رواية دميمة اسرت قلبي كاملة بقلم سارة علي
الفصل الاول
كانت تجاهد لتحقيق ما تريده لفترة طويلة...
هي تراقبه منذ وقت طويل ...
تحسب خطواته ..
وتدرس تصرفاته ...
سيف الراوي ... ابن الملياردير عثمان الراوي ... زير النساء المحترم ورجل الاعمال الشاب الاكثر نجاحا بين ابناء جيله ...قمة التناقض ولكن هذا ليس بجديد عليه ... فهو يقضي لياليه بين احضان النساء ويستيقظ صباحا ليباشر اعماله كرجل ناجح محترم ...
هي بالتأكيد لا تراقبه لتثبت سوء اخلاقه وحقيقته ... هي تراقبه لدافع اهم واقوى ... فعائلة الراوي المحترمة ليسوا في الحقيقة سوى مجموعة كبيرة من تجار المخدرات والسلاح ... هذه المهنة التب زاولوها منذ امد الزمان ومن خلالها جمعوا ثروة حقيقية لا تقدر بثمن ...
غايتها هي كشف حقيقتهم المخبئة عن أعين الجميع ...
فهي واثقة للغاية بأن ثروتهم المذكورة غير شرعية ...
اوقفت سيارتها على بعد مسافة من سيارته وتأملته وهو ينزل محتضنا صديقته ماهي وهي الأخرى تكون ابنة احد رجال الاعمال تعيش حياتها كما تريد بالطول والعرض ...
هي لا تنكر انه وسيم بل يكاد يكون اكثر رجل وسامة رأته في حياتها لكنها ليست من النوع الذي يهتم بهذا الشيء او ينجذب له فهي سما التي روضت نفسها منذ الصغر على حماية قلبها وتحصينه من الرجال والانجذاب اليهم وقد نجحت بهذا في العديد من المرات ... وهاهي تنجح من جديد امام وسامة سيف الراوي التي تجعل جميع النساء يخضعن له بلا تردد ....
اخرجت كاميرتها من حقيبتها واخذت تلتقط صور من بعيد له ... التفتت نحو صديقها الذي يجلس بجانبها وقالت بسرعة :
" تفتكر يا رامز انوا شقته دي للصياعة والعلاقات الغير شرعية بس ولا ممكن بيعمل فيها حاجات تانية ...."
" حاجات زي ايه ....؟!"
سألها رامز بإستغراب لتهز رأسها بتعب منه ومن لا مبالاته فترد عليه بنفاذ صبر :
" يا بني ادم انت ركز معايا شوية ....احنا بنراقبه ليه اصلا ...؟!"
" ليه ....؟!"
سألها بغباء لتجيبه وهي تكز على اسنانها :
" عشان عايزين نوصل لمصدر ثروته والاهم نكشف حقيقة شغله هو وعيلته ... فأنا بقول ممكن نكتشف حاجة مهمه تخص شغلهم لو فتشنا الشقة بتاعته ودورنا بيها ....."
" هو انتي مصدقة نفسك ....؟! لا بجد مصدقة نفسك وبتقوليها بفخر كده ...."
قالها رامز ساخرا لتسأله بعدم فهم :
" بتكلمني كده ليه ...؟!"
رد عليها بمنطقية :
" عشان مفيش انسان عاقل يخبي حاجات زي دي فشقته ... مش تاجر مخدرات .... ثانيا مين اللي قال انهم بيتاجروا بالحاجات دي ... ؟! انتي ليه مصرة تصدقي كلام استاذ جمال .... وانتي اكتر واحدة عارفة انوا شايف الناس كلها حرامية ونصابين ...."
مطت شفتيها بإستياء وقالت :
" متتكلمش على استاذ جمال بالشكل ده من فضلك..."
" يا سما انتي اللي واخدة استاذ جمال قدوة ليكي وبتصدقي اي كلام بيقوله ... "
قالت سما بنبرة دفاعية :
" عشان رجل حقاني ومستقيم وانا بثق فكل اللي بيقوله ...."
زفر رامز أنفاسه بضيق منها ومن عنادها واصرارها على ما تقوله ليرد محاولا إنهاء الموضوع:
" براحتك يا سما ...صدقيه زي مانتي عاوزة ... بس مستحيل اللي اسمه سيف ده يتكشف بالسهولة دي ... وكمان اكيد مش هتلاقي حاجة فشقته السرية ... المهم دلوقتي هنعمل ايه ....؟! "
تطلعت سما اليه بحيرة ثم ما لبثت ان قالت بعد تفكير :
" هنروح طبعا ....مش هنستناه للصبح يعني ... كمان انا عندي شغل مهم بكره ...."
" شغل ايه ...؟!"
سألها بتعجب لترد بجديةة:
" مهمة جديد كلفني بيها استاذ جمال ... هبقى احكيهالك بعدين ...."
اومأ رامز برأسه متفهما بينما شغلت سما سيارتها وبدأت في قيادتها متجهة الى منزل رامز اولا حيث اوصلته الى هناك ثم اتجهت الى شقتها...
.......................
في صباح اليوم التالي ...
دلفت الى مكتبها الذي دلتها عليه السكرتيرة بخطوات مترددة ...
كانت تشعر بأن المكان واسع للغاية وكبير عليها ...
وضعت كف يدها على المكتب تتلمسه بخفة قبل ان تتجه نحو الكرسي وتتطلع اليه بخوف ...
تشعر بأنها عندما تجلس عليه ستقفز بعيدا عنه فهذا الكرسي اغلى من ان يتحملها ...
في نهاية المطاف جلست على الكرسي وهي تشعر بقلق شديد فكساها البرود فجأة ... برود غريب ومخيف ...
تطلعت الى الغرفة الانيقة خاصتها بملامح غير مستوعبة بعد ... هي ستجلس وتعمل في مكتب فخم كهذا وفي شركة رائعة بكل المقاييس ... لقد فتحت لها ابواب السعادة بكل تأكيد ...
في هذه الأثناء دلف سيف الى الداخل ليتفاجئ بها أمامه جالسة على مكتب سكرتيرته ....
اتسعت عيناه بدهشة قبل ان يهتف بتساؤل مصدوم :
" انتي مين وبتعملي ايه هنا ....؟!"
نهضت من مكانها بسرعة وفزع غير مستوعبة بعد لهذا الشخص الغريب الذي اقتحم عليها خلوتها ...
احتضنت جسدها المرتجف بذراعيها لا اراديا وقالت بنبرة خافتة معرفة عن نفسها :
" انا سكرتيرتك الجديدة..."
تأملها سيف بملامح نافرة ... كانت ملابسها طويلة وعريضة للغاية ...بشرتها حنطية ... ملامحها غير واضحة بسبب الحجاب الذي يغطي شعرها والكثير من وجهها ... لكنها بالتأكيد لم تكن ملامح جميلة او عادية حتى ....
" طيب يا ماجد ... اما نشوف..."
قالها بتحفز وهي يخرج من مكتبها متجها الى مكتب ماجد تاركا اياها تتابعه بقلق ....
اقتحم سيف مكتب ماجد ليجد الاخير يجري اتصالا مهما .... انتظره بأعصاب مشدودة حتى ينهي اتصاله ...وبالفعل انهى ماجد اتصاله بعد لحظات ليقول بسخرية واضحة :
" مشرفني من الصبح كده ... هو انا وحشك للدرجة دي ..."
" بتهزر يا ماجد ....بتهزر يا بيه يا محترم ...دي عملة تعملها بيا ...."
قالها سيف بإنفعال شديد ليقول ماجد بعدم فهم مفتعل :
" عملت ايه ...؟! مش فاهم ..."
" متستعبطش يا ماجد ...هي دي سكرتيرة تجيبها ليا ... كان فين عقلك وانت بتختارها وتوظفها عندي ..."
اخذ ماجد يضحك بقوة قبل ان يقول بنبرة مستفزة :
" بس ايه رايك فيها ...؟! تحفة صح ..."
" انت فرحان فيا ... عالعموم ماشي يا ماجد ... استنى عليا وانا اعرف ازاي اردهالك ..."
" تعيش وتاكل غيرها يا حبيبي..."
قالها ماجد وهو يضرب كفا بكف بينما عاد سيف الى مكتبه ليجد مريم أمامه فرمقها بنظرة مشمئزة قبل ان يهتف بجمود :
" تعالي ورايا ..."
اتجهت مريم خلفه ودلفت الى مكتبه لتجده جالسا على كرسي مكتبه ينظر الى امامه بملامح مرعبة...
رفع بصره نحوها ثم تنهد بضيق وقال :
" بصي ...انا بحب الشغل المضبوط ...اي غلط كده ولا كده هطردك فورا ... فاهمه...؟"
اومأت برأسها وقالت بخفوت :
" فاهمه ...."
" روحي على مكتبك وانا هنده عليكي بعد شوية عشان افهمك شغلك ..."
خرجت مريم بسرعة وهي تتنفس الصعداء بينما أخذ سيف يعبث بهاتفه للحظات قبل ان يشرع بمهاتفة ماهي صديقته وهو يهتف بها :
" وحشتيني الساعة اللي فاتت ..."
جاءه صوتها تقول بغنج :
" يا كداب .... عشان كده رفضت تفطر معايا وسبتني كده ..."
" يا حبيبتي شغل ...اعمل ايه يعني .... "
ردت عليه بزعل مفتعل :
" لا خلاص انا زعلت منك ... "
" طب اصالحك ازاي ....؟!"
قالت بدلع :
" تسافر معايا شرم الاسبوع الجاي ..."
" مستحيل يا ماهي ....انتي عارفة اني مشغول وصعب اسافر الفترة دي ..."
" خلاص يبقى تشتريلي الخاتم اللي عجبني ...."
زفر أنفاسه وقال بإحباط :
" طب معندكيش اقتراح تالت ..."
" مفيش...."
" خلاص اعتبري الخاتم عندك ..."
" بجد يا بيبي ..."
" بجد يا روح البيبي...."
سمع صوت ضحكاتها العالية فابتسم بظفر قبل ان يودعها ويغلق الهاتف على وعد باللقاء مساءا في نفس الشقة المعتادة ....
...............
في فيلا واسعة وراقية للغاية ...
دلف الى داخل هذه الفيلا وهو يجر حقائب سفره خلفه...
هبطت على درجات السلم بخطوات راكضة فتاة جميلة واقتربت منه واحتضنته بقوة صارخة بسعادة :
" احمد ...واخيرا جيت ...."
احتضنها بحب وقال :
" حبيبتي يا موني ... وحشتيني اووي ..."
ابتعدت من بين احضانه وقالت بإبتسامة وهي ترد :
" وانت اكتر ...ها جبتلي ايه من باريس ..؟!"
اجابها وهو يقرصها من وجنتها :
" الشنطة الموف اللي ورا دي كلها ليكي ..."
قفزت نحو الحقيبة وفتحتها وأخذت تعبث بأغراضها بينما خرجت والدته من المطبخ واتجهت نحوه وهي تقول بسعادة بالغة :
" حبيبي ...وانا بقول الدنيا منورة ليه ...."
اقترب منها واحتضنها وهو يقول :
" وحشتيني اوي يا ماما ..."
" وانت اكتر يا حبيبي ..."
اتجه احمد ووالدته نحو صالة الجلوس وجلسا على احدى الكنبات ليسألها أحمد :
" امال بابا فين واخباره ايه ....؟!"
" فالشغل يا حبيبي ...وهو كويس متقلقش عليه ...."
صمتت الأم لوهلة قبل ان تردف بعدها :
" بصيد يا احمد انت عارف انا قد ايه بحبك .... انت ابني الوحيد ... انا طلعت من الدنيا بيك انت ومنى..."
" ايه المقدمة الغريبة دي ...؟! قولي يا ماما اللي انتي عاوزاه من غير مقدمات ...."
تنهدت الام وقالت :
" انا عرفت انك رحت الرحلة دي مع دينا ..."
تنحنح احمد بحرج وقال :
" كنت ناوي اقولك على فكرة..."
الام بتفهم غريب :
" عارفة ....علاقتكم اطورت لدرجة انها تسافر معك لوحدها ...هي دي البت الي انت بتحبها وعايز ترتبط بيها ..."
نظر اليها احمد وقال :
" ايوه بحبها وبصراحة انا خطبتها في الرحلة دي وهي وافقت ...."
" على جثتي يا احمد.... على جثتي تتم الجوازة دي ... انا اصلا خطبت ليك مروة بنت خالتك وهي وافقت ..."
" ايه انتي بتهزري ...؟!"
قالها أحمد بعدم تصديق لتقول الام بتأكيد :
" انا مبهزرش يا احمد ...انا خطبت مروة ليك وهي وافقت وخطوبتك الجمعة الجاية ..."
" بالسهولة دي .... من غير متاخدي رأيي ...."
" احمد انا عايزة مصلحتك ....مروة اكتر واحدة مناسبة ليك .... جميلة ومتعلمة ومن عيلة محترمة ...بيها كل المواصفات اللي انا عايزاها ... "
تأملها أحمد بنظرات غير مصدقة ليقول اخيرا :
" مش هتجوزها يا ماما ...."
" يبقى مش هتتجوز دينا بردوا .... مانت مش هتسيب مروة عشان ست دينا ...."
" مالها دينا ...؟! نفسي اعرف بتكرهيها كده ليه ....؟!"
اجابته الام بسرعة :
" عشان صايعة ومش محترمة ...."
" كل ده عشان سافرت معايا او خرجت معايا كام مرة ...بقت خلاص بنت مش محترمة ...."
" انا اعرف منك بالحاجات دي ...."
نهض احمد من مكانه وقال بإصرار:
" بردوا مش هتجوز بنت اختك .... على فكرة انا عارف انوا انتي رافضة دينا عشان مروة ...عشان مش عايزاني ارتبط فحد غير بنت اختك ...بس عمري مهرتبط بيها ... لو كانت اخر بنت فالدنيا ...."
اكمل كلماته تلك ورحل تاركا اياها تدب على الارض بقدميها ...
...........................
دلف احمد الى مكتب ماجد وهو يشتم بصوت عالي ...
استقبله ماجد بنظرات مصدومة من منظره وشتائمه ليقول محاولا تهدئته :
" بس ...ايه ماسورة الشتايم اللي انفتحت دي ....؟!"
رد احمد وهو يجلس على الكرسي المقابل له :
" بسبب مرات عمك ...هتموتني ناقص عمر..."
" متقولش كده .... محدش بيموت ناقص عمر اصلا ..."
" مش وقت بياختك يا ماجد ..."
صمت ماجد حينما لاحظ ان احمد يبدو عصبيا ومنفعلا للغاية ...
تحدث اخيرا بعدما استشعر هدوءه :
" مش هتحكيلي فيه ايه ..."
سرد احمد له ما حدث بطريقة مختصرة ليقول ماجد :
" بصراحة مش عارف اقولك ايه ....بس مامتك دبستك بجد ...."
" محدش يقدر يدبسني ...انا مش هتجوز مروة ..."
" يبقى هتتجوز دينا ..."
رد احمد بتفكير :
" لا هتتجوز دينا ..."
" يبقى هتتجوزني انا .."
رما احمد القلم الموضوع على المكتب في وجهه وقال:
" مش وقت هزارك السخيف ..."
ثم اردف :
" انا هتجوز واحدة غيرهم خالص ..."
" نعم ياخويا ...!!!"
قالها ماجد بصدمة حقيقية ليومأ احمد برأسه ويكمل :
" ماجد انا عايز عروسة ..."
" انت اتهبلت ...."
رد احمد بتأكيد :
" انا مش بهزر ...انا عايز عروسة وحالا ..."
وقبل ان ينهي كلامه كانت مريم تدلف الى الداخل ليتطلع الاثنان اليها قبل ان ينظران الى بعضيهما مرة اخرى ويقولان بصوت واحد :
" عروسة...!!"
نهاية الفصل
علشان يوصلك الفصل الثاني سيب تعليق