رواية ابجدية الخيانة كاملة بقلم سهير محمد
قبل كل شي صلوا على النبى
********
الفصل الأول
" الساعة التاسعة صباحا "
الحياة صعبة بمفرداتها ومعاجمها وقواميسها. نعيش فيها بأعجوبة ، ونتعامل معها بهدوء ، أو بمعنى أصح نتحداها
وأنا اعتدت التحدى ، وعشت فيه .أنا منكم وأنتم منى . بشبه بعضكم فى الملامح والتفاصيل . يمكن حكايتى فيها من حكايتك . يمكن تجربتى مرت عليك . وحزنى عشت فى من قبلى. أكيد تشبهنى لو أختلفنا فى الملامح هنتفق فى التفاصيل والحكاية.
" تصف سيارة فانتوم سيريتنى ( أمام أكبر صرح تجارى فى الوطن العربي" مجموعة شركات السيوفى للتصاميم الهندسية والإنشاءات المعمارية") وورائها سيارة اخرى تصف ايضا امام الشركة ... محملة بالحرس الشخصين
ينزل شاب فى عجالة من أمره . يجلس بجوار السائق " ضخم الجسم والهيئة مرتدى نظارة سوادء ، واضع خلف أذنه سماعة " يتتبع بها خطوات الطريق ، عن طريق السيارة الاخرى المحملة بالحرس الشخصين ... يفتح الباب الخلفى للسيارة... تنزل منه فتاة فى مقتبل الشباب ونضرته " مرتدية بدلة سوداء أنيقة وتعتلى حذاء فخم باللون الأحمر ،تعقد خصلات شعرها الذهبي المخلوط بالأسود للخلف ، و تكمل إطلالتها بنظارة شمسية سوداء كبيرة الحجم ؛ تخفى ملامح وجهها الرقيق "
تدلف داخل الصرح الضخم بقوة وثبات وتعالى ، وورائها حارسها الشخصي ... يقبل عليها أمن الشركة ، ويستقبلها بحفاوة وترحاب ، وردها المعتاد عليه . تهز رأسها بتعالى ، ولا تلتفت له ... ينحى جميع موظفى الشركة بالصمت التام لها ؛ فهم يخشون صوتها العالى وعدم إحترامها للغير والتقليل من شان الآخرين ،فهى لا يعنى لها الصلات الاجتماعية ولا الفوارق العمرية كل ما يهما " العمل " عند دخولها تدب حالة نشاط تامة فى الشركة ، وأصوات التهريج والتقصير فى العمل تصمت تماما ... فهى عن الجبروت والقوة تتحدث ... تدلف داخل مصعد الشركة بدون حارسها الشخصي . فهو ظلها بالخارج . لكن هنا . هى حماية نفسها ... يأخذ جميع موظفى الشركة أنفسهم . التى قبضت عند دخولها ... ويبدأوا بالغمز واللمز عليها وعلى الملابس التى ترتديها (التى تشبه ملابس الرجال إلى حدا كبير) تصل الطابق الثالث( يضم عشرون مكتب لمهندسى التصاميم المعمارية تترواح أعمارهم ما بين الثلاثين والخمسين . الفارق بينهم الخبرة لا أكثر ) يفتح باب المصعد تدلف منه ... تنعطف يسارا متابعة طريقها بنفس الملامح ' القوة والثبات والنظرات الثابتة فى اتجاه مكتبها لاتحيد يمينا أو يسارا.
انعطفت يمينا ... رأتها أمامها ... هبت واقفة من على مقعد مكتبها . والقت عليها تحية الصباح المعتادة ، وكالعادة لا يوجد منها جواب (سوسن الدسوقى السكرتيرة الشخصية لرئيس مجلس الادارة تبلغ من العمر الثلاثين "عزباء تتميز بالجمال البسيط وتزيده بمساحيق التجميل.ملابسها لا تشبه المكان الذي تعمل فيه فهى تبرز أكثر ما تخفى)
دلفت الى مكتبها (الواسع الأنيق الذي يتميز بالرقى والفخامة . توجد أريكتين كبيرتين باللون الأسود ، يفصل بينهما منضدة صغيرة عليها باقة من الزهور الأنيقة )والجدران مطلية بالأبيض) خلعت نظارتها الشمسية ، لفت نظرها باقة من الورود البيضاء موضوعة على مكتبها ،خلعت حقيبتها السوداء من على كتفها ووضعتها على الأريكة .جلست على معقد مكتب رئيس مجلس الادارة (فريدة السيوفى تبلغ من العمر السادسة والعشرين " تتميز بالجمال الهادئ والملامح الطفولية صاحبة العيون العسلية وخصلات الشعر الذهبى خريجة أعرق جامعة فى لوس انجلوس" إدراة أعمال" عن العند تتحدث عند التحدي تتحدث عن الكبرياء الغرور القوة الجبروت ...الخ
سيدة أعمال من الدرجة الأولى. رقم صعب يستهان به فى السوق المصري. كارهة للرجل حد الجنون فتعتبره نكرة مستحيل وضعه فى جملة مفيدة لا أكثر ) .
" سحبت الكارت
وقرأت بفضول.
أنتى الجمال الذى تحدث عن نفسه.
أنتى الأمان الذي أبحث عنه.
أنتى الروح التى تسكننى.
أنتى الهواء الذى أتنفسه
ثم تابعت باستهزاء . أنتى الحرية التى أبحث عنها انتى ...الخ . وبعد ان انتهت من سخريتها واستهزائها. مزقت الكارت بعصبية وجعلته قطع متفرقة ، والقت به فى السلة التى تحت أقدامها بمنتهى البرود
ضغطت على زر المكتب
_ قائلة بأمر .سوسن . حالا تكونى عندى .
فى أقل من الثانية حملت كتيب جدول مواعيد أعمالها ودلفت اليها .
_قائلة بتوتر . أوامرك يا مس فريدة .
_ فريدة بامر. شيلى الزبالة من على المكتب .
_ زبالة اى حضرتك . قالتها بعدم فهم وهى تلتفت ورائها وأمامها بعينيها لتجد شيئا يدفعها لذلك الكلام . فلم تجد شيئ فالمكتب مرتب ومنظم ونظيف.
فريدة بنفاذ صبر من غبائها
_ قائلة بضيق .أنا اقصد الورد.
_ الورد حد يرمى ده فى الزبالة دى .قالتها سوسن بإعجاب وهى تنظر إلى باقة الزهور .ثم تابعت بدهشة. حتى الور...........
قاطعتها بجديتها المعهودة
_ قائلة بغرور وتقليل منها . انا ما باخدش رأيك . أنا بأمرك وأنتى تنفذي بدون كلام ... أومات برأسها حزنا وحملت الباقة سريعا. ثم تابعت باستفهام . عندنا اى النهاردة ؟
ابتلغت غصة كلامتهاا ووقاحتها ، ووضعت الباقة على المكتب مرة أخرى ، و فتحت الكتيب الصغير 'تملى عليها جدول أعمالها '
_ قائلة بابتسامة مزيفة عكس الحزن والضيق الذى بداخلها .اجتماع مع الأستاذ عبد الموجود والباشا مهندس محمد مكرم.
أومأت برأسها ايجابا
_ثم تابعت بحدة .ناقص حاجة تانى.
_قهوة حضرتك هتكون على مكتبك خلال ثوانى . قالتها وهى تحمل الباقة وتدلف من أمامها سريعا .
خرجت تنفخ نارا من سلاطة لسانها وعدم احترامها لها .
ألقت الباقة كما أمرتها فى السلة.
_بتعملى اى استنى فى حد يرمى الورد فى الزبالة.
_سوسن بكره . فريدة السيوفى.
_ باستفسار. هو جبلها ورد تانى.
_ سوسن بضيق .اه . ثم تابعت باستغراب. اموت واعرف بيحبها على ايه
ببتى دى مصالح
_لا يا اختى . دى بيعشقها وبيموت فى التراب اللى بتمشي على
_ باستفهام. انتى اى اللى عرفك ؟
_ريم . عارفة لو مس فريدة شافتنا بنتكلم عليها . هتعمل اى ؟
( ريم أحد موظفى الشركة معروف عنها الثرثرة وتناقل الاخبار والاستفسار عن الاخرين ومعرفة أحوالهم . فريدة السيوفى بالنسبة لها كابوس لا تريد أن يروادها 'متزوجة من خمس سنوات وعندها ابن اسمه عبد الله)
_قائلة برعب. هتكون نهايتنا النهاردة فى الشركة.
_روحى بقى على شغلك قبل ما تشوفنا
_ على رأيك هو انا ناقصة خصم تانى . أخر مرة اتخصم مرتبى كله . قالتها ريم بذعر ودلفت من امامها سريعا . تقريبا ركضت ، ففريدة السيوفى ملكة فى إحتقار البشر . فلا داعى ان تهان اليوم ... جلست تزفر فى ضيق وحنق ، والحزن يخيم على قلبها منها . وتسال نفسها مليون سؤال . إلى متى تستطيع تحملها و تحمل قلة أدبها وسلاطة لسانها والتقليل دائما من شأنها ... قديما كانت تشعر بالراحة مع والدها حسين السيوفى الذى مرض وترك العمل لها ، فهو "يتميز بطيبة القلب وسماحة الوجه والمعاملة الرقيقة الناعمة ، أما هى على النقيض تماما . وعلى رأى المثل يخلق من ظهر العالم فاسد ".
الثاني من هنا