رواية زوجتي المنبوذة الفصل الثالث عشر 13 بقلم سارة علي
فصل الثالث عشر
كان يركض بسرعى داخل رواق المستشفى بعدما جاءه اتصال يخبره بأن دينا في صالة العمليات بعدما حاولت الانتحار ...
وصل اخيرا الى مكان الصالة ليجد الطبيب يخرج من غرفة العمليات فيسأله بسرعة :
" كيف حالها ...؟!"
هز الطبيب رأسه بأسف شديد :
" وضعها خطر للغاية ... لا اظن انها ستفيق منها ...."
هب تميم في الطبيب بغضب :
" ماذا تقول انت ..؟ افعل اي شيء ....تصرف ... يجب ان تنقذها ..."
حاول الطبيب امتصاص غضبه فقال:
" صدقني فعلنا كل ما بوسعنا ... لكن الحالة وصلت متأخرة ...على العموم كل شيء من الممكن ان يحدث ... قد يحدث الله معجزة وينقذها من الموت ..."
جلس تميم على احد الكراسي الموجوده في المرر بانهيار بينما تطلع الطبيب اليه باسف شديد قبل ان يتركه ويتجه الى مكتبه ...
وضع تميم رأسه بين كفيه وقد سيطر الشعور بالذنب عليه... ماذا سيفعل اذا ماتت دينا ... ؟! كيف سيتحمل ذنب كهذا طوال عمره ...؟!
شعر بشخص ما يقف قبالته ليرفع بصره ناحية الشخص فيجد نوران امامه تسأله بنبرة حزينة :
" ماذا قال الطبيب ...؟!"
الا انه لم ينتبه لسؤالها بل نهض من مكانه وسألها بذهول :
" ماذا تفعلين هنا يا نوران ...؟!"
لتجيبه بابتسامة مريرة :
" انا من جلبتها الى هنا يا تميم ... بعدما علمت بكل شيء ..."
اتسعت عينا تميم بصدمة ليسألها برعب من ان تكون عرفت بحقيقة زواجه من دينا :
" ماذا عرفت ..؟!"
اجابته بألم طغى عليها :
" لقد اخبرتني دينا بكل شيء قبل ان تفقد وعيها...."
وجملتها كانت بمثابة صفعة قويه جعلته يفيق من كل شيء ... لقد فهم الان وفي هذه اللحظة انه خسر كل شيء ... نوران ودينا ... وماذا سيخسر ايضا ...؟!
همت نوراه بالتحرك مبتعدة عنه الا انه قبض على ذراعها قائلا بنبرة متوسلةمحاولا منعها :
" نوران لا تذهبي ...ابقي بجانبي من فضلك ... لا تتركيني لوحدي ..."
حررت ذراعها من قبضته بقوة فاجئته وقالت من بين دموعها :
" اتركني وشأني بالله عليك ... لا تطلب مني ما هو فوق مقدرتي ..."
ثم رحلت وتركته وحيدا يصارع الوقت يناجي ربه ان ينقذ دينا فهو لن يتحمل ان يشيل ذنبها طوال حياته... لن يتحمل ابدا ...
...........................
دلفت نوران الى منزل والدتها وهي تحمل حقيبة ملابسها معها ...
ضمتها والدتها اليها بسرعة وقالت :
" واخيرا فعلتيها يا نوران ... كان يجب ان تفعليها منذ اول يوم ..."
ثم تطلعت الى ملامح وجهها الباكية فسألتها بقلق شديد :.
" ماذا حدث يا حبيبتي ...؟! لماذا تبكين ...؟! ماذا فعل بك هذا الحقير...؟!"
انهارت نوران بين احضان والدتها وبكت بعنف ... اخذت والدتها تربت على كتفها وهي تقول بنبرة أجشة :
" بعيد الشر عنك حبيبتي ... لماذا تبكين يا روحي ...؟ لا تخيفينني بالله عليك .."
ابتعدت نوران من احضانها وقالت بنبرة متعبة :
" تعبت يا امي ... تعبت كثيرا... لم يعد بمقدوري التحمل اكثر من هذا .."
احتضنتها والدتها مرة اخرى ثم رفعت عيناها الى الاعلى وهي تدعو بصوت عالي :
" ليلعنكما الله يا تميم ونزار ... ليذيقكما الالم والوجع ... ماذا فعلتما بأبنتي ...؟! "
ازداد شهقاتها اضعافا ما ان ذكرت والدتها اسميهما...
ظلت على هذا الحال لفترة ليست بقصيرة قبل ان تنهض من مكانها وتمسح دموعها قائلة بصوتها المبحوح :
" سوف اذهب الى غرفتي لأنام قليلا ... "
هزت رأسها متفهمة وقالت :
" حسنا حبيبتي ... نامي وارتاحي قليلا بينما اعد لك طعام الغداء ..."
ذهبت نوران الى غرفتها بينما رفعت والدتها يديها الى السماء وقالت :
" ليكن الله بعونك يا نوران ... ليكن الله بعونك يا ابنتي ..."
...................
وقف تميم امام دينا الممددة على السرير الابيض في غرفة العناية المشددة...
لقد سمح الطبيب له ان يراها ويتحدث معها لدقائق معدودة ...
انحنى بجانبها ومسك يدها شاعرا ببرودتها ... ربت بيده الاخرى على خصلات شعرها ...
قرب وجهه من وجهها وقال هامسا باسمها :
" دينا ... "
انهمرت دموعه لا اراديا ما ان نطق باسمها ... لا يصدق ان دينا الممدة هنا بلا حول او قوة هي نفسها دينا التي كانت تشع نشاطا وحيوية ...
لقد قتلها هو بحقارته معها ...
" سامحيني ..."
هتفها بنبرة خافتة وكأنه يستحي ان يطلب السماح منها بينما دموعه مستمرة في الانهمار ...
اكمل بعد لحظات وقد نجح في السيطرة على دموعه :
" بالله عليك لا تذهبي ... لا تفعليها ... لا تجعلينني اخسرك واعيش ما تبقى من عمري في عذاب ... انا مستعد ان افعل لك ما تريدين ... اعدك بهذا ... فقط افيقي .... افيقي من اجلي ..."
ظل يتحدث معها ويتوسل اياها ان تفيق ... لحظات قليلة ودلفت الممرضة الى الداخل تطلب منه ان يخرج من العناية المركزة ...
فعل تميم ما قالته وخرج من المكان ثم خلع ملابس التعقيم الذي كان يرتديها واعطاها للمرضة ... قرر الذهاب الى كافيتريا المشفى ليتناول كوبا من القهوة عله يقلل من هذا الصداع الذي سيطر على رأسه ...
......................
دلف تميم الى كافيتريا المشفى واتجه الى ماكينة القهوة الموجوده هناك ...
اخذ كوبا من القهوة وجلس على احدى الطاولات ...
بدأ يتناول قهوته بصمت حينما شعر بيد تربت على كتفه وصوت رجل تذكره على الفور :
" لا اصدق ما تراه عيني ... تميم بنفسه هنا ..."
استدار تميم وهو يهتف بصدمة :
" لبيد التميمي ... ماذا تفعل هناك ...؟!"
ثم نهض من مكانه واحتضنا بعضيهما بقوة ...
ابتعدا عن بعضيهما بينما ضربه لبيد على ظهره قائلا بعتاب :
" لولا الصدفة البحته لما كنت رأيتك ...لم تفكر ولو مرة واحدة بالسؤال عني ..."
قال تميم بخجل فهو بالفعل لم يسأل عنه منذ وقت طويل :
" كنت مشغول للغاية ... اعذرني ..."
ثم اردف بعتاب هو الاخر :
" لكنك لم تحضر حفل زفافي ..."
رد لبيد :
" اقسم لك انني كنت خارج البلاد حينها ..."
سأله تميم :
" ماذا تفعل هنا الان ..؟!"
اجابه لبيد ببساطة:
" زوجتي تلد هنا ..."
قال تميم بذهول :
" يا رجل ... تتحدث ببساطة ...أليس من المفترض ان تكون بجانبها الان ...؟!"
رد تميم بلا مبالاة :
" والدتي معها .... "
ثم اردف بتساؤل :
" وانت ماذا تفعل هنا ...؟ لا تقل لي ان زوجتك تلد ايضا ..."
قال تميم بسخرية :
" نعم انها تلد بعد شهرين من زواجنا ..."
ضرب لبيد على رأسه وقد شعر بمدى غبائه :
" معك حق ... انا غبي فعلا ..."
بينما قال تميم :
" ابنة خالتي في العناية المشددة ... تعرضت لحادث ..."
" اووه يا الهي ..."
قالها لبيد بأسف شديد بينما اردف :
" وكيف وضعها الان ...؟!"
رد تميم باحتقان :
" للاسف وضعها خطر للغاية ..."
ربت لبيد على كتفه وقال :
" ليكن الله معها ويشفيها ..."
في هذه الاثناء رن هاتف لبيد فاجاب عليه بسرعة ليأتيه صوت والدته الغاضب :
" ايها البارد ... اين انت ...؟ لقد انجبت زوجتك ... "
" ماذا انجبت ...؟ بسرعة ... اخبريني ..."
قالها لبيد بلهفة ليقفز من مكانه وهو يسمع الاجابة ويررد بصياح :
" صبي ... انجبت صبي ... الحمد لله يارب ... انه ثاني صبي ارزق به"
بارك تميم له ليشكره لبيد ويذهب بسرعة الى زوجته على وعد في ان يلتقيا في ظروف اخرى ....
ذهب تميم بدوره عائدا مرة اخرى الى غرفة العناية المشددة ليجد الممرضة تخرج راكضة من غرفة العناية المركزة وهي تصيح على الطبيب :
" لقد توقف قلب المريضة ...."
............................
انتهت والدة نوران من اعداد طعام الغداء ... همت بالذهاب الى غرفة نوران لتوقظها فوجدتها في وجهها وهي ترتدي ملابس الخروج ...
" لقد حان وقت الغداء ... إلى اين تذهبين الان ...؟!"
اجابتها نوران بجدية :.
" سوف اذهب الى بيت عمي ... اريده في موضوع هام ..."
" أجلي ذهابك الان ... وتعالي معي لتتناولي الطعام ..."
الا ان نوران قالت باصرار :
" كلا يجب ان اذهب الان ... "
" ولكن تناولي طعامك على الاقل ..."
قالت نوران :
" عندما اعود سوف اتناول طعامي ..."
ثم خرجت بسرعة متجهة الى منزل عمها ...
وصلت نوران اليه بعد حوالي ثلث ساعة ...
هبطت من سيارة الاجرة واتجهت الى الداخل ... فتحت الخادمة لها الباب واخبرتها ان الجميع في صالة الجلوس ... اتجهت الى صالة الجلوس لتسمع صوت احاديث وضحكات تنبع من الداخل وصوت مميز تعرفه جيدا ... دلفت الى الداخل لتجد الجميع مجتمع ... عمها وزوجته ... نزار و نغم .... ليلى واياد ...
جحظت عيناها بصدمة ما ان رأت نزار امامها ويبدو في اوج سعادته بينما اختفت الابتسامة من فوق شفتي نزار والذي نهض من مكانه قائلا بعدم تصديق :
" نوران .."