رواية زوجتي المنبوذة الفصل التاسع 9 بقلم سارة علي
لفصل التاسع
بعد مرور ثلاثة ايام
استيقظت نوران من نومها لتجد تميم ما زال نائما بجانبها ... تنهدت بصمت واخذت تتأمله عن قرب ... كانت هذه المرة الاولى التي تتأمله بها ... كان يبدو وسيما الى حد كبير ... ملامحه هادئة للغاية وهو نائم ...
اخذت نفسا عميقا ثم نهضت من جانبه ببطء ... لقد اعتادت على النوم بجانبه منذ عدة ايام ... حاولت في بادئ الامر ان ترفض هذا وارادت ان ينام كلا منهما في غرفة خاصة بها لكن تميم كان صارما في هذا الامر ورفضه رفضا قاطعا ...
وقفت امام المرأة تتامل ملامح وجهها ... ثلاثة ايام مرت على اخر مواجهة بينها وبين ذلك العجوز ... منذ ذلك الوقت وهي تتجنبه تماما ... تقضي اغلب اوقاتها في الغرفة ... بالاحرى جميع اوقاتها ...
التفتت الى الخلف لتجد تميم جالسا على السرير بنصف جلسه يتابعها بنظرات مبهمة لا توحي بشيء ...
لا تعلم لماذا شعرت بالخجل منه ومن نظراته ...
" صباح الخير ..."
قالها وهو ينهض من مكانه لتجيبه بابتسامة دافئة :
" صباح النور ..."
اقترب منها وقال وهو يغرس انامله داخل شعرها :
" مستيقظة مبكرا كالعادة ..."
حررت شعرها من انامله واعادت ترتيب خصلاته ثم قالت :
" انت تعرف بأنني أنام مبكرا لذا استيقظ مبكرا ايضا ..."
انحنى بجسده ناحيتها بشكل اربكها كثيرا ثم قال :
" اليوم سوف تنزلين معي لنفطر سويا ... ولا يوجد اي اعتراض ..."
" تميم ارجوك ..."
قاطعها باصرار :
" قلت سوف تنزلين يا نوران ...."
ثم نهض من وضعيته المنحنية وقال :
" سوف أاخذ حمام سريع ... غيري ملابسك لتنزلي معي ..."
هزت نوران رأسها على مضغ ثم نهضت من مكانها واتجهت الى خزانة ملابسها لتختار ملابس مناسبة لها وتخرج بها ...
........................
هبط كلا من نوران وتميم الى الطابق السفلي سويا ...
كان تميم ممسكا بيد نوران واتجه بها الى غرفة الطعام ...
وجدا المكان خالي فتسائل تميم متعجبا من خلوه في هذا الوقت من الصباح :
" أين جدي ودينا ...؟!"
اجابته الخادمة :
" لقد خرجا منذ الصباح الباكر ... "
تنهدت نوران براحة فهي على الاقل ستتخلص من ذلك العجوز وحفيدته ليوم واحد ...
جلس الاثنان على مائدة الطعام وبدئا يتناولا طعامهما بصمت قطعه تميم وهو يقول موجها حديثه الى نوران :
" جهزي نفسك ... سوف نذهب الى حفلة عيد زواج صديقي مساءا ..."
كادت نوران ان تغص بلقمتها فتناولت القليل من الماء ثم ردت بضيق :
" هل من الضروري أن اذهب معك ..؟!"
" بالطبع ... انت زوجتي ويجب ان تذهبي معي الى اي مكان ..."
هزت نوران رأسها على مضغ ثم عادت تتناول طعامها وهي تشعر بعدم الراحة والانزعاج ...
......................
استيقظ نزار من نومه على صوت ضجيج عالي ...
خرج من غرفة نومه حافي القدمين ليجد نغم في المطبخ تعد الطعام والمكان يبدو مبعثرا بشكل غريب والعديد من الطعام مرميا هنا وهناك ...
" ماذا تفعلين ...؟!"
شهقت نغم بقوة اثر صوته الجهوري فهي لم تكن منتبهه لوجوده اساسا ... التفتت له بنظرات مرتعبة ثم قالت متسائلة بينما جسدها ما زال يرتجف من شدة الفزع :
" متى استيقظت من النوم ...؟!"
اجابها وهو يقترب منها :
" منذ ان بدأت في حفلتك هذه ..."
" أنا اعد طعام الفطور لك ..."
قالتها بابتسامة بلهاء جعلته يرغب في ضربها وهو يرى هذا الاضطراب الذي يعج في ارجاء المكان ...
تحدث من بين اسنانه متسائلا:
" من طلب منك ان تعدي طعام الفطور لي ...؟!"
اجابته بلا مبالاة :
" ليس من الضروري ان تطلب مني لكي أعده لك ..."
كاد ان يشد خصلات شعره من بروده ومبالاته ليكز على اسنانه بغيظ وهو يسألها :
" ومن سوف ينظف كل هذا ...؟!"
اشارت الى نفسها وهي ما زالت تبتسم :
" أنا ..."
ثم قالت وهي تحمل طبقين فيهما بعض الاطعمة الغريبة :
" سوف اجهز لك السفرة ... استعد لأن تتذوق اطيب وأشهى طعام قد تتذوقه في حياتك ..."
هز نزار رأسه بقلة حيلة ثم تبعها وهو يكاد يلعن نفسه ألف مرة فهو من ورط نفسه بهذه الفتاة وسمح لها بالدخول الى حياته ...
........................
انتهى نزار من تناول طعامه لتسأله نغم الواقفة بجانبه تراقبه منذ وقت طويل :
" هل أعجبك الطعام ...؟!"
هز رأسه واجابها :
" للغاية ...في الحقيقة لم اتوقع منك انجازا كهذا ..."
ردت نغم عليه بفخر :
" هذا المعتاد بالنسبة لي ..."
تناول نزار كوبا من الماء ثم قال بنبرة جادة بعد ان اخذ نفسا عميقا :
" ألن تخبريني بقصتك ...؟!"
تنهدت نغم بصوت مسموع ثم جلست بجانبه وقالت :
" ماذا تريد ان اخبرك بالضبط ...؟!"
اجابها نزار :
" اخبريني عن سبب مجيئك لي هذاك اليوم بفستان الزفاف ..."
عضت نغم على شفتيها بقوة ثم قالت :
" هربت ... هربت يوم زفافي ..."
شعر نزار بطعنة غريبة داخل قلبه وهو يتذكر فعلته تلك ...
بينما اكملت نغم بأسى :
" لكن كان لدي اسبابي..."
انفعل نزار للحظات قائلا :
" لا تحاولي ان تبرري ..."
ثم انتبه الى كلامه فيبدو ان لحديث نغم تأثير سلبي عليه فهي ذكرته دون قصد بما حدث ليهمس لها معتذرا :
" انا اسف .... اخبريني عن اسبابك تلك ..."
اجابته نغم بجدية :
" لقد اكتشفت يوم زفافي بأنه تاجر ممنوعات ... يعمل في تجارة السلاح والمخدرات ..."
فرغ نزار فاهه بصدمة مما قالته ليقول مشدوها :
" ماذا ...؟ تاجر ممنوعات ...؟! هل انت واثقة مما تقولينه ...؟!"
اومأت برأسها مؤكدة كلامها ثم قالت بأسى :
" والاسوء من ذلك أن والدي يعرف بهذا ووافق على زواجي منه .."
شتم نزار بصوت مسموع قبل ان يقول بعدم تصديق :
" اللعنه ... هل يوجد اب يفعل شيئا كهذا ...؟!"
هزت نغم رأسها وقد بدأت الدموع تتساقط من عينيها لا اراديا ... اخذ نزار يتطلع اليها بشفقة فهو لم يكن يعرف بأن وضعها سيء لهذه الدرجة ... ثم رغما عنه اخذ يفكر بحجم الورطة الذي اقحم نفسه بها...
........................
دلفت نوران الى غرفتها بعد يوم طويل قضته خارج المنزل يتبعها تميم ...
جلست على السرير وهي تشعر بجسدها يكاد يتكسر من شدة التعب ...
وقف تميم يتأملها وهي تخلع حذائيها ثم ترميهما ارضا لتهظر قدميها الحمراوتين المنتفختين ...
خلعت ايضا اقراط اذنيها وذلك العقد الماسي الذي اهداها إياه قبل ذهابهما الى الحفلة ...
تقدم تميم ناحيتها وجلس على السرير بجانبها سائلا اياها :
" هل أعجبتك الحفلة ...؟!"
اجابته نوران :
" للغاية ... الحفلة كانت رائعة وزوجة صديقك لطيفة للغاية ..."
ثم اكملت وهي تتثاوب من شدة النعاس :
" لكنني تعبت كثيرا ..."
قالتها وهي ترمي بجسدها الى الوراء ... فعل تميم المثيل ليصبحا بجانب بعضيهما ... عيناها تقابل عينيه وكذلك شفتيها تقابل شفتيه ...
شعرت نوران بالارتباك خاصة وهي تشعر بأنفاسه تلفح وجهها ...
قرب تميم وجهه من وجهها اكثر لتصبح المسافة بينهما معدومة ...
همت نوران بالابتعاد قليلا عنه الا انه مد يده على خدها يلمسه بخفة ...
انحدرت انامله من فوق خدها الى شفتيها ... كان يسير بانامله فوق شفتيها الحمراوتين ... شعرت نوران بسخونة داخل جسدها بينما قرب تميم شفتيه من شفتيها ملتقطا اياها في قبلة استجابت لها نوران بلا وعي ...
لحظات قليلة وانتفضت نوران من مكانها كمن لدغها ثعبان ... نهض تميم من مكانه وهو يمسح شفتيه بأنامله ليتسائل بضيق :
" ماذا حدث ...؟!"
ارتبكت نوران ولم تعرف ماذا تجيب بينما قبض تميم على ذراعها وادارها ناحيته ليتأملها عن قرب فيهمس لها :
" انت تبدين جميلة للغاية ..."
كانت تلك المرة الاولى التي يمدحها بها بهذا الشكل ...
" تميم ... لا داعي لكل هذه المراوغات ...."
" مراوغات ..."
قالها تميم بتعجب قبل ان يتسائل :
" ماذا تقصدين ...؟"
التفتت نوران إليه وقالت بجدية :
" أنا أعرف غايتك مما تفعله ..."
" أنا حقا لا افهم ماذا تعنين ...!!"
اجابته نوران موضحة معنى حديثها :
" انا اعرف جيدا أنك ترغب في اتمام زواجك مني بأي طريقة ... ويبدو انك اخترت ان تتبع هذه الطريقة معي ..."
" وما المشكلة حينما أقرر أن أتمم زواجي منك ... ألست زوجتي ...؟!"
لم تجبه نوران بينما نهض تميم من مكانه وقال بعصبية واضحة :
" انا من حقي ان أتمم زواجي منك ... انت زوجتي ... "
ثم اردف ساخرا :
" لكن يبدو أنك لديك رأيا اخر ..."
" أنا لم أقصد ..."
قالتها نوران بنبرة متلكئة الا انه قاطعها بسرعة :
" لا داعي لأن تبرري لي يا نوران ... كل شيء اصبح واضحا ..."
ثم اردف بجدية :
" سوف اترك لك الغرفة لتأخذي راحتك فيها ... "
وخرج بعدها من الغرفة تاركا اياها تتابعه بنظراتها البائسة وشعور الالم والحيرة يزداد داخلها اضعافا ...