رواية ام البنات الفصل السادس 6 كاملة
كان نومها عميق تتخلة بعض التأوهات، لو نظر شخص نحوها لتملكة
التعجب كيف لميت ان يتألم ؟
لكننا ميتون بمنازلنا ، بمقاهينا ، بازقتنا ، بحوارينا ،
بجامعاتنا ، بمدارسنا ، بأعمالنا ، مع ذلك نتألم ، لقد خلقنا ويحمل كل منا صك الآلم
على عنقة.
السرطان ينهش الجسد ، يمزقة مثل خرقة بالية ، قبل الفجر اختنقت
، ضيق تنفس وسعال مدمى ، كانت تستجدى الهواء لكن غرفتها بقبو ونافذتها ضيقة ، اخذتها
حشرجة الموت ورعشتة بين ظلمة ليل وقبو.
الابنة الصغرى استيقظت مرعوبة ،احتضنت والدتها بعنف ، صرخت
وصرخت ، استيقظن الاخريات ، يفركن اعينهن غير مدركات لما يحدث ، ضوء لمبة الجاز يرتعش
بضعف لم يسعفهم برؤية والدتهم التى تلمظ لعاب ابيض يشبة المخاط .
لكن الدائرة لا تتسع للفقراء بل تضيق وتضيق حتى تقتلهم محصورين
بركن ضيق ومظلم .
امى ، والدتى ، اماة ، كلها مسميات لشخص يحتضر ،
اخذت الام تشهق مثل دجاجة قطع عنقها ، عيونها بارزة حمراء
برحت مرابطها ، كل شيء وارد عند الموت ، لاننا لا نعلم كيفيتة ولا نختار الطريقة التى
يقضى بها علينا .
استطاعت التنفس اخيرا كانت نوبة قاسية لا اكثر ، تجربة لكيف
ستزهق ارواحنا .
لكنها كانت منهكة جدا والدماء تغطى فمها ووجهها ،
هرع الاب مسرعا مفزوع لصوت الصراخ الذى سمعة ،
وجد زوجتة مسجية تسعل دماء ، لكنها تتنفس وذلك المهم ،
فى الصباح سنحضر لك حكيم الصحة ، الام المطيعة شكرتة .
اتى الصباح ولم يذهب الزوج لاحضار حكيم الصحة ، وظلت الام
راقدة على حصيرتها تنتطر الفرج ، اذن الظهر لم يصلى الاب بل سار متثاقلا تجاة الوحدة
الصحية القديمة ،
الوحدة الصحية ذات الجدران القديمة المتعفنة مثل المجتمع
تحيط بها البرك ، دلف الزوج لحكيم الصحة والذى لم يكن طبيب كما درجت العادة بل ممرض
(تمرجى)
كان التمرجى جالس على مقعدة عندما توسلة الرجل للكشف على
زوجتة ، بعد ان فتل شاربة ونال بعض المدح والثناء صحب الرجل تجاة منزلة ، كان الزوج
يحمل المخلة الجلدية ويسير خلف التمرجى الذى ينال تحية الرجال الجالسين امام منازلهم
بأحترام مخبر آمن دوله.
نزل القبو وعاين الجسد مثلما تعلم ، نزلة برد شديدة لقد قتلت
الرطوبة تلك المرأة يجب نقلها لاعلا ، وصف لها بعض الدواء
مع ضرورة ان يدهن جسدها بليمونة وملح ،
بعد ان رحل التمرجى قطعت البنت الكبرى ليمونة ودهنت بها جسد
والدتها ووعدها الاب بأن ينقلها لاعلا صباح اليوم التالى .
لكن الموت لا ينتظر صباح ولا مساء ، انه اقرب مما نشعر ،
يطوف حول احبتنا دون ان نشعر، يخطفهم دون ان يمنحنا الوقت لتوديعهم ، تقبيلهم ، اخبارهم
للمره الأخيره اننا نحبهم وانا فراقهم سيؤلمنا ، تلك حكمة الموت الابديه اختيار الوقت
الذي لا يناسبنا.
دهن البنات جسد والدتهن بليمون كثير لكن صحتها لم تتحسن وعزين
ذلك لعدم صلاحية الليمون وفسادة ، الليمون شرير مثل والدنا قالت البنت الصغرى بصوت
خافت ، بل مثل جدتنا الحمقاء قالت الفتاة الكبرى ، الموت لا يأتى فجأة ، تسبقة مقدمات
، سقوط ورقة شجر ، نعيق غراب ، نباح كلب ، فنجان يكسر .
الموت يحيط بنا فى كل وقت لكن مقدرتنا محدودة ،
وجهك يا والدتى مثل البرتقالة الحامضة تبسمت الوالدة لابنتها
الشقية الصغرى ، عندما تموتى سندفنك بجوار اختنا الصغرى وسأتى لزيارتك كل يوم ، لن
اتركك بمفردك مثل والدنا اردفت الصغرى.
اشتد المرض بالوالدة لم يكن من الغريب ان تصرخ من شدة الآلم
اثناء الليل ، نحف جسدها اكثر وظهرت عظام وجهها ،
تلون شعرها بالابيض ثم بداء يتساقط مثل اوراق الاشجار بفصل
الخريف ، كانت الفتاة الصغرى تجمع الشعر المتساقط وتزين به عروستها التى صنعتها من
الطين .
طالت رقدتها وظهرت القرح بجسدها لم تكن قادرة على التحرك
، قرح قاتمة مملؤة بالصديد ، الذباب يطن من حولها ويلتصق بها بمحبة كأنها فرد من العائلة
، لم تقوى على القيام لقضاء حاجتها
وكانت ابنتها الكبرى تساعدها والتى كانت تقوم ايضا باعمال
المنزل نيابة عن والدتها.
بأحد زيارات اخ زوجة والدها الجديدة رأها ، اعجب بها وطلب
من والدها الزواج بها ، تعلل الاب بصغرها فلم تكن قد بلغت الخامسة عشر بعد ، بعد ان
رحل وبختة زوجتة الجديدة وتمنعت علية ، والدتة ايضا وبختة، لديك ستة افواة مفتوحة تحتاج
لطعام وملابس ، لم يجد حل الا الموافقة على الزواج،
استدعى الوالد ابنتة الكبرى اخبرها بأن هناك شخص تقدم للزواج
بها وانه قد منحة الموافقة ، لكنها لم تكن تعلم ماذا تعنى كلمة زواج ، لم تسمع بها
قبل ذلك ، مع هذا كانت تكرة الرجال مثلما تكرة والدها ، لكنها لم تكن تمتلك حق الرفض
ولا العصيان ، سيهشمها والدها بعصى الخيرزان اليابسة التى يضرب بها المواشى ،
اخبرت والدتها بقرار والدها فزاد مرضها ضعفين ، لازلت صغيرة
يا ابنتى ، الزواج منهك ومتعب ، انت لا تمتلكين القدرة بعد لتحمل مزاجية رجل ونزواتة
الحيوانية ، انهم لا يرحمون ، كانت تعلم بأنها غير قادرة على المعارضة لكن بداخلها
اشتعلت حرائق كبيرة ، غيظ مكتوم خانق يدمرها ويفسخها من الداخل ، تلك الليلة ماتت ام
البنات ، لم يقتلها المرض بل الغيظ والظلم وعدم القدرة عن الدفع عن النفس ، ماتت ام
البنات تاركة خلفها ستة فتيات صغيرات لا يعلمون من امر الحياة شيء ، كل املهم يتمثل
بوجبة عشاء كاملة غير الفتات الذى يمنحهم اياة والدهم القاسى ،
امى اريد ان اتبول قالت البنت الصغرى بعد ان امسكت بذراع
والدتها وجذبتة ، لكن الام لم ترد وكيف ترد وقد تركت الارض ، الحياة ، العالم ، البشرية
القذرة ، امى ، امى ، لم ترد الام ، حسنا ساتبول هنا وعليك ان لا تعنفينى فى الصباح
، تبولت واكملت نومتها، اشرقت الشمس وتخللت نافذة القبو بعض ضؤها بصعوبة ،
استيقظن الفتيات بداء بعضهن باللعب بينما همت الكبرى بايقاظ
والدتها لتدهن جسدها بمزيد من الليمون الحامض الفاسد ، كان جسد والدتها بارد عندما
مررت يدها علية ، جذبتها ، هزتها ، لكن الوالدة لم تستيقظ ، تجمعن الفتيات من حولها
كل واحدة منهن امسكت بجزء من جسدها تهزة وتجذبة، جهشت البنت الصغرى بالبكاء كانت تصرخ
اريد طعام يا والدتى ، تسحبت البنت الكبرى نحو المنزل احضرت رغيف خبز قسمنة بينهن والتهمنة
فى جوع ، تركن جزء من الرغيف لوالدتهن كانوا يظنون انها بأغفأة وستفيق بعد لحظات ،
لكن الام لم تفيق ، اذن المؤذن للظهر كانت البنت الكبرى قد
انهت اعمالها ونزلت للقبو ،
افيقى يا والدتى اصبحنا الظهر ، يبدو بأنك متعبة، تحتاجى
لمزيد من الراحة ، التزمن الصمت ليوفرن لها سبل النوم ،
اكل الليل النهار ،ظهرت النجمات ، تعالا القمر بالسماء ،
نامت الفتيات بجوار والدتهن ، قبل منتصف الليل لكزت البنت
الصغرى اختها الكبرى لكزة قوية ، سألتها الكبرى ماذا هناك ؟
لقد تعفنت والدتنا ، كانت رائحة جسد الوالدة قد بدأت بالظهور
تعفن جسدها واكل بعضة الدود ،
الامر غريب كيف للدود ان يعرف الجسد الميت ؟
هل يعيش بداخلنا ينتظر تلك الللحظة، ام انه يعيش معنا ولا
نراة ؟
صرخت البنت الصغرى بصوت مرعب ، صعدت الدرجات مجهشة بالبكاء
نحو والدها تصرخ لقد تعفنت والدتنا.