الفصل الثالث عشر 🌷🍒
ما ان خرج الضابط من الفيلا حتى عم الصمت ارجاء المكان ... كلاهما كان صامتا ومئات الأفكار تدور داخل رأسيهما ... تطلع وسام الى فادي بنظرات مشككه جعلت الاخير يرمقه بلا مبالاة وهو ينهض من مكانه ينوي الذهاب الى غرفته لكنه توقف حينما سمع وسام يناديه قائلا :
" استنى ..."
استدار فادي ناحيته متسائلا بضيق :
" نعم ....؟!"
" مقولتش رأيك في الكلام اللي اتقال ..."
قالها وسام بشيء من السخرية جعلت الاخير يرمقه بنظرات غامضة وهو يقول بجدية :
" اقول ايه يعني ... مات مقتول ... ده شيء متوقع لواحد زي جدك ... مفضلش حد معملش معاه مشكلة ..."
" بالبساطة دي ... عندك الوضع عادي ... دي جريمة يا استاذ ... يعني فيه قاتل ... والقاتل ده اكيد نعرفه كويس ..."
"وبعدين ..."
قالها فادي بنفاذ صبر ليقترب منه وسام قائلا بنبرة ذات مغزى :
"اللي قتله اكيد كان ليه مصلحة بكده ... كان هيكسب حاجة من وره قتله ..."
"عاوز توصل ايه ... انوا انا اللي قتلته ...؟!"
سأله بسخرية ليردف وسام بثقة :
" انا واثق انوا انت اللي قتلته ..."
" اشمعنا ...؟!"
" انت هتستعبط ... مانتِ جايلي بنفسك وناوي تخلص منه ... "
فادي بجدية :
" ده كان زمان ... لما قرر يجوزني ... بس بعدين الموضوع كله اتفشكل ... يبقى مفيش سبب يخليني اقتله ..."
كان فادي يتحدث ببرود امام نظرات وسام ونبرته المشكله ...
تطلع اليه وسام بتفكير وهو يحاول ان يصل الى الحقيقة اما فادي فاسترسل في حديثه قائلا :
"وليه متكونش انت اللي قتلته ..؟!"
" نعم ياخويا ..."
قالها وسام بعدم تصديق ثم أردف قائلا باستنكار :
" وانا هقتله ليه ان شاء الله ..."
فادي بنبرة جادة :
" مش هو هددك انوا هيسحب منك كل حاجة لو ملقتش رزان وسالي ... يبقى انت اكتر واحد نفسك تقتله .."
"انت عاوز تلبسهالي وخلاص ...!"
صاح به وسام صارخ ليرد عليه فادي بصرامة :
" مانتَ اللي عاوز تلبسهالي ..."
أردف قائلا بجدية :
" بص يا وسام أقفل الموضوع ده ... خلي الشرطه هي اللي تلاقي الجاني ... كده افضل لينا احنا الاتنين ..."
قال كلماته الاخيرة وارتقى درجات السلم متجها الى غرفته بينما تتبعه نظرات وسام المتوترة ...
**************************************
كانت تجهز حقيبة سفرها حينما دلفت سالي الى غرفتها وهي تهتف بها :
" انا متوترة اوي من اللي بنعمله ده يا رزان ... بلاش استعجال وخلّينا قاعدين ..."
زفرت رزان انفاسها بضيق ثم قالت بجدية :
" يا حبيبتي هنستنى ايه اكتر من كده ... ما العزا خلص اهو ... يبقى لازم نرجع ونشوف الجوز دول هيعملوا ايه فالورث ... دول ممكن ياكلوا ورثنا علينا ..."
تطلعت اليها سالي بعدم اقتناع لتهتف بها رزان :
" بتبصيلي كده ليه ...؟"
اجابتها سالي بجدية :
" طب ممكن اعرف هتعملي ايه مع وسام ... وسام اللي خدعتيه واستغلتيه ...؟"
اجابتها رزان بلا مبالاة :
" هعمله ايه يعني ... هيتكلم شوية شويتين ويسكت بعدين ..."
" براحتك يا رزان ... بس ابقي افتكري اني حذرتك ...."
هزت رزان رأسها ولم تعلق وعادت بتركيزها ناحية حقيبتها التي تعدها ...
*************************************
وقف امام المرأة يعدل من هندامه ويتأكد من حسن مظهره ... كان يرتدي بذلة سوداء عملية ... وضع عطره المفضل ثم اتجه خارجا من غرفته ... هبط درجات السلم متجها الى خارج منزله حينما أوقفه صوت نداء والدته ليستدير ناحيتها متسائلا :
" خير يا ماما عاوزة ايه ...؟!"
اجابته والدته بسعادة :
" واخيرا يا مازن خرجت من القمقم اللي انت فيه ..."
اردفت متسائلة بجدية :
" انت رايح فين ...؟"
اجابها بضيق :
" رايح عند هاني ...."
" ليه ...؟"
"يعني ايه ليه ... مينفعش اروح عند صاحبي ....!!!"
" يا حبيبي مقصدش..."
اردفت قائلة بجدية :
" بس قلي ... هتعمل ايه ... حامد مات خالص ..."
قاطعها :
"هعمل ايه فايه ... حتى لو مات ... ده علاقته ايه فيا ...؟"
" ازاي علاقته ايه ... كده فرصتك زادت بانك تسترد املاكك ..."
" ازاي بقى....؟ حتى لو مات ... فاكرة انوا أحفادي هيرجعوا ليا املاكي ... ايه اللي هيخليهم يعملوا كده ....؟!"
مطت والدته شفتيها وهي تقول بضيق :
" معرفش بقى ... انا فكرت كده ..."
" متفكريش تاني ... وانسي الموضوع ده نهائي ..."
" أنساه يعني ايه ...؟"
صاحت به متعجبه ليوضح لها مقصده :
" يعني انا قررت اشتغل وابني نفسي من جديد ... عندك اعتراض ... كفاية اووي اللي حصل بسبب الاملاك دي ..."
" كل ده عشان سالي هانم ... انت صدقت انك بتحبها ...؟!"
" وليه لا ...؟!"
"وهي بالشكل ده ...؟!"
تنهد بقوة ثم قال بجدية :
" عارفة انا اول مشفتها يوم الفرح انصدمت ... منكرش ده ... بس اتعاطفت معاها ... حسيت بالشفقة عليها ... مع اني مبينتش ليها ده ... اضطريت ابين ليها العكس ... شعوري فالاول ناحيتها كان تعاطف ..."
" وبعدين ...؟"
" لما خدتها وسافرنا اسبوع ... اتعرفت عليها من قريب ... كانت تصرفاتها تصرفات طفلة بجد ... طفلة بريئة وهادية ... اتشديت ليها ... اتشديت ليها جدا .. . كنت بحس بالمتعة والسعادة و انا معاها ... حتى وشها مبقتش اهتم لتشوهه ده ... بقيت اشوفه عادي بالنسبالي ... "
" انت بتحبها بجد يعني ..."
مازن بصدق :
" ايوه حبيتها ... حبيت برائتها وعفويتها وخجلها ... اللي مشفتهمش عند اي واحده تانيه ... عارف انوا الموضوع صعب يتصدق ... بس قلوبنا مش بايدينا ... دي فايدين ربنا ... هو اللي يخلي فيها حب اللي عاوزه ..."
قال كلماته الاخيرة ثم خرج من الفيلا تاركا والدته تتابعه بنظراتها المتأسفة ...
**************************************
وقفت سيارة أجرة امام قصر حامد الشناوي ... هبطت كلا من رزان وسالي منها ... حملتا حقائبهما وتقدما ناحية القصر ... ضغطت رزان على جرس الباب لتفتح الخادمة لهما الباب ... دلفت رزان الى الداخل بثقة تتبعها سالي المتوترة بشدة ...
تقدمت رزان ناحية صالة الجلوس وهي تهتف بصوت عالي :
" صباح الخير ...."
وسالي ورائها ...
انتفض وسام من مكانه واخذ يتطلع إليهما بنظرات مصدومة سرعان ما تحولت الى اخرى متوعدة ... نهض فادي الاخر من مكانه وقد ارتسمت معالم السخرية على وجهه ليقول بتهكم :
" كنت متوقع انكم هترجعوا ... الورث يستاهل بردوا ..."
رزان بنفس السخرية :
" منا مش هسيبه ليكم يعني ..."
"كنتوا فين ...؟"
سألهم وسام بحدة ثم وجه حديثه ناحية سالي :
"وكمان عملتي العملية ... دي اكيد من الفلوس اللي سرقتها الهانم اختك ..."
نهرته رزان :
" متتكلمش معاها ... اتكلم معايا ..."
" انتي بالذات تخرسي خالص ... انتي ليكي عين تتكلمي ..."
رزان بتحدي :
" ليا عين ونص ..."
" لو فاكرة اني هعديهالك تبقي غلطانة ... ورحمة امي وأبويا مش هسيبك يا رزان ..."
تطلعت سالي اليه بخوف بينما هتفت به رزان بسخرية :
" متقدرش تعمل حاجة ليا يا وسام وانت اكتر واحد عارف ده ..."
تطلع اليها وسام بحقد ثم هب خارجا من الغرفة وشياطين غضبه تلاحقه ... اما فادي فتطلع إليهما ببرود ثم خرج من الغرفة ايضا متوجها الى غرفته ...
جلست رزان على الكنبة باسترخاء شديد لتهتف بها رزان بضجر :
" بتعملي كده ليه فوسام ... انتي عارفة انوا بيحبك ... وانتي كمان بتحبيه ..."
" انا بحبه اه يا سالي ... بس هل يا ترى وسام بيحبني ... وهل يا ترى وسام ممكن يتغير عشاني ... انا اعرف وسام اكتر منك ... وعارفة انوا مش بيحب غير نفسه ... وانوا مش هيتغير ... "
" يعني هتعملي ايه ...؟!"
اجابتها رزان بجدية :
"هدفن حبه فقلبي ...زي ما دفنته لسنين طويلة ... وهركز على مصلحتي...فهمتي هعمل ايه يا سالي ...؟!"
*************************************
في المساء
طرقت رزان على باب غرفة جدها ليأتيها صوت وسام سامحا لها بالدخول ... دلفت بخطوات واثقه ناحيته ليرميها بنظرات باردة ... جلست على الكرسي المقابل له وهي تقول بجدية :
" انا جيتلك بنفسي اهو ... عشان ننسى الخلافات اللي بينا ونركز فاللي جاي ...."
عاد بظهره الى الوراء قليلا قائلا بغموض :
" اللي هو ايه ...؟!"
اجابته :
" الورث ... خلينا نتفاهم عشانه ..."
تطلع اليها بنظرات مبهمة ثم قال بجدية :
"مهو هيتقسم بينا حسب للشرع ... نتفاهم فايه بقى ...؟!"
عدلت رزان من وضعية جلوسها ثم بدأت تتحدث بوضوح :
" انت عارفة انوا الشركة كبيره ... وشغلها عالي ... وطبعا فادي عاوز نبيع كل حاجة ونقسم الفلوس ..."
" اكيد ..."
" واحنا مش معقول نضحي بشركتنا اللي اشتغلنا وتعبنا فينه لسنين طويله ..."
"انتي عاوزة توصلي ايه ...؟!"
انحنت بجسدها قليلا الى الامام قائلة بنبرة جادة :
" الشركة ناخدها انا وانت وسالي ... نديرها انا وانت ... انت ليكي نص الأسهم وانا وسالي النص التاني ... فالمقابل القصر ده يبقى لفادي ... وده هيعوض حصته فالشركة ... والباقي يتقسم بالعدل ..."
" ده انتي حاسباها من جميع النواحي ..."
" فالورقة والقلم وحياتك... تحب اوريك ..."
" طب وسالي موافقة ...؟!"
" انا فهمتها على كل حاجة وهي موافقة ..."
شرد وسام قليلا ثم قال :
" اديني فرصة افكر واقرر ...."
" فرصة ايه ... مش محتاجة تفكير على فكرة ..."
حك وسام ذقنه بأنامله ثم صمت قليلا ليقول بعد تفكير استغرق عشر دقائق :
"موافق ...."
وبالفعل بعد خمس دقائق كانوا الاربعة مجتمعين في صالة الجلوس وقد تولى وسام الحديث موضحا لفادي ما قرروه سويا ...
تطلع فادي اليهم ببرود ثم قال :
" يعني انتوا عاوزين تاخذوا الشركة وتدوني القصر ..."
" بِالضبط ..."
صمت فادي للحظات يفكر بالأمر ويحسبه جيدا تحت نظراتهم المتوتره ليقول اخيرا :
" معنديش مانع ... انا المهم عندي اخد فلوسي كامله ... من غير متنقص مليم واحد ..."
تنفس الجميع الصعداء فهاهو اتفاقهم يجري كما هو مخطط له ...
************************************
في صباح اليوم التالي
طرقات خفيفة على باب غرفتها جعلتها تستيقظ من نومها وتفتحها لتجد علياء امامها والتي هتفت بها بسرعة :
" مازن جوزك برة وعاوز يشوفك ..."
" بتقولي مين ...؟!"
صرخت بعدم تصديق ثم قالت باندفاع :
" طيب هجهز نفسي وانزله ...."
تقدمت ناحية الخزانة وأخرجت منها فستان زهري قصير بعض الشيء وارتدته ثم وضعت القليل من الماكياج ورفعت شعرها قليلا ... شعرت بتوتر شديد فهي لم تتوقع ان تتم المقابلة بينهما بهذه السرعة ... خرجت من ا خرجت من غرفتها بخطوات متوتره وهبطت درجات السلم لتجده واقفا على بعد منها موليا اياها ظهره ... ما ان شعر بوقع خطواتها حتى استدار اليها لينصدم بشده مما رأه امامه ... تصنم في مكانه وهو يحاول استيعاب مظهرها الجديد وما اصبحت عليه ... تحدث اخيرا بعد ان استعاد وعيه واستفاق من صدمته :
"سالي ...! انتي عملتي العملية ...؟!"
اجابته بجدية :
" ايوه عملتها ... "
ابتسم لا إراديا وهو يقول :
" ماشاءالله بقيتي احلى مما تخيلت ..."
انعقد حاجبيه وهو يتذكر هروبها وسفرها دون إذن منه ليقول بنبرة حادة :
" بس انتي ازاي تعملي كده يا هانم ... ازاي تسافري من غير أذني ..."
اجابته سالي بلا مبالاة مصطنعة :
" انا طلبت الطلاق وانت رفضت ... يبقى من حقي اعمل اللي انا عاوزاه ..."
" لا مش من حقك ... انتي ست متجوزه ... مينفعش تسافري من غير متعرفيني..."
" عالعموم كويس انك جيت ... عشان انا عاوزاك فموضوع مهم ... وكنت ناوية اكلمك عشانه ..."
"موضوع ايه ...؟"
سألها باستغراب لتجيبه :
"انا عاوزة اطلق ..."
" اياكي تسمعك تقولي الكلام ده تاني ... طلاق مش هطلق ..."
قالها بعصبية شديدة لتجيبه :
" هتطلق يا مازن ... ولو مطلقتش هخلعك ..."
" نعم ياختي ... تخلعيني ..."
قالها بعدم تصديق من ثقتها العالية وبرود أعصابها وهي تتحدث ... لم يكن يصدق انها نفسها سالي التي عرفها ببراءتها وطيبتها ... اما سالي فكانت تضغط على نفسها حتى تظهر بهذا الشكل امامها ... فبالرغم من كونها تشعر بالاشتياق الشديد اليه الا انها قررت ان تتعامل معه على هذا النحو ...فهو بنظرها يستحق هذا بسبب خداعه وكذبه عليها ...