اخر الروايات

رواية قلوب قاسية كاملة بقلم يمني عبدالمنعم

 رواية قلوب قاسية كاملة بقلم يمني عبدالمنعم




أحياناً كثيرة نتحول من أشخاص مسالمين يملكون قلوبٌ طيبة مملوءةٌ بالحب والحنان إلى أشخاص قاسية قلوبهم وهذا من خلال ما تعانيه هذه القلوب من مواقف عديدة تمر بها عبر مراحل العمر.


في الماضي منذ الطفولة إلى مرحلة المراهقة إلى الشباب، فكل مرحلةٍ عمرية تؤثر في نفوسنا بدرجةٍ كبيرة، لا نعرف أحياناً كثيرة من نكون، ولا ندري لماذا نتصرف بمنتهى هذه القسوة مع من حولنا.

فهذه الحياة هي أحد أسباب هذا التحول الغريب الذي يحدث لمعظمنا... بمجرد أن يجد أشخاص حوله يعاملونه بطريقةٍ سلبية ومؤذية، تؤثر بالسلب على نفسيته فتتدمر بتلقائيةٍ كبيرة.

فيجد نفسه إنساناً آخر يعامل من حوله بمنتهى الغلظة والجفاء لا يعيرهم أدنى اهتمام كأبطال حكايتنا هذه.

 فبطلنا آدم رجل الأعمال الشاب... شخصٌ قاسي القلب لا يعرف الرحمة أو الشفقة....على من حوله وبالتالي ينعكس ذلك بالسلب في طريقة معاملته مع أقرب الأقربين له... فيعاملهم بنفس هذه الحدة والجفاء.

ولا يعير أو يهتم لأي أحدٍ ممن حوله، ويمضي في طريقه وحيداً دون إناس يحبهم ويحبونه، حتى من حوله يطيعونه خشيةٍ من بطشه وليس حُباً فيه.

إن حياته الماضية هي من جعلته إنسانٌ صارم في كل تعاملاته سواء في عمله أو حياته الخاصة مع المقربين لديه.

فماضيه سيء للغاية لا يحب تذكره وعلى الأتيان على ذكره في نفسه حتى ولا يجرؤ أي شخص مقرب لديه أن يذكره أمامه وإلا سيجد عقوبةٍ خاصةٍ به.

وبالمثل أيضاً مع بطلتنا حبيبة التي تعمل طبيبةً بقسم الجراحة العامة والتجميل في أحد المستشفيات الخاصة.

والتي تجد نفسها قد تغيرت كثيراً بتلقائية شديدة... عن فيما مضى رغماً عنها.... من ظروفٍ قاسية قد مرت بها في الماضي فأثر ذلك بالسلب على شخصيتها، جعلتها إنسانةٍ أخرى لا تعرف نفسها أو من تكون. 

حتى في أسلوبها في التعامل مع من يعملون معها بالمشفى أو المحيطين بها في حياتها الخاصة.... تتعامل معهم بمنتهى الجفاء معظم الوقت... وأحياناً أيضاً تجد لسانها يقسو بالحديث إلى المقربين لديها رغماً عنها.

ومن حين إلى آخر تلوم نفسها على هذا التغيير السلبي الذي طرأ عليها، يدفعها مراتٌ عديدة إلى البكاء على نفسها و ما آل إليه حالها الآن.

الذي يبدو أنه لا يبشر بالخير أبداً رغم إلتزامها الشديد في كافة أمور دينها ودنياها وارتداؤها النقاب طاعةً تتقرب بها إلى ربها عز وجل.

والتي تحاول مع الأخذ بنفسها كثيراً على العمل به معظم الوقت لرضاء ربها أولاً ثم عشقها لهذه الثياب المحتشمة التي ترتديها دائماً.

والتي تدعو ربها كثيراً بأن يُثبتها على طاعته وحُسن عبادته سواء في أثناء صلاتها لفروضها الخمس أو صلاة السنة المصحوبة مع صلوات الفرض.

والتي تدعو في السجود كثيراً ربها بأن يتقبل منها صالح الأعمال، غير استيقاظها من النوم في الثلث الأخير من الليل... قبيل الفجر لصلاة قيام الليل.

التي تشعرها بسعادةُ داخليةُ  كبيرة عندما تصليها مهما كانت متعبة تجد نفسها ترغب دائماً في صلاتها... تتقرب بها إلى الله كثيراً بها.

وسنعرف حكايتهم تلك بالتفصيل مع حكاياتٌ أخرى كثيرة أخطها بقلمي أثناء كتابتي عن هؤلاء الأشخاص وماذا حدث لهم في الماضي جعلهم قساة القلوب هكذا..... وهل ستتغير هذه القلوب أم لا. 

في الصباح الباكر وقفت حبيبة في غرفتها أمام مرآتها ترتدي ثيابها السوداء كلها المحتشمة مرتدية فوقهما النقاب أيضاً.... كي تذهب لعملها بالمشفى.

خلال ذلك دخلت شقيقتها الصغرى والوحيدة ندى... عليها في غرفتها دون أن تطرق عليها الباب على غيرعادتها تقول لها بضيق: خلاص لسه مصممه ترفضي مقابلة العريس بكرة.

تأففت حبيبة لتدخل أختها بالأمر، شاعرةً بالضيق قائلة لها بجفاء: ندى من فضلك… مش عايزه افتكر الموضوع ده…. وسبق واتكلمنا فيه قبل كده كذا مرة.

تنهدت ندى بنفس ضيق شقيقتها قائلة بتساؤل: لامتى  يعني هتفضلي كده…. ها قوليلي لامتى هتفضلي مش فاكرة غير ممدوح وبس.

تجمدت نظراتها على وجه شقيقتها غير متوقعة رد فعلها بهذا الشكل على شيء خاص بها، فأحست بالاختناق والتوتر يعتريها على اتيانها سيرته الآن.

قائلة لها بغلظة: ندى أنا مش طايقه نفسي وتاني مرة متجبيش سيرته قدامي أبداً فاهمة.

تطلعت إليها بحدة قائلة لها بتحدي: لأ هجيب يا دكتورة حبيبه لان بسببه كل ده بيحصل مش كده.

رمقتها بنظراتٍ غاضبة ولم تجيب على تساؤلها…. ثم انحنت لأخذ حقيبتها تاركةً لها الحجرة والمنزل بأكمله.

وصلت إلى المشفى…. وهي تشعر بالفراغ داخل قلبها متأثرة بحديث ندى، تحاول كبح أفكار الماضي التي بدأت تتسلل إلى عقلها بمجرد إتيان أختها على سيرة الأمر.

طرقت الممرضة عليها باب غرفة مكتبها تقول من وراءه: دكتورة حبيبة…. في حالتين برة مستعجلين… ومنهم حالة بنجهزها علشان العمليات.

نهضت من مكانها... وهي تفتح الباب قائلة لها بجدية:تمام دخلي الحالة الأولى أكشف عليها والحالة التانية جهزوها لغاية ما آجي.

بالفعل فحصت الحالة الأولى وكانت إمرأة وكتبت لها العلاج المناسب…. ثم غادرت الغرفة.

وقفت حبيبة تجهز نفسها للذهاب لغرفة التعقيم قبل ذهابها إلى الحالة التي بغرفة العمليات.

تناولت نقابها بين كفيها لترتديه…. فجأة فُتح عليها الباب على مصراعيه دون أن يطرق صاحبه عليه، فأولت ظهرها للباب على الفور بتلقائية.

فُزعت من هذا الشخص الغاشم الذي تجرأ عليها وفعل ذلك دون أدنى احترام لخصوصيتها كاطبيبة.

قائلاً لها بغضب: ممكن أعرف قاعدة عندك بتعملي إيه لغاية دلوقتي والمريض جوه في اوضة العمليات.

حاولت حبيبة امساك أعصابها جيداً من الصدمة التي تلقتها للتو قائلة بتوتر: حضرتك أنا بجهزأهوه ورايحه.

قطب حاجبيه بحدة شديدة قائلاً بانفعال: طب مستنيه إيه ما تروحي ،ولا منتظره اني أبوس على إيد سيادتك علشان تشوفي شغلك.

 تنهدت بضيق مصحوب بالحدة والاضطراب لما يحدث خلفها، فقد كانت تريد ارتداء نقابها لتتابع عملها…. لكن كيف سترتديه الآن وهو يقف هكذا يتابعها.

كاد أن يقترب منها بغضب عارم…. لكنها باغتته بضيق قائلة: تقدر أوي تطلع بره وأنا هاجي وراك.

زفر آدم بحرارة وعصبية قائلاً لها بتحدي: منيش خارج إلا لما تمشي قدامي الأول.

قطبت حاجبيها بصدمةٍ قوية من ذلك الشخص المتسلط قائلة له بحنق: طب من فضلك لازم تخرج قبلي لان مش هينفع أطلع قبليك.

احتقن وجه آدم قائلاً لها بانفعال: لا ده انتِ شكلك دكتورة عقلها طاقق وأنا مش هسكت على المهزلة دي.

غادر  الغرفة بعد جملته الأخيرة بغضبٍ وانفعال…. زفرت حبيبة  بارتياح بعد انصرافه وبسرعة ارتدت نقابها…. وأسرعت باللحاق نحو غرفة التعقيم استعداداً منها للدخول إلى حجرة العمليات.

وصلت حبيبة إلى غرفة العمليات وكادت أن تفتح بابها…. لكنها بوغتت بمن يمنعها عن الدخول إليها قائلاً لها بصرامة: دكتورة حبيبة دكتور شاكر هوه اللي بيعمل العملية جوه وانتِ متحولة للتحقيق.

بُهتت حبيبة وتوقفت مكانها دون حراك…. غير مستوعبة ما يحدث معها من هذا التعسف الظالم لها …. جاءت لتتحدث تركها وانصرف.

جاءت صديقتها الطبيبة منال المناوبة معها في نفس المشفى في نفس التوقيت…. تركض ناحيتها بسرعة.

 قائلة لها باستفسار: إيه اللي حصل يا حبيبة، والمدير ماله كده قالب المستشفى كلها ليه النهاردة ها….!!!

زفرت بضيق قائلة لها بيأس: مش عارفه يا منال…. مش عارفه…. أنا تعبت واتخنقت… ومش ناقصة مشاكل في حياتي أكتر من كده.

تعاطفت معها صديقتها قائلة بحنان: طب تعالي معايا نقعد في مكتبي ونتكلم.

هزت رأسها رافضة قائلة لها بحنق: مليش نفس…. أنا هروح البيت…. سلام.

انصرفت من أمامها تحت عينيها المصدومتين قائلة بخفوت: يا ترى إيه حصل معاكِ تاني…. اكتر من اللي انتِ فيه.

جلس آدم على المقعد وهو يضع قدمٍ فوق الأخرى قائلاً بغضب: أنا بقى هعرفها مقامها كويس الست هانم دي.

فقال له شاكر بحذر: خلاص بقى يا آدم اعتبر الموضوع انتهى وأهي اتحولت خلاص للتحقيق…

قاطعه بعصبية قائلاً: لا طبعاً ما انتهاش عندي هيه حياة المريض سهل أوي كده عندها…. أنا مش هرتاح إلا لما أعلمها الأدب فاهم.

غادر المكتب بانفعال وهب شاكر هو الآخر ليلحق به ولم يجده.

قائلاً بضيق: ربنا يستر والموضوع ده يعدي على خير.

قالت له الممرضة باحترام: الدكتورة حبيبة مشيت يا آدم بيه.

قطب حاجبيه بغضب…. ثم نظر إلى كمال مدير المشفى الذي تبدل لون وجهه في الحال قائلاً له بتوتر: متقلقش يا آدم بيه كله هيبقى تمام.

ضرب على المكتب أمامه بقبضته العنيفة قائلاً له بغضب: منيش ههدى غير لما أوريها ازاي تشوف شغلها كويس…. وانا بقى هتابع التحقيق بنفسي معاها.

تنهد الرجل بقلق قائلاً له بهدوء مفتعل: أنا موافق بس أرجوك مش عايز شوشرة كتيرة…. علشان المستشفى ما يتخدش فكرة عنها مش كويسة.

زفر بحرارة قائلاً بحدة واستهزاء: ازاي يعني….. يعني عايزني أسكت وأنا بشوف مهزلة بتحصل قدامي.

أخذ كمال نفساً عميقاً قائلاً بارتباك: منا قلتلك الموضوع خلاص بقى في ايدينا…. واتوقفت عن العمل لغاية ما يتم التحقيق معاها.

ضم قبضته بقوة قائلاً بتهديد: طب لما أشوف يا كده يا إما هطربقها فوق نافوخكم واحد واحد وهاقفلكم المستشفى خالص فاهم.

تصبب جبين الرجل بالعرق على الفور من تهديد آدم المباشر والصريح له…. يخشى بالفعل مما سيفعله إذا لم يتم ما يريده.

دخل آدم على شقيقه الأصغر الذي قد غادر غرفة العمليات منذ قليل.

وجده مازال نائماً من تأثير المخدر، جلس بجواره يتأمله بحنان…. فهو بمثابة أبيه وليس شقيقه فقط فقد تولى رعايته منذ الصغر.

فقد توفيّ والدهما وهم في سنٍ صغير مثل الزهور عندما تتفتح ورغم ذلك استطاع آدم الاعتناء به جيداً.

على الرغم أيضاً من صراعه الكبير مع أقربائه والحقد الذي يملىء قلوبهم…. من غيرةٍ وحسد لما يملكه من أموال…. حتى أن عمه طلب الزواج من والدته طمعاً في إرثها…. ورغم ذلك وافقت على الزواج.

لقد كانت صغيرة السن حين ذاك ولم تستطع التفريق بين الطمع والجشع…. والحب فقد كذب عليها بمشاعره المزيفه نحوها.

مما جعلها تثق به وتفعل ما يمليه عليها بصدر رحب إلى أن جاء يوم اكتشفت خيانته لها…. وشاهدته بصحبة إحدى الفتيات.

صُعقت في هذه اللحظة من كثرة صدمتها، من زوج كاذب خائن.

لم تبكي في وقتها إنما تجمدت الدموع في عينيها كأنها أبت أن تهزم في هذه اللحظة…. وشاهدت زجاجه من الزجاج  الموضوع على طاولة متوسطة الحجم بالقرب منها، فألقتها نحوهم بكل قوتها فأتت به وأصابت وجهه بقوة.

أفاق آدم من شروده هذا على صوت تأوهات أخيه قائلاً بتعب: تعبان…. تعبان أوي.

انحنى آدم نحوه بكل لهفته عليه قائلاً له بجزع: إيه اللي تعبك…. يا يوسف.

لم يستطيع النطق من شدة ألمه فأشار على بطنه ففهم آدم ما يريد قوله.

تنهد قائلا له بعطف: متقلقش يا حبيبي أنا هنادي للممرضة بسرعة…. ضغط على زر بجوار فراش أخيه.

أتت بعدها وحقنته بمسكن ليقاوم تعب جسده…. تجهم وجه أخيه بغضب قائلاً لنفسه: منيش سايب اللي عملوا فيك كده يا يوسف.

اطمئن على شقيقه بعد ذلك وغادر الغرفة فوجد والدته في وجهه تبكي.

زاد تجهم وجهه عند رؤيتها قائلاً لها بحدة: ممكن تقوليلي إيه اللي جابك هنا.

اقتربت منه قائلة ببكاء: جايه أشوف يوسف ابني واطمن عل….. لم يجعلها آدم تستكمل كلماتها إنما قاطعها بحدة قائلاً لها بقسوة: انسي ان ليكِ ابن اسمه يوسف.

جزعت الأم لما تستمع إليه من ولدها الأكبر… فزاد انهمار دموعها بشدة قائلة له بصوتٍ منتحب: لا يابني أرجوك متقولش كده، عقد حاجبيه بشدة قائلاً لها بلهجة ساخطة: مقولش كده ليه مش دي الحقيقة… يا ست هانم. 

اعتصر الألم قلبها من طريقة... تعامله الجاف والقاسي معها قائلة له برجاء: آدم أرجوك…. تأملها بغضب قائلاً لها بصرامة: اسمي آدم بيه،  ويالا اتفضلي من هنا مش عايز أشوفك تاني…. وتنسينا خالص مفهوم.

أغمضت عينيها بألم شديد… غير مستوعبه أن كل هذا يحدث من ولدها الأكبر قائلة له بتوسل: أرجوك طب أشوفه مره واحده بس وبعد كده مش هتشوفني تاني.

رأى آدم أحد رجال الأمن وهو يقف بالقرب منهم فقال له بلهجة آمرة: ساعد المدام على الوصول للباب.

قالها ثم غادر عائداً لشقيقه في حجرته، رن هاتفه فقطب حاجبيه قائلاً لنفسه: مش هرد علشان تخلي عندك دم ومتتصليش تاني.

وقفت حبيبة  تنظر من نافذة حجرتها إلى الخارج…. شاردة الذهن تتنهد بحزن ويأس فيما يحدث معها هذه الفترة من حزن متضاعف.

أخذت نفساً عميقاً…. ثم نزلت دمعة هاربة من عينيها عندما تراءى أمامها شبح ممدوح من جديد وما فعله بها منذ سنة كاملة.

وها هي تحاول أن تنسى ولكن ليس بالأمر السهل عليها أن تنساه.

ابتعدت عن النافذة عندما شعرت بوجود شقيقتها تقول لها بهدوء: حبيبة…. بابا عايز يتكلم معاكِ.

استغربت حبيبة قائلة لها: في حاجه ولا إيه يا ندى…. هزت كتفيها بعدم معرفة قائلة لها: مش عارفة بابا اللي بلغني ومقليش عايزك ليه.

تنهدت قائلة لها باستسلام: خلاص قوليله جايه دلوقتي، بعد قليل كانت تجلس بجوار والدها…  وتساؤلات عديدة تراودها.

ابتسم والدها قائلاً بحنان : تلائيكي بتسألي نفسك أنا عايزك ليه…. مش كده.

حدقت به بخجل قائلة له بتردد: فعلاً يا بابا…. تنهد الأب قائلاً لها بهدوء: حبيبتي أنا عايز اتكلم معاكِ بهدوء كده لمصلحتك بردو.

تأملته بمزيد من التساؤلات التي تتزاحم بداخلها، فابتسم والدها متفهماً لها مردفاً بقوله: شوفي يا بنتي أنا عايز أطمن عليكِ قبل ما أموت… قاطعته حبيبة قائلة له: متقولش كده يا بابا ربنا يحفظك لينا.

فقال لها بجدية: مش دي الحقيقةيا حبيبة… علشان كده عايز أجوزك انتِ واختك واطمن عليكم قبل ما يحصل معايا أي حاجه.

تنهدت قائلة له بهدوء ظاهري: بس أنا كده كويسة ومشتكتش من أي حاجه.

تأملها بحنان قائلاً لها بحب: يابنتي هوه انتِ لازم تشتكي… انتي بنتي وانا أبوكِ اللي مربيكي وفهمك وعارفك كويس.

أمسكت بيده قائلة بحب: اطمن يا بابا أنا كده كويسة أوي ومش محتاجه اني اتجوز كفاية اني عايشة معاك ومع ماما.

زفر بحرارة قائلاً بإصرار: يا بنتي احنا مش دايمين ليكِ ولا لاختك….وابن خالتك اتقدم ليكِ أكتر من مرة وانتِ بترفضي بردو رغم ان خالد شاب كويس جداً ومهندس ميتعيبش وأي بنت تتمناه.

نهضت من جواره قائلةً له بحسم: أي بنت لكن مش أنا يا بابا…. أنا عارفه ان خالد شاب محترم بس مش أنا اللي يستحقها…. أنا خلاص طلعت فكرة الجواز من دماغي خالص…. وهنتبه لشغلي وبس.

جاء ليتحدث رجته قائلة: بابا سامحني أرجوك ده رأيي الأخير في الموضوع ده….. وأرجوكم بقى كفاية كلام في الموضوع ده تاني مرة.

استمعت والدتها لعبارتها الأخيرة تلك فقطبت حاجبيها بتساؤل وولجت للداخل…. فتركتهم حبيبة وغادرت الحجرة.

جلست في حجرتها على طرف فراشها…. تنتحب على حظها العاثر الذي جعلها تتعلق بشخص ألقى بها من أحلامها الوردية التي بنتها معه في خيالها وأيقظها هو إلى أرض الواقع وبمثل هذه القسوة العارمة.

تمددت في فراشها كي تحاول النوم وتهرب من تفكيرها به…. في الصباح الباكر استيقظت على صوت طرقات على الباب.

أيقظتها ندى تقول: دكتورة حبيبة إيه مش ناوية تروحي الشغل.

تثاءبت حبيبة قائلة لها: لأ مش رايحة سيبيني أنام…. اندهشت أختها قائلة بتساؤل: ليه مش هتروحي المستشفى.

تأففت حبيبة قائلة لها بنعاس: سيبك من السبب دلوقتي أنا محتاجه أنام… يالا خليكي جدعة كده واقفلي النور علشان أكمل نوم.

فعلت ما طلبته منها والدهشة تزداد بداخلها، كانت والدتها تضع طعام الإفطار على المائدة فقالت لندى بتساؤل: ها صحيتي أختك علشان تفطر وتروح شغلها.

جلست ندى على المائدة قائلة لها: لأ يا ماما حبيبة مش رائحة النهاردة المستشفى.

ذهلت الأم قائلة لها: ليه بس كده…. هزت كتفيها بصمت دليل على عدم معرفتها السبب…. فقالت لها بضيق: ربنا يستر من تصرفاتها اليومين دول.

صمتت الأم وهي لا تعرف ماذا عليها أن تفعل معها…. جاء زوجها قائلاً لهم: صباح الخير…. مالكم كده على الصبح مكشرين ليه.

تنهدت زوجته قائلة له: بنتك تصرفاتها مش مريحاني يا مصطفى.

صمت برهةً وقال لها بهدوء: سيبيها يا منيرة على راحتها…. هيه عارفه مصلحتها فين.

تجهم وجهها قائلة له باعتراض: لا مش عارفه…. وانت لازم تتكلم معاها بحسم أكتر من كده.

زفر بضيق قائلاً لها بحدة: يعني إيه الكلام ده…. عايزاني مثلاً أجوزها بالعافية لخالد علشان حضرتك ترتاحي.

كادت أن تجيبه… لكن سعال ندى المفاجىء جعلهم يصمتون.

تناولت والدتها كوب ماء من جوارها… وناولتها إياه… ارتشفت القليل منه ثم قالت لهم بتوتر: عن إذنكم عندي محاضرتين مهمين النهاردة الصبح.

فقالت لها والدتها قائلة: طب مش تفطري كويس قبل ما تروحي الكلية…. هزت رأسها قائلة لها بسرعة: خلاص شبعت يا ماما…. عن إذنكم.

تناولت حقيبتها مغادرة المنزل على عجل من أمرها…. والتي ما أن تركته حتى وقفت بأسفل درج البيت في الطابق الأرضي…. ملتصقةً بالحائط خلفها…. غير قادرة على منع دموعها أكثر من ذلك.

يتبع..


تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close