اخر الروايات

رواية لعنة العشق الاسود الفصل السابع 7 كاملة بقلم سارة علي

رواية لعنة العشق الاسود الفصل السابع 7 كاملة بقلم سارة علي

الفصل السابع

أمام احدى المستشفيات الخاصة أوقف مالك سيارته لتفتح غرام الباب الجانبي للسيارة و تهبط بسرعة منها متجهة الى داخل المشفى ...
هبط مالك بدوره من السيارة ولحق بها ليجدها تسأل موظفة الإستعلامات عن مكان والدتها فتخبرها الممرضة أنها في غرفة العناية المشددة ... تستدير غرام الى الخلف فتجد مالك أمامها ينظر لها بشفقة بينما ثم يهتف بها :
" مش هتروحي تشوفيها ...؟!"
كانت واقفة في مكانها تطالعه بملامح منكسرة مذعورة ، خوفها على والدتها واضح عليها للغاية ...
هي لن تتحمل خسارتها ابدا...
" غرام ..."
ناداها مالك أخيرا ليتفاجئ بها تمسك يده وهي تضع كف يدها الأخر على جبينها ليسألها بقلق شديد :
" انتِ كويسة ...؟!"
ضغطت على أعصابها بقوة كي لا تفقد وعيها ثم قالت وهي تربت على شعرها بخفة :
" انا بخير ... بس دخت فجأة ... لازم أروح اشوف ماما ..."
ركضت مسرعة نحو المصعد الجانبي ليتبعها مالك فيركبا المصعد سويا ...
ألقت غرام نظرة جانبيه عليه وقالت بلهجة باردة :
" ملوش لزوم تجي معايا ... هيعرفوا اني كنت معاك ..."
رد عليها بلا مبالاة :
" ميعرفوا... هو أنا هخاف منهم ... ولا إنتي خايفة عمرو يزعل ..."
قال كلماته الأخيرة بنبرة ذات مغزى لتبتلع ريقها وهي تنظر إليه بحيرة ... هل يغار عليها ...؟!
أبعدت تلك الأفكار من رأسها وهي تؤنب نفسها فوالدتها في المشفى بين الحياة والموت وهي تفكر في مالك وغيرته عليها ...
وصلا الى الطابق المنشود ليخرجا من المصعد ويتجها نحو العناية المشددة فيجدا خالتها وعمرو ابنها هناك...
اقتربت غرام من خالتها وسألتها بملامح قلقة :
" ماما مالها يا خالتو ...؟! حصل ايه ..؟!"
أجابتها الخالة وهي ترمق مالك بنظرات حذرة :
" مامتك تعبانه اوي يا غرام... "
أدمعت عينا غرام وقالت :
" هو أنا ينفع أدخلها ...؟! عايزة أشوفها ...."
لم تجبها خالتها بل أخذت تنظر الى مالك بنظرات مستفهمة بينما تقدم عمرو قائلا بصوت غاضب حاد :
" ممكن أفهم الأستاذ بيعمل ايه هنا ...؟!"
منحه مالك إليه نظرة باردة وقال بهدوء خطر :
" وانت مالك ...؟!"
تدخلت غرام حينما شعرت بأن الحوار سيأخذ مجرى أخر فقالت:
" مالك ابن عمي يا عمرو ... مفيهاش حاجة انوا يكون معايا فوضع زي ده .."
" ابن عمك اللي قتل اختك واتسبب بموت أبوكِ ودمار حياتك ..."
قالها عمرو بتهكم ليقبض مالك على ياخة قميصه ويهتف به بصوت قوي :
" انت متدخلش باللي ملكش فيه ... دي أمور عائلية ما بينا ...اطلع منها أحسنلك ..."
صرخت الخالة بأسى :
" كفاية بقى ... اختي بتموت جوه وانتوا بتتخانقوا ..."
" مالك روح من فضلك ..."
قالتها غرام بنبرة بترجي فاجئ مالك الذي شعر بأن قواها بدأت تخور ليومأ برأسه بصمت ويتحرك بعيدا عنهم متجها خارج المشفى بينما اتجهت غرام بصمت هي الأخرى نحو غرفة العناية المشددة التي تقطن بها والدتها وأخذت تنظر إليها من خلف الزجاج حيث كانت ممددة على سرير المشفى والأجهزة تحيط بها من جميع الجوانب فسقطت دمعة لا إرادية من عينيها مسحتها وهي تدعو ربها أن تتخطى والدتها هذه الأزمة على خير ...
...........................................................
عاد مالك الى منزله ليجد والدته في انتظاره ...
تقدم منها وقال متسائلا بنبرة متعجبة :
" صاحية لحد دلوقتي ليه يا ماما ...؟!"
نهضت الأم من فوق الأريكة التي تجلس عليها وتقدمت نحوه مقتربة منه قائلة :
" مجاليش نوم ، قلت استناك ... كنت فين يا مالك ...؟! واتأخرت ليه ..؟!"
أجابها مالك بسرعة :
" كنت فاليخت، مخنوق شويه فقلت أغير جو .."
تحدثت الأم بنبرة معاتبة :
" دي مش طريقة يا مالك ... انت لازم تفوق بقى وتبص لنفسك ، انت مش صغير ..."
تطلع مالك الى والدته بنظرات تائهة حائرة ، هي معها كل الحق فيما تقوله ...
لقد أضاع سنوات كثيرة من عمره هكذا بلا فائدة ، لم يتقدم ولو خطوة واحدة نحو الأمام ...
والأن هو يلعب بالنار ، نعم علاقته مع غرام نار ستحرقه لذا يجب أن يبتعد عنها في الحال قبل أن يخسر المزيد من عمره ...
" معاكي حق يا ماما ... انا فعلا ضيعت سنين كتيرة من عمري ، ومش ناوي اضيع اللي جاي ..."
تطلعت والدته إليه بدهشة ، لأول مرة تراه يتحدث بهذه الصراحة المطلقة ، لطالما كان يرد عليها بكلمات مختصرة وينهي الموضوع على الفور ، أما الأن فيبدو متفهما راضيا عما تقوله ، لكن هل سيسمعها الى الأخير ...
" يعني هتسمعني وتفهمني ...؟!"
سألته بتردد ليبتسم لها وهو يومأ برأسه فتكمل بحذر :
" عايزاك تتجوز يا مالك ... نفسي أشوفك عايش حياتك ومستقر ..."
صمت قليلا وهو ينظر إليها بنظرات مبهمة ، لحظات يفكر بكلام والدته وما تحثه عليه ...
" تفتكري ينفع بعد ده كله اعيش حياتي طبيعي وأتجوز ...؟!"
سألها بنبرة حائرة ضائعة تشبه ضياعه الذي لا ينتهي لتحتضن والدته وجهه بكفيها وتهتف بحنان وثقة :
"اكيد ، متخليش اللي حصل يأثر عليك ، انت مكنتش غلطان ، انت كنت ضحية ..."
" معاكي حق ... "
قالها وهو يومأ برأسه لتسأله بأمل :
" يعني موافق تتجوز ميرا ...؟!"
عقد حاجبيه بحيرة متسائلا :
" ميرا اخت ماريا ...؟! اشمعنا ..؟!"
أجابته والدته بعذوبة:
" بنت محترمة ورقيقة ... نفسي تكون من نصيبك ..."
صمت مالك قليلا وهو يتذكر ميرا ، لا ينكر أنها تعجبه ، فهي تبدو محترمة للغاية وهادئة وناعمة كما يفضل دوما ...
لكن لا يعرف لماذا يشعر بإنقباض داخله وهو يتخيلها زوجة له ، يشعر بأنه غير مؤهل لها وخاصة بعدما حدث الليلة ...
حاول أن يبعد هذه الأفكار عن رأسه ، ميرا مناسبة له بحق وقد تكون دواء لجرحه ...
ولكن ماذا عنه ...؟! هل هو مناسب لها ...؟! ولمَ لا ..؟! لطالما كان هو زوج مثالي يحترم زوجته ويصونها ، لماذا يحرم على نفسه زوجة مناسبة كميرا بل لماذا يراها كثيرة عليه ...؟!
عند هذه النقطة قال أخيرا بنبرة حاسمة :
" موافق .... "
.......................................................
في صباح اليوم التالي
أوقف مالك سيارته أمام مدخل الشركة وهبط منها ، اتجه الى داخل الشركة وتحديدا الى مكتبه ليتفاجئ بغرام تجلس عليه بأبهى حلتها وهي تقلب في أحد الملفات ...
" غرام ، انتِ بتعملي ايه هنا ..؟!"
قالها مالك مصدوما من وجودها أمامه بهذا الشكل المثير ... أليس من المفترض أن تكون الأن في المشفى بجانب والدتها ...؟!
رفعت غرام رأسها ومنحته ابتسامة عذبة قبل أن تقول :
" صباح الخير ..."
نظر إليها بعدم تصديق ، هذه الفتاة حتما ستثير جنونه بتصرفاتها الغربية ، إنها تتحدث معه بأريحية غير مبالية بما حدث البارحة بينهما إضافة الى ما حدث مع والدتها ...
سار متمهلا نحوها وهو يرميها بنظراته القاسيه لتتلاشى ابتسامتها تدريجيا حتى اختفت فسألته بحيرة :
" هو فيه ايه ...؟! بتصبلي كده ليه ...؟!"
تشدق فمه بإبتسامة باردة وهو يقول لها :
"اه صحيح ببصلك كده ليه ... ؟! ميصحش أبصلك كده أبدا ..."
نهضت من مكانها واتجهت نحوه ثم جلست أمامه واضعة قدما فوق الأخرى قائلة بلهجة عادية :
" لو عاللي عملته معايا امبارح فأنا مسامحاك بس بشرط ، تسامحني انت كمان ..."
منحها نظرات هازئة قبل أن يهتف بتهكم :
" أسامحك على ايه بالضبط ... ؟! انتِ فاكرة إني ممكن أتقبلك بعد اللي عرفته ...؟!"
" تقصد ايه ..؟!"
سألته بنبرة متشنجة ليرد بقوة :
" يعني انتِ بقيتي زيك زي اي عاهرة عرفتها قبل كده ونمت معاها ... "
اشتعلت عيناها غضبا بينما ظهر الغضب جليا على ملامحها وهي تقف أمامه تهتف به بنبرة عالية :
" انت اتجننت ... ازاي تتكلم عني بالشكل ده ...؟!"
" مش هي دي الحقيقة ...؟! مش ده كلامك ...؟! مش انتِ اللي قلتي إنك غلطتي مع واحد اجنبي ....؟! يعني مكدبتش..."
نظرت إليه وقالت بحقد كبير ما زال حيا داخل قلبها :
" معاك حق ... أنا اللي قلت ... "
ثم تحركت مبتعدة عنه خارجة من مكتبه بأكمله ليتنهد بضيق ثم يتجه نحو مكتبه ليبدأ بقراءة الملف الذي كانت تعمل به ...
......................................
خرجت غرام من مكتب مالك وهي تكاد تغلي من شدة الغضب ...
لقد شعرت بالإهانة الكبيرة بسبب ما قاله ، لقد وصفها بالعاهرة ، كيف يجرؤ على هذا ...؟!
شعرت بدموع طفيفة تتكون داخل مقلتيها فضغطت على عينيها بقوة كي لا تبكي ثم شمخت برأسها عاليا وهي تتجه الى مكتبها ..
ولجت الى مكتبها لتحمل حقيبتها وتخرج منها هاتفها وتجري اتصالا سريعا بأحدهم ليخبرها :
" ايوه يا فندم ... لسه مخرجش من النادي ... "
" طيب انا جايه النادي بعد شوية ... خليك موجود وراقبه كويس ..."
" تمام يا فندم ..."
أغلقت الهاتف مع الرجل ثم تنهدت وهي تعيد هاتفها داخل الحقيبة وتتجه خارج مكتبها بل الشركة بأكملها ...
قادت سيارتها متجهة الى النادي الرياضي الذي أشار إليه الرجل ...
وصلت الى هناك بعد نصف ساعة وجلست في نفس المكان الذي يجلس به على بعد مسافة قصيرة عنه وأخذت تقلب في هاتفها حينما شعرت به ينظر إليها ويبدو أنه قد لاحظ وجودها ..
نهض من مكانه واقترب منها قائلا بلهجة فرحة غير مصدقة :
" غرام ...."
استدارت نحوه ترمقه بنظرات حائرة قبل أن تهتف بتذكر :
" انت ... ازيك...؟!"
جلس بجانبها وقال مذكرا إياها بإسمه :
" شريف ... اسمي شريف .."
" اهلا شريف ... كويس انك لسه فاكر اسمي .."
" ودي حاجة تتنسي بردوا ..."
نظرت إليه وقالت :
" انت عضو فالنادي هنا ...؟!"
أومأ برأسه وقال :
" ايوه وباجي كل يوم ... وانتِ...؟!"
أجابته وهي تتراجع الى الخلف قليلا :
" عضوة جديدة .. سجلت من كام يوم ..."
" بجد ...؟! وبتجي كل يوم بقى ...؟!"
أجابته :
" لا باجي النهاردة بس ... عشان عندي شغل ..."
قاطعها رنين هاتفها فوجدت مالك يتصل بها ، شعرت بالسعادة فيبدو أنه أدرك خطأه وسيعتذر منها فأجابت على الفور وهي بالكاد تخفي سعادتها :
" تعالي فورا ..."
صدمها صوته البارد فسألته بحيرة :
" فيه ايه ...؟!"
ليجيبها بغضب :
" تعالي قبل ما أجيلك وأضربك أضعاف الضرب اللي ضربتهولك امبارح ..."
ثم أغلق الهاتف في وجهها لتنظر غرام الى الهاتف بحيرة قبل أن تحمل حقيبتها وتنهض من مكانها وتركض مسرعة نحو سيارتها غير أبهه بشريف الذي ينادي عليها ...

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close