رواية يناديها عائش الفصل التاسع 9 بقلم نرمينا راضي
لو عُرضَت الأقدَار على الإِنسان لاختار القَدر الذي اختاره اللّه له .
........
+
رفع بدر رأسه بتوتر ليتأمل أسارير وجه عمه المشرقه،ثم تنهّد بقلة حيله وحزن هامساً
5
-- موافق
+
ارتسمت علامات البِشر والسعاده وتهلل وجهه ليردف بنبره متلهفه
+
-- عاال اووي...هستنااك تشرب معايا الشاي بعد صلاة العشا..قولت ايه !؟
+
أسفر عن تنهيده تتشبع بالحزن والحسره ثم أجاب بهدوء
+
--أنا بس ياعمي كنت محتاج أقعد مع نورا شويه في وجود حضرتك طبعاً
+
ابتسم عمه بإيماء
+
-- اه طبعاً...بس قعدة تعارف يعني؟ أصل انت مش تايه عن نورا يعني !
+
هزّ رأسه بنفي مبتسماً ليجيب
+
-- لأ مش تعارف...بس حابب أكلم معاها في موضوع خاص بيا هي لازم تعرفه قبل مايتم أي حاجه
+
برم مصطفى شفتيه بمعنى "لا بأس" ثم قال
+
-- عادي يابني مفيهاش حاجه..يعني أعمل حسابي تيجي انهارده؟
+
فكر بدر قليلاً قبل أن يجيب
+
-- ماتعفيني انهارده..أصل الشغل تقيل في الورشه وجايز اروح متأخر وانت عارف بروح تعبان
+
قام عمه ليصافحه قائلاً بسرور
+
-- ماشي يابدر يابني..ربنا يعينك...خلاص إيه رأيك في يوم الجمعه الجايه بعد الصلاه ؟
+
أومأ قائلاً بفتور
+
-- إن شاء الله ياعمي...ربنا يسهل
+
...
+
بعد ما ذهب عمه،ظل بدر جالس مكانه يفكر بحيره وتِيه فيما سيحدث معه قريباً.
+
تنهّد بعمق ليردف في نفسه بلوم
+
-- إيه يابدر...جرالك ايه!..مش عادتك انك تفكر في اللي جاي وانت عارف إنه بإيد ربنا! للدرجادي عائش كلت عقلك! لا..مسمهاش عائش...اسمها عائشه..عائش دي لما كانت طفله وبربيها...لما كنت بالنسبالها كل حاجه..خلاص يابدر..فوق من اللي انت فيه...طفلتك كبرت...قصدي عائش كبرت...ياالله...عاائشه اسمها عائشه وهي مش عاوزاك..فوق بقااا...هتجبرها تحبك بالعافيه...خلاص..انت قضيت مهمتك واهتميت بيها لحد ماكبرت...سيبها تختار شريك حياتها..هي حره في اختيارتها...وانت خليك في حالك وارجع لوعيك..ارجع لعقلك ولإيمانك بربك يابدر
5
أخرجه من شروده صوت عراكٍ يدوي من داخل ورشته،فهب واقفاً وهو يقول
+
-- استغفرك ربي واتوب إليك
+
ثم مسح على وجهه بهدوء متمتماً دعاؤه الذي يردده دائماً وقت ما يشعر بالحيره والضياع
+
-- اللهم أخرجني من حولي إلى حولك، ومن عزمي إلى عزمك ، ومن ضعفي إلى قوّتك، ومن انكساري إلى عزّتك، ومن ضيق اختياري إلى براح إرادتك
1
وصل لمسامعه صوت شِجار العاملين معه، إتجه إليهم ليقف بهيئته الضخمه المعتاده، فكان كأنما جبلاً يعتم السطوع فصار ظِلاً، وهذا ماجعل العاملين يصمتون للتو فور رؤيته واقف يرمقهم بصمت وفتور
+
تحدث بدر أخيراً بعد لحظات مردفاً بهدوء
+
-- صوتكم جايب لأخر الشارع ليه.. في إيه !؟
+
أجاب أحد العاملين بإستياء ويدعىٰ فينحاس
+
-- يسطا بدر صابر وسيد عمالين يجيبوا في سيرة الخلق بكلام وحش وسايبين الشغل
+
رمقهم بدر بإستحقار هاتفاً
+
-- هو أنا مش قلت متكرروش العمله دي تاني
+
أجاب سيد بخوف قليلاً
+
-- ياسطا بدر كله تمام متقلقش...في نص ساعه والشغل يكون خلصان
+
تنفس بدر مطولاً يحاول أن يجمح غضبه، ثم أردف بهدوء
+
-- أنا مبكلمش على الشغل... أنا بتكلم عن النميمه والغيبه اللي مش بتفارق لسانكم ليل نهار.. هتستفاد ايه انت وهو وانت عمال تجيب في سيرة الناس كده! هااه.. هتستفاد ايه! ذنوب في ذنوب عمالين تاخدوها وهما بياخدوا حسناتكم!
+
أجاب صابر بتلقائيه
+
-- إحنا مبنقولش حاجه كدب يسطا بدر.. احنا بنتكلم في حاجه حصلت.. أصل بنت الحج يسري كانت...
+
أوقفه بدر بإشاره من يده قائلاً بلهجه حاده
+
-- مش عاوز اسمع حاجه... ربنا يسترها على الكل.. ربنا أمر بالستر.. اتقوا الله انتوا متعرفوش إن اللي بيجيب سيرة الناس ده عقاب إيه!
+
نظر له الرجلين في صمتٍ وخجل، فتركهم بدر ليذهب لمتجر لبيع اللحوم بالجانب من ورشته، ثم طلب من البائع قطعة لحم صغيره، ليعود ثانيةً لورشته ثم وضع قطعة اللحم أمامهم مردفاً بجديه
+
-- عاوزكم تقسموا الحته دي بينكم وتاكلوها.. ودلوقتي
+
اتسعت أعين الرجلين بذهول ثم نظرا لبعضهم بتوتر ليهتف سيد بتلعثم
+
-- أسطا بدر... انت... انت بتكلم بجد!.. هناكل لحمه نيه!
+
ابتسم بدر بسخريه قائلاً
+
-- أهو ده بالظبط حال اللي بيغتب وينم على الناس، هايجي يوم القيامه ياكل اللحم ني، زي ماانتو كرهتوا تاكلوها دلوقت وهي نيه، اكرهوا تجيبوا في سيرة غيركم... الحسنات اللي عملتوها في حياتكم هما بيفضلوا يسحبوها منكم طول ماانتم جايبين سيرتهم... تيجوا يوم القيامه تسأل ربنا تقوله فين حسناتي أنا عملت حجات كتير حلوه يارب.. بس للأسف حسنات انت ضيعتها في الغيبه والنميمه
+
أطرق الرجلين رأسهم بخجل، فتابع بدر حديثه بتوضيح وهو يجذب مقعد ليجلس عليه
+
-- اقعدوا يارجاله... الشغل مش هيطير.. اللي بقولو ده أهم من الشغل