رواية الوجه الاخر للذئب الفصل الثاني 2 بقلم ياسمسن السيد قنديل
الفصل الثانى- صدفة :
عودة إلى الماضى :
على تخت وثير فى احدى غرف ڤيلا الديهى ، تسكنه العرائس و الألعاب. كان يستلق ملاكا هائما فى أحلامه البريئة ليرتسم على فمه المكتنز ابتسامة رقيقة .. بشرة ناعمة .. عينين لوزيتين تحرسهما اهداب غزيرة .. يتوجهما حاجبين بلون حبات القهوة الغنية ، و أنف دقيق تداعبه فراشان ناعمة كما صورت لها أحلامها فحركت يدها الصغيرة تبعد تلك المزعجة التى تؤرق نومها الحالم . أزيحت الستائر عن النافذة لتتخللها أشعة الشمس الحبيسة خلفها. فعبست ذى الوجه الملائكى لوصول الضوء إلى عينيها فألقت بالغطاء فوق رأسها ، لتمسك به يد أخرى فى عناد و تنزعه عنها فلم تبال و ظلت متمسكة بنومها الهنىء فيداعب وجنتها أصابع حانية.. نعم حانية .. فقط عليها هى.. ليردف آسر قائلا :
- لوچى ! حبيبة بابى ، ياللا اصحى هنتأخر ع المدرسة .
- بابى ، شوية بس.
- اممم ، هتغلبينى زى كل يوم يعنى .
-...........
- يعنى مش هتصحى .. طااايب عارفة لو متصحيتيش دلوقتى أنا هعمل ايه ؟
- ايه ؟
- هعمل.... كداهوه... حملها بين ذراعيه متجها بها إلى الحمام.
- لاااا يا بابى بليز .. خلاص خلاص صحيت أهو.
- أيوا كده ، ياللا خمس دقايق و ألاقيكى هنا .. آاااه و ماتناميش ف الحمام هاه.
فى الأسفل ، كانت العائلة تلتف حول طاولة السفرة يتناولون فطورهم.
آسر : صباح الخير .
رد عليه الجميع التحية.
سناء : اقعد يا ابنى افطر .
آسر : مفيش وقت يا ماما يدوب ألحق أوصل لوچين المدرسة.
سناء : هتفضل كده لحد امتى بس .. ياما قولتلك اتجوز واحدة تشيل معاك...
آسر : يووووه يا أمى .. احنا مش هنخلص من السيرة دى.
قطع حديثهم صوت فتاة يافعة تهبط الدرج فى اتجاههم ينسدل شعرها الأسود على ظهرها ، تشبه عينيها عينى الغزال و يميزها حواجبها السوداء الكثيفة و شفاه ودرية مكتنزة ، كانت هذه ريم الأخت الصغرى لآسر .
ريم : و أنا كمان مش موافقة يا ماما ، أنا بغير على أخويا و مش هسيبه لواحدة تانية.
ضحكت سناء و بينما كانت ريم متجهة إلى الطاولة جذبها آسر من شعرها قائلا : طب تعالى ساعدى أخوكى فى تحضير شنطة بنته و لا هو كلام و بس .
ريم: آآآه ، طب حاضر ما بالراحة.
جاءت لوچين تركض نحوهما
- بابى ، مش عارفة أسرح شعرى .
تناول منها آسر المشط و صفف شعر طفلته و ألبسها حقيبتها بعد أن انتهى من تحضيرها و كأسا من عصير المانجو المفضل لديها ، ثم غادرا المنزل و ركبا سيارته الچيب .
آسر : لوچى ، اربطى الحزام .
و بعد أن ربطا كلاهما حزامه تحرك بالسيارة إلى خارج المنزل بسرعة متوسطة ، لم يبتعد كثيرا حتى فرمل سريعا و نزل من السيارة فى عصبية بالغة
- أنتى غبية ؟!! عايزة تموتى يعنى!! فى حد بيخرج من زاوية كده من غير ما يشوف أدامه .
كانت تقف أمامه فتاة مشدوهة تتسع مقلتيها البندقيتين و فاه مفتوح ثم قالت بغضب :
- ايه ده ؟!! أنت االى كنت هتدوسنى على فكرة و بدل ما تعتذر بتزعأ .
- انتى مجنونة ،صح؟
- لا ده انت كمان عديم الذوق.
شد آسر على قبضة يده يغمض عينيه محاولا تماسك أعصابه ، إلى أن سمع صوتا طفوليا.
لوچين : خلاص يا بابى ، هى أكيد ماكانتش تقصد .. ياللا بينا هنتأخر على المدرسة .
نظرت لها الفتاة بشفقة ثم أردفت : يا حرااام !! ده باباكى؟!! ربنا يكون ف عونك .
رمقها آسر بحنق ثم ذهب إلى سيارته و ركبها و تحرك بسرعة محدثا جلبة و غبار أغرقها . وقفت الفتاة تسعل تحاول فتح عينيها اللتين ملأهما التراب فصرخت بانفعال : مجنووون و غبى ... بداية مبشرة يا مصر.
عودة إلى الڤيلا :
كانت تجلس ريم بجانب مروان يتناولان طعام الافطار بعد ما غادر آسر و ابنته.
ريم : أومال بابا فين يا ماما ، مانزلش يفطر معانا ليه ؟
سناء : الحاج فطر من بدرى و خرج ، قال عنده مشوار قبل ما يروح المصنع .
ريم : اممم.
رمقها مروان بنظرة خبيثة ثم قال : و بتسألى ليه؟ مش عادتك يعنى ، اطلعى بالمصلحة اللى كنتى عايزاها .
ضحكت سناء بينما زمت ريم فمها فى غيظ ثم قالت : ليه فاكرنى زيك يا...
بتر حديثهما أو بالأحرى شجارهما صوت جرس الباب الداخلى للڤيلا ، كادت سناء تنهض لكن أوقفتها ريم : هفتح أنا يا ماما .
مروان بمجاكرة : من امتى ده يا بت ؟!
التفتت إليه و قذفته بنصف التفاحة التى كانت تأكلها لكنه التقطها ببراعة و قضم منها بشراهة رافعا حاجبيه لإغاظتها.
زفرت ريم سخطا تضرب الأرض بقدميها و اتجهت إلى الباب و فتحته ليظهر أمامها فتاة معبأة بالتراب .
ريم بسعادة بالغة : كااارين!! حمدا لله ع السلامة .
عانقتها ثم أدخلتها : اتفضلى .
كارين بوهن : الله يسلمك يا ريم ، مبسوطة انى شوفتك أخيرا بعد مكالمات سوشيال ميديا لسنين .
سناء بترحاب : أهلا أهلا يا حبيبتى تعالى...
عانقتها سناء بود ثم أكملت : نورتى مصر كلها يا حبيبتى.
كارين : ميرسى يا طنط منورة بيكم.
سناء : اقعدى يا بنتى ارتاحى.. اكيد السفر كان متعب.
ريم بضحك : لكن ايه اللى عمل فيكى كده ؟
لكزتها والدتها فى حين تبدلت ملامح كارين إلى الغيظ ثم قالت : واحد غبى كان هيدوسنى ، لا و نزل يزعأ كمان .. بجاحة ماشوفتش زيها ف حياتى.
مروان: لا انشفى كده .. لازم تتعودى ع كده طالما جيتى مصر.. محسوبك مروان.
ضحكت كارين و مدت يدها تصافحه بمرح : أهلا بيك .
بادلها التحية بنفس القدر من المرح.. كانا الاثنان يشتركان فى هذه الصفة إلى حد كبير فأردف مروان قائلا : طايب أنا رايح الكلية بقا ، فى جثث مستنيانى ،أى خدمات؟
ضحكت كارين بعدم فهم فلاحقتها ريم قائلة بمشاكسة : أصل البيه ف كلية طب.
أومأت كارين و قد اتسعت ابتسامتها التى تصل أحيانا إلى حد البلاهة : آااه ، أوكى.
سناء : تعالى يا حبيبتى أوريكى أوضتك علشان تاخدى شاور و ترتاحى شوية .
كارين : ياريت يا طنط .
ريم : طاايب أنا رايحة الكلية بقا... مرواااان استنانى .
مروان و هو يبتعد : لاا..
ركضت ريم للحاق به بينما وقفت كارين تضحك ثم ذهبت مع سناء إلى غرفتها .
فى شركة الديهى للأثاث :
آسر بسخط : هو يوم باين من اوله ، ازاى ده حصل يعنى مش فاهم؟! اتفضل اجمعلى رئيس قسم التصميم و رئيس قسم الرسم الهندسى و المسئول عن متابعة الانتاج و مدير ال HR فى اجتماع طارئ حالا .
السكرتير : أمرك يا آسر بيه .
كان آسر فى طريقه إلى مكتب والده بينما ذهب السكرتير لعقد الاجتماع .
- السلام عليكم يا حاج .
- و عليكم السلام يا ابنى ، شوفت اللى حصل؟
- ماتقلقش يا حاج كل حاجه هتبقي تمام و الغلطة دى مش هسمحلها تتكرر تانى .
هز والده رأسه فى يأس : ربنا يسهل .
فى الاجتماع :
وقف آسر على رأس الطاولة ينظر بامعان فى وجه كل فرد ثم أردف :
- ممكن حد يفسرلى اللى حصل ، يعنى ايه تدو أوردر للمكن برسم هندسى غلط ، هاه يا بشمهندس يعني ايه؟ طب فلتت منك دى، رئيس القسم ايه بقا ؟!! بتعدى الورق من غير ما تراجعه؟! و مراقب الانتاج حضرتك بتدى اوردر للمكن بانتاج الكمية دى كلها من غير ماتعمل عينة اختبار.
- يا فندم...
- اخرس.. مش عايز أسمع تبريرات.
ثم وجه حديثه إلى مدير ال HR :
- أستاذ محمد ، الأساتذة هما اللى هيتكلفوا ثمن الخساير دى .. ده غير رفد البشمهندس اللى كان عايز يبرر خطأه و تكتب لعد الخبرة الكافية و الأخطاء الفادحة.
- تحت أمرك يا آسر بيه .
- اتفضلوا .
خرج الموظفون من غرفة الاجتماعات بينما أخرج آسر زفرة غضب و عاد إلى مكتبه ليباشر عمله .
الوجه الاخر للذئب