رواية غرام الوتين (دمية في يد غجري 2 ) الفصل الحادي عشر 11 بقلم سمسم
غرام الوتين
( دمية فى يد غجرى 2)
البارت الحادى عشر
جلست تضع حقيبتها على المنضدة الصغيرة امامها قامت بسحب احدى السجائر من علبتها لتشعلها تنفث دخانها ببطئ، كل هذا وهو ينظر اليها بغرابة ولكنه لا يعلق على تصرفاتها فهى حرة نفسها فهو ليس برقيب عليها
سلاف:" سورى نسيت اعزم عليك سيجارة"
ثائر بهدوء:" شكرا ما بدخنش"
سلاف:" معقولة ! بس تصدق كده أحسن انا حاولت كذا مرة ابطلها بس مبقدرش زى ماحاولت ابطل احبك كده بس مقدرتش"
رفع رأسه ، اتسعت حدقتيه ، انتفضت عروقه ، يهدر بداخله فهذا ما كان يخشاه ان تعود اليه الآن تخبره بذلك
ثائر:" انتى بتقولى ايه يا سلاف ازاى تقولى كده"
نفثت دخان سيجارتها ، تلوى ثغرها بابتسامة ، تحرك يدها التى تحمل السيجارة بشئ من الاستخفاف
سلاف:" هو انا قولت حاجة غلط يعنى يا ثائر"
هب واقفا من على كرسيه يترك مكانه يقف مقابل لها يضع يده بجيبه يردف بحنق
ثائر:" اه قولتى حاجة غلط يا سلاف انا مبقتش ثائر بتاع زمان اللى كنتى تعرفيه"
قامت هى الاخرى من مكانها تعقد ذراعيها امام صدرها تنظر اليه بهدوء
سلاف:" امال انت بقيت ايه يا ثائر"
قلب عينيه بملل يحاول ان يخمد تلك العواصف الرعدية التى نشبت فى حواسه فخرج الكلام منه حادا
ثائر:" بقيت راجل متجوز وأب ل3 اطفال"
مطت شفتيها قليلا تكمل سحب دخان سيجارتها التى قامت بنفثه فى وجهه تلك المرة مخلفة سحابة تغطى وجهه
سلاف:" ومبسوط مع مراتك يا ثائر"
قام برفع يده يلوح بها يزيح ذلك الدخان عن وجهه فلو ربما كانت شخص اخر ربما لكان قام بطردها
ثائر:" طبعا مبسوط جدا فى قمة سعادتى كمان يا سلاف"
عادت لتجلس على الكرسى فكلامه جعل ماضيها مع زوجها يرتسم امام عينيها كشريط الفيلم السينمائى
سلاف:" انت دلوقتى متجوز ومبسوط وسبتنى زمان لواحد ورانى العذاب الوان"
جلس مقابل لها فهذا ما كان يخشاه ان تجعله يشعر بتأنيب الضمير ، سحب نفسا قويا يردف بهدوء
ثائر:" انا مغلطتش يا سلاف روحت لجدك مرة واتنين وهو اللى رفض كنتى عيزانى اعمل ايه"
ابتسمت بسخرية انحنت قليلا للأمام تنظر اليه بعينان ربما تحمل بداخلها صورة من الماضى الحزين الذى عاشته
سلاف:" بس انا جتلك كان فى امكانك اوى ان احنا نتجوز ونحط جدى قدام الأمر الواقع مكنش حصلى كل ده انت شايفنى دلوقتى بقيت عاملة ازاى جسم من غير روح"
نقر باصابعه على طرف مكتبه الذى يستند عليه بذراعه
ثائر بهدوء:" مكنتش اقدر ان انا اعمل حاجة زى دى واخالف مبادئ اللى اتربيت عليها وان اتجوز واحدة من ورا اهلها ''
سلاف بسخرية:" عظيمة اوى مبادئك يا ثائر"
اصابه الضيق من لهجة السخرية فى صوتها فهو فى حالة لا تسمح له الآن بسماع ذلك الكلام فهو ظل وقتاً طويلا يبث الأمان بداخل قلب زوجته التى يصيبها الغيرة من رؤية اى امرأة تحدثه
ثائر:" انا اتربيت كده يا سلاف"
سلاف:" بس ليه روح الغجر عندك كانت نايمة فى الوقت ده ليه محابتش تغامر ان احنا نتجوز حتى لو هتعادى جدى وتقف قصاده"
ثائر ببرود:" يمكن علشان مكنتش بحبك يا سلاف"
ناظرته بعينان تحمل جحيماً ، فهى شعرت بالإهانة من كلامه ، هل حقاً كان لا يحبها وانه كان سعيد بعدم زواجه منها
سلاف:" يعنى انت مكنتش بتحبنى يا ثائر"
ثائر:" سلاف انتى كنتى جاية علشان الاجهزة ايه اللى خلاكى تفتحى موضوع مر عليه سنين"
سلاف:" انا بسألك سؤال يا ثائر وياريت تجاوبنى عليه انت فعلا مكنتش بتحبنى"
ثائر:" سلاف انا اعرفك من واحنا صغيرين وفضلنا سنين عارفين بعض فطبيعى انك تبقى غالية عليا ولما صارحتينى بحبك ليا ما منعتش ان يبقى فى بينا فعلا حب او ان احنا نتجوز بس مكنش جوايا العشق اللى ممكن يخلينى اتحدى اى ظروف تواجهنا ، انا فى الوقت ده محبتش اكسرلك قلبك واقولك ان انا معتبرك صديقة عزيزة عليا مش اكتر من كده لكن لما شوفتك متعلقة بيا قولت جايز لو فعلا اتجوزنا ان انا اقدر احبك بس ربنا مكنش رايد ان يكون فى حاجة ما بينا "
تستمع لكلامه تحاول ان تضبط اعصابها التى صارت على وشك الانهيار الآن ، فهو يسمعها الحقيقة التى حاولت ان لا يأتى الوقت وتسمعها منه فهى لم يكن يخفى عليها انه كان يتعامل معها بطريقة كانت خالية من العشق والوله الذى كانت تبادله إياه
سلاف:" وانت دلوقتى عايش العشق والحب اللى مقدرتش انا اخليك تحس بيه "
ثائر:" ايوة يا سلاف انا بعشق وتين مراتى ولا عمرى عشقت ولا هعشق غيرها"
نطق كلماته بهدوء لعلها الآن تتفهم انه لم يعد ذلك الشاب الذى كانت تعرفه فى ماضيها فهو لا يربطه بها سوى عقد عمل فقط
ثائر:" نرجع لموضوعنا بخصوص الاجهزة انتى قولتى فى 10 اجهزة طلع فيهم مشكلة ممكن تقوليلى هى ايه المشكلة"
سلاف:"نتكلم وقت تانى يا ثائر عن اذنك"
اخذت حقيبتها تهرول سريعاً الى الخارج تحاول ان تتماسك والا تذرف دموعها الآن ، فكلامه قد مزق ذلك النسيج الواهى الذى كانت تحيط به قلبها من ان ربما ثائر كان يكن لها بعض المشاعر، نفخ ثائر بضيق فهو كان لايحب ان يجرحها بكلامه ولكن هى من اضطرته لذلك لمح دلوف رمزى الذى نظر اليه بتعجب
ثائر:" مالك ياض انت بتبصلى كده ليه"
رمزى:" هو انت ضربت سلاف ولا ايه خارجة تجرى وبتعيط ايه اللى حصل"
ثائر بتنهيدة:" واجهتها بحقيقة ان مكنتش بحبها علشان تشيلنى من دماغها انا دلوقتى مش عايز وجع دماغ ولاحاجة تبوظلى حياتى وياريت تكون فهمت ان انا فعلا مبحبش غير مراتى وبس"
هز رمزى رأسه بتفهم مردفاً:" أحسن أنك عملت كده يا غجرى"
ابتسم ثائر ابتسامة خفيفة فهو يعلم ان رمزى يفعل ذلك ليخفف عنه ضيقه الذى اصابه من الحديث مع سلاف
ثائر:" انت عارف ياض يا رمزى"
رمزى بمزاح:" لاء لسه معرفتش فى ايه"
ثائر:" دمك يلطش يا اخى بس مش عارف اعيش من غيرك زى البلوة اللى لو بعدت عنى هحس ان فى حاجة نقصانى"
رمزى:" هو يعنى كلامك زى الزفت ده اولاً ثانيا فى مدح سيكا وقلة أدب كتير بس برضه انا والله معرفش اعيش من غير ما اشوف شكلك ده اللى يعطل المراكب السايرة"
نطق رمزى ذلك وفى لمح البصر كان فر هارباً من غرفة المكتب قبل ان يصيبه ثائر بتلك الاوراق التى حملها بيده يريد ان يقذفه به
بقلمى سماح نجيب"سمسم"
عندما فتح يحيى باب الغرفة وجد تلك اللعينة المسماه زوجة ابيه هى من تقف على الباب نظر إليها بعينان ربما كانت على وشك حرقها حية بسبب ما فعلته به ولكنه لم يجد أباه برفقتها
يحيى:" هو بابا فين"
نانى :" قابل واحد يعرفه تحت وقف يسلم عليه فقولتله هسبقك انا وتعال صباحية مباركة يا عريس"
كان رده عليها صفعة قوية هوى بها على وجهها حتى انها اتسعت عيناها ذهولا مما فعل
نانى:" ايه اللى انت عملته ده انت اتجننت"
يحيى:" بقى مفكرة يا بنت الكلب ان مش هعرف اللى عملتيه فيا امبارح والحبوب اللى حطتيها فى العصير دا انا هخلى أيامك جحيم بس اللى هينقذك منى ان مسافر النهاردة بس لما ارجع هصفى حسابى معاكى يا زبالة ومبقاش يحيى بن زاهر صفوان اللى لو ندمتك على اللى عملتيه"
نظرت إليه بابتسامة جانبية فهى لم تتأثر بصفعه لها بل اقتربت منه بجرأة
نانى:" ضرب الحبيب زى اكل الزبيب يا يحيى "
نظر اليها بتقزز فما تلك المرأة التى لم يعد لديها ولو قدر ضئيل من الحياء فهو يحمد الله ان زوجته بالداخل ولم تراها وهى تقف قريبة منه الى هذا الحد فقام بدفعها عنه ترنحت فى وقفتها الا إنها لم تهتز عندما هم بصفعها مرة أخرى وجد رقية تخرج إليهم
رقية:" فى حاجة ولا ايه دا كله بتفتح الباب"
نظرت رقية وجدت نانى تقف عاقدة ذراعيها بشماتة تنظر اليها نظرة شاملة
نانى:" مبروك يا عروسة صباحية مباركة ان شاء الله"
رقية:" يبارك فيكى اتفضلى"
ولكن قبل دلوف نانى كان والديها وصديقتها ووالد زوجها قد حضروا أيضاً فاقتربت فردوس من ابنتها تحتضنها بشوق كأنها غائبة عنها ليس من ليلة واحدة فقط وانما كأنها غائبة منذ سنوات
فردوس:" حبيبة ماما عاملة ايه يا قلبى"
رقية بخجل:" الحمد لله يا ماما اتفضلوا"
تقدم والدها منها ايضا يحتضنها بحنان ابوى يليه صديقتها آية
زاهر:" اخباركم ايه كويسين الحمد لله"
يحيى:" الحمد لله يابابا"
ذهبت رقية للجلوس مع والدتها وصديقتها وجلس يحيى مع والده ووالد زوجته وزوجة أبيه التى لم تذهب للجلوس مع النساء مفضلة ان تجلس لتثير أعصاب يحيى تخرجه عن طوره أحياناً بكلامها المبطن واللاذع
لم يخفى على فردوس وجه ابنتها فمن الظاهر انها كانت تبكى فأنتفاخ عينيها يدل على انها ربما بكت لوقت طويل
فردوس:" رقية انتى كنتى بتعيطى"
رقية بتوتر:" لاء يا ماما بعيط ليه يعنى"
آية:" باين على وشك وعينيكى هو عريس الغفلة عملك فيكى حاجة قولى يا رقية "
رقية بابتسامة:" معملش حاجة يا آية يحيى كان كويس معايا انا اه كنت بعيط زى اى بنت بتسيب بيت باباها وبتبعد عن حضن مامتها دى كل الحكاية بس انا كويسة الحمد لله اطمنوا ومتقلقوش عليا "
*"*"*
منذ قدومها الى منزل والدها وهى تقضى معظم يومها بداخل غرفتها ، فزوجها لم يكلف نفسه عناء ان يأتى إليها ليراضيها فكأنه كان بانتظار ان يحدث ذلك وتترك المنزل، فرت دموعها سريعا على وجنتها مسحتها بكف يدها عندما لمحت دلوف امها الى الغرفة
أمينة:" يلا يا حبيبتى تعالى كلى"
دينا:" مليش نفس يا ماما"
ثم عادت ثانية تنظر من النافذة التى تجلس بقربها تتأمل السماء الذى يغطيها السحاب يجعلها مزيج من اللون الابيض والازرق
أمينة:" مينفعش كده يا حبيبتى بس لو تقوليلى مالك فى ايه "
جلست بجوارها فاقتربت منها دينا تضع رأسها بأحضان والداتها التى مسدت على رأسها بحنان
دينا:" شوفتى يا ماما اسامة واللى عمله حتى مكلفش نفسه ييجى هو كان مستنينى اسيب البيت ولا ايه"
ربتت أمينة على كتفها بحنان تضمها اليها ، فهى ايضا متعجبة من موقف زوج ابنتها
أمينة:" انا مش عارفة ايه اللى جرالكم انتوا اتحسدتوا ولا ايه"
دينا:" اسامة هو اللى دايما كده ظنان مفكر ان كنت قاصدة اخبى عليه ان هشتغل مع ان والله كنت مستنية اعرف هشتغل ولا لاء مكنش فى نيتى حاجة وحشة"
أمينة:" عارفة يا حبيبتى بس هو بقى زمانه فكر انك مخبيه عليه علشان تحطيه قدام الأمر الواقع"
اعتدلت دينا فى جلستها قليلا تنظر لوالداتها بأعين قد بهتت قليلا بسبب بكاءها
دينا:"يعنى اعمل ايه دلوقتى"
مدحت:" هتعملى ايه يعنى يا دينا انتى قاعدة فى بيت ابوكى معززة مكرمة وهو يجيلك لحد عندك"
دلف والدها يهدر بهذا الكلام يشعر بالعصبية ان هناك احد استطاع ان يبكى ابنته الوحيدة
أمينة:" بقولك ايه يا مدحت متولعش الموضوع اكتر ما هو والع اصلا"
مدحت:" انتى قصدك ايه ولا بتدافعى عنه علشان خاطر هو ابن اختك"
أمينة بمزاح:" فى ايه يا راجل انت اهدى شوية هو انا قولت ايه داخل علينا زى المخبرين كده"
افلتت ابتسامة من دينا رغما عنها عندما سمعت كلام امها لأبيها ، نظرت اليها امها بحنان
أمينة:" ايوة يا حبيبتى ابتسمى مفيش حاجة مستاهلة تزعلى كل شئ هيتصلح"
مدحت:" وهو لو جه يصالحها مش هديهاله هطلع عينه علشان يعرف ان زعل بنتى مش بالساهل"
أردف بكلامه وخرج من الغرفة ممتعض من فكرة ان هناك من تسبب فى حزن ابنته وايضا من كلام زوجته التى ربما هى منحازة لزوج ابنتها بحكم انه ابن شقيقتها
أمينة:" هههه ابوكى مش هيتغير ابدا هو كان اصلا مجوزك وكان يوم الفرح عايز يرجع بيكى معاه "
ابتسمت ابتسامة واهنة عندما تذكرت يوم زفافها وتذكرت ايضا زوجها الذى طاوعه قلبه ان يتركها هنا فى منزل والدها بدون ان يطمئن عليها او يأتى اليها لتصفية ذلك الخلاف السخيف الذى لا يستحق كل هذا
#بقلمى سماح نجيب" سمسم"#
تسير فى الشارع تحمل العديد من الأكياس البلاستيكية التى تعج بمختلف متطلبات المنزل الشهرية ، شعرت بوجع مفاصل أصابعها من كثرة الاحمال عليها
هيام:" هو ايه اللى خلانى اعمل فيها فالحة وانزل اجيب طلبات البيت من غير علاء مش كان زمانى دلوقتى مرتاحة وهو شايل معايا شوية"
لم تنتبه لذلك القادم الذى اصطتدمت به فانفلتت منها تلك الأكياس لتتبعثر محتوياتها فى الشارع ، نظرت بصدمة الى ذلك المنظر الذى امامها
هيام بصدمة:" يا خبر"
....:" انا اسف جدا والله مكنش قصدى"
ثم انحنى أرضا يلمم ما قد بعثره بدون قصد منه ، اقتربت هيام هى الاخرى تعيد ترتيب محتويات الأكياس ومن داخلها تهتف بغيظ الايكفى انها تحمل كل هذه الأعباء ليأتى هذا الرجل ويزيد من ضيقها ، نظر اليها وجدها تضع الاغراض بغيظ فربما هى الآن تلعنه تحت أنفاسها
...:" انا بجد اسف جدا والله مكنش قصدى انا عارفة ان حضرتك اتضايقتى"
هيام بضيق:" محصلش حاجة عن اذنك"
اخذت اغراضها تسرع خطواتها مبتعدة عنه ، نظر لاثرها وهى تمشى تكاد تدب الأرض بقدميها فلو لم تكن فى الشارع ريما لفعلت ذلك ،وصلت الى الشقة التى تقطن بها فتحت الباب تدلف باستياء وهى لم تتخلص من غضبها قامت بوضع الاكياس على السفرة تفرز محتوياتها لترى الاشياء المتضررة
هيام:" يادى النيلة الخضار باظ والطماطم اتفعصت انا اصطبحت بوش مين النهاردة بس"
دلفت الى غرفتها قامت بخلع حجابها وابدلت ملابسها بملابس بيتية وخرجت مرة اخرى ذهبت الى غرفة اطفالها وجدتهم يشاهدون احد البرامج الكارتونية ابتسمت لهم ثم عادت الى المطبخ لتجهيز الطعام لهم كانت منهمكة فى تحضير الاكل عندما سمعت صوت جرس الباب عقدت حاجبيها من سيأتى الآن ، وقفت خلف الباب نظرت من العين السحرية ، اتسعت عيناها بدهشة فالطارق لم يكن سوى الرجل الذى اصطتدمت به فماذا يريد؟ ذهبت سريعا الى غرفتها ترتدى اسدالها قامت بفتح الباب لايظهر منها سوى رأسها
هيام:" افندم فى حاجة"
....:" حضرتك ازازة الشامبو دى الظاهر نستيها"
هيام:" اه شكرا"
...." العفو انا حضرتك جاركم الجديد هنا فى الشقة اللى قصادكم اسمى سراج"
هيام:" اه اهلا تشرفنا اسفة مش قادرة اقولك اتفضل جوزى مش موجود"
سراج بابتسامة:" لا ابدا المدام بتاعتى هتبقى مبسوطة لو اتعرفت عليكى"
هيام:" ان شاء الله"
هى تريده ان ينصرف الآن فرائحة الطعام تدل على انه ربما على وشك الاحتراق
هيام:" طب عن اذنك يا استاذ سراج"
سراج:" اتفضلى"
ابتعد قليلا اغلقت الباب تنفست الصعداء ذهبت سريعا الى المطبخ كشفت الإناء حمدت الله ان الطعام لم يحترق
هيام:" الحمد لله الاكل كان هينحرق"
عادت لتكمل ما كانت تفعل فزوجها على وشك المجئ من عمله ، بعد ان اغلقت الباب ظل سراج واقفا مكانه بضع لحظات ثم وضع المفتاح فى باب الشقة ليديره ويدلف الى الداخل يغلق الباب خلفه صافقه بشده ارتعدت لها تلك المسكينة الجالسة على الأريكة تنظر اليه بخوف فهى لم تكن سوى زوجته
بهيرة بخوف:" حححمد الله على السلامة"
نظر اليها باشمئزاز وكأنها شئ مقرف يتقزز من رؤيته ، نظر الى ملامح وجهها التى خلفت اثار اصابعه عليها علامات زرقاء من صفعه لها ليلة أمس
سراج:" قومى حضريلى الغدا بسرعة فزى يلاااااا"
ارتعدت من حدة صوته ذهبت سريعاً الى المطبخ تنفذ اوامره ، فهو لن يتوانى عن صفعها اذا هى خالفت له أمرا بكت بمرارة فإلى متى ستظل فى تلك الحالة المهينة؟
*"*"*
فى الصيدلية.... تضع الأدوية فى أماكنها المخصصة غير منتبه لذلك الذى دلف للتو والذى ربما افزعها بصوته يجعلها تنتفض فى مكانها
خالد:" السلام عليكم يا دكتورة آية"
التفتت الى مصدر الصوت تلتقط انفاسها تنظر اليه نظرة كارهة لرؤيته هنا الآن فلماذا هو أتى الى هنا؟
آية:" وعليكم السلام افندم"
خالد:" والله يا دكتورة قلبى بيوجعنى وجيت اسأل على دوا عندكم"
آية:" اااه قلبك بيوجعك بس هنا مش عيادة هنا صيدلية روح لدكتور قلب ولما يكتبلك دوا تعال اصرفهولك"
خالد:" ماهو الدكتور قالى ان انتى دوايا "
فهمت مقصده نفخت بضيق فربما هو لا يجد ما يشغله ليأتى اليها الآن ليشغلها عما تفعل
آية:" اه قالولك ان انا دواك وتاخده قبل الأكل ولا بعده"
خالد بغمزة:" قبل الأكل وبعده وكل وقت "
آية:" تمام"
تركت مكانها وقفت مواجهة له تراه يبتسم ابتسامة عريضة ، وبدون تفكير قامت برفع يدها تهوى بها على وجهه فى صفعة قوية ربما تردى صداها فى ذلك السكون الذى يغلف المكان
آية:" ها خفيت كده ولا لسه قلبك بيوجعك"
نظر اليها بعيون غاضبة يضع يده على وجنته على اثر صفعتها له صدره يعلو ويهبط من شدة تسارع انفاسه الغاضبة
خالد:" انتى بتمدى ايدك عليا كمان"
آية بتهديد:" احمد ربنا انه قلم بس ومتصلتش بالبوليس ييجى يلم اشكالك الضالة اللى معرفش بتتحدف عليا منين وياريت ما اشوفش وشك هنا تانى ولا فى اى مكان اروحه فهمت ولا تحب افهمك اكتر"
يكاد عقله لا يستوعب ما يحدث الآن هل قامت فتاة بصفعه على وجهه ، فالفتيات دائما ما يتوددون اليه ،فهو صاحب باع وصيت فى العلاقات الغرامية فلم يقابل بعد تلك الفتاة التى تتحداه
خالد:" انا مش هنسالك القلم ده ابدا "
آية:" ياريت فعلا متنساهوش علشان كل ما هتقابلنى هضربك بالقلم وبص بقى من الاخر كده حدوتة انك تشوفنى وتعمل نفسك كازانوفا وجاى وفاكر نفسك عنتر زمانك بقى وعايز تعلقنى والكلام اللى ما بيجبش همه ده تبقى غلطت فى العنوان مش أنا ومش علشان صاحبتى اتجوزت صاحبك الفاسد ده يبقى انا كمان هقبل بيك لاء جايز هى علشان بتحبه لكن انا بكرهك وبكرهه وبكره كل الشباب اللى عايشين زيكم كده ومقضينها حرام فى حرام والواحد فيكم عايز فى الاخر يتجوز واحدة ملاك وطاهرة وقطة مغمضة والكلام ده، شغل الافلام ده مليش فيه وياريت تكون فهمت كلامى مع السلامة"
بعد ان انتهت من كلامها عادت الى ما كانت تفعله ، ظل واقفا مكانه كأنه تسمر فى مكانه غير قادر على الحركة ، تمهل بضع لحظات ثم وجد نفسه يجر رجله قسراً ليخرج من ذلك المكان الذى تلقى فيه كل انواع الاهانات من ضرب وكلام
*"*"*
وجد نفسه أمام ذلك المتجر الذى يبتاع منه دائما ملابس زوجته ، دلف الى الداخل وجد صاحبة المكان تبتسم له ترحب به فهى سيدة فى منتصف الخمسينات تعمل بالازياء منذ زمن بعيد تدعى جيهان
جيهان :" اهلا اهلا ثائر نورتنا"
ثائر:" شكرا يا جيهان"
جيهان بابتسامة عريضة:" ايه سبب الزيارة السعيدة دى عايز فستان للمدام"
ثائر:" ايوة بس عايز حاجة بريفكت يا جيهان حاجة محصلتش"
جيهان بلؤم:" عايز الفستان محجبات ولاه"
ابتسم ثائر على كلامها فتلك السيدة يتعامل معها منذ سنوات فاحيانا تفهم طلبه قبل ان يطلبه
ثائر:" ولاه يا جيهان"
جيهان:" عيد ميلاد مش كده"
ثائر:" عرفتى ازاى"
جيهان:" ماهو لما بيبقى الفستان ولاه بيبقى مناسبة خاصة"
ثائر:" طب بطلى لؤم بقى وورينى الفساتين اللى عندك"
جيهان:" بس كده من عنيا نشرب القهوة على الكوليكش ما يجهز واختار اللى يعجبك"
جلس يتجاذب معها أطراف الحديث ، يرتشف قهوته لمح دلوف فتيات يحملن العديد من الفساتين الخاصة بالسهرات
جيهان:" الفساتين اهى شوف اللى يعجبك بس المرة دى مجبتش وتين معاك ليه"
ثائر:" علشان عملها مفاجأة"
جيهان بابتسامة:" ربنا يسعدكم يارب"
ثائر:" تسلمى يا جيهان"
ظل يجيل بنظره فى تلك القطع المعروضة أمامه حتى وقع اختياره على فستان باللون الاسود الذى سيجعل من زوجته تضئ كنجمة لامعة فى افق حياته
ثائر:" حلو ده يا جيهان"
جيهان باعجاب:" طول عمرك ذوقك لا يعلى عليه يا ثائر بتعرف تختار اللى يناسب مراتك ووتين هتبقى فى الفستان دى زى الاميرات"
ثائر:" شكرا يا جيهان شوفى حسابه كام واعملى الفاتورة "
جيهان:" عيب عليك يا ثائر انت زبون قديم خليها عليا المرة دى "
ثائر:" تسلمى يا جيهان ويلا بقى خلينى الحق اروح"
جيهان:" ههههه ماشى حقك عايز تطير علشان الحورية بتاعتك"
قامت بوضعه الفستان فى حقيبة ملائمة له بعد ان قام بدفع المبلغ المطلوب ابتسمت له فهى تعرف مدى عشقه لزوجته
جيهان :" اتفضل الفستان وسلملى على وتين وبوسلى القطط الصغيرين وخصوصا جوانا "
ثائر بابتسامة:" تسلمى يا جيهان يوصل ان شاء الله سلام"
جيهان:" مع الف سلامة"
اخذ الفستان ، يستقل سيارته قاصداً منزله فهو لا يعرف لماذا ذهب لشراء الفستان؟ فلايوجد مناسبة لذلك ولكنه لا يعرف لماذا ؟ وصل الى منزله دلف الى الداخل وجد زوجته تجلس مع أطفاله تساعدهم فى مذاكرتهم
ثائر:" السلام عليكم"
وتين بابتسامة:" وعليكم السلام حمد الله على السلامة"
ثائر:" الله يسلمك يا حبيبتى حبايب بابا عاملين ايه "
....:" الحمد لله"
جوانا:" بابى انا ذاكرت احسن من رؤوف ورائد"
رؤوف:" لاء انا سمعت لماما كويس انتى غلطتى"
جوانا:" لاء مغلطتش انت اللى غلطت"
رائد ببرود:" انتوا الاتنين اساسا غلطتوا انا اللى مغلطتش مش صح يا ماما"
ظل ثائر ينقل نظراته بين اطفاله يستمع الى شجارهم الطفولى الذى ربما يستمع اليه يوميا
ثائر بمزاح:" متزعلوش نفسكم يا حبايبى انا اللى غلطت وهسمع تانى لماما"
قضمت شفتيها من ذلك التصريح المبطن فى كلامه ، فمنذ متى وثائر يمزح هكذا؟
وتين:" بقولك ايه يا بابا اطلع غير هدومك ويلا علشان نتعشى وايه الشنطة اللى فى ايدك دى"
ثائر:" دى مفاجأة"
مجرد غمزة واحدة من عينيه جعلت الدم الحار يندفع فى شراينيها من فرط ذلك الخجل الشديد الذى تملك منها قامت من مكانها تذهب مسرعة الى المطبخ لاخبارهم بشأن تحضير العشاء
وتين:" سيدة"
سيدة:" اؤمرى حضرتك"
وتين:" حضروا العشا علشان ثائر وصل "
اقتربت وتين ايضا لتساعدهم فى تحضير العشاء فابتسمت سيدة على تصرفها فهى دائما تصر على ذلك فهى تشعر بالسعادة عندما تقوم بكل شئ من اجل زوجها الحبيب وأطفالها.هبط ثائر بعد ان قام بتغيير ملابسه جلس على رأس مائدة الطعام بدأ بتناول طعامه الذى يشعر بلذة فى أكله كون ان زوجته هى من اعدته من أجله
ثائر:" الله تسلم ايدك يا وتينى "
وتين بابتسامة:" تسلم يا حبيبى"
رائد:" بابا انت بتقولها وتينى ليه هى اسمها وتين"
ثائر:" وانت مالك انت يا لمض اناديها زى ما انا عايز"
رائد:" علشان ماما بتاعتى لوحدى"
رؤوف بهدوء:" هى مامتنا كلنا مش مامتك لوحدك بطل انانية بقى"
ترك رؤوف الطعام يغادر بامتعاض من تصرفات وكلام شقيقه
ثائر:" كويس كده زعلت اخوك"
جوانا:" هو كده على طول يا بابى يقعد على رجل ماما وميرضاش يخلينا نقعد زيه وكل حاجة ماما ماما"
تركت جوانا الاكل شأنها شأن اخيها رؤوف ، لم يتوقع ثائر ان وصل الامر بأطفاله الى تلك الحالة، فهو يعرف ان رائد متعلق بأمه ولكن وصل الحال الى استياء اشقاءه منه قامت وتين من على كرسيها تذهب لطفليها تسترضيهم ليعودوا ليكملوا طعامهم
وتين:" حبايب ماما متزعلوش تعالوا كملوا اكلكم"
رؤوف:" لاء مش عايز اكل كفاية رائد هو ياكل "
ترك ثائر مكانه قام بسحب يد رائد بهدوء ليجعله يترك مكانه هو الاخر
ثائر:" حبايبى رائد هو مش قاصده حاجة بس هو بيحب ماما زيادة بس كمان بيحبكم وبيحبنى انا كمان مش كده يا رائد"
رائد بتأكيد:" ايوة يا بابا بحبكم كلكم"
جوانا:" طب ليه بقى مش بتخلينا نقرب من ماما وعايز انت بس اللى تقرب منها وتلعب معاك"
ثائر:" معلش يا حبايبى هو مش هيعمل كده تانى ويزعلكم مش كده يارائد"
رائد:" حاضر يابابا مش هعمل كده تانى وهخلى ماما تلعب مع رؤوف وجوانا"
رؤوف:" يعنى مش هترجع فى كلامك تانى"
رائد:" لاء خلاص"
اقترب رائد من رؤوف وجوانا يبتسم لهم فابتسموا له هم أيضاً
ثائر:" يلا تعالوا انتوا التلاتة هاتوا حضن كبير لبابا"
ارتمى الصغار الثلاثة فى احضان أبيهم يطبق عليهم بحنان ابوى رأت وتين ذلك مدت هى الأخرى ذراعيها تحاوط صغارها وجدت كف يده يحتضن وجهها يداعب وجنتها بابهامه ينظر اليها بوله وعشق جارف انتبه على أطفاله المحاصرون بين ذراعيه وذراعى زوجته
ثائر:" يلا بقى علشان تكملوا اكلكم "
وتين:" وانا النهاردة هحكيلكم حدوتة جديدة"
بعد انتهاء جلستهم المسائية ونوم اطفالهم ، دلف إلى غرفتهم وهو يحملها بين ذراعيه من غرفة اطفاله الى غرفتهم تدفن وجهها بين عنقه وكتفه، قام بانزالها فى وسط الغرفة ولكنه لم يتركها تبتعد
ثائر:" انا جبتلك هدية"
وتين بتفكير:" ايه المناسبة يا حبيبي"
ثائر:" من غير مناسبة هو لازم الهدية بمناسبة"
نبرته الهامسة تجعلها تكاد تفقد عقلها فماذا سيفعل بها أيضاً ؟ فقلبها لم يعد تحت سيطرتها ، فهو اخضعه له بسطوة العشق
وتين:" وجبتلى ايه بقى"
ثائر:" عندك الهدية اهى افتحيها وشوفيها"
اخرجت الفستان من علبته الخاصة شهقت بصوت خافت إعجاباً به اقتربت منه بابتسامة
وتين:" الله يا ثائر ايه الفستان الحلو ده"
ثائر:" عجبك يا وتينى"
وتين:" اوى اوى دا تحفة"
ثائر:" خلاص البسيه وحطى برفان غرام الوتين"
وتين:" اه على فكرة البرفان قرب يخلص يا حبيبي"
ثائر:" ولا يهمك يا حبيبتى هخليهم يبعتولك غيره"
وتين بابتسامة:" ماشى"
ذهبت سريعا لترتدى ذلك الفستان الذى اضفى عليها جمالاً ورونق، تضع عطرها على معصميها تتناثر رائحته عليها كرزاز من مطر ينعش حواسها بأكملها خرجت اليه هب واقفا يمد يده اليها يجعلها تدور حول نفسها يتفحص تلك القطعة الفنية التى ترتديها
ثائر:" واو حورية فى جنتى"
ولكن عندما هَم بعناقها سمع رنين هاتفه برقم غريب.......
........
يتبع !!!!!!!!