رواية وقعت في قبضة الوحش الفصل الخامس 5 بقلم رولا هاني
فصل الخامس من رواية:وقعت في قبضة الوحش
بقلم/رولا هانيإنفرجت شفتاها بصدمة من هول الموقف، ما الذي تعنيه الصغيرة بإن "أسامة" هو والدها، كيف و متي و أين!؟..أهل كانت "سهيلة" تخدعهم طوال تلك الفترة!..أم إن هناك شئ ما يتواري عن الأنظار!؟
إنكمشت "نرمين" بمقعدها و علامات الهلع تظهر علي وجهها رويدًا رويدًا فطمأنتها "سيدة" بإبتسامة مشرقة بثت الأمان لقلبها:
-حبيبتي متخافيش انا مش هعملك حاجة.
اومأت لها الصغيرة و لكنها ظلت خائفة من التغيير المفاجأ الذي طرأ علي "سيدة"،و لكنها لم تعطيها فرصة للتفكير عندما حملتها بين يديها لتتجه لغرفتها هاتفة بمرحٍ مزيفٍ حتي لا تثير فزعها مجددًا:
-سيبك بقي من كل الكلام دة و يلا بينا عشان تنامي عشان بكرة الصبح عايزين نروح للدكتور.
لم تستمع الصغيرة لبقية كلماتها بل إستطابت شعور الدفئ بين أحضان "سيدة" التي عادت في يومٍ و ليلة الي إمرأة حنونة عكس ما كانت عليه منذ عدة ساعات!
____________________________________________
-كفاية بقي انا تعبت.
صاحت بها "سهيلة" و هي ترمقه بعينين مشتعلتين فرد هو عليها بنزقٍ و هو يكمم فمها:
-وطي صوتك، و بعدين إنتِ مش حُرة عشان تقولي الكلمتين دول، إنتِ ناسية يا بت أبوكي بنفسه هو اللي بايعك ليا.
تفاقم غضبها لتهتز بعنفٍ تحاول تحرير نفسها و لكنها كانت مكبلة الأيدي، ثم هتفت بقوة بعدما أبعد كفه عن فمها:
-انا من حقي أعيش، إنتَ إية مبتحسش مش كفاية بنتي اللي مش عارفة هي فين ولا جرالها إية.
قبض "أسامة" علي فكها بقوة كادت أن تحطمه ليهمس بنبرة تشبه فحيح الأفعي و قد إستفحل شرًا ضدها:
-لا مش من حقك عارفة لية!؟.. عشان إنتِ بتاعتي أنا و بس فاهمة.
ثم تابع بتحذيرٍ و عينيه توضح مدي خطورة الأمر:
-نفذي اللي قولتي عليه و إلا إنتِ عارفة بنتك هتكون التمن.
ثم و بكل برود خرج مجددًا من تلك النافذة التي دخل منها لتصرخ هي باكية بحرقة و تلك اللحظات المريرة تمر بذاكرتها.
(عودة للوقت السابق)
-يابا أبوس إيدك بلاش، انا ممكن أعملك أي حاجة لكن أبوس إيدك بلاش تبيعني ليه.
هتفت بها "سهيلة" بتوسلٍ و هي تقبل يد والدها و تعابير الرجاء مرتسمة علي وجهها ليرد عليها والدها "عاطف" بقسوة مفرطة و هو يسحب يده من بين يديها بعنفٍ:
-إنتِ هتمشي كلامك عليا ولا إية يا بنت ال*** و....
قاطعه دخول "أسامة" لغرفتها ليرمق حالتها بذلك الفستان الأبيض و علي ثغره إبتسامة مُرعبة لا تطمئن، تقدم منها ليسحبها من ذراعها لتصطدم بصدره الضخم شاهقة بإرتعادٍ، و قد زاد خوفها خاصة عندما قال:
-هتبقي بتاعتي يا "سهيلة"، بتاعتي أنا و بس.
ثم إقترب منها ليقبل شفتيها بنهمٍ أمام "عاطف" الذي يتابع ما يحدث ببرودٍ، وقف يتابع مقاومة إبنته الهزيلة بجمودٍ، وقف يتابع علامات الألم التي ظهرت علي وجهها بدون أن يرف له جفن!
إبتعد عنها ليتابع دموعها المنهمرة بتسلية، ثم و بعد عدة دقائق سحبها خلفه مجددًا من ذراعها لتبدأ معه جحيمها الذي كان السبب الرئيسي به هو والدها!
(عودة للوقت الحالي)
____________________________________________
فتحت جفنيها ببطئ شديدٍ بسبب ضوء الغرفة الذي أزعجها، حاولت تحريك جسدها و لكن لم تستطع بسبب ذلك الألم الشديد، لم تهتم بكل ذلك بل ظلت تستمع لصوت ذلك الرجل الغريب و صوت ذلك البغيض!
-لا يا باشا التانية دي بس إيدها إتكسرت و جبسناها أما الهانم ف هي تمام مفيهاش حاجة كلها بس شوية كدمات و جروح عالجناها و مع الوقت و العلاج هتبقي تمام.
قالها ذلك الطبيب ليومئ له "زياد" بقتامة، ثم هتف بفظاظته المعهودة:
-طب إتفضل إنتَ إمشي.
اومأ له الطبيب بقلة حيلة ثم خرج من المنزل بهدوء لإنه و بكل بساطة إعتاد علي ذلك المتعجرف.
وجدته يستدير ناحيتها فأطبقت جفنيها بقوة لتجده يهتف بتهكمٍ لتسخر هي من حالها فقد ظنت إن خدعتها إنطلت عليه:
-كفاية تمثيل بقي.
فتحت عينيها بغيظٍ لتصرخ بعدها بنزقٍ:
-إنتَ إزاي تعمل اللي عملته دة ها، رُد عليا أنا كان ممكن أموت!
رد عليها بتساؤل و هو يجلس أمامها علي حافة الفراش:
-و إنتِ لية مفكرتيش في اللي رميتيها دي كمان ولا إنتِ أحسن منها و أنا معرفش!؟
نظرت له بإستنكارٍ لتصيح يإستهزاء و قد إرتسم علي ثغرها إبتسامة جانبية ساخرة:
-دة علي أساس إنه يهمك أوي!
تنهد بعمقٍ ليصيبه الشرود قليلًا فرمقته "نورسين" بتعجبٍ من تلك الحالة التي أصابته، و فجأة و بدون مقدمات وجدته يقبض علي ذراعها ليجعلها تستدير فصرخت هي بذهولٍ:
-إنتَ بتعمل إية يا مجنون!؟
حاولت الإستدارة مجددًا و لكنه ثبتها عندما قبض علي كلا ذراعيها ليثبتهما خلف ظهرها فصرخت هي مجدداً بإهتياجٍ:
-سيبني يا حيوان.
ضغط علي ذراعيها عمدًا لتتأوه هي بقوة بسبب تلك الكدمات الزرقاء التي تملئ جسدها، ثم شهقت بصدمة عندما وجدته يرفع قميصها للأعلي فتلوت هي رافضة ما يحدث صارخة بصوتٍ جهوري:
-لا مش هسمحلك إنتَ فاهم.
أخرج ذلك المرهم من جيبه ليحل غطائه بفمه، ثم أخذ يفرغ محتواه علي ظهرها لتسأله هي بوجلٍ:
-إنتَ بتعمل إية!؟
أخذ يدهنه علي ظهرها بصورة بطيئة و هو مازال قابضًا علي ذراعيها، ثم و بدون مقدمات وجدته يهمس بنبرة غريبة لم تسمعها منه من قبل:
-هدهنلك ضهرك لإنك مش هتطوليه و هسيبك بعدها تدهني جسمك عشان الكدمات دي تخف.
جحظت عيناها من وقاحته لتصرخ بإحتقان و هي تهتز بصورة عشوائية عصبية:
-سيبني انا هعرف أدهن لنفسي، بقولك سيبني.
زاد ضغطه علي ذراعيها ليحذرها و هو يجز علي أسنانه بتضعضعٍ:
-إخرسي و إقفلي بؤك، انا لسة منسيتش اللي إنتِ عملتيه.
إبتلعت بقية كلماتها، ثم و بعد عدة دقائق تنهدت بإرتياحٍ عندما تركها فإستدارت هي سريعًا لترمقه بغضبٍ، ثم نظرت لذلك المرهم الذي بحوزته قائلة بحدة و هي تمد ذراعها نحوه:
-هاته.
رماه بجانبها لتنظر له بغيظٍ خاصة عندما هتف ب:
-ياريت تبطلي محاولاتك الفاشلة في إنك تهربي لإن أديكي شايفة النتيجة بتبقي عاملة إزاي.
و لم يعطيها فرصة للرد بل خرج و تركها تشتعل غيظًا و غضبًا!
____________________________________________
صباح يوم جديد.
-لسة بردو مُصممة علي اللي في دماغك!
قالها "إسماعيل" بقنوطٍ و هو يرمقها بتأفف لترد عليه "هايدي" و وجهها خالي من التعابير:
-انا مش عايزة أعيد كلامي كتير يا "إسماعيل"، قولتلك إديني عنوان بيته و إنتَ ساكت.
زفر بعنفٍ قبل أن يخبرها بعنوان "زياد النويري" و هو متكدر عما يحدث لتنهض هي بعدها سريعًا دون إعطاء له أي فرصة للحديث، ثم غادرت المكان بدون مقدمات ليهمس هو بإرتباكٍ:
-ربنا يستر.
____________________________________________
-ها يا دكتور العلاج هيمشي إزاي.
قالتها "سيدة" بتوجسٍ و هي تراقب تعابير وجه الطبيب المشدوهة بعدم إطمئنان، و فجأة تقلصت تعابير وجهها بصدمة شديدة عندما وجدته يقول:
-علاج إية حضرتك البنت معندهاش أي حاجة!
طال الصمت لعدة دقائق لتسأله هي مجددًا بنبرة متقطعة:
-ي...يعني حض...حضرتك البنت معندهاش أي أمراض!؟
هز الطبيب رأسه نافيًا و هو يجيبها بهدوء:
-لا حضرتك هي معندهاش حاجة.
نظرت "سيدة" مطولًا للصغيرة التي تنظر لها ببراءة، ففهمت هي ما حدث، "سهيلة" كذبت عليها في ذلك الأمر لتحمي إبنتها و لكن السؤال الأهم ما الذي ستفعله مع "نرمين"!؟.. أتتركها بأي دار للأيتام كما أمرها "زياد"!؟..أم تبقيها معها!؟
____________________________________________
-يا "نورسين" هانم "زياد" باشا أمرنا بإنك متخرجيش من الأوضة.
قالتها تلك الخادمة بعجرفة لترمقها "نورسين" بإزدراء قائلة بتهديدٍ واضحٍ:
-ما تبعدي عن وشي أحسن ما أرميكي من البلكونة زي صاحبتك كدة.
رأتها تزدرد ريقها بصعوبة لتبتسم هي بسخرية و هي تتحرك من أمامها بخطواتٍ متئدة مستفزة، بينما الأخري تهمس بنبرة خافتة:
-مقداميش حل غير إني أكلم الباشا أخليه يتصرف.
____________________________________________
رأتها تفتح باب السيارة فكادت أن تخرج معها و لكنها أوقفتها بنبرتها القاتمة التي باتت ترعبها:
-خليكي هنا يا "نرمين" و متتحركيش لغاية أما أجيلك.
تركتها "سيدة" لتدلف لداخل ذلك المبنى، سارت بردهة المكان لتتقدم من تلك الغرفة قبل أن تخرج ذلك المفتاح من جيبها لتضعه بمكانه بالباب و هي تديره ببطئ بمحاولة فاشلة منها للهدوء، ولجت للغرفة بعدما فتحت بابها لتجد ما توقعته!
ركضت "سهيلة" نحوها ما إن رأتها لتحاول تقبيل يدها برجاء بسبب رؤيتها لإبنتها من خلال النافذة، و صرخت قائلة:
-أبوس إيدك يا "سيدة" خليني أشوف بنتي.
قبضت "سيدة" علي خصلاتها بقوة شديدة لم تتحملها "سهيلة" التي صرخت برعبٍ بسبب هتاف "سيدة" ب:
-لية قولتيلي إن بنتك عيانة!؟
ثم صرخت بإهتياجٍ و هي تصفعها بقسوة و قد عادت ملامحها الحادة المخيفة مجددًا:
-رُدي يا بنت ال***
سالت من أنفها الدماء لتنتحب قائلة بقلة حيلة:
-عشان متأذيهاش، عشان كُنت عارفة إنها هتفكرك ببنتك و مش هتأذيها.
تركت "سيدة" خصلاتها و هي تحاول إستيعاب الصدمات التي تتعرض لها واحدة تلو الأخري، و قالت بعد صمت دام لعدة دقائق:
-و إنتِ تعرفي منين بنتي!؟
جحظت عينان "سهيلة" و هي تلوم نفسها عما قالته فقد علمت ذلك الشئ من زوجها بالتأكيد، و بالتأكيد أيضًا لن تخبر "سيدة" ذلك الشئ!؟
-ماما!
صرخت بها الصغيرة لتنقذ والدتها من ذلك الموقف بينما نظرت "سيدة" تجاه "نرمين" بحدة قائلة بإحتقان:
-أنا مش قولتلك تستني في العربية.
نظرت لها الصغيرة بحزنٍ و لكنها لم تهتم بها كثيرًا بل ركضت ناحية والدتها لتحتضنها بقوة شديدة و بالرغم من حالة الألم التي شعرت بها "سهيلة" بسبب تلك الكدمات التي بجسدها إلا إنها إستكانت بين أحضان طفلتها، و إستطابت شعور الحنان الذي توفره لها صغيرتها،كانت تتمني أن تحتضنها مثلما تفعل و لكن يديها المكبلتين منعتاها من فعل ذلك!
إبتعدت الصغيرة قليلًا لترمق والدتها بفزعٍ ما إن معنت النظر بملامح وجه والدتها التي كانت مشوهة بسبب تلك الكدمات الزرقاء فتسائلت هي و الدموع تغمر وجنتيها:
-م..ماما إية حصلك،و..و إية الدم اللي علي وشك دة!؟
ثم تابعت بهلعٍ و هي تتفحص المكان برماديتيها:
-ه...هو بابا ضربك تاني يا ماما!؟...هو موجود هنا!؟
هبطت دموع "سهيلة" ألمًا و هي تستمع لبقية كلمات إبنتها بقلبٍ منفطرٍ:
-طب لية إيدك مربوطة يا ماما!؟...ماما رُدي عليا!
و فجأة وجدت "نرمين" من يسحبها و لم يكن سوي "سيدة" التي أخذت تسحبها ببرودٍ تام وسط صرخاتها و حركاتها العنيفة و هي تقول:
-سيبيني انا عايزة ماما، خليني أقعد معاها، يا ماما قوليلها تسيبني.
بكت "سهيلة" مثلها لتهتف بنبرة دافئة بالرغم من إختناقها:
-متخافيش يا "نرمين" يا حبيبتي هي مش هتأذيكي.
تعالت شهقات الصغيرة لتستدير ل "سيدة" ذات التعابير الجامدة لتهتف ببراءة و هي تنتحب بألمٍ:
-يا ماما "سيدة" سيبيني أقعد معاها عشان خاطري يا ماما "سيدة".
تسمرت" سيدة" بمكانها عندما رأت عبرات "نرمين" الحارة فكادت أن ترد عليها و لكن صوت الحارس من الخارج جعل تعابير الصدمة ترتسم علي وجهها فقد حدث ما لم يمكن توقعه:
-إية اللي بيحصل هنا!
____________________________________________
إنحنت قليلًا لتستنشق رائحة الزهور بتعابير غريبة غير مفهومة، ثم إستقامت ناهضة عندما شعرت بأنفاسٍ حارة تلفح خلف عنقها فإزدردت ريقها ببطئ و قلبها ينقبض بصورة عجيبة، كادت "نورسين" أن تصرخ بإستنجادٍ و لكن هناك من كمم فمها و سحبها لمكان منعزل قليلًا بحديقة البيت!
معنت النظر لمن يكمم فمها بعدما أدارها له، و وجدته يقول بتحذيرٍ:هشيل إيدي، بس أوعي تصرخي و دة لمصلحتك.
اومأت له ليزيل يده من علي فمها لتسأله بأنفاسٍ متقطعة:
-إنتَ مين!؟
أجابها ذلك الرجل الضخم و عينيه تتفحص تعابير وجهها:
-أنا اللي ههربك من هنا و أخلصك من "زياد النويري"