اخر الروايات

رواية الزوجة مازالت عذراء الفصل الثاني 2 بقلم سمر عمر

رواية الزوجة مازالت عذراء الفصل الثاني 2 بقلم سمر عمر


 .....الفصل ((2))

-خايفة اوي مبقاش حلوه يوم الفرح
مسحت سمية على شعرها بحنان وهي تقول بهدوء :
-ابدا يا روحي .. ومتقلقش أنتِ زي القمر بكل حالاتك
******
صف كريم سيارته أمام منزل صديقة فريد ثم ترجل من السيارة و وقف يدق جرس الباب ويدق الباب باليد الأخرى حتى فتحت الخادمة ودخل دون أن يتحدث ، اتجه نحو المكتب كالإعصار وقام بفتح الباب بقوة حتى اصطدم في الحائط ، فيما اندهش فريد من تصرفه وجاء يتحدث قاطعة كريم بصوت عالي :
-مكنش اتفقنا انك تتجوز ديما يا فريد
ارتفع حاجبيه بكل برود ثم تنحنح وقال :
-اجبلك لمون يهدي اعصابك
أتسعت عيناه وتحولت نظراته إلى نظرات حادة قاتلة ثم لوح بيده وهو يقول بعصبية بالغة :
-أنت مبتحبش ديما يا فريد افهم
ضيق عيناه بغضب واضح ثم نهض من مكانه متجه إليه و وقف فيما استدار كريم نصف استدارة ليواجه ، مسح فريد على كتف كريم ثم قال بهدوء عصبي :
-متدخلش في حياتي يا كريم .. عشان متتآذيش
ابعد يده عن كتفه ثم قال بنبرة مهددة :
-لو اتجوزت ديما هتندم يا فريد
لاحت ابتسامة ساخرة على شفتيه وأخبره انه يريد أن يندم ، قبض قبضته بقوة وكأن فريد داخل تلك القبضة ثم اومأ برأسه بنظرة متوعدة ثم غادر منزل ذاك اللعين ، داعب فريد لسانه بين شفتيه ثم جلس مكانه وتابع الشغل كأن شيئا لم يكن
******
خرجت نهال من الغرفة بعد ان ارتدت معطف انيق طويل وسروال يليق به وحجاب فوق رأسها ، سلمت على أم مصطفى باحترام وابتسامة خجولة ثم جلست بجوارها تنظر إلى الأرض ، فيما جاءت أم نهال حاملة صينية شاي وضعتها أعلى المنضدة ثم جلست على المقعد المجاور للأريكة ثم أخبرتها انها شرفتهم بزيارتها لهم ، فنظرت إلى عروس ابنها وقالت مبتسمة :
-أنا اللي اتشرفت ببكم وبنهال
ابتسمت نهال ابتسامة خفيفة لتجاملها بينما أخذت ام نهال كوب شاي ومدت يدها به عازمة على أم مصطفى ، فأخذته وتناولت أول رشفة ثم هتفت بجدية :
-أنا زي ما قلتلك قبل كدة .. الشقة جاهزه فاضل بس العروسة وحاجتها
ردت أم نهال بشغف :
- وانا من بكرة هنزل أنا ونهال نجيب الحاجات بإذن الله على أسبوعين كده ونكون خلصنا
نظرت نهال إلى والدتها في دهشة فيما نظرت والدتها إليها وجاءت نهال تتحدث عضت والدتها على شفاها السفلي لكي تبتلع حديثها حتى تغادر أم مصطفى ، جزت على أسنانها بغيظ واضح فيما تساءلت ام نهال عن مصطفى ، ابتلعت الشاي بصوت مستمع وشعرت ببعض من الاحراج ، ماذا تقول لهم الأن ؟! تخبرهم أن مصطفى رافض الزواج من نهال ؟! ، هذا لا يصح أبدا ولهذا أخبرتهم انه مشغول في شغلة ومن عادتهم أن العريس يرى العروس يوم كتب الكتاب ..
تساءلت نهال بتذمر :
-يعني هيتجوزني من غير ما يشوفني ؟!
قالت ام مصطفى ببساطة :
-هو يعني مش شايفك .. ماهو عرفك يا نهال و إلا مكنتش جيت طلبت ايدك
نظرت نهال أمامها شاردة فهي لم تشعر بالارتياح ابدا بينما ابتسمت ام نهال وقالت :
-ونبي عندك حق
*******
يوم زفاف ديما وفريد ، قاعة الفرح فخمة للغاية والجميع في غاية السعادة عدا اثنان ، كريم و إيهاب الذين يعملون جيدا أن فريد ليس في قلبة ذرة حب لـ ديما ، ويسألون انفسهم لماذا سيتزوجها فريد اذا ؟! ماذا يريد من تلك الفتاة البريئة ؟! ..
وقف كريم في منتصف القاعة يلتفت حول نفسه بحثا عن سمية أو نهال ، فيما جلست هيدي شقيقته بجوار والدتها واضعة قدم فوق الأخرى وتنظر حولها برأس مرفوعة وكبرياء واضح ( مرتدية فستان أسمر قصير يصل إلى فخذيها مفتوح من عند الصدر ، وتمتلك قلادة حول جيدها يبدو عليها باهظة الثمن ) ، بدأت تنظر على جميع شاشات القاعة تبحث داخلهما عن صورة العروس ، تعلم أن فريد لا يقع في حب فتاة بسهولة وتريد وبشدة أن ترى تلك الفتاة التي تزوجها ..
لا زال كريم يبحث عن أصدقاء ديما وذهب هنا وهناك ولم يجد واحدة منهم حتى وقعت عيناه أخيرا على سمية الواقفة مع مجموعة من الفتيات ، تقدم نحوها على الفور و وقف مناديا عليها فاستأذنت من البنات ثم وقفت في مواجهته ، تساءل عن والدته ديما ليبارك له ولكن غرضة شيء أخر وهو أن يطلب منها أن تنهى ذاك الفرح بأي طريقة ممكنة ، التفتت تنظر اتجاه والدته ديما ثم أشارت إليها وأخبرته انها هي الجالسة على المقعد المتحرك ..
نظر إلى ما تشير إليه ثم عاد بالنظر إليها وتساءل في دهشة :
-هي عاجزة ؟!..
تنهدت بنفاذ صبر وقالت :
-أه يا كريم .. عاجزة .. عن أذنك
ثم عادت إلى الفتيات لتكمل معهم حديثها ، فيما وقف كريم مكانه مصدوم فكيف سيخبر والدتها بخبر مثل هذا وهي في هذه الحالة ؟! ، وديما هي ابنتها الوحيدة فحتما سيحدث لها شيئا ..
أحيانا الأنسان يرتكب خطأ وعندما يقرر أن يصلح هذا الخطأ يكتشف أنه سيرتكب خطأ أكبر ..
نظر حوله في حيرة بالغة وأخذ يمسح على وجهه وشعره وقد شعر بانه هو العاجز وليس هي ، ثم تقدم نحوها بخطوات بطيئة مترددا وظهرت حبات العرق على وجهه تغسل الخطأ الذي ارتكبه ، و وقف خلفها مربتا على كتفها فالتفتت برأسها لتنظر إليه ثم التفتت بالمقعد فمد كريم يده لها وقال مبتسما :
-مبروك يا مدام
رفعت يدها اليمنى و صافحته بابتسامة قائلة :
-الله يبارك فيك يا بني .. عقبالك
حرك رأسه بخفة ثم ذهب بعيدا فالتفتت بالمقعد كما كانت ، أما سمية استمعت إلى صوت رنين الهاتف أخذته من حقيبة يدها ونظرت إلي شاشته التي تنير باسم سمية ففتحت على الفور ووضعت الهاتف على أذنها قائلة :
-أي نهال مجتيش ليه ؟..
قالت نهال بحزن واضح :
-بابا رفض ما أنتِ عارفه
خرجت من القاعة ووقفت تتحدث معها في الهدوء :
-طيب .. طيب .. والدك زمانه نايم دلوقت .. البسي وانا هاجي اخدك تسلمي على ديما وتمشي على طول
نهضت نهال واقفة بفزع وقالت بقلق :
-لا لا ونبي .. لحسن بابا يصحى فجاه
طمأنتها سمية قائلة :
-هما خمس دقايق بس وانا هوصلك تاني .. اسمعي الكلام بقى والبسي عم اجيلك
وافقت نهال على اقتراح سمية ولكن شعرت بالقلق والحزن ، هذه أول مره تكذب وتخرج دون اذن والديها ، أخذت نفسا عميقا وزفرته بهدوء ثم همت بالوقوف أمام الدولاب بتردد واضح وقامت بفتحه وإغلاقه عدة مرات حتى أخذت قراراها بحسم وهو أن تخبر والدتها على الأقل ..
فهمت من الخروج من الغرفة متجه نحو غرفة والديها و وقفت تدق الباب بخفة ولم تستقبل أي رد فاضطرت أن تفتح الباب ، وتقدمت نحو والدتها النائمة بحرص و وقف بجوارها ، وربتت على كتفها مناديه عليها بهدوء حتى استيقظت والدتها وتساءلت ماذا تريد ؟! ، طلبت منها أن تخرج معها إلى الصالة ثم خرجت نهال اولا ثم والدتها ..
أخبرتها انها تريد ان تذهب إلى فرح ديما ولكن رفضت بحسم خوفا من زوجها ، تلحت نهال كثيرا حتى سأمت منها و وافقت أن تذهب بشرط إلا تتأخر ، ركضت إلى الغرفة وقامت بفتح الدولاب تبحث عن الثياب الخاصة بالحفلات حتى وقع عيناها على فستان نبيتي بسيط ، قامت بارتدائه ثم ارتداء حجاب مناسب له و وضعت القليل من مساحيق التجميل ، فيما رن هاتفها المحمول فعلمت انه اتصال من سمية ، تناولت الهاتف لتجيب عليها وأخبرتها انها ستأتي على الفور ثم تناولت حقيبة بنفس لون الفستان وخرجت ..
ودعت والدتها ثم خرجت وهبطت إلى الطابق السفلي وخرجت لتجد سمية في انتظارها داخل سيارة ديما ، جلست على المقعد المجاور فيما نظرت سمية إليها بإعجاب قائلة :
-أي الجمال ده يا واد ؟!
قالت بنبرة مرتجفة :
-جمال أي بس ؟! .. أنا هموت من الرعب
-متقلقيش .. مجرد ما تسلمي على ديما هنمشي
******
جلس كريم جوار شقيقته والندم يحرق قلبة بل يقتله ، نظر اتجاه والدة ديما ليجدها سعيدة والابتسامة على شفتيها وجميع النساء يهنئوها بزواج ابنتها ، ثم دفن وجهه في كفيه بحزن واضح نظرت هيدي إلى كريم متعجبة ثم وضعت يدها على كتفه فسحب يديه من على وجهها لينظر إليها بندم واضح فتساءلت هيدي في حيرة :
-انت مالك بقالك كام يوم ؟! .. مش كريم اخويا اللي اعرفه
أخبرها انه بخير وكل شيء على ما يرام ، فارتفع حاجبيها وتصنعت انها تصدقه ، مضى حوالي ربع ساعة و وصلت سمية إلى الفرح ماسكة بيد نهال ثم اتجهوا نحو والدة ديما وسلمت نهال عليها ثم جلست مع سمية أمام طاولة ، وفحصت القاعة بإعجاب واضح حتى وقع نظرها على الكريم الجالس أمام طاولة أمامهم ببعد طاولتين ثم لكزت سمية وتساءلت لما كريم هنا ؟! ..
-عشان صديق فريد وفي صلة قرابة بينهم تقريبا
تذكرت نهال قائلة :
-أيوه دا هو اللي عرف فريد على ديما
عقب انتهاء حديثها اشتغلت موسيقى عالية تخبرهم بوصول العرسان ، وصعد دخان أبيض ملئ ساحة الرقص وانفتح بابا كبير خلف ساحة الرقص لتدخل سيارة بيضاء فخمة مزينة بالورود الطبيعي ، وقفت السيارة على ساحة الرقص ثم خرج فريد منها فصفق الجميع له فيما شاور لهم بابتسامة واسعة ثم اتجه إلى الباب الثاني وقام بفتح الباب ، ثم مد يده إلى ديما لتمسك بيده ثم ترجلت من السيارة فيما جلس شاب أمام المقود ليعود بالسيارة ..
وقفت بجواره تنظر إلى الجميع بابتسامة واسعة وسعادة بالغة وكانت تشبه الأميرات في الفستان ومساحيق التجميل الهادئة ، وفقط تاج على شعرها تاركة شعرها منسدل على ظهرها ، شعرت سمية ونهال بقشعريرة في جسدهم وتعانقا الاثنان بسعادة ، ثم نهضوا متجهين نحوها فاستقبلتهم بالعناق والحب ثم أخذت سمية باقة الورد البيضاء لترقص الراقصة الأولى مع فريد ..
لم يتحمل كريم أن ينظر إليهم أكثر ونهض ليخرج من ذاك المكان المزعج ، فيما أخبرت هيدي والدتها أن العروسة ليست جميلة بالمرة ويبدو عليها الحقد والغيرة ، لأنها ترى نفسها دائما جميلة وأجمل من كل البنات ، وكانت أمام فريد لماذا فضل هذه عنها ؟! ، عقب انتهاء الراقصة الأولى جلس الاثنان على الاريكة المزينة بشكل راقي ، تقدموا نحوها و وضعت سمية الورد على الفستان ثم التقطت معها الكثير من الصور هي ونهال ، وعندما جاء عرض العصائر توقفوا عن التصوير ، فيما تحركت شباب العرض بحركات منتظمة وعقب انتهائهم اقترب واحدا منهم يحمل عصير خاص بالعروسين ليعطي لهم بينما باقي الشباب وضعوا العصائر على الطاولات التي تقع في الصف الأول ..
بعد دقائق قليلة استأذنت نهال من ديما ولكن أصرت ديما أن تجلس معها قليلا ولكن أخبرتها انها تعلم ظروفها جيدا ، فابتسمت ديما لها وسلمت عليها ثم ودعتها نهال وذهبت مع سمية لتصلها إلى المنزل ، فيما نهضت هيدي من مكانها وخرجت تقف أمام القاعة بعيدا عن الضجيج المزعج ، بينما خرج إيهاب صديق فريد واضعا يديه في جيبي سرواله ، هيدي مواليه له ظهرها وقف ينظر إليها من قدميها حتى رأسها ثم أقترب منها و وقف امامها تفاجأت متعجبة ، فيما أشار إيهاب إليها متسائلا :
-أنتِ اخت كريم ؟
حركت رأسها وقالت بثقة :
-أيوه .. هيدي الصاوي
مد إيهاب يده لها بابتسامة قائلا :
-تشرفت بيكي
مدت يدها لتصافحه بلمسة انامله فقط وسحبت يدها ، نظر إلى يدها ثم ابتسم بخفه بينما عقدت هي ذراعيها والتفتت براسها لتنظر داخل القاعة متسائلة :
-انت صديق فريد بردو ؟
نظر إيهاب إلى ما تنظر إليه و تنهد قائلا :
-أيوه .. الكل بيسأل البنت دي وقعت فريد ازاي .. ميعرفوش الحقيقه
نظرت هيدي إليه باهتمام بالغ متسائلة :
-حقيقة اي ؟..
ارتفع إيهاب حاجبيه قليلا وهو يقول :
-فريد مش بيحبها .. هو كريم مقلكيش حاجه زي دي ؟!..
نظرت اتجاه اليمين بعدسة عيناها شاردة في حديثه ثم ابتسمت ونظرت إليه وتصنعت بأنها تذكرت شيئا ما قائلة :
-آه كريم فعلا قالي حاجه زي دي .. بس مهتمتش أوي يعني
ثم تابعت بفضول واضح :
-طب ليه اتجوزها ؟.. طالما مش بيحبها
رفع إيهاب السبابة والوسطى معا قائلا :
-عشان حاجتين .. والدته طبعا نفسها يتجوز وتاني حاجه بيني وبينه
اومأت برأسها بخفه وهي تبتسم بخبث وشكرته سرا بامتنان على هذه المعلومة لأنه أجاب على السؤال الذي حيرها كثيرا ، اما كريم دخل القاعة متجه نحو فريد وهنئه على الزواج ثم مد يده إليه فنهض وصافحة وهو يداعب لسانه داخل فمه ، فيما ضغط كريم على اضراسه بغيظ وكأن نظرات الشر الموجه إلى فريد تخترق قلبه لتنتزعه من مكانه ، مما انتبه فريد من نظرات الشر تلك ثم ضمه إليه وهمس في أذنه :
-أحب اطمنك أن الزوجة ستظل عذراء
ابتعد كريم عنه محدقا به فبلل فريد شفتيه بلسانه ثم ربت على كتف كريم قائلا :
-عقبالك يا كيمو
سحب يده من يد فريد ثم صافح ديما وقبلت منه التهنئة وهو ينظر إليها بشفقة وندم ، لأنه يعلم أنه هو السبب في كل شيء سيء سيحدث لها ، عاد كريم إلى مكانه وجلس ينظر إلى ذاك اللعين بنظرات قاتلة ، فيما رفع فريد يد ديما إلى فمه ليقبلها برقة وفي نفس اللحظة كانت تدخل هيدي القاعة واندهشت من تصرف فريد معها ، كيف لا يحبها ويعاملها بحب ؟! ، حقا شخص مخادع وليس له أمان ، على قد ما هي مغرورة ومتكبرة ولكن شعرت بالحزن على مستقبل تلك المسكينة معه مع العلم انه تعلم شراسة فريد ومعاملته القاسية مع بعض الناس ..
ما عدا إلا نصف ساعة وعادت سمية واشتغلت أغنية شعبي ليرقص العرسان عليها وحولهم الأقارب والاصدقاء ، كانت ديما كالفراشة المتحركة وسط زهور مزينه بالوان الربيع والبهجة واضحه عليها ، دارت ديما كالتنورة والفستان يدور حولها ثم توقفت وشاركت الرقص مع سمية بمرح وسعادة واضحه...
انتهى العرس بعد ساعات من الفرحة والسعادة البالغة ، ودعها الجميع ودموع والدتها على وجنتيها فهي المرة الاولى تتركها بنتها وتسكن بعيدا عنها ، استقلت ديما السيارة مع فريد ونظرت إلى والدتها من خلف نافذة السيارة و هبطت دموعها هي الأخرى على وجنتيها ، قاد السائق السيارة ذاهبا إلى عش الزوجية لتبدأ ديما حياة جديده ، نظر فريد إليها ثم مد يده ليمسح دموعها فنظرت إليه بحزن ممزوج بالسعادة لأنها معه وستشاركه حياته وكل شيء يملكه ، فهو صار ملكها وهي ملكه..
******
عقب وصولهم إلى المنزل ، صعدت ديما إلى الغرفة وتركت فريد مع والدته وشقيقته ، وقفت امام المرآة تنظر إلى نفسها والسعادة واضحة في عيناها وابتسامتها الواسعة ، كادت أن تتطاير فرحا وقلبها لم تشعر به من كثرة السعادة ، كأن فراشة ملكت بستان ورود ، و تجمعت السحب لتمطر عليها قلوب ، التفتت كالتنورة عدة مرات ثم وقفت وهي تلتقط انفاسها واضعة يدها على مقدمة صدرها لتشعر بدقات حب قلبها الذي تدق داخل صدرها ثم هبطت بيدها إلى قلبها كأنها تتحدث معه ، تخبره بأنه اليوم سوف يغفل وهو في أحضان من أحب وعشق ، وضعت يديها على آذنيها ، اليوم ستنام على صوت دقات قلب من عشقت صوته وحديثة ، رفعت رأسها حامده و شاكرة ربها بامتنان لأنه وفق بينهم ..
دلف فريد إلى الغرفة مغلقا الباب خلفه ، نظرت إليه بابتسامة واسعه ممزوجة بالخجل ، فيما تقدم فريد نحوها وهو ينظر إليها بابتسامة هادئة ، و وقف امامها مباشرة يفحص ملامح وجهها بحب ، خجلت من نظراته تلك و انحنت برأسها وضع انامل يده أسفل ذقنها ليرفع رأسها إليه ، نظرت إليه بعينين خجولة وفجأة تحولت ملامح وجهه إلى الجمود والغضب و قال بصوت عنيف يدل على الجدية البالغة :
-مبروك يا روحي
ثم صفعها قلم مفاجئ قوي على وجنتها جعلها تنظر إلى اتجاه اليمين و نزفت من جانب شفتيها دماء اتسعت عيناها في ذهول من تصرفه معها ثم نظرت إليه بنفس الذهول لتجده ينظر إليها بغل واضح عليه ، لم تعلم سبب ما فعله للتو لأنها لم تفعل معه شيئا ابدا ، أخذ صدرها يعلو ويهبط وقد تحولت ملامح وجهها إلى الحزن بينما قبض هو على شعرها بقوة فتألمت معقدة حاجبيها ، ثم دفعها للخلف لتسقط أرضا على وجهها ، أخذت تلهث بقوه ثم التفتت برأسها لتنظر إليه وتساءلت بفزع :
- أنت بتعمل معايا كده ليه ؟!
أقترب منها بخطوات بطيئة وهي تتابع سير اقدامه بخوف واضح ، ثم جلس نصف جلسه جوارها وقبض على فكها بـ انامله قائلا :
-بعمل معاكي كده عشان أنتِ مجرد لعبه كسبتها .. واللعبة أخرها تنكسر وتتحط في الزبالة
ثم تركها بدفعة ضيقت هي بين حاجبيها بقوة ونظرت اليه بعدم فهم متسائلة :
-لعبة ؟!!!
حرك راسه ضاغطا على شفتيه ببرود ثم ابتسم بخفه وقال :
-كسبتك في لعبة الأومار .. كريم المحترم خسر فلوسه كان هيتجنن
*******
فلاش باك ..
شقة خاصه للسهرات الليلية ولعب القمار ، فريد جالسا امام كريم وبينهم طاولة قمار دائرية ، فريد ماسكا في يده ورقتين وكريم ينظر إلى الورق الموضع على الطاولة في حيره من اللعب ، فهو يلعب على أخر مال معه ابتسم فريد بثقة ، ثم سحب سيجارة من علبة السجائر واضعها في فمه ثم اشعلها ليأخذ أول نفس منها ويزفره في الهواء ، فيما وضع كريم أخر لعب معه فضحك فريد ضحكة عالية وكشف ورقة وكسب المال ، ضرب كريم الطاولة بقبضة يده بعصبية بالغة وفريد يأخذ المال ، فيما جاء إيهاب وفي يده كآس من الخمر و وقف جوار كريم واضعا يده على كتفه وقال ساخرا :
-تعيش وتاخد غيرها يا كيمو
ضحك الأثنان بينما نظر كريم إليهم باستخفاف ثم ضرب الطاولة بقبضة يده مجددا بينما جلس إيهاب على مقعد بينهم وكريم يقول بتأكيد :
-من الأخر كده مش هروح من غير بالفلوس
قال فريد ساخرا :
-هتلعب على هدومك ولا أي ؟
ثم اخذ نفس من السيجارة وكريم يضحك ضحكه ساخرة وقال :
-لاء يا ظريف ..
ثم استند بمرفقيه إلى الطاولة وتابع بجديه :
-في واحده زميلتي في الكلية معجب بيها .. جميلة شكلا وجسما وكمان من عيلة كبيره وغنيه .. هلعب عليها لو كسبت يا فريد أنت تاخدها وتديني فلوسي لو أنا اللي كسبت يبقى مليش نصيب اخد فلوسي
نظر فريد و إيهاب إلى بعضهم البعض في دهشة ثم نظر إيهاب إلى كريم بنفس الدهشة متسائلا :
-أنت اتجننت ولا اي ؟!..
- باين عليه سكرات يا إيهاب
أومأ كريم برأسه مؤكدا على حديثه :
-ابدا أنا فايق جدا .. هعرفك عليها يا فريد وبعد كده أنت وشطارتك
استند فريد بظهره إلى المقعد شاردا في حديثه قائلا :
-طب لو طلعت شريفه
قال كريم ببساطة :
-يبقى حظك نحس وتسبها .. ها هتلعب عليها ؟
حك فريد ذقنه ثم ابتسم بخفة وقال :
-ما طبيعي هتخسر نفسك عشان تاخد الفلوس
تناول كريم الهاتف وبحث على اميل ديما ثم فتح صورة لها ثم وضع الهاتف أمام فريد ، نظر فريد إلى صورة ديما أعجب بها وبشكلها ثم نظر إلى كريم وحرك رأسه موافقا ، فقال كريم :
-تمام وأنا هلعب معاك بجد
******
باك ..
نهض فريد يتجول في الغرفة وديما تبكي بحرقه على حالها وهو يقول ببرود :
-لعبت وكسبتك .. بس طلعتي شريفه .. أنا بقى قلت مش لازم اسبها ممكن استفاد منك بعد كده
نظرت ديما إليه باستحقار وصاحت به بانهيار :
-حقير أنت وكريم .. وأنا اكيد مش هسكت وهعرف أخد حقي منكم ..أنا عندي أهل
ارتفع إحدى حاجبيه بسخريه ثم أقترب منها ليقبض على شعرها بقوه فشعرت بألم ولكن لن تبوح به حتى لا تكن ضعيفة أمامه وهو يقول بغضب :
-مش هتقدري تتكلمي .. امك عاجزة و اي خبر كده ولا كده هيجيب أجلها .. بمعني اني ممكن اقولها مثلا بنتك جبتلك العار واكتشفت ده بعد الجواز
ترك شعرها بدفع رأسها للخلف وتابع بغل :
-او مثلا لو أنتِ اطلقتي تاني يوم جواز على طول يا ترى اي اللي يحصل ؟!..
صاحت ديما بانهيار :
-امال عايزني معاك ليه ؟!
فرض فريد ذراعيه بابتسامه قائلا :
-عشان حاجات كتير .. كل رجل اعمال لازم يكون معا زوجه حلوة وجميلة
ثم نهض واقفا فنظرت إليه بعدسة عيناها بينما القى عليها نظره أخيرة وخرج من الغرفة مغلقا الباب خلفه ، جلست وحدها تبكي بقهر وقلبها قد أصيب بلعنة الحب الأبدية ، لم تصدق حتى الأن أن هذا فريد الذي عشقته وسلمت لها قلبها وحياتها ، تشعر الان بالإهانة لم تقدر على الحديث من أجل والدتها رفعت رأسها للأعلى تبكي حتى شقت دموعها طريقها من بداية عيناها ثم وجنتيها ثم انفها إلى عنقها وتشهق شهقات البكاء المؤلمة التي تكاد أن توقف القلب عن النبض وتصعد روحها للخالق الرحيم عليها عن والديها ، تنهدت تنهدات متقاطعة كادت أن تنتزع روحها ولكن هديت ديما قليلا وأخذت شهيقا قويا وزفرته بهدوء ثم نهضت واقفه وهي تتكأ على الفراش ..
ثم نظرت إلى الفستان الأبيض الذي تتمنى كل بنت أن ترتدي مثله وهي كانت مثل البنات لم تكن تعلم ان هذا سيحدث لها ، دموعها الكثيرة نزعت القليل من الكريم الذي يوحد لون البشرى وظهرت علامات البهاق على وجهها ، ثم رفعت يديها لتضعها على مقدمة ظهرها محاوله سحب سحابة الفستان ولكن لم تنجح حاولت حتى شعرت بألم في ذراعها واستسلمت ثم جلست على حافة الفراش ، قامت بمسح دموعها بظهر يدها ومددت على الفراش بالفستان ثم ضمت وسادة بيضاء صغيره إلى صدرها تشكي لها همها ثم غمضت عيناها لتجد نفسها تذهب إلى النوم ..
جسد فتاة جميلة نائم ولكن قلبها يتمزق ..
عندما نختار الشخص الخطأ نعاتب انفسنا ونلوم قلبنا ولكن الذي يستحق المعاتبة هي الحياة التي جعلت شخص كهذا قاسيا ، فاللوم ليس علينا بل على الحياة والمجتمع الذي يجعل الأنسان فاسدا ..
.........يتبع


تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close