رواية اكليل الصبار كاملة
سماء ملبدة بالغيوم مهددة بانهمار المطر لكن الطقس
متمسك بشراسة باخر اذيال الصيف كما هي متشبثة باخر قلاع تماسكها التي بدات
بالانهيار رغم محاولاتها المستميتة للبقاء صامدة لقد فشلت لاشيء يمكنه ان يخفف
مذاق الخسارة المر الذي يسري داخلها
تلفتت حولها تنظر الى الطريق الصحراوي الشاحب امامها خالي من ابسط معالم الحياة سوى بعض المنازل البسيطة التي انتشرت دون انتظام هنا وهناك وبعض بيوت الشعر البعيدة وقد تحلق حولها الأغنام والإبل والأحصنة
اين انا؟ هتفت في داخلها كأنها عبرت بوابة الزمن لعصر غابر عالم غريب تدخله بعيد تماما عن المدينة التي تركتها خلفها وما زالت المسيرة طويلة امامها لتصل الى مبنى المتصرف حيث ستستلم مهامها
ثلاثة ساعات قيادة كانت كثيرة جدا بالنسبة لها خصوصا انها ابنة مدينة وابعد مسافة قادتها كانت نصف ساعة ساعة على الاكثر واي مسافة أطول كانت سفر تحتاج الى طائرة لاجتيازها وبالطبع لم تكن وجهتها ابدا منطقة حدودية صحراوية خالية الا من البيوت موحدة الشكل والحجم
لاح امامها مبنى ضخم قدرت انه غايتها ولابد فسيارات الشرطة ركنت أمامه ورفف علم للبلاد فوقه وحمل لوحة كبيرة متصرفية اقليم البادية
عرفت نفسها للحارس الأمني الذي اجرى اتصالا قبل ان يسمح لها بإدخال سيارتها الى موقف المبنى ترجلت منها على مضض تحاول تعزيز نفسها قبل ان تدخل لفحها هبو جاف بارد ما ان استقامت خارجة بالطبع هي لا تتوقع جو شتوي كالذي تركته في المدينة هنا فى الصحراء لكنها ايضا لم تعتقد ان الاختلاف سيكون بهذا الشكل لكن ما الفرق فكل شيء في حياتها سيتغير ويختلف من هذه اللحظة ....لا بل من تلك الغلطة صححت لنفسها وهي تحمل حقيبتها غالية الثمن كباقي ثيابها وتاخذ نفس عميق وتتوجه الى الداخل
كان المبنى كخلية النحل تلقت نظرات متوجسة حولها ولم تستغرب ذلك فهي امراة وبالتاكيد دخولها هنا سيكون مثار أسئلة
تقدم منها احدهم بزيه الرسمي
"كيف أساعدك "سالها ويبدو انه في عجلة للتخلص منها
"اريد ان أقابل المأمور لو سمحت انا ..الطبيبة الجديدة"
رفع حاجباه حتى كادا ان يصلا الى منبت شعره
"ماذا "
"ما الذي يحدث "تدخل صوتا اخر وكما يبدو انه اعلى رتبة من الشخص الذي سالها لانه ادى له التحية العسكرية
"انها تقول انها الطبيبة الجديدة سيدي"قال الرجل بارتباك مما جعلها تتدخل فلقد ضاقت فعلا من وقوفها هكذا تشرح لكل شخص من هي وتنتظر لحظة الاندهاش التي يسقط بها
"لو سمحت لقد اخبروني ان أقابل المأمور فور قدومي هلا أخذتني الى مكتبه لو سمحت "حاولت ان تضيف بعض الرقة لنبرتها الجافة
نظر لها الشرطي ذو الرتبة الأعلى نظرة فاحصة قبل ان يقول "من هنا"قال مشيرا للممر الداخلي المؤدي للمكاتب
نهض على قدميه ينظر الى النافذة التي يطل عليها مكتبه زافرا بضيق احتواه بعد تلك المكالمة الصادرة من جهة عليا دق الباب وعمل ان موضوع المكالمة لابد ان وصلت
"ادخل "
على مهل ادار نفسه ليستقبل القادم رغم انه يعرف
رفع الشخص الذي معها يده بتحية "انها الطبيبة الجديدة وتريد مقابلتك"
"شكرًا صخر تفضلي أشار إلى الطبيبة التي اصيبت بنوع من الاندهاش فهذا الشخص لا يبدو لها مامورا انه صغير تقريبا بداية الأربعين صوته عميق وحازم ونظرته قاسية يختلف عن المأمورين اصدقاء والدها تماما والاهم هو اسمه الذي برز على حافة المكتب
"مرعد الصخور "اي اسم هو هذا
انتبهت انها تقف في مدخل مكتبه لتتقدم وتدخل
"سما الصافي"قدمت نفسها له"الطبيبة الجديدة"عادت توضح بينما تجلس على الكرسي البسيط الذي يقابل مكتبه
"اهلًا بك قال المسمى مرعد متخذا مكانه خلف المكتب "اظن انك ابنة العين منذر الصافي "
ارتبكت قليلا مدركة الى اين ستؤدي هذه المحادثة يبدو ان السيد مرعد لن يجعل إقامتها سهلة
"اجل انه ابي"
"تسألت ما سر العرض المغري الذي حصل عليه الطبيب حازم وجعله يترك الوحدة الصحية مع انه ابن المنطقة وكانت زوجته تشاركه العمل لكن عندما رايت اسمك عرفت ...الا انه بقي شيء اخر لم اعرفه لما انت هنا ..الامر لا يحتاج لذكاء انه نقل تأديبي ابنة المدينة ماذا ستفعل في منطقة صحراوية بدائية وهذا واضح من التقرير ومن التوصيات التي وردت بشانك لكن يبقى السؤال الاكبر ما هو الخطا الذي ارتكبته لتعاقبي بنفيك الى ..بالطبع استطيع معرفة السبب لكني افضل ان اسمع منك "
اطرقت سما راسها مفكرة ليست بداية جيدة ابدا
لكن ليس امامها سوى قول الحقيقة
"انا طبيبة جراحة أمارسها منذ ثلاث سنوات تقريبا المفترض انني أخصائية لكني ارتبكت خطا ...لقد مات شخصا وانا أجري له عملية ..."
"خطا ...موت شخص يسمى خطا انه قتل "
"لم يكن خطئي ..اعني ترددت سما الامر ليس كما تصورت انه خطا طبي ..."
رفع مرعد يده "اعفيني من التفاصيل لا اعلم كيف ارسلوك إلينا لكن كوني حذرة اي خطا هنا سيكلفك اكثر بكثير من مسيرتك المهنية ...سأرسل احد الرجال معك للوحدة الصحية يوجد بيت ملحق لإقامتك كطبيبة" قال بسرعة منهيا المقابلة
"شكرًا لك "قالت سما فهي فعلا لا تعرف ما تقول
بعد ان غادرت امسك مرعد الملف امامه ملقيا به بعصبية على المكتب
"ما بك عمي ساله صقر الذي كان يتابع الحوار بين مرعد وسما
"ارسلوا لنا قاتلة فقط لانها ابنة احد الأعيان هل حياتنا رخيصة لهذا الحد لكي يرسلوا لنا طبيبة غير كفؤ كاننا فئران تمارس علينا تجاربها في مجال الطب "
"لا اعلم ما اقول عمي"
"انتبه لها ان اخطات باي شي فقط اعلمني "
شعور عارم بالنبذ استولى عليها بينما تغادر المبنى تلحق بالشرطي الذي رافقها
لم تتصور في حياتها ان تكون هكذا ولم تتوقع ان ذلك الخطا الغير مقصود سيوسمها للأبد بلقب قاتلة
لم تتوقف صدماتها عند ذلك فبمجرد دخولها المركز الصحي حتى عرفت اي ماساة ستعيشها فهو اقرب للحظيرة منه لمكان طبي أما عن البيت المرفق فهو نظرت سما حولها يا الهي غرف الخدم في قصر ابيها اكبر منه بمقدار ضعفين تنقلت نظراتها على الاثاث الرث والمستعمل بالطبع هي لن تنام علي هذه الأشياء ابدا
أمسكت هاتفها بسرعة
"بابا ...قالت بصوت باكي قبل ان تنفجر بشكواها التي لا تنتهي والتي سارع والدها لتلبيتها
******
ايام توالت والحال كما هو مع ان البيت قد تم تجديده الا انه ما زال صغيرا بالنسبة لمقتنياتها التي اعادت اكثر من نصفهم الى منزل والديها عندما عادت في عطلة نهاية الاسبوع
"كيف حال طبيبتنا"
قال والدها بأسلوبه المدلل
"سيئة ابي مر اسبوعان ولم ارى مريضا واحدا يدخل المركز "
اقترب والدها يضم كتفها "تحتاجين لوقت "
"لما لا تذهبي انت لهم في زيارات ميدانية "تدخل اخيها مؤمن الذي انضم اليهم على مائدة الغداء
"ستنجحي حبيبتي لا تقلقي لم يمر سوى اسبوعان أسبوع قضيته في تجديد المنزل أي ان انك لم تعملي فعليا الا أسبوع واحد فقط"علقت والدتها
"انت تستطيعي فعل ذلك كنت دوما مميزة ومجتهدة "عادت واردفت
"انا احتاج اخي ثائر دوما لديه حلول لكل شيء"قالت سما بيأس فهي فعلا تشتاق لأخيها الغائب منذ ان ترك جدها لامها ميراثه له سافر الى تركيا وبقي هناك
"واين ذهبت انا قال مؤمن هو الأقرب عمرا منها وهو طبيب مثلها لكنه يشبهها فعليا في كل شيء لطالما كان ثائر الصخرة التي يرتكزان عليها فكرت سما
"انت اخي الحبيب ابتسمت له لكن انت تعلم ما اعني "
"اعرف حتى انا في بعض الأحيان اجد نفسي افتقده ربما لان شخصيته مختلفة عنا نحن الاثنان لكن لا يمكنني ان انكر انه دائما صاحب الحلول ومع ذلك هذا لا يمنع ان تفكري بما قلت لك اذهبي لزيارتهم "
******
جلس على راس المائدة حيث تجتمع عائلته على وجبة الغداء يوم الجمعة فاليوم هو اجازة للجميع ابناء اخيه صقر صخر ورعود وابناء صخر وصقر الذي كبروا الان وبعضهم سينهي دراسته المدرسية هذا العام و ابن صقر الكبير سينهي سنته الاولى في الجامعة... انها عائلة كبيرة سعيدة فكر مرعد يبدا الطعام لديه ثلاث ابناء اخ اثنان متزوجان راية وفرحة صقر له خمس ابناء رعاد صبابة ومزنة وفارس
وصخر لدية ستة فوز وريحانة توام وفواز وفايز متعب وعناد
اما رعود فهو عازف عن الزواج حاليا
وهناك والدته فوز الجدة الكبيرةالتي تجلس دائما الى يمينه وصبابة والدة ابناء اخيه وزوجته تجلس الى جانبها ثم زوجات ابناءها وبناتهم اما اليسار فهو للابناء ابتداء من صقر ثم اخويه ثم ابنائهم
ابتسم مرعد لعائلته
"احب يوم الجمعة لانني ارى الجميع فيه لا عمل يشغلنا ولا دراسة تبعدنا "
"ادامك الله عمي وتبقى جمعتنا"اجابه صقر بينما فوز والباقين يرددون امين
"كيف عملك يا رعود "
"بخير عمي تعلم انني حاليا رئيس حرس الحدود في المنطقة "
"لا اعلم اما اخترت حرس الحدود لما لم تصبح في الأمن العام كاخويك وعمك "تدخلت صبابة بأسلوبها النزق كالعادة
مما جعل مرعد ينظر لها باستياء"اراد ان يكون كوالده "
"لا احد سيكون مثله "قالت صبابة بتحدي وعناد
"كفى دعونا ننهي وجبتنا"قالت فوز تهدا الوضع
"لقد غادرت الطبيبة مـْساء امس "غير صقر الموضوع
"لابد انها تفتقد اجواء المدينة "تدخل صخر
"او قد اصابها الملل فهي خلال الأسبوعان لم تفعل شيء سوى ترتيب بيتها "علق صقر
"كنت افكر في زيارتها سمعت من النساء انها جميلة وتشبه فتيات المجلات"تدخلت راية زوجت صقر
"انت لن تذهبي الى المركز الصحي ولا اي احد منكن "
"لكن لماذا ابي "قالت ابنته صبابة
"هذا الطبيبة اتت هنا لانها تسببت في قتل احد مرضاها لذا انا لا اريد ان ...."
"صقر هتف مرعد به مما جعله يتوقف هذا الكلام لن يخرج من هنا ابدا هذا مفهوم قال للجميع مما جعلهم يمؤون برؤوسهم وانت وجه حديثه لصقر لي حديث اخر معك بعد الغداء "
نظرت صبابة لزوجها وابنها يبدو ان ما قاله صقر لم يعجب مرعد هذه الطبيبة وجودها غير مريح ما ان عرفت به حتى شعرت بضيق غريب لا يجب ان تبقى هنا لا تعلم لما لكن هناك حافز يجعلها ترفضها تماما لكنها ستسهل مهمة التخلص منها من سيرغب بطبيبة فاشلة على اية حال
عادت مـساء السبت وكانت مفاجاة لها ان ترى القرية ساكنة كأن لا احد بها يبدو انهم ينامون باكرا لكن ما ان دققت النظر حتى رات بعض الخيم يخرج منها الدخان دليل وجود احد بها ربما الرجال يتسامرون هكذا ليلا كما اخبرها والدها فهي قد احتاجت لشرح منه لتعرف طبيعة عيش هؤلاء الناس فكرت تدخل منزلها سيكون غدا يوما حافلا
*******
"ما كان عليك قول ذلك صقر "قال مرعد يعاتبه
برر صقر"لكن ..اعني انا لا يمكنني ان اثق بها لتعالج اخد افراد عائلتنا"
"كان يمكنك ان تختار اي حجة ...لا اريد لما قلت ان ينتشر في القرية هل هذا واضح "
"اجل عمي "
***********
تنهدت بيأس هذا رابع بيت يرفض استقبالها متعذرين بأسباب واهية لا احد هنا ، المريض ليس موجود لقد قضت الليل كله تراجع ملفات المرضى لتعرف من يحتاج لمراجعة مستمرة ومن يحتاج للمراقبة ومع ذلك ها هم يرفضون استقبالها هناك مرضى ضغط وسكري وعليهم القيام بالتحاليل حتى ممرض المختبر لم يأتي ولا الممرض المقيم ولا حتى المراة المسؤولة عن النظافة لا احد يداوم في المركز الصحي ما الامر لم يدم تساءلها طويلا ما ان تقدمت للبيت الخامس الذي كان عبارة عن خيمة يسكنها رجل وزوجته كبار في السن والتي ما ان رأتها حتى فزعت كانها رات شبحا لكنها في الواقع كانت تظن انها رات مۭــڵــگ الموت فهي قالت في خوف "ابتعدي انت تقتلين كل شخص تلمسيه"
اذن هذا هو الامر فكرت سما بغضب السيد مرعد لم يبقي فمه مغلقا وراح ينشر الأخبار حولها حسنا عليه اذن ان يسمع منها بعض الكلمات التي لن تعجبه قالت تركب سيارتها وتنطلق اليه
دخلت المبنى تدك اقدامها بغضب بينما تتجه الى مكتبه حيث وقف الشرطي الذي في الخارج
"اريد ان أقابل السيد مرعد لو سمحت "
"انتظري هنا "قال الشرطي متجها الى داخل مكتبه
"تفضلي "
قالت باستنكار"ما ان دخلت مكتبه هذا ليس تصرفا مهنيا كيف استطعت المفترض انه امر سري لكنك كما يبدو لم تتدخر جهدك وقمت اثناء اجازة الاسبوع بنشر اخباري "
نظر لها بصدمة ما بها هذه المجنونةكيف ترفع صوتها بهذه الطريقة "اخفضي صوتك نهرها بحزم ان ارتدي ان تتكلمي بأدب فاجلسي والا الباب خلفك "
قال يشملها بنظرته الصلبة التي أوقفت الدماء في عروقها
"انا احاول ان أقوم بعملي هنا قالت بأسلوب اهدا لكنك دمرت كل شيء بما قلته عني "
نظر لها باستخفاف اعتادته " انا لم اقل اي شيء عنك ثم قال بتهكم ليتك كنت بهذا الجدية من قبل "
"كنت ارتحت من رؤيتي أليس كذلك ؟ هذه الأمنية الغالية جدا عليك ليتني لم اتي هنا ولم ترني في حياتك صدقني شعور متبادل ...لكن ما العمل انه القدر انا هنا الان ولدي عمل يجب انجازه او هؤلاء المرضى الذين لا اعرف عنهم شيء سيكون ذنبهم عليك فهل ضميرك الحي قادر على تحمل وزرهم"
سعيدة بالملامح الصخرية كما اسمه التي لونت وجهه باتت تدرك نقطة ضعفه التي لن يقاومها
"لا تلعبي معي هذه اللعبة طبيبة سما تعلمين جيدا ما انا قادر على فعله يمكنني ان اعيدك الى حيث كنت محطما مستقبلك المهني باتصال واحد لكن كما قلت ضميري الحي هو ما يمنعني لدي اعمال اكبر وأعظم من الركض خلفك ملبيا لطلباتك انت الطبيبة هنا افعلي ما تريه "
"تعلم جيدا ان لا احد سيتعب نفسه بمجرد فتح الباب لي الجميع سيتهرب مني كأني طاعون واعلم قدر مسؤوليات معاليك انا فقط اريد سيارة شرطة وشرطي واحد فقط ليكتسب عملي صفة رسمية "
"هل تظني ان هذا كافي ؟"
"اتمنى لن اخسر شيء اذا حاولت "
"حسنا لك ذلك لكن لا تاتي وتندبي حظك هنا ان فشلتي"
نظرت له بتحدي "لن افعل "
لم تكد تمر ساعة او ليكن منصفا ربما ساعة ونصف حتى رأى سيارة الشرطة التي استقلتها وهي تقف في المصف الخارجي الذي تطل عليه نافذة مكتبه راها تنزل مشعثة مغبرة ضربت سيارة الشرطة بقدمها ذات الحذاء الرياضي باهظ الثمن قبل ان تصرخ متألمة بحنق وتتجه الى الداخل بخطوات تحفر الارض تنهد يستعد لدخولها العاصفة هذه المدللة تظن ان لا عمل له سوى ان يكون تحت امرها
دخل صقر عليه مبتسما
"استعد عمي ها قد عادت "
رفع راْسه كأنه يستلهم الصبر بطريقة جعلت الاثنان يضحكان قبل ان يقول صقر وهو يغادر
"سأتركك تواجه مصيرك لكني سأتابع عن قرب "
كانت تعلم ان جميع العاملين التي مرت من مكاتبهم يتابعون مرورها الحانق وضحكاتهم تراوحت بين من أظهرها دون حياء او كتمها شامتا
دفعت الباب
لتطالعها صورته واقفا امام مكتبه نزع سترته ويرفع أكمام قميصه بهدوء يحسد عليه كأنه يتجهز لمواجهة
ومع ذلك لاحظت الابتسامة التي تتراقص على شفتيه بصمت لتتذكر كلماته الاخيرة "لا تاتي وتندبي حظك ان فشلتي "
ذلك الوغد كان يعرف ما سيحل بها
رفع نظره اليها دون ان يحرك راْسه كاتما ضحكته التي ولابد انها لاحظتها من التعبير المرتسم على وجهها بدت مشعثة مازرها الطبي المفترض انه ابيض تدلى على ذراعها متجعدا لا يعرف لونه الأساسي ملابسها مليئة بالغبار كأنها تمرغت بالأرض اما شعرها فكان قصة اخرى ذهبت تلك الكعكة الصارمة لتصبح في خبر كان لقد ذكرته بالشخصيات الكرتونية عندما تفجر بها قنبلة ويقف شعرها في كل الاتجاهات
"قبل ان تبدأ "اشارت بأصابعها له بتهديد تلقاه بان وضع يديه على خاصرتيه ينتظر منها ان تكمل وقد عقد حاجبيه بطريقة ساخرة
"لست هنا لاندب حظي انا هنا لاشتكي اظن انه حقي "
فاجأته للحظة تداركها "ومن المشكي عليه "
"ذلك الرجل الذي في طرف القرية ...حاولت استجماع اسمه او اي شيء يدل عليه اممم ذلك الكبير في السن الذي لديه خراف "
"رائع انت تريدي ان تشتكي عن شخص يعيش في قرية يعمل أفرادها بالرعي وكل ما لديك من معلومات انه كبير في السن ويرعى الغنم والمفترض ان اعرف من هو تحديدا ...يال الإضافة كيف سأعرف من هو "
انه يتوهها كالعادة
"اجل لما اعتقدت انك ستساعد كنت اعلم انك ستدخلني في متاهات ولن تفعل شيء لمساعدتي "
"لقد أخبرتك ليس من سلطاتي اجبار الناس على استقبالك "
"ولكن من سلطتك ان تدور بينهم وتقول لهم اني قاتلة"
نظر لها بلوم
"لم افعل لن أكررها مرة اخرى انا لم اخبر احد بذلك "
"كنت أظنك اجرا من تكذ...
لم تستطع إكمال جملتها لانه كان قد اصبح امامها مباشر ونظرة غضب اطلت من عينيه حتى انها رات في داخلهما نارا شعواء تكاد تحرقها
سال مستنكرا "ماذا ؟؟!!..ماذا كنت ستقولي اكذب انا لن افعل ذلك لا من اجلك ولا من اجل اي احد لست مضطرا لذلك إياك ان تتجاوزي حدودك مرة اخرى وينطقها لسانك امامي او عني والآن هلا تكرمت وغادرتي فورا لان لدي اعمال أقوم بها ويفضل ان لا اراك خلال الفترة القادمة "
طرفت عينها كأنها تؤكد لنفسها انها سليمة بعد العاصفة التي القاها فوق راسها
"انا...لم اقصد "
قاطعها "لا تزيدي الامور سوءً فقط غادري "
نكست راسها ترغب بالبكاء لقد ملت فعلا ثلاث أسابيع تعافر تحاول ان تفعل شيء هنا لكن دون فائدة وها هي تخسر من جديد أدارت وجهها ترغب بالانسحاب قبل ان تتذكر
"اجل ...اسمه جضعان ذلك الرجل الذي اريد ان اشكتي عليه اسمه جضعان "
نظر مستغربا الا يمكنها ان تعرف متى تصمت وتذهب ابدا
"ماذا انه حقي لقد جعل قطيع الخراف تطاردني أضافه لأولاد القرية الذين لاحقوني كانني مجنونة لقد جعل تيسه الضخم يحشرني في زاوية الحظيرة وكلبه العفن استمر بالنباح وتكشير انيابه منتظرا اللحظة المناسبة للانقضاض علي وانا موظفة دولة وكنت أقوم بعملي لذا انا اشتكي عليه وأريد إحضاره هنا "
"هل لي ان سال ما الذي سبق كل هذه الاحداث تحديدا ما الذي فعلته قبل ان يحشرك "
"لم افعل شيء ذاك المدعو جضعان كان يجلس في خيمته بعض الرجال عندما دخلت عليه ومعه شيء حديدي يريد وضعه في فم احدهم وعندما نهرته"
"نهرته؟!!"
قاطعتها ينظر لشيء وهمي في أظافره وقد استرخى في مقعده وارتدى لا مبالاته المعتادة
قالت بقهر"اجل قلت توقف ماذا تفعل بالرجل فليوقف احد هذا الجنون عندها نظر لي بغضب واومأ لاحد الرجال الذي أخرجني بخشونة قائلا لي ان اذهب لسبيلي ولا اعود ثانية وعندما لم أذعن لأمره دفعني لقطيع الغنم الذي هاجمني وعندما هربت لحقني الاولاد يضحكون مني "
"اتدرين ما رايي ...لو كنت مكانك اذهب الى بيتي واستريح واحمد الله ان الشيخ جضعان لم يحكم عليك بعقاب اخر وقبل ان تقولي شيء قاطعها لقد ارتكبت خطاً فادحا تدخلتي في محاكمة واعقتيها وللمرة الاخيرة الناس هنا لايمكنك فرض وجودك عليهم عنوة انت بحاجة لنيل ثقتهم لتدخلي بيوتهم يجب ان تكوني قريبة منهم تعامليهم باحترام "
"انا لست هنا لاقيم صداقات وعلاقات معهم انا هنا أعالج المرضى هذا عملي "
كان يعلم انها عملية وسيصعب على ابنة مدينة مثلها ان تتفهم علاقات الناس هنا
"اذن لا شيء أقدمه لك يمكنك ان تذهبي لتقومي بعملك وتدعيني انا ايضا لعملي ومن رايي ان تجلسي في عيادة المركز الصحي وتنتظري قدوم المرضى إليك "
قال ببرودته التي ستقتلها كمدا
"اجلس في العيادة ...هل تسمي ذلك المبنى التعيس عيادة "
"جيد يمكنك ان تساعدي وتطلبي من والدك ان يقدم بعض الدعم لنا هنا "
"ادعم عيادة لا يدخلها احد "قالت بحقد
نثر الملف الذي أمامه بغضب"لقد احترت معك يا طبيبة ما الذي تريده انا فعلا اريد ان افهم "
نظرت له بصمت عاجزة عن إيجاد رد ولكن ما الغريب فهذا الشخص المستفز دائماً ما يفحمها ويجعلها غير قادرة عن قول شيء أمامه فعلا ما الذي تريده هي لا تعرف!!!
انسحبت خارجة من مكتبه وأفكارها تتضارب في راسها متجهة الى عيادتها المرفق بها ما يسمى ببيت لها اخرجت هاتفها تطلب والدها
"ابي "
"سما ..كيف انت يا ابنتي "
دافعة غصة الدموع من صوتها "سيئة بابا ...سيئة جدا لكن لا بأس ساتحمل "
"هذه ابنتي اعلم ان الامر صعب عليك لكن ما بيدنا حيلة ...توقف ليسمع همهمتها الموافقة ..حسنا ماذا تريدين اعلم ان وراء هذا الاتصال طلب"
"طلبات ابي اريد منك ان تؤمن لي بعض الأشياء وأهمها ممرض من أهل المنطقة هذا ضروري جدا وسكرتيره ايضا وممرض مختبر العاملين هنا يرفضون العمل معي .. وسيارتي اسعاف وسجل هذه الأدوية وأريد ..... وامتدت القائمة بينما والدها يستمع ويدون ... كل هذه نواقص ؟!!"سال والدها
"لن تصدق ابي الوضع هنا مزري للغاية "
"اذن اخبريني"قال والدها يتابع نشرتها عن الاهمال الذي تعاني منه المنطقة بشكل كامل ويده تدون ملاحظات عن خطوته القادمة
ألقى نظرة على منزلها كان الضوء منار والستار مَسدلة ابتسم ربما ما تزال مستقيظة تحاول وضع خطة جديدة بعد فشلها الذريع اليوم لكن عندما امعن النظر في نافذتها غابت تلك الابتسامة ليحل مكانها عبوس غاضب جعله يلقي الامر لسائقه بحنق بان يتوجه لها بسرعة
طرق سائقه بابها الذي فتحته على مضض لترى عينيه العابسة ترمقها باستياء أشار بيده بعجرفته المعتادة انه يريد الدخول فتحت الباب على اتساعه قبل ان يمر منه يتبعه سائقة الذي أمره ان يبقى الباب مفتوح بينما يتجه هو لتلك الغرفة التي تطل نافذتها على الطريق لفحه الهواء المشبع بالبخار الساخن ورائحة الصابون التي ملأت المكان مع عطر خفيف ميزه انه عطرها الدائم مزيج من الزهور المنعشة زفر بقوة كأنه يريد طرد تلك الرائحة من داخله
"اولا إياك ان تفتحي بابك لأي شخص قبل التأكد من هويته "
أجابت بتهكم"اطمئن لا احد يطرق باب الطبيبة القاتلة هنا "
جالت عيناه تبحث في الغرفة
"ارى انك حصلت على سخان ماء"
"هل تلومني ان حاولت ان تكون حياتي في هذا القفر افضل ثم اطمئن انه يعمل على الطاقة الشمسية "
أمسك الضوء الذي تضعه على الرف في زاوية الغرفة وأخذه ليضعه على المنضدة التى تحت النافذة مباشرة
"هذا ايضا يعمل على الطاقة الشمسية قالت مشيرة للضوء اطمئن لن أكلف المتصرفية اي أموال لاستهلاكي المفرط للكهرباء "لما غيرت مكانه "
"انا لا ألومك ...ابقي الضوء هنا لا تضعيه في الجهة المقابلة للنافذة ابدا "
"هل لي ان اسال معاليك لما ام تراه سبب أمني وضعي للضوء مقابل النافذة فيه خطر على أهالي المنطقة "سخرت
"بطريقة ما يمكن اعتبار ذلك "أجابها بلامبالاته واستخفافه المعتاد قبل ان يبدأ بالانسحاب مغادرا بهدوء كما دخل لكن أوقفته عندما اصبح عند الباب
"كلا اريد ان أعرف لما انه بيتي نافذتي وضوئي انا حرة أضعه كما اريد في المكان الذي اريد "
نظر الى سائقه الذي ابتعد قليلا عن مرمى سماعهما قبل ان يتقدم قليلا وبفحيح غاضب لا يخرج الا بوجودها
"انهيت حمامك منذ قليل ووقفت هنا في هذه البقعة بالذات جمعت شعرك على كتفك اليمين وبدات بارتداء ملابسك هل تريدي ان اخبرك باي قطعة بدات ...
وعلق جملته تاركا لخيالها تصور الباقي بالطبع هو لم يرى الى ذلك الحد فقط مجرد رؤية ظلها وهي تتحرك لتخلع مأزرها كانت كافية بالنسبة له ليتوجه لبيتها
نظرت باندهاش تحاول ان تدرك صحة كلماته قبل ان يكسو اللون الأحمر وجهها بالكامل مع ظهور ابتسامته المتسلية كأنه يؤكد لها انه راها ليغادر بعدها يتبعه سائقه تاركا اياها تحترق غيظا ألن يكف هذا المرعد عن جعلها بلهاء في كل مرة يتواجهان بها
ليلة مزعجة قضتها تتقلب في سريرها لن يكف عن ازعاجها حتى يرغمها على الرحيل هي واثقة من هذا لكنها لن تستسلم فليس لديها ما تخسره اما ان تبقى هنا وأما ان تودع مهنتها كطبيبة فهي تعلم جيدا ان عودتها الى المدينة شبه مستحيلة
لا تعلم متى نامت لكن مع اول تباشير الصباح وجدت نفسها تفتح عينيها على أصوات الديوك التي تنافست بالصياح يشاركها الخراف نهضت تنفض النعس عنها فهي لم تنم بقدر كافي لكنها عادت تستلقي على السرير مرة اخرى لما تفعل ما الذي ينتظرها في المركز الصحي لا شيء وهي لن تجعل من نفسها أضحوكة للسيد مرعد مرة اخرى يكفي ما حدث امس تنهدت بيأس يا الهي انها تفشل وليس من عادتها الاستسلام لليأس هكذا لكن ما العمل ان كان لا احد يريدها هنا حتى هؤلاء الديوك والخراف الذين اتفقوا على ازعاجها
*********
من تراه نشر اخبار الطبيبة سما في القرية ايعقل انها احدى نساء البيت فكر مرعد وهو يرتدي ثيابه ويخرج من جناحه حيث لاقته صبابة
"صباح الخير بادرته ما ان رأته
"صباح الخير أجابها رافعا حاجبيه باستغراب
"هل ما زالت الطبيبة سما تزعجك سالته مباشرة قبل ان تكمل لقد سمعت ما حدث امس من احدى نساء القرية يبدو انها لا تلاقي القبول هنا ووجودها يسبب المشاكل "
"لا ليس فعليا قال مرعد على مضض ...صبابة هل أخبرت احد بما قال صقر عنها ..اعني عن كونها طبيبة غير جيدة "
"انت تقصد قاتلة قالت صبابة بتهكم ومن سأخبر كما تعلم انا لا اخرج من المنزل "
هناك شيء غير مريح في كلماتها لكن معها حق لا يمكن ان تكون هي أتراها احدى الخدم قد سمعت كلمات صقر او ربما انه الممرض شاكر او سالم ممرض المختبر فهما يعرفان ولابد كما انهما لا يعملان معها ولا يعترفا بوجودها حمل تساءلته واكمل طريقه الى المائدة تتبعه صبابة كالعادة
**********
كان منتصف النهار عندما قررت ان تخرج الى المركز فقد اكتفت من شرب فناجين القهوة المتتالية عليها ايجاد حل مع شاكر وسالم وام السعد لابد ان يعودوا الى الدوام مرة اخرى ما كادت تصل المركز الذي يبتعد خطوتان عن منزلها حتى رات رجلا يأتي لها مسرعا
"انت الطبيبة "سال بلهفة
"اجل بما أساعدك قالت سما بسرعة فهذه اول مرة يسال احد عنها
"لدينا امراة تلد وحالتها صعبة لم تستطع نساء القرية مساعدتها "
يا الهي هي ليست طبيبة نساء وتوليد بالطبع لديها فكرة لكن ... انه الشخص الوحيد الذي طلب مساعدتها ربما يكون فاتحة خير فكرت سما قبل ان تهدئه
"انتظر هنا حتى اخضر أدواتي و السيارة قالت سما بلهفة وهي تتحرك بسرعة
*********
"غريب !"قال صقر وهو يدخل مكتب مرعد بينما الأخير يتابع احد الملفات
"ما هو الغريب ؟"قال يركز على عمله
"الطبيبة سما لم تاتي اليوم لم يراها احد "
"ربما غادرت الى المدينة ...دعك الان من الطبيبة اريد حالة استعداد تامة هذه الفترة لقد وصلني من حرس الحدود تبليغ عن حالات تسلل ربما يندسون في المخيم او ان يتوغلوا اكثر الى الداخل "
"هل تعتقد انهم دواعش "
"ربما وربما انهم مجرد أناس عاديون هاربون من الحرب لكن في كل الاحوال علينا الانتباه ارسل سيارة شرطة باتجاه المخيم لا أريدهم ان يفعلوا شيء فقط إثبات حضور "
"حسنا "اجاب صقر مغادرا
***********
رات الخيام المتناثرة وملابس النساء الغريبة ذات الألوان الفاقعة "انتم لستم من القرية"سالت الرجل الذي معها
"لا نحن غجر رُحّل ...هل هناك مشكلة سالها مرتابا"
"بالطبع لا ...انا فقط اسال لاني لاحظت أنكم مختلفون عن اهل القرية "
انها اشياء جديدة عليها تراها اول مرة فكرت سما توقف سيارتها كما أشار لها الرجل ترجلت منها لتلاقيهما سيدة كبيرة
"من هذه سالت السيدة قبل ان تنخرط بحديث بلغة لم تفهمها مع الرجل النقاش احتد بطريقة ما لان الأصوات ارتفعت وتجمهر بعض الأشخاص حولهم اطفال رجال نساء صوت صار جهوري قطع الحديث الآتي من عالم اخر بالنسبة لسما
ثم ظهر رجل ضخم قاسي الملامح وبدا الحديث مع الرجل الذي كما يبدو قد وقع في ورطة وسببها هو إحضاره لها لم تفهم سما شيء انما اكتفت بالمراقبة بينما الآخرين ينظرون لها كانها مخلوق عجيب "كفى هدرت بهم فكما يبدو ان جدالهم لن ينتهي وهذا الرجل غليظ الوجه ينوي كما يبدو ان يقتل الرجل الذي احضرها عّم الصمت قليلا والجميع ينظر لها باندهاش
"ان كانت هناك حالة ولادة يجب ان أراها فأنتم تضيعون الوقت هلا ترجمت لهم ما اقول "
"نحن نفهمك"قال الرجل الضخم
"اذن هلا تكرمت وارشدتني الى السيدة الحامل حتى افحصها وعندها يمكنك ان تعود لجدالك مرة اخرى "تدخل الرجل الذي أحضرها ينظر لها بتردد كانه يريدها ان تصمت لكن الاخر أوقفه
ينظر لها كانه لاول مرة في حياته يرى امراة
"ان كانت ولادتها صعبة فكل دقيقة تمضي ستشكل فرق دعني أراها حتى أساعدها "عادت سما تقول بهدوء اكثر
زفر الرجل الضخم "من هنا "
قال مشيرا لإحدى الخيم كانت اكبر من الباقيات لكنها تماثلهن في البساطة والقدم
دخلت سما الى الخيمة لتلاحظ خمس او ست نساء تجمعن حول فتاة او امراة حامل مستلقية على الارض وكما يبدو تعاني من آلام المخاض المساحة ضيقة بالكاد تستطيع السير فيها وهؤلاء النساء ان ظنن أنهن يساعدنها فهن واهمات لانهن في الحقيقة تخنقنها
"لو سمحتن اريدكن ان تخرجن من هنا فقط واحدة تبقى "
نظرن لها ثم اهملنها كانها لم تتحدث زفرت سما بضيق قبل ان تخرج متجهة الى الرجل الضخم الذي كان يقف على مقربة من الخيم
"اريدك ان تخرج النساء من الخيمة فقط المراة الحامل وامراة واحدة تبقى قالت بأمر بينما عيونهم تراقبها بتحفز "هذا لاجلها يا سيد لا يمكنني فحصها وهن حولي "
نظر الى الرجل الذي احضرها كانه يتوعده قبل ان يصدر أمره للسيدة التي استقبلتها في البداية وتطلب من الجميع الخروج الا امراة واحدة بدت كبيرة في السن ربما في الخمسينات فكرت سما وهي تنظر لها بكره
"لن تستطيعي فعل شيء "قالت لسما "لقد ولّدت مئات النساء من قبل "
اذن هذه المراة هي القابلة لديهم
"سنرى قالت سما مستغربة من نفسها كيف تتعامل مع الامر بهذا الهدوء ربما هي الدهشة والصدمة من كل ما ترى فهو جديد عليها ولم تفكر حتى بالأحلام انها قد تعيش تجربة مثل هذه في حياتها
ارتدت سما قفازات الفحص وبدات عملها الفحص الاولى يظهر ان هذه المراة الصغيرة ضئيلة الحجم في حالة مخاض والمفترض ان تلد باي لحظة لكن هناك شيء ما خاطىء
"ما اسمك سالت سما المراة التي تلد"
"حَسنة "قالت بنفس متقطع
"دعيني اخبرك شيء الصراخ لن يجعلك تلدي اسرع انه فقط سيجعلك تفقدي طاقتك هباءً ان شعرت بالألم عليك او تدفعي لأسفل هذه اول مرة اعني هذا اول طفل شرحت سما قبل ان تضيف كم عمرك "
"اجل هذا طفلي الاول وعمري ١٥"قالت حسنة وقد أصبحت اهدا كتمت سما صدمتها انها مجرد طفله
"انا اريد ان أساعدك حسنة لتلدي وتكوني بخير انت وطفلك لذا سأطلب منك ان تهدئي حتى أتم عملي "
اومات لها حسنة بتعب
"لن يجدي قالت القابلة وارادت ان تكمل لكن سما قاطعتها "لم اطلب رايك اما ان تبقي صامتة او ساكون شاكرة لو غادرتي وتركتني اكمل عملي "
خرجت سما من الخيمة حيث تجمع الغجر حولها
"اين زوج حسنة ؟"سالت لتطالعها عيني ذلك الرجل الضخم
"انا صدمت سما يا الهي كيف لفتاة ضئيلة ان تتزوج منه "ما اسمك "
"حمدان "قال بنزق
"زوجتك تحتاج لمشفى يمكنني نقلها بسرعة بسيارتي...."
قاطعها حمدان بحزم "لا "
"ولكن ..."
"قلت لا اما ان تساعديها وأما ان ترحلي "
زفرت سما بضيق لن يوافق كانت تعلم ذلك لكن لابد من المحاولة "حسنا اريد ان تحضروا لي بعض الاغراض الان "
نظر لها حمدان "ما الذي تريدينه
"اريد سريرا و وماء دافيء وشيئا لأعلق به المصل .."
"ما هو هذا سال الرجل الذي كان قد احضرها من المركز "
"ما هو اسمك "
"انا علي انا اخوها قال بلهفة ارجوك ساعديها لا أريدها انً تموت وهي تلد مثل امي "
نظر له حمدان بحدة وصرخ فيه بلغتهم عرفت سما انه يعنفه على كلماته
"لا تقلق علي ان شاء الله ستكون بخير تعال لأريك ما هو المصل دخل معها الخيمة بسرعة رغبة منه في الهرب من حمدان الذي بدا كانه سيحطم راْسه
اخرجت سما المصل "اريد شيء لاعلقه حتى أوصله بيدها هل فهمت "
"اجل قال علي ستكون اختي بخير ارجوك لا اريد ان يصيبها شيء "همس علي حتى لا تسمعهما القابلة او اخته
"اطمئن ستكون بخير قالت سما تدعو آلُلُہ ان يكون ذلك صحيحا
نظرت سما للفتاة المتألمة امامها تتذكر كل شيء درسته عن الولادة لقد أقامت في قسم الولادة اثناء السنة السادسة لديها معرفة وافية لتساعدها لكن ماذا ان احتاجت لعملية قيصرية لايمكنها ذلك فهي ممنوعة
ستفعل ما بوسعها لتجنب الجراحة
حسنا سما أمامك ولادة متعسرة وعليك بذل كل مجهودك لإخراج الطفل بشكل سليم دون اي اذى له او لامه
الاتساع طبيعي وجيد الرأس في العنق ويمكنك لمسها اذن ما السبب اما انه الحبل السري قد ربط الطفل وأما انه هناك شيء اخر ربما حجم الطفل او انه ليس طفل واحد بل توام متشابك
"هل زرت عيادة طبية من قبل يا حسنة "سالت سما
"لا"امتعضت سما وهي تتابع عملها في تحضير المكان البدائي ليصبح غرفة ولادة احضر لها علي علاقة ملابس لتضع لها المصل وعلقتها من الطرف الاخر في سقف الخيمة عبر احد القضبان والسرير قد تم إحضاره وبدا نقل حسنة اليه قد اقتنع حمدان اخيرا ووافق على حملها هو واخيها ووضعها في السرير طلبت سما ان يتم سحبها لتكون راسها في المنتصف ووضعت عدة وسائد اسفل ظهرها وبدات بتعقيم ما حولها جيد انها فكرت بذلك وأحضرت المعقم البخاخ معها وضعت المصل بيد حسنة معززة محتوياته ببعض المغذيات ومهديء فهي ليس بحاجة لمحفز طلق
حسنة تأن من الالم ولا جديد الطفل مكانه التوسع كبير ومناسب لكن لا جديد وضعت سما السماعة على بطن حسنة تسمع دقات قلب الطفل يا الهي انها بحاجة بمعدات لو ان حمدان يوافق على ذهابها الى المشفى قياس ضغط حسنة جيد لكن ماذا لو كانت زمرة دمها مختلفة عن الطفل ماذا لو احتاجت الجفت الطبي وماذا وماذا ...القائمة تطول
عادت لفحصها مرة اخرى حجم الرأس ليس كبيرا لكي لا يخرج اذن هناك شيئان اما انهما توام او ان الحبل السري هو العائق وفي كلا الحالتين الجراحة هي الخيار المناسب لكن في حالتها لا يمكن ذلك
ماذا سما هل ستياسي لا ليس الان وليس مع اول حالة تعالجها هنا حزمت امرها وشجعت نفسها لتبدا العمل
كان المساء قد حل تجهز مرعد للخروج من مكتبه بعد ان أنهى الاجتماع مع الكوادر الأمنية فهذه فترة حرجة وعليهم البقاء على اهبة الاستعداد عندما دخل عليه رجل معرفا نفسه انه الطبيب حسام سيف الدين "انا مبعوث من وزارة الصحة اتيت للتأكد من تسليم الطبيبة سما بعض المعدات والأدوية انها منحة من والدها وبعض رجال الاعمال لكني لم اجدها لقد انتظرت لعدة ساعات لكن لم يظهر احد ولدي رسالة من وزارة الصحة للمدعو سالم وحازم وام السعد بوجوب تواجدهم على راس عملهم صباح الغد او انهم سيعرضوا أنفسهم للمساءلة القانونية "
فكر مرعد يبدو ان الطبيبة لم تضيع وقتها ولا والدها الذي يدعمها في كل ما تفعل
"ما المطلوب مني "ساله مرعد
"سعادتك الوجهة الأمنية الوحيدة هنا وهذه عهدة يجب ان نضعها في المركز الصحي ويجب ان يستلمها احد "
"الامور الطبية ليست من شأني "
"لكن مرعد بيك انها أدوية وقد تفسد ان لم يتم تسليمها وحفظها بطريقة مناسبة يمكن لحضرتك ان تحضر وضعنا لها وتوقع على ذلك حتى تعود الطبيبة و عندها يمكنك ان تخلي مسؤوليتك لايمكننا البقاء اكثر "
على مضض تحرك مرعد معه هذه الطبيبة كتلة من المشاكل التي لا تنتهي كانت تنقصه هي ايضا
*******
قادت سيارتها عائدة لقد تاخر الوقت وهي تشعر بالتعب في كل جسدها لقد تمكنت من مغادرة مخيم الغجر بمعجزة بعد ان وعدتهم ان تعود غدا لتطمئن على حسنة وطفليها يا الهي لقد كان الله رحيما بها حيث ان حدسها صدق وكانا توام واستطاعت إخراجهما للحياة بعد مناورات عديدة منها افراغ كيس الحمل ووضع حسنة على جنبها حتى تتحكم في إخراجهما كان ذلك مضنيا لكنها نسيت كل ذلك عندما سمعت بكائهما مما يعني انهما بخير وقد اخذا اول أنفاسهما ساعدت في تنظيف حسنة وما حولها وقد أعطتها مصلا اخر لتغذيتها وإبر الكزاز والتيتانوس
كان تغسيل الطفلين متعة اخرى وخبرة جديدة تراها لاول مرة اما عن علي فهو اراد ان يقدم لها اي شيء تريده مقابل مساعدتها لأخته وحمدان القاسي تحول فجاة لشخص اخر عندما علم انه حصل على طفلان ذكران مرة واحدة وقدم لها مبلغا كبيرا من المال لكنها رفضته وهو غضب ولم يرضى الا عندما شرحت له انه عملها ولا يمكنها ان تاخذ منه شيء ولم يتركها تغادر كان يريدها ان تشارك
احتفالهم الذي سيستمر لسبعة ايام لكن وعدها بالعودة للاطمئنان على الطفلين وحسنة هو الذي شفع لها وجعلهم يطلقون سراحها
تقدمت بخطوات مترددة عندما رات السيارات الواقفة امام العيادة
ماكادت تطأ قدمها الدرج المؤدي اليها حتى ظهر من داخلها هاتفا
"اين كنت ؟"
لوهلة تبخر التعب الذي كانت تعاني منه وقفت بتحدي باي حق يسألها
"لا تقل انك افتقدتني أجابت ساخرة واردفت ام انك قلقت علي " اتبعت كلماتها نظرة متهكمة ندمت عليها- عندما لاحظت توترا في ملامحه سرعان ما كساتها البرودة
"...هناك من يسال عنك شحنة دواء "
فهمت ان والدها قد تدخل وساعد في إرسال المواد التي طلبتها
"هناك أوراق عليك توقيعها انها عهدة عليك وغيابك أخرنا"
"كانت حالة ولادة متعسرة -سارعت تبرر لا تعلم لما- عند الغجر "
أومأ بتفهم " كان يجب ان تخبري احد ..."
"من لا موظفون لدي ولا احد يأتي للمركز "
"ان كنت لا تمانعين لننهي الامر "قاطعها دون تعليق وبقلة اهتمام لكلماتها
"اجل بالطبع "لما توقعت انه سيتفهم اجابته وهي تدخل العيادة مسرعة لتتسلم الأدوية والاجهزة التي وردت بينما عيناه تتابع بشيء من اللامبالاة
ماذا الان فكرت سما وهي تحصي المواد الم يطلب منها ان تطور العيادة هاقد فعلت لما يعاملها بهذا الجفاء
"لقد طلبت سيارتي اسعاف..."
"وصلت واحدة وقد تم تسليمها لوحدة الدفاع المدني "
صمتت برهة "لدي تبليغ ولادة .."
"أعطني اياه وغدا سأهتم به "بدا نافذ الصبر كانه لا يطيق البقاء لدقيقة زيادة
"لقد اخبرني والدي انك تقدمت بطلب لإمدادات الكهرباء و..."
"اجل من عدة أشهر ولم ينفذ ..بينما طلباتك قد نفذت فورا من الجيد ان يكون والدك ذَا نفوذ "
"ليس صحيحا لم يوفروا لي سوى مولد كهربائي احتياطي ...هل هذا هو ما يغضبك ظننت ان اي تحسين مهما كان صغيرا سيكون لمصلحة المنطقة "
قالت تتابع توقيع الأوراق وسلمتها له بينما انصرف الباقين
وهو يلحق بهم
"لحظة قالت تستوقفه
"لست ..انا لست قاتلة ..لم يكن"لا تعلم لما ارادت ان تبرر له
قاطعها "انا لست قاضيا لاحاكمك لكني لا امنع نفسي من التساءل لو كنت طبيبة عادية ووالدك ليس من الأعيان هل كنت ستأتي هنا ام ان ما حدث كان سينهي مستقبلك الطبي "شعرت بالغضب يشتعل في راسها يقول انه ليس قاضيا سخرت في نفسها قبل ان تجيبه "وانا أتساءل فعلا لو كان والدي ليس من الأعيان او كنت رجلا هل كُنتُم ستنبذوني هكذا ..هل كُنتُم ستهجرون العيادة وترفضون اي تواصل أحاوله ..ان كنت لا تلاحظ منذ وصولي لم يطرق باب عيادتي الا الغجر ولحالة طارئة لذا ارجوك دعنا لا نصدر احكاما لن نعرفها ابدا ولا تعاتبني ان طلبت مساعدة والدي كنت اظن ان ذلك سيفرحك خصوصا انك انت من لمح لي بذلك "
لم تخلو نبرته من اللوم "كنت اتمنى ان تحاولي مساعدة الناس لا ان تحولي عيادتك وبيتك لفندق خمس نجوم ان لم تلاحظي المساعدة مقتصرة على جعل إقامتك اكثر رفاهية وسهولة انت لم تقدمي شيء للآخرين ...غدا سيبدا وتوصيل شكبة الهاتف والإنترنت يمكنك ان تري مدى الإفادة التي ستعم على الباقيين "أنهى جملته وخرج كالعادة تاركا اياها مصدومة لا تعرف بما تجيب "يا الهي وكل هذه الاجهزة والأدوية لما احضرتها "
لقد ابلغ الممرضان وام السعد ان يبدؤوا دوامهم عن طريق احد افراد الشرطة مؤكدا على ام السعد ان تنتبه لها فالوضع غير امن وهي طبيبة قد تؤذى بطريقة او اخرى اذا فعلا تسلل احد المخربين
******
استيقظت في الصباح لتذهب الى المركز الذي قد تم الانتهاء من العمل لتوصيل الاجهزة الجديدة كما انها كلمت والدها وطلبت منه العمل لإكمال خطوط الكهرباء والماء كما وعدها حملت بعض الأدوية والمطاعيم لتأخذها معها عند الغجر وغادرت استقبالهم لها كان حافلا وأنساها لفترة يأسها الذي تعانيه من رفض اهل القرية لقد وعدها حمدان ان يجعل افراد عشيرته ياتون الى المركز الصحي ويتم الكشف عليهم وهذا ما جعلها تتحمس لتقديم العلاج لهم بنفسها بعد ان عرفت مما يعاني كل شخص مريض منهم كما انه سمح لها بان يقدم أوراق اولاده وأولاد العشيرة ليتم تثبيت تواريخ ولادتهم عندما عادت كان النهار قد انتصف حملت تبليغ الولادة وتوجهت الى المركز الأمني
********
ما ان ارآها صقر حتى ابتسم متجها الى عمه
"ها قد عندنا "قال صقر له"دقيقة وتطرق الباب "شرح له
"صباح الخير قالت سما تدخل مكتب مرعد
"ما الامر "بادرها مرعد
"لدي تبليغ الولادة اتذكر !؟"
"في الخارج عند المدخل في جهة اليمين هناك مكتب مكتوب عليه التبليغات سلميه له"
"حسنا لكني اريدك في موضوع اخر "
تنهد مرعد "ماذا ؟"
"عند زيارتي للغجر لاحظت وجود مخيم اللاجئين اريد ان ازورهم وأقدم لهم الخدمات التي يحتاجونها"
"ما الذي يمنعك "
"اريد مساعدتك لايمكنني فعل ذلك وحدي اريد اسعاف ربما احتاج لنقل احدهم اريد سيارة شرطة فأنت تعلم ربما تحدث بعض المشاكل ويرفضوا نقل الحالات الخطيرة "
"بخصوص الاسعاف يمكنك طلبها من مركز الدفاع المدني اما عن سيارة الشرطة فلا يمكنني ذلك والان اسمحي لي لدي بعض الاعمال المستعجلة اذهبي لتقدمي التبليغ لكني اخبرك سيكون الامر صعب لانهم من الغجر "
"لا باس كل ما اريده ان يتم تحديد مكان وتاريخ الولادة في ورقة رسمية لاجل الطفلين ...بخصوص الاسعاف انت تعلم انهم لن يخرجوا الا لحالة طارئة مجرد توصية منك سيجعلهم يوافقون "
"حسنا ساخبرهم لكن اريد ان اطلب منك ان لا تذهبي وحدك الى الغجر دعي ام السعد ترافقك وحاولي ان لا تعودي متاخرة المنطقة شبه مقطوعة لا تسيري في الطريق وحدك "
ابتسمت سما هل يعقل انه قد تقبلها ليس هذا فقط بل انه ايضا سيساعدها
"حسنا ساذهب لمكتب التبليغات واعود حتى تكلم الدفاع المدني "
خرجت من مكتبه سعيدة
بينما صقر ينظر له "لا افهم "
"يمكنها ان تكلم الاسعاف بنفسها فلن يرفضوا لكنها شخص اتكالي اعتادت ان تعتمد على الآخرين ليسيروا امورها دون ان تتعب نفسها دعنا منها علينا ان نغادر هناك بعض الإمكان اريد زيارتها والتأكد من حراستها جيدا "
قال مرعد مغادرا
*******
"اين غادر "سالت سما الشرطي الذي يقف خارج مكتبه
"لا ادري "
"متى يعود "
"لا ادري عاد وآجابها بلا مبالاة
"حسنا يبدو انه يتهرب منها فكرت سما سأنتظره في المكتب "قالت تدخل مكتبه واختارت الأريكة المقابل لمكتبه حيث طالعها اسمه الذهبي يسخر منها
********
كان الوقت متاخرا عندما دخل مرعد مكتبه ليصدم برؤيتها تنام على الأريكة
"لا اصدق هتف مرعد مناديا الشرطي الذي يقف على باب مكتبه
"ما الذي تفعله هنا "
"لقد طلبت ان تنتظرك في المكتب ولم استطع ان ارفض "
"كم هي عنيدة قال صقر ما الذي ستفعله بها "
"لا اعلم زفر مرعد بيأس هذه المراة مستحيلة نظر حوله لا يوجد شيء يغطيها به خلع سترته ووضعها عليها ثم نادى الشرطي في اي وقت تستيقظ رافقها الى بيتها لا تجعلها تغادر وحدها "
"امرك معاليك "اجابه الشرطي بينما مرعد وصقر يغادران فلا يمكن إكمال عمله وهي نائمة امامه
ما ان دخلا المنزل حتى استقبلتهما صبابة ووالدته فوز
"لما تأخرتما " بادرت فوز
"عمل يا امي قال مرعد قبل ان يجلس بتهالك على اقرب مقعد له
"لدينا هذه الفترة الكثير من العمل ان اخي رعود يهديكما السلام "
"هل أتى "سالت صبابة
"لا لقد زرناه في موقع عمله اليوم "اجاب صقر قبل ان يكمل لن تصدقا ما حدث اليوم قال باسما وبدا يسرد عليهما تصرف الطبيبة سما وسط اندهاش فوز وامتعاض صبابة التي نظرت الى مرعد "الا يمكنك منعها من دخول المركز "
نظر مرعد لها تصرفاتها تحيره احيانا "لا يمكنني منع احد قال ناهضا انا متعب يجب ان ارتاح قليلا فلدينا يوم حافل غدا وانت كذلك صقر نظر له بلوم وتوقف عن نقل الأخبار لوالدتك وجدتك"وانسحب الى الداخل بينما عينا صبابة تراقبه وفوز تمسك بصقر اخبرني المزيد عن هذه الطبيبة"
نهضت تشعر بالتواء عظامها نظرت الى ساعة يدها
لتصدم انها الثانية والنصف لقد تجاهلها مرعد تركها هنا وحدها واتى وراها نائمة وتركها لم يكلف نفسه انه يوقظها حسنا قالت تنظر لسترته هي تعرف طريقة جيدة لن تجعله يتجاهلها مرة اخرى
********
"هل تظن انها ما تزال نائمة "قال صقر لعمه بينما يجلسان في الصالة الداخلية لتناول القهوة قبل ان يغادرا
قالت والدته "أليس من المفترض ان ندعوها "
"اظن ان علينا هذا "
أكدت صبابة
نقل مرعد عينيه بينهما كان يعلم ان وجودها سيثير فضول نساء العائلة خصوصا بعد ان عرفن عما حدث امس فبالتأكيد والدته وصبابة سيرغبون بالتعرف عليها وان اختلفت أسباب كل منهما
"يمكنك ان تدعيها "اجاب والدته بلامبالاة
صوت جرس الباب قطع جواب والدته
دخلت زهية مسرعة "سيدة في الخارج تقول انها الطبيبة سما وتريد ان ترى السيد مرعد "
ابتسم مرعد داخليا متمتما "اذكر القط " وتبادل نظرة تفاهم مع صقر
"هل اخرج لها "
"لا دعها تدخل يبدو ان والدتك ووالدتي ترغبان بالتعرف عليها وهاي هي أتت بأسرع ما أرادتا"
كانت تنقل نظرها ببهو الفيلا القصر لا تدري ما تسمي هذا المكان لكن الشيء الذي لاح بعقلها هو المنزل فعلى الرغم من اتساعه الا ان هناك شيء دافيء فيه عقدت حاجبيها عندمارات صقر قادم
ما معنى هذا فكرت الا يريد ان يستقبلها
"تفضلي طبيبة سما "قال صقر دخلت الى الصالة الداخلية تتبع خطوات صقر وما ان دخلتها حتى احست بنوع من الالفة مع رائحة البخور والقهوة التي عبقت بها الغرفة باثاثها البسيط الذي يعطي شعورا بالراحة والسكينة انتبهت لحركة مرعد عندما وقف لدخولها بينما باقي افراد عائلته حوله لكنها لم تستطع ان تميزهم فكل فكرها كان منصبا عليه الان وبدت خطتها ضئيلة وواهنة اين زوجته فكرت سما فخطتها تعتمد على وجودها نظرت الى الامرأتين الواقفتين على بعد خطوة منه احداهما بدت كبيرة السن ملامح الوقار والهدوء واضحة في نظرتها وتخللتها ابتسامة ترحيب صادقة والأخرى كانت اصغر لكنها نظرت اليها بتقييم وتفحص ولم يبدو على ملامحها اي تعبير لابد انها زوجته فكرت سما قبل ان تلفتها حركته المتململة لتدرك انها هي من دخل عليهم وعليها قول شيء قبل ان تبدو بلهاء تمامًا
"صباح الخير "نطقت اخيرا
"صباح الخير أجابها مرعد قبل ان يكمل وعليك السلام والرحمة"
لماذا تربكها مجرد رؤيته تساءلت تحاول تجميع اي شيء لتقوله
"اسفة لقدومي هكذا ...لكن أردت ان أعيد لك هذه" قالت تشير الى سترته التي تحملها بين يديها
"لم يكن عليك ان تتعبي نفسك كان يكفي ان تتركيها في المكتب"
ما هذه الورطة قالت تنظر لمن يفترض انها زوجته الامر لم يأتي بردة الفعل المناسبة
ربما والدته احست بتوترها فبادرت "اهلا بك ياطبيبة تفضلي "قالت تلقي نظرة لوم الى مرعد
"كنا سندعوك اليوم لنرحب بك اشارت لها الى المقعد الأقرب اليها
قبل ان تتحرك للجلوس مد مرعد يده نحوها بينما هي تنظر لها
"...لقد اخذتها معي عندما غادرت المكتب كان الجو باردا"
"ماذا ؟؟!"أتى سؤاله معنفا اكثر منه مستفهما
أصبحت بحاجة فعلا للجلوس فنبرة صوته سببت لها ارتباكا وتوترا كبيران
"انهضي قال أمرا قبل ان تكمل جلوسها مما جعلها تنتفض وافقة في اي ساعة غادرتي المكتب "
"الواحدة ربما الواحدة والنصف ...لم تتجرأ على قول انها كانت الثانية والنصف كأن فرق ساعة سيؤثر "
"الم أحذرك من السير في طرقات القرية ليلا لماذا لم تاخذي معك الشرطي لقد امرته ان يبقى في الغرفة المجاورة "
"لقد استغلت انه لم يكن على مكتبه وخرجت ...انا لست صغيرة انا قادرة على حماية نفسي جيدا "
زفر نفسا غاضبا ونظر لها بيأس " قولي لي كيف كنت ستدافعين عن نفسك لو هاجمك ذئب او كلب بري "
"انت تخيفني فقط ...هتفت لا يوجد شيء ثم كنت ساجد طريقة لا تقلق نفسك "
صر على أسنان قبل ان يقول "اتعلمي معك حق ..اخرجي وقتما تريدين لعلها اشارة من الله ليرسل لك احد تلك الحيوانات تخلصك منا وتخلصنا منك"
شهقت والدته من كلماته
"أعطني السترة امرها متجاهلا نظرة الصدمة على وجهها
استجمعت نفسها بعد قسوة كلماته
"لا....لن اعطيك اياها حتى تعدني انك ستساعدني ولا تتجاهلني كما الامس "
نظر لها كانها مجنونة مفكرا لعلها لا تفهم لغتنا ربما لم تفهم ما قاله
"هل فهمتي اي كلمة مما قلت "
"لقد فهمتك تماماومع ذلك انا لن اخرج من هنا حتى تعدني"
"صقر أوصل الطبيبة الى عيادتها وتأكد انها مستقرة بها
واياك ان اراك في المركز او قربه انت طبيبة وعملك في العيادة فلا تغادريها والا سأضع حارسا لك على بابها يمنعك من الخروج منها "
بمزيج من الصدمة والغضب "لا يمكنك ذلك "
"جريبني"قال ومد يده لستْرته بمباغته ليسحبها منها وينصرف بينما هي وامه وصبابة يراقبن بصمت
"تفضلي "قال صقر من خلفها
"لا عليك اعرف طريقي "
"كلا يجب ان أوصلك "
"انت تعمل تحت امرته ومضطر لاطاعته لكن انا لا ولن افعل "
قالت خارجة هي الاخرى بينما صقر يتبعها عالما انها ستسير المسافة الى عيادتها حتى لو كانت حافية على ان تقبل أمر مرعد وتركب السيارة معه لذا ركب سيارته يتابع سيرها بينما تتجه هي الى العيادة
ما ان وصلت بابها "ها قد وصلت سالمة يمكنك ان تخبره ذلك "
قالت لصقر الذي ترجل من سيارته متجها اليها
"اهدئي يا طبيبة عمي معه حق كان ممكن ان تعرضي نفسك للخطر بخروجك ليلا "
"ماذا ان كان لا يساعدني "
أتى جوابها خارج الموضوع
"لا يمكنه ان يجبر الناس على زيارة عيادتك انت يمكنك ان تنظمي زيارات الى منازلهم والدتي وجدتي ستساعدانك"
"لكني حاولت ولم يستقبلوني"
نظر مشفقا عليها "انا اعلم بما تفكر اني طبيبة فاشلة وقاتلة لكن الامر لم يكن هكذا لقد كان المريض يتعاطى المخدرات وحالته خطرة تتوجب عملية فورية وعند سؤال ذويه بغباء رفضوا اطلاعي على الحقيقة لم يكن بإمكاني الانتظار لدقيقة لان حياته كانت في خطر لكنه في النهاية توفي لم يتحمل جسمه المخدر وجرعة المخدرات التي تناولها اعلم كان يجب علي انتظار نتائج تحليل الدم لكن هذا ما حدث انا لم أنفى الى هنا لاني قاتلة يمكنني تبرأت نفسي لكن انت تعلم من والدي الامر سيكون سيئا مجرد ذكر اسمه سيقلب الامور لذا كان الحل الأفضل ان ابتعد "
"لا باس يا طبيبة قال شاعرا بالندم لافكاره المسبقة عنها "
"كل ما اريده هو فرصة "
"جدتي وامي ستساعدانك "
"سارى ربما أتسلل إليهما بينما السيد مرعد غير موجود قالت باسمة تدخل عيادتها تجهز الأدوية التي ستأخذها معها عند الغجر فالليلة سيكون احتفال كبير بمرور اسبوع على ولادة الطفلين
"يا الهي الن تكف عن إزعاجه لقد مر بيوم عصيب وها هي تغادر مرة اخرى ضاربة بكلماته عرض الحائط نظر الى الرجل الذي سلمه علبة المطاعيم ليتم حفظها هذا ما كان ينقصه ان يعمل لديها عامل توصيل ذهب الى العيادة ليسلم العلبة للممرض الذي لم يكن موجودا ايضا ماذا يفعل !
رأى خيالها تسير اتية من أقصى القرية اين كانت تساءل ملاحظا اقترابها كان هناك شيئا في طريقة سيرها غير اعتيادية انها ...مترنحة
ما ان وصلت اليه حتى تاكدت ظنونه
"أين كنت "بادرها ما ان اقتربت
"اييشش قالت تضع سبابتها على فمها سيستيقظون لا تخبر احد كنت عند الغجر "
قالت كلماتها بلهجة ثقيلة اقترب منها مرعد ناظرا في عينيها الزائغة
"انت منتشية ؟!"هدر بها بصوت كالرعد
"قلت لك ايييشششش "بابتسامة بلهاء بينما حركتها غير ثابتة وهي تفتح حقيبتها لتخرج المفتاح الذي لم تجده
ما الذي يفعله بها هذه الحمقاء
تدندن لحنا غريبا أخذ منها الحقيبة واخرج المفتاح وعندما مده لها تحركت يدها بحركات خرقاء تحاول إمساكه دون جدوى لتنفجر بالضحك
"كفى مزاحا "قالت غير متحكمة بترنها
"قف ثابتا ارجوك لا أستطيع ان أخذ المفتاح "علقت مدعية الجدية
تنهد بضجر متمنيا ان يضرب راسها في الباب كيف قبلت ان تخدع من قبل الغجر
ام تراها لم تخدع وتناولت ما أعطوها برضاها
"ابتعدي "زجرها يفتح الباب وأمرها بالدخول لكنها تسمرت مكانها ثم عادت الضحك
"نسيت كيف إسير"قالت بين ضحكاتها الصاخبة قبل ان يدفعها الى الداخل بخشونة في هذه اللحظة كان العريف قد احضر ام السعد
"كيف تتركيها تذهب الى الغجر وحدها
"صرخ مرعد بها مما جعل المراة ترتجف
"لقد غادرت بعد ان تركتها "قالت ام السعد بقلق تلاحظ حال الطبيبة سما
"اجلسيها "
تقدمت منها ام السعد واجلستها على الأريكة
"حضري لها القهوة وحبتان مسكّن بسرعة "أسرعت ام السعد تنفذ
"تعال اجلس قالت سما تربت الى جانبها
مما جعل مرعد ينظر لها بدهشة
"اصمتي "جاء رده حادا
"هادم الفرح قالت سما بطفولية ترجع راسها الى الخلف "عندما رأيتك ظننتك وسيما لكن سرعان ما عرفت انك كباقي الرجال اوغاد متسلطون "
"ما الذي تناولت عند الغجر مصل الحقيقة "قال ساخرا
ضحكت بشدة كانه قال طرفة ما بدت كانها طفلة صغيرة عابثة
"اصمتي قال بحزم ما الذي يفعله بها ان سمعها احدهم واتى ورآهما معا ....يا الهي اي فضيحة ستسبب
"دائما أوامر انت لا تفعل شيء سوى الأوامر "
وقفت بطريقة غير ثابتة ترفع يدها بتحية عسكرية
"امرك سيدي "قالت وعادت للضحك الذي جعلها مترنحة اكثر لتسقط للأمام عليه
امسك ذراعيها بحزم ليبقيها بعيدا عنه
"حمقاء غبية "
من بين ضحكاتها "قاتلة لا تنسى هذا "
اجلسها بخشونة فتاوهت "اه هذا مؤلم "متذمرة بينما يدها ترفع لتضعها على عنقه مستغلة قربه منها نظرت الى عيناه
"لما تكرهني هكذا "قالت بنعومة نظرتها زائغة ولسانها ثقيل لكنه سمعها بوضوح عندما اكملت "انا اريدك لكنك تكرهني صوتها اقرب للهمس كانه تعويذة جعلت عيناه تجحظ غضبا وقبل ان يدرك رفع يده لتسقط على خدها مسببة صوتا وألما لاسعا على بشرة كليهما وقعت راسها على الأريكة جامدة بلاحركة هو الذي لم يلمس امراة غريبة في حياته تكون هي اولهن وتكون لمسته صفعة هذه المراة خطرة غبية و...استغفر الله قبل ان يكمل ناظرا الى جمودها هل ماتت فكر وهو ينظر الى حركة تنفسها البطيء قبل ان يهدر
"ام السعد "
"نعم ...نعم "اتت مسرعة تلبي نداءه
"يبدو انها نامت أبقي معها حتى تستيقظ لا تتركيها"
"حسنا سافعل "
خرج من بيتها كان الف شيطان يلاحقه كيف تجرأت ونطقت بتلك الكلمات انها بلا اخلاق
تلفتت حولها تنظر الى الطريق الصحراوي الشاحب امامها خالي من ابسط معالم الحياة سوى بعض المنازل البسيطة التي انتشرت دون انتظام هنا وهناك وبعض بيوت الشعر البعيدة وقد تحلق حولها الأغنام والإبل والأحصنة
اين انا؟ هتفت في داخلها كأنها عبرت بوابة الزمن لعصر غابر عالم غريب تدخله بعيد تماما عن المدينة التي تركتها خلفها وما زالت المسيرة طويلة امامها لتصل الى مبنى المتصرف حيث ستستلم مهامها
ثلاثة ساعات قيادة كانت كثيرة جدا بالنسبة لها خصوصا انها ابنة مدينة وابعد مسافة قادتها كانت نصف ساعة ساعة على الاكثر واي مسافة أطول كانت سفر تحتاج الى طائرة لاجتيازها وبالطبع لم تكن وجهتها ابدا منطقة حدودية صحراوية خالية الا من البيوت موحدة الشكل والحجم
لاح امامها مبنى ضخم قدرت انه غايتها ولابد فسيارات الشرطة ركنت أمامه ورفف علم للبلاد فوقه وحمل لوحة كبيرة متصرفية اقليم البادية
عرفت نفسها للحارس الأمني الذي اجرى اتصالا قبل ان يسمح لها بإدخال سيارتها الى موقف المبنى ترجلت منها على مضض تحاول تعزيز نفسها قبل ان تدخل لفحها هبو جاف بارد ما ان استقامت خارجة بالطبع هي لا تتوقع جو شتوي كالذي تركته في المدينة هنا فى الصحراء لكنها ايضا لم تعتقد ان الاختلاف سيكون بهذا الشكل لكن ما الفرق فكل شيء في حياتها سيتغير ويختلف من هذه اللحظة ....لا بل من تلك الغلطة صححت لنفسها وهي تحمل حقيبتها غالية الثمن كباقي ثيابها وتاخذ نفس عميق وتتوجه الى الداخل
كان المبنى كخلية النحل تلقت نظرات متوجسة حولها ولم تستغرب ذلك فهي امراة وبالتاكيد دخولها هنا سيكون مثار أسئلة
تقدم منها احدهم بزيه الرسمي
"كيف أساعدك "سالها ويبدو انه في عجلة للتخلص منها
"اريد ان أقابل المأمور لو سمحت انا ..الطبيبة الجديدة"
رفع حاجباه حتى كادا ان يصلا الى منبت شعره
"ماذا "
"ما الذي يحدث "تدخل صوتا اخر وكما يبدو انه اعلى رتبة من الشخص الذي سالها لانه ادى له التحية العسكرية
"انها تقول انها الطبيبة الجديدة سيدي"قال الرجل بارتباك مما جعلها تتدخل فلقد ضاقت فعلا من وقوفها هكذا تشرح لكل شخص من هي وتنتظر لحظة الاندهاش التي يسقط بها
"لو سمحت لقد اخبروني ان أقابل المأمور فور قدومي هلا أخذتني الى مكتبه لو سمحت "حاولت ان تضيف بعض الرقة لنبرتها الجافة
نظر لها الشرطي ذو الرتبة الأعلى نظرة فاحصة قبل ان يقول "من هنا"قال مشيرا للممر الداخلي المؤدي للمكاتب
نهض على قدميه ينظر الى النافذة التي يطل عليها مكتبه زافرا بضيق احتواه بعد تلك المكالمة الصادرة من جهة عليا دق الباب وعمل ان موضوع المكالمة لابد ان وصلت
"ادخل "
على مهل ادار نفسه ليستقبل القادم رغم انه يعرف
رفع الشخص الذي معها يده بتحية "انها الطبيبة الجديدة وتريد مقابلتك"
"شكرًا صخر تفضلي أشار إلى الطبيبة التي اصيبت بنوع من الاندهاش فهذا الشخص لا يبدو لها مامورا انه صغير تقريبا بداية الأربعين صوته عميق وحازم ونظرته قاسية يختلف عن المأمورين اصدقاء والدها تماما والاهم هو اسمه الذي برز على حافة المكتب
"مرعد الصخور "اي اسم هو هذا
انتبهت انها تقف في مدخل مكتبه لتتقدم وتدخل
"سما الصافي"قدمت نفسها له"الطبيبة الجديدة"عادت توضح بينما تجلس على الكرسي البسيط الذي يقابل مكتبه
"اهلًا بك قال المسمى مرعد متخذا مكانه خلف المكتب "اظن انك ابنة العين منذر الصافي "
ارتبكت قليلا مدركة الى اين ستؤدي هذه المحادثة يبدو ان السيد مرعد لن يجعل إقامتها سهلة
"اجل انه ابي"
"تسألت ما سر العرض المغري الذي حصل عليه الطبيب حازم وجعله يترك الوحدة الصحية مع انه ابن المنطقة وكانت زوجته تشاركه العمل لكن عندما رايت اسمك عرفت ...الا انه بقي شيء اخر لم اعرفه لما انت هنا ..الامر لا يحتاج لذكاء انه نقل تأديبي ابنة المدينة ماذا ستفعل في منطقة صحراوية بدائية وهذا واضح من التقرير ومن التوصيات التي وردت بشانك لكن يبقى السؤال الاكبر ما هو الخطا الذي ارتكبته لتعاقبي بنفيك الى ..بالطبع استطيع معرفة السبب لكني افضل ان اسمع منك "
اطرقت سما راسها مفكرة ليست بداية جيدة ابدا
لكن ليس امامها سوى قول الحقيقة
"انا طبيبة جراحة أمارسها منذ ثلاث سنوات تقريبا المفترض انني أخصائية لكني ارتبكت خطا ...لقد مات شخصا وانا أجري له عملية ..."
"خطا ...موت شخص يسمى خطا انه قتل "
"لم يكن خطئي ..اعني ترددت سما الامر ليس كما تصورت انه خطا طبي ..."
رفع مرعد يده "اعفيني من التفاصيل لا اعلم كيف ارسلوك إلينا لكن كوني حذرة اي خطا هنا سيكلفك اكثر بكثير من مسيرتك المهنية ...سأرسل احد الرجال معك للوحدة الصحية يوجد بيت ملحق لإقامتك كطبيبة" قال بسرعة منهيا المقابلة
"شكرًا لك "قالت سما فهي فعلا لا تعرف ما تقول
بعد ان غادرت امسك مرعد الملف امامه ملقيا به بعصبية على المكتب
"ما بك عمي ساله صقر الذي كان يتابع الحوار بين مرعد وسما
"ارسلوا لنا قاتلة فقط لانها ابنة احد الأعيان هل حياتنا رخيصة لهذا الحد لكي يرسلوا لنا طبيبة غير كفؤ كاننا فئران تمارس علينا تجاربها في مجال الطب "
"لا اعلم ما اقول عمي"
"انتبه لها ان اخطات باي شي فقط اعلمني "
شعور عارم بالنبذ استولى عليها بينما تغادر المبنى تلحق بالشرطي الذي رافقها
لم تتصور في حياتها ان تكون هكذا ولم تتوقع ان ذلك الخطا الغير مقصود سيوسمها للأبد بلقب قاتلة
لم تتوقف صدماتها عند ذلك فبمجرد دخولها المركز الصحي حتى عرفت اي ماساة ستعيشها فهو اقرب للحظيرة منه لمكان طبي أما عن البيت المرفق فهو نظرت سما حولها يا الهي غرف الخدم في قصر ابيها اكبر منه بمقدار ضعفين تنقلت نظراتها على الاثاث الرث والمستعمل بالطبع هي لن تنام علي هذه الأشياء ابدا
أمسكت هاتفها بسرعة
"بابا ...قالت بصوت باكي قبل ان تنفجر بشكواها التي لا تنتهي والتي سارع والدها لتلبيتها
******
ايام توالت والحال كما هو مع ان البيت قد تم تجديده الا انه ما زال صغيرا بالنسبة لمقتنياتها التي اعادت اكثر من نصفهم الى منزل والديها عندما عادت في عطلة نهاية الاسبوع
"كيف حال طبيبتنا"
قال والدها بأسلوبه المدلل
"سيئة ابي مر اسبوعان ولم ارى مريضا واحدا يدخل المركز "
اقترب والدها يضم كتفها "تحتاجين لوقت "
"لما لا تذهبي انت لهم في زيارات ميدانية "تدخل اخيها مؤمن الذي انضم اليهم على مائدة الغداء
"ستنجحي حبيبتي لا تقلقي لم يمر سوى اسبوعان أسبوع قضيته في تجديد المنزل أي ان انك لم تعملي فعليا الا أسبوع واحد فقط"علقت والدتها
"انت تستطيعي فعل ذلك كنت دوما مميزة ومجتهدة "عادت واردفت
"انا احتاج اخي ثائر دوما لديه حلول لكل شيء"قالت سما بيأس فهي فعلا تشتاق لأخيها الغائب منذ ان ترك جدها لامها ميراثه له سافر الى تركيا وبقي هناك
"واين ذهبت انا قال مؤمن هو الأقرب عمرا منها وهو طبيب مثلها لكنه يشبهها فعليا في كل شيء لطالما كان ثائر الصخرة التي يرتكزان عليها فكرت سما
"انت اخي الحبيب ابتسمت له لكن انت تعلم ما اعني "
"اعرف حتى انا في بعض الأحيان اجد نفسي افتقده ربما لان شخصيته مختلفة عنا نحن الاثنان لكن لا يمكنني ان انكر انه دائما صاحب الحلول ومع ذلك هذا لا يمنع ان تفكري بما قلت لك اذهبي لزيارتهم "
******
جلس على راس المائدة حيث تجتمع عائلته على وجبة الغداء يوم الجمعة فاليوم هو اجازة للجميع ابناء اخيه صقر صخر ورعود وابناء صخر وصقر الذي كبروا الان وبعضهم سينهي دراسته المدرسية هذا العام و ابن صقر الكبير سينهي سنته الاولى في الجامعة... انها عائلة كبيرة سعيدة فكر مرعد يبدا الطعام لديه ثلاث ابناء اخ اثنان متزوجان راية وفرحة صقر له خمس ابناء رعاد صبابة ومزنة وفارس
وصخر لدية ستة فوز وريحانة توام وفواز وفايز متعب وعناد
اما رعود فهو عازف عن الزواج حاليا
وهناك والدته فوز الجدة الكبيرةالتي تجلس دائما الى يمينه وصبابة والدة ابناء اخيه وزوجته تجلس الى جانبها ثم زوجات ابناءها وبناتهم اما اليسار فهو للابناء ابتداء من صقر ثم اخويه ثم ابنائهم
ابتسم مرعد لعائلته
"احب يوم الجمعة لانني ارى الجميع فيه لا عمل يشغلنا ولا دراسة تبعدنا "
"ادامك الله عمي وتبقى جمعتنا"اجابه صقر بينما فوز والباقين يرددون امين
"كيف عملك يا رعود "
"بخير عمي تعلم انني حاليا رئيس حرس الحدود في المنطقة "
"لا اعلم اما اخترت حرس الحدود لما لم تصبح في الأمن العام كاخويك وعمك "تدخلت صبابة بأسلوبها النزق كالعادة
مما جعل مرعد ينظر لها باستياء"اراد ان يكون كوالده "
"لا احد سيكون مثله "قالت صبابة بتحدي وعناد
"كفى دعونا ننهي وجبتنا"قالت فوز تهدا الوضع
"لقد غادرت الطبيبة مـْساء امس "غير صقر الموضوع
"لابد انها تفتقد اجواء المدينة "تدخل صخر
"او قد اصابها الملل فهي خلال الأسبوعان لم تفعل شيء سوى ترتيب بيتها "علق صقر
"كنت افكر في زيارتها سمعت من النساء انها جميلة وتشبه فتيات المجلات"تدخلت راية زوجت صقر
"انت لن تذهبي الى المركز الصحي ولا اي احد منكن "
"لكن لماذا ابي "قالت ابنته صبابة
"هذا الطبيبة اتت هنا لانها تسببت في قتل احد مرضاها لذا انا لا اريد ان ...."
"صقر هتف مرعد به مما جعله يتوقف هذا الكلام لن يخرج من هنا ابدا هذا مفهوم قال للجميع مما جعلهم يمؤون برؤوسهم وانت وجه حديثه لصقر لي حديث اخر معك بعد الغداء "
نظرت صبابة لزوجها وابنها يبدو ان ما قاله صقر لم يعجب مرعد هذه الطبيبة وجودها غير مريح ما ان عرفت به حتى شعرت بضيق غريب لا يجب ان تبقى هنا لا تعلم لما لكن هناك حافز يجعلها ترفضها تماما لكنها ستسهل مهمة التخلص منها من سيرغب بطبيبة فاشلة على اية حال
عادت مـساء السبت وكانت مفاجاة لها ان ترى القرية ساكنة كأن لا احد بها يبدو انهم ينامون باكرا لكن ما ان دققت النظر حتى رات بعض الخيم يخرج منها الدخان دليل وجود احد بها ربما الرجال يتسامرون هكذا ليلا كما اخبرها والدها فهي قد احتاجت لشرح منه لتعرف طبيعة عيش هؤلاء الناس فكرت تدخل منزلها سيكون غدا يوما حافلا
*******
"ما كان عليك قول ذلك صقر "قال مرعد يعاتبه
برر صقر"لكن ..اعني انا لا يمكنني ان اثق بها لتعالج اخد افراد عائلتنا"
"كان يمكنك ان تختار اي حجة ...لا اريد لما قلت ان ينتشر في القرية هل هذا واضح "
"اجل عمي "
***********
تنهدت بيأس هذا رابع بيت يرفض استقبالها متعذرين بأسباب واهية لا احد هنا ، المريض ليس موجود لقد قضت الليل كله تراجع ملفات المرضى لتعرف من يحتاج لمراجعة مستمرة ومن يحتاج للمراقبة ومع ذلك ها هم يرفضون استقبالها هناك مرضى ضغط وسكري وعليهم القيام بالتحاليل حتى ممرض المختبر لم يأتي ولا الممرض المقيم ولا حتى المراة المسؤولة عن النظافة لا احد يداوم في المركز الصحي ما الامر لم يدم تساءلها طويلا ما ان تقدمت للبيت الخامس الذي كان عبارة عن خيمة يسكنها رجل وزوجته كبار في السن والتي ما ان رأتها حتى فزعت كانها رات شبحا لكنها في الواقع كانت تظن انها رات مۭــڵــگ الموت فهي قالت في خوف "ابتعدي انت تقتلين كل شخص تلمسيه"
اذن هذا هو الامر فكرت سما بغضب السيد مرعد لم يبقي فمه مغلقا وراح ينشر الأخبار حولها حسنا عليه اذن ان يسمع منها بعض الكلمات التي لن تعجبه قالت تركب سيارتها وتنطلق اليه
دخلت المبنى تدك اقدامها بغضب بينما تتجه الى مكتبه حيث وقف الشرطي الذي في الخارج
"اريد ان أقابل السيد مرعد لو سمحت "
"انتظري هنا "قال الشرطي متجها الى داخل مكتبه
"تفضلي "
قالت باستنكار"ما ان دخلت مكتبه هذا ليس تصرفا مهنيا كيف استطعت المفترض انه امر سري لكنك كما يبدو لم تتدخر جهدك وقمت اثناء اجازة الاسبوع بنشر اخباري "
نظر لها بصدمة ما بها هذه المجنونةكيف ترفع صوتها بهذه الطريقة "اخفضي صوتك نهرها بحزم ان ارتدي ان تتكلمي بأدب فاجلسي والا الباب خلفك "
قال يشملها بنظرته الصلبة التي أوقفت الدماء في عروقها
"انا احاول ان أقوم بعملي هنا قالت بأسلوب اهدا لكنك دمرت كل شيء بما قلته عني "
نظر لها باستخفاف اعتادته " انا لم اقل اي شيء عنك ثم قال بتهكم ليتك كنت بهذا الجدية من قبل "
"كنت ارتحت من رؤيتي أليس كذلك ؟ هذه الأمنية الغالية جدا عليك ليتني لم اتي هنا ولم ترني في حياتك صدقني شعور متبادل ...لكن ما العمل انه القدر انا هنا الان ولدي عمل يجب انجازه او هؤلاء المرضى الذين لا اعرف عنهم شيء سيكون ذنبهم عليك فهل ضميرك الحي قادر على تحمل وزرهم"
سعيدة بالملامح الصخرية كما اسمه التي لونت وجهه باتت تدرك نقطة ضعفه التي لن يقاومها
"لا تلعبي معي هذه اللعبة طبيبة سما تعلمين جيدا ما انا قادر على فعله يمكنني ان اعيدك الى حيث كنت محطما مستقبلك المهني باتصال واحد لكن كما قلت ضميري الحي هو ما يمنعني لدي اعمال اكبر وأعظم من الركض خلفك ملبيا لطلباتك انت الطبيبة هنا افعلي ما تريه "
"تعلم جيدا ان لا احد سيتعب نفسه بمجرد فتح الباب لي الجميع سيتهرب مني كأني طاعون واعلم قدر مسؤوليات معاليك انا فقط اريد سيارة شرطة وشرطي واحد فقط ليكتسب عملي صفة رسمية "
"هل تظني ان هذا كافي ؟"
"اتمنى لن اخسر شيء اذا حاولت "
"حسنا لك ذلك لكن لا تاتي وتندبي حظك هنا ان فشلتي"
نظرت له بتحدي "لن افعل "
لم تكد تمر ساعة او ليكن منصفا ربما ساعة ونصف حتى رأى سيارة الشرطة التي استقلتها وهي تقف في المصف الخارجي الذي تطل عليه نافذة مكتبه راها تنزل مشعثة مغبرة ضربت سيارة الشرطة بقدمها ذات الحذاء الرياضي باهظ الثمن قبل ان تصرخ متألمة بحنق وتتجه الى الداخل بخطوات تحفر الارض تنهد يستعد لدخولها العاصفة هذه المدللة تظن ان لا عمل له سوى ان يكون تحت امرها
دخل صقر عليه مبتسما
"استعد عمي ها قد عادت "
رفع راْسه كأنه يستلهم الصبر بطريقة جعلت الاثنان يضحكان قبل ان يقول صقر وهو يغادر
"سأتركك تواجه مصيرك لكني سأتابع عن قرب "
كانت تعلم ان جميع العاملين التي مرت من مكاتبهم يتابعون مرورها الحانق وضحكاتهم تراوحت بين من أظهرها دون حياء او كتمها شامتا
دفعت الباب
لتطالعها صورته واقفا امام مكتبه نزع سترته ويرفع أكمام قميصه بهدوء يحسد عليه كأنه يتجهز لمواجهة
ومع ذلك لاحظت الابتسامة التي تتراقص على شفتيه بصمت لتتذكر كلماته الاخيرة "لا تاتي وتندبي حظك ان فشلتي "
ذلك الوغد كان يعرف ما سيحل بها
رفع نظره اليها دون ان يحرك راْسه كاتما ضحكته التي ولابد انها لاحظتها من التعبير المرتسم على وجهها بدت مشعثة مازرها الطبي المفترض انه ابيض تدلى على ذراعها متجعدا لا يعرف لونه الأساسي ملابسها مليئة بالغبار كأنها تمرغت بالأرض اما شعرها فكان قصة اخرى ذهبت تلك الكعكة الصارمة لتصبح في خبر كان لقد ذكرته بالشخصيات الكرتونية عندما تفجر بها قنبلة ويقف شعرها في كل الاتجاهات
"قبل ان تبدأ "اشارت بأصابعها له بتهديد تلقاه بان وضع يديه على خاصرتيه ينتظر منها ان تكمل وقد عقد حاجبيه بطريقة ساخرة
"لست هنا لاندب حظي انا هنا لاشتكي اظن انه حقي "
فاجأته للحظة تداركها "ومن المشكي عليه "
"ذلك الرجل الذي في طرف القرية ...حاولت استجماع اسمه او اي شيء يدل عليه اممم ذلك الكبير في السن الذي لديه خراف "
"رائع انت تريدي ان تشتكي عن شخص يعيش في قرية يعمل أفرادها بالرعي وكل ما لديك من معلومات انه كبير في السن ويرعى الغنم والمفترض ان اعرف من هو تحديدا ...يال الإضافة كيف سأعرف من هو "
انه يتوهها كالعادة
"اجل لما اعتقدت انك ستساعد كنت اعلم انك ستدخلني في متاهات ولن تفعل شيء لمساعدتي "
"لقد أخبرتك ليس من سلطاتي اجبار الناس على استقبالك "
"ولكن من سلطتك ان تدور بينهم وتقول لهم اني قاتلة"
نظر لها بلوم
"لم افعل لن أكررها مرة اخرى انا لم اخبر احد بذلك "
"كنت أظنك اجرا من تكذ...
لم تستطع إكمال جملتها لانه كان قد اصبح امامها مباشر ونظرة غضب اطلت من عينيه حتى انها رات في داخلهما نارا شعواء تكاد تحرقها
سال مستنكرا "ماذا ؟؟!!..ماذا كنت ستقولي اكذب انا لن افعل ذلك لا من اجلك ولا من اجل اي احد لست مضطرا لذلك إياك ان تتجاوزي حدودك مرة اخرى وينطقها لسانك امامي او عني والآن هلا تكرمت وغادرتي فورا لان لدي اعمال أقوم بها ويفضل ان لا اراك خلال الفترة القادمة "
طرفت عينها كأنها تؤكد لنفسها انها سليمة بعد العاصفة التي القاها فوق راسها
"انا...لم اقصد "
قاطعها "لا تزيدي الامور سوءً فقط غادري "
نكست راسها ترغب بالبكاء لقد ملت فعلا ثلاث أسابيع تعافر تحاول ان تفعل شيء هنا لكن دون فائدة وها هي تخسر من جديد أدارت وجهها ترغب بالانسحاب قبل ان تتذكر
"اجل ...اسمه جضعان ذلك الرجل الذي اريد ان اشكتي عليه اسمه جضعان "
نظر مستغربا الا يمكنها ان تعرف متى تصمت وتذهب ابدا
"ماذا انه حقي لقد جعل قطيع الخراف تطاردني أضافه لأولاد القرية الذين لاحقوني كانني مجنونة لقد جعل تيسه الضخم يحشرني في زاوية الحظيرة وكلبه العفن استمر بالنباح وتكشير انيابه منتظرا اللحظة المناسبة للانقضاض علي وانا موظفة دولة وكنت أقوم بعملي لذا انا اشتكي عليه وأريد إحضاره هنا "
"هل لي ان سال ما الذي سبق كل هذه الاحداث تحديدا ما الذي فعلته قبل ان يحشرك "
"لم افعل شيء ذاك المدعو جضعان كان يجلس في خيمته بعض الرجال عندما دخلت عليه ومعه شيء حديدي يريد وضعه في فم احدهم وعندما نهرته"
"نهرته؟!!"
قاطعتها ينظر لشيء وهمي في أظافره وقد استرخى في مقعده وارتدى لا مبالاته المعتادة
قالت بقهر"اجل قلت توقف ماذا تفعل بالرجل فليوقف احد هذا الجنون عندها نظر لي بغضب واومأ لاحد الرجال الذي أخرجني بخشونة قائلا لي ان اذهب لسبيلي ولا اعود ثانية وعندما لم أذعن لأمره دفعني لقطيع الغنم الذي هاجمني وعندما هربت لحقني الاولاد يضحكون مني "
"اتدرين ما رايي ...لو كنت مكانك اذهب الى بيتي واستريح واحمد الله ان الشيخ جضعان لم يحكم عليك بعقاب اخر وقبل ان تقولي شيء قاطعها لقد ارتكبت خطاً فادحا تدخلتي في محاكمة واعقتيها وللمرة الاخيرة الناس هنا لايمكنك فرض وجودك عليهم عنوة انت بحاجة لنيل ثقتهم لتدخلي بيوتهم يجب ان تكوني قريبة منهم تعامليهم باحترام "
"انا لست هنا لاقيم صداقات وعلاقات معهم انا هنا أعالج المرضى هذا عملي "
كان يعلم انها عملية وسيصعب على ابنة مدينة مثلها ان تتفهم علاقات الناس هنا
"اذن لا شيء أقدمه لك يمكنك ان تذهبي لتقومي بعملك وتدعيني انا ايضا لعملي ومن رايي ان تجلسي في عيادة المركز الصحي وتنتظري قدوم المرضى إليك "
قال ببرودته التي ستقتلها كمدا
"اجلس في العيادة ...هل تسمي ذلك المبنى التعيس عيادة "
"جيد يمكنك ان تساعدي وتطلبي من والدك ان يقدم بعض الدعم لنا هنا "
"ادعم عيادة لا يدخلها احد "قالت بحقد
نثر الملف الذي أمامه بغضب"لقد احترت معك يا طبيبة ما الذي تريده انا فعلا اريد ان افهم "
نظرت له بصمت عاجزة عن إيجاد رد ولكن ما الغريب فهذا الشخص المستفز دائماً ما يفحمها ويجعلها غير قادرة عن قول شيء أمامه فعلا ما الذي تريده هي لا تعرف!!!
انسحبت خارجة من مكتبه وأفكارها تتضارب في راسها متجهة الى عيادتها المرفق بها ما يسمى ببيت لها اخرجت هاتفها تطلب والدها
"ابي "
"سما ..كيف انت يا ابنتي "
دافعة غصة الدموع من صوتها "سيئة بابا ...سيئة جدا لكن لا بأس ساتحمل "
"هذه ابنتي اعلم ان الامر صعب عليك لكن ما بيدنا حيلة ...توقف ليسمع همهمتها الموافقة ..حسنا ماذا تريدين اعلم ان وراء هذا الاتصال طلب"
"طلبات ابي اريد منك ان تؤمن لي بعض الأشياء وأهمها ممرض من أهل المنطقة هذا ضروري جدا وسكرتيره ايضا وممرض مختبر العاملين هنا يرفضون العمل معي .. وسيارتي اسعاف وسجل هذه الأدوية وأريد ..... وامتدت القائمة بينما والدها يستمع ويدون ... كل هذه نواقص ؟!!"سال والدها
"لن تصدق ابي الوضع هنا مزري للغاية "
"اذن اخبريني"قال والدها يتابع نشرتها عن الاهمال الذي تعاني منه المنطقة بشكل كامل ويده تدون ملاحظات عن خطوته القادمة
ألقى نظرة على منزلها كان الضوء منار والستار مَسدلة ابتسم ربما ما تزال مستقيظة تحاول وضع خطة جديدة بعد فشلها الذريع اليوم لكن عندما امعن النظر في نافذتها غابت تلك الابتسامة ليحل مكانها عبوس غاضب جعله يلقي الامر لسائقه بحنق بان يتوجه لها بسرعة
طرق سائقه بابها الذي فتحته على مضض لترى عينيه العابسة ترمقها باستياء أشار بيده بعجرفته المعتادة انه يريد الدخول فتحت الباب على اتساعه قبل ان يمر منه يتبعه سائقة الذي أمره ان يبقى الباب مفتوح بينما يتجه هو لتلك الغرفة التي تطل نافذتها على الطريق لفحه الهواء المشبع بالبخار الساخن ورائحة الصابون التي ملأت المكان مع عطر خفيف ميزه انه عطرها الدائم مزيج من الزهور المنعشة زفر بقوة كأنه يريد طرد تلك الرائحة من داخله
"اولا إياك ان تفتحي بابك لأي شخص قبل التأكد من هويته "
أجابت بتهكم"اطمئن لا احد يطرق باب الطبيبة القاتلة هنا "
جالت عيناه تبحث في الغرفة
"ارى انك حصلت على سخان ماء"
"هل تلومني ان حاولت ان تكون حياتي في هذا القفر افضل ثم اطمئن انه يعمل على الطاقة الشمسية "
أمسك الضوء الذي تضعه على الرف في زاوية الغرفة وأخذه ليضعه على المنضدة التى تحت النافذة مباشرة
"هذا ايضا يعمل على الطاقة الشمسية قالت مشيرة للضوء اطمئن لن أكلف المتصرفية اي أموال لاستهلاكي المفرط للكهرباء "لما غيرت مكانه "
"انا لا ألومك ...ابقي الضوء هنا لا تضعيه في الجهة المقابلة للنافذة ابدا "
"هل لي ان اسال معاليك لما ام تراه سبب أمني وضعي للضوء مقابل النافذة فيه خطر على أهالي المنطقة "سخرت
"بطريقة ما يمكن اعتبار ذلك "أجابها بلامبالاته واستخفافه المعتاد قبل ان يبدأ بالانسحاب مغادرا بهدوء كما دخل لكن أوقفته عندما اصبح عند الباب
"كلا اريد ان أعرف لما انه بيتي نافذتي وضوئي انا حرة أضعه كما اريد في المكان الذي اريد "
نظر الى سائقه الذي ابتعد قليلا عن مرمى سماعهما قبل ان يتقدم قليلا وبفحيح غاضب لا يخرج الا بوجودها
"انهيت حمامك منذ قليل ووقفت هنا في هذه البقعة بالذات جمعت شعرك على كتفك اليمين وبدات بارتداء ملابسك هل تريدي ان اخبرك باي قطعة بدات ...
وعلق جملته تاركا لخيالها تصور الباقي بالطبع هو لم يرى الى ذلك الحد فقط مجرد رؤية ظلها وهي تتحرك لتخلع مأزرها كانت كافية بالنسبة له ليتوجه لبيتها
نظرت باندهاش تحاول ان تدرك صحة كلماته قبل ان يكسو اللون الأحمر وجهها بالكامل مع ظهور ابتسامته المتسلية كأنه يؤكد لها انه راها ليغادر بعدها يتبعه سائقه تاركا اياها تحترق غيظا ألن يكف هذا المرعد عن جعلها بلهاء في كل مرة يتواجهان بها
ليلة مزعجة قضتها تتقلب في سريرها لن يكف عن ازعاجها حتى يرغمها على الرحيل هي واثقة من هذا لكنها لن تستسلم فليس لديها ما تخسره اما ان تبقى هنا وأما ان تودع مهنتها كطبيبة فهي تعلم جيدا ان عودتها الى المدينة شبه مستحيلة
لا تعلم متى نامت لكن مع اول تباشير الصباح وجدت نفسها تفتح عينيها على أصوات الديوك التي تنافست بالصياح يشاركها الخراف نهضت تنفض النعس عنها فهي لم تنم بقدر كافي لكنها عادت تستلقي على السرير مرة اخرى لما تفعل ما الذي ينتظرها في المركز الصحي لا شيء وهي لن تجعل من نفسها أضحوكة للسيد مرعد مرة اخرى يكفي ما حدث امس تنهدت بيأس يا الهي انها تفشل وليس من عادتها الاستسلام لليأس هكذا لكن ما العمل ان كان لا احد يريدها هنا حتى هؤلاء الديوك والخراف الذين اتفقوا على ازعاجها
*********
من تراه نشر اخبار الطبيبة سما في القرية ايعقل انها احدى نساء البيت فكر مرعد وهو يرتدي ثيابه ويخرج من جناحه حيث لاقته صبابة
"صباح الخير بادرته ما ان رأته
"صباح الخير أجابها رافعا حاجبيه باستغراب
"هل ما زالت الطبيبة سما تزعجك سالته مباشرة قبل ان تكمل لقد سمعت ما حدث امس من احدى نساء القرية يبدو انها لا تلاقي القبول هنا ووجودها يسبب المشاكل "
"لا ليس فعليا قال مرعد على مضض ...صبابة هل أخبرت احد بما قال صقر عنها ..اعني عن كونها طبيبة غير جيدة "
"انت تقصد قاتلة قالت صبابة بتهكم ومن سأخبر كما تعلم انا لا اخرج من المنزل "
هناك شيء غير مريح في كلماتها لكن معها حق لا يمكن ان تكون هي أتراها احدى الخدم قد سمعت كلمات صقر او ربما انه الممرض شاكر او سالم ممرض المختبر فهما يعرفان ولابد كما انهما لا يعملان معها ولا يعترفا بوجودها حمل تساءلته واكمل طريقه الى المائدة تتبعه صبابة كالعادة
**********
كان منتصف النهار عندما قررت ان تخرج الى المركز فقد اكتفت من شرب فناجين القهوة المتتالية عليها ايجاد حل مع شاكر وسالم وام السعد لابد ان يعودوا الى الدوام مرة اخرى ما كادت تصل المركز الذي يبتعد خطوتان عن منزلها حتى رات رجلا يأتي لها مسرعا
"انت الطبيبة "سال بلهفة
"اجل بما أساعدك قالت سما بسرعة فهذه اول مرة يسال احد عنها
"لدينا امراة تلد وحالتها صعبة لم تستطع نساء القرية مساعدتها "
يا الهي هي ليست طبيبة نساء وتوليد بالطبع لديها فكرة لكن ... انه الشخص الوحيد الذي طلب مساعدتها ربما يكون فاتحة خير فكرت سما قبل ان تهدئه
"انتظر هنا حتى اخضر أدواتي و السيارة قالت سما بلهفة وهي تتحرك بسرعة
*********
"غريب !"قال صقر وهو يدخل مكتب مرعد بينما الأخير يتابع احد الملفات
"ما هو الغريب ؟"قال يركز على عمله
"الطبيبة سما لم تاتي اليوم لم يراها احد "
"ربما غادرت الى المدينة ...دعك الان من الطبيبة اريد حالة استعداد تامة هذه الفترة لقد وصلني من حرس الحدود تبليغ عن حالات تسلل ربما يندسون في المخيم او ان يتوغلوا اكثر الى الداخل "
"هل تعتقد انهم دواعش "
"ربما وربما انهم مجرد أناس عاديون هاربون من الحرب لكن في كل الاحوال علينا الانتباه ارسل سيارة شرطة باتجاه المخيم لا أريدهم ان يفعلوا شيء فقط إثبات حضور "
"حسنا "اجاب صقر مغادرا
***********
رات الخيام المتناثرة وملابس النساء الغريبة ذات الألوان الفاقعة "انتم لستم من القرية"سالت الرجل الذي معها
"لا نحن غجر رُحّل ...هل هناك مشكلة سالها مرتابا"
"بالطبع لا ...انا فقط اسال لاني لاحظت أنكم مختلفون عن اهل القرية "
انها اشياء جديدة عليها تراها اول مرة فكرت سما توقف سيارتها كما أشار لها الرجل ترجلت منها لتلاقيهما سيدة كبيرة
"من هذه سالت السيدة قبل ان تنخرط بحديث بلغة لم تفهمها مع الرجل النقاش احتد بطريقة ما لان الأصوات ارتفعت وتجمهر بعض الأشخاص حولهم اطفال رجال نساء صوت صار جهوري قطع الحديث الآتي من عالم اخر بالنسبة لسما
ثم ظهر رجل ضخم قاسي الملامح وبدا الحديث مع الرجل الذي كما يبدو قد وقع في ورطة وسببها هو إحضاره لها لم تفهم سما شيء انما اكتفت بالمراقبة بينما الآخرين ينظرون لها كانها مخلوق عجيب "كفى هدرت بهم فكما يبدو ان جدالهم لن ينتهي وهذا الرجل غليظ الوجه ينوي كما يبدو ان يقتل الرجل الذي احضرها عّم الصمت قليلا والجميع ينظر لها باندهاش
"ان كانت هناك حالة ولادة يجب ان أراها فأنتم تضيعون الوقت هلا ترجمت لهم ما اقول "
"نحن نفهمك"قال الرجل الضخم
"اذن هلا تكرمت وارشدتني الى السيدة الحامل حتى افحصها وعندها يمكنك ان تعود لجدالك مرة اخرى "تدخل الرجل الذي أحضرها ينظر لها بتردد كانه يريدها ان تصمت لكن الاخر أوقفه
ينظر لها كانه لاول مرة في حياته يرى امراة
"ان كانت ولادتها صعبة فكل دقيقة تمضي ستشكل فرق دعني أراها حتى أساعدها "عادت سما تقول بهدوء اكثر
زفر الرجل الضخم "من هنا "
قال مشيرا لإحدى الخيم كانت اكبر من الباقيات لكنها تماثلهن في البساطة والقدم
دخلت سما الى الخيمة لتلاحظ خمس او ست نساء تجمعن حول فتاة او امراة حامل مستلقية على الارض وكما يبدو تعاني من آلام المخاض المساحة ضيقة بالكاد تستطيع السير فيها وهؤلاء النساء ان ظنن أنهن يساعدنها فهن واهمات لانهن في الحقيقة تخنقنها
"لو سمحتن اريدكن ان تخرجن من هنا فقط واحدة تبقى "
نظرن لها ثم اهملنها كانها لم تتحدث زفرت سما بضيق قبل ان تخرج متجهة الى الرجل الضخم الذي كان يقف على مقربة من الخيم
"اريدك ان تخرج النساء من الخيمة فقط المراة الحامل وامراة واحدة تبقى قالت بأمر بينما عيونهم تراقبها بتحفز "هذا لاجلها يا سيد لا يمكنني فحصها وهن حولي "
نظر الى الرجل الذي احضرها كانه يتوعده قبل ان يصدر أمره للسيدة التي استقبلتها في البداية وتطلب من الجميع الخروج الا امراة واحدة بدت كبيرة في السن ربما في الخمسينات فكرت سما وهي تنظر لها بكره
"لن تستطيعي فعل شيء "قالت لسما "لقد ولّدت مئات النساء من قبل "
اذن هذه المراة هي القابلة لديهم
"سنرى قالت سما مستغربة من نفسها كيف تتعامل مع الامر بهذا الهدوء ربما هي الدهشة والصدمة من كل ما ترى فهو جديد عليها ولم تفكر حتى بالأحلام انها قد تعيش تجربة مثل هذه في حياتها
ارتدت سما قفازات الفحص وبدات عملها الفحص الاولى يظهر ان هذه المراة الصغيرة ضئيلة الحجم في حالة مخاض والمفترض ان تلد باي لحظة لكن هناك شيء ما خاطىء
"ما اسمك سالت سما المراة التي تلد"
"حَسنة "قالت بنفس متقطع
"دعيني اخبرك شيء الصراخ لن يجعلك تلدي اسرع انه فقط سيجعلك تفقدي طاقتك هباءً ان شعرت بالألم عليك او تدفعي لأسفل هذه اول مرة اعني هذا اول طفل شرحت سما قبل ان تضيف كم عمرك "
"اجل هذا طفلي الاول وعمري ١٥"قالت حسنة وقد أصبحت اهدا كتمت سما صدمتها انها مجرد طفله
"انا اريد ان أساعدك حسنة لتلدي وتكوني بخير انت وطفلك لذا سأطلب منك ان تهدئي حتى أتم عملي "
اومات لها حسنة بتعب
"لن يجدي قالت القابلة وارادت ان تكمل لكن سما قاطعتها "لم اطلب رايك اما ان تبقي صامتة او ساكون شاكرة لو غادرتي وتركتني اكمل عملي "
خرجت سما من الخيمة حيث تجمع الغجر حولها
"اين زوج حسنة ؟"سالت لتطالعها عيني ذلك الرجل الضخم
"انا صدمت سما يا الهي كيف لفتاة ضئيلة ان تتزوج منه "ما اسمك "
"حمدان "قال بنزق
"زوجتك تحتاج لمشفى يمكنني نقلها بسرعة بسيارتي...."
قاطعها حمدان بحزم "لا "
"ولكن ..."
"قلت لا اما ان تساعديها وأما ان ترحلي "
زفرت سما بضيق لن يوافق كانت تعلم ذلك لكن لابد من المحاولة "حسنا اريد ان تحضروا لي بعض الاغراض الان "
نظر لها حمدان "ما الذي تريدينه
"اريد سريرا و وماء دافيء وشيئا لأعلق به المصل .."
"ما هو هذا سال الرجل الذي كان قد احضرها من المركز "
"ما هو اسمك "
"انا علي انا اخوها قال بلهفة ارجوك ساعديها لا أريدها انً تموت وهي تلد مثل امي "
نظر له حمدان بحدة وصرخ فيه بلغتهم عرفت سما انه يعنفه على كلماته
"لا تقلق علي ان شاء الله ستكون بخير تعال لأريك ما هو المصل دخل معها الخيمة بسرعة رغبة منه في الهرب من حمدان الذي بدا كانه سيحطم راْسه
اخرجت سما المصل "اريد شيء لاعلقه حتى أوصله بيدها هل فهمت "
"اجل قال علي ستكون اختي بخير ارجوك لا اريد ان يصيبها شيء "همس علي حتى لا تسمعهما القابلة او اخته
"اطمئن ستكون بخير قالت سما تدعو آلُلُہ ان يكون ذلك صحيحا
نظرت سما للفتاة المتألمة امامها تتذكر كل شيء درسته عن الولادة لقد أقامت في قسم الولادة اثناء السنة السادسة لديها معرفة وافية لتساعدها لكن ماذا ان احتاجت لعملية قيصرية لايمكنها ذلك فهي ممنوعة
ستفعل ما بوسعها لتجنب الجراحة
حسنا سما أمامك ولادة متعسرة وعليك بذل كل مجهودك لإخراج الطفل بشكل سليم دون اي اذى له او لامه
الاتساع طبيعي وجيد الرأس في العنق ويمكنك لمسها اذن ما السبب اما انه الحبل السري قد ربط الطفل وأما انه هناك شيء اخر ربما حجم الطفل او انه ليس طفل واحد بل توام متشابك
"هل زرت عيادة طبية من قبل يا حسنة "سالت سما
"لا"امتعضت سما وهي تتابع عملها في تحضير المكان البدائي ليصبح غرفة ولادة احضر لها علي علاقة ملابس لتضع لها المصل وعلقتها من الطرف الاخر في سقف الخيمة عبر احد القضبان والسرير قد تم إحضاره وبدا نقل حسنة اليه قد اقتنع حمدان اخيرا ووافق على حملها هو واخيها ووضعها في السرير طلبت سما ان يتم سحبها لتكون راسها في المنتصف ووضعت عدة وسائد اسفل ظهرها وبدات بتعقيم ما حولها جيد انها فكرت بذلك وأحضرت المعقم البخاخ معها وضعت المصل بيد حسنة معززة محتوياته ببعض المغذيات ومهديء فهي ليس بحاجة لمحفز طلق
حسنة تأن من الالم ولا جديد الطفل مكانه التوسع كبير ومناسب لكن لا جديد وضعت سما السماعة على بطن حسنة تسمع دقات قلب الطفل يا الهي انها بحاجة بمعدات لو ان حمدان يوافق على ذهابها الى المشفى قياس ضغط حسنة جيد لكن ماذا لو كانت زمرة دمها مختلفة عن الطفل ماذا لو احتاجت الجفت الطبي وماذا وماذا ...القائمة تطول
عادت لفحصها مرة اخرى حجم الرأس ليس كبيرا لكي لا يخرج اذن هناك شيئان اما انهما توام او ان الحبل السري هو العائق وفي كلا الحالتين الجراحة هي الخيار المناسب لكن في حالتها لا يمكن ذلك
ماذا سما هل ستياسي لا ليس الان وليس مع اول حالة تعالجها هنا حزمت امرها وشجعت نفسها لتبدا العمل
كان المساء قد حل تجهز مرعد للخروج من مكتبه بعد ان أنهى الاجتماع مع الكوادر الأمنية فهذه فترة حرجة وعليهم البقاء على اهبة الاستعداد عندما دخل عليه رجل معرفا نفسه انه الطبيب حسام سيف الدين "انا مبعوث من وزارة الصحة اتيت للتأكد من تسليم الطبيبة سما بعض المعدات والأدوية انها منحة من والدها وبعض رجال الاعمال لكني لم اجدها لقد انتظرت لعدة ساعات لكن لم يظهر احد ولدي رسالة من وزارة الصحة للمدعو سالم وحازم وام السعد بوجوب تواجدهم على راس عملهم صباح الغد او انهم سيعرضوا أنفسهم للمساءلة القانونية "
فكر مرعد يبدو ان الطبيبة لم تضيع وقتها ولا والدها الذي يدعمها في كل ما تفعل
"ما المطلوب مني "ساله مرعد
"سعادتك الوجهة الأمنية الوحيدة هنا وهذه عهدة يجب ان نضعها في المركز الصحي ويجب ان يستلمها احد "
"الامور الطبية ليست من شأني "
"لكن مرعد بيك انها أدوية وقد تفسد ان لم يتم تسليمها وحفظها بطريقة مناسبة يمكن لحضرتك ان تحضر وضعنا لها وتوقع على ذلك حتى تعود الطبيبة و عندها يمكنك ان تخلي مسؤوليتك لايمكننا البقاء اكثر "
على مضض تحرك مرعد معه هذه الطبيبة كتلة من المشاكل التي لا تنتهي كانت تنقصه هي ايضا
*******
قادت سيارتها عائدة لقد تاخر الوقت وهي تشعر بالتعب في كل جسدها لقد تمكنت من مغادرة مخيم الغجر بمعجزة بعد ان وعدتهم ان تعود غدا لتطمئن على حسنة وطفليها يا الهي لقد كان الله رحيما بها حيث ان حدسها صدق وكانا توام واستطاعت إخراجهما للحياة بعد مناورات عديدة منها افراغ كيس الحمل ووضع حسنة على جنبها حتى تتحكم في إخراجهما كان ذلك مضنيا لكنها نسيت كل ذلك عندما سمعت بكائهما مما يعني انهما بخير وقد اخذا اول أنفاسهما ساعدت في تنظيف حسنة وما حولها وقد أعطتها مصلا اخر لتغذيتها وإبر الكزاز والتيتانوس
كان تغسيل الطفلين متعة اخرى وخبرة جديدة تراها لاول مرة اما عن علي فهو اراد ان يقدم لها اي شيء تريده مقابل مساعدتها لأخته وحمدان القاسي تحول فجاة لشخص اخر عندما علم انه حصل على طفلان ذكران مرة واحدة وقدم لها مبلغا كبيرا من المال لكنها رفضته وهو غضب ولم يرضى الا عندما شرحت له انه عملها ولا يمكنها ان تاخذ منه شيء ولم يتركها تغادر كان يريدها ان تشارك
احتفالهم الذي سيستمر لسبعة ايام لكن وعدها بالعودة للاطمئنان على الطفلين وحسنة هو الذي شفع لها وجعلهم يطلقون سراحها
تقدمت بخطوات مترددة عندما رات السيارات الواقفة امام العيادة
ماكادت تطأ قدمها الدرج المؤدي اليها حتى ظهر من داخلها هاتفا
"اين كنت ؟"
لوهلة تبخر التعب الذي كانت تعاني منه وقفت بتحدي باي حق يسألها
"لا تقل انك افتقدتني أجابت ساخرة واردفت ام انك قلقت علي " اتبعت كلماتها نظرة متهكمة ندمت عليها- عندما لاحظت توترا في ملامحه سرعان ما كساتها البرودة
"...هناك من يسال عنك شحنة دواء "
فهمت ان والدها قد تدخل وساعد في إرسال المواد التي طلبتها
"هناك أوراق عليك توقيعها انها عهدة عليك وغيابك أخرنا"
"كانت حالة ولادة متعسرة -سارعت تبرر لا تعلم لما- عند الغجر "
أومأ بتفهم " كان يجب ان تخبري احد ..."
"من لا موظفون لدي ولا احد يأتي للمركز "
"ان كنت لا تمانعين لننهي الامر "قاطعها دون تعليق وبقلة اهتمام لكلماتها
"اجل بالطبع "لما توقعت انه سيتفهم اجابته وهي تدخل العيادة مسرعة لتتسلم الأدوية والاجهزة التي وردت بينما عيناه تتابع بشيء من اللامبالاة
ماذا الان فكرت سما وهي تحصي المواد الم يطلب منها ان تطور العيادة هاقد فعلت لما يعاملها بهذا الجفاء
"لقد طلبت سيارتي اسعاف..."
"وصلت واحدة وقد تم تسليمها لوحدة الدفاع المدني "
صمتت برهة "لدي تبليغ ولادة .."
"أعطني اياه وغدا سأهتم به "بدا نافذ الصبر كانه لا يطيق البقاء لدقيقة زيادة
"لقد اخبرني والدي انك تقدمت بطلب لإمدادات الكهرباء و..."
"اجل من عدة أشهر ولم ينفذ ..بينما طلباتك قد نفذت فورا من الجيد ان يكون والدك ذَا نفوذ "
"ليس صحيحا لم يوفروا لي سوى مولد كهربائي احتياطي ...هل هذا هو ما يغضبك ظننت ان اي تحسين مهما كان صغيرا سيكون لمصلحة المنطقة "
قالت تتابع توقيع الأوراق وسلمتها له بينما انصرف الباقين
وهو يلحق بهم
"لحظة قالت تستوقفه
"لست ..انا لست قاتلة ..لم يكن"لا تعلم لما ارادت ان تبرر له
قاطعها "انا لست قاضيا لاحاكمك لكني لا امنع نفسي من التساءل لو كنت طبيبة عادية ووالدك ليس من الأعيان هل كنت ستأتي هنا ام ان ما حدث كان سينهي مستقبلك الطبي "شعرت بالغضب يشتعل في راسها يقول انه ليس قاضيا سخرت في نفسها قبل ان تجيبه "وانا أتساءل فعلا لو كان والدي ليس من الأعيان او كنت رجلا هل كُنتُم ستنبذوني هكذا ..هل كُنتُم ستهجرون العيادة وترفضون اي تواصل أحاوله ..ان كنت لا تلاحظ منذ وصولي لم يطرق باب عيادتي الا الغجر ولحالة طارئة لذا ارجوك دعنا لا نصدر احكاما لن نعرفها ابدا ولا تعاتبني ان طلبت مساعدة والدي كنت اظن ان ذلك سيفرحك خصوصا انك انت من لمح لي بذلك "
لم تخلو نبرته من اللوم "كنت اتمنى ان تحاولي مساعدة الناس لا ان تحولي عيادتك وبيتك لفندق خمس نجوم ان لم تلاحظي المساعدة مقتصرة على جعل إقامتك اكثر رفاهية وسهولة انت لم تقدمي شيء للآخرين ...غدا سيبدا وتوصيل شكبة الهاتف والإنترنت يمكنك ان تري مدى الإفادة التي ستعم على الباقيين "أنهى جملته وخرج كالعادة تاركا اياها مصدومة لا تعرف بما تجيب "يا الهي وكل هذه الاجهزة والأدوية لما احضرتها "
لقد ابلغ الممرضان وام السعد ان يبدؤوا دوامهم عن طريق احد افراد الشرطة مؤكدا على ام السعد ان تنتبه لها فالوضع غير امن وهي طبيبة قد تؤذى بطريقة او اخرى اذا فعلا تسلل احد المخربين
******
استيقظت في الصباح لتذهب الى المركز الذي قد تم الانتهاء من العمل لتوصيل الاجهزة الجديدة كما انها كلمت والدها وطلبت منه العمل لإكمال خطوط الكهرباء والماء كما وعدها حملت بعض الأدوية والمطاعيم لتأخذها معها عند الغجر وغادرت استقبالهم لها كان حافلا وأنساها لفترة يأسها الذي تعانيه من رفض اهل القرية لقد وعدها حمدان ان يجعل افراد عشيرته ياتون الى المركز الصحي ويتم الكشف عليهم وهذا ما جعلها تتحمس لتقديم العلاج لهم بنفسها بعد ان عرفت مما يعاني كل شخص مريض منهم كما انه سمح لها بان يقدم أوراق اولاده وأولاد العشيرة ليتم تثبيت تواريخ ولادتهم عندما عادت كان النهار قد انتصف حملت تبليغ الولادة وتوجهت الى المركز الأمني
********
ما ان ارآها صقر حتى ابتسم متجها الى عمه
"ها قد عندنا "قال صقر له"دقيقة وتطرق الباب "شرح له
"صباح الخير قالت سما تدخل مكتب مرعد
"ما الامر "بادرها مرعد
"لدي تبليغ الولادة اتذكر !؟"
"في الخارج عند المدخل في جهة اليمين هناك مكتب مكتوب عليه التبليغات سلميه له"
"حسنا لكني اريدك في موضوع اخر "
تنهد مرعد "ماذا ؟"
"عند زيارتي للغجر لاحظت وجود مخيم اللاجئين اريد ان ازورهم وأقدم لهم الخدمات التي يحتاجونها"
"ما الذي يمنعك "
"اريد مساعدتك لايمكنني فعل ذلك وحدي اريد اسعاف ربما احتاج لنقل احدهم اريد سيارة شرطة فأنت تعلم ربما تحدث بعض المشاكل ويرفضوا نقل الحالات الخطيرة "
"بخصوص الاسعاف يمكنك طلبها من مركز الدفاع المدني اما عن سيارة الشرطة فلا يمكنني ذلك والان اسمحي لي لدي بعض الاعمال المستعجلة اذهبي لتقدمي التبليغ لكني اخبرك سيكون الامر صعب لانهم من الغجر "
"لا باس كل ما اريده ان يتم تحديد مكان وتاريخ الولادة في ورقة رسمية لاجل الطفلين ...بخصوص الاسعاف انت تعلم انهم لن يخرجوا الا لحالة طارئة مجرد توصية منك سيجعلهم يوافقون "
"حسنا ساخبرهم لكن اريد ان اطلب منك ان لا تذهبي وحدك الى الغجر دعي ام السعد ترافقك وحاولي ان لا تعودي متاخرة المنطقة شبه مقطوعة لا تسيري في الطريق وحدك "
ابتسمت سما هل يعقل انه قد تقبلها ليس هذا فقط بل انه ايضا سيساعدها
"حسنا ساذهب لمكتب التبليغات واعود حتى تكلم الدفاع المدني "
خرجت من مكتبه سعيدة
بينما صقر ينظر له "لا افهم "
"يمكنها ان تكلم الاسعاف بنفسها فلن يرفضوا لكنها شخص اتكالي اعتادت ان تعتمد على الآخرين ليسيروا امورها دون ان تتعب نفسها دعنا منها علينا ان نغادر هناك بعض الإمكان اريد زيارتها والتأكد من حراستها جيدا "
قال مرعد مغادرا
*******
"اين غادر "سالت سما الشرطي الذي يقف خارج مكتبه
"لا ادري "
"متى يعود "
"لا ادري عاد وآجابها بلا مبالاة
"حسنا يبدو انه يتهرب منها فكرت سما سأنتظره في المكتب "قالت تدخل مكتبه واختارت الأريكة المقابل لمكتبه حيث طالعها اسمه الذهبي يسخر منها
********
كان الوقت متاخرا عندما دخل مرعد مكتبه ليصدم برؤيتها تنام على الأريكة
"لا اصدق هتف مرعد مناديا الشرطي الذي يقف على باب مكتبه
"ما الذي تفعله هنا "
"لقد طلبت ان تنتظرك في المكتب ولم استطع ان ارفض "
"كم هي عنيدة قال صقر ما الذي ستفعله بها "
"لا اعلم زفر مرعد بيأس هذه المراة مستحيلة نظر حوله لا يوجد شيء يغطيها به خلع سترته ووضعها عليها ثم نادى الشرطي في اي وقت تستيقظ رافقها الى بيتها لا تجعلها تغادر وحدها "
"امرك معاليك "اجابه الشرطي بينما مرعد وصقر يغادران فلا يمكن إكمال عمله وهي نائمة امامه
ما ان دخلا المنزل حتى استقبلتهما صبابة ووالدته فوز
"لما تأخرتما " بادرت فوز
"عمل يا امي قال مرعد قبل ان يجلس بتهالك على اقرب مقعد له
"لدينا هذه الفترة الكثير من العمل ان اخي رعود يهديكما السلام "
"هل أتى "سالت صبابة
"لا لقد زرناه في موقع عمله اليوم "اجاب صقر قبل ان يكمل لن تصدقا ما حدث اليوم قال باسما وبدا يسرد عليهما تصرف الطبيبة سما وسط اندهاش فوز وامتعاض صبابة التي نظرت الى مرعد "الا يمكنك منعها من دخول المركز "
نظر مرعد لها تصرفاتها تحيره احيانا "لا يمكنني منع احد قال ناهضا انا متعب يجب ان ارتاح قليلا فلدينا يوم حافل غدا وانت كذلك صقر نظر له بلوم وتوقف عن نقل الأخبار لوالدتك وجدتك"وانسحب الى الداخل بينما عينا صبابة تراقبه وفوز تمسك بصقر اخبرني المزيد عن هذه الطبيبة"
نهضت تشعر بالتواء عظامها نظرت الى ساعة يدها
لتصدم انها الثانية والنصف لقد تجاهلها مرعد تركها هنا وحدها واتى وراها نائمة وتركها لم يكلف نفسه انه يوقظها حسنا قالت تنظر لسترته هي تعرف طريقة جيدة لن تجعله يتجاهلها مرة اخرى
********
"هل تظن انها ما تزال نائمة "قال صقر لعمه بينما يجلسان في الصالة الداخلية لتناول القهوة قبل ان يغادرا
قالت والدته "أليس من المفترض ان ندعوها "
"اظن ان علينا هذا "
أكدت صبابة
نقل مرعد عينيه بينهما كان يعلم ان وجودها سيثير فضول نساء العائلة خصوصا بعد ان عرفن عما حدث امس فبالتأكيد والدته وصبابة سيرغبون بالتعرف عليها وان اختلفت أسباب كل منهما
"يمكنك ان تدعيها "اجاب والدته بلامبالاة
صوت جرس الباب قطع جواب والدته
دخلت زهية مسرعة "سيدة في الخارج تقول انها الطبيبة سما وتريد ان ترى السيد مرعد "
ابتسم مرعد داخليا متمتما "اذكر القط " وتبادل نظرة تفاهم مع صقر
"هل اخرج لها "
"لا دعها تدخل يبدو ان والدتك ووالدتي ترغبان بالتعرف عليها وهاي هي أتت بأسرع ما أرادتا"
كانت تنقل نظرها ببهو الفيلا القصر لا تدري ما تسمي هذا المكان لكن الشيء الذي لاح بعقلها هو المنزل فعلى الرغم من اتساعه الا ان هناك شيء دافيء فيه عقدت حاجبيها عندمارات صقر قادم
ما معنى هذا فكرت الا يريد ان يستقبلها
"تفضلي طبيبة سما "قال صقر دخلت الى الصالة الداخلية تتبع خطوات صقر وما ان دخلتها حتى احست بنوع من الالفة مع رائحة البخور والقهوة التي عبقت بها الغرفة باثاثها البسيط الذي يعطي شعورا بالراحة والسكينة انتبهت لحركة مرعد عندما وقف لدخولها بينما باقي افراد عائلته حوله لكنها لم تستطع ان تميزهم فكل فكرها كان منصبا عليه الان وبدت خطتها ضئيلة وواهنة اين زوجته فكرت سما فخطتها تعتمد على وجودها نظرت الى الامرأتين الواقفتين على بعد خطوة منه احداهما بدت كبيرة السن ملامح الوقار والهدوء واضحة في نظرتها وتخللتها ابتسامة ترحيب صادقة والأخرى كانت اصغر لكنها نظرت اليها بتقييم وتفحص ولم يبدو على ملامحها اي تعبير لابد انها زوجته فكرت سما قبل ان تلفتها حركته المتململة لتدرك انها هي من دخل عليهم وعليها قول شيء قبل ان تبدو بلهاء تمامًا
"صباح الخير "نطقت اخيرا
"صباح الخير أجابها مرعد قبل ان يكمل وعليك السلام والرحمة"
لماذا تربكها مجرد رؤيته تساءلت تحاول تجميع اي شيء لتقوله
"اسفة لقدومي هكذا ...لكن أردت ان أعيد لك هذه" قالت تشير الى سترته التي تحملها بين يديها
"لم يكن عليك ان تتعبي نفسك كان يكفي ان تتركيها في المكتب"
ما هذه الورطة قالت تنظر لمن يفترض انها زوجته الامر لم يأتي بردة الفعل المناسبة
ربما والدته احست بتوترها فبادرت "اهلا بك ياطبيبة تفضلي "قالت تلقي نظرة لوم الى مرعد
"كنا سندعوك اليوم لنرحب بك اشارت لها الى المقعد الأقرب اليها
قبل ان تتحرك للجلوس مد مرعد يده نحوها بينما هي تنظر لها
"...لقد اخذتها معي عندما غادرت المكتب كان الجو باردا"
"ماذا ؟؟!"أتى سؤاله معنفا اكثر منه مستفهما
أصبحت بحاجة فعلا للجلوس فنبرة صوته سببت لها ارتباكا وتوترا كبيران
"انهضي قال أمرا قبل ان تكمل جلوسها مما جعلها تنتفض وافقة في اي ساعة غادرتي المكتب "
"الواحدة ربما الواحدة والنصف ...لم تتجرأ على قول انها كانت الثانية والنصف كأن فرق ساعة سيؤثر "
"الم أحذرك من السير في طرقات القرية ليلا لماذا لم تاخذي معك الشرطي لقد امرته ان يبقى في الغرفة المجاورة "
"لقد استغلت انه لم يكن على مكتبه وخرجت ...انا لست صغيرة انا قادرة على حماية نفسي جيدا "
زفر نفسا غاضبا ونظر لها بيأس " قولي لي كيف كنت ستدافعين عن نفسك لو هاجمك ذئب او كلب بري "
"انت تخيفني فقط ...هتفت لا يوجد شيء ثم كنت ساجد طريقة لا تقلق نفسك "
صر على أسنان قبل ان يقول "اتعلمي معك حق ..اخرجي وقتما تريدين لعلها اشارة من الله ليرسل لك احد تلك الحيوانات تخلصك منا وتخلصنا منك"
شهقت والدته من كلماته
"أعطني السترة امرها متجاهلا نظرة الصدمة على وجهها
استجمعت نفسها بعد قسوة كلماته
"لا....لن اعطيك اياها حتى تعدني انك ستساعدني ولا تتجاهلني كما الامس "
نظر لها كانها مجنونة مفكرا لعلها لا تفهم لغتنا ربما لم تفهم ما قاله
"هل فهمتي اي كلمة مما قلت "
"لقد فهمتك تماماومع ذلك انا لن اخرج من هنا حتى تعدني"
"صقر أوصل الطبيبة الى عيادتها وتأكد انها مستقرة بها
واياك ان اراك في المركز او قربه انت طبيبة وعملك في العيادة فلا تغادريها والا سأضع حارسا لك على بابها يمنعك من الخروج منها "
بمزيج من الصدمة والغضب "لا يمكنك ذلك "
"جريبني"قال ومد يده لستْرته بمباغته ليسحبها منها وينصرف بينما هي وامه وصبابة يراقبن بصمت
"تفضلي "قال صقر من خلفها
"لا عليك اعرف طريقي "
"كلا يجب ان أوصلك "
"انت تعمل تحت امرته ومضطر لاطاعته لكن انا لا ولن افعل "
قالت خارجة هي الاخرى بينما صقر يتبعها عالما انها ستسير المسافة الى عيادتها حتى لو كانت حافية على ان تقبل أمر مرعد وتركب السيارة معه لذا ركب سيارته يتابع سيرها بينما تتجه هي الى العيادة
ما ان وصلت بابها "ها قد وصلت سالمة يمكنك ان تخبره ذلك "
قالت لصقر الذي ترجل من سيارته متجها اليها
"اهدئي يا طبيبة عمي معه حق كان ممكن ان تعرضي نفسك للخطر بخروجك ليلا "
"ماذا ان كان لا يساعدني "
أتى جوابها خارج الموضوع
"لا يمكنه ان يجبر الناس على زيارة عيادتك انت يمكنك ان تنظمي زيارات الى منازلهم والدتي وجدتي ستساعدانك"
"لكني حاولت ولم يستقبلوني"
نظر مشفقا عليها "انا اعلم بما تفكر اني طبيبة فاشلة وقاتلة لكن الامر لم يكن هكذا لقد كان المريض يتعاطى المخدرات وحالته خطرة تتوجب عملية فورية وعند سؤال ذويه بغباء رفضوا اطلاعي على الحقيقة لم يكن بإمكاني الانتظار لدقيقة لان حياته كانت في خطر لكنه في النهاية توفي لم يتحمل جسمه المخدر وجرعة المخدرات التي تناولها اعلم كان يجب علي انتظار نتائج تحليل الدم لكن هذا ما حدث انا لم أنفى الى هنا لاني قاتلة يمكنني تبرأت نفسي لكن انت تعلم من والدي الامر سيكون سيئا مجرد ذكر اسمه سيقلب الامور لذا كان الحل الأفضل ان ابتعد "
"لا باس يا طبيبة قال شاعرا بالندم لافكاره المسبقة عنها "
"كل ما اريده هو فرصة "
"جدتي وامي ستساعدانك "
"سارى ربما أتسلل إليهما بينما السيد مرعد غير موجود قالت باسمة تدخل عيادتها تجهز الأدوية التي ستأخذها معها عند الغجر فالليلة سيكون احتفال كبير بمرور اسبوع على ولادة الطفلين
"يا الهي الن تكف عن إزعاجه لقد مر بيوم عصيب وها هي تغادر مرة اخرى ضاربة بكلماته عرض الحائط نظر الى الرجل الذي سلمه علبة المطاعيم ليتم حفظها هذا ما كان ينقصه ان يعمل لديها عامل توصيل ذهب الى العيادة ليسلم العلبة للممرض الذي لم يكن موجودا ايضا ماذا يفعل !
رأى خيالها تسير اتية من أقصى القرية اين كانت تساءل ملاحظا اقترابها كان هناك شيئا في طريقة سيرها غير اعتيادية انها ...مترنحة
ما ان وصلت اليه حتى تاكدت ظنونه
"أين كنت "بادرها ما ان اقتربت
"اييشش قالت تضع سبابتها على فمها سيستيقظون لا تخبر احد كنت عند الغجر "
قالت كلماتها بلهجة ثقيلة اقترب منها مرعد ناظرا في عينيها الزائغة
"انت منتشية ؟!"هدر بها بصوت كالرعد
"قلت لك ايييشششش "بابتسامة بلهاء بينما حركتها غير ثابتة وهي تفتح حقيبتها لتخرج المفتاح الذي لم تجده
ما الذي يفعله بها هذه الحمقاء
تدندن لحنا غريبا أخذ منها الحقيبة واخرج المفتاح وعندما مده لها تحركت يدها بحركات خرقاء تحاول إمساكه دون جدوى لتنفجر بالضحك
"كفى مزاحا "قالت غير متحكمة بترنها
"قف ثابتا ارجوك لا أستطيع ان أخذ المفتاح "علقت مدعية الجدية
تنهد بضجر متمنيا ان يضرب راسها في الباب كيف قبلت ان تخدع من قبل الغجر
ام تراها لم تخدع وتناولت ما أعطوها برضاها
"ابتعدي "زجرها يفتح الباب وأمرها بالدخول لكنها تسمرت مكانها ثم عادت الضحك
"نسيت كيف إسير"قالت بين ضحكاتها الصاخبة قبل ان يدفعها الى الداخل بخشونة في هذه اللحظة كان العريف قد احضر ام السعد
"كيف تتركيها تذهب الى الغجر وحدها
"صرخ مرعد بها مما جعل المراة ترتجف
"لقد غادرت بعد ان تركتها "قالت ام السعد بقلق تلاحظ حال الطبيبة سما
"اجلسيها "
تقدمت منها ام السعد واجلستها على الأريكة
"حضري لها القهوة وحبتان مسكّن بسرعة "أسرعت ام السعد تنفذ
"تعال اجلس قالت سما تربت الى جانبها
مما جعل مرعد ينظر لها بدهشة
"اصمتي "جاء رده حادا
"هادم الفرح قالت سما بطفولية ترجع راسها الى الخلف "عندما رأيتك ظننتك وسيما لكن سرعان ما عرفت انك كباقي الرجال اوغاد متسلطون "
"ما الذي تناولت عند الغجر مصل الحقيقة "قال ساخرا
ضحكت بشدة كانه قال طرفة ما بدت كانها طفلة صغيرة عابثة
"اصمتي قال بحزم ما الذي يفعله بها ان سمعها احدهم واتى ورآهما معا ....يا الهي اي فضيحة ستسبب
"دائما أوامر انت لا تفعل شيء سوى الأوامر "
وقفت بطريقة غير ثابتة ترفع يدها بتحية عسكرية
"امرك سيدي "قالت وعادت للضحك الذي جعلها مترنحة اكثر لتسقط للأمام عليه
امسك ذراعيها بحزم ليبقيها بعيدا عنه
"حمقاء غبية "
من بين ضحكاتها "قاتلة لا تنسى هذا "
اجلسها بخشونة فتاوهت "اه هذا مؤلم "متذمرة بينما يدها ترفع لتضعها على عنقه مستغلة قربه منها نظرت الى عيناه
"لما تكرهني هكذا "قالت بنعومة نظرتها زائغة ولسانها ثقيل لكنه سمعها بوضوح عندما اكملت "انا اريدك لكنك تكرهني صوتها اقرب للهمس كانه تعويذة جعلت عيناه تجحظ غضبا وقبل ان يدرك رفع يده لتسقط على خدها مسببة صوتا وألما لاسعا على بشرة كليهما وقعت راسها على الأريكة جامدة بلاحركة هو الذي لم يلمس امراة غريبة في حياته تكون هي اولهن وتكون لمسته صفعة هذه المراة خطرة غبية و...استغفر الله قبل ان يكمل ناظرا الى جمودها هل ماتت فكر وهو ينظر الى حركة تنفسها البطيء قبل ان يهدر
"ام السعد "
"نعم ...نعم "اتت مسرعة تلبي نداءه
"يبدو انها نامت أبقي معها حتى تستيقظ لا تتركيها"
"حسنا سافعل "
خرج من بيتها كان الف شيطان يلاحقه كيف تجرأت ونطقت بتلك الكلمات انها بلا اخلاق
الفصل الثاني من هنا