اخر الروايات

رواية بعد الانتظار الفصل الثالث 3 بقلم براء الهواري

رواية بعد الانتظار الفصل الثالث 3 بقلم براء الهواري





رواية بعد الانتظار " الفصل الثالث "

" اتفاق مع وقف التنفيذ "

وقفت أمام المرآة ترتدي حجابها بعد أن انتهت من ارتداء ملابسها ، فدخلت عليها والدتها قائلة :

- فريدة ، العريس وصل .

تحدثت فريدة بسخرية :

- شكله هيمشي زي ما جه .

نظرت لها والدتها برجاء قائلة :

- عشان خاطري يا فريدة بلاش مشاكل .

أردفت فريدة بنبرة باردة :

- ماما أنا عايزه أفهم أنتِ قلقانه كده ليه ، و مُصره إني أقابل العريس ده أوي كده ، و كل ما أسأل عنه تقولي لي ماعرفش ، مع إنك عارفه إني كده كده هرفضه .

- ما أنتِ المرة دي شكلك كده مش هتقدري ترفضي .

نظرت لها بأعين متعجبه و قالت بسخرية :

- ليه متقدملي وزير يعني !!

- هتخرجي و تشوفي بنفسك .

- بصي يا ماما أياً كان مين العريس المجهول اللي بره ده أنتِ عارفه رأيي ، و عارفه إني مش هتجوز بالطريقه دي لو حتي هفضل عانس طول عمري ، و أنا هطلع أقابله بس عشان خاطرك .

تركتها " منى " و ذهبت ترحب بذلك العريس المجهول بينما وقفت فريدة أمام المرآة تنظر لنفسها و تدور بداخلها الأحاديث المتشابكه و المعقدة حول هذا العريس الذي لا تعلم من أين جاء لها في هذا الوقت الصعب الذي تمر بِه .

توجهت لهم و هي تحمل صينية المشروبات و ناظرتاً للأرض إلى أن وصلت لمكان مجلس العريس و عائلته ،
و قبل أن ترفع نظرها سمعت صوتاً تعرفه جيدًا
يقول لها :

- إزيك يا عروستنا .

تصمرت في مكانها لثوانٍ قبل أن ترفع عينيها لتتأكد من ظنونها ، إنه صوت عمها " سليمان " الأخ الأكبر لوالدها ، و حين رأته و معه أسرته ، لم تحتاج وقتاً طويلاً كي تفهم أن العريس هو إبن عمها " وليد " الذي بدوره نهض و أخذ الصينية من يدها ليضعها على الطاولة بوجع مبتسم ، بعد أن شعر بارتباكها ، توجهت بكل هدوء و جلست على أحد المقاعد ، و هي لا تسمع أو ترى شيئاً حولها ، كانت تدور في ذهنها عبارة والدتها

"ما أنتِ المرة دي شكلك كده مش هتقدري ترفضي"

كانت تتساءل هل هذه هي النهاية ؟ هل سيكون هذا مصيرها ، الزواج من " وليد " !! ، صحيح أنه شاب جيد فشكله وسيم إلى حداً ما ، و هو دكتور صيدلي ، و له صيدليته الخاصه التي فتحها له والده بعد تخرجه من الجامعة ، و لكن على الرغم من صلة القرابه القوية التي
تجمعهما ، إلا أن التعامل بينهما منذ الصغر كان محدوداً للغاية ؛ بسبب والدها الذي كان يمنعها من التحدث مع أي شاب سواء إن كان قريباً أو غريباً ، كان والدها يُشعرها دائماً أن الفتيان و الشباب خُلقوا من جهنم و ليسوا بشراً عاديين مثلهم ، و لذلك كانت تمر الأشهر و السنوات من دون أن ترى أقاربها الذكور أو تتحدث معهم و في النهاية أصبحوا بالنسبة لها مثل الغرباء الذين لا يعلمون عنها شئ و لا تعلم عنهم شئ .

لم تفق من تفكيرها إلا على كلمة عمها حين قال :

- طاب نسيب العرسان يقعدوا مع بعض شوية ولا إيه .

تعجبت من رد والدها الذي لم تتوقعه :

- ماشي ، تعالو إحنا نقعد بره و نسيبهم شوية .

قام الجميع و خرجوا واحداً تلو الأخر إلى أن أصبحت معه بمفردها ، ساد الصمت لمدة ومن الواضح أنه شعر أنها لن تبدأ الحديث فقرر هو أن يبدأ :

- عاملة إيه في شغلك يافريدة ؟

كانت تتحاشى النظر إليه و هي تتحدث قائلة :

- تمام الحمد الله .

- شكلك تعبانه .

- اصلي يادوب لسه راجعه من الشغل من ساعتين .

وجدت نبرته تتبدل من اللين إلى الجدية و قال بتساؤل :

- أنتِ بترجعي البيت الساعه خمسة ؟!

نظرت له بتحفز قائلة باستنكار :

- اه عندك مانع ؟!

عادت نبرته اللينه من جديد و هو يقول :

- مش شايفه إن متأخر .

نظرت له بامتعاض قائلةً :

- متأخر ازاي يعني ؟! هو أنا بقول لك برجع البيت خمسة الفجر ! و بعدين ما هي دي مواعيد الشغل .

- أنا بتكلم إن الساعة خمسة دي متأخر إنك ترجعي البيت و أنتِ متجوزة و يبقى لسه وراكي شغل البيت و تربية الأولاد .

زفرت في ضيق فقد استفزها حديثه و شعرت أنه جاء يتزوجها ليتحكم بها ، فهو من أول لقاء يُريدها أن تترك عملها ، فتحدثت بنبرة غاضبه مُستنكِره :

- هو حد قالك إنك جاي تتجوز خدامة !!

- لا طبعاً مش قصدي بس اللي أقصده إن أحب مراتي تكون قاعدة في البيت تهتم بيا و بولادنا ، و أنا أكيد مش هخليكي تحتاجي مرتبك اللي بتاخديه من شغلك أصلاً .

تحدثت هي بلهجه حادة فقد نفذ صبرها عليه :

- لكن أنا مش بشتغل عشان الفلوس أنا بشتغل عشان بحب شغلي .

- ما احنا بعد ما نتجوز هتحبي البيت كمان .

نظرت له طويلًا و لم ترد فقال لها :

- في إيه ؟!

نظرت له بجدية قائلةً :

- عايزه اسألك سؤال .

- اتفضلي .

- أنت عايز تتجوزني ليه ؟

صمت و لم يعطيها جواباً فقالت هي :

- أنت ساكت ليه ؟!

- مش فاهم سؤالك .

- سؤالي واضح على فكرة ومش محتاج تفسير ، و مع ذلك هفسرلك تقدر تقولي إيه السبب اللي خلاك تفكر تتجوزني ، و ماتقوليش بنت عمي و من لحمي ودمي و الكلام ده عشان بقى قديم قوي ، قول لي إيه الحاجه اللي شفتها فيا فقلت هي دي اللي أنا بدور عليها .

نظر لها ولم يرد فقالت بسخرية :

- مش لاقي إجابة صح ؟ أنا كمان قلت كده أكيد عمي سليمان هو اللي طلب منك تتجوزني ولا كلامي غلط .

- و حتى لو كلامك صح يفرق معاكي فإيه .

- لا يفرق كتير عشان أنا لا يمكن اتجوز بالطريقة دي .

- افهم من كدة إنك مش موافقة عليا .

- جايز لو كنا بنحب بعض كنت وافقت عليك لكن .

لم يُمهلها فرصة لتُكمل كلامها و قد تحدث :

- مش جايز نحب بعض بعد كده .

نظرت له و هي تحاول أن يكون صوتها طبيعياً ولا يظهر فيه انها تريد البكاء و قالت :

- أي حاجه من طرف بابا عمري ما هحبها .

نظر لها بتحدي و أردف بخبث :

- خلاص أرفضيني .

- مش هقدر ، فياريت أنت تقول لعمي سليمان إنك مش موافق ، هو أكيد مش هيغصبك لكن أنا لو قلت لبابا إني مش موافقة مش هيهمه رأيي .

و هنا جاء الجميع و جلسوا في أماكنهم و قال مراد والد فريدة :

- نقرأ الفاتحة بقى .

نظرت هي لوليد و توقعت منه أن يرفض و لكنه فاجأها بموافقته و قد قرأ معهم الفاتحه ، لم تشعر بمن حولها من الصدمة فمن الواضح أنه لم يهتم لكلامها ، و من الواضح أيضاً أنها سوف تستسلم للأمر الواقع .

قال سلميان :

- خلاص يبقى الخميس الجاي تنزلي يا فريدة مع وليد عشان تختاري شبكتك و الخميس اللي بعده الخطوبة .

ثم نظر لمراد و أكمل حديثه قائلاً :

- ولا أنت شايف إيه يا مراد .

جاوبه مراد قائلاً :

- على خيرة الله .

و هنا صدحت أصوات الزغاريد من قِبل والدة وليد و
شقيقته ، أما عن والدة فريدة فكانت تنظر لها بحزن و هي تعلم أن قلب ابنتها يحترق وجعاً ، و ريماس كانت واقفه بجانب فريدة تُربت على كتفها ، و ما إن رحلوا و أغلق والدها الباب خلفهم حتى التفت لها و على وجهه إبتسامة تلاشت حين تحدثت هي بغضب :

- أنا مش موافقة .

حدثها بفتور قائلاً :

- مش لازم توافقي .

نظرت له بغضب و ضيق قائلة :

- يعني ايه ؟! ، هتجوز غصب .

لم يُعرها اهتماماً و قال بلامبالاة :

- افهميها زي ما تحبي ، أنا أبوكي و عارف مصلحتك .

نرت له و كادت الدموع تسقط من عينيها و تحدث بصوت ظهر عليه أحساسها بالقهر و الظلم :

- لكن أنا اللي هتجوز و دي حياتي و أنا حره فيها ، من حقي أختار الإنسان اللي هرتبط بيه .

نظر لها بحدة و بدأ صوته يعلو قائلاً :

- أنتِ مالكيش حق أصلاً ، أنتِ تعملي اللي انا بقول عليه وبس .

نظرت له بتحدي و هي تُصر على موقفها قائلة :

- بس أنا مش هتجوز وليد لو على جستي .

و في تلك اللحظة وجدت صفعة قوية تنزل على وجنتها ، وضعت كفها على وجنتها من شدة الألم و نظرت له بعيون مُتحجرة و لكنه لم يهتم و أخذ يُكمل حديثه قائلاً :

- أنا قلت هتتجوزي وليد و إلا خليكي من غير جواز خالص .

و من ثم تركها وذهب ، و وقفت هي لا تستوعب ما حدث و ماقِيل ، امتلأت عيناها بالدموع و نظرت لوالدتها و شقيقتها بقهر و في لمح البصر ذهبت لغرفتها و أغلقت الباب بالمفتاح .

" وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ (97) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ (98) وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ (99) "
- الحِجر -

جلست خلف باب حجرتها تضم قدميها إلى صدرها و تحاوطهما بذراعيها ، أخذت تبكي بقهر ، كاد قلبها ينفطر من كثرة البكاء لا تعلم لمَ الحياة دائما ضدها ، على ماذا يعاقبها القدر ، كانت تقول لنفسها :

- لا يمكن تكون دي النهاية مستحيل ، أنا عشت حياة صعبه أوي من وأنا صغيرة اتحملت عذاب سنين ، عشان في يوم يجي الإنسان اللي يعوضني عن كل اللي أنا عشته قبليه ، إنسان يحول حزني لفرح يشجعني مش يكسرني ، يا رب خدلي حقي يا رب ، انتقملي منهم يا رب ، أنا خلاص تعبت و مش قادره استحمل أكتر من كده ، أنا واثقه فيك يا رب و عارفه إنك مش هتسيبني أضيع بسببهم ، خليك جمبي يا رب .

و في لحظة رفعت عينيها و قد تحجرت الدموع بهما و نظرت بأتجاه شرفة غرفتها التي كانت مفتوحه ، نهضت و من ثم دخلت إلى الشرفة ، و أخذت تنظر للقمر في صمت ، و بعد لحظات تحدثت بثقة و ثبات و هي تمسح دموعها بعنف :

- أنا مش هستسلم مهما حصل ، أنا لسه عندي أمل في بكره لسه عندي أمل إنك هتيجي قريب ، صدقني مهما حصل هستناك .

كانت تُحدث القمر كعادتها منذ الصغر ، فهي دائماً ترى حبيبها المجهول عندما ترى القمر ، تتحدث معه
و تشكو له ما يحدث معها و كأنه يسمعها .

*****

في مكان أخر كان هو يقف في شرفة منزله يُطالع القمر ، يتأمله و يتساءل هل من الممكن أن يكون قد أعجب بها ، أم أنها لفتت نظرة ببساطتها و عذوبة صوتها ، دلفت شقيقته للشرفة و لكنه لم يشعر بها ، فهو كان مُتعمق في تفكيره بتلك الفتاة التي خطفت قلبه من الوهلة الأولى
تحدثت شقيقته قائلة :

- إية اللي واخد عقلك يا كريم .

انتبه لها فجأة و قال بتساؤل :

- سلمى ! أنتِ هنا من أمتى ؟

اعطته كوب الشاي الذي بيدها قائلة بابتسامة خبيثة :

- من ساعة ما كنت سرحان في القمر ، قولي بقى مين اللي واخد عقلك .

تصنع عدم الاهتمام قائلاً بتهرب :

- هيكون مين يعني ، مفيش حد طبعاً .

نظرت له بنصف عين و تحدثت بخبث :

- عليا أنا برضو الكلام ده .

تحدث هو بارتباك :

- و أنا هكدب عليكي ليه يعني .

- ماعرفش شوف أنت بقى ، بس مش مهم تحكيلي دلوقتي لما تحس إنك حابب تحكيلي أكيد هكون موجوده.

قبل رأسها بحنانه الذي اعتادت عليه منذ صغرها ، فهو كان لها الأخ و الصديق و الأب بعد وفاة والدها .

نظرت له و قد غيرت الموضوع قائله :

- صحيح عملت إيه ف سفرية لبنان .

- بفكر الغيها .

تعجبت من رده فقالت :

- ليه ؟! دا أنت كنت خلاص هتقول لمديرك إنك موافق .

عاود النظر للسماء و هو يأخذ رشفة من كوب الشاي قائلاً :

- مش عارف بس بعد ما كنت موافق حاجة جوايا بتقولي بلاش تسافر .

عادت هي تقول بنبرتها الخبيثة :

- و ياترى الحاجة اللي بتقولك بلاش تسافر دي ليها علاقة باللي كنت سرحان فيه لما دخلت .

ضحك و نظر لها قائلاً :

- سوسة أنتِ برضو.

أخذت تُهندم من ملابسها بتفاخر مصطنع و تحدثت بنبرة ثقة قائلة :

- تربيتك .

ضربها بخفه على رأسها و هو يضحك فتصنعت الألم و هي تنظر له بغضب طفولي ، و من ثم أخذت تضحك معه بشدة فحاوطها هو بذراعه مُقرباً إياها إلى صدره وهو يقبل رأسها بحنان أبوي .

*****

في صباح اليوم التالي استيقظت فريدة و نزلت إلى عملها مبكراً ، فهي لا تُريد أن ترى والدها بعد ما حدث بالأمس ، ذهبت إلى العمل برفقت سلمى و أثناء الطريق تحدثت سلمى قائلة :

- على فكرة أنا مش هقدر أروح معاكي النهاردة .

لم تكن فريدة تستمع لها و كانت صامته منذ أن التقت بها فهتفت سلمى :

- فريدة .

انتفضت فريدة نفضة بسيطة و نظرت لها قائلة :

- في إيه ؟!

- في إنك مش معايا خالص ، من ساعة ما شفتك و أنتِ سرحانه .

- أنتِ كنتي بتقولي إيه ؟

- كنت بقولك إني مش هروح معاكي النهاردة .

- ليه ؟

- كريم هيعدي عليا ياخدني عشان نروح لخالتو ، أصل ماما كلمتي إمبارح بليل و قالتي أن خالتو مُصره نروح نتغدى معاهم النهاردة عشان ماما عندها من إمبارح وكده يعني ، فكريم قالي بدل ما تروحي لوحدك هعدي عليكي أخدك و نروح سوى .

- ماشي يا حبيبتي .

- مالك يا فريدة ؟

تنهدت فريدة بحزن و قالت بيأس :

- تعبت يا سلمى .

- إيه اللي حصل تاني ؟

- حياتي بتنتهي قصاد عيني و مش قادره أعمل حاجة .

- اهدي بس وفهميني في إيه .

- بابا عايز يجوزني إبن عمي بالغصب .

نظرت لها سلمى في صدمة و قالت :

- إيه !

*****

كانت تحاول الاندماج في العمل الذي لم تعد تستطيع التركيز فيه ؛ بسبب انشغال عقلها بالتفكير فيما حدث بالأمس ، و تعجبها من تصرف وليد الذي لم تفهمه بالمرة و لكنها شعرت أنه لا ينوي على خير .
و كأنه يعلم أنها تفكر به فظهر أمام مكتبها فجأه ، نظرت له بعدم تصديق و ذهول فكيف يجرؤ أن يأتي إلى مكان عملها و خاصةً بعد ما فعله بالأمس.

- أنت جيت هنا ازاي ؟!

قالت فريدة تلك الجمله بصدمة ممزوجه بالغضب ، فأجابها ببرود قائلاً :

- جيت بالعربية .

- بطل استظراف لو سمحت .

- عايز اتكلم معاكي شوية .

- و أنت شايف إن ده مكان مناسب للكلام .

- أكيد مش هنتكلم هنا يعني ، أنا جاي أخدك عشان نروح نشرب حاجه و نتكلم كلمتين .

- بس أنا عندي شغل .

- أظن إن الكلام اللي هقوله أهم من الشغل ، على الأقل هرحم عقلك من التفكير شوية .

نظرت له قليلاً و من ثم نظرت لسلمى التي كانت تجلس معهم في المكتب منذ دخوله ، فأشارت لها سلمى بعينيها أن تذهب معه .

فنظرت له مرة أخرى و قالت :

- ماشي هاخد أذن و نمشي .

- تمام أنا هستناكي تحت في العربية .

- ماشي .

خرج وليد من المكتب و من الشركة بأكملها و جلس في سيارته لينتظرها ، أما هي فكانت تنظر لسلمى بقلق و لكن سلمى حاولت تخفيف توترها فقالت :

- اهدي يا فريدة و أوعى تحسسيه أنك متوتره ، اسمعي هيقولك إيه و ردي عليه بكل ثقة و ثبات و أوعى يحس إنك ضعيفه ، هي بصراحه غلطتك من الأول إنك قولتيله أن والدك مش هيسمع كلامك لو قلتيله إنك رافضه ، هو كدة ممكن يستخدم النقطه دي ضدك لكن أنتِ ماتديلوش فرصه اظهري قوتك فهماني .

- فهماكي ، أنا فعلاً مش لازم احسسه بضعفي أبداً .

نزلت فريدة لتجده يجلس بسيارته أمام الشركة ، فتوجهت و ركبت معه السيارة و إنطلق بها إلى "كافيه" قريب من الشركة جلس هو وجلست فريدة على المقعد المقابل له و قالت :

- كنا جينا من غير العربية الكافيه ده قريب جداً .

- بس أنا حابب أريحك .

- ياريت تدخل في الموضوع على طول .

- ماشي ، بس نشوف هنشرب إيه الأول .

- أنا مش جايه أشرب أنا جايه اسمعك .

نادى هو للنادل بعدم اكتراث لكلامها و حين جاء قال :

- طلبك إيه يا فندم .

- عايز قهوة ساده و عصير فراولة .

ذهب النادل ليُحضر الطلب و عاد وليد لحديثه مع فريدة .

- أنت عرفت منين إني بحب عصير الفراولة .

طرحت عليه هذا السؤال فور انصراف النادل فأجابها :

- أنا أعرف عنك حاجات كتير ، مش زي ما أنتِ فاكره يعني .

- ياريت تقول الكلام اللي جاي تقوله خلينا نخلص .

- طبعاً أنتِ عايزه تعرفي أنا ليه إمبارح منفذتش اللي اتفقنا عليه مش كده .

- أكيد عايزة أعرف .

- و أنا هريحك و أقول لك .

*****

كان يقف كريم مُستنداً على سيارته أمام الشركة التي تعمل بها شقيقته سلمى و يحدثها في الهاتف قائلاً :

- يلا ياسلمى أنزلي بسرعه .

- حاضر استنى خمس دقائق بس .

- ماشي بس متتأخريش .

- حاضر .

أغلق الهاتف مع شقيقته و التفت إلى جانبه و هو يزفر بملل ، و لكنه اعتدل في وقفته حين رأها تنزل من سيارة ذلك الشاب ، و أخذت تدور برأسه أسئلة عديدة انتهت أخيراً حين قال لنفسه :

- أنت مالك أصلاً جايز يكون أخوها او خطيبها ، أنت شاغل نفسك بيها ليه .

أما في سيارة وليد و بعد أن نزلت فريدة حدثها هو من النافذه قائلاً :

- مش كنت وصلتك البيت أحسن .

- معلش عندي شغل محتاجه أخده معايا البيت .

- طب تحبي استناكي ؟

- لا ملوش لزوم أنا هخلص و أروح لوحدي .

- على راحتك ، سلام .

- سلام .

دخلت الشركة و لم تكن تعلم أن كريم قد رأها ، صعدت إلى مكتبها لتجد سلمى تُلملم أغراضها استعداداً للرحيل .

- كويس إنك جيتي ، أنا لازم امشي دلوقتي ؛ عشان كريم مستني تحت .

قالت سلملى تلك الكلمات و هي تنهض و تأخذ حقيبتها ومن ثم تحدثت :

- هكلمك بليل يا ديده عشان تحكيلي إيه اللي حصل .

- ماشي ، باي .

- باي .

نزلت سلمى و ركبت مع كريم الذي لم ينطق بكلمة واحدة منذ أن رأها فتحدثت هي قائله :

- مالك يا كريم ؟!

- لا عادي ، بس الجو حر شويه فحاسس إني مخنوق .

- على فكرة تكيف العربية مفتوح .

حاول هو أن يتهرب من الحديث فسألها عن حالها :

- سيبك مني المهم أنتِ عامله إيه .

- تمام الحمد لله .

- أنتِ اتأخرتي ليه ؟ أنا مش قايلك من بدري جهزي نفسك عشان تنزلي على طول .

- معلش اصلي كنت مستنيه فريدة تيجي تستلم شغلي عشان مش هينفع كلنا نسيب المكتب في وقت واحد خصوصاً كمان أن نهى مسافره .

- وأنا مستنيكي شفت فريدة ، كانت جايه مع واحد كده و نزلت من عربيته .

- اه ده وليد إبن عمها .

- أنا قلت اكيد اخوها أو خطيبها .

- تقدر تقول عليه خطيبها .

- يعني هو خطيبها ولا لأ .

- بص هي حكاية فريدة دي متلخبطة من كل ناحيه والله بتصعب عليا أوي ، و بجد بتمني ربنا يعوضها عن اللي عايشاه و بتشوفه .

- ليه يعني ؟!

- أصل باباها غاصبها تتجوز إبن عمها و هي
مش موافقه .

- مش جايز تحبه بعد كده .

- تحب مين ، دي تطيق العمى و هو لأ .

لا يعلم لمَ شعر بفرحه تجتاح قلبه حين سمع جملتها الأخيرة ، شعر أن قلبه اطمأن فجأه ، و لكن عاد للحزن سريعاً حين تذكر أنها سوف تتزوج من إبن عمها حتي و إن كانت لا تحبه فهذا لن يغير شئ .

قرر أن يغير سياق الحديث فقال :

- احتمال أمسك مشروع كبير أوي في الشركة ، لو نجحت فيه هينقلني نقلة تانيه خالص .

- مشروع إيه ؟

- أنتِ عارفه شركة Dream .

- طبعاً دي أكبر شركة منشآت سياحية في مصر .

- الشركة دي عايزة تعمل منتجع سياحي كبير جداً ، و كان المفروض المشروع ده تتولى إدارته شركتين ، شركة هندسة معمارية و شركة ديكور و المطلوب إن الشركتين دول يتعاونوا مع بعض .

- و طبعاً شركة الهندسة المعمارية هتبقى الشركة اللي أنت بتشتغل فيها مش كده .

- فعلاً اختارونا ، أصل شركتنا برضو مش قليله و لينا اسم في السوق .

- بس ماتعرفش مين شركة الديكور اللي هتشتغلوا
معاها .

- لحد دلوقتي لأ بس بكره عندنا اجتماع في الشركة ، و المدير هيختار مهندس من الخمس مهندسين اللي كانوا مُرشحين للمشروع ده ، و اللي أنا واحد منهم طبعاً و هيقولنا اسم الشركة اللي هتشتغل معانا .

الفصل الرابع من هنا
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close