رواية عروسة تجنن كاملة بقلم اسماء إيهاب
الفصل الاول
ظلام ليلة من ليالي الشتاء مطر غزير يصطدم بالأرض ليعطي صوتاً مهيباً بشوارع القاهرة أغلقت تلك الفتاه الصهباء باب السيارة التي تعطلت بها بمنتصف الطريق التفتت تستند بظهرها علي السيارة و عيونها العسلية المائلة الي الخضار تلتمع بالظلام تراقب الطريق لعلها تجد اي سيارة أو شخص يساعدها بالوصول الي المنزل الطريق الطويل و الظلام دامس و هي بالأساس مرتعبة .. إضاءة سيارة يأتي من بعيد يضرب بها يعلمها ان يوجد سيارة قادمة وقفت بمنتصف الطريق رفعت ذراعيها ملوحة بالهواء و هي تدعو ربها أن يقف .. ابتسمت بهدوء عندما توقفت السيارة انتظرت حتي هبط منها شاب طويل جسده و كأنه احد لاعبي العاب القوي ابتلعت ريقها بتوتر من هيئته المهيبة تنحنحت بارتباك و هي تقول بصوتها الرقيق الهادئة : لو سمحت العربية عطلت و انا مش عارفة فيها أية
معالم وجهه لم تتغير فقط انحني مرة أخري ليمد يده داخل سيارته و خرج واقفاً باعتدال ليفرد المظلة تحجب عنها مياه المطر الغزير الذي غطاها بالكامل مد يده لها بالمظلة لتنظر إليه بتوجس ليمسك بيدها يضع بها يد المظلة الطويلة حجب عنها المطر الذي اغرقها كاملة فتح حقيبة السيارة الامامية نظر بتمعن قليلاً حتي اغلق ذلك الباب و هو يستند بيده علي السيارة يقول بجدية و صوت قوي النبرات : دي عايزة ميكانيكي سيبيها هنا و تعالي اوصلك و انا هوديها لميكانيكي كويس
نظرت إليه بهدوء و نقلت بصرها الي أجواء الشارع الهادئ بسكون مخيف لتهز رأسها بايجاب و هي تراقب ما سيفعل ليتقدم منها امال إليها لتشهق و هي تبتعد عنه لتجده يفتح لها باب السيارة و يشير إلي داخلها و هو يقول : اتفضلي متخافيش انا مش هعملك حاجة
هزت راسها بهدوء و دلفت الي السيارة بعد أن أغلقت المظلة ليغلق الباب خلفها ليستقر هو الآخر بمحل القيادة نظر إليها و هي تصك علي أسنانها المتخبطة من شدة برودة جسدها ليأخذ هو عدة مناديل ورقية من السيارة و مد يده بهم لها لتمسح وجهها و يدها و رقبتها و شعرها المبتل ليقود هو السيارة و هو يقول بهدوء : العنوان
املت عليه العنوان و هي تبتعد قدر الإمكان ملتصقة بباب السيارة تضع يدها علي مقبض الباب كان يسير و طرف عينه موجه عليها و علي ملامح وجهها الخائف منه ظل صامت كما هو حتي لا تخشاه أكثر و هي الأخري لا تتحدث حتي لمحت البناية التي تقطن بها لتشير اليه و هي تقول بهدوء : العمارة اهي
أوقف السيارة و نظر إليها لتبتسم هي برقة و هي تقول : انا بجد متشكر اوي مش عارفة من غيرك كنت هرجع ازاي شكرا يا استاذ
سبقها هو و هو يمد يده للمصافحة و هو يقول : يحيي الاسواني صاحب مطعم ... الياباني
اتسعت ابتسامتها و هي تصافحه قائلة بحماس : بجد اتشرفت بمعرفة حضرتك يا استاذ يحيي انا عندي سنتر جنب المطعم بس عمري ما شوفت حضرتك
سحبت يدها منه بهدوء عندما ضغط عليها بحماس زائد و هي تقول بحرج : شكرا مرة تانية يا استاذ يحيي
امسكت بمقبض باب السيارة و فتحته و خرجت و اتجهت باتجاه البناية و هو عينه تراقبها بحب شديد و كأنه لا يري غيرها فقط هي موجودة علي الارض تنهد بحرارة و هو يرجع ظهره الي الخلف قائلاً بتمتمة عاشقة : انتي اللي اتشرفتي و امال انا ابقي أية و كمان عمرها ما شافتني و الباب جنب الباب لو تعرفي بحبك اد أية يا آيلا
_دلفت الي شقتها و أغلقت الباب و هي بالفعل البرودة تأكل جسدها بلا رحمة حتي أن أسنانها كادت أن تتحطم من اصطدامهم بعضهم البعض تقدمت منها والدتها و التي كانت لا تقل عنها جمالاً من اصل ايطالي مسدت علي وجهها بحنان و هي تقول بنبرة صوت رقيقة و حديث مصري ليس متقن بقوة : مألك آيلا و اتأخرتي لية
ضمت آيلا نفسها و هي تقول بارتجاف : متلجة اوي يا ماما انا هدخل اخد حمام سخن و انام و اتاخرت عشان العربية عطلت هبقي اقولك الصبح مش قادرة
هزت الام رأسها بايجاب لتميل لتقبل وجنته و هي تسير معها باتجاه المرحاض
_ خرجت من المرحاض الذي يخرج منه دخان يدل علي حرارة الأجواء بالداخل و هي ترتدي منامة منزلية من اللون الاحمر الذي لاق كثيراً مع خصلات شعرها النارية و هي تمسك بمنشفة صغيرة تجفف شعرها المبتل دلفت الي غرفتها و تسطحت علي الفراش و هي تتنهد براحة و تدثر نفسها اسفل الغطاء كانت ملامحها رقيقة للغاية بياضها كالثلج كوالدتها تماماً عيونها اللامعة العسلية و حين تقترب تشعر و كأنها غابات خضراء أنفها الصغير للغاية و فمها الاحمر كالكريز أغمضت عينها و هي تستعد للنوم و تحمد ربها أنه كان هناك أحد لينقذها و الا بقت في هذا الظلام بالخارج لا تعلم أنه لا يفارق إينما ذهبت كـ ظلها و هي لا تشعر
**********************************
صباح جديد في شقة يحيي الاسواني كان يتسطح علي الفراش و خصلات شعره السمراء متناثرة علي جبهته بشكل مبعثر تظهر ملامحه وجهه المنحوت بحدة مع بشرته السمراء أنفه المستقيم و ذقنه المنمقة فتح عينه السوداء كظلام ليلة البارحة علي صوت جرس الباب و هو يعلم من يقطن خلفه و من يقظه كل صباح علي هذا الضجيج غيره جلس علي الفراش و هو يتنهد بضيق مرر يده علي وجهه بعنف و هو يقف ليفتح باب الشقة دفعه صديقه و هو يدلف الي الشقة بمرح و هو يقول بصوت عالي مزعج : حزين عايز افرح هاهاها مبسوط عايز ابكي اهئ اهئ
ليكمل يحيي بحنق و هو يغلق الباب بيد و اليد الاخري يشير بها الي رأسه علامة الجنون و هو يقول بحدة : مجنون عايز يطرد صح يا جواد
ابتسم جواد بتوتر و هو يمرر يده بخصلات شعره البنية الناعمة الطويلة فهو يمتلك من الجمال قدر كبير من الوسامة بشرته البيضاء و عيونه الواسعة البنية و اهدابه الكثيفة رفع يده باستسلام و هو يقول : لا طرد أية انا جعان
اشار إليه يحيي بيده الي المطبخ و هو يقول بضيق : ادخل اطفح و متزعجنيش
وضع جواد يده علي رأسه و هو يقول بصوت حزين مصطنع : خلاص الصحبة في الأحلام خلاص ضاعت مع الايام
التفت اليه يحيي باشمئزاز و هو يقول : الكلام الهايص بتاعك ده مش هنا
هز رأسه بايجاب و هو يؤدي التحية العسكرية ذهب يحيي ليبدأ هو بالغناء مرة أخري بخفوت : في الشدة النفوس بتبان و انا مش هبقي زي زمان
اخذ يتراقص علي الكلمات التي تنبثق من عقله مع نغماتها العالية المزعجة و هو يدلف الي المطبخ فتح البراد (الثلاجة) و اخرج كل ما بها و وضعه علي الطاولة و هو يقول بصوت عالي : يا يحيي تعالي يا عم نفطر بس يارب يقضي بقي
تقدم يحيي منه و هو يرتدي بلوزته و قد ظهرت عضلات بطنه ليخفي جواد عينه و هو يقول : يا فضحتي راجل و سلبوته
اكمل يحيي ارتداء بلوزته و هو يطرق كف فوق الآخر و هو يعلم أن صديقه مجنون نظر الي الطاولة المليئة بخيرات الله ليشير الي الطعام و هو يقول : الاكل ده مش هيكفي
قلب شفتيه بحسرة و هو يقول : أيوة انا يدوبك اكل دول
اشار يحيي بيده بلا مبالاه و هو يبتعد عنه : كُل انت انا رايح للميكانيكي
دث جواد الطعام بفمه و هو يقول و هو يلوح الطعام بفمه : لية عربيتك مالها
صفف يحيي شعره باصابع يده و هو يقول : مش انا عربية آ
قاطعه جواد و هو يقول سريعاً : حبيبة القلب اتكلمته قولتلها أية
تنهد يحيي و هو يذهب الي الردهة و خلفه جواد يحمل صحن مليئة بالكعك ليقول يحيي و هو يلقي بنفسه علي الأريكة : عربية ابوها عطلت بيها في الطريق و الدنيا كانت بتشتي و انا كنت طبعا وراها و الحمد لله اني دايما ببقي وراها عارف هي بريئة اوي و يتخاف عليها بصراحة
غمز جواد بطرف عينه و هو يهز رأسه مضيقاً عينه بخبث و هو يقول بحديث غير واضح من كثرة الطعام بفمه : أيوة يا عم
نظر إليه يحيي باشمئزاز و هو يقوم قائلاً : انا ماشي
ابتلع جواد الطعام و هو يقول سريعاً : استني مقولتلكش
امسك يحيي بسترة ثقيلة من الأجواء الباردة بالخارج و هو يرتديها قائلاً بتساؤل : أية
عدل جواد من ملابسه و رفع رأسه بفخر و هو يقول : امي جيبالي عروسة و هشوفها بليل
نظر إليه يحيي بتوجس و هو يقول : طب و غادة
وضع جواد الصحن علي الطاولة و وقف و اغلق سحاب سترته : مالها غادة غادة البيست فريند مش اكتر
هز يحيي رأسه بغضب يحاول أن يخفيه و لكنه ظهر بنبرة صوته الحادة : بس اللي يشوفكوا يقول متجوزين مش بيست فريند يا جواد و انا و انت عارفين غادة مقربة منك لية
هز جواد رأسه بلا مبالاه و هو يقول ببرود : بس انا مش عايزها
خرج من المنزل ليتأفف يحيي و هو يغلق سحاب سترته هو الآخر و يأخذ وشاح ثقيل يلفه حول رقبته و هو يستغفر ربه عدة مرات
***********************************
علي مائدة الطعام جلست آيلا بجوار والدتها تتناول طعام الفطور قبل أن تذهب الي مركز التجميل الصغير الخاص بها و الذي كان هدية من والدها و والدتها بعد انتهاء جامعتها و أنها تريد العمل الحر و ممارسة هوايتها نظرت آيلا الي والدها و تنحنحت بحرج و هي تقول : بابا
رفع سالم والدها رأسه إليها و هو يرتشف من كوب الشاي الخاص به مهمهم بايجاب لتتحدث هي سريعاً : العربية بتاعت حضرتك عطلت بيا في الطريق امبارح و الدنيا كانت بتشتي
لهفة ظهرت علي ملامح وجه سالم و هو يقول بخوف : أية و جيتي ازاي بليل لوحدك
هزت راسها بنفي و هي تقول : لا عارف المطعم الياباني اللي جنب السنتر بتاعي هو صاحب المطعم ده بس انا عمري ما شوفته و قالي أنه هيودي العربية عند ميكانيكي كويس بس انا عايزة حضرتك اللي تجبها هو ملوش ذنب
هز سالم رأسه بهدوء و هو يقول بتفهم : فعلا و هو ذنبه أية خلاص قوليلي علي المكان و انا هروح اجيبها
هزت راسها بطاعة و هي تشرع في اكمال طعامها إلا ان صوت والدها الذي صدح مرة أخري بنبرة هادئة لفت انتباهها قائلاً : في ناس جاية بليل تشوف آيلا عريس يعني و باباه و مامته
لتتحدث والدتها سريعاً بابتسامة عريضة و هي تمسك بيد سالم بحماس : بجد يا سالم انا فرحان اوي
نظر إليها سالم بابتسامة هادئة لتنحنح و هي تقول بلغة متقطعة : قصدي فرحانة اوي
نظرت آيلا بين والديها و هي تشير الي نفسها قائلة بذهول : انا العروسة و مفيش ليا رأي يعني حضرتك يا بابا مقولتليش لية
وقف سالم و هو ينهي طعامه قائلاً بهدوء : اقعدي معاه عجبك اهلا و سهلا معجبكيش في ستين داهيه
تنهدت بهدوء و هي تقف هي الأخري لتذهب مع والدها الي العمل
**********************************
في سنتر آيلا كاد أن تدلف الي الداخل إلا ان صوت يحيي صدح بهدوء بجوارها حتي التفتت تنظر إليه ما أن رأت يحيي حتي ابتسمت بهدوء و هي تمد يدها للمصافحة قائلة : استاذ يحيي ازي حضرتك
هز يحيي رأسه بهدوء و هو يمد يده يبادلها المصافحة و هو بالحق لا يريد مصافحة بل عناق عناق طول يبث لها به معاناته حتي وصل أن مصافحته و الحديث معها تنحنح يخرج أفكاره الهمجية من رأسه و هو يقول : ازيك عاملة اية
سحبت يدها و هي تقول بهدوء : تمام الحمد لله معلش تعبتك معايا امبارح
_ تعبك راحه علي قلبي ياريت من التعب ده علي طول
قالها و هو سارح بعيونها الحائر بلونها يمكن أن تكون عسلية و يمكن أن تكون خضراء لتعقد حاجبيها هي باستنكار قائلة : افندم
تنحنح هو يفيق علي نفسه لتنحنح و يعود أن ارض الواقع قائلاً بجدية : انا وديت العربية لميكانيكي شاطر جدا انا بتعامل معاه
شخصت ملامحها بضيق و هي تقول : لية بس كدا حضرتك بابا كان هيودي العربية حضرتك ملكش ذنب
لكن رد يحيي كان مفاجئ بالنسبة لها حين علت نبرة صوته بحدة قائلاً : يخربيت حضرتك اللي مغرقة الجملة دي
تراجعت الي الخلف و انكمشت علي نفسها بخوف من نبرته الحادة ليعبث بخصلات شعره و هو يقول بحرج : مش قصدي ازعق بس مش بحب حضرتك دي قوليلي يحيي
هزت راسها بايجاب سريعاً و ركضت الي داخل محل عملها علي الفور .. سب نفسه عدة مرات و قد تسرع في ما قاله لكن هذا اغضبه الم يقل لها أنه يدعي يحيي لما الاحترام المبالغ به له ليدلف الي مطعمه الخاص و هي يتأفف بغضب شديد من ذاته
***********************************
في أحد النوادي الرياضية المعتاد علي جواد الذهاب إليها دلف يبحث عن صديقته المفضلة غادة و حين رأها حتي اتجه إليها جلس علي المقعد المقابل لها نظرت إليه شرازاً و هي تقول بغضب : حمد الله علي السلامة كل ده و انا قاعدة لوحدي و كمان جعانة
نظر إليها بهدوء و هو يقول : مكلتيش لية انا كلت عند يحيي
غامت عينها البنية الواسعة و اصبحت كسواد الليل ابعدت خصلات شعرها السوداء عن عينها و هي تقول بغضب : شكرا يا جواد انا قاعدة مستنية و حضرتك بتطفح
نظر إليها و هو يلوح بيده بلا مبالاه لتخرج من حقيبتها بعض الشطائر تضعهم امامها و تأكل بشراهة مد يده ليأخذ شطيرة من أمامها لتطرق بيدها علي يده و هي تقول بحدة : متمدش ايدك على اكلي مش كلت ملكش دعوة بيا
انتشل احدي الشطائر منها و دثها في فمه و هو يقول : بس يا بت انتي
ابتلع ما بفمه و هو يبتسم قائلاً بسعادة : رايح اشوف عروسة بليل
بهتت غادة و نظرت إليه و وضعت الطعام من يدها و هي تنفض يدها و هي تقول ببطئ : انت بتتكلم بجد
هز رأسه و هو يكمل طعامه صكت غادة علي أسنانها و هي تقول بحدة : قوم غور من وشي يا جواد
نظر لها باستفهام و هو يقول : أية يا بنتي انا عملت اية بخدودك دي
طرقت علي الطاولة أمامها و هي تقول بعصبية شديدة : بقولك قــــوم من هنا يا جواد مش عايزة اشوف وشك تاني غور
وقف جواد و اخذ شطيرة أخري من أمامها و هو يقول : خلاص ماشي يا ام خدود
امسكت بحقيبتها و قفزتها به و هي تقول بصوت عالي لفت انتباه من حولها : غور
ذهب جواد و وضعت يدها علي وجهها و هي تتنفس بصعوبة و قد ضاق صدرها دمعت عينها و هي تقول بنبرة باكية : منك لله يا جواد منك لله
***********************************
مساءُ استعدت آيلا و عائلتها لاستقبال الضيوف ارتدي آيلا فستان الي ما بعد الركبة من اللون الوردي المزخرف برقة باللون الابيض ينعكس علي وجهها المنير كـ القمر الذي يثبت معني اسمها رفعت خصلات شعرها الحمراء النارية علي هيئة ذيل حصان و بعد الخصلات علي وجهها برقة رشت عطرها المميز .. خرجت و عندما اقتربت من باب الغرفة المقطن بها الضيوف حتي توهجت وجنتيها مشتعلة بخجل دلفت الي الداخل بهدوء و هي تلقي التحية ما كادت أن تجلس حتي صدح صوت ذلك الشاب و هو يقف : اللهم صلي علي النبي احنا نقرأ الفاتحة يا جماعة علي طول
انتفضت هي بخضة من صوته العالي و حديثه المهلل نظرت الي ذلك الشاب الوسيم و ما كان الا جواد باستغراب من حديثه لتجلس بجوار والدها تنظر إليه باستفهام .. في حين لكزت والدت جواد ولدها حتي يجلس ليتنحنح و هو يجلس قائلاً : انا بضحك يا عروسة خليكي فريش
ابتسمت بمجاملة و هي تريد الذهاب الآن من الغرفة لكن هذا غير مسموح لها الآن دلفت والدتها بالضيافة مرحبة و هي تجلس بجوار ابنتها تربت علي ظهرها بحنان .. تحدث والد جواد بلباقة و هو يوجه حديثه الي سالم : احنا جايين النهاردة يا استاذ سالم و يشرفنا نطلب ايد بنتك آيلا لابني جواد
تنحنح سالم بصوت هادئ و هو ينظر الي جواد نظرة تقييمية قائلاً بهدوء : انا يشرفني طبعا بس لازم ندي للعروسة وقتها تفكر براحتها
قاطع حديثهم الجاد للغاية جواد و هو يقول موجهاً حديثه الي آيلا قائلاً : مش هندمي يا ليلي و الله ده انا حتي دمي خفيف
_ آيلا مش ليلي
نطقت بها آيلا بضيق ليقول بابتسامة و هو يحك مؤخرة رقبته : آيلا ممكن نقعد نتكلم شوية مع بعض
نظرت إلي والدها الذي هز رأسه بايجاب موافقاً لتبتسم باقتضاب و هي تقوم قائلة علي مضض : اتفضل يا استاذ جواد
خرجت معه الي الشرفة وقفت تنظر إلي الخارج غير عابئة بذلك الواقف بجوارها يتأملها ببلاهة و هو يبتسم باتساع التفتت إليه برأسها لتجده علي هيئته تلك لتتحدث بضيق و هي تقول : ممكن اعرف حضرتك بتشتغل أية
_ مع بابا في شركة الشحن بتاعته
هزت راسها بهدوء و صمتت و نظرت إلي الخارج مرة أخري لينظر إليها جواد بانبهار و هو يقول : و هو شعرك كدا و لا صبغة
_ شعري
حين كانت تجيب كان هو يذوب بعينها ليتحدث مرة أخري : و عينك عينك و لا لينسيز
_ عيني
نظرت إليه بضيق من أسئلته التي لا تفيد بشئ لتسأل هي بهدوء : و انت بتعمل اية في حياتك
اتسعت ابتسامته و هو يقول بفخر : بغني
عقدت حاجبيها باستغراب و هي تقول بتسأل مرة أخري علها لم تستمع إليه جيداً : نعم !!
ليرد مرة أخري بثقة زائدة : بغني
بدأ بالطبل علي سور النافذة بلحن موسيقي و هو يغني بصوت أقل ما يقال عنه أنه بشع : عود البنات عالي شقلبلي انا حالي يرخصلك الغالي ياللي سحرتني عود البطل ملفوف و انا لسة ياما هشوف جايلك و مش مكسوف مانتي قتلتني وخداني علي الهادي و جمالها مش عادي
وضعت يدها علي اذنها بأنزعاج واضح و هي تصرخ به بنفاذ صبر : كفاية كفاية
صمت جواد و هو يقول : أية معجبكيش عود البطل ده حتي لايقة عليكي اوي
رفعت يدها أمام وجهه و هي تقول بضيق : شكرا بجد بس مش بحب اي اغاني من النوع ده .. اتشرفت جداً بمعرفة حضرتك بعد اذنك
خرجت من الشرفة الي غرفتها مباشرةً أما هو فأخذ يدندن أغنيته مرة أخري و يسترجع كلماتها ليطرق أصابعه و هو يقول : طب و الله لايقة عليكي مش هسيبك يا بطل انت يا قمر
**********************************
جلس جواد أمام يحيي الذي يحتسي قهوته باستمتاع شديد بعد أن وضع بعض من الطعام أمامه حتي يتناول طعام الفطور ليتحدث بحماس زائد و هو يقول : أما حتة عروسة يا يحيي أية الحلاوة دي انا قتيل الجوازة دي
وضع يحيي قدح القهوه من يده و هو يقول بهدوء و اتزان : مش كل حاجة الجمال يا جواد
اشار جواد بيده يوقفه عن الحديث و هو يقول : اسكت اسكت عارف هتقول أية و الله انا شاكك في اللي بتحبها دي و عايز اشوفها شكلها أية
شرد يحيي بعينه علي نقطة الفراغ و هو يقول : مفيش منها اتنين أية في الجمال بالمعني الحرفي يا جواد
وضع جواد الطعام بفمه و هو يقول : اسمها أية
نظر إليه يحيي ليسبقه جواد قائلاً : و هقولك انا كمان اسم العروسة أية
نطقا بنفس اللحظة معاً كل منهم بطريقته : آيلا
تبادلا النظرات قليلاً ليضحك جواد و هو يقول : حظ الاتنين نفس الاسم
لكن يحيي لم يمررها مرور الكرام ليضيق عينه قائلاً بشك : كمل بتدرس و لا بتشتغل
_ بتشتغل عندها سنتر صغير كدا مش عارف فين امها إيطالية و الانتاج تقفيل بلاد برا شعر احمر و عيون ملونة حاجة اصلي يا باشا
أطاح يحيي بالطاولة أمامه حتي انقلبت ما عليه فوق جواد الذي وقف سريعاً بضيق و بلحظة كاد يحيي يوجه لكمة قوية بوجه جواد الذي سقط أرضاً من قوتها .. وضع يده علي وجهه بألم و هو يقول بغضب : أية الغباء ده في أية
ظهرت عروق رقبة يحيي و هو يصك علي أسنانه التي كادت أن تتحطم و هو يقول بشراسة : ملقتش غير آيلا دون عن بنات البلاد كلهم يا ابن شريف
استند جواد بيده علي الارض حتي وقف أمام يحيي و هو يقول باستفسار و غباء و هو يلكمه بكتفه : و انت مالك و مالها يا عم خليك في اللي في قلبك
امسك يحيي بتلابيب ملابسه و هو يجذبه إليه يصيح بوجه بغضب شديد يأكل داخله و هو يتذكر الحديث الذي كان يسرده عن حُسنها الفتاك المهلك لقلبه : هي مالي هي آيلا البنت اللي بحبها يا متخلف
قلب جواد شفتيه بمفاجأة ليطرق علي جبهته و هو يرد بلا مبالاه : اووووبااا جت فيك يا صاحبي سيبهالي بقي و الله يسهلك و تلاقي غيرها ولا اقولك روح حب غادة حلوة غادة
رفع يحيي سبابته يشهرها امام وجهه و هو يقول بغضب : اسمع يا جواد انت تنسي انك روحت شوفتها من الأساس
ربت جواد علي كتفه و هو يتخطاه حتي لا يبطش به : بصي يا باشا انا دخلت من الباب و انت من الشباك يبقي مين أولي بيها
التفت يحيي إليه و هو يقول بغضب مشيراً إلي نفسه : اللي بيحبها .. انت بتحبها ده انت مشوفتهاش الا امبارح
امسك بقبضة الباب و أدارها و خرج سريعاً و قبل أن يغلق الباب اطل برأسه و هو يقول : بس بطل
و علي حين غرة و قبل أن يفلت جواد رأسه عن الباب كان يصطدم برأسه مزهرية صغيرة تأوة جواد بألم شديد و رأسه ينزف الدماء و هو يسب يحيي
_ يخربيت غباءك يا متخلف
الفصل الثاني من هنا