رواية في احضان الوحش البارت الخامس 5 بقلم فاطمة حمدي
الفصل الخامس
خرجت زينـة من الغرفه فتفاجئت بسها التي تجلس بصحبة السيدة نادية وإبنتها ندي..
هتفت ندي ما ان رأتها: ماما زينة هتعيش معانا..
رفعت سها حاجبيها بإندهاش وتابعت:
تعيش معانا؟!
جلست زينـة بارهاق ويأس قبالتهن علي الأريكه لم تعرف ماذا تقول لها الان..
أتقول انها ستتزوج من زوجها مجبرة علي فعل ذلك!
قالت ناديه متدخلة في الحوار:
زينه هتقعد عندي كام يوم يا سها عشان في مشاكل بينها وبين امها.
نظرت سها لها بشراسة فانها تعلم ان اكرم يريدها زوجه وحبيبه تعلم جيدا انه يعشقها هي وقد صرح لها ذات مرة بهذا الشئ، ورغم انها لا تحبه الا انها تحقد عليها الان فمن هذه حتي يعشقها الوحش!!
تحاشت زينـة النظر إليها وإزدردت ريقها بتوتر وهي تدعي الله سرًا ان يُنجيها من ذلك المأزق..
أصدر هاتف سها رنين معلنا عن وجود اتصال، فنهضت بعد ان رمقت زينه بنظرات ناريه مغتاظة وتوجهت الي شقتها..
ما ان دلفت حتي أجابت واضعه الهاتف علي اذنها:
- أيوة..
آتاها صوته هامسًا: مجتيش ليه يا بيبي؟
زفرت أنفاسها وتابعت بضيق ؛ أكرم مرضيش ينزلني
تابع بحنق:
اووف، ياربي ده انا كنت مستنيكي علي نار، يلا معلش يا قلبي تتعوض بعدين..
عضت على شفتها السفلي بغضب قبل ان تتابع حانقة:
انا زهقت منه ومن تحكمه فيا، نفسي أطلق منه بقي ونعيش انا وانت مع بعض.
تابع بمكر:
يا حبيبي وانا كمان بس مينفعش دلوقتي خالص.. سبيها بظروفها بقي
قالت بايجاب: حاضر..
قال بغزل: كنا بنقول ايه بقي امبارح؟
احمرت خجلا لتبادله همساته المحرمة وتغوص معه في عالم الحرام غير مباليه بأي شيء سوي انها وجدت ملاذها ومن يفهمها ونست انها تفعل ما لا يحمد عقباه..
...........
- سرحانة في ايه يا بنتي؟
أردفت السيدة ناديه بهذه الكلمات موجهه حديثها لزينه التي انتبهت قائلة: ها..
عادت تكرر: بقولك سرحانه في ايه يا زينه
أغلقت عينيها بألم وتابعت: في حالي يا طنط ناديه، يعني عاجبك الي ابنك بيعمله ده؟
حركت رأسها نافية قائلة بإتزان: مش عاجبني اندفاعه طبعا ولا عاجبني اصراره لكن انا لازم اقولك انه بيحبك وعمره ما حب غيرك حتي انه عمر ما حب مراته، هو اتجوز مراته لما ابوه الله يرحمه قاله عليها جواز عادي لكن حب لا..
تابعت زينه باختناق: وانا ذنبي ايه بس، انا مش عاوزة اتجوز ولا عاوزة اخد واحد متجوز وابقي خطافة رجالة في عيون الناس وانا يعلم ربنا بقول يا حيطه داريني!
تنهدت ناديه:
يابنتي الناس عارفاكي كويس ومن ناحية سها هي عمرها ما حبت اكرم اصلا..
قالت زينه بتوسل: طيب هو انا مينفعش اقعد معاكي فترة يا طنط ناديه لحد بس ما ارتب اموري كده وبعدين اشتغل واحاول أجر شقه صغيرة اعيش فيها من غير ما أتجوز أكرم!
صاحت ندي مقاطعة حديثهما:
لا عيشي معانا يا زينه بابا حلو ليه مش بتحبيه بابا حلو
قالت ناديه ضاحكة: بس يا زقرده قومي العبي واتفرجي علي الكرتون يا ندي..
قفزت ندي وهي تقول بمرح: ماشي يا تيته بس خلي زينه تحب بابا عشان بابا حلو يا تيته..
أومأت ناديه بإيجاز: حاضر يا قلب تيته يلا روحي بقي
ركضت الي داخل الغرفه لتلعب بألعابها بينما قالت ناديه بهدوء:
- يا حبيبتي انتي تقعدي وتنوريني علي عيني وراسي بس انا خايفه عليكي، من الدنيا مفيش بنت بتعيش لوحدها الناس يا بنتي نفوسها وحشه..
زينه بحزن:
يعني كده انا مقدميش حل غير اني اتجوز اكرم صح؟
ردت عليها بجدية:
ينفع يبقي زواج علي الورق بس؟ يعني يكتب عليكي بس عشان كلام الناس ووعد مني بقي مخلهوش يلمسك وتعيشي معايا معززة مكرمه لحد ما تقرري انتي عاوزه ايه وحاجة من الاتنين يا اما هترتاحي ليه وتحبيه يا اما هتكرري الطلاق وساعتها هحترم قرارك ايا كان وهساعدك برضو، ولو بقي عاوزة تتجوزي الراجل الي امك جيباه انتي حره يا زينه بس انا زي امك بقولك مصلحتك مع ابني اكرم وانا معاكي..
صمتت زينه بحيرة، وهي تفرك مقدمة رأسها بضيق وظلت الافكار تتخبط داخلها ما بين الرفض والقبول..
.........
أسدل الليل ستائره كلما اقترب الليل كلما توترت زينـة فقد حان الوقت ان تقول قرارها كما قال أكرم لها انه في المساء سيأخذ منها القرار النهائي..
عاد إلي البيت منهكا بعد يوم شاق في العمل، إتجه الي شقة والدته وطرق الباب بلهفه فانه يشتاق لسماع ما انتظره طويلا منها..
فتحت السيده ناديه الباب فدلف اكرم قائلًا بخشونة: مساء الخير يا امي..
ردت مبتسمه: مساء النور يا اكرم.
سألها وعينيه تزوغ بالمكان: ندي نامت؟
أومأت هادئة: اه من بدري..
تنهد وقال:
واخبار زينه ايه يا ماما لسه مصدره دماغها؟!
اقتربت منه قليلًا وتابعت بصوتٍ خافت: افرح يا سيدي هي موافقه مبدئيا تتجوزك..
اتسعت ابتسامته وقال بذهول: بجد!!
قالت بحذر: بس انا وعدتها انه هيبقى جواز علي الورق بس لحد ما نشوف هنعمل ايه..
تجهمت قسمات وجهه وهو يردف بضيق: وتوعديها ليه يا ماما الله!
ناديه بغيظ: انا غلطانة اني اقنعتها توافق واقنعت امها كمان!
صمت أكرم وهو يزفر بضيق، فتابعت ناديه بخفوت: يابني الباقي عليك بقي انت الي لازم تحببها فيك طالما بتحبها ورايدها
أومأ أكرم علي مضض ليتفاجئ بها تخرج من الغرفه قائلة بهدوء وتوتر: مساء الخير..
ردت عليها وهو يتأملها بنظرات حانية نوعا ما: مساء النور يا زينة البنات..
إستأنف حديثه: اعمللنا شاي يا أمي..
تحركت ناديه في اتجاه المطبخ وتركتهما بمفردهما..
سار اكرم الي الأريكه وجلس مشيرا لها بحزم: تعالي اقعدي ولا هتفضلي واقفه كده؟
جلست قبالته وظلت صامته في حين قال أكرم بجدية: عرفت انك وافقتي علي الجواز من ماما..
إستجمعت شجاعتها وراحت تقول بثبات: ايوة لكن عندي شروط..
ضيق عينيه قليلًا ثم أردف بحزم: سامعك!
تنهدت وقالت: اولا ده هيكون زواج مؤقت بس لحد ما اشوف هعمل ايه وارتب نفسي..
وثانيا... قالها وهو ينظر لها بتمعن..
تابعت زينه بخجل: الجواز ده هيكون علي الورق بس عشان كلام الناس.. تمام؟
صمت وهو يمط شفتيه بعدم اقتناع، فواصلت زينه بحزم: اوعدني بكده!
قال اكرم بصرامة: اوعدك بايه انا بقولك بحبك ومضمنش نفسي في اي وقت..
زينه بحدة: يبقي مش موافقه هي دي شروطي.
عض شفته السفلي بغيظ وتابع: اوك، موافق بس انا كمان ليا شروط ولا هو حلو ليكي انتي بس؟
سألته بحنق: ايه هي الشروط دي؟
أرجع ظهره للخلف حيث استند علي ظهر الأريكه وقال رافعا أحد حاجبيه: كلامي هيتسمع ديما وواجب عليكي تطعيني حتي لو زواج مؤقت، ثانيا بقي لما اطلب منك اي حاجة تنفذيها.. تمام؟
تأففت وهي تقول: زي ايه مثلا؟
قال بثبات: اي حاجة غير حقوقي الشرعية الي انتي هتمنعيني منها، يعني مثلا جعان تأكليني مهموم تهوني عليا.. انهي جملته بغمزة من عينه، لتصيح زينه ؛ والله! انت هتعملي فيها سي السيد
أشار لها بسبابته وهو يقول بغضب: صوتك ميعلاش عليا لحسن انا غضبي وحش اوي اوي بعدين تندمي يا زينة البنات!
كادت ان تموت غيظـا من اسلوبه الغريب تماما.. يشد ويلين في آن واحد يغضب ثم يهدأ بل ويُغازلها ايضا!! فأي نوع من الرجال هذا؟!!!
آتاها صوته الرجولي: اتفقنا؟
قالت علي مضض: ربنا يسهل.. ثم تابعت في تساؤل: طيب ومراتك سها؟
أكرم بجدية: مالها؟ عادي هي ولا علي بالها اصلا متقلقيش انتي..
أومأت رأسها في صمت..
لينهض أكرم قائلًا بإيجاز: تمام يا عروسه هروح اجيب الماذون..
اتسعت عينيها قائلة بخوف: علي طول كده، استني شوية
رمقها بنظرات قاتله:
بلاش لعب عيال اومال وهستني ليه انا بقي؟ ولا عاوزة ترجعي في كلامك!
صمتت بضيق فإستكمل بحزم: حضري نفسك واندهي علي امك عشان تحضر كتب الكتاب..
انهي كلامه وخرج تاركا اياها في حالة يأس بل وإحباط من الذي ينتظرها بعد الان هو وعدها بتنفيذ شروطها ولكنها لم تثق به وتخشي ان يرتكب أي حماقة معها...
...............
بعد مرور ساعة من الزمن، كانت تقف أمام المرآة وهي تفرك كلتي يديها في بعضهما بتوتر وخوف شديدين، ازدردت ريقها بصعوبة بالغة حين دلفت أمها تحدثها بصلابه وهي تهتف: يلا يا عروسه، يعني وافقتي اخيرًا تتجوزي أكرم..
ترقرقت العبرات في عينيها قبل أن تردف بحزن دفين:
- كله بسببك انتي لولا انك فرطتي فيا وفضلتي جوزك عليا مكانش ده بقي حالي ووافقت اتجوز، هو انا يعني هعمل ايه وهروح فين؟ للأسف مفيش قدامي حل غير أكرم!
قالت نجلاء معاتبه: انا فرطت فيكي؟ ازاي بقي كل ده عشان مش راضيه اصدق ان شكري اتعدي عليكي!! وعاوزة اجوزك واطمن عليكي ابقي بفرط فيكي يا زينة!؟
مسحت زينـة دمعه حارة هبطت فوق وجنتها ثم تابعت بإيجاز: الكلام مش هيفيد بحاجة، الله يرحمـك يا بابا لو كنت موجود مكانش ده كله حصلي! ..
طرق أكرم علي باب الغرفة قبل أن يفتح وهو يقول بتلهف: يلا يا عروسه المأذون مستني إمضتك!!
ابتلعت ريقها بمرارة ورمقته بحدة ثم خرجت من الغرفه سريعًا واتبعتها أمها، فوقف أكرم قليلًا يتنشق عبيرها وهو يحدث نفسه بخفوت: بكرة تعرفي اني محبتش حد قدك يا زينة البنات!