رواية بنتي كاملة بقلم محمد السبكي
كان عندي 17 سنة لمَّا عرفت إني حامل، سن صُغيَّرة أوي على إن يكون عندي طفلة.. صح؟ أنا عارفة دا كويس، لكن اللي مكُنتش أعرفه هو إن جوزي اللي كان عنده 18 سنة وقتها هيخاف وهيحِس بالفزع، سابني لوحدي تمامًا، طفلة حامل في طفلة! بعدها بفترة عرفت إنه طلقني وانتقل لولاية تانية وسابني لوحدي أواجه الحياة مع بنتي!
ولسوء حظي الموضوع كان أصعب مما تخيلت، كوني طفلة بربي طفلة تانية مسؤولة عنها كان شيء صعب، لكن الأصعب إن بنتي كانت مشوهة.. بتعاني من مشاكل صحية.. ملامحها قبيحة، ومع مرور الوقت كان قبحها بيزيد ومشاكلها الصحية بتزيد، وأنا.. أنا كُنت مشغولة عنها لأني بشتغل في وظيفتين عشان أعرف أصرف عليها وعلى نفسي
بصراحة كُنت مهملة فيها، كُنت مرهقة وتعبانة وحاسّة إن كُل اللي أنا فيه دا بسببها هي، لو مكنتش حملت فيها مكانش جوزي هرب، مكانش طلقني، مكانش سابني لوحدي، بشتغل أكتر من 16 ساعة يوميًا، كل دا مش ذنبي، وأكيد مش ذنبي إن بنتي تكون قبيحة بالشكل دا
أهملتها، سبتها لوحدها في كُل حاجة، في حياتها.. في البيت.. في المدرسة، أهلى رفضوا يساعدوني لأني إتجوزت غصب عنهم، والموضوع كان صعب، البنت كان قبيحة لدرجة إن الناس بتشمئز منها لمّا تشوفها، مهما حاولِت كانت دايمًا بتكون منبوذة ومكروهة، لكن أنا.. أنا كُنت مُضطرة أحبها، في الأول وفي الآخر دي بنتي!
طبعًا بسبب ظروفها مكانش ليها أي أصدقاء، محدش عاوز يتكلِّم معاها أو يكون له علاقة بيها، كُلهم كانوا بيتجنبوها وبينبذوها، سواء أطفال أو حتى مُدرسين، كُنت حزينة عليها، ومع مرور الوقت كانت حالتها النفسية بتزداد سوءً، بقت بترفض تاكل.. بتنام طول الوقت.. رافضة تتكلِّم مع أي حد.. حتى أنا!
يوم عيد ميلادها العاشر قرَّرت أغيَّر كُل دا، أنا هخليها تعيش يوم مش هتنساه طول عمرها، خلاص.. دا الوقت اللي لازم أحسِّن فيه حياتي وحياتها، الوضع كدا غير مقبول ونهايته هتكون مأساوية!
صحيتها من النوم على حفلة صُغيَّرة في البيت، النهاردة هيكون أسعد يوم في حياتها، كانت مُبتسمة طول اليوم.. لأول مرة في حياتها تبتسِم بالشكل دا وتحِس بالسعادة دي من يوم ما إتولدت، قضينا اليوم كُله برا، إتفسحنا.. لعبنا.. زرنا مطعمها المُفضل.. عملنا شوبينج.. وكلنا آيس كريم من اللي بتحبه، قلتلها إن لسَّه في مفاجأة أخيرة..
هنروح نتفسح جنب النهر القُريِّب من البيت
لكن النهر دا فيه مشكلة صغيَّرة، إن التيار فيه قوي جدًا، دا غير إنه بيصب في النهاية في بحيرة ضخمة مشهورة إن فيها أسماك قرش شرسة، فلو إنت مش سباح خارق وبطل غير طبيعي وعندك قدرات مش طبيعية مش هتعرف تنجو لو وقعت في النهر دا
مشينا جنب النهر لحَد الغروب، قعدنا سوا على صخرة عالية نتفرَّج على غروب الشمس، الوضع كان مُمتِع، بصيتلها وتأملت ملامحها القبيحة.. للأسف يا بنتي مش هتقدري تعيشي في المُجتمع دا، مش هتقدري تواجهي التنمُّر، مش هتقدري تكملي هنا، عينيّا بدأت تدمَّع، غصب عني.. مكُنتش قادرة أمسِك نفسي، مسحت دموعي وأنا بحضنها أوي وبقولها إني بحبها، قبل ما ترد عليَّا كُنت رفعتها من على الأرض ورميتها بقوة وسط النهر..
أنا آسفة..
اتصلت بالشُرطة وأنا بعيَّط، قُلتلهم على كُل حاجة، بس غيرت تفصيلة واحدة، قُلتلهم إن البنت اتزحلقت ووقعت مني وسط النهر ومقدرتش أنقذها لأن التيار كان قوي وشدها بعيد، التحقيقات فضلت مُستمرة لفترة، لكن محدش شك فيَّا نهائيًا وطبعًا الجُثة مظهرتش أبدًا، يبدو إن سمك القرش كان جعان
بعد كام سنة انتقلت لمدينة تانية في ولاية تانية مُختلفة تمامًا، نسيت حياتي السابقة كلها أو تناسيتها، قابلت راجل مُحترم وكيس، حبينا بعض فترة وقررنا بعدها نتجوزِّ، كان مُحامي وساعدني كتير في حياتي وهوّن عليّا، ودلوقتي معانا بنت صغيرة مالية علينا حياتنا
طبعًا جوزي عارف كل حاجة عن بنتي السابقة، بس برضه عارف زي ما الشُرطة عارفة، اتزحلقت ووقعت.. حكيت له نفس القصة، وهو كمان كان زيهم.. مشكش فيَّا، أما بنتي الجديدة فلسَّه صُغيَّرة شوية عشان كدا قررت إني محكيش ليها أي حاجة
لكن في يوم الأيام حصلت حاجة غريبة..
بنتي.. اللطيفة، البريئة، الجميلة.. اللي عندها 4 سنين بس قربت مني وأنا واقفة في المطبخ، كُنت بجهز العشا ومُندمجة، حضنت رجلي وهي مُبتسمة، ابتسمت ليها وأنا بقولها: " أنا بحبك "
قالتلي بحُزن: " أنا كمان بحبك.. مُمكِن بلاش تزقيني في النهر زي المرة اللي فاتت! "
الفصل الثاني من هنا