الفتاة التى كانت تشبه الوردة بالأمس اصبحت الآن كاحدى الدمى المرعبة بهيئتها تلك
يحيى:" رقية"
رقية:"......"
يحيى:" رقية انا آسف على اللى حصل انا مكنش قصدى اعمل كده او ان اخليكى تخافى منى انا مكنتش ناوى اقرب منك اصلا بس مش عارف ايه اللى جرالى وايه اللى خلانى اعمل كده "
لم تنطق بكلمة فهى مازالت فى تلك الحالة من الشرود والذهول
يحيى:" رقية ردى عليا"
عندما حاول ان يضع يده على ذراعها وجدها تنأى بنفسها عنه فهى لا تريده ان يضع يده عليها ، لاحظ انكماشها فأعاد يديه الى جواره ، يلعن نفسه مراراً وتكراراً على غباءه
يحيى:" طب قومى غيرى هدومك زمان اهلك جايين ومينفعش يشفوكى كده"
رقية بسخرية:" خايف انهم يعرفوا انت عملت ايه فى بنتهم اللى هم استأمنوك عليها، اللى هم سابوها معاك وهم مفكرين انك هتحافظ عليها، اللى زمانهم فاكرين انها عاشت احلى ليلة فى عمرها ان جوزها هيعاملها زى ما تكون أميرة زى ما ابوها كان شايلها فى عينه، خايف يعرفوا ان انت مرحمتش ضعفها ولا جهلها فى ليلة زى دى ان كل اللى كان يهمك انك تاخد اللى انت عايزة حتى لو بالغصب ان انت زرعت جوا بنتهم رعب وخوف وان الليلة دى هتبقى اسوء ذكرى فى عمرها، انك اتصرفت معاها زى الحيوان اللى عايز يرضى غريزته وبس ، ان دموعها وتوسلاتها مأثرتش فيك ، انت عارف الكل حذرنى منك انك انسان فاسد وهمجى بس انا اللى رفضت اصدق ، افتكرت ان يمكن لسه جواك بذرة صالحة جايز تكبر مع الوقت وتتغير جايز تبقى انسان صالح ، عملت فيها مصلح اجتماعى وقولت يمكن حبى ليك يقدر يغيرك"
رفع رأسه بعد سماع تصريحها بحبها له لم يصدق ما سمعه منها هل سبب موافقتها عليه هو حبها هل هى تحبه حقا؟ ، ولكنه وجدها تضحك بهستريا ودموعها على وجهها فهى كأنها اصيبت بالصدمة جعلتها تتصرف بشكل جنونى وهستيرى
رقية بهستريا:" ههههه افتكرت ان انا هغيرلك حياتك يا يحيى هههههه اه حبى ليك هيغيرك. تبقى انسان جديد ههههه شوفت عبط اكتر من كده هههههه قال انا اللى هغير يحيى زاهر صفوان "
تحولت ضحكتها الهسترية الى نشيج ودموع فهى ولا شك ربما ستصاب بانهيار عصبي الآن ، مزقت قلبه بكلماتها ،ببكاءها، بشهقاتها . وجد نفسه يعتدل فى وقفته يسحبها تقف مواجهة له قام بضمها اليه يحاول الاعتذار عما فعله بها ولكن توالت ضرباتها على صدره تركها تنفث فيه جام غضبها لم تقوى قدميها على حملها فهى كأنها استنفذت كل طاقتها فتهاوى جسدها أرضاً وهو مازال يحتضنها ، علا صوت بكاءها
رقية ببكاء:" ليه عملت فيا كده ليه هدمت كل حاجة حلوة حلمت بيها ليه ليه رد عليا"
يحيى بأسف وندم:" انا اسف سامحينى يا رقية انا اسف والله ماكان قصدى ولا كنت حاسس انا بعمل ايه"
فرت دمعة من احدى عينيه حسرة وندما ًعلى تلك الفتاة التى ربما هى الوحيدة الذى شعر بقلبه يميل اليها ولكنه بسبب رعونة تصرفه فهو قضى على ذلك الخيط الدقيق الذى ربما كان سينجيه ، قامت بدفعه عنها فهى كأنها اصبحت تشمئز منه ومن قربه منها تحاول الفكاك من حصار ذراعيه تبعده عنها ترجع بجسدها للخلف كأن ارتسمت ليلة البارحة أمامها الآن وتذكرت تلك الليلة الماضية التى كانت مأساة بكل ما تحمله الكلمة من معنى
*"*"*
تذرع غرفتها ذهاباً واياباً تريد ان تعرف ماذا حدث ليلة البارحة فظلت تقضم اظافرها بتوتر جلى ارتسمت علامته على وجهها ، فهى حتى الآن لم تقبل فكرة كونه اصبح لديه زوجة ربما ستكون سبباً فى إصلاحه، فهى لم يخفى عليها نظرات تلك الفتاة له فهى قرأت فى عينيها السبب الذى جعلها تقبل الزواج منه ، لمحت تململ زوجها فى نومه يفتح عينيه يطالعها بغرابة
زاهر:" ايه اللى مصحيكى بدرى كده يا نانى"
نانى:" لاء يا حبيبى مفيش حاجة"
زاهر:" انتى تعبانة ولا ايه ولا منمتيش من امبارح"
نانى:" لاء نمت وقلقت الصبح"
فهى تريد ان يكف عن الكلام يعود الى نومه مرة اخرى فهى ليست بمزاج يسمح لها بسماع كلام من احد فهى لديها ما يشغلها حالياً
نانى:" كمل نومك انت يا حبيبى متشغلش بالك"
زاهر:" لاء خلاص طالما صحيت مش هعرف انام تانى خليهم يحضروا الفطار علشان شوية كده ونروح نشوف يحيى قبل ما يسافر هو ومراته يقضوا شهر العسل"
نانى:" حاضر يا حبيبى"
هبطت الى الاسفل طلبت من الخادمة اعداد الفطار جلست هى وزوجها تتناول طعامها بصمت مطبق تأكل طعامها بشرود انتبه عليه زوجها
زاهر:" فى ايه يا نانى مالك"
نانى:" ها بتقول حاجة يا حبيبى"
زاهر:" لا دا انتى مش معايا خالص فى حاجة حصلت"
نانى:" لا ابدا بس الصداع من دوشة الفرح امبارح لسه وجعلى دماغى"
زاهر:" الف سلامة عليكى يا حبيبتى"
نانى:" الله يسلمك مش يلا بينا ولا ايه خلينا نروح لابنك"
زاهر:" ماشى يلا بينا"
فى الفندق..مازالت رقية جالسة فى مكانها على الأرض تضم ركبتيها بيديها تضع راسها بينهم تنظر امامها كأنها تنظر فى الفراغ وفجأة
سمعت صوت جعلها تنتفض من مكانها...
يتبع!!!!!!!!!