اخر الروايات

رواية اترصد عشقك الفصل الخامس 5 بقلم ميار عبدالله

رواية اترصد عشقك الفصل الخامس 5 بقلم ميار عبدالله

 فصل الخامس


.......

الحب بالنسبة للرجل شيء اشتهاه لم يقدر الحصول عليه

ربما لأن صيده صعب !

أو ربما صيده التهمه غيره ونظر متحسرا لطبق عشاءه الذي كان من المفترض تناوله !!

أو ربما هو علي غير العادة أصاب بداء عدم الشهية ؟!! .. أمر مؤسف حقا فكيف لـ حيوان مفترس مثله يقضي أيام فاقد الشهية سـ يسبب عارا لعشيرته من الرجال .. اااا معذرة حيوانات وبدل من التهام غزالة بريئة ، عشيرته سيلتهمونه هو حتى يكون هو عبرة لباقي حيوانات عشيرته .

مقدمة غريبة نوعا ما ؟!! ... هناك أشخاص تخطوها ويتساءلون ماذا قالت في السطور الأولي .. وهناك من تخطاها بعدم اهتمام وهناك لا يجد الأمر غريبا بعض الشيء لماذا ؟!

ربما لأننا اتفقنا أن الرجال حيوانات مفترسة .. عزيزتي اهدئي نعم .. لا داعي للدفاع عن الرجل باستماتة في محرابي ... انت تعلمين في سريرتك أنهم يستحقون الدفن أو الحرق

نعم لنقم بحفل شواء علي لحومهم واقسم انك لو القيتيها في الشارع فلا حيوان حتى قادر على تناول لحومهم .

أهدأن يا نساء لقد كانت مزحة .. الا تستطيع الفتاة أن تفكر بعقل اجرامي خطير غريب الأطوار قليلا حتي تقدر علي التنفس قليلا وتخفيف من ضغطها ؟!

سمعت واحدة قالت نعم ... شكرا لك عزيزتي لانك كنتي في صفي .

" آسيـــا عزام"

عقل متهور .. قلن عنها مختلة عقلية نعم

هي حتى لا تنكر هذا الأمر .. فحتى العلماء ظنهم الجميع غريبو الأطوار .. اعتبروها علامة أو نقطة للذكاء الخارق ..

أو للغباء اللامحدود

تقف على حافة بين أمرين في ظاهرهما شديدو التباعد لكن خفيا هما شيئا واحدا .

الرجال يخشون من امرأتين وهما

الأولى صاحبة جسد متفجر الانوثه

لما

لأنها تشعل البراكين الخامدة في أجسادهم

يتهورون .. يفقدون سيطرتهم

لان العقل وقتها خارج نطاق السيطرة ولكي يكونوا هم المتحكمون

يدفعون المرأة للجنون ..

والثانية هي المرأة الخارقة الذكاء

يعتبرونها هنا منطقه محظورة

لا مكان هنا للتلاعب ولا للتسكع عد بأدراجك أينما كنت .

لكن إذا كانت المرأة تجمع الصفتين لكن لنقل عقلها مجنون قليلا مثلها فهي تعتبر هنا منطقة جذب للرجال ... فهناك رجال يحبون صياد أنواع شرسة نادرة حتى يفتخروا باصطيادها .. وهي حتى الآن حرة .. حتي يأتي ذلك المفتخر والمعتد بنفسه ولتريه ايهما سيصمد قوته أم جنونها ؟!!

هزت آسيا رأسها وهي تعبث بخصلات شعرها الداكنة وزرقاوة عينيها تومض بلهيب خاطف .. كم تشعر بالأسف لجروها المسكين لؤي .. فهي أخلفت الموعد المزعوم الذي من المفترض أن يراها به ... خسارة جروها الضخم جلس حوالي ساعة في المقهى متذمرا يشتكي لها للحصول على عظمة .. لكنها منعته و وبخته للجلوس في منطقة المشاغب ليتلقي عقابه ، انفجرت ضاحكة بصخب وهستيريا وهي تنظر الي ملامح لؤي الصارمة الخشنة وجسده المفتول العضلات .. هل ذلك الرجل يتناول طعاما عاديا أم يتناول على الفطور خروف مشوي ؟!

ربااااه مقزز .. هيئته القديمة افضل .. كان بعضلات اقل وجسد رياضي أفضل من ذلك القرف .. ان حاول احد احتضانه ربما سيخنقه دون قصد منه ، زفرت بحرارة وهي تتوعد له .. لم يري شيئا .. لم يري شيئا بعد ..عاجلا ام اجلا ستظهر أمامه وعليها أن تكون خصم قوي كي تقدر علي مقارعته .

ضمت شفتيها المكتنزة باغواء لترسل قبلة لصورة عائلة المالكي المجمعة لتمتم ببرود

-ماشي يا لؤي .. مسيرك انت وعيلتك اننا نتقابل

تجهمت ملامحها للنفور والتقزز وهي تنظر إلى صورة الجد لتمتم بحقد

- وانت يا غالب هدفعك التمن غالي انت وعيلتك القذرة ..حرمتني من وجود أب .. حرمتني من عيلتي انا واختي .. حتى حرمتني من اسم العيلة .. لكن وماله .. كله هياخد نصيبه من لعبته زمان

بكاء والدتها ومشقتها للعيش رغدة وكرامة في مجتمع ينهشون لحوم النساء رغم رفع شعارات المساواة والحرية في بلاد الحرية كما تسمى ... امتعضت ملامحها وذكريات سيئة بل سوداء تذكرها بالماضي ... حياتهما المتشردة بدون مال .. ابيها أو الذي من المفترض أن يكون رجلا مع أول اختبار اختار والده وتركها هي ووالدتها وشقيقتها يتصارعون للبقاء أحياء ... هو يتناول صباحا ومساء ويتحمم ويشرب وهن حتي لم يحصلن علي تلك الرفاهية في بداية معاناتهم .

لكنها حسمت امرها .. تلك الحياة لم تلائم طموحها ومستقبلها ، عملت مع والدتها في المطاعم حتى يكونا أجر مضاعف ومال الحكومة لاعانتهم كان بالكاد يكفي للطعام والشراب حتى تحسنت حياتهم تدريجيا .. ربما شقيقتها مارية لا تتذكر هذا لأنها كانت صغيرة .. لكن ما ذنبها هي تعاني كما لو انها يتيمة الأب وأبيها حي

ما ذنبها هي أن كانت تملك كل شيء وفي ليلة وضحاها طردت من الشقة بسبب الإيجار المتأخر وتخلت عن سريرها وغطائها الدافئ لتنام في مأوى للمشردين وسط العشرات في الغرفة يتقاسمون قطعة أرض باردة في الشتاء القارص .

كل الذنب على والدته لأنها حينما اختارت .. لم تختار رجلا

كل الذنب علي ذلك الرجل الذي غزاه الهرم .. ليدمر حياتها ببساطة وكأنها ليست ادمية يحق لها الحياة

الدموع تهطل بغزارة كلما عادت بذاكرتها للوراء .. جففت دموعها وهي تحفز نفسها

آسيا الصغيرة المرتعبة لم تعد كالسابق

الآن هي امرأة صنعوها بأيديهم .. فلا لوم ولا عتاب حينما يسقون من نفس الكأس

انتبهت من غمامتها الرمادية الكئيبة رنين جرس بابها لتخرج من غرفة نومها وهي تتوجه نحو باب المنزل تفتح للطارق الملح والمزعج ، رفعت حاجبيها حينما نظرت للطارق لتضع ذراعها على الباب تسد الطريق للدخول لتقول بسخرية

- خير

عقدت مارية ساعديها على صدرها لتقول بانزعاج

- ده واحدة بتستقبل اختها

منذ زواجها الذي دام لأشهر تذكرت شقيقة لها تعيش معها في نفس البلدة ... بل يصادف انهما في نفس الولاية ايضا ، تأففت قائلة بانزعاج وهي تعود ادراجها داخل منزلها تاركة شقيقتها امام مدخل البيت

- مارية انا مش فضيالك

اتسعت عينا مارية جحوظا لا تصدق بجاحة شقيقتها ، دلفت الي شقتها وهي تغلق الباب بحدة لتصيح بحدة وهي تقطع الردهة الطويلة

- ممكن افهم بتعملي ايه .. منعزلة عن الناس .. لأ وكمان دخلتي مجال شغل عمره ما كان شغلك

جلست آسيا على اريكتها وهي تضع ساقيها علي المنضدة الأمامية لتقول بملل

- مارية ... فين جوزك يا مارية

اصاب مارية الجنون وكأن ما قالته اسيا اتون اندلع في أرجاء جسدها

- اوعك تفتكري اني هعديلك يوم مجتيش فرحي بالساهل لأ اطلاقا .. عايزة اعرف بقي كنت بتعملي ايه وكان أهم من فرح اختك

أتخبرها انها كانت حاضرة حفل زفافها لكنها لم تستطع الدخول كي لا تنكشف هويتها

أتخبرها أن عائلة المالكي كان سيعرفونها ويعرفون هويتها ووقتها لن تكون فقط امرأة سرقت رجل من عائلة هامة وهو كان خطيب وجد المالكي

سيكون وقتها عنوان مثير للطبقة المخملية " حرب مندلعة بين بنات عم المالكي للظفر بالطيار ابن عائلة السويسري " الاعلان مثيرا بحق !!

لكن اتسمح لشقيقتها لتدمير مخططاتها التي خططتها لسنين ؟! أبدااا .. تقسم ان لو العجوز الخرف لو شم بخبر فقط بوجودها لقتلها على الفور .

غمغمت بسخرية وهي تنظر الي شقيقتها بعنين متفحصتين

- فرحك عدي عليه شهور يا مارية .. واعتقد انك وماهر دلوقتي امممم نقدر نقول إن أول خناقة زوجية حصلت مش كدا وجيتي تفشي غضبك عليا

تبرمت شفتي مارية لتصيح بحنق

- ملكيش دعوة بجوزى

صمت اسيا لثواني قليلة قبل ان تهمس بسؤال ضرب مارية في مقتل

- هي شمس مش بتوحشك يا مارية

زاغت عينا مارية وهي تبتسم بحنين لابنتها التي تركتها مع والدها وزوجته ، لا تعلم لما منذ أيام يساورها شعور مؤلم وقلق ينهشها لابنتها بل لفرح تحديدا التي تعتبرها صديقة لها ، رغم غرابة صداقتهما الا أنها كانت امتن علاقة اختبرتها رغم قصر مدة تعارفهما ... منذ يومين لم ترد فرح علي مكالمتها حتى كانت ستتصل بنضال الا انها امتنعت في النهاية كونها تعلم جنون وغيرة زوجها ومدي كرهه لنضال ، زفرت بحرارة لتهمس بحنان أمومي

- بتوحشني

رفعت اسيا حاجبها الانيق بشك .. أم ترمي ابنتها في براثن زوجة اب مع والد مختل زير نساء .. يغير نساءه أكثر مما يغير طلاء مكتبه ، قالت بحدة

- وهتفضلي سيباها عند نضال باشا لحد امتي .. فين خطتك الاجرامية اني هخطفها منه

تعترف انها اقرت بذلك سابقا .. لكنها شعرت انها يجب ان تعطي لنضال فرصة واحدة فقط حتي يكون رجلا بحق

- آسيا

استقامت اسيا من اريكتها لتصيح هادرة وعيناها تموج بالغضب والجنون

- اشششش ، مارية بنتك من اول ما اتولدت انا ربيتها وكانت في حضني دايما وقت ما امها كانت في مكان قذر بتتعامل مع حثالة المجتمع

شهقت مارية وهي لا تصدق شقيقتها .. كيف تقول هذا أمامها ، وهي الشاهدة لما حدث لها بالماضي علي يد نضال سابقا .. رفرفت باهدابها وهي تشعر بطعنة غدر تشطرها نصفين لتهمس بصدمة

- آسيا

اشاحت اسيا بوجهها عن مارية لتقول بإشمئزاز

- الحقيقة بتوجع مش كدا.. انا بكسب فلوسي بشرف وانتي كنتي ايه يا مارية افكرك بتمتعي الرجالة مش كدا .. كنتي فاكهة محرمة بالنسبالهم

تلك النبرات جديدة على اذني مارية ، لم تتوقع أت آسيا تضمر حقدا لها .. تصيبها بسهام سامة طاعنة وكل ذلك لماذا ؟!! ... هل لأنها تمتلك زوج محب وعلم مساوئها بل وتقبلها وهي لم تجد ؟!!

عادت تنظر إلى شقيقتها تريد التعرف علي تلك الجديدة عليها

تنهدت مارية وجسدها يرتجف لتمتم بنبرة مرتعشة

- كنت فاكراكي فاهماني ومقدرة اللي حصلي علي ايد نضال ، لكن واضح انك هتفضلي زي ما انتي ... حقودة وانانية و ست مش شريفة

عبست ملامح آسيا لتمتم مرددة خلفها

- ست مش شريفة ؟!!

اقتربت مارية عدة خطوات حتى تصبح في مواجهتها لتصيح بتذكير لها .. تنعش ذاكرتها التي أصابت عطبا

- نسيتي عملتي ايه عشان تاخدي مكان رئيسك نسيتي .. مش انتي اللي اقترحي عليا يجي الحانة القذرة اللي كنت بشتغل فيها واخلي واحدة من البنات القذرة تساعدك عشان تاخدي مكانه في الشغل .. مش عملتيله فضيحة في الشركة .. افتكري العناوين الرئيسية * رئيس تنفيذي شركة ***** يتخذ مكتبه مقر لممارسة العهر *

اهتزت حدقتي اسيا وهي تتذكر طلبها الوحيد من مارية حينما كانت تعمل في ذلك المكان الموبوء .. حسنا المدير كان قذرا متحرشا لها ولجميع النساء في العمل .. كانت قادرة علي أن تقدم شكوي وتفصله من عمله لكن كانت هي من ترغب الحصول علي ذلك الكرسي لانها كانت تعمل جاهدة .. اتفقت وقتها مع المرأة لتأتي الي العمل وتذهب لمكتبه ولانه شهواني قذر لن يهمه المكان وهي فقط اخبرت سكرتيرته أن تجمع مدراء الشركة لنقاش الهام .. والنقاش الهام كانت فضيحة في مؤسستهم .. تتذكر ان الجميع سحب ايديهم علي تولي منصب العمل .. فمن كان سيختار سفينة تغرق وهي أوهمتهم فقط بذلك ولم تقم سوي بصنع شرخ في السفينة .. وببساطة تولت المنصب لتنهي تلك الفضائح التي احدثتها وها هي بسبب الوظيفة تملك شقة فاخرة وسيارة ذو ماركة شهيرة وجميع من في العمل لا يحلمون حتي للحلم بكرسيها .

انتبهت الى صوت شقيقتها الساخر

- يعني لا انا ولا انتي بريئين يا انسه اسيا عزام او ممكن اقول اسيا مهدي المالكي

شرست معالم آسيا حينما تتذكر اسم تلك العائلة لتصيح صارخة في وجهها

- مارية

رفعت مارية حاجبها وقالت

- ايه يا آسيا .. محدش فينا بيلعب بشرف في الدنيا دي ، لان الضعيف بياكلوا حقه

مررت آسيا أناملها في خصلات شعرها ، تلك الكلمات هي كانت المعتادة على قولها دائما ... زمت شفتيها وهي تصيح ناهرة

- مارية اسكتي

دمعت عينا مارية واختنق صوتها لتهمس

- مش لما بابا سابنا عشان عيلته قولتيلي ايه وقتها يا آسيا .. بابا بيكرهنا وبيكره ماما ورايح يتجوز واحدة يتشرف مش واحدة زي امنا مش دا كلامك ، قولتيلي ان احنا ستات متخلقناش للحب .. بس قلبي كان بيدور على اللى يطبطب عليا .. لأنه جوانا وجع مهما حاولنا نخيفه قدام الناس مش هنقدر نخفيه بينا وبين نفسنا

انهارت اسيا جالسة على الاريكة وهي تنكس راسها ارضا ... تحاول استجماع شتات نفسها .. لا تريد احدا يذكرها بالماضي .. فهي خير عالمة بماضيها المؤلم ، أغمضت جفنيها وهي تسمع صوت مارية المتحشرج

- ماهر نعمة .. نعمة كبيرة في حياتي ، واه انا غلطت لما اتعرفت علي نضال قبل كدا .. افتكرته حب حياتي بس هو من نوع رجالة بابا يا اسيا ... اللي يقعد معاها فترة ووقت ما يرميها يقطع ورقة اللي تربطنا بعض بالاسم .. واه انا اشتغلت في مكان قذر عشان حسيت نفسي قذرة وقتها ايه كان يربطني بالسافل نضال .. حتة ورقة ...طب وايه يعني ورقة ملهاش معني تربطنا وعلاقتنا كانت في الدرا

كورت قبضتها وهي تتذكر ذلك اللعين الذي دمر حياة شقيقتها سابقا ، ذلك الخبيث القذر كم تود رؤيته ميتا ، رفعت عيناها لتصطدم بعينا مارية الباردة وهي تمتم بهدوء كما لو أنها تسرد قصة

- كنت ناقمة ايوا لاني اكتشفت اني حامل منه ، بسببه استقلت من شغل المضيفة اللي كان حلم بالنسبالي ، بس كان غصب عني .. غصب عني يا اسيا اني محبتش بنتي في الاول .. مش بايدي انتي مجربتيش الطعنة اللي طعنهالي نضال

غامت عيني آسيا والدموع تزحف زحفا للخروج من مقلتيها ، ازدردت ريقها بتوتر لتسمع صوت مارية الهادئ

- لكن لما فوقت ولقيت ماهر جنبي ... ماهر مش بشر زينا يا آسيا .. حقيقي ملاك بالنسبالي ... هو الوحيد كان الرحيم بيا وقت ما كله بيعارضني حتى انتي اختي اللي من لحمي ودمي

سقطت دمعة يتيمة علي خدها رأتها مارية وهي تقف امامها مشرفة عليها بطولها ، تراقب تبدل حالة اسيا .. قشرتها الصلبة سهلة الكسر للأسف كما حالها

تدعي شقيقتها القوة رغم انها اضعف ما تكون ، استمعت الي صوت اسيا الحاد

- مارية

مالت برأسها لتحتضن وجنتيها لتقول بهدوء

- فيه رجاله من نوعية ماهر .. سيبك من المالكي يا اسيا .. عيشي حياتك زي ما انا عايشاها

انتي هي المحظوظة شقيقتي

فا انا مغناطيس للرجال الخاطئون

فما رجل اتي حياتي إلا وحطم ما بقي في داخلي

يكفي ان شقيقتها تحيا سعيدة ... فهذا كافي لها ، هي تكفيها صغيرتها شمس التي ربتها حتي اعتبرتها طفلتها التي كما لو انها ولدت من رحمها

فهي كانت في كل خطوة في حياتها ، لكن شقيقتها اغتصبتها منها وتركتها عند رجل لم يكن حتى يعلم عنها

- وشمس ؟ .. سقطتيها من حياتك

زفرت مارية بنفاذ صبر لتمتم بحدة طفيفة

- مسقطتهاش .. انا سيباها عند بباها لفترة حتي لما ارتب حياتي

تطلعت اسيا لشقيقتها باستخفاف ، لتزيح يديها عنها لتهب في وجهها صارخة بحدة

- ماريااااااا .. شمس بنتي انا اللي ربيتها من اول ما اتولدت بطلي انانية

تراجعت مارية رغم عنها من هجوم اسيا المباغت لتمتم بنفاذ صبر وصراخ مماثل

- خلاص .. روحي لنضال وخديها منه

ران الصمت بينهما ومارية تتنفس بحدة تحاول التقاط انفاسها وهي تنظر الي شقيقتها التي اختفي هبوب الغضب لتسكن وعيناها تلمعان بوهج اخاف مارية ، ضيقت عينا آسيا لتمتم بنبرة ماكرة

- نضاال ، اممم وماله

صاحت مارية برهبة

- آسيا

ابتسمت آسيا وهي تغمز مارية بعبث لتمتم

- لازم اشوف ابو بنتي بيعاملها ازاي في حياتها مش كدا ولا ايه

هزت مارية رأسها نافية عدة مرات بجنون لتصيح

- انا كنت بهزر يا مجنونة

ابتسمت اسيا ببرود وهي تجلس على أريكتها مرة اخري ترفع ساقيها على المنضدة وهي تفكر ... لما لا .. لما لا تذهب بزيارة سريعة هناك ؟! .. الفكرة راقت لها بل كأنها كانت في انتظار الاشارة الخضراء من مارية ، تمتمت بجفاء

- متهزريش تاني .. يلا شوفي جوزك الكابتن لتكون بنات امريكا اصطادته ، صديقني بالنسبالهم كنز ثمين متحرك

تركت شقيقتها ترغي وتزبد وهي تسمع صوت اعتراضها وصراخها يتلاشى ، فما يدور بعقلها الكثير حقا ... ابتسمت بخبث وهي تمتم

- نضال ... اممم ، وماله ... ايامنا حلوة يا ابن الغانم

*****

رفرفت فرح أهدابها عدة مرات وهي تنظر بتوتر الى ملامح الرجل الجذاب امامها ، كانت تتذكره في خطبة شقيق جيهان مرح .. جذاب .. له حس فكاهي عالي لكن طبعا ظهور نضال أفسد تلك اللحظة السعادة التي اختلستها من الزمن .

من حقها أن تري نفسها جميلة .. وجميلة في عيون الرجال ، فالفضل يعود لنضال الذى دمر ثقتها بأنوثتها .. حتي كلماته لأبداء رأيه بثيابها تحتاج لقواميس .. هل صعبة أن يجامل مثلا ؟ .. تبدين جميلة وحلوة اليوم فقط ...لا تريد منه أن يلقي اشعارا في الغزل لجمالها ، تكفيها كلمة .. لكن كيف نضال يتعطف ويمن عليها بكلمة !!

لذا اختارت مجالا تسمع بها اطراءات الرجال .. هي كانت تعلم أن جمالها في الماضي نقمة لحياتها وعرضها لمخاطر كثيرة مثل تحرشات الزبائن والرجال في الشارع ، وايضا تعرفها علي نضال الذي قرر أن يضعها ضمن قائمة نساءه.

ضيقت جيهان عيناها وهي تنظر الي ناجي وفرح بعيون متفحصة لتمتم بشك

- انتوا تعرفوا بعض من فين

احتقن وجه فرح خجلا وحرجا وهي تنظر إلى ناجي ترى إذا كان هناك اي أثر من شجار نضال معه في المركز التجاري لتمتم بارتباك

- موقف وراح لحاله

ابتسم ناجي بتكاسل وهو يحدق في عينيها المتربكتين ليمسد على خده وقال بنبرة ذات مغزى

- موقف وراح لحاله ؟!

راي تخشب جسدها وهي ترفع عيناها لتنظر اليه بعينين جاحظتين لثواني .. دقق هو النظر لملامح وجهها الناعمة ، هو بحياته لا ينسي امرأة جميلة لكن امرأة لحقت به مصيبة حتما كان سيميزها بين مئات النساء ... كانت هي الوجه المناسب للمنتج ، قابلها صدفة مرة في حفل خطبة ومرة ثانية في مركز تجاري وكان بالطبع وجود زوجها الذي دائما يأتي في أوقات حرجة جعله يتلقي لكمة في وجنته التي تحولت لكدمة حمراء كبيرة استمرت لاسابيع لينزوي خلف الاضواء ..فأخر ما يريده أن يسمع اخبارا وشائعات من الصحف ، رأى تبدل تلك الخجولة لأمرأة شرسة .. تشمخ برأسها لتمتم في وجهه ببرود

- الا لو عايز تحكى معنديش مانع

استقام واقفا من مقعده وهو يمد يده بترحيب لها ليتمتم بنبرة كسولة

- ناجى رحيم ، تقدرى تعتبريني العمود الاساسي للشركة

ترددت فرح للحظات وهي تنظر الي عيني ناجي الغير مطمئنة ، الخوف تملكها وهي تراه يده الممدة لتغمض جفنيها وهي تحفز عقلها .. التهور يحتاج خطوة واحدة ، وها هي الخطوة لما هي مترددة ؟!!

وضعت يدها داخل يد ناجي الذي ابتسم ابتسامة جانبية ليضغط علي كفها ببعض الحزم جعل عيناها تتسعان ببهوت لتقرأ رسالة عينيه المشفرة .. افلتت يدها سريعا وهي تسمع تعليق جيهان التي لم تكن علي دارية ما حدث بينهما ..

- عمود فرعى .. الأساسي هو البيج بوص

هز ناجي رأسه ليقول بابتسامة هادئة وهو يرمقها بغموض ليسحب هاتف مكتبه وهو يتمتم لسكرتيرة مكتبه

- سيبك منه .. كل صلاحيات الشركة تحت ايدي .. زهرة كارت احمر

نظرت فرح بعد فهم نحوهما لتغمغم بتوجس

- كارت احمر ؟

غمزة القاها نحوها ليقول بنبرة ذات مغزي

- يعنى عملية تحويل

انفجرت جيهان ضاحكة وهي تصفق يداها بجزل .. لتبستم فرح برعب وهي تظن انها في بيت الرعب .. لما الجميع يضحك ويبتسم .. ماذا سيفعلون بها ؟!

تمتمت بتيه شديد وهمسها وصلها لاذنيه

- ايه

وقبل أن يتسني له فرصة للرد وجدت فرح الباب فتح علي مصرعيه لتهشق برعب من الجمع الغفير وعيونهم موجهه نحوهها .. كأنها رقعة حمراء اثارت غضب الثيران ليجهموا عليها .. حاولت ان تفر هاربة الا ان ذراع ناجي حازمة وقاسية بعض الشيء .. رفعت رأسها لتهمس بتيه شديد وهي تتوسله بعينيها .. تقسم انها فعلت

- ايه كل دول

طمئنها بنظرة عينه وهو يتفهم هلعها وخوفها .. المرأة التي امامه سهلة العطب .. تحتاج لدروس مكثفة وربما ستتعبه .. لكن بالنهاية يعلم ان ما سيفعله سيعود عليه بالنفع ، القي نظرة نحو زهرة ولطقم عمله ليقول بجدية

- ضبطوها

وقبل أن يترك ذراعها غمز لثاني مرة وهو يتمتم بنبرة رخيمة

- good luck

ترك ذراعها لتسحبها امرأة وهما يتوجهان لغرفة التعذيب كما تعتقد ، اصواتهم المتداخلة جعلها لم تفهم حرفا واحدا حتى مما قالوه ..

هزت جيهان راسها وهي تبتسم بخبث نحو ناجي لتقول

- اعتقد دى اللى عايزاها

لم يرد عليها بل قال بجدية لزهرة

- زهرة جهزى العقود ، وطبعا جيجي ليكي عندى

قاطعته جيهان صائحة بمكر

- لا خليها مش محتجاها دلوقتي .. وقت ما اطلب منك خدمة هتنفذه بدون نقاش

هز ناجي رأسه .. لولا انه يحتاج لتلك المرأة لما وافق علي جنون جيهان ، غمغم بسخرية

- بتفكريني بشادية ، يا خوفى منكم يا بنات السويسري انتوا الاتنين الواحد يخاف منكم

اقتربت جيهان منه ببراءة وهي ترفرف أهدابها ببراءة لتمط شفتيها وتقول بغنج

- ملامح زي دي تخاف منها يا نوجا

امتعضت ملامح ناجي لسماعه لذلك الاسم المقرف منها ، اللعنة أين هيبته كرجل .. يحمد ربه انه فسخ عقد جيجي حتى لا تفضحه بذلك الاسم الأنثوي اللزج .. بملامح جامدة قال بجمود

- برا يا جيجي برا

خبطت جيهان بكف يدها على سطح مكتبها لتهتف بتذمر

- الجنتلة راحت فين يا ناس .. راحت فين اووف وتيجوا تقولوا البنت قرفاكم عشان لسانكم الدبش ده

ابتسم وهو يقول بنبرة يائسة

- مفيش فايدة منك

هزت جيهان رأسها نافية عدة مرات لتمتم بنبرة يائسة

- ابدا .. يلا يا نوجا تشاووو ورايا نادي اروحله

ضيق ناجي عينيه وهو يتمتم بنبرة متفاجئة

- جيجي ونادي ؟

تجهم وجه جيهان لتمتم بحدوة وهي تتذكر صاحب العيون الباردة

- ابقي قول لصاحبك وسيم ميدخلش في حياة الناس

انفجر ناجي ضاحكا وابتسامته زادته جاذبية ، لطاما تساءلت جيهان لما لم يرتبط ناجي حتي الان ؟!! ... هل مثلا يبحث عن الحب ؟! .. رجال مثله يقابل نساء كثيرات ومن جميع الانواع هل لتلك الدرجة شبع من مجرد النظر ؟!

تمتم ناجي بنبرة يائسة

- لسا ناقر ونقير

زفرت جيهان بيأس لتنظر الي عيني ناجي وهي تسأله بيأس

- ناجي انت عارف انا بعتبرك زي اخويا مش كدا

لطالما يعلم تلك المقدمة ، هز برأسه وهو يترقب سؤالها الذي جاءه

- ايه سبب يخلي راجل غريب يدخل بحياة واحدة ميعرفهاش

اصطنع ناجي التفكير لثواني قبل أن يتمتم ببساطة

- تفتكري مثلا يا ذكية زمانك ليه ؟

ياليتها تلك الاجابة التي يهفو لها القلب

يراني صغيرة متهورة يا ناجي فقط

جارته الفأرة الصغيرة جائت تنغص لا أكثر

ارتسمت على شفتيها ابتسامة مصطنعة وهي تلتقط حقيبتها مغادرة ، شيعها ناجي بنظراته وهو يلعن صديقه وسيم .. هل لتلك الدرج وسيم لا يراها

أم يراها ولكنه يتظاهر بعدم الرؤية ؟

****

أرخت شادية جفنيها وهي ترفع ساقيها أعلي الحائط .. تلك الوضعية تخفف من توترها بل تحاول مساعدتها علي النوم والاسترخاء ، عضت على شفتها السفلي وهي تحاول تجاهل أحداث اليوم التي مرت .. هل تكذب وتقول انها لا تتعلق بحديث عاصي

هزت رأسها نافية .. لم تتأثر .. لكنها بحاجة لشخص ومستمع جيد يرشدها للطريق الصحيح ، هي لا تعلم ماذا فعلت بحياتها وما أجرمت في نفسها لتعاقب بتلك الطريقة المؤلمة .. تعلم انها في الماضي كانت شخصا آخر غير ما كانت عليه ، اختنقت أنفاسها وهي تمرر يدها على خصلات شعرها وهي تشعر كلما تخرج خارج المنزل انها عارية .. لم تعتاد حتي الان ان تكون بشعرها ، يشهد الله انها حاولت اعادة ارتدائه لكنها لم تقدر .. كلما تنظر في المرأة تتذكر كم هي ملوثة .. نجسة لا يصح لها الاقتراب من شيء طاهر ، تخشى أن تلوثه رغما عنها

تخشي أن تعطي صورة خاطئة لفئة معينة ، لا تريده كستار للخفاء كما تفعل بعض النساء ، فتحت جفنيها والدموع تهبط بصمت حزين

تريد سبيل راحة لكل هذا ... لكن كيف تشعر بالراحة وهي تجلد نفسها كل يوم ، كل هذا بسبب خطبتها بذلك الحقير معاذ .. تحمد الله انها تخلصت منه قبل الزواج ومن بعدها رفعت شعار " لا للزواج " ، طفق مشهد يوم حينما اشفت غليلها من نانسي لتتذكر صباح اليوم ....

انهت شادية واشرفت علي الزفاف الذي كان يبدو رائعا كما رغبته دائما .. منظم .. أنيق .. ملوكي .. هادئ ، وكلت مساعدها للاشراف علي حفلة الزفاف وقررت هي أن تأخذ راحة قليلة قبل أن تستعد لذلك الزفاف العجيب مع زوجان غريبا الاطوار اللذان قررا ان يقيما افراحهما في المعابد ، شهر شاق ستتنقل بين محافظة واخري مع طاقم كفء ولا تنسي طاقم التصوير الاجنبي وترغب ان لا يكون المسؤول رجل بارد خنيق حتي لا تأتي في يوم وتكسر كاميرته عنوة علي رأسه .. اقتحم عاصي افكارها الشريرة ليقول بنبرة هادئة

- نمشي ؟

ألقت شادية نظرة سريعة علي قاعة الزفاف بفخر وعيناها تلمع بظفر كون العمل نال اطراء العديد من صديقات العروس ووالد العروسان لتهمس بدون وعي منها

- كل يوم لما اخلى العروسة يوم حلمها احلى يوم بحس اني

صمتت لثواني وهي تحاول أن تختار كلمة تجمع بين السعادة والنجاح ليغمغم عاصي مقاطعا بنبرة رخيمة

- فخورة بنفسك

هزت رأسها وهي تمسد عنقها لتغمغم موافقة

- فخورة بنفسى ، وانت ايه اللى مخليك فخور بنفسك ؟

اجفل عاصي من سؤالها المباغت .. لم يتوقع أنهما يتناقشان بودية الان .. بل يتبادلون اطراف الحديث .. كـ صديقين حميمين وليسا رئيسة وموظف ، ابتسم بحنين وهو يغيب بذاكرته قديما ليتمتم

- لما اسعد اللى قدامى

نظرت شادية باهتمام نحوه لترفع عيناها وهي تحاول الغوص في عمق عينيه .. تحتار كثيرا لمعرفة لون عينيه هل هما سوداء أم مائلة للاخضرار ؟! نهرت نفسها سريعا من وقاحتها لاطالة النظر في عيني الرجل لتمتم بعدها بارتباك وهي تعبث في خصلات شعرها

- اى حد ؟

ابتسم عاصي بعبثية وهو يلاحظ الاحمرار الذي يغزو شفتيها ، والارتباك الذي طغي علي ملامح وجهها حتى انها تعبث بخصلات شعرها المعقودة بأحكام ليرد ببساطة

- اى حد

هزت شادية رأسها عدة مرات وهي تخجل من نفسها .. بالطبع ذلك الغبي لن يترك فرصة كتلك الا ويستغلها أسوأ استغلال تعلمه .. رجل لا ينسى ابدا وان تظاهر الان بعدم ملاحظته .. سارت مبتعدة عنه وهي تحاول الابتعاد عن زاوية الجاذبية الخاصة به ، بطرف عينيها وجدته يسير بجوارها ويخيم عليها بضخامة جسده التي تخبرها بصمت أنها خاسرة في أي حرب ستخوضها .. غمغمت ببرود

- ايه اللى خلاك تشتغل بودي جارد

وضع عاصي كفيه في جيب بنطاله وهو يسير بكل ثقة .. رجل تفوح منه رائحة الرجولة والثقة المفرطة وجاذبية لن تنكرها ..وليس بموظف .. غير معقول أن يكون موظفا عاديا هذا الرجل .. شيئا به يخبرها بذلك ، أجابها ببساطة شديدة

- حاجه جديدة قولت اجربها ، غير أن منكرش فلوسها مش وحشة

- بس متعبة

أومأ عاصي برأسه لينظر الي عينيها التي تختلس النظر نحوه ليتمتم

- مفيش شغل من غير تعب

تساءلت بتهور شديد

- ايه اليوم اللي هتقرر فيه تسيب شغلك وتخش فى مجال تانى

صمت عاصي لثواني قبل ان يقبض عليها متلبسة وهي تسترق النظرات له ، توردت وجنتيها وهو ينظر باستمتاع رجولي .. يري تأثيره علي إمرأة مثلها ليجيب بغموض

- لما احس اني اديت مهمتي فى الحياة اخد استراحة

رده الغامض لم يعجبها اطلاقا .. همت أن تسأله وتستفسر أكتر أي مهمة تلك التي يؤديها الا ان صوت غاضب اخرجها من غمامة كانت تطفو عليها

- انتى باى حق تسرقى زبونى يا شادية

دارت علي عقبيها وهي تري نانسي صاحبة الخصلات الحمراء تكاد تنفجر غضبا .. هل وصلها الخبر اذا .. ابتسمت شادية بمكر شديد وهي تقترب من نانسي لتتسائل بدهشة

- ثوانى كدا هو مين اللي بيتكلم ده .. اصل سامعة حشرة بتتكلم

استشاطت نانسي غضبا لتنفجر هادرة في وجهها ، تلك اللعينة كيف خدعت بها .. الحية الخبيثة تقسم انها تعلم انها ستوجه لها ضربة قاضية لكن ليس بتلك السرعة

- انتى اتجننتى ، انتى عارفة انا مين

رفعت شادية كفها في وجه نانسي لتخرسها ... عضت نانسي علي شفتها السفلي بغيظ لتسمع صوت شادية الحازم

- دخلة الهمج دي عمرها ما هتدخل عليا .. انتى عارفة انا مين .. ملوش لزوم بقى تحرجى نفسك قدام الناس ، والزباين اللى بتخطفيهم منى للاسف مش بيعجبهم شغل جودتك يا خسارة

نطقت آخر كلمة بأسف مصطنع ليتفاقم الغضب داخل جوف نانسي ولا تعلم انها بفعلتها جذبت أنظار بعض الناس ، تنفست بهدر وهي تسمع صوت شادية الماكر

- يلا يا حبيبتي شوفى شغلك .. عشان تعرفي في الاخر ان ليا بيبقي في الاخر ليا

طرقت نانسي علي الارضية المصقولة بكعب حذائها قبل أن تستدير راحلة وهي تقسم في سريرتها ان ما فعلته شادية لن يمر مرور الكرام.

كانت تود شادية في تلك اللحظة ان تصرخ بانتصار وترقص في بهو الفندق الا انها في تمسكت بطرف الحزم الا ان ابتسامتها المتسعة لم تغادرها ليعبس عاصي متسائلا

- عملتى ايه؟

هزت شادية كتفيها وقالت بمكر

- ابدا قررت امسكها من اللي ايديها بتوجعها

ضيق عاصي عيناه لثواني قبل أن يقول

- الفلوس !!

هزت رأسها نافية لتهمس بصوت خافض كما لو أنها تفشي سر الحرب

- المكان .. المكان اللى هيعمل فيه الامير حفلته صاحب المكان يعرف بابا كويس فـ اداني حرية التصرف فى المكان ومعايا عقد ايجار لفترة محترمة اووي .. نانسي حاولت تاخد المكان بطريقتها معرفتش حاولت تشوف اماكن تانية وتعرضها على الأمير لكن

صمتت وهي تبتسم بعبث ليجيب عاصي

- الأمير انجذب للمكان الاول

اومأت رأسها موافقة عدة مرات وهي تنفجر ضاحكة بانطلاق يراه عاصي للمرة الأولى ، بهت لثواني وهو يراها بدون وعي تصفق بيدها بمرح وتلف حول نفسها عدة دورات ليحمحم عاصي بجدية وهو ينبهها لتصرفها الطفولي ، تسمر قدمي شادية لتتسع عيناها وهي تنظر حولها لتجد ان عاصي هو الشاهد الوحيد علي تهورها وقد غطاها بجسده عن اعين الجميع ، ارتبكت حينما وجدت انه علي مقربة منها بطريقة مخيفة .. ليبتعد عاصي عدة خطوات وهو يترك لها مسافة للمرور .. أطرقت رأسها خجلة من نفسها وهي تتوجه نحو السيارة تصعدها بصمت ، انزوت بعيدا عنه وهي تغلق نفسها لتسمع تعليق عاصي

- وايه اللي خلاه يمشي في الأول ؟

حاولت ان تجد تتحدث .. لسانها التصق في سقف حلقها ووضعها في موقف مخزي وخصوصا نظراته المتفحصة لا ترحمها ، حمحمت بجدية وهي تجيبه ببرود

- نانسي قدمتله سعر اقل وقالت هيكون بنفس مستوى فخامة الأول ويمكن احسن

هز عاصي رأسه يائسا.. الناظرة عادت مرة أخرى ، غمغم بعملية وهو ينظر للطريق

- نرجع البيت

استمع الى صوتها الهامس

- ياريت

راقبها عاصي من مراة السيارة الداخلي وهي تعود لقوقعة نفسها .. كأنها تجلد ذاتها اذا تفتحت ، هز رأسه يائسا وهو يضع عينيه علي الطريق حتي لا يتسبب بحادثة طريق .

استقامت شادية قائمة من مجلسها حينما تذكرت من خضم افكارها المشوشة سبيلها لإنهاء كل توترتها ... هو الوحيد الذي قادر على مساعدتها .. حتما هو !!!

****

اليأس يفقد قيمة الأشياء التي كانت لها قيمة

يأس من الأشخاص والحياة حتي الذات نفسها

يصر علي غرق نفسه قبل إغراق السفينة ولما ؟

اليأس الذي نخر وجدانه لا يعلم متي أصابه حتي انتشر في دمه كمرض قاتل ، لكن يريد أن يغتنم راحة ولو لفترة

هو ليس مثاليا

بل لا وجود للمثالية في عالم الخداع والمكر ، الجميع يرتدون وجوه الطيبة فقط حينما يشعرون بالخطر المحدق بهم ... وهو الخطر كما أسموه

أطلقوا عليه القاتل .. عديم الرأفة والرحمة .. الساخر .. ذو القلب الميت ، لطالما صرخت بها زوجة ابيه حينما كانوا على وشك فقدان رهف من الخطر الذي ألقى ظلاله عليها .. لكن الله وحده يعلم كيف كان علي وشك فقدان تهوره حينما غفل عنها لثانيتين

لم يكن ليسامح نفسه أن خسرها .

زفر نضال بحرارة شديدة وهو يمرر أنامله علي خصلات شعره ، شمسه ابتعد عنها وانزوى بعيدا لفترة ... لا يريدها أن تكون شاهدة في أعز ايامه ضعفا وهشاشة .. فهو نضال الغانم الملقب بزير النساء ، ذو القلب المتحجر كيف يضعف أمام كائن صغير !!

مرر يده علي خصلات شعره وهو يستل من علبه سجائره لفافة تبغ ضاربا بنصائح الطبيب عرض الحائط ، فليمت فمن سيسأل عنه .. بل سيكون الجميع سعداء برحيله .

رنين جرس الباب الملح جعله يلقي شتيمة نابية وهو يقوم من الاريكة يشتم الخادمة التي لم تلقى اهتماما بالباب ليتوجه نحو باب الشقة وهو يفتحها بأعين نصف مفتوحة ، ابتسم بسخرية وهو يغمغم

- ايه ده حامى العيلة وصل

القي وقاص نظرة نحو لفافة التبغ التي في يده ليشتعل الغضب في عينيه ، صاح بصرامة شديدة

- فين فرح

مط شفتيه ببرود ليتمتم بلا مبالاة

- فرح .. اظن انك ادرى بمكانها

انفجر بركان وقاص ليمسك تلابيب نضال وهو يصيح بنفاذ صبر

- فهمنى بس .. انت عايز ايه .. بتعمل فى نفسك كدا ليه

اجاب نضال بلا مبالاة وهو يجر علي يد أخيه نحو الحمام ، يدفعه اسفل الدش ليتصلب جسده من المياه الباردة المنهمرة على رأسه

- وقاص .. انا اهو زي ما انا

لكمه وقاص بعنف ولم يكترث بالبلل الذي أصابه ، هو يخشى على أخيه .. يخشي لا مبالاته تلك .. وكأنه يستعد نفسه للموت

- مش انت .. فوق بقي فوق ، ناوي تحبس نفسك فى الماضي لحد امتى

غامت عينا نضال لينظر نحو وقاص قائلا بسخرية مؤلمة

- انا مش عارف اطلع منه

نكس نضال رأسه أرضا ولسعات المياه الباردة لم تعد تتأثر بجسده ، الحزن غيمه ولفة في غمامة منعزلة عن الجميع .. مرر وقاص يده على خصلات شعره ليقول

- رهف هتتجوز .. رهف هتروح لبيت جوزها .. فينك انت

يحاول عبثا إعادته للبؤرة ... هو يعترف ومقر أنه كان مخطئا في السابق ، لكن حبال الندم تكبله ، لا يقدر على النوم ليلا وشبح صورة نضال وهو طفل صغير لا تغادر مخيلته اطلاقا ... همس نضال بهدوء

- مش انا اللى بدمر .. مش انا الوحش اللي فيكم ، مش انا مجرد مسخ فى العيلة دى .. مش بعدتوني عنكم .. بعدت عايز ايه تانى

هز وقاص رأسه نافيا وهو يهزه من كتفيه ليقول بصلابة

- عايزينك .. نضال ارجوك .. المركب هيغرق وانت مش موجود

ابتسامة مميتة زينت شفتي نضال وهو يوضح له الصورة قائلا

- انتوا كنتوا فى مركب وانا مرمى فى البحر بحته خشبة تسندني وترفعني لفوق .. كنت كلكم بتبصوا عليا .. بصرخ وبقول ساعدونى وايه ردكم .. كل واحد دور وشه للناحية التانية

انفعل في صوته وهو يزيح جسد وقاص عنه ليغلق صنبور المياه ويلتفت نحو وقاص بشرر

- كلكم وانت اولهم إلا اسرار .. اسرار الوحيدة اللى ادتنى حبل النجاة ، كنا بنتخبى وقت ما نتقابل عشان مش عايز الفت هانم تأذيها

تحشرج صوت نضال وهو يشيح بعينيه بعيدا عن وقاص ليتابع بعدها قائلا

- حتى اسرار الغانم لما كانت فى المركب محدش كان بيحاول يقرب منها ، بنت عمك اليتيمة عمرك ما حاولت تخفف عنها ، سبتونا احنا الاتنين جعانين وكل ده عشان ايه .. ايه الوحش فينا عشان تكرهونا كدا

خرج من الحمام وهو يتوجه الى غرفة النوم ، الا ان صوت انثوي اربكه

- نضال

استدار حتي يري صاحبة الصوت ، اختنقت انفاس نضال و التمعت عيناه وهو يرى دموعها التي تهبط بصمت .. غمغم بصوت مختنق وحبل الندم يكاد يزهق روحه

- رهههف

تمتمت بتوسل شديد وهي تقترب منه

- متسبنيش ارجوك

دفنت نفسها بين ذراعي حاميها السري غير عابئة بالبلل الذي أطال ثيابها ،لفت ذراعيها حول عنقها ليربت نضال علي رأسها وهو يميل برأسه هامسا بأسف

- سامحيني .. كان نفسي الحقك قبل ما الكلب يلمس شعرة منك .. انا كنت غبى

رفعت عيناها لتنظر الي ع


تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close