رواية مهرة والامبراطور البارت الثامن 8 بقلم مي مالك
(في المساء)
عادت من عملها وصعدت إلى غرفتها دون أن تتحدث مع أحد ، ولم تتناول الغذاء متعللة بكثرة العمل ، أما في الحقيقة هي كانت تعاني من فرط النوم ، حيث أنها كانت تنهض صدفة لتكتشف الساعة ثم تنام مرة أخرى ، ولم تدري بما كان يحدث بالأسفل
"ولله ده قراري إلى مش عاجبه هو حر أنا عن نفسي مقتنع بيه جداً"
قالها مازن وهو ينهض بغضب ، لخالته وشقيقته الحانقين من تمسكه بمهرة ، نهضت نورا لتقف أمامه وهي تقول بتحدي :
"هو أنت إيه إلى جرالك متمسك بيها كدة ليه"
لقاها بعيون متحدية :
"عشان هيا مراتي ومهما حصل ومهما عملت مراتي ويحقلي أتمسك بيها زي ما هي متمسكة بيا وببنتي مع أنها ممكن بسهولة تتنازل عن الموضوع ، أنا نفسي بشوف بنتي وتحسنها وأنا مكرهش لبنتي الخير ، يمكن مهرة عرفت تعمل إلى مريم معرفتش تعمله وهيا أنها تقربني من بنتي ، وتقولي كلام أنتي نفسك عمرك ما هتقوليه"
"مازن أنت جي تكبر وتاخد قرارات على مين ، على أمك وأختك ، على إلى ربتك أنت وأخواتك وإلى خليتك بني آدم تقف تزعق في وشها"
"إلى ليه عليا جمايل يجي ياخدها ، أنا محدش ليه عليا جمايل ، وأذا كنتي ربيتي أخواتي ف دي أسمها خدتي بالك منهم ودي حاجة فوق دماغي ، أنما جمايل مظنش ، أنتي مدفعتيش ربع جنيه لا في تعليمي ولا في تعليم أخواتي أنا إلى عملت كل ده ، أنا إلى خدت بالي منهم ومن تعليمهم أنا إلى أحب يكونو أحسن مني مش أنتي ، مهما كان كان ولادك أهم ، أنما أنا كانوا هما ولادي وأهلي ، وتقدري تسألي ليان"
وأقترب من ليان وأشار إلى نورا قائلاً :
"خالتك بتقول أنها كبرتنا وربتنا وخليتنا ناس محترمة زي ما أنتي شايفة ، مين إلى كبرك يا ليان أنا ولا هي ، مين إلى كنتي بتقوليله يا بابا وبتجري تستخبي في حضنه أنا ولا هيا ، مين إلى كان بيجبلك كل حاجة ومفتكرش مرة أنك قولتيلي على حاجة وأنا قولتلك لا فيها ، أنا كان عندي أشتغل شغلانة وأتنين وأكفيكي أنتي ويامن ولا أشوفك زعلانة ، لما كنتي بتحتاجي حاجة كنتي بتطلبيها مني ولا منها ، أتكلمي يا ليان"
صرخت نورا قائلة بغضب :
"يعني أنت بقى كل إلى عندك فلوس وبس"
" أنا مقولتش كدة ولا جبت سيرة الفلوس ، بس لو الموضوع فلوس ف إلى دفع حاجة سواء ليا أو لأخواتي يجي ياخدها ، أنا دراستي وقفت عشانهم ، وأنا برضو إلى كانوا هما بيتخرجوا وأنا لسة ببدأ حياتي ، فلما تيجي تتكلمي عن التربية ف أنا إلى ربتهم وأنا إلى أديتهم من مشاعري وأنا إلى أستحق حق أني أكون أبوهم ومحدش يقدر ينكر حاجة زي كدة"
ثم نظر لليان وهو يقول بوجع :
"خالتك أهي فكري في كلامها وشوفي عايزة تتقلبي عليا ولالا ، وأفتكري أن محدش يستاهل أنك تبعدي عني عشانه ، قعدي وفكري عايزة تقعدي لو الأرض مشالتكيش أشيلك في حضني ، أنتي زيك زي ملك بناتي وهتفضلوا بناتي مهما حصل"
ثم قبل رأسها وهو يقول بوجع :
"ومهما حصل أنا بحبك وهفضل أحبك برغم من كل عمايلك المجنونة"
حاوطته ليان بذراعيها ثم وضعت رأسها على صدره وهي تقول بحب أخوي بالغ :
"وأنا كمان بحبك ومهما عملت هفضل أحبك"
____________
قررت ليان العودة لحضن مازن ، والبقاء بقربة ، وكأنها تثبت لنفسها أنه مهما حدث سيظل رابطهم أقوى من أي علاقة ، مهما كانت تلك العلاقة مثيرة وجميلة وذو شعر طويل وأهوج
مرت الأيام بهدوء كانت مهرة لا تقترب من ليان ولا حتي تحاول ، كانت يومياً تذهب للعمل متأخرة بسبب نومها الكثير ، بل وقصرت مع ملك ودراستها وهذا ما لاحظه مازن عندما رأي علامات ملك في الأختبار الشهري ، كل ما تفعله هو النوم ، أصبحت قليلة التركيز ، كثيرة الشرود ، لا تأكل جيداً ، تشرب قهوة بمعدل كبير عن العادي ، بشرتها أصبحت شاحبة كالموتي ، دائما ما تشعر بصداع ، صداع لدرجة لو تود نطح الحائط برأسها لعلها تهدأ قليلاً ، أصبحت عصبية ولا تتحمل لا خالد ولا ملك ، ولا تكلم مازن ولا حتي تحاول الأقتراب منه ، بل أصبح لا يجمعهم أي شئ تقريباً ، أما ليان فحتي أن حدثتها لا تجيب وكأنها خرساء ، قرر مازن أن يتحدث معها في هذا الأمر لكن الوقت لا يسعه بسبب سرعة مهرة في تبديل ملابسها والذهاب في نوم عميق ، لكنه سوف يحدثها في وقت ما
بدلت ملابسها دون أستحمام بسبب عدم وجود مياه ، هبطت إلى الأسفل لتجدهم مجتمعين للغذاء ، وكالعادة صامتين ، تناولوا الغذاء بهدوء بارد ، ثم صعدت مهرة ببطء إلى غرفتها ، وما أن فتحت الباب :
"يا نهار أسود ومنيل"
قالتها بصراخ ، ليذهب مازن ويرى ماذا يحدث ، ليجد الغرفة تحولت إلى حمام سباحة صغير ، وجد المياة تخرج من الحمام ، ليقترب من الحمام ويفتحه كادت مهرة أن تحذره لكنه لم ينتظر حيث فتح الباب ، ليتفاجئ بكم مياة هائل في وجه ، جعلت نصف بنطاله السفلي مبلل ، وكأنه _بلاش نقول أحسن مازن يزعل _
"أيه ده !!"
قالت مهرة بتوتر :
"أصل أصل أنا شكلي كدة نسيت الحنفايات مفتوحة قبل ما أنزل"
قال مازن وهو يحاول كبت غضبه حتي لا يصرخ بها :
"وأنتي سبتي الحنفيات مفتوحة ليه"
"كنت عايزة أستحما وملقتش مية فسبتها مفتوحة ، متوقعتش أنها هتيجي بسرعة وقوية كدة ، لو كنت أعرف مكنتش فتحتها على الأخر"
"كمان ، حسبي الله ونعم الوكيل"
وتحرك من الغرفة وهو يردد :
"ينفع كدة ، ده عقل ده"
ثم قال قبل خروجه مباشرة :
"أبقى نامي عند ملك لحد ما العمال تنشف الأوضة دي"
____________
ذهب كل منهم إلى فراشه لينعم بنوم هادئ ، نامت مهرة مع ملك برغم من عدم راحتها بمشاركة أحدهم فراشها
في منتصف الليل
"اااااااااااه الحقوووني"
صراخ ملك شق سكون الليل ، أستيقظ مازن مفزوعاً ، وركض بأتجاه غرفة أبنته وتابعه يامن وليان ، فتح مازن الباب سريعاً ليجد مهرة تنام على ملك والأخيرة ترفع يدها وتصرخ تستنجد بأهل المنزل ، أزاح مهرة من على ملك ، نهضت ملك وهي تأخذ نفسها بصعوبة ثم قالت وهي تنظر لمهرة :
"أنا أتكتب لي عمر جديد"
حرك مهرة بعصبية وهو يقول :
"مهرة ، أنتي يا بنتي"
وأصبح يحركها أكثر ويعلي من نبرة صوته ولكن لا حياة لمن ينادي ، قال يامن بقلق :
"لتكون ماتت"
"لا بتتنفس"
وعاد يهزها من جديد علها تستيقظ :
"أنتي يا حجة روحي نامي في أوضتك"
قالت ليان بنبرة ناعسة :
"تنام فيها أزاي وهي غرقانه كدة يا مازن"
"تاخديها تنام جمبك"
قالت ليان بسرعة :
"لا يعم غرقانة غرقانة ، وأنا مالي"
ضرب وجهه وهو يقول بغضب :
"ياربي قتيلة نايمة"
قال يامن بملل :
"يعم خلاص مش هتصحي شيلها ونيمها جمبك ، أنت كبير مش هتفطسك"
لتؤكد ليان على كلام يامن :
"أيوة فعلاً مش هتفرق معاك دي متر ونص"
تنهد بضيق ثم وضع يده أسفل قدمها والأخرى أسفل ظهرها وحملها إلى غرفته ، أما ليان فجلست بجانب ملك وهي تقول بنعاس :
"يلا يا يامن على أوضتك وأنا هنام جمب ملك"
تحرك يامن خارج الغرفة دون كلام ، فالنعاس يسيطر عليه وبشده
أما مازن وضع مهرة على الفراش ثم نظر لها قليلاً قائلاً بقلق :
"ربنا يسترها عليا"
والتفت حول الفراش ليكمل نومه
__________
في الصباح
أستيقظ مازن ورائحة غريبة تداعب أنفه ، فتح عيناه بكسل ، ليجد قدم مهرة ترحب به في وجهه ، أنتفض بسرعة يزيح قدمها من على صدره ، ثم نظر بجانبه بدهشة ، ما الذي جاء بقدم مهرة من ذلك الأتجاه !! ، أزاح الغطاء الخفيف ليجد رأسها بجانب قدمه ، ضرب رأسه وهو يقول :
"متجوز خفاش ياربي ، دي بتطير في السرير ، أزاي لفت اللفة دي !!"
وكزها عدة مرات في ذراعها وهو يحاول أيقاظها :
"أنتي يا ست مهرة ، أنتي يا حلوة"
بعد قليل شعر بالتعب وفقد الأمل في أيقاظها ، نهض وهو يتحسس ظهره الذي يطقطق من الأرهاق ، ثم قال بحنق :
"منك لله يا مهرة الكلب ، أنا كنت بحارب مش نايم ، فاكرة ظهري كيس ملاكمة بنت ......"
وذهب إلى الحمام لينعم بدش هادئ عله يصلح القليل مما خربته مهرة
__________
هبط إلى الأسفل وهو بكامل أناقته المعتادة ، وجد ليان ويامن يجلسون على السفرة يتسامرون في شئ ما ، ترأس السفرة وهو يقول :
"صباح الخير"
ردوا الصباح ثم سأله يامن :
"صحيح يا كبير عرفت تنام أمبارح"
"أه عادي ، أومال أنت فاكر أيه ، هي تقدر تعمل حاجة ده أنا كنت رميتها من السرير"
ضحك يامن وهو يقول مشيراً لليان :
"شوفتي قولتلك يابنتي أخوكي جامد"
هبطت ملك الدرج وهي تحمل بيدها هاتف مهرة التي تركته في غرفتها من أمس ، أعطته لوالدها وهي تقول بطفولية :
"بابي مارد وشوشني"
أمسك مازن الهاتف بدهشة من الصوت الخارج منه حيث
"يا صباح الرعب الساعة دلوقتي 6 ...على المقيمين خارج مدينة الرعب المحافظة على فروق التوقيت ....درجة الحرارة في الضل 25 وده كويس للزواحف ...وأحتمال يبقى جو هايل للكسل ف السرير أو النوم ....أقولك الأحسن ؟ ...عمل تمرينات للمخوفاتية أصحااااا يا شلبي"
نظروا ثلالثتهم لبعض من نغمة المنبة العجيبة التي كانت تضعها مهرة ، والتي لا تدل سوى على شئ واحد أن بداخل تلك الفتاة طفلة صغيرة مازالت لم تكبر بعد
___________
(بعد عدة ساعات)
"الو يا مازن ، أنت ليه سبتني نايمة مصحتنيش"
قالتها مهرة وهي تحول أبقاء نبرتها هادئها ، ليقول مازن ببساطة :
"سوري يا مهرة نسيت أصحيكي ، أتليهيت في نغمة المنبه العجيبة إلى أنتي حطاها"
"ماله مارد وشوشني !!"
"ماله ، هو ده شئ عادي أني شابه في سنك تحط نغمة زي دي"
"مين إلى شابه أناا ، أنا عيلة أساساً بزمتك دي تصرفات ناس كبيرة أنا عيلة يا بابا"
ضحك مازن وهو يقول بنبرة غريبة :
"أنتي ملك"
"ملك مين !! ، ملك بنتك"
"شبهها أقصد ، عندك 26 سنة بس شبهها ، عيلة بتاخد بالها من عيلة"
"ميرسي يا ميزو"
"صحيح يا مهرة ، هو أنتي أزاي طليقك كان بيستحمل ينام جمبك ، أنتي بتفركي جامد ، أنا ظهري لسة واجعني لحد دلوقتي"
قالت مهرة بضحكة موجوعة :
"لا مهو أنا كنت بنام مربوطة مش بتحرك ولا بفرك"
"لا بجد"
"ما أنا بتكلم جد ، بقولك أيه أنت عطلتني وأنا المفروض أروح شغلي إلى متأخرة عليه ، سلام"
"سلام !"
وأغلقت الخط بأبتسامة حزينة ثم همست لنفسها بألم :
"ساعات الأنسان بتكون كل حاجة مسلوبة منه ، حتي أبسط حقوقه يا مازن"
___________
ذهبت مهرة سريعاً إلى الشركة داعية أن لا يحدث أي ملاحظة على تأخيرها ، لكن حمداً لله لم يهتم أحد ولم يتأثر أحد بغيابها سوى عمال قسم البرمجة بسبب ضيقهم من المهندسين الأجانب ، لكن وأخيراً هي جاءت لتنقذ الموقف ، وبعد عدة ساعات وهي تعمل بين المهندسين من هنا ومن هنا حتى تعبوا ليطلبوا القليل من الراحة ، وبعد أن سمحت لهم مهرة ذهبوا إلى الكافتيريا ليرتاحوا قليلاً ثم يعودو يكملوا عملهم ، ثم بدأت هيا عملها على أحد الأجهزة ترى أخطاء صاحب الجهاز ، لتشعر بأحدهم ورائها ، تنفست بقوة وهي تحاول تهدأت قلبها ، وقبل أن تلتفت سمعت صوت خالد المتعجب :
"أنتي بتعملي الحاجات دي أزاي ، بجد أنتي عبقرية"
ألتفتت له وهي تضيق عيناها من تحت زجاج نظارتها الطبية ، ليقول بأحراج :
"أسف لو كنت أزعجتك ، بس أنا صراحة بستعجب من لغة البرمجة دي ، ومش قادر أعرف أزاي بتفهموها"
"خالد لو لمحتك واقف ورايا بالشكل ده تاني ، همرجحك"
جلس على الكرسي بجانبها وهو يقول بمرح :
"أيه خضيتك"
"لا أنا مش بتخض ، بس مش بحب حد يبقى قريب مني كدة ، وبعدين أنت مش وراك شغل ، ما تروح لشغلك"
هتف خالد بملل :
"ما أنا زهقت من الشغل ، وبعدين أنا مش بحب الشغل أصلاً ، أنا مش بتاع مسؤلية يا جدعان ، أنا هلاس بطبعي"
نظرت له من أسفل لأعلى وهي تقول بحنق :
"حلو النوع البجح المعترف ببجاحته ده"
مثل خالد الخجل وهو يقول :
"ميرسي يا هندسة"
نهضت من مقعدها وهي تقول بضيق :
"أنا رايحة أجيب قهوة"
"هاتيلي معاكي"
جلست على مقعدها وهي تقول :
"ما تروح تجيب أنت ، أهو تتلحلح بدل ما أنت قاعد جمبي تكفرني عن ذنوبي"
نهض من مكانه وهو يقول :
"ماشي هجبلك ، بس عدي الجمايل"
نظرت للحاسوب الذي أمامها وهي تقول :
"مش عايزاها من البوفيه ، هاتها من الكافيه تحت"
قال بمرح :
"لا عندنا مكنة قهوة"
التفتت له مهرة وهي تقول :
"هما مش بيقولو بايظة"
"أيه ده هو أيه إلى بوظ رانيا السكرتيرة"
ثوان وفهمت ما يقصد ، لتمسك تحفة من التحف الموضوعة عن المكاتب وتوجهها صوبه ، ليقول بسرعة :
"ولله بهزر ، أحنا معندناش سكرتيرة أسمها رانيا أصلا"
"برة يا خالد"
ليخرج خالد وهي تكاد تسمع صوت ضحكته المرحة ، لتهز رأسها بملل على ذلك العقاب الذي يوجد معها بالعمل
___________
مر اليوم كعادته وأخيراً أنتهى العمل ، عادت مهرة للمنزل وهي تجر أقدامها جراً من التعب ، وما أن دخلت إلى المنزل ، وجدت مازن يجلس في بهو المنزل ويعمل على الحاسوب الخاص به ، نظرت له بدهشة فهي تعلم أنه دائماً يعمل في المكتب ، لكنها لم تعقب بل ألقت التحية وتحركت تذهب إلى غرفتها ليوقفها مازن ، التفتت له ، ليطلب منها الذهاب معه إلى المكتب ، ذهبت معه وهي تعقد حاجبيها بأستنكار ، دلفوا إلى المكتب سوياً وأغلق مازن الباب ، ثم جلس على الأريكة الموضوعه بركن من أركان الغرفة وأشار لمهرة بالجلوس بجانبه ، أطاعته بهدوء وهي مازالت متعجبه من أفعاله
"درجات ملك الشهر ده مش زي الشهر إلى فات نهائياً ، ملك رجعت تاني زي الأول"
قالها مازن بضيق واضح ، لتتوتر مهرة فهي تعلم أنها مقصرة بحق ملك :
"أه أنا عارفة أني قصرت في حقها الفترة إلى فاتت ، بس أنا كنت باجي تعبانة من الشغل فبنام على طول"
"يبقى يا ترجعي من شغلك بدري ، يا أما تتحملي على نفسك وتذاكري معاها قبل ما تنامي ، أنما كدة مينفعش كدة ملك هتضيع من غيرك ، وأنا مش بهزر ولا بأفور لما أقول أنك بالنسبة لملك حاجة كبيرة ، أنا عارف أنك بتتعبي في شغلك ومقدرش أمنعك منه عشان أنتي بتحبيه وأنا عارف أنتي بتحبي شغلك ، ف أنا بطلب منك بكل لطف خلي بالك من ملك"
هزت رأسها بحزن وهي تقول :
"حاضر يا مازن"
وتحركت تخرج ليسألها بقلق :
"مهرة أنتي كويسة"
هزت رأسها دون أن تلتفت له ، لينهض من مكانه ويمسك بيدها مستفسراً مرة أخرى ، لتأكد أنها بخير
"أصل أنا مش حاسس كدة ، حاسس أنك تعبانة أو فيكي حاجة ، أنتي تعبانة"
التفتت له وهي تقول :
"أنا كويسة أهو يا مازن"
"هو أنا عكيت في الكلام ولا أيه ، أوعى أكون ضايقتك بكلامي ، أنا مقصدش"
وفجأة وبدون مقدمات عانقها بحنان وهو يربت على رأسها بيده وبالأخرى يحاوط خصرها يقربها منه ، رفعت يدها تحاوط رقبته بهدوء وهي تحاول أخراج أي أفكار سيئة تأتيها في هذه اللحظة ، فبعض لحظات الصمت تكون أفضل من ألف كلام
"شكلك مش كويسة"
قالها مازن وهو يربت على ظهرها بحنان ، لتجيبه بأرهاق :
"تعبانة ، ومش عارفه أنا تعبانة نفسياً ولا جسدياً"
"يااه هو الموضوع صعب أوي ك.....
وكاد أن يكمل لولا فتح الباب المفاجئ وظهور ليان من العدم وهو تصرخ فرحة لكنها توقفت ما أن رأت مازن ومهرة التي كانت تحول جمع شتات نفسها ، عدلت شعرها وتحركت للخارج دون أن تتحدث ، ومازن كان مذهولاً من ردة فعلها فهي زوجته على أي حال ولا يوجد عيب في ذلك
أما مهرة تحركت إلى غرفتها لتبدل ملابسها وكأنها لم تفعل أي شئ
___________
دلفت إلى الغرفة دون أستئذان وكأنه _بيت أبوها_
نظرت لها مهرة بضيق فهي ليست في مزاج يسمح لها بالخناق مع تلك المجنونة
"أنا مش فاهمه ، أنتي أزاي كدة"
قالتها ليان بوقاحة ، نظرت لها مهرة ولم تتحدث لتقول ليان :
"لما جيتي أول مرة كنت مستغربة برودك ، برغم من موت أختك لكني حتي مشوفتكيش حزينة عليها ، لكن وللبجاحة دا انتي أتجوزتي جوزها وخدتي بنتها وشوية شوية هتخليها تقولك يا ماما ، أنتي فصيلة دمك أيه ؟؟ ، برود"
وللحق كانت تنظر لها مهرة وبعد أن أنهت كلامها قالت لها :
"خلصتي ، لو خلصتي أخرجي عشان أنا عايزة أنام"
صرخت بها ليان بحدة :
"أنتي أزاي بجحة كدة !! ، بجد أنا متفاجئة من بجاحتك ، أختك لو كانت عايشة كانت أتبرت منك ، ومن عمايلك"
وجهتها مهرة بتحدي :
"أولاً ده ميخصكيش يا حشرية ، ثانياً في ناس ميستاهلش يتزعل عليها ، ثالثاً أنتي مدخلتيش جوا قلبي تشوفي إلى جواه ، بصي يا لولو أنا عارفة أنك محروقة من قربي من مازن ومرارتك تعباكي وأنتي شايفة أخوكي بيتاخد منك ، وصدقيني أنا لو عايزة أخده هاخده وممكن أخليكي أنتي تاخدي بالك من ملك لو عايزة"
"أه يا حيوانة يا حقيرة دا أنا هشرب من دمك"
وهجمت ليان عليها بدون سابق أنذار لتصرخ مهرة وهي متفاجئة حقاً من جنون ليان ، وبعد قليل من الضرب بين ليان ومهرة والفائز كان ليان وغضبها ، فمهرة كانت تخور قوها بشكل ملحوظ بدون سبب ، وفجأة ضربت مهرة ليان في معدتها جعلتها تبتعد غضب عنها ، ثم نهضت بوجع و نظرت لليان في عيناها وهي تقول بتعب :
"أنتي متعرفيش أنا كان بيجرالي أيه ، متعرفيش كل يوم أحتاجت فيها أتكلم مع مريم وصدتني ، متعرفيش يعني أيه تقولي لأختك محتاجاكي تقولك لا أنا مش عايزة مشاكل ، كانت هي الوحيدة إلى ممكن أحكي لها عن مشاكلي لكنها منكش عندها وقت ليا ، مريم مش ملاك ، مريم واطية حتى مع أمها إلى ربتها ، وقت ما بتقع في مشكلة مع مازن كانت تكلمها وتحاول تطلب مساعدتها وبعد ما تتصالح هي ومازن تعملها بلوك ، ماما لحد دلوقتي فاكرة أنها بتكون مشغولة وبتتكلم في التليفون وأنا مقدرتش أقولها ، كنت بموت ومحتاجلها وبرغم كل إلى عملته أتصلت بيها وطلبت مساعدتها لكنها قالتلي بكل برود سوري يا مهرة مقدرش أساعدك أنا مش عايزة مشاكل ، هي السبب في موت أبني لو كانت ساعدتني مكنش أبني مات هي السبب أنا عمري ما هسامحها ، أنا أبني مات بسببهم أنا بكرهم كلهم هما السبب في كل ده ، هما إلى عملو فيا كدة ....
ثم نظرت للباب لتجده ، يقف وعلى ملامحه الصدمة ، ظلت تنظر له ودموعها خير دليل على صدق حديثها ثم
"مهرة !!! ، يا مهرة ، حد يتصل بالدكتور بسرعة"
ثم فقدت الوعي بعدما كان صوته أخر شئ تسمعه ، ومن كل قلبها تمنت أن تكون النهاية ، فقد أرهقتها الحياة بما يكفي لتتمنى الموت
عادت من عملها وصعدت إلى غرفتها دون أن تتحدث مع أحد ، ولم تتناول الغذاء متعللة بكثرة العمل ، أما في الحقيقة هي كانت تعاني من فرط النوم ، حيث أنها كانت تنهض صدفة لتكتشف الساعة ثم تنام مرة أخرى ، ولم تدري بما كان يحدث بالأسفل
"ولله ده قراري إلى مش عاجبه هو حر أنا عن نفسي مقتنع بيه جداً"
قالها مازن وهو ينهض بغضب ، لخالته وشقيقته الحانقين من تمسكه بمهرة ، نهضت نورا لتقف أمامه وهي تقول بتحدي :
"هو أنت إيه إلى جرالك متمسك بيها كدة ليه"
لقاها بعيون متحدية :
"عشان هيا مراتي ومهما حصل ومهما عملت مراتي ويحقلي أتمسك بيها زي ما هي متمسكة بيا وببنتي مع أنها ممكن بسهولة تتنازل عن الموضوع ، أنا نفسي بشوف بنتي وتحسنها وأنا مكرهش لبنتي الخير ، يمكن مهرة عرفت تعمل إلى مريم معرفتش تعمله وهيا أنها تقربني من بنتي ، وتقولي كلام أنتي نفسك عمرك ما هتقوليه"
"مازن أنت جي تكبر وتاخد قرارات على مين ، على أمك وأختك ، على إلى ربتك أنت وأخواتك وإلى خليتك بني آدم تقف تزعق في وشها"
"إلى ليه عليا جمايل يجي ياخدها ، أنا محدش ليه عليا جمايل ، وأذا كنتي ربيتي أخواتي ف دي أسمها خدتي بالك منهم ودي حاجة فوق دماغي ، أنما جمايل مظنش ، أنتي مدفعتيش ربع جنيه لا في تعليمي ولا في تعليم أخواتي أنا إلى عملت كل ده ، أنا إلى خدت بالي منهم ومن تعليمهم أنا إلى أحب يكونو أحسن مني مش أنتي ، مهما كان كان ولادك أهم ، أنما أنا كانوا هما ولادي وأهلي ، وتقدري تسألي ليان"
وأقترب من ليان وأشار إلى نورا قائلاً :
"خالتك بتقول أنها كبرتنا وربتنا وخليتنا ناس محترمة زي ما أنتي شايفة ، مين إلى كبرك يا ليان أنا ولا هي ، مين إلى كنتي بتقوليله يا بابا وبتجري تستخبي في حضنه أنا ولا هيا ، مين إلى كان بيجبلك كل حاجة ومفتكرش مرة أنك قولتيلي على حاجة وأنا قولتلك لا فيها ، أنا كان عندي أشتغل شغلانة وأتنين وأكفيكي أنتي ويامن ولا أشوفك زعلانة ، لما كنتي بتحتاجي حاجة كنتي بتطلبيها مني ولا منها ، أتكلمي يا ليان"
صرخت نورا قائلة بغضب :
"يعني أنت بقى كل إلى عندك فلوس وبس"
" أنا مقولتش كدة ولا جبت سيرة الفلوس ، بس لو الموضوع فلوس ف إلى دفع حاجة سواء ليا أو لأخواتي يجي ياخدها ، أنا دراستي وقفت عشانهم ، وأنا برضو إلى كانوا هما بيتخرجوا وأنا لسة ببدأ حياتي ، فلما تيجي تتكلمي عن التربية ف أنا إلى ربتهم وأنا إلى أديتهم من مشاعري وأنا إلى أستحق حق أني أكون أبوهم ومحدش يقدر ينكر حاجة زي كدة"
ثم نظر لليان وهو يقول بوجع :
"خالتك أهي فكري في كلامها وشوفي عايزة تتقلبي عليا ولالا ، وأفتكري أن محدش يستاهل أنك تبعدي عني عشانه ، قعدي وفكري عايزة تقعدي لو الأرض مشالتكيش أشيلك في حضني ، أنتي زيك زي ملك بناتي وهتفضلوا بناتي مهما حصل"
ثم قبل رأسها وهو يقول بوجع :
"ومهما حصل أنا بحبك وهفضل أحبك برغم من كل عمايلك المجنونة"
حاوطته ليان بذراعيها ثم وضعت رأسها على صدره وهي تقول بحب أخوي بالغ :
"وأنا كمان بحبك ومهما عملت هفضل أحبك"
____________
قررت ليان العودة لحضن مازن ، والبقاء بقربة ، وكأنها تثبت لنفسها أنه مهما حدث سيظل رابطهم أقوى من أي علاقة ، مهما كانت تلك العلاقة مثيرة وجميلة وذو شعر طويل وأهوج
مرت الأيام بهدوء كانت مهرة لا تقترب من ليان ولا حتي تحاول ، كانت يومياً تذهب للعمل متأخرة بسبب نومها الكثير ، بل وقصرت مع ملك ودراستها وهذا ما لاحظه مازن عندما رأي علامات ملك في الأختبار الشهري ، كل ما تفعله هو النوم ، أصبحت قليلة التركيز ، كثيرة الشرود ، لا تأكل جيداً ، تشرب قهوة بمعدل كبير عن العادي ، بشرتها أصبحت شاحبة كالموتي ، دائما ما تشعر بصداع ، صداع لدرجة لو تود نطح الحائط برأسها لعلها تهدأ قليلاً ، أصبحت عصبية ولا تتحمل لا خالد ولا ملك ، ولا تكلم مازن ولا حتي تحاول الأقتراب منه ، بل أصبح لا يجمعهم أي شئ تقريباً ، أما ليان فحتي أن حدثتها لا تجيب وكأنها خرساء ، قرر مازن أن يتحدث معها في هذا الأمر لكن الوقت لا يسعه بسبب سرعة مهرة في تبديل ملابسها والذهاب في نوم عميق ، لكنه سوف يحدثها في وقت ما
بدلت ملابسها دون أستحمام بسبب عدم وجود مياه ، هبطت إلى الأسفل لتجدهم مجتمعين للغذاء ، وكالعادة صامتين ، تناولوا الغذاء بهدوء بارد ، ثم صعدت مهرة ببطء إلى غرفتها ، وما أن فتحت الباب :
"يا نهار أسود ومنيل"
قالتها بصراخ ، ليذهب مازن ويرى ماذا يحدث ، ليجد الغرفة تحولت إلى حمام سباحة صغير ، وجد المياة تخرج من الحمام ، ليقترب من الحمام ويفتحه كادت مهرة أن تحذره لكنه لم ينتظر حيث فتح الباب ، ليتفاجئ بكم مياة هائل في وجه ، جعلت نصف بنطاله السفلي مبلل ، وكأنه _بلاش نقول أحسن مازن يزعل _
"أيه ده !!"
قالت مهرة بتوتر :
"أصل أصل أنا شكلي كدة نسيت الحنفايات مفتوحة قبل ما أنزل"
قال مازن وهو يحاول كبت غضبه حتي لا يصرخ بها :
"وأنتي سبتي الحنفيات مفتوحة ليه"
"كنت عايزة أستحما وملقتش مية فسبتها مفتوحة ، متوقعتش أنها هتيجي بسرعة وقوية كدة ، لو كنت أعرف مكنتش فتحتها على الأخر"
"كمان ، حسبي الله ونعم الوكيل"
وتحرك من الغرفة وهو يردد :
"ينفع كدة ، ده عقل ده"
ثم قال قبل خروجه مباشرة :
"أبقى نامي عند ملك لحد ما العمال تنشف الأوضة دي"
____________
ذهب كل منهم إلى فراشه لينعم بنوم هادئ ، نامت مهرة مع ملك برغم من عدم راحتها بمشاركة أحدهم فراشها
في منتصف الليل
"اااااااااااه الحقوووني"
صراخ ملك شق سكون الليل ، أستيقظ مازن مفزوعاً ، وركض بأتجاه غرفة أبنته وتابعه يامن وليان ، فتح مازن الباب سريعاً ليجد مهرة تنام على ملك والأخيرة ترفع يدها وتصرخ تستنجد بأهل المنزل ، أزاح مهرة من على ملك ، نهضت ملك وهي تأخذ نفسها بصعوبة ثم قالت وهي تنظر لمهرة :
"أنا أتكتب لي عمر جديد"
حرك مهرة بعصبية وهو يقول :
"مهرة ، أنتي يا بنتي"
وأصبح يحركها أكثر ويعلي من نبرة صوته ولكن لا حياة لمن ينادي ، قال يامن بقلق :
"لتكون ماتت"
"لا بتتنفس"
وعاد يهزها من جديد علها تستيقظ :
"أنتي يا حجة روحي نامي في أوضتك"
قالت ليان بنبرة ناعسة :
"تنام فيها أزاي وهي غرقانه كدة يا مازن"
"تاخديها تنام جمبك"
قالت ليان بسرعة :
"لا يعم غرقانة غرقانة ، وأنا مالي"
ضرب وجهه وهو يقول بغضب :
"ياربي قتيلة نايمة"
قال يامن بملل :
"يعم خلاص مش هتصحي شيلها ونيمها جمبك ، أنت كبير مش هتفطسك"
لتؤكد ليان على كلام يامن :
"أيوة فعلاً مش هتفرق معاك دي متر ونص"
تنهد بضيق ثم وضع يده أسفل قدمها والأخرى أسفل ظهرها وحملها إلى غرفته ، أما ليان فجلست بجانب ملك وهي تقول بنعاس :
"يلا يا يامن على أوضتك وأنا هنام جمب ملك"
تحرك يامن خارج الغرفة دون كلام ، فالنعاس يسيطر عليه وبشده
أما مازن وضع مهرة على الفراش ثم نظر لها قليلاً قائلاً بقلق :
"ربنا يسترها عليا"
والتفت حول الفراش ليكمل نومه
__________
في الصباح
أستيقظ مازن ورائحة غريبة تداعب أنفه ، فتح عيناه بكسل ، ليجد قدم مهرة ترحب به في وجهه ، أنتفض بسرعة يزيح قدمها من على صدره ، ثم نظر بجانبه بدهشة ، ما الذي جاء بقدم مهرة من ذلك الأتجاه !! ، أزاح الغطاء الخفيف ليجد رأسها بجانب قدمه ، ضرب رأسه وهو يقول :
"متجوز خفاش ياربي ، دي بتطير في السرير ، أزاي لفت اللفة دي !!"
وكزها عدة مرات في ذراعها وهو يحاول أيقاظها :
"أنتي يا ست مهرة ، أنتي يا حلوة"
بعد قليل شعر بالتعب وفقد الأمل في أيقاظها ، نهض وهو يتحسس ظهره الذي يطقطق من الأرهاق ، ثم قال بحنق :
"منك لله يا مهرة الكلب ، أنا كنت بحارب مش نايم ، فاكرة ظهري كيس ملاكمة بنت ......"
وذهب إلى الحمام لينعم بدش هادئ عله يصلح القليل مما خربته مهرة
__________
هبط إلى الأسفل وهو بكامل أناقته المعتادة ، وجد ليان ويامن يجلسون على السفرة يتسامرون في شئ ما ، ترأس السفرة وهو يقول :
"صباح الخير"
ردوا الصباح ثم سأله يامن :
"صحيح يا كبير عرفت تنام أمبارح"
"أه عادي ، أومال أنت فاكر أيه ، هي تقدر تعمل حاجة ده أنا كنت رميتها من السرير"
ضحك يامن وهو يقول مشيراً لليان :
"شوفتي قولتلك يابنتي أخوكي جامد"
هبطت ملك الدرج وهي تحمل بيدها هاتف مهرة التي تركته في غرفتها من أمس ، أعطته لوالدها وهي تقول بطفولية :
"بابي مارد وشوشني"
أمسك مازن الهاتف بدهشة من الصوت الخارج منه حيث
"يا صباح الرعب الساعة دلوقتي 6 ...على المقيمين خارج مدينة الرعب المحافظة على فروق التوقيت ....درجة الحرارة في الضل 25 وده كويس للزواحف ...وأحتمال يبقى جو هايل للكسل ف السرير أو النوم ....أقولك الأحسن ؟ ...عمل تمرينات للمخوفاتية أصحااااا يا شلبي"
نظروا ثلالثتهم لبعض من نغمة المنبة العجيبة التي كانت تضعها مهرة ، والتي لا تدل سوى على شئ واحد أن بداخل تلك الفتاة طفلة صغيرة مازالت لم تكبر بعد
___________
(بعد عدة ساعات)
"الو يا مازن ، أنت ليه سبتني نايمة مصحتنيش"
قالتها مهرة وهي تحول أبقاء نبرتها هادئها ، ليقول مازن ببساطة :
"سوري يا مهرة نسيت أصحيكي ، أتليهيت في نغمة المنبه العجيبة إلى أنتي حطاها"
"ماله مارد وشوشني !!"
"ماله ، هو ده شئ عادي أني شابه في سنك تحط نغمة زي دي"
"مين إلى شابه أناا ، أنا عيلة أساساً بزمتك دي تصرفات ناس كبيرة أنا عيلة يا بابا"
ضحك مازن وهو يقول بنبرة غريبة :
"أنتي ملك"
"ملك مين !! ، ملك بنتك"
"شبهها أقصد ، عندك 26 سنة بس شبهها ، عيلة بتاخد بالها من عيلة"
"ميرسي يا ميزو"
"صحيح يا مهرة ، هو أنتي أزاي طليقك كان بيستحمل ينام جمبك ، أنتي بتفركي جامد ، أنا ظهري لسة واجعني لحد دلوقتي"
قالت مهرة بضحكة موجوعة :
"لا مهو أنا كنت بنام مربوطة مش بتحرك ولا بفرك"
"لا بجد"
"ما أنا بتكلم جد ، بقولك أيه أنت عطلتني وأنا المفروض أروح شغلي إلى متأخرة عليه ، سلام"
"سلام !"
وأغلقت الخط بأبتسامة حزينة ثم همست لنفسها بألم :
"ساعات الأنسان بتكون كل حاجة مسلوبة منه ، حتي أبسط حقوقه يا مازن"
___________
ذهبت مهرة سريعاً إلى الشركة داعية أن لا يحدث أي ملاحظة على تأخيرها ، لكن حمداً لله لم يهتم أحد ولم يتأثر أحد بغيابها سوى عمال قسم البرمجة بسبب ضيقهم من المهندسين الأجانب ، لكن وأخيراً هي جاءت لتنقذ الموقف ، وبعد عدة ساعات وهي تعمل بين المهندسين من هنا ومن هنا حتى تعبوا ليطلبوا القليل من الراحة ، وبعد أن سمحت لهم مهرة ذهبوا إلى الكافتيريا ليرتاحوا قليلاً ثم يعودو يكملوا عملهم ، ثم بدأت هيا عملها على أحد الأجهزة ترى أخطاء صاحب الجهاز ، لتشعر بأحدهم ورائها ، تنفست بقوة وهي تحاول تهدأت قلبها ، وقبل أن تلتفت سمعت صوت خالد المتعجب :
"أنتي بتعملي الحاجات دي أزاي ، بجد أنتي عبقرية"
ألتفتت له وهي تضيق عيناها من تحت زجاج نظارتها الطبية ، ليقول بأحراج :
"أسف لو كنت أزعجتك ، بس أنا صراحة بستعجب من لغة البرمجة دي ، ومش قادر أعرف أزاي بتفهموها"
"خالد لو لمحتك واقف ورايا بالشكل ده تاني ، همرجحك"
جلس على الكرسي بجانبها وهو يقول بمرح :
"أيه خضيتك"
"لا أنا مش بتخض ، بس مش بحب حد يبقى قريب مني كدة ، وبعدين أنت مش وراك شغل ، ما تروح لشغلك"
هتف خالد بملل :
"ما أنا زهقت من الشغل ، وبعدين أنا مش بحب الشغل أصلاً ، أنا مش بتاع مسؤلية يا جدعان ، أنا هلاس بطبعي"
نظرت له من أسفل لأعلى وهي تقول بحنق :
"حلو النوع البجح المعترف ببجاحته ده"
مثل خالد الخجل وهو يقول :
"ميرسي يا هندسة"
نهضت من مقعدها وهي تقول بضيق :
"أنا رايحة أجيب قهوة"
"هاتيلي معاكي"
جلست على مقعدها وهي تقول :
"ما تروح تجيب أنت ، أهو تتلحلح بدل ما أنت قاعد جمبي تكفرني عن ذنوبي"
نهض من مكانه وهو يقول :
"ماشي هجبلك ، بس عدي الجمايل"
نظرت للحاسوب الذي أمامها وهي تقول :
"مش عايزاها من البوفيه ، هاتها من الكافيه تحت"
قال بمرح :
"لا عندنا مكنة قهوة"
التفتت له مهرة وهي تقول :
"هما مش بيقولو بايظة"
"أيه ده هو أيه إلى بوظ رانيا السكرتيرة"
ثوان وفهمت ما يقصد ، لتمسك تحفة من التحف الموضوعة عن المكاتب وتوجهها صوبه ، ليقول بسرعة :
"ولله بهزر ، أحنا معندناش سكرتيرة أسمها رانيا أصلا"
"برة يا خالد"
ليخرج خالد وهي تكاد تسمع صوت ضحكته المرحة ، لتهز رأسها بملل على ذلك العقاب الذي يوجد معها بالعمل
___________
مر اليوم كعادته وأخيراً أنتهى العمل ، عادت مهرة للمنزل وهي تجر أقدامها جراً من التعب ، وما أن دخلت إلى المنزل ، وجدت مازن يجلس في بهو المنزل ويعمل على الحاسوب الخاص به ، نظرت له بدهشة فهي تعلم أنه دائماً يعمل في المكتب ، لكنها لم تعقب بل ألقت التحية وتحركت تذهب إلى غرفتها ليوقفها مازن ، التفتت له ، ليطلب منها الذهاب معه إلى المكتب ، ذهبت معه وهي تعقد حاجبيها بأستنكار ، دلفوا إلى المكتب سوياً وأغلق مازن الباب ، ثم جلس على الأريكة الموضوعه بركن من أركان الغرفة وأشار لمهرة بالجلوس بجانبه ، أطاعته بهدوء وهي مازالت متعجبه من أفعاله
"درجات ملك الشهر ده مش زي الشهر إلى فات نهائياً ، ملك رجعت تاني زي الأول"
قالها مازن بضيق واضح ، لتتوتر مهرة فهي تعلم أنها مقصرة بحق ملك :
"أه أنا عارفة أني قصرت في حقها الفترة إلى فاتت ، بس أنا كنت باجي تعبانة من الشغل فبنام على طول"
"يبقى يا ترجعي من شغلك بدري ، يا أما تتحملي على نفسك وتذاكري معاها قبل ما تنامي ، أنما كدة مينفعش كدة ملك هتضيع من غيرك ، وأنا مش بهزر ولا بأفور لما أقول أنك بالنسبة لملك حاجة كبيرة ، أنا عارف أنك بتتعبي في شغلك ومقدرش أمنعك منه عشان أنتي بتحبيه وأنا عارف أنتي بتحبي شغلك ، ف أنا بطلب منك بكل لطف خلي بالك من ملك"
هزت رأسها بحزن وهي تقول :
"حاضر يا مازن"
وتحركت تخرج ليسألها بقلق :
"مهرة أنتي كويسة"
هزت رأسها دون أن تلتفت له ، لينهض من مكانه ويمسك بيدها مستفسراً مرة أخرى ، لتأكد أنها بخير
"أصل أنا مش حاسس كدة ، حاسس أنك تعبانة أو فيكي حاجة ، أنتي تعبانة"
التفتت له وهي تقول :
"أنا كويسة أهو يا مازن"
"هو أنا عكيت في الكلام ولا أيه ، أوعى أكون ضايقتك بكلامي ، أنا مقصدش"
وفجأة وبدون مقدمات عانقها بحنان وهو يربت على رأسها بيده وبالأخرى يحاوط خصرها يقربها منه ، رفعت يدها تحاوط رقبته بهدوء وهي تحاول أخراج أي أفكار سيئة تأتيها في هذه اللحظة ، فبعض لحظات الصمت تكون أفضل من ألف كلام
"شكلك مش كويسة"
قالها مازن وهو يربت على ظهرها بحنان ، لتجيبه بأرهاق :
"تعبانة ، ومش عارفه أنا تعبانة نفسياً ولا جسدياً"
"يااه هو الموضوع صعب أوي ك.....
وكاد أن يكمل لولا فتح الباب المفاجئ وظهور ليان من العدم وهو تصرخ فرحة لكنها توقفت ما أن رأت مازن ومهرة التي كانت تحول جمع شتات نفسها ، عدلت شعرها وتحركت للخارج دون أن تتحدث ، ومازن كان مذهولاً من ردة فعلها فهي زوجته على أي حال ولا يوجد عيب في ذلك
أما مهرة تحركت إلى غرفتها لتبدل ملابسها وكأنها لم تفعل أي شئ
___________
دلفت إلى الغرفة دون أستئذان وكأنه _بيت أبوها_
نظرت لها مهرة بضيق فهي ليست في مزاج يسمح لها بالخناق مع تلك المجنونة
"أنا مش فاهمه ، أنتي أزاي كدة"
قالتها ليان بوقاحة ، نظرت لها مهرة ولم تتحدث لتقول ليان :
"لما جيتي أول مرة كنت مستغربة برودك ، برغم من موت أختك لكني حتي مشوفتكيش حزينة عليها ، لكن وللبجاحة دا انتي أتجوزتي جوزها وخدتي بنتها وشوية شوية هتخليها تقولك يا ماما ، أنتي فصيلة دمك أيه ؟؟ ، برود"
وللحق كانت تنظر لها مهرة وبعد أن أنهت كلامها قالت لها :
"خلصتي ، لو خلصتي أخرجي عشان أنا عايزة أنام"
صرخت بها ليان بحدة :
"أنتي أزاي بجحة كدة !! ، بجد أنا متفاجئة من بجاحتك ، أختك لو كانت عايشة كانت أتبرت منك ، ومن عمايلك"
وجهتها مهرة بتحدي :
"أولاً ده ميخصكيش يا حشرية ، ثانياً في ناس ميستاهلش يتزعل عليها ، ثالثاً أنتي مدخلتيش جوا قلبي تشوفي إلى جواه ، بصي يا لولو أنا عارفة أنك محروقة من قربي من مازن ومرارتك تعباكي وأنتي شايفة أخوكي بيتاخد منك ، وصدقيني أنا لو عايزة أخده هاخده وممكن أخليكي أنتي تاخدي بالك من ملك لو عايزة"
"أه يا حيوانة يا حقيرة دا أنا هشرب من دمك"
وهجمت ليان عليها بدون سابق أنذار لتصرخ مهرة وهي متفاجئة حقاً من جنون ليان ، وبعد قليل من الضرب بين ليان ومهرة والفائز كان ليان وغضبها ، فمهرة كانت تخور قوها بشكل ملحوظ بدون سبب ، وفجأة ضربت مهرة ليان في معدتها جعلتها تبتعد غضب عنها ، ثم نهضت بوجع و نظرت لليان في عيناها وهي تقول بتعب :
"أنتي متعرفيش أنا كان بيجرالي أيه ، متعرفيش كل يوم أحتاجت فيها أتكلم مع مريم وصدتني ، متعرفيش يعني أيه تقولي لأختك محتاجاكي تقولك لا أنا مش عايزة مشاكل ، كانت هي الوحيدة إلى ممكن أحكي لها عن مشاكلي لكنها منكش عندها وقت ليا ، مريم مش ملاك ، مريم واطية حتى مع أمها إلى ربتها ، وقت ما بتقع في مشكلة مع مازن كانت تكلمها وتحاول تطلب مساعدتها وبعد ما تتصالح هي ومازن تعملها بلوك ، ماما لحد دلوقتي فاكرة أنها بتكون مشغولة وبتتكلم في التليفون وأنا مقدرتش أقولها ، كنت بموت ومحتاجلها وبرغم كل إلى عملته أتصلت بيها وطلبت مساعدتها لكنها قالتلي بكل برود سوري يا مهرة مقدرش أساعدك أنا مش عايزة مشاكل ، هي السبب في موت أبني لو كانت ساعدتني مكنش أبني مات هي السبب أنا عمري ما هسامحها ، أنا أبني مات بسببهم أنا بكرهم كلهم هما السبب في كل ده ، هما إلى عملو فيا كدة ....
ثم نظرت للباب لتجده ، يقف وعلى ملامحه الصدمة ، ظلت تنظر له ودموعها خير دليل على صدق حديثها ثم
"مهرة !!! ، يا مهرة ، حد يتصل بالدكتور بسرعة"
ثم فقدت الوعي بعدما كان صوته أخر شئ تسمعه ، ومن كل قلبها تمنت أن تكون النهاية ، فقد أرهقتها الحياة بما يكفي لتتمنى الموت