اخر الروايات

رواية اوجاع رحيق كاملة بقلم ايمي عمر

رواية اوجاع رحيق كاملة 





تملمتُ في فراشي وكأن ما يرودني كابوس بشع ، أرغمت عيني علي الاستيقاظ حتي أتخلص من ذلك الكابوس ولكن أكتشفت إنه حقيقة!! ماذا!!! هل حقًا أصبحتُ وحيدة ؟! هل حقًا أبي وأمي توافهم الله ؟! هل حقًا أصبحتُ كما ينعتوني باليتمة كنتُ في حالة لا أحسد عليها أقف جسد بدون روح فماذا أفعل وانا بعمر الرابعة عشر لا أنا بطفلة ولا أصبحتُ أنثي ، كنتُ هاشة داخليًا أشعر بتمزق نِياط قلبي عندما أجد من حاولي يتغامزوا ويهمهموا بأن وجودي غير مرغوب بيه واني حمل ثقيل عليهم ، كنتُ اتألم عندما أسمعُ زوجة عمي وهي تنعتني بالدخيلة وتطلب من عمى أن يلقي بي في أي ملجأ وكأني شيئًا ليس له قيمة كنت أبتلعُ الأهانة لا أنكر اني كنتُ محطمة داخليًا كنتُ كالقط الذي يمشى تحت المطر في ليلة شتاء قارسة  ، و كنتُ أتسأل بين نفسي لماذا في وهلة أصبحتُ ذليلة وأنا اللي كنت مُدلله أبي وجميلة أمي التي تُدثرني في فراشي جيدًا خوفًا أن أمرض او يصيبني مكروه ، الآن أجلي الصحون بماء كالثلج  والجميع مدثورون في مضاجعهم ليحتموا من ذلك البرد القارس فهذا كان شرط زوجة عمي الا وهو ان أتولي كل متطلباتهم من تنظيف وجلي كل هذا بجانب دراستي التي تشبثتُ بها حتي أصنع لنفسي كيان وأقسمتُ اني سوف أصبحُ شخصًا له شأن عظيم وأقلع عين كل من نظرا لي نظرة الشفقة والكبرياء وكل من أستضعف سجيتي وإستغلها لأغراضه ومصالحه الشخصية ، كنت في مضجعي بتلك الغرفة الضيقة التي نتقاسمها أنا و إبنة عمى تلك المتكبرة الذي لا يخلوا كلامها معي من الأهانة والمعايرة فهي تماماً مثل والدتها تمتلك نفس الصفات البخيسة ، ما ذنبي اذا تفوقت في دراستي ليدونوا أسمي في لائحة المتفوقين ، لماذا أسمعُ كلامًا كالسهمُ الذي يعرف طريق جراحه ومركزه هو قلبي الملئ بالأوجاع ألا يكفي لذلك الحد ، لماذا لم تستكفوا ، أتذكر مرة عندما دلف عمي وبيده أكياس بلاستيكية تفوح منها رائحة اللحمُ الشهي الذي تخلخل الي رئتي لأغمضُ عيني وأتلذذ برائحته حتي جري لُعابي جوعًا ، وقفت مكاني فأنا كالغريبة لا أشعرُ أن هذا بيتي ، جلس الجميع علي طاولة الطعام وأنا أشاهدهم فكانوا عائلة مكتملة فلتت مني نظرة الحزن وأنا أتذكر عائلتي أين أنت أبي أريد أن أرتمي في أحضانك الدافئة أين أنتِ أمي لكي تطعمني بيد و بالاخري تربتي علي ظهري بحنان ، نظر لي عمي ليقول بحنو : تقدمي صغيرتي لما تقفين بعيد تقدمي فالطعام شهي ، تقدمتُ الي الطاولة بخطوات متبطئة ولكن أوقفتني تلك النظرات التحذيرية من زوجة عمي وإبنتها رجعتُ تلك الخطوات التي تقدمتها وانا أقول بعزة نفس :أشكرك عمي ف ليس لي شهية ، ثواني وسمعنا ذلك الطرق المتتالي ليتقدم عمي من الباب ويفتحه ، لحظة!!! فأنا أعرف تلك الطرقات فهي تجعل قلبي يتراقص وتتناغم دقاته ، نعم تذكرت فإن اليوم موعد تسريحوا من الجيش ، ليدلف وهو يقول بمزاحه المحبب: أتتناولون الطعام بدوني إنها خيانة ، ضحك الجميع وتقدموا منه بالأحضان والترحيب لينظر لي أخيرًا ويقول : كيف حالك "رحيق الجنة" ؟ إبتسمت و أنا أرد تحيته التي نبعت من أعماق قلبي : أنا بخير " قُصي" كيف حالك انت.. هل إنتهيت من التادية العسكرية ؟ 
- نعم صغيرتي إنتهيت منها .. ياااااالله كم رقص قلبي من تلك الكلمة أقال لي صغيرتي ، لحظة!!! رحيق أفيقي من تلك الأحلام وتذكري مستقبلك فقط حتي تُخرجي نفسك من تلك البؤرة هذا كان حديث عقلي ولكن قلبي كان له رأي أخر عندما تذكر ذلك الموقف ، فكانت ليلة قارسة البرودة ولكن ليس تلك المشكلة فأنا تعودتُ علي تحمل البرد ولكن تلك الآلم الشهرية التي تجعلني أتلوي بمضعجي لم تعُد تحتمل ولكن زوجة عمي لا تعرف الرحمة حتي إنها أمرتني أن أنهي تلك المهام المفروضة علي ِ، كيف وأنا لا أقوي علي الوقوف ، ولكني تحملت علي نفسي وأنا أقف بتخبط وأذهب  لتادية تلك المهام البغيضة كنتُ أجلي لحظات وأتلوي لحظات ، ولكن تلك اليد إنتشلتني من ذلك العذاب وهي تسحبني من يدي وتجلسني علي المقعد وتقوم بالمهام وما كانت إلا يد "قُصي" الذي إبتسم لي وهو يهز رأسه وكأنه يخبرني بإنه يشعرُ بآلالمي ، وانا أشعرُ بحنيته التي تشبه حنية أبي ، ولكن لم أفهم تلك النظرات التي يختلسها لي بتخفي ، وعندما كانت تتقابل النظرات كانت تتحدث العيون بكل ما يداريه القلب ،كنتُ أعشق تلك اللحظات ، الآن أنا أقف في الشُرفة و أتلقي تلك النسمات التي تلفح وجهي بترحيب ليُدلف "قُصي" ويقف بجانبي وهو يقول بحنو: سوف تبردين صغريتي.. يااااالله علي تلك النبرة الحنونة فأنا أعشقها ، ليسترسل هو قائلًا : أدخلي "رحيق" سوف تبردين وترتفع حرارتك أنا أخافُ عليكِ
- لماذا ؟!!!! سألته بفضول ليجيب هو بنفس السؤال: لماذا!!! ماذا تقصدين؟! أجابته وانا أوضح معني سؤالي: لماذا تلك الحنية ؟! لماذا تعاملني هكذا وتخاف عليِ بهذا الشكل؟! ما سر تلك المعاملة ؟!ليجيب بكل صراحة وهو ينظر لداخل عيني بنظرة جمعت كل كلمات العشق : لاني أحبك يا إبنة عمي ، وأنتظر إنتهاء دراستك حتي نتزوج ، فرحة عارمة إجتاحتني ولكن أخرجني من تلك الفرحة هُتاف تلك المزعومة زوجة عمي وهي تقول : ماذا تقول "قُصي" ؟!!! أنا لم أتمني لك مثل تلك الفتاة المدلله أنا تمنيتُ ليك فتاة ذات جاه ومال وجمال لا من تلك الفتاة!!!!
-ها هي تلك البغيضة تقف في وش سعادتي من جديد ، يااااالله سوف أجن عن أي مدلله تتكلم هذه المرأة بعد كل هذا أصبحت مدلله!!! وأين هذا الدلال التي تتكلم عنه ، إبتلعت الأهانة و فضلتُ الصمت ، مضت السنين بين ذلك العذاب وأنا أتحمل لاذعة الأيام في ذلك المنزل الذي شاهدا كل مأساتي و أوجاعي التي كانت تمزق داخلي ، لا أعلم ما تحمله الأيام من أوجاع ولكن ما أعرفه جيدًا أن تلك الأوجاع تذيدني إصرارًا لأتشبث أكثر بأحلامي ألا وهي أن أصبح طبيبة تعالج المرضي وتشفي آلامهم ،مرت الأيام بحلوها ومرها.. الآن أصبحت طبيبة وأخفف آلالم الكثير من الناس بل أصبحتُ أشهر طبيبة عيون ، وأصبحت أمتلكُ منزل كبير بحديقة واسعة تحدها الأشجار من كل مكان ، أصبحت ذو شأن عظيم مثلما حلمت ومثلما حلم والدي ، لحظة... الآن يدلف علي زوجي العزيز وهو يحمل إبني ويغرقه بقبلاته الحنون يقترب.. يقترب.. حتي إنه دَنْ مني وطبع قبلته علي إحدي وجنتي ، نعم إنني تزوجت "قُصي" وأنجبت منه ثلاث أطفال أغرقهم بحناني وأمومتي .. عفوًا منكم فأنا أريد أن أطوي تلك الصفحات من مذكراتي التي بعنوان "أوجاع رحيق"
تمت بحمد الله
بقلمي(إيمي عمر)
  


تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close