رواية زوجتي المنبوذة الفصل السادس 6 بقلم سارة علي
فصل السادس
دلفت نوران الى غرفتها وهي تكاد تتأكل من شدة الغيظ ... لا تعرف لماذا شعرت بغضب كبير مما حدث ...!!
لقد اذاها منظر تميم وهو يركض تجاه دينا ويحملها بين يديه ...
لم تتحمل ان تبقى معهم ففرت هاربة من امامهم بسرعة متجهة الى غرفتها ...
اخذت تسير داخل الغرفة ذهابا وايابا وهي تسب وتعلن تميم في داخلها ..
لماذا عليها ان تعيش وسط هذا الكم من الفوضى ...؟!
هل كتب عليها الشقاء...؟
هل كتب عليها ان تتلقى الاذى من اولاد عمها كلا على طريقته الخاصة ...؟
ابتلعت غصة قوية داخلها وهي تتذكر ما فعله بها نزار ... نزار الذي تناسته خلال الايام الفائتة ...
نعم بالفعل نسته ولم يعد يحتل افكارها فتميم استطاع ان يسيطر على افكارها بعد ان اقتحمها ببراعة ...
لفتت انظارها صورة تجمعها بتميم التقطها لهم المصور يوم زفافها ... كان تميم يبتسم ملئ فمه وكأنه حصل على جائزة عمره اما هي فالشرود والحيرة يسيطران عليها ..
حملت الصورة بين يديها واخذت تتأمل تميم بتمعن ... كم وجدته جذابا ووسيما خاصة بابتسامته المشعة تلك والذي زادته جاذبية ووسامة ...
انتبهت الى طريقة تفكيرها فابعدت الصورة عنها فورا وعادت افكارها ناحية تلك المسمى دينا ...
من الواضح ان تميم يحبها ... ولا يوجد شيء يثبت عكس ذلك ...
زفرت انفاسها بضيق وهي تجلس على السرير واضعة رأسها بين كفيها ... تفكر في كل ما يدور حولها ... نهضت من مكانها بعدها واتجهت الى خزانة ملابسها ... اخرجت منها ملابس للخروج وارتدتها على عجل ...
خرجت من باب غرفتها وهي تدعو الا يراها احد خاصة ذلك الجد الغاضب و تلك الملعونة دينا ... نعم لقد اصبحت ملعونة بالنسبة لها ...
بالفعل استطاعت ان تخرج من الفيلا دون ان يراها احد فيبدو ان زوجها العزيز مشغول بتلك الملعونة وكذلك الجد الغاضب ...
استأجرت سيارة تاكسي واتجهت الى شركة عمها ...
وصلت بعد حوالي نصف ساعة الى هناك فاتجهت مباشرة الى مكتب عمها ولحسن حظها وجدته هناك ...
استقبلها عمها بابتسامة بشوش سرعان ما اختفت وهو يلاحظ الاسى والالم واضحا على ملامح وجهها ...
وما ان سألها عن حالها حتى انهارت بين يديه باكية واخذت تسرد ما حل بها منذ زواجها من ابنه ...!!!
انتهت نوران من سرد كل شيء على مسامع عمها لينتفض من مكانه غاضبا وهو يقول :
" لقد زودها كثيرا هذا الولد... سوف اذهب اليه بنفسي واتصرف معه ..."
الا ان نوران اوقفته عما ينزي فعله :
" ارجوك يا عمي لا تذهب اليه ... انا لم أاتي الى هنا لتحاسبه او تتحدث معه ..."
استغرب العم كثيرا مما قالته فهو لم يتوقع منها ان تمنعه من الذهاب الى تميم ومحاسبته اما نوران فقالت اخيرا بانفاس متهدجة من شدة البكاء :
" انا فقط جئت لافضفض لك وايضا لأعرف شيء واحد منك ..."
سألها العم متعجبا :
" شيء ماذا ...؟!"
اجابته نوران بتردد :
" ما علاقتك بموت والدة تميم ...؟! "
حبس العم انفاسه داخل صدره فهو لم يتوقع سؤال كهذا من نوران ... وحينها ادرك بأن نوران عرفت كل شيء وفهمت سبب ابتعاد تميم عنه ...
" هذا موضوع خطير وانا لا استطيع التحدث عنه ..."
" شيء واحد اريد معرفته منك ... هل انت كنت السبب في موتها ...؟!"
كانت نظراتها ونبرة صوتها تترجاه ان ينفي ما قالته ... تتوسل اليه ان ينكر فهي ليست بصدد تحمل فجيعة كهذه ...
" كلا ... لم يكن لي اي علاقة بموتها ... "
تنفست نوران الصعداء فهي تثق بعمها وكلامه بينما اردف العم :
" لا تضغطي علي اكثر من هذا يا نوران ... ولا تتوقعي مني ان اخبرك اي شيء اخر يخص هذا الموضوع .."
" كلا لن اضغط عليك ... لقد عرفت ما اريده ..."
اقترب العم منها وقال :
" انا يجب ان اتحدث مع تميم ... يجب ان يفهم انني لن اسمح له بإيذائك ..."
" ارجوك يا عمي لا تتدخل بيني وبينه ... انا اعرف جيدا كيف اتصرف معه وأوقفه عند حده ..."
قال العم بدهشة :
" لما كل هذا الرفض ...؟؟ هل نسيت بأني عمك وبمقام والدك ...؟!"
ردت نوران بجدية :
" كلا لم انسَ... ولكنني اعرف جيدا ما افعله ... ارجوك افهمني .."
اذعن العم لكلامها اخيرا فقال بعدم اقتناع :
" كما تشائين ..."
منحته نوران ابتسامة صافية قبل ان تقول :
" انا يجب ان اذهب الان ... أراك لاحقا ..."
" لا تنسي ان تزوري والدتك ... انها تشتاق إليك كثيرا ..."
قالها العم وهو يقبل نوران من وجنتيها ...
خرجت نوران من مكتب العم وشعور الراحة يسيطر عليها فهي على الاقل تأكدت من براءة عمها من دم والدة تميم ... الان فقط ستتصرف وتفعل ما تريد براحة ودون ادنى تأنيب ضمير ...
........................
دلفت نوران الى غرفة نومها لتتفاجئ بتميم يجلس هناك على احد الكراسي الموجوده في الغرفة منتظرا اياها ...
نهض تميم من مكانه ما ان شعر بوجودها ليقول بلهجة ساخرة :
" واخيرت عادت المدام الى منزلها ..."
رمته نوران بنظرات مستغربة فهي لا تفهم سبب تهكمه عليها بينما سألها تميم بنبرة حادة بعض الشيء :
" أين كنت ...؟!"
تفاجئت نوران من حدته فقالت بضيق جلي :
" وما علاقتك انت ...؟!"
تقدم تميم ناحيتها وقبض على ذراعها بقوة المتها قبل ان يهتف بها :
" حينما اسألك تجيبيني فورا ... أين كنت طوال اليوم ...؟! وكيف تخرجين من المنزل دون اذن مني ؟!"
ردت نوران عليه :
" هذا ما كان ينقصني ان أاخذ الاذن منك ..."
" نعم تأخذيه واجبارا عنك ..."
" اتركني ..."
هتفت بها نوران وهي تجاهد لتحرير ذراعها من قبضة يده القوية...
ما ان حررت ذراعها من يده حتى قالت بعصبية شديدة :
" كنت لدى امي ... لم أرها منذ فترة طويلة ... ولم أاخذ الاذن منك لأني لم اجدك من الاساس ... فأنت كنت مشغول مع الانسة دينا ..."
قالتها جملتها الاخيرة باستهزاء جعله يغضب اكثر واكثرر:
" لا تتحدثي عنها بهذه الطريقة ..."
" حقا...؟!"
قالتها نوران بتهكم جعلته يقول اسمها بنبرة عالية وكأنه يهددها :
" نوران ..."
الا انها لم تهتم وهي تردف بتحدي :
" لم أقل شيئا خاطئا على ما اظن ... انت كنت طوال اليوم مشغول مع تلك المائعة ...لم تفكر حتى بالسؤال عني او الاتصال بي والان تأتي لتحاسبني على تأخيري ..."
" تلك المائعة اسمها دينا وانا لا اسمح لك بالحديث عنها بهذا الشكل .."
منحته نوران نظرات لا مبالية وهي تتجه ناحية الحمام الا انه اوقفها في مكانها وقال :
" لم انتهي من كلامي بعد..."
زفرت نوران انفاسها بضيق منه بينما اكمل هو بدوره :
" جدي ودينا سوف يبقون هنا لعدة ايام ... اريد منك ان تعامليهما بأفضل طريقة ...هل فهمت ...؟!"
كزت نوران على اسنانها بغيظ فهذا ما كان ينقصها ان تقوم بواجب الضيافة مع دينا وذلك العجوز الغاضب ...
" من الافضل ان تقول هذا الكلام لهم على ما اظن ..."
" نوران ..."
قالها بنبرة محذرة لتبتعد عنه متجهة الى داخل الحمام دون ان تمنحه رد مناسب حتى تاركا اياه يكاد ينفجر غضبا من برودها واسلوبها الجامد معه ...
.........................
في امريكا ...
طرقات قوية على الباب ايقظته من نومه ... اتجه بسرعة ناحية الباب وفتحه ليتفاجئ بفتاة امامه ترتدي فستان زفاف وطرحة بيضاء ... تأملها بنظرات متسعة بينما اقتحمت هي شقته واغلقت الباب خلفها ...
" من أنت ....؟!"
سألها بنبرة ذاهلة بينما استندت هي على الحائط واضعة يدها فوق صدرها تلهث بقوة ....
كرر ما قاله بنبرة اكثر علوا :
" من أنت ...؟!"
قالت هي بنبرة متقطعة :
" م..ا..ء ... اريد ماء ..."
اتجه ناحية المطبخ واخرج الماء من الثلاجة ثم قدمه لها فأخذته منه بلهفة وتناولته على دفعة واحدة ...
اعطته الكوب فأخذه منها بينما سارت هي ناحية الكنبة الموجوده في صالة الجلوس ممسكة بالجانب الايمن من خصرها ...
جلست على الكنبة واخذت نفسا عميقا ليقترب منها متسائلا بنفاذ صبر :
" يا انسة اخبريني من أنت وماذا تفعلين هنا ...؟!"
تحدثت اخيرا :
" ارجوك دعني ابقى لديك لفترة قصيرة ... فترة قصيرة فقط واعدك بأنني لن اضايقك اطلاقا..."
تأملها مليا قبل ان يقول بتهكم :
" فتاة تأتي الى منزلي في منتصف الليل ترتدي فستان زفاف تريد البقاء معي في منزلي ... والمطلوب مني ألا اتسائل عن سبب وجودها هنا ..."
نهضت من مكانها وقالت بعصبية :
" حسنا سأذهب ... "
اخذ يشتم بلغته العربية لتتسع عيناها بسرعة وتقول بصدمة بلكنتها العربية :
" أنت عربي ..."
صدمتها انتقلت اليه ليرد هو ايضا بذهول :
" أنتِ عربية ...؟!!"
اومأت برأسها قبل ان تهتف به برجاء :
" أرأيت ... نحن عرب مثل بعض ... يجب ان نقف بجانب بعضنا ... هل عروبتك ستسمح لك بالتخلي عن ابنة بلدك وتجعلها صيدا للكلاب الضالة والحيوانات الاستوائية ..."
قاطعها بسرعة :
" اصمتي ... عن أي حيوانات استوائية تتحدثين بالله عليك ...؟!"
وضعت يدها على فمها قائلة :
" معك حق ... يبدو أنني جننت قليلا واصبحت لا اعرف ماذا أقول ..."
ثم اردفت بترجي :
" ارجوك اسمح لي بالبقاء هنا... على الاقل ليوم واحد فقط ..."
صمت هو ولم يعرف ماذا يقول .... يشعر بالحيرة ... انها فتاة صغيرة وتبدو ضائعة ... هل سيتخلي عنها ...؟ هل سيتركها تخرج من منزله في وقت متأخر كهذا ...؟ هل شهامته ومروءته ستسمح له بهذا ...؟!
ابتسم في داخله بسخرية وهو يتذكر موقف اخر فعله مع ابنة عمه ... موقف دنيء اظهر من خلاله مدى حقارته وقلة مروءته ...
افاق من افكاره على صوتها وهي تحرك يدها امام عينيه ليقول متسائلا بفضول :
" ما اسمك ...؟!
فترد عليه :
" نغم ... اسمي نغم ...وانت ما أسمك ..؟!"
" نزار ... اسمي نزار ..."
..................
خرجت نوران من غرفتها مساءا واتجهت الى صالة الجلوس لتجد المكان خاليا ... استغربت بشدة من خلو المكان فسألت الخادمة عن تميم لتخبره أنه مع دينا في غرفة مكتبه ...
ذهبت نوران بسرعة الى مكتب تميم وفتحت الباب دون استئذان لتتفاجئ بتميم ودينا يقبلان بعضهما ...
تراجعت الى الخلف واضعة يدها على فمها بينما ابتعد تميم بسرعة عن دينا واخذ ينظر الى نوران بذهول قبل ان تركض بسرعة خارج المكتب وهي بالكاد تخفي دموعها ...