رواية زوجتي المنبوذة الفصل الخامس عشر 15 بقلم سارة علي
الفصل الخامس عشر
بعد مرور سنة ...
بخطوات واثقة رشيقة كانت تتحرك داخل الشركة ... تتحدث مع هذا وتضحك مع الاخر ... توزع ابتساماتها هنا وهناك ... الجميع يعاملها بلطف ومحبة ... اما هو فيراقبها من بعيد ... عيناه تحومان حولها طوال الوقت ... دون ان يصل لاي نتيجة مرضية معها ...
عاد وجلس على مكتبه وهو يزفر بضيق ثم اتصل بها طالبا منها ان تأتيه حالا ...
لحظات قليلة ودلفت اليه ... تقدمت منه ووقفت امامه ثم سألته بهدوء :
" نعم سيد تميم ... ماذا تريد ...؟!"
تأمل ملابسها المكونة من تنورة سوداء قصيرة وفوقها قميص ابيض اللون عاري الاكتاف ... انها تتعمد ان تلبس ملابس عملية لكنها مثيرة في نفس الوقت ...
شعر بالدماء تغلي داخل عروقه وهو يتخيل نظرات الموظفين لها وانجذابهم اليها...
حاول الحفاظ على رباطة جأشه فقال بنبرة جاهد لجعلها تبدو هادئة :
" انت هنا للعمل وليس لتبادل الاحاديث والابتسامات مع موظفي الشركة ..."
رفعت احد حاجبيها وقالت بتهكم :
" يبدو انك تقضي وقتك هنا في مراقبتي بدلا من ممارسة عملك ..."
قاطعها بصلابة :
" لا تغيري الموضوع الان ... "
ردت بنفاذ صبر :
" انا لا اغير الموضوع ... ثانيا انت من طلبت مني ان اراقب عمل الموظفين ومتابعتهم ..."
صحيح هو من طلب هذا محاولة منه للضغط عليها وزيادة عملها ... لكنه لم يظن بأن الموضوع سينقلب ضده ...
اخذ نفسا عميقا قبل ان يقول :
" لقد عفيتك من هذا العمل ... انتبهي على عملك كسكرتيرة فقط ..."
قالت بضيق :
" انا لست بلعبة لديك يا تميم ... يوم راقبي الموظفين ويوم ابتعدي عنهم ..."
ابتسم حينما وجدها تناديه باسمه لوحده مجردا من جميع الالقاب ...
" لماذا تبتسم ...؟!"
صاحت به بعصبية لتجده يقهقه عاليا قبل ان يسيطر على ضحكاته قائلا بشغب :
" كم تبدين جميلة وانت تضحكين ...؟!"
فغرت فاهها بصدمة مما قاله ثم احمرت وجنتيها كعادة ملازمة لها حينما يمدحها ...
ضربت الارض بقدميها وقالت متسائلة بملل :
" هل تريد مني شيء اخر ...؟!"
اجابها :
" كلا ، بامكانك الذهاب الى مكتبك ..."
خرجت من امامه وهي تتمتم ببعض الكلمات الغاضبة ... جلست على مكتبها وبدأت تقلب في بعض الملفات حينما لمحت فتاة شقراء طويلة تقترب من مكتبها ...
كزت على اسنانها بغيظ فهي تعرف هذه الفتاة جيدا ... انها شريكة تميم في احدى الصفقات ... ولكن المشكلة لا تكمن هنا ... فتلك الحية الشقراء تتودد الى تميم بشكل واضح ...
وقفت الفتاة امامها بابتسامتها الواسعة وتسائلت بنبرة صوتها المثيرةة:
" هل السيد تميم موجود ...؟!"
تأففت بضيق ثم اجابتها :
" نعم انه في الداخل .."
وقبل ان تنهض نوران لاخباره بوجوده كانت الشقراء تقتحم مكتبه فلحقتها هي بسرعة وقالت موجهة حديثها الى تميم :
" هي من دخلت دون استئذان ..."
الا ان تميم لم يبال بها وهو يتقدم ناحية الشقراء ويحييها بحرارة ...
انسحبت من امامهم وهي تكاد تتآكل من شدة الغيظ والغيرة ...
جلست على مكتبها بوهن واخذت تضرب سطح المكتب بقبضتي يدها وهي تغمغم بصوت خافت :
" اللعنة عليك يا تميم ... اللعنة عليك وعلى تلك الحية الشقراء ..."
.............................
دلفت الى منزلها بعد يوم عمل شاق ... خلعت حذائها ذو الكعب العالي ورمته ارضا ... ثم جلست على الكنبة وهي تمدد قدميها المتعبتين عليها ...
وجدت والدتها تقترب منها وهي تقول بتعجب :
" نوران ...لماذا عدت مبكرا ...؟!"
اجابتها نوران :
" لقد انتهيت من اعمالي مبكرا على غير العادة ..."
ثم اردفت بنبرة حاقدة خافتة :
" السيد تميم سمح لي بالخروج مبكرا فهو مشغول مع صديقته الشقراء ..."
" ماذا قلت ...؟!"
هزت رأسها بضيق وقالت :
" لم اقل شيئا ...هل انتهيت من اعداد العشاء ... ؟! انا جائعة للغاية ..."
ردت والدتها وهي تتجه الى المطبخ :
" ما زال الوقت مبكرا على العشاء ... تناولي اي شيء يسد جوعك حتى يحين موعده .."
تأففت نوران بملل ثم نهضت من مكانها واتجهت الى غرفتها لتخلع ملابسها وترتدي بيجامة بيتية مريحة ...
توقفت في مكانها وهي تسمع صوت جرس الباب يرن ... اتجهت لفتحه فوجدت ليلى امامها والتي دلفت الى الداخل وهي تقول :
" الحقير ... يجب ان اتخلص منه وحالا ..."
اغلقت نوران الباب خلفها واقتربت منها متسائلة :
" ماذا فعل هذه المرة ...؟!"
اجابتها وهي تجلس على الكنبة :
" يطلب مني اشياء سافلة و..."
صمتت ولم تستطع اكمال الباقي لتقول نوران بغضب :
" الحقير ...كيف يطلب منك شيئا كهذا ...؟! انت يجب ان تفسخي خطبتك منه وحالا ...."
تطلعت اليها ليلى بنظرات محتارةقبل ان تقول بتردد :
" ولكن انا لا اريد ان افسخ خطبتي منه ..."
هدرت نوران بها :
" هل انت مجنونة...؟ كيف تبقين مرتبطة بشخص مثله ...؟ ألا تخافين على نفسك ...؟!"
اخفضت ليلى بصرها باستيحاء بينما زفرت نوران انفاسها وجلست بجانبها وقالت بنبرة هادئة :
" ليلى كلانا يعلم سبب ارتباطك بهذا المتخلف ... لقد حققتي غايتك من الارتباط به ... ماذا تنتظرين لانهاء هذه العلاقة ...؟ ليلى انا خائفة عليك ... انه شاب سيء للغاية ..."
قالت ليلى بجدية :
" اعلم هذا ... ولكن انا بالفعل نويت ان افسخ خطبتي به ..صدقيني ..."
" ماذا تنتظرين اذا ...؟!"
اجابتها ليلى :
" فقط ايام قليلة وسأنهي كل شيء ..."
اومأت نوران رأسها بتفهم وصمتت فهي لم ترغب في الضغط عليها بالمزيد من الاسئلة ...
..........................
اغلق تميم هاتفه وعاد بانظاره ناحية لونا ... تلك الفتاة الشقراء والتي تكون ابنة احد رجال الاعمال الاغنياء ...
منحها ابتسامة متكلفة وقال :
" هل اعجبك الطعام ...؟!"
اجابته :
" انه رائع للغاية ...ذوقك رفيع في اختيار المطاعم التي ترتادها ..."
كانت قد طلبت منها ان يراقفها لاحد المطاعم القريبة ليتناولا الطعام سويا ... حاول تميم التملص منه الا انها كانت مصرة على ذلك ... ثم اقترح عليها هذا المطعم الذي اعتاد على ارتياده ...
" أين سرحت ..؟!"
افاق تميم من شروده على سؤالها فقال كاذبا :
" في العمل بكل تأكيد ..."
" انت تفكر في العمل دائما ...؟!"
" عملي هو كل حياتي ...."
" وماذا عن حياتك الشخصية ...؟!"
" ما بها حياتي الشخصية ...؟!"
سألها متعجبا لترد :
" سمعت انك كنت متزوج وطلقت ..."
"نعم هذا صحيح ..."
قالها باقتضاب لتعاود سؤاله :
" ألا تفكر في الارتباط مرة اخرى ...؟"
تعجب من سؤالها الجريء ليتنحنح قليلا قبل ان يجيبها :
" في الحقيقة ما زال الوقت مبكرا على شيء كهذا ..."
قاطعته :
" هل كنت تحبها ...؟!"
شعر تميم بالضيق منها ومن فضولها واسئلتها الا انه اجابها بصدق :
" نعم ... كنت احبها وما زلت ..."
مطت شفتيها بضيق وحملت كأس المشروب وتناولته وفعل هو المثل بعدما منحها ابتسامة خفيفة ...
.......................
" انت يجب ان تقوم بجميع التحاليل المطلوبة ...؟ الطبيب هو من قال هذا ..."
قالتها نغم بجدية جعلت نزار ينهض من مكانه ويقول بغضب :
" ألم ننتهي من هذا الموضوع ...؟!"
ردت :
" كلا لم ننته ... نحن متزوجان منذ عام كامل ولم يحدث حمل ... انا قمت بجميع الاختبارات المطلوبة وتبين باني سليمة ... الان دورك..."
" قلت لك أنني لن اقوم بأي تحليل..."
اندهشت من عناده واصراره فقالت فجأة :
" انت تعلم شيء انا لا اعلمه ... قل ماذا تعلم ...؟! اخبرني ..."
ظهر الارتباك جليا على ملامح وجهه ليقول كاذبا :
" كلا بالتأكيد لا يوجد شيئا لا تعرفينه ...."
" لا تكذب علي يا نزار ... اخبرني بكل شيء ..."