اخر الروايات

رواية الحرب لاجلك سلام الفصل الخامس 5 بقلم نهال مصطفي

رواية الحرب لاجلك سلام الفصل الخامس 5 بقلم نهال مصطفي

 الفصل الخامس

كانت صدفة بمثابة وعكة برد سأشفى منها .. الامر لست بالخطورة المسيطرة عليكم ... لأتمتم سرًا صدفة بمثاية وعكة حب ولا اريد الاستشفاء منها .. الامر فاق ذروة خطورته عليك ان تأت الآن لاخبرك " دب النبض فى قلبى بك "
■■■

جميع المعازيم وقفوا إثر لفت اتنباههم برحيل هشام المفاجئ يتهامسون فيما بينهم عن حدث التاريخ .. اقتربت عايده من رهف ومياده باستغراب
- هشام راح فين !!
اُصيبت مياده بوعكة خذلان افقدتها القدره على الكلام وهى تراقب العيون حولها تأكلها باهدابهم .. كورت اصابع قديمها وكفها وظلت تُبلل حلقها الجاف عده مرات بدون جدوى .. غاصت فى دومة الجنون التى سببها رجل يثير الجوارح لاكتشافه ..

تقدمت سالى وحضنت ذراع ابنتها لتشعرها بالامان .. موجهه حديثها لعايده باسف
- للاسف هشام هد كل حاجه ما بيننا ..

عايده بهدوء: يا سالى متقوليش كده .. اكيد فى ظرف طارئ..

شيئا فشيئا تغيب مياده عن عالمهم .. تصيب بوعكة صمم تتوقف جميع حواسها لا ترى الا خذلان ولا تشعر الا بألم ينخر بقلبها .. شاقاه على هوى مُعلق بسماء التمنى ولم تلمع نجومه بعد .. حسم الامر دخول كامل والدها المفاجئ
- هو كفايه كده فعلا .. بنتى استحملت من ابنك اللى ما يستحملوش حد .. واحنا النسب ده ما يلزمناش ..

تدخل زياد : ياعمى لازم نسمع من هشام الاول ...
بنبره آمره : زياد خد اهلك واتفضلوا .. وبنتى انا هعرف اطلقها من اخوك ازاى زى ما هخليه يقول حقي برقبتى ..

اقتربت رهف من مياده بعد ما اغرورقت مقلتيها بمياه الخذل
- ديدى .. اكيد هشام غصب عنه .. بلاش تتسرعى فى حكمك عليه .

رفعت مياده انظارها لرهف التى يسحبها زياد خلفه رغم عنها وكانها تتوسل اليها بعدم المغادره .. شيء ما يبقى حاملا لعطره ورائحة وجوده على قدر الامها فهى لا تطمح فى الشفاء منه ابدا ..

انصرف آل السيوفى فردا وراء الاخر بهدوء ولم تطأ أقدامهم عتبة المنزل فسقطت مياده مغشيا عليها .. فالتفوا جميعا إثر صراخ امها .. عادوا جميعا اليهم فوقف كامل بكل قوته متجاهلا ابنته الملقاه ليضع حدا لهم قائلا
- محدش له دعوة ببنتى ..
تدخلت بسمه سريعا : عمو انا بس هطمن على نبضها ..
ارتفع صوت كامل وهو ينادى على زياد بحزم.. فوقفوا بايدى مغلوله واعين منتفضه هنا وهناك .. لم تعر بسمه اى اهتمام لاوامره .. فكسرتها واندفعت من جانبه لتجث على ركبتيها تفحص مياده بعنايه .. فالقت نظرة على زياد الواقف مكانه قائله
- جالها هبوط ..
ثم رفعت صوتها للخادمه : هاتى ميه بسكر بسرعه او عسل نحل ..

مرت بضعة دقائق ففاقت مياده اخيرا تترقب حلقتهم المنعقدة حولها محاوله الاسترجاع بذكرياتها فلم تكبح دموعها على التوقف .. فاقتربت عايده منها تحتضن كفها
- حبيبي انت كويسه !!
سات الصمت للحظات فاردفت بصوت خافت
- ماما عايزه اطلع اوضتى مش عاوزه اشوف حد ..
تدخل زياد سريعا : خلاص ياجماعه احنا اطمنا انها كويسه .. يلا بينا بقي ...

■■■

وصل هشام الى مقصده .. فوجد ( على ) فى انتظاره على مراجل القلق وهو ينظر فى كل الاتجاهات كالسارق .. دلف هشام من سيارته .. فدنى منه قائلا
- فينها ...
فتح له ( على ) باب العربيه مشيرا على تلك الحوريه التى لا حول لها ولا قوة .. يحدث ان تغادر الروح ويظل الجسد متمسكًا بايام قاحله .. ثنى ركبته داخل السياره ليتحسس بانامله نبضها .. مسك كفها باحثا عن مصدر النبض ولكن دون جدون .. فانتقالت انامله لعنقها وتلك كانت اول مرة تلمس انامله امراة بهذه الحريه ..

ظلت انامله تتنقل ببطء جانب وخلف عنقها وفى نفس اللحظه تقلب التذكار والنسيان امامه كفقاقيع المياه المغليه .. خرج من السيارة لينصب عوده مرة اخرى وهو يخلع سترته السوداء
- نبضها بطئ اوى ..
- انت عارف اننا كنا هنروح فى داهيه بسببها .. كان فى حمله تفتيش لولا العسكرى نبهنى قبلها .. المهم هتتصرف ف المصيبه دى ازاى !!

اشتعل عقله بأنات الحيرة .. ثم اردف
- متعرفش مستشفى تحت السلم متسألناش س و ج .
ضغط( على) ع فكيه
- هشام متجننيش .. اتصرف ف البت دى مراتى لو شمت خبر هروح فى داهيه ..
دار حول نفسه حائرا الى ان توقف فجاة وكأنه وجد ضالته
- زياااد .. او بسمه ... التليفون فين !!

اجرى هشام اتصاله بهم جميعا بدون فائده .. من اغلق هاتفه ومن لا يرد للحظه شعر بأنه فى حاجه لحرق شركات الهاتف .. فعاد لرفيقه قائلا
- معلش اخر طلب .. وصلها على البيت وانا هاجى معاك .. عارف انى تقلت عليك .. بس مش قدامنا غير كده ..

■■■

بعد مرور ساعتين من البحث عن المستشفيات إثر رفض هشام الذهاب بها على منزله بعد ما ادرك عواقب الامر ... فنوصل الى انه لا يوجد حل آخر ... وصل (هشام) بيته مع ( علي ) فهبط من السيارة مناديا علي اخيه فتحت ( رهف ) باب غرفتها لتحدثه من اعلي : في حاجه ياابيه ؟!

رفع راسه اليها واضعا كفيه علي خصره
- ( زياد ) فين ؟!
تجيبه بتلقائيه
" حسي الاعلامي بيقولي انه بيتسرمح مع بنت مايعه من بتوعه "
زفر بنفاذ صبر مشيرا لها بسبابته
" قدامك خمس دقايق ويكون واقف قدامي اتصرفي "

وقفت تعد علي اصابعها ثم عاودت النظر اليها
- اللي هو ازاي دا يابيه حد قالك اني هاري بوتر ؟!
اخذت رياح صوته تزمجر بحده ارعبتها نظراته الحاده لتجيبه بتلقائيه
- خلاص خلاص هتصرف .. طيب حاولت تكلمه ؟!
* كلمته وتليفونه مقفول .. وبسمه مش بترد .

اجابته رهف : بسمه عندها نبطشيه .. خلاص هتصرف متقلقش ..

دلفت الي غرفتها مفكره باحثه عن هاتفها محدثه نفسها
- ياتري مع اي واحده دلوقتي يادكتور !! انا اييه هتصل بكل اللي عرفهم اليومين دول ويارب يكون مع واحده فيهم وملحقش يتعرف علي حد جديد .. بس هو هشام عاوزه ليه ياترى ؟؟؟

خرج (هشام ) متأففاً .. هبط ( علي ) من سيارته ثم قفل الباب خلفه
- هاا لقيت زياد ؟؟
فتح ( هشام ) باب سيارته وانحني قليلا حملها بين ذراعيه ثم ركل الباب بقدمه
( علي ) متسائلا : ايه حكايتها البت دي ياهشام
هشام شرع بالانصراف من امامه : انا نفسي معرفش اي حكايتها .
رفع ( علي ) نبرة صوته : طب خلي بالك ياصاحبي لتفتح عليك ابواب جهنم .
دلف بها (هشام) الي بهو الفيلا مناديا علي اخته بصوته الاجش وهو يصعد السلم ركضت (رهف) نحوه بتلقائيه قبل ما تعلو صوت شهقتها
" والله يابيه مش مع ولا __ "
تراجعت للخلف مع اتساع حدقة عينيها
" مين دي ياابيه !!"
وصل ( هشام ) الي الطابق العلوي وبصيغه آمرة
- افتحي باب اوضتك التاني يلااا .

نفذت اوامره علي الفور وهي في كامل دهشتها اراح ( هشام ) جسد ( فجر ) علي مخدع اخته بحنو .. ( رهف ) لاول مرة تراقبه في صمت وذهول لاول مرة يعرف الصمت طريقها ولكن لم يستمر الوضع كثيرا .. فاردفت قائله
- هي مين دي يابيه ؟! وهي مالها .. هى ميتة ؟!

( هشام ) وقف حائرا يتأمل ملامحها ثم وجه حديثه الي اخته
- الزفت دا راح فين ؟

" هو في اي هنا ومالك يا __ "
اردفت ( عايده ) علي ارتفاع صوته وقالت جملتها الاخيرة التي لم تكملها بمجرد ان وقعدت عينيها علي تلك الملقاه علي مخدع ابنتها
-نهارك اسود .. مين دي ياهشام؟
زفر باختناق : مش وقته .. المهم اجمعولي( زياد ) من تحت الارض .

ارتجف جسدهم جميعا بمجرد سماعهم صوت قفل الباب
ركضت ( رهف ) خارج غرفتها وهي تقول
- دا اكيد ( زياد ) رجع !

( زياد ) ممازحا : مين بيتكلم علي (زياد) .. انا مش عارف الشهرة عاوزه مننا اي !.

( رهف ) بعفويه قبل ما تعود الي غرفتها : تعالي يازياد بسرررعه .
مط ( زياد ) شفته لاسفل : مالها دي !!
سار خلف فشوله حتى وصل الغرفه: مالكم متجمعين ليه كده ..!
وقعت عينيه علي ( فجر ) النائمه
- مالها دي !! ومين دي اصلا ؟
(هشام) بصيغه امريه : مالها دي انت اللي هتقولنا يادكتور .. يلا شوف مالها .

جثى ( زياد ) علي ركبتيه بجوارها يتحسس نبض شريان معصم كفها وعنقها
- رهف روحي هاتيلي جهاز الضغط من اوضتي بسرعه .
جميعهم يترقبون الوضع في صمت وذهول
- هشام هات كرسي التسريحه دا وحطه عند رجليها
قال (زياد) جملته وهو يضم قدميها ويضعهم فوق المقعد الذي اتي به ( هشام ) لزيادة كمية الدم المتدفق نحو المخ .

احضرت ( رهف ) جهاز الضغط شرع (زياد) باستكمال عمله وفحصه وبعد مرور عدة دقائق تنهد وهو ينزع رابط الجهاز حول معصمها .
( هشام ) باهتمام : مالها يازياد!
- ارهاق شديد وهبوط مفاجيء في مستوي الدم وكمان شكلها ماكلتش حاجه ليها كتير هنزل اجيبلها مقويات واركبلها جليكوز ولازم تروح المستشفي الصبح لربما يحصل مضاعفات لو زاد عن كده يعمل ضمور ف أجزاء لو موصلهاش اكسجين.. بس مين دي يا ( هشام ) ؟!

عقدت ( عايده ) ساعديها امام صدرها رافعه حاجبها الايمن
- ها جاوب ياسياده الرائد مين دي ؟! مين اللى سبت كتب كتابك عشانها ؟
تفتن نظراتهم الموجهه نحوه محاولا الهروب من ذلك المأزق
- ( رهف ) خلي بالك منها اول ماتفوق تصحيني حتي ولو في نص الليل .. يلا تصبحوا علي خير .

تركهم في حيرتهم واندهاشهم وغادر
( رهف ) بذهول : حد فاهم حاجه ؟! ماما انت ساكته ليه ؟!

وثب ( زياد ) قائما : حسي الطبي بيقولي ان دي مراة سيادة الرائد ..
قطبت ( رهف ) حاجبيها 🙁 Reasonable!)
زفرت والدتهم بضيق
" انا حاسه اني عايشه مع ناس معرفهمش حتي ولادي كل واحد منهم في وادي .. تصبحوا علي خير ياولاد السيوفي احسن ما تجرالى حاجه منكم "

خرجت ( عايده ) وهي تضرب كف علي الاخر وخلفها ( زياد ) وهو يشير لاخته
" رهف اعمليلها اي حاجه بسكر او عصير اول ماتفوق تشربها "
مطت ( رهف ) شفتها لاسفل : اخرتها ممرضة ياروفا !!

وصل ( هشام ) غرفته ثم ركل الباب بقدمه دون ان يهتم باضاءة نورها واضعا مفاتيحه علي التسريحه ثم القي بجسده في منتصف فراشه مفكرا
" وبعدين يا( سيوفي ) هتفضل تايه كده لحد امتي .. امتي هيجي اليوم اللي ترسي فيه علي بر .. طول عمرك رافض الحب والارتباط لحد ماجيه اليوم اللي يرفضك فيه "
ثم ضحك بقايا ضحكه متحصره تعكس فوق ثغره وقلبه هموم .. الي ان خلد في سبات عميق .
■■■

انتهي يوم مليء بالاستفسارات والحيره .. لا زالت ( فجر ) غائصه في نومها نتيجه المخدر الذي اعطاه لها ( زياد ) .. كانت ( رهف) جالسه بجوارها طوال الليل تتصفح هاتفها .. وعلي المقابل كان ( هشام ) خالدا في سبات عميق .. ومازال ضيف بيتهم ( الدكتور زياد ) الاشبه برياح امشير يأتي ساعات محدوده في اليوم ثم يختفي بقية الاسبوع .. ولم تكد ( عايده ) تجوب غرفتها ذهابا وايابا حتي قضت علي حرب الافكار التي نشبت بداخلها باقراص منومه

تحطمت جيوش الليل امام جيوش شمس النهار .. استيقظ (هشام) بمنتهي الهمه والنشاط نحو ركن غرفته الرياضي ( كيس الملاكمه ) العالق لتهب عاصفه قوته وتفريغ كامل طاقته وبعدما انهي جولته وانطفئت نيرانه اردف الي الحمام ليترك للماء مهمه ذوبان الاملاح المترسبه نتيجه تصببه لبحور العرق المنبعثه من مسام جسده

انهي حمامه الدافيء وارتدي زيه الانيق عباره عن قميص اسود وبنطلون جينز اسود ومعطفه الرمادي الانيق ثم وضع سلاحه خلف ظهره ورش نفحات البرفيوم الفاخر
وتوجه خارج غرفته بخطوات ثابته كأن ايامه تسير كما يهوى ولا يحدث اى شيء يعكر صفواه

وقف امام باب غرفة اخته ثم طرق الباب برفق وابتعد قليلا
فتحت ( رهف ) التي لم تنم منذ ليلة امس
" صباح الخير يا ابيه "
استدار اليها بجسده بعدما تجاهل عبارتها
- صحيت اللي جوه دي ؟!
دارت ( رهف ) رأسها ناظرة لها بشفقه .. ثم عادت النظر اليه وهزت رأسها نفياً
" ( زياد ) اداها حقنه منومه وعلقلها محاليل قبل مايمشي .. وقالي اي حاجه تحصل اكلمه .. بس صعبانه عليا اوي ياابيه طول الليل تقوم تصرخ وتنادي علي اسماء غريبه كده وتنام تاني .. هي مين دي يا ابيه؟! "

تحمحم ( هشام ) الذي كان ينصت اليها بااهتمام ثم ادار ظهره مجددا نحو السلم ويقول بنبره آمره
- عندي اجتماع مع سياده اللواء ساعتين وراجع .. عارفه يا( رهف ) لو رجعت وملقتهاش هيبقي نهارك مطلعتلوش شمس .

اتسعت عيني اخته بذهول وركضت خلفه
" استني بس يا ابيه فهمني .. يعني هي متهمه والمطلوب مني اني احبسها صح ومخلهاش تهرب !!"

وصل ( هشام ) الي الباب الكبير وهو يفتحه قائلا
- تحبسيها تراقبيها المهم اجي القيها هنا فهمتي !
ضربت له اخته التحيه العسكريه وهي ترتسم الجديه
- علم وجار التفيذ يافندم .

القي عليها نظرة ساخره قبل مغادرته جعلت جاحبيها ينعقدا مستفهمه
" هو ماله دا !! دايما بيبصلي بأرف كده ويمشي كإنه لاقيني علي باب ملجأ .. باااس دلوقتي ياشويش رهف عندك مهمه لازم تقوم بيها عالوجه المظبوط والا حظابط هيخلي نهاري مطلعتلوش شمس "

قالت ( رهف ) ذلك متمتمه مع نفسها قبل ان تأت والدتها وتقطع جولة افكارها صوت امها الواقفه بجوارها
- هو ( هشام ) دا اللي خرج ؟!
فاقت ( رهف) من شرودها : " اه ياماما هو هشام "
-فلت منى !! والبت اللي فوق خدها معاه ؟!
هزت رأسها بالنفي :" لا ياماما دا قالي اخد بالي منها لحد مايرجع وكمان اكد عليا "

زفرت ( عايده ) بضيق وحنقه :" انا مش عارفه اي التسيب والاستهتار اللي بيحصل في البيت دا .. طبعا ماينفعش اخرج اشوف شغلي واوقف كل اشغالي عشان ضيوف سي هشام اللي مش عارفينلهم اصل من فصل وياعالم جايبها من اي داهيه "

ربتت ( رهف ) علي كتفه في حنو
" الموضوع مش مستاهل كل دا ياماما اتفضلي انتي اخرجي وانا اجازة النهارده من الجامعه ماانتي عارفه وهقعد معاها عشان شكلها تعبانه اوي "

اجابتها امها في امتعاض
- انا بجد محتارة في المصيبه دي وكمان ( بسمه ) مش معاكي ومضمنش اسيب واحده زي دي في بيتي دي شكلها بيئه وسوباج خالص .
دنت من امها اكثر في هدوء:
" ياسيدة مصر الاولي محدش مكبر الموضوع غيرك .. دي واحده بين الحيا والموت فوق الموضوع مش مستاهل .. اتفضلي انتي وانا كمان هطلع انام فوق لاني خلاص فصلت وجبت اخري "
قالت (رهف) جملتها الاخيره وهي تطبع قبله علي وجنتها قبل ان تنصرف من امامها
انعقد حاجبي والدتها حائره وهي تفتح الباب لتغادر : " اما نشوف اخرتها معاك ايه ياابن السيوفي "

▪▪▪
" الصياد الشاطر يغير الطعم مايغيرش الصناره ياجنرال "
خرجت تلك الجمله من بين شفتي ( هشام ) الجالس مع اصدقائه الظباط وامامهم سياده اللواء في غرفة الاجتماعات يخبرهم بمهمتهم الجديده .
التفت اليه الجميع ثم اتاه صوت اللواء ( نشات )
" قصدك اي يا ( سيوفي )"
اعتدل ( هشام ) في جلسته قائلا
" حضرتك بتقول ان العمليات الارهابيه في البلد لازم نعرف مين وراها .. ودا هيكون من خلال الهجوم علي احدي خلايا البدو الممولين او الجماعات الارهابية ومن خلالهم هنقدر نوصل لراس الافعي يعني قصدك نبتديها بحرب ويانجحنا فيها يامنجحناش .. والاغلب مابننجحش لاننا حاولنا الهجوم اكتر من مرة وللاسف بنروح نلاقي المكان فاضي كإنهم بيكونوا عارفين مخططنا !!"

انصت له كافة الموجودين باهتمام ثم اكمل ابن عمه النقيب ( مجدي ) :
" (السيوفي) قصده نبدا الحرب علي البارد ياجنرال !
اومأ ( هشام ) راسه بحماس
" معاليك عارف ان ممولين الجماعات الارهابيه غالبا بينحصر في اهل الوجه القبلي .. واحنا لو قدرنا نوقع احد الممولين ليهم هنقدر نصطادهم واحد ورا التاني وبما انهم في كار واحد فاكييد اباطرة السلاح عارفين بعضهم . "
جلس اللواء علي مقعده المحتل مقدمه المنضده
- عاوز تبدا ( بزيدان نصير ) ياهشام ؟!
اجابه بتلقائيه وعفويه
" ودا السبب اللي خلاني اطلب نقلي [لبني سويف ] يافندم وبالفعل اتوصلت لمعلومات كتير بخصوص الرجل دا وانه من اخطر الممولين للجماعات الإرهابية وانه خصوصا انه ناويلي بعد ما كنت سبب في ضرب اخر عمليتين له "
ظابط اخر معاندا
- انا شايف اننا نهجم علي الخليه اللي اجهزتنا قدرت ترصدها وكانت سبب في ضرب كمين العريش وكمان سبب في خطف اخر اتوبيس للاخواتنا الاقباط "
هشام متحديا :
" غلط ياسياده النقيب .. طول ما الاكل شغال الصحه عال .. لو قطعنا المم التعابين هتجوع وتخرج من جحرها عشان نصطادها واحد واحد "
- بس انت فاكر منظمات بالقوة دي ممولها شخص واحد بس ؟! تبقي غلطان .
* انا بتكلم في حدود مهمتي والدايره المسئول عنها ياسياده النقيب ولو كل واحد التزم بكلامي في حدود دايرته خلال سنه مش هنشوف وش ارهاب في البلد دي ..
ثم وجه كلامه نحو سياده اللواء
" راي معاليك ( ياجنرال ) ؟"
اومأ راسه ايجابيا ثم وجه حدقة عينيه اليهم
" ودي هتبقي مهمتكم ياولاد السيوفي .. سياده الرائد ( هشام ) والنقيب ( مجدي ) السيوفي .. وخلال ٦٠ يوم لو المهمه ماتمتش هضطر اتدخل بطريقتي "

اجابه ( هشام ) بثقه اشبه بالغرور
- من امتي نصول السيوفي بيمسكوا مهمه مابيطيروش رقبتها معاليك !!
ابتسم اللواء ومجدي وبعض الظباط الموجودين
فرك ( مجدي) كفيه فرحا وهو يربت علي كتف ابن عمه
- استعنا علي الشقي بالله يابن عمي .
ربت ( هشام ) علي كتفه بحماس ثم وجه كلامه نحو سيادة اللواء
" طيب (صبري) اخباره اي معاليك حاليا"
وطأه راسه في شده وضيق
- للاسف مغيب عن الوعي تماما وهو تحت الاجهزه حاليا .
قال ( مجدي) في حماس : " انا متاكد ان صبري دا طرف خيط قوي في القضيه دي "
جنرال ( نشأت ) : اللي يخلي واحد يعترف بجريمه معملهاش واضعف من انه يعملها يبقي اكيد وراه سر ولحد مايفوق بقا احنا نشوف شغلنا .
انتهي الاجتماع وغادروا جميعا الا الرائد ( هشام) الذي اوقفه نداء اللواء
- اقعد يا سيادة الرائد عاوز اتكلم معاك شويه لوحدنا
جلس (هشام ) بعد ما القي نظره حائره علي ابن عمه الذي ربت علي كتفه بعفويه
- هستناك تحت ياسيادة الرائد ..
■■■
الخامس جزء ٢
" دهشه "

يتحركا طرفا عينيها ببطء شديد كأن جبال الهموم تراكمت فوق جفنها سرعان مااذابته بدمعه محتبسه داخلها .. طافت عينها في جميع ارجاء الغرفه للتفاجئ بآخري تجهلها تماما راقده بجوارها محتضنه _دبدوبها_ الذي لديه عينين مرعبتين
اعتدلت (فجر) في جلستها حائره تزداد دهشتها عندما رأت كفها المكبل بقماشه عالقه في كف الفتاه النائمه بجوارها للتسعا عينيها اكثر عندما وجدت كفها الاخر عالق بالمحاليل
شرعت بفك عقدة كفها المقيد بكف (رهف)
سرعان ما تراقصت عينا الأخيره ب دهشه
" انتي صحيتي!! "

اصابت (فجر) الحيره والدهشه متسائله
- هو انتي تعرفيني ؟!
اعتدلت (رهف) بتلقائيه واضاءه نور الاباجورة
- يخيل لي انك انتي كمان مش عارفه حاجه .. يعني علي كده انتظاري جيه علي فاشوش كان عندي امل انك ترضي فضولي وترسيني علي الفوله بس الظاهر كنت مستنيه علي الفاضي.

هزت (فجر) راسها بعدم فهم :" لا بجد فهميني انا مش فاهمه اي حاجه .. انتي مين وانا ايه اللي جابني هنا ؟!"
وضعت ( رهف ) ابهامها وسبابتها بزاويه قائمه علي وجنتيها بتفكير
" ممم هقولك اللي حصل ليلة امبارح .. انتي كنتي تعبانه او بتموتي تقريبا و(هشام) اخويا جابك هنا و(زيدو ) كشف عليكي وهو اللي علقلك المحاليل دي .. وانا فضلت سهرانه جمبك طول الليل عشان اول ماتفوقي آكلك او اشربك حاجه زي ما الدكتور (زياد) امر .. بس انتي كنتي تقريبا ميته ! مصحتيش .. المهم بقي ان الاوامر اختلفت و(السيوفي) باشا الكبير امر اني احرسك وممنوع تهربي والا هيخلي نهاري ماطلعوش شمس وانا كنت هموت وانام ، فملقتش حل غير اني اكلبشك في ايدي كده وبس "

رفعت ( فجر ) حاجبها بتعجب :" كل دا وبس !!"
ضحكت( رهف ) بصوت عالي :" لعلمك مابحبش الرغي خالص .. المهم دلوقتي اني لازم انفذ كلام الدكتور زيدو واعملك حاجه تاكليها او تشربيها .. تاكلي اي بقا "
سحبت ( فجر ) كفها المكبل بهدوء
- المهم انتي بقي تسبيني امشي من هنا عشان ماينفعش اقعد اكتر من كده .
شهقت ( رهف ) واتسعت حدقة عينيها
" هاار اسوح عليا .. دا كان ابيه( هشام) دقني في خازوق عداله معتبر "
ضاقت عيون (فجر) متسائله
- هشاام؟ الاسم دا مش غريب عليا .
* منا هقولك اخويا هشام دا كان نقيب في امن الدوله .. وبعدين اترقي بقي رائد ومعرفش بقي حصل اي فساب امن الدوله وبعدين راح المباحث في الصعيد .
قالت بنبره متحشرجه
- ااااه هو انتي اخوكي الظابط اللي سجني .. دا بني ادم متخلف وراجعي ولو شوفته هفتح دماغه ..

"سجنك !! لالا شكل الموضوع كبير وانتي اصلا جتيلي من السما .. قوليلي ليه ؟ انا هقولك اصلا (بسمه) بنت خالتي كانت مسافره بلدهم وانا مافيش حد يرغي معايا في البيت دا وهى جات وفالمستشفى فأنتِ مضطره تستحميلني لحد ما ترجع من النبطشيه .. و للاسف اتورطت فيكي واتورطتي فيا .. قومي يلا نعمل فطار واكله معتبره كده وتحكيلي الموضوع بحذافيره ."
قالت (رهف) جملتها الاخيره وهي تنهض من فراشها بعفويه وحماس وحركاتها الطفوليه .
اوقفتها (فجر) متوسله :" بصي سبيني امشي قبل مااخوكي المجنون دا يرجع وانتِ كملي نومك ولا كإنك شوفتيني .. اي رايك."
- بترغي كتير عالفاضي يعني .. ولو كنتي بتقولي علي اخويا مجنون .. فأنا معاكي .. هو مجنون فعلا .. بس انا بقي اجن من مستشفي مجانين بحالها .. خليكي حلوة وهاديه معايا عشان احبك .. يلا يلا قومي نعمل اكل عشان انا جوعت اووي .

نظرت لها باستغراب ودهشه علي اسلوبها التلقائي العفوي قائله
" اي بيت المجانين اللي انا وقعت فيه دا بس ياربي !!"

دلفا سويا الي اسفل ومازالت ( فجر ) مكبله الكف العالق بكف (رهف) ..وقفا علي اعتاب [ المطبخ ]

- بصي انتي هتقعدي هنا علي الكرسي دا عشان شكلك لسه تعبانه .. ومتقلقيش هفكلك الربطه دي !! عشان طبعا مش هعرف اعمل اكل وانا مربوطه كده !
حررت ( رهف ) كف ( فجر ) ثم دارت بجسدها محذره
- مش عاوزه حركه كده ولا كده .. انا كنت هجيب الكلبشات من اوضة (هشام) واكلبشك بس باين عليكي سو كيوت وهتسمعي الكلام يا__ ، اسمك ايه صح؟!

زفرت ( فجر) بضيق :" اسمي فجر"
مطت رهف شفتها لاسفل : " اسم حلو انا بقي اسمي رهف .. في تالته جامعه كليه اعلام وناويه ابقي مذيعه مبهره حديث الساعه كده زي مابيقولوا .. وطبعا لسه عندي احلام وطموحات كتير هابقي احكيلك عنهم .. سيبك مني واحكيلي كل اللي حصل بالظبط بينك وبين (ابيه هشام )وانا هعمل السندوتشات اهو "

▪▪▪

خرج من ذلك المبني الضخم بخطوات متزنه في ظل الجو البارد الممزوج بقطرات المطر ورائحه الارض .. اقترب من السيارة التي يجلس بداخلها النقيب ( مجدي ) متصفحاً هاتفه باهتمام ، جلس (هشام) بجواره
- بتعمل ايه ؟!
رفع ( مجدي) عينيه مع احمرار وجهه الذي يتوهج بالغضب
" مش عارف (ياهشام ) ايه اللي بيحصل فينا دا .. بجد الواحد مش فاهم اي حاجه .. خد شوف منزلين ايييه "

نظر في شاشة الهاتف باهتمام مع تغير ملحوظ في معالم وجهه قائلا بضيق
" هجوم مفاجئى علي اتوبيس الاقباط بمدينه المنيا في طريق دير الانبا صموئيل ؟! "

وطاة ( مجدي ) رأسه :" خد عندك بقي فتن وخراب وزعزعه امن واستقرار وفتح باب ملهوش اخر "
اعطي ( هشام ) هاتف ابن عمه بضيق
- عاوزين يوقعونا في بعض ولاد الكلب ..
استدار ( مجدي) بجسده نحوه
" ياتري مين اللي ورا تفجير الكنائس والاعتداءات علي الاتوبيسات والهجوم علي كمين كل يوم "
اغمض ( هشام ) عينيه بحنقه وضيق
- الله اعلم يا(مجدي) .. محدش عارف هي رايحه بينا علي فين .. بس اللي اعرفه ولازم يتعمل السلاح يتمنع من البلد وكل المساهمين في تجارته يتعدموا .. دول بيدمروا شعب بحاله .

اعتراهما حاله من الضيق والحزن وقليل من الصمت الذي قطعه (مجدي) متسائلا
- (نشأت) باشا كان عاوز ايه ؟!
قطب ( هشام ) حاجبيه متأهبا للذهاب
-بعدين هقولك .. هنزل انا هروح البيت وبالليل هستناك نتكلم ونشوف هنعمل ايه .. يلا سلام
رفع (مجدي) حاجبه الايسر متعجبا
- تمام ياسيادة الرائد .
اردف( هشام) من سيارة ابن عمه متوجهاً نحو سيارته ومازال غائصا في بحور كلمات اللواء ( نشأت) اليه .. صعد سيارته متأففا الي ان تذكر تلك التي تطاولت علي اشواكه ليعض علي شفته السلفي بقوة متوعدا وهو يتحرك بسيارته [ الجيب شيروكي ] التي اصدرت صوتا مزعجا جعلت (مجدي) يلتفت اليه قائلا
- ناوي علي ايه ابن عمي !!
■■■

" ولاد السيوفي "

تنهيده حاره تزامنت مع خواطرها المؤلمه ثم ابتلعت غصة حزنها قائلا
" انا كده حكيتلك كل حاجه وراضيت فضولك !! تسمحيلي امشي بقي ؟"
قالت ( فجر ) جملتها الاخيره بنفاذ صبر من جيوش الاسئله التي وجههتها لها ( رهف ) .

ابتسمت ( رهف ) ساخرة
" هااهاا انسي خلاص انتي دخلتي زنزانه (هشام السيوفي) وشكله كده ناويلك "
نظرت لها ( فجر ) بعيون ضيقه قائلا
- هو ممكن يعمل فيا اييه ؟!

نهضت ( رهف ) مسرعه
" خليها مفاجاه .. قومي معايا يلا اديكي حاجه تلبسيها بدل الفستان دا . "
زفرت بقوه متوسلة اليها
- ياستي انا مش عاوزه حاجه غير اني امشي وماشوفش وش اخوكي دا تاني عشان لو شوفته هرتكب فيه جناية .
غمزت لها (رهف ) ممازحه
- اتش !! دا قمر ..
اجابتها بتلقائيه : قمر بالستر ياختي .
انفجرت ضاحكه ثم قبضت ( رهف ) علي معصمها وسحبتها خلفها
- طب تعالي اديكي حاجه من عندي تلبسيها الاول عشان شكلي كده لقيت حاجه هتسلي عليها اليومين دول .
ركضت ( فجر ) خلفها لتلحق بخطواتها الواسعه .

في الغرفه بعدما افرغت ( رهف ) محتوي خزانتها علي مخدعها والارضيه قائله لها بنتهيده لما فرطته من مجهود
" هااا ياستي ! قررتي هتلبسي ايه؟ "

نفذ صبر ( فجر ) وامسكت بثوب قطني طويل
- خلاص هلبس دا .. ممكن بقي تخرجي عشان اغيره .
( رهف ) بخبث :" هخرج ماشي .. بس اوعي __"
(فجر) مقاطعه : عارفه .. اوعي شيطانك يوزك تروحي كده ولا كده والا … هسيبهالك انتي تتخيليها بقي.

ابتسمت ( رهف ) بفخر : شاطرة .. حفظتي بسرعه وكده كده في معتقل بيت (السيوفي) المقاومه مش هتفيدك بحاجه .
ثم تركتها وغادرت
تنهدت (فجر) بضيق : بيت المجانين دا بس ياربي !! .

بعد مرور عدة دقائق كانت مرتدية ( فجر ) ثوبا انيقا فضفاضا ووضعت شالها فوق راسها ومازال شعرها الكستنائى ينسدل اسفله
اقتربت من النافذه واخرجت مااستطاعت من جسدها لتتفحص المكان بعيون تائهه ثم عادت تنظر الي نفسها في المرآه كالمحارب المستعد لخوض حربه .. وقفت حائره في منتصف الغرفه ..
- اهرب منها ازاي انا دي ؟!
اقتربت بخطوات متباطئه نحو الباب فتحته برفق تترقب وجود ( رهف ) .. غمرت السعاده قلبها عندما لم تجدها بالخارج .. انسحبت بخطوات هادئه الي ان وصلت مقدمه السلم ارتاح قلبها اكثر عندما مُحي اثر عدوها تماما
ظلت تبارز خفقان قلبها كصبر الجندي الذي يستوطن الايمان قلبه ويلهج لسانه بالدعاء خشية من انكشاف امرها وفشلها في الهروب .. طافت بعينيها يميناً ويساراً حتي اطمئن قلبها اكثر .. ركضت نحو الباب بخطوات مسرعه امسكت بمقبض الباب حتما فأوشكت خطتها بالنجاح
الا ان احتشد الهلع في حنجرتها شعرت بجفاف حلقها كهائم علي وجهه في قلب الصحراء شهقت بفزع وتراجعت خطواتها للخلف بمجرد ان فتحت الباب الحديدي

وجدت امامها شاب في اواخر العشرينات ذو بشرة بيضاء طويل عريض المنكبين وصدره المتناسق ذو شعر اسود قصير ، وعينين زرقاوتين .. انفه طويله ذو شارب و لحيه سوداء قصيره وكثيفه ، علي قدر عالي من الوسامه يتفتنها من اعلي رأسها لقدمها باطلاقه لصفاره مرتفعه تخرج من بين شفتيه .
- هو انا غلطت في العنوان ولا اييه ؟! بس انا قلبي بيقولي اني مغلطتش .. مين القطه بقي ؟

تراجعت للخلف وهي تنظر له بعيون دامعه
ركل ( زياد ) الباب بقدمه وهو يعض علي شفته السفليه بتوعد
- طيب ايه هتسبيني اكلم نفسي كده كتير ؟ يرضيكي !!
ابتلعت (فجر ) ريقها
" حضرتك مين "
دنا منها (زياد) اكثر
- اسمي زياد وبيدلعوني بزيزو بس انا بحب زيدو اوي وحابب اكتر اسمعها بصوتك .
دقت طبول قلبها رعباً من نظراته
" لو سمحت ممكن امشي "
هام في سحر عينيها قائلا
- عاوزه تمشي من بعد ما لقيتك .. طب ليه القسوة دي طيب ! هان عليكى قلبى!!
ابتعدت عنه سريعا بخطوات مرتجله
- افنندم!!
اتسعت ابتسامته قائلا لها
* عينيكي دي ؟!
كاد ان ينشق قلبها هلعا وخوفا
اكمل ( زياد) جوله غزله واسطوانته المحفوظه
- اصلهم جبارين .. فيهم تيار كهربي حرق كل مقاومات قلبي .. تعالي كده حسيه .

بلغ الخوف بداخلها لذروته ثم قررت استجماع شتات قوتها
- في حاجه حضرتك !!
* في انك نجمه من السما نزلت وانا اتلقيتها .. مش هتقوليلي اسمك بقي .. ولا اقولك سبيني انا اخمن .

خطر في ذهنها انه معتوه .. شخصا فاقدا لعقله ثم ارتسمت ابتسامه ساخره علي ثغرها
" لا هو بيت مجانين فعلا ! مجاتش عليه !!"
دنا منها (زياد) هائما :"طيب ممكن اعرف القطه بتعمل اي هنا في بيتنا .. بيت المجانين "

لم تكاد ان تحرك ثغرها لتجيبه آتت ( رهف ) الخارجه من المرحاض بخطوات مسرعه
" اي دا !! زيزو انت جيت "
قبض اصابعه بضيق إثر قدومها
- دايما اوقاتك زي وشك يازفته انتِ ..

اقتربت من (فجر) : اعرفك بقا ياجوجو دا (زياد) اخويا .. ويستحسن مالكيش دعوة بيه خالص .
اكمل زياد اسطوانتها المحظوظه بامتعاض
- سكته شمال وبتاع بنات ولف ودوران والله يخرب بيته نفهوش ميزه ممكن اقولهالك .. كملي كملي ياست هانم اسطوانتك المشروخه دي.
ثم ميل نحو ( فجر ) :" يرضيكي الكلام دا !!"

اجابته اخته ضاحكه : زي ماانتي شايفه .. ماجبتش حاجه من عندى
دنا من ( فجر ) قاطبا حاجبيه بعيون ضيقه
- طب ما لكي عليا حلفان ياقمر انت .. انتِ رابع واحده قلبي ينشرحلها طول حياتي .
ضربت اخته كف علي الاخر ساخره
- انت هتسرح بينا ياعم دي رابع واحده قلبك ينشرحلها النهارده يا ( زياد) .. بس بس ماسورة الكدب ضربت في وشي.

انعقد حاجبيه منذرا بعاصفه عاتيه من الغضب
" حسابك لسه مجاش .. ها بس متعرفناش مين الحلوة بقي "
اجابته ( رهف ) : دي بقي (فجر) اللي كشفت عليها امبارح يادكتور .
ضرب جبتهه برفق : وانا اقول الجمال دا مش غريب عليا .. طيب اي الحال دلوقتي !!
اومأت راسها ايجابيا : " بخير الحمد لله "
- بخير ميين لازم اطمن عليكي وعلي نبضك بنفسي .
نكزته ( رهف ) بضيق :" ماخلاص ياعم النحنوح .. نتلم بئا وبلاها الشهامه والجدعنه الاوفر دي "
رمق لاخته نظرة محذرة ثم ارتسم علي ثغره ابتسامه واسعه نحو ( فجر ) :" هو انتي متأكده اننا متقابلناش قبل كده ياجوجو "
اؤمات راسها نفيا باستغراب علي تحوله المريب
اكمل (زياد) بتلقائيه :" خلاص عرفت انتي اللي بدور عليها من زمان وخلاص لقيتها "

لم تكد شفتيه ينغلقا حتي اتاه من باب المنزل الخلفي زمجره رياح صوت ( هشام ) المرعبة التي قفزت الهلع بداخلهم .
" هو انا مش عارف انت هتبطل الداء اللي انت فيه دا امتي ! مش تبقي تستنضف الاول!"

نصب ( زياد ) عوده مرتجلا الي غرفته وهو يتامل شاشة هاتفه:" احم احمم معايا مكالمه بس بعد اذنكم "
سرعان ما اختفي من امامهم كي يضع حدا للحرب التي ستنشب بينه وبين اخيه .
اخذت رياح صوته تزمجر من جديد وهو يقترب منها بخطوات متزنه
" ماشاء الله .. فوقنا اهو !"
( رهف ) : المتهمه اهي ياابيه شوفت انا انفع عسكري شاطر ازاي ..!
تجاهل كلمات اخته تماما ومازال يحدق النظر اليها بعيون متوهجه بالغضب التي جعلت قلبها ينشق خوفاً قائله بصوت مهتز
- هو حضرتك قابض عليا ؟!

اومأ ايجابيا :" حاجه زي كده دا لو معندكيش مانع "
عقدت ساعديها امام صدرها بعدما امتلأ كيانها بدماء العناد والقوه التي تسوطنها بمجرد ان تراه
" بتهمه اي بقي ؟؟!! علي فكرة انا ممكن انزل اعملك محضر عشان اللي عملته انت وصاحبك .. بس انا هتكرم واتغاطي عنه وهنساه .. مقابل انك تسيبني امشي "

انفجر ضاحكا : " لا دانتي بتساوميني كمان !!"
حاصرتهم ( رهف ) بنظراتها الاستكشافيه
" هو في ايه .. انا من الصبح بحاول اربط الخيوط ببعضها مش عارفه اوصل لحاجه !!"
قبض ( هشام ) علي معصم ( فجر ) الصغير بقوة جعتلها تلتوي من شده الالم وهو يجذبها خلفه نحو غرفة المكتبه
فزعت ( رهف ) لعنف اخيها الذي يخرج دخان الغضب من اذنيه ركضت تجاه غرفة ( زياد) تستنجده وعلي المقابل ركل ( هشام ) باب غرفة المكتب بقدمه بقوة .. مازالت تترجاه بآهات مكتومه
" سيب ايدي بقي .. انت مش طبيعي "
دفعها بقوه للامام حتي ارتطم جسدها بالاريكه .. اتسعت حدق عيناها عندما رأته ينزع حزامه الجلدي من وسطه .
" انت هتعمل ايه "
ثني حزامه بنظرات ناريه ثم جلس علي كرسي مكتبه
- هااا احكي بقي ..
اعتدلت في جلستها : احكي اقول ايه ؟!

ضرب كفه الاخر بالحزام برفق
- كله كله .. مين زاقك عليا يابت انتي .
ابتعلت ريقها وهي تستجمع شتات قوتها
- والله انا حكيتلك كل اللي حصل .. عاوز تصدق صدق مش عاوز براحتك .
مط شفته لاسفل وهو يشعل سيجارته
" شكلك هتغلبيني معاكي .. بس هطول بالي شويه اسمك كامل بقي ؟!
ساد الصمت لبرهه ثم قالت
- اسمي فجر .. فجر صبري مزيون .
قام مفزوعا من مقعده بمجرد سماعه للاسم
- بتقولي مين ؟! انتي بنت صبري مزيون !!
انتفض جسدها عندما راته يدنو منها بخطواته المتمهله
اومأت ايجابيا :" هو حضرتك تعرفه ؟! "

جلس (هشام) بجوارها :" مش هو دا اللي متهم في قضية تهريب سلاح وقتل عساكر الامن ؟!"
هربت دمعه من عينيها بضيق
- والله ماحصل .. ابويا مستحيل يعمل كده .. هو كان شغال سواق بينقل الخشب والمحصول من عند العمده "
نظر اليها باهتمام
- العمده ايووه قوليلي بقي اي حكايته الراجل دا .
ابتلعت ريقها ومسحت بانامله جبهتها التي تصببت عرقا
" رجل من كبار البلد كل مشيه بطال .. الف مين يخافه ويعمله حساب .. متجوز ٣ ستات واحده كانت بنت عمه ومراة اخوه الله يرحمه والتانيه عجبته .. والتالته من اسكندريه ابوها صياد .. وانا __"
تلعثمت الكلمات بحلقها ، قال لها باهتمام
- انتِ ايه بقي !!
تنهدت بضيق وحزن : وانا ابقي الرابعه .
اتسعت حدقة عينيه : واي اللي جبرك علي كده .؟؟
فركت كفيها ثم اكملت حديثها
- كان جاي يخطبني من جوز مراة ابويا لابن اخوه ( خالد ) واول ماشافني طلبني ليه .. انا اعترضت طبعا ورفضت حط براءة ابويا في كفه وجوازي منه في الكفة التانيه .
ارتسمت ابتسامه ساخره علي ثغره
" انتي هتاكل بعقلي حلاوة يابت !! ابوكي كان هيتنفذ فيه حكم الاعدام امبارح "

انهمرت الدموع من عينيها وابتلعت غصة حزنها
- هو دا اللي عرفته متأخر وان ( زيدان ) كان بيضحك عليا . هربت منه عشان اشتغل واقوم لابويا محامي للنقض في الحكم .. والقدر وقعني في سكتك .

نظر لها في شك وبنبره مسايسه
" بصي طبيعة شغلي علمتني دايما افرض سوء النيه حتي يثبت العكس .. ومش العكس .. متأكد ان أفق عقلك مش مستوعب كلامي بس ركزي معايا "

رفعت حاجبه مستنكره :" افق عقلي !! كمل حضرتك "
وقف( هشام ) يجوب امامها ذهابا وايابا بخطوات متباطئه
- هساعدك عشان شكل هدفنا واحد .. بس بشرط !
شعرت بثقل شديد هجم فوق صدرها
* ايه !!
اكمل هشام كلماته بنبرته الهادئه
- هحميكي من الزفت دا لحد مااوصله لحبل المشنقه بايدي .. وهقوم لابوكي اكبر محامي .. مقابل انك تحكيلي كل كبيره وصغيره عنه .

فرت دمعه من عينيها متسائله
- لسه حضرتك قايل فرض سوء النيه حتي يثبت العكس .. ازاي هتساعدني وانت مش واثق فيا .

دنا منها ثم انحني اليها مخترقات قانون المسافات هامسا في اذانها
- دا مايمنعش ان ترمومتر الثقه فيكي اقل من الصفر .

تبادلت اعينهم بنظرات متشتته حتي اتمزجت انفاسهم المتصاعده .. ارتسمت علي ثغره ابتسامه ساخره قائلا
- وهتنازل واسمحلك تشتغلي خدامه عندنا لحد ما مهمتك تخلص .. بس دا مايمنعش ان عيني هتكون عليكي ٢٤ ساعه .

ضحكت بصوت مسموع : خدامه !! لا والله مش عارفه اودي خدمات معاليك فين !!
ثم قامت ووقفت امامه منتصبة القامه تبادره
- تسمحلي اسأل سؤال .
اجابها ببرود : لا .. هنا انا بس اللي اسأل .
- مغرور .
اجابها بهدوء : مش عاوز قلة ادب ياريت عشان متغباش عليكي ..
- انا مش قليله ادب .. انا بس واجهت غرورك وكبريائك من غير مجامله .
مازال مؤشر الهدوء عنده ثابتا : مش عاوز اسمع كلام انتي مش اده .. يااا ولا بلاش يلا روحي اعمليلي حاجه اشربها واعملي بلقمتك.

- بتتكلم بثقه فظيعه محسسني اني وافقت علي عرضك
تحرك مؤشر الهدوء عنده لثقه اشبه بالغرور
" مقدامكيش حل تاني .. عاوزه تخرجي اتفضلي مش همنعك "
محدق النظر في عيونها التائهه وكإنه يتلذذ بثوران غضبها
" هو انا مش امرت تعمليلي حاجه اشربها .. واقفه ليه بقا .. ولا هي الوقفه عجبتك "

فاقت من جراءة كلماته مذعورة يرتعد قلبها كالريشه في الهواء وهي تهم بالمغادره من امامه قائله بضيق
" انت مريض والله ولازم تتعالج "

قبض علي ساعدها بقوة جعلتها تدوي صرخه قويه احتشدت العبرات داخل مقلتيها
همس في اذانها قائلا
- لسانك الطويل دا لو متلمش هقصه ..

شعرت بتحطيم كبريائها علي صخور عناده دفعته بكل قوتها مبتعدة عنه
- تحب اقصلك مترين تستر بيهم كرامتك اللي هتتمرمط دلوقتي ؟! قال خدامه قال !!
ضم قبضته علي ذراعها اكثر
- من حسن حظك ان ( هشام السيوفي ) مش بيمد ايده علي حريم بس شكلك كده بتلعبي في عداد عمرك.

دخلا اخوته عليهم الحجره
رهف وهي تقترب نحوهم : صوتكم عالي كده ليه .. ماتفهمنا ياابيه !
زياد باستغراب : ماتفهمنا في اي ياهشام واي حكايتها البت دي .
اتزن مؤشر هدوئه مجددا وراتسمت ابتسامه ساخره علي ثغره قائلا
- دي الشغاله الجديده ..
بات الخوف يسيطر على كيانها
- انت عاوز منى ايه ..
اقترب منها منحنيا لزاويه اذنها قائلا بنبرة كلها شر
- القلم بتاع القسم ... ممم هطفحولك .
- عرضك مرفوض ...
ساد الذهول والدهشه بينهم ثم المقت عينه نظره قاسيه قبل مغادرته علي صوت نداء والدته المفاجئ .
( رهف ) بتلقائيه : ماما شكلها رجعت .
ترك (هشام) مجلسهم .. تراقصت حواجب ( زياد) فرحا قائلا : "الله ! دي شكلها احلوت اوي ."
تقافزت افكار ( فجر ) هنا وهناك مابين كبريائها وعنادها وبين الفرصة الوحيده التي ستنقذ والدها
انبأتها ( رهف ) بنظراتها الفضوليه
" اقولك علي حاجه .. انا مش متفائله خالص "

- اللي عاوزه افهمه .. اخوكي دا بيفكر اززااي ؟؟!
لم تكد ان تجيبها الا ان التفوا جميعا الي نبرة صوت ( عايده) المرتفعه بالخارج
" مافيش فايده فيك طول عمرك هتفضل اناني زي ابوك ياهشام مش شايف غير نفسه وتصرفاته هما اللي صح الباقي مابيشوفش بتكابر فالغلط .. انا خلاص تعبت من اسلوبك واهمالك "
ركضوا جميعا للخارج الا (فجر) التي اختبأ جسدها خلف الباب تستمع لحوارهم .
قطب (هشام) حاجبيه بهدوء ولم يبال اي اهميه لصوت امه المشجون غضبا منه
رهف بلهفه : مش وقته ياماما !

اطلقت (عايده) ضحكه ساخره :" تعالوا شوفوا اخوكم مراته طالبه الطلاق .. نسب عمره ماكان يحلم بيه "

فهم ( زياد) محور حديثهم فلم يبال هو الاخر لهم اي اهميه
ارتدي [ الهاند فري] وصعد لغرفته بهدوء .

رهف بصدمه :" يااالهووي اززااي .. بصراحه بعد اللى هببه اخويا هو يستاهل ..

مازال (هشام) يراقبهم بنظرات اللامبالاة
زفرت ( عايده ) باختناق :" البيه خلي سيرتنا علي لسان .. وخسرني صاحبة عمري .. لا وكمان ولا هامه عشان واحده شحاته منعرفش جايبها من اى داهيه "

اقتربت منه ( رهف ) : بصراحه يابيه مياده استحملت كتير .

وقع الاسم علي اذان ( فجر ) كالصاعقه
هز ( هشام ) كتفيه ببساطه ثم اردف قائلا
- انا ماسبتش حد .. هي اللي سابت وانا مش هتمسك بواحده مش عاوزاني اكيد .

نفذ صبر امه : ولا هي هتتمسك بلوح تلج زيك .. انسان معدوم المشاعر والاحاسيس .. مابيفهمش غير لغة المجرمين والبلطجه ..

اخرج سلسله زفير متواتره قائلا ببرود : الموضوع خلص .. ولو علي الجواز والارتباط انا خلاص اتجوزت مصر عن اذنكم .

طافت (عايده) بعينها يمينا ويسارا بذهول وعصبيه
" شايفه اخوكي وتصرفاته !!! هيجنني "

توجهت (عايده) الي غرفته وهي تضرب الارض بقدميها غضبا .. ركضت ابنتها خلفها وعلي حدا توجه (هشام) الي حديقه منزلهم الصغيره ينفث دخان سيجارته .

احتشدت الذكريات داخلها فإنها تتذكر هذا الاسم جيدا .. انغمست في بحور الذنب وعذاب الضمير
اقتربت ( فجر ) منه بخطوات متباطئه وفي عيونها اثار البكاء قاطعه حبال شروده
- انا اسفه..لم تلق اي جواب او تعبير بعد علي اعتذارها .. فركت كفيه واقتربت من مجلسه قليلا وهي تستجمع شتات قوتها
" علي فكره لو انا السبب في كل اللي حصل مع مراتك ممكن اروح اكلمها وافهمها اللي حصل .. انا والله معرفش عملت كده ازاي ومجاش في بالي خالص كل دا ممكن يحصل "
القى عليها نظره متغطرسه
" قهوتى اللى طلبتها فين !!"

يتبع


تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close